أدلَّة إمامة المهدي (عجّل الله فرجه) (٦)
الدكتور إحسان الغريفي
ذكرنا في العدد السابق الأدلة الَّتي بموجبها لا يصحّ الاستدلال على الزعم القائل بأنَّ المهدي (عجّل الله فرجه) هو ابن عبد الله، بل هو ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، ونذكر هنا عدم صحة الشبهة الَّتي أوردها بعض المخالفين، والَّتي تزعم أنَّ الإمام الحادي عشر الحسن العسكري (عليه السلام) توفي عقيماً ولم ينجب، وهذه الشبهة غير صحيحة، إذ ثبتت ولادة الإمام المهدي (عليه السلام) (سنة ٢٥٥هـ)، وقد ذكر بعض علماء السنة القدامى ولادته، وهذا لا يعني أنهم يعترفون بإمامته، بل أرَّخوا لولادة المهدي بن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، فنذكر آراءهم للاستدلال بأنَّ الإمام الحادي عشر الحسن العسكري (عليه السلام) لم يتوفَّ عقيماً، بل أنجب، ومِن هؤلاء العلماء:
١- الأشعري:
وهو إمام من أئمة السنة واسمه أبو الحسن علي ابن إسماعيل الأشعري، وإليه تنسب الطائفة الأشعرية (المولود سنة ٢٧٠هـ، وقيل: سنة ٢٦٠هـ بالبصرة، فقد قال في كتاب مقالات الإسلاميين ج ١/ ص ٦: فالفرقة الأولى منهم وهم القطعية وإنما سموا قطعية؛ لأنهم قطعوا على موت موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ، وهم جمهور الشيعة يزعمون أن النبي نصّ على إمامة عليّ بن أبي طالب واستخلفه بعده بعينه واسمه، وأن عليّاً نصَّ على إمامة ابنه الحسن بن عليّ، وأن الحسن بن عليّ نصَّ على إمامة أخيه الحسين بن عليّ، وأن الحسين بن عليّ نصَّ على إمامة ابنه عليّ بن الحسين، وأن عليّ بن الحسين نصَّ على إمامة ابنه محمد بن عليّ، وأن محمد بن عليّ نص على إمامة ابنه جعفر بن محمد، وأن جعفر بن محمد نصَّ على إمامة ابنه موسى بن جعفر، وأن موسى بن جعفر نصَّ على إمامة ابنه عليّ بن موسى، وأنَّ عليَّ بن موسى نصَّ على إمامة ابنه محمد بن عليّ بن موسى، وأن محمد بن عليّ نصَّ على إمامة ابنه عليّ بن محمد بن عليّ بن موسى، وأن عليّ بن محمد بن عليّ بن موسى نصَّ على إمامة ابنه الحسن بن عليّ بن محمد بن عليّ بن موسى وهو الذي كان بسامراء، وأن الحسن بن عليّ نصَّ على إمامة ابنه محمد بن الحسن بن عليّ ....
٢- ابن حجر الهيتمي:
قال ابن حجر الهيتمي (المتوفى سنة ٩٧٤هـ): ورجع الحسن [العسكري] إلى داره وأقام عزيزاً مكرماً، وصلات الخليفة تصل إليه كلّ وقت إلى أن مات بسر من رأى، ودُفن عند أبيه وعمه وعمره ثمانية وعشرون سنة، ويُقال إنه سم أيضاً، ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين، لكن آتاه الله فيها الحكمة ويسمى القائم المنتظر؛ لأنه ستر بالمدينة وغاب فلم يعرف أين ذهب. (١)
وقال أيضاً: ومحمد الحجة هذا إنما وُلِدَ بسر من رأى سنة خمس وخمسين ومائتين. (٢)
٣- أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلّكان:
قال أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلّكان (المتوفى سنة ٦٨١هـ): أبو القاسم المنتظر: أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد المذكور قبله، ثاني عشر الأئمة الاثني عشر... كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، ولما توفي أبوه - وقد سبق ذكره - كان عمره خمس سنين...
وذكر ابن الأزرق في (تاريخ ميافارقين): أن الحجة المذكور ولد تاسع شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين ومائتين، وقيل في ثامن شعبان سنة ست وخمسين، وهو الأصح. (٣)
٤-الملك أبو الفداء:
ذكر الملك أبو الفداء إسماعيل بن علي بن محمود بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب (المتوفَّى سنة ٧٣٢هـ): وكانت ولادة الحسن العسكري المذكور في سنة ثلاثين ومائتين، وتوفي في سنة ستين ومائتين في ربيع الأول، وقيل في جمادى الأولى بسر مَن رأى ودُفن إِلى جانب أبيه علي الزكي المذكور؛ والحسن العسكري المذكور هو والد محمد المنتظر صاحب السرداب، ومحمد المنتظر المذكور هو ثاني عشر الأئمة الإثني عشر على رأى الإِمامية، ويُقال له القائم والمهدي والحجة.
وولد المنتظر المذكور في سنة خمس وخمسين ومائتين. (٤)
فكل هذا الشهادات تدلّ على ولادة صاحب العصر (عجّل الله فرجه).
الهوامش:
(١) الصواعق المحرقة لابن حجر: ٣١٤، [الفصل الثالث في الأحاديث الواردة في بعض أهل البيت كفاطمة وولديها].
(٢) نفس المصدر السابق: ٢٥٥، [الباب الحادي عشر في فضائل أهل البيت النبوي - الفصل الأول في الآيات الواردة فيهم].
(٣) وفيات الأعيان: ٤ /١٧٦، [٥٦٢- أبو القاسم المنتظر]،حققه: د. إحسان عبَّاس، دار صادر- بيروت.
(٤) تاريخ ابي الفداء (المسمّى المختصر في تاريخ البشر): ١/ ٣٦١،[سنة ٢٥٥هـ].