معجزة (٨١): معلم كتب فلان وفلان (*) (١)
حَدَّثَنَا أبُو الأدْيَان، قَالَ: كُنْتُ أخْدُمُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليهم السلام وَأحْمِلُ كُتُبَهُ إِلَى الأمْصَار فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ فِي عِلَّتِهِ الَّتِي تُوُفّيَ فِيهَا صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ مَعِي كُتُباً وَقَالَ: «تَمْضِي بِهَا إِلَى الْمَدَائِن فَإنَّكَ سَتَغِيبُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً فَتَدْخُلُ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأى يَوْمَ الْخَامِسَ عَشَرَ، وَتَسْمَعُ الْوَاعِيَةَ فِي دَاري وَتَجِدُنِي عَلَى الْمُغْتَسَل».
قَالَ أبُو الأدْيَان: فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَمَنْ؟ قَالَ: «مَنْ طَالَبَكَ بِجَوَابَاتِ كُتُبِي فَهُوَ الْقَائِمُ بَعْدِي»، فَقُلْتُ: زدْنِي، فَقَالَ: «مَنْ يُصَلّي عَلَيَّ فَهُوَ الْقَائِمُ بَعْدِي»، فَقُلْتُ: زدْنِي، فَقَالَ: «مَنْ أخْبَرَ بِمَا فِي الْهِمْيَان فَهُوَ الْقَائِمُ بَعْدِي»، ثُمَّ مَنَعَتْنِي هَيْبَتُهُ أنْ أسْألَهُ مَا فِي الْهِمْيَان، وَخَرَجْتُ بِالْكُتُبِ إِلَى الْمَدَائِن وَأخَذْتُ جَوَابَاتِهَا وَدَخَلْتُ سُرَّ مَنْ رَأى يَوْمَ الْخَامِسَ عَشَرَ كَمَا قَالَ لِي عليه السلام فَإذَا أنَا بِالْوَاعِيَةِ فِي دَارهِ وَإِذَا أنَا بِجَعْفَر بْن عليًّ أخِيهِ بِبَابِ الدَّار وَالشّيعَةُ حَوْلَهُ يُعَزُّونَهُ، وَيُهَنّئُونَهُ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنْ يَكُنْ هَذَا الإمَامَ، فَقَدْ حَالَتِ الإمَامَةُ لأنّي كُنْتُ أعْرفُهُ بِشُرْبِ النَّبِيذِ وَيُقَامِرُ فِي الْجَوْسَقِ وَيَلْعَبُ بِالطُّنْبُور.
فَتَقَدَّمْتُ فَعَزَّيْتُ وَهَنَّيْتُ فَلَمْ يَسْألْنِي عَنْ شَيْءٍ، ثُمَّ خَرَجَ عَقِيدٌ فَقَالَ: يَا سَيَّدِي قَدْ كُفّنَ أخُوكَ فَقُمْ لِلصَّلاَةِ عَلَيْهِ، فَدَخَلَ جَعْفَرُ بْنُ عليًّ وَالشّيعَةُ مِنْ حَوْلِهِ يَقْدُمُهُمُ السَّمَّانُ وَالْحَسَنُ بْنُ عليًّ قَتِيلُ الْمُعْتَصِم الْمَعْرُوفُ بِسَلَمَةَ.
فَلَمَّا صِرْنَا فِي الدَّار إِذَا نَحْنُ بِالْحَسَن بْن عليًّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ عَلَى نَعْشِهِ مُكَفَّناً فَتَقَدَّمَ جَعْفَرُ بْنُ عليًّ لِيُصَلّيَ عَلَى أخِيهِ فَلَمَّا هَمَّ بِالتَّكْبِير خَرَجَ صَبِيٌّ بِوَجْهِهِ سُمْرَةٌ، بِشَعْرهِ قَطَطٌ، بِأسْنَانِهِ تَفْلِيجٌ، فَجَبَذَ ردَاءَ جَعْفَر بْن عليًّ وَقَالَ: «تَأخَّرْ يَا عَمَّ فَأنَا أحَقُّ بِالصَّلاَةِ عَلَى أبِي»، فَتَأخَّرَ جَعْفَرٌ وَقَدِ ارْبَدَّ وَجْهُهُ فَتَقَدَّمَ الصَّبِيُّ فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ قَبْر أبِيهِ عليهما السلام.
ثُمَّ قَالَ: «يَا بَصْريُّ هَاتِ جَوَابَاتِ الْكُتُبِ الَّتِي مَعَكَ»، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذِهِ اثْنَتَان بَقِيَ الْهِمْيَانُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى جَعْفَر بْن عليًّ وَهُوَ يَزْفِرُ، فَقَالَ لَهُ حَاجِزٌ الْوَشَّاءُ: يَا سَيَّدِي مَن الصَّبِيُّ؟ _ لِيُقِيمَ عَلَيْهِ الْحُجَّةَ _ فَقَالَ: وَاللهِ مَا رَأيْتُهُ قَطُّ وَلاَ عَرَفْتُهُ.
فَنَحْنُ جُلُوسٌ إِذْ قَدِمَ نَفَرٌ مِنْ قُمَّ فَسَألُوا عَن الْحَسَن بْن عليًّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ فَعَرَفُوا مَوْتَهُ فَقَالُوا: فَمَنْ (نُعَزّي)؟ فَأشَارَ النَّاسُ إِلَى جَعْفَر بْنَ عليًّ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَعَزَّوْهُ وَهَنَّئُوهُ وَقَالُوا: مَعَنَا كُتُبٌ وَمَالٌ فَتَقُولُ مِمَّن الْكُتُبُ وَكَم الْمَالُ؟ فَقَامَ يَنْفُضُ أثْوَابَهُ، وَيَقُولُ: يُريدُونَ مِنَّا أنْ نَعْلَمَ الْغَيْبَ، قَالَ: فَخَرَجَ الْخَادِمُ فَقَالَ: مَعَكُمْ كُتُبُ فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ، وَهِمْيَانٌ فِيهِ ألْفُ دِينَارٍ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مِنْهَا مُطَلَّسَةٌ فَدَفَعُوا الْكُتُبَ وَالْمَالَ وَقَالُوا: الَّذِي وَجَّهَ بِكَ لأجْل ذَلِكَ هُوَ الإمَامُ.
فَدَخَلَ جَعْفَرُ بْنُ عليًّ عَلَى الْمُعْتَمِدِ وَكَشَفَ لَهُ ذَلِكَ فَوَجَّهَ الْمُعْتَمِدُ خَدَمَهُ فَقَبَضُوا عَلَى صَقِيلَ الْجَاريَةِ وَطَالَبُوهَا بِالصَّبِيَّ فَأنْكَرَتْهُ وَادَّعَتْ حَمْلاً بِهَا لِتُغَطّيَ عَلَى حَال الصَّبِيَّ فَسُلّمَتْ إِلَى ابْن أبِي الشَّوَاربِ الْقَاضِي، وَبَغَتَهُمْ مَوْتُ عُبَيْدِ اللهِ بْن يَحْيَى بْن خَاقَانَ فَجْأةً، وَخُرُوجُ صَاحِبِ الزّنْج بِالْبَصْرَةِ، فَشُغِلُوا بِذَلِكَ عَن الْجَاريَةِ فَخَرَجَتْ عَنْ أيْدِيهِمْ وَالْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ لاَ شَريكَ لَهُ.
الهوامش:
(*) موسوعة توقيعات الإمام المهدي عليه السلام لمحمد تقي أكبر نژاد
(١) كمال الدين ج ٤٣ ص ٤٧٥ ٢_ باب ذكر من شاهد القائم عليه السلام ورآه.
بحار الأنوار ص ٦٧ ج ٥٢ باب ١٨_ ذكر من رآه صلوات الله عليه.