سؤاله عن مكان ظهوره وكيفيته؟
قال المفضل: يا سيدي فمن أين يظهر وكيف يظهر؟
قال عليه السلام: يا مفضل يظهر وحده ويأتي البيت وحده، ويلج الكعبة وحده، ويجن عليه الليل وحده، فإذا نامت العيون و غسق الليل نزل إليه جبرئيل وميكائيل عليه السلام، والملائكة صفوفا فيقول له جبرئيل: يا سيدي قولك مقبول، وأمرك جائز، فيمسح عليه السلام يده على وجهه ويقول: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ . (١)
ويقف بين الركن والمقام، فيصرخ صرخة فيقول:
يا معاشر نقبائي وأهل خاصتي ومن ذخرهم الله لنصرتي قبل ظهوري على وجه الأرض! ائتوني طائعين! فترد صيحته عليه السلام عليهم وهم على محاريبهم، وعلى فرشهم، في شرق الأرض وغربها فيسمعونه في صيحة واحدة في أذن كل رجل، فيجيئون نحوها، ولا يمضي لهم إلا كلمحة بصر، حتى يكون كلهم بين يديه عليه السلام بين الركن والمقام. فيأمر الله عزوجل النور فيصير عمودا من الأرض إلى السماء فيستضئ به كل مؤمن على وجه الأرض، ويدخل عليه نور من جوف بيته، فتفرح نفوس المؤمنين بذلك النور، وهم لا يعلمون بظهور قائمنا أهل البيت عليهم السلام. ثم يصبحون وقوفا بين يديه، وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا بعدة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر.
قال المفضل: يا مولاي يا سيدي فاثنان وسبعون رجلا الذين قتلوا مع الحسين بن علي عليهما السلام يظهرون معهم؟
قال عليه السلام: يظهر منهم أبو عبد الله الحسين بن علي عليهم السلام في اثني عشر ألفا مؤمنين من شيعة علي عليه السلام وعليه عمامة سوداء.
قال المفضل: يا سيدي فبغير سنة القائم عليه السلام بايعوا له قبل ظهوره وقبل قيامه؟
فقال عليه السلام: يا مفضل كل بيعة قبل ظهور القائم عليه السلام فبيعته كفر ونفاق وخديعة، لعن الله المبايع لها والمبايع له، بل يا مفضل يسند القائم عليه السلام ظهره إلى الحرم، ويمد يده فترى بيضاء من غير سوء ويقول: هذه يد الله، وعن الله، وبأمر الله ثم يتلو هذه الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ (٢).
فيكون أول من يقبل يده جبرئيل عليه السلام ثم يبايعه وتبايعه الملائكة ونجباء الجن، ثم النقباء ويصبح الناس بمكة، فيقولون: من هذا الرجل الذي بجانب الكعبة؟
وما هذا الخلق الذين معه؟
وما هذه الآية التي رأيناها الليلة ولم تر مثلها؟ فيقول بعضهم لبعض: هذا الرجل هو صاحب العنيزات.
فيقول بعضهم لبعض: انظروا هل تعرفون أحدا ممن معه، فيقولون: لا نعرف أحدا منهم إلا أربعة من أهل مكة، وأربعة من أهل المدينة، وهم فلان وفلان و يعدونهم بأسمائهم، ويكون هذا أول طلوع الشمس في ذلك اليوم، فإذا طلعت الشمس وأضاءت صاح صائح بالخلائق من عين الشمس بلسان عربي مبين، يسمع من في السماوات والأرضين: يا معشر الخلائق! هذا مهدي آل محمد - ويسميه باسم جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويكنيه، وينسبه إلى أبيه الحسن الحادي عشر إلى الحسين بن علي صلوات الله عليهم أجمعين - بايعوه تهتدوا، ولا تخالفوا أمره فتضلوا.
فأول من يقبل يده الملائكة، ثم الجن، ثم النقباء ويقولون: سمعنا وأطعنا ولا يبقى ذو أُذن من الخلائق إلا سمع ذلك النداء، وتقبل الخلائق من البدو والحضر والبر والبحر، يحدث بعضهم بعضا ويستفهم بعضهم بعضا ما سمعوا بآذانهم.
فإذا دنت الشمس للغروب، صرخ صارخ من مغربها: يا معشر الخلائق قد ظهر ربكم بوادي اليابس من أرض فلسطين وهو عثمان بن عنبسة الاموي من ولد يزيد بن معاوية فبايعوه تهتدوا، ولا تخالفوا عليه فتضلوا، فيرد عليه الملائكة والجن والنقباء قوله، ويكذبونه، ويقولون له: سمعنا وعصينا، ولا يبقى ذو شك ولا مرتاب ولا منافق ولا كافر إلا ضل بالنداء الأخير.
وسيدنا القائم عليه السلام مسند ظهره إلى الكعبة، ويقول: يا معشر الخلائق ألا ومن أراد أن ينظر إلى آدم وشيث، فها أنا ذا آدم وشيث، ألا ومن أراد أن ينظر إلى نوح وولده سام فها أنا ذا نوح وسام، ألا ومن أراد أن ينظر إلى إبراهيم وإسماعيل فها أنا ذا إبراهيم وإسماعيل، ألا ومن أراد أن ينظر إلى موسى ويوشع، فها أنا ذا موسى ويوشع، ألا ومن أراد أن ينظر إلى عيسى وشمعون فها أنا ذا عيسى وشمعون. ألا ومن أراد أن ينظر إلى محمد وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما فها أنا ذا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام، ألا ومن أراد أن ينظر إلى الحسن والحسين عليهما السلام فها أنا ذا الحسن والحسين، ألا ومن أراد أن ينظر إلى الأئمة من ولد الحسين عليهم السلام فها أنا ذا الأئمة عليهم السلام أجيبوا إلى مسألتي، فاني أنبئكم بما نبئتم به وما لم تنبئوا به.
ومن كان يقرأ الكتب والصحف فليسمع مني، ثم يبتدئ بالصحف التي أنزلها الله على آدم وشيث عليهما السلام، ويقول أمة آدم وشيث هبة الله: هذه والله هي الصحف حقا، ولقد أرانا ما لم نكن نعلمه فيها، وما كان خفي علينا، وما كان أسقط منها و بدل وحرف، ثم يقرأ صحف نوح وصحف إبراهيم والتوراة والانجيل والزبور فيقول أهل التوراة والانجيل والزبور: هذه والله صحف نوح وإبراهيم عليهما السلام حقا، وما اسقط منها وبدل وحرف منها هذه والله التوراة الجامعة والزبور التام والانجيل الكامل وإنها أضعاف ما قرأنا منها.
ثم يتلو القرآن فيقول المسلمون: هذا والله القرآن حقا الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وما اسقط منه وحرف وبدل.
ثم تظهر الدابة بين الركن والمقام، فتكتب في وجه المؤمن "مؤمن" وفي وجه الكافر "كافر" ثم يقبل على القائم عليه السلام رجل وجهه إلى قفاه، وقفاه إلى صدره ويقف بين يديه فيقول: يا سيدي أنا بشير أمرني ملك من الملائكة أن ألحق بك وأبشرك بهلاك جيش السفياني بالبيداء فيقول له القائم عليه السلام: بين قصتك وقصة أخيك.
فيقول الرجل كنت وأخي في جيش السفياني وخربنا الدنيا من دمشق إلى الزوراء وتركناها جماء، وخربنا الكوفة وخربنا المدينة، وكسرنا المنبر وراثت بغالنا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخرجنا منها وعددنا ثلاثمائة ألف رجل نريد إخراب البيت، وقتل أهله، فلما صرنا في البيداء عرسنا فيها، فصاح بنا صائح يا بيداء أبيدي القوم الظالمين فانفجرت الأرض، وابتلعت كل الجيش، فوالله ما بقي على وجه الأرض عقال ناقة فما سواه غيري وغير أخي. فإذا نحن بملك قد ضرب وجوهنا فصارت إلى ورائنا كما ترى، فقال لأخي: ويلك يا نذير! امض إلى الملعون السفياني بدمشق، فأنذره بظهور المهدي من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وعرفه أن الله قد أهلك جيشه بالبيداء، وقال لي: يا بشير الحق بالمهدي بمكة وبشره بهلاك الظالمين، وتب على يده، فإنه يقبل توبتك، فيمر القائم عليه السلام يده على وجهه فيرده سويا كما كان، ويبايعه ويكون معه.
***
قال المفضل: يا سيدي! وتظهر الملائكة والجن للناس؟
قال عليه السلام: إي والله يا مفضل، ويخاطبونهم كما يكون الرجل مع حاشيته وأهله.
قلت: يا سيدي ويسيرون معه؟
قال: إي والله يا مفضل ولينزلن أرض الهجرة ما بين الكوفة والنجف وعدد أصحابه عليه السلام حينئذ ستة وأربعون الفا من الملائكة وستة آلاف من الجن وفي رواية أخرى: ومثلها من الجن بهم ينصره الله ويفتح على يديه.
الهوامش:
(١) الزمر: ٧٤.
(٢) الفتح: ١٠.