رباطنا رباط الدهر
مرتضى علي الحلي
إنّ المرابطة هي مفردةٌ من مفردات الانتظار للإمام المهدي (عجّل الله فرجه) قد ذكرتها الروايات الشريفة بكثرة وتفصيل فضلاً عن تأصيل القرآن الكريم لهذه الوظيفة العملية للمسلمين، حيث ذكرها القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
فالمرابطة في المفهوم الفقهي تعني التواجد الفعلي للمؤمنين في ساحة المواجهة للعدو والدفاع عن حدود الدولة الإسلامية لحفظ بلاد الإسلام ودين الإسلام من أخطار الأعداء، ولذلك ذكر الفقهاء في شأن ذلك أنه في حال عدم قدرة الفرد المسلم والمؤمن على التواجد في ساحة المواجهة مع الأعداء فعليه أن يحضر شخصاً نيابة عنه.
وقد ذكر الفقهاء أنّ أقل زمان المرابطة ثلاثة أيام وأكثره أربعون يوماً، فإن بقي المرابط أكثر من أربعين يوماً فإنه يُحسب من المجاهدين أي له ثواب المجاهد في سبيل الله.
وهناك معنى آخر للمرابطة وهو التهيؤ والاستعداد لنصرة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في حال ظهوره، وهذا النوع من المرابطة ليس له زمان ولا مكان معين.
وقد ورد هذا المعنى في روضة الكافي فعن أبي عبد الله الجعفي أنه (عليه السلام) قال: (قال لي أبو جعفر بن علي (عليه السلام) كم الرباط عندكم؟ قلتُ: أربعون، قال (عليه السلام) لكن رباطنا رباط الدهر... الخ الحديث).
هذه المفردة الراقية المعنى، والعميقة القيمة - أي قول الإمام الباقر (عليه السلام): «لكن رباطنا رباط الدهر» تستحق الوقوف عندها، إذ إنها تحملُ رموز ودلالات بعيدة، فالإمام (عليه السلام) بقوله هذا أشار إلى أمر مهم وهو طول الغيبة، وضرورة المرابطة فيها، والثبات على انتظار المهدي (عجّل الله فرجه).
ونفس هذه الكلمة «رباطنا رباط الدهر» ترمز للوعة وحسرة اختلجت قلب الإمام الباقر (عليه السلام).
وفي تفسير هذا المعنى ذكر الشيخ المجلسي في بحار الأنوار، في شرح قوله (عليه السلام): «رباطنا رباط الدهر» أي يجب على الشيعة أن يربطوا أنفسهم إلى طاعة إمام الحق (المهدي (عجّل الله فرجه)) وانتظار فرجه ويتهيؤوا لنصرته.
وعلى هذا الأساس فنحن اليوم يمكن بل يجبُ علينا أن نكون مرابطين في ساحة المواجهة مع الأعداء وأن لهذه المرابطة عدة أشكال وألوان يفرضها نوع الواقع الذي نعيشه.