المطالعات التطبيقية حول حكومة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
طاهر رمضان عبد الرازق
عالم بلا فقر حلم جميل تسعى الشعوب إلى تحقيقه على مسرح الحياة ولكن كيف يمكن إيجاد عالم كهذا في ظل هيمنة غربية تتجاهل حقوق الفقراء؟ هي ترى أن الفقراء فائض بشري يجب الخلاص منه
ويحلم الناس بدنيا لا ظلم فيها وهذا أمل عريض يراود المظلومين المجروحين في أرض الله الواسعة فكيف السبيل إلى ذلك والطغاة يحكمون قبضتهم على كل شيء؟
وينشد أهل الخير حياة تعلو فيها الفضيلة على الرزيلة وتحترم فيها الأخلاق والقيم و يتمناها أهل التقوى والمغفرة فكيف يتحقق لهم ذلك في ظل عالم كفور كنود؟
لكن هل معنى ذلك اليأس من التغيير وعدم الرجاء في الإصلاح؟
والجواب أن الله العلي القدير بشرنا بغد أفضل ومستقبل مشرق وفى كلام الله تبارك وتعالى وحديث رسوله محمد ص ما يحمل المبشرات التي تبعث الأمل وتهزم اليأس القاتل للنفوس.
وما الحديث عن الإمام المهدي عليه السلام إلا دليل قاطع وبرهان ساطع على أن ريح التغيير قادمة لا محالة وأن الخير سينتصر وأن الشر سينهزم وأن الكفر والظلم سيمحى من على وجه الأرض.
• و حكومة الإمام المهدي التي ستقام بإذن الله إذا أشرقت الأرض بنور ربها وأذن له في الظهور حسب علمه تبارك وتعالى ستكون حكومة ربانية محمدية مهدوية لا مثيل لها في تاريخ البشر السياسي والاقتصادي والاجتماعي في القديم والحديث.
• إنها نظام متفرد ومتميز .
• فهي ليست ملكية استبدادية تتسلط بالقهر والغلبة .
• وليست نظام أرستقراطي يتسلط بالنسب والجاه والمال والعشيرة.
• كما أنها ليست حكومة منتخبة عن طريق الشعب حتى نسميها حكومة ديمقراطية.
• بل هي حكومة العلم والإيمان والعدل والإنصاف والطهر والنقاء يتسنم الناس فيها ذروة المجد الإسلامي ويتنسم في أجوائها عبير الحرية الحقة ويحطمون قيود الذل والاستعباد ويصاغ الإنسان فيها صياغة إيمانية جديدة وتظهر في ظلها كلمة الله وينتشر التوحيد الخالص من شوائب الشرك وأدران الرياء وهى بحق كما عبر عنها وعن قائدها الإمام علي (عليه السلام): يؤيده الله بملائكته ويعصم أنصاره وينصره بآياته ويظهره على أهل الأرض حتى يدينوا طوعا وكرها ويملأ الأرض عدلا وقسطا ونورا وبرهانا يدين له عرض البلاد وطولها حتى لا يبقى كافر إلا آمن ولا طالح إلا صلح ويصطلح في ملكه السباع وتخرج الأرض بركاتها وتنزل من السماء بركتها وتظهر له الكنوز يملك ما بين الخافقين أربعين عاما فطوبى لمن أدرك أيامه وسمع كلامه. (من لا يحضره الفقيه/ الشيخ الصدوق).
• هذا وصف جامع وشامل لحكومة الإمام المهدي عليه السلام العالمية والتي يحلم بها الإنسان المعذب على مدى التاريخ البشري:
فما بين جروح الظلم الدامية وصرخة المظلوم المدوية يرنو البصر إلى مشاهد الرحمة فلا يجد.
- ويشد السمع حاسته نحو صوت العدالة فلا يصل إليه شيء.
فهل هذه إرادة الخالق ونصيب المخلوق؟
• كلا ثم كلا فحاشا لله أن تكون هذه إرادته في أن يسود الشر ويقود الظالم ويسيطر أهل البغي والعدوان معاذ الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا.
• كما أن معاناة وعذابات البشر ليست قدرا محتوما وقضاءاً مبرما؟ إذن فلا محيص ولا مجال من أن للحق في هذه الدنيا دولة وللصلاح فوز ونجاح وللعدل ظهور وغلبة بهذا أخبرت السماء وبشرت الرسل ان وعد الله حق ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ *وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ (سورة القصص الآيتان ٥-٦).
• وهذا الوصف الدقيق من الإمام علي (عليه السلام) يحدد ملامح الدولة الإسلامية ومعالم الحكومة العالمية بقيادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
- وعلى مائدة الإمام نعيش مع هذا النص العلوي الجليل.
- وقبل ذلك نعرف بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
١. هو الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري بن الإمام على الهادي بن الإمام محمد الجواد بن الإمام على الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام على زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام على بن أبى طالب (صلوات الله وتسليماته عليهم أجمعين).
٢. وقد ولد سنة ٢٥٥هجرية واستلم زمام الأمور وتحمل عبء المسؤولية والقيادة الرسالية حتى عام ٢٦٠هجرية .
٣. ثم غاب الغيبة الصغرى إلى عام ٣٢٩ ه.
٤. ثم بدأت الغيبة الكبرى منذ هذا التاريخ وإلى يومنا هذا
٥. حتى يأذن الله له بالظهور والخروج
٦. وهو الذي أخبرت عنه الكتب السماوية وعلى رأسها القرآن الكريم .
١- قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ (سورة الأنبياء آية ١٠٥) قال الطبرسي في تفسير هذه الآية الشريفة: قال أبو جعفر (عليه السلام) هم أصحاب المهدي في آخر الزمان ويدل على ذلك ما رواه العام و الخاص عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً صالحاً من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما قد ملئت ظلماً وجورا.
٢- قال تعالى: ﴿وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور﴾ (سورة إبراهيم آية ٥) يستفاد من أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) من أيام الله ظهور مهدي هذه الأمة وقيام دولته التي يحق الله فيها الحق بكلماته ويزهق الباطل ويقطع دابر الكافرين.
٣- قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ (سورة التوبة آية ٣٣) يقول الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء معلقاً على هذه الآية المباركة: لا شك أن الدين الإسلام من حين ظهوره إلى الآن لم يظهر ويغلب على جميع الأديان بحيث لا يكون على وجه الأرض دين سواه وقد وعد الله سبحانه بذلك في هذه وآيات أخرى والله سبحانه لا يخلف الميعاد فلا بد في وقت من الأوقات أن يقوم داع إلى الله سبحانه وإلى دينه الحق بحيث لا يعبد في الأرض غيره تعالى شأنه كما لا يعبد في السماء سواه .هناك يملأها قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً .
وهذا فرع من أصل بل أصول يبتنى بعضها على بعض يبتدئ من إثبات الحكيم بنعوته الجلالية وتنتهي إلى وجوب وجود الإمام في كل عصر إن الأرض لا تخلوا من حجة وأنها لولا وجود الحجة لساخت وانقلبت بمن فيها كما ورد في الحديث المروى من طرق الفريقين. (جنة المأوى ص ٢٦٤)
ولعل المؤلف يشير بذلك إلى رواية: لن يزال هذا الدين قائما إلى اثني عشر خليفة من قريش فإذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها، وعليه فإن المهدي المنتظر هو المخلص الحقيقي والمنقذ الوحيد للإنسانية فالعصر الذي نعيش فيه كفى به شهيدا وحسيبا على ما تعاني منه البشرية من ويلات وصراعات وحروب وفساد ظاهر في البر والبحر والجو، وخذ على سبيل المثال لغة القوة التي يتحاور بها القوى مع الضعيف فترى صوت الباطل مدويا لأنه قوي وترى صوت الحق خافت يترنح ولا يدرى ما يفعل في مواجهة هذا الاستعباد والاستكبار العالمي؟ وليس معنى ذلك اليأس من روح الله؟ كلا فهناك الأمل المقرون بصدق وصلاح العمل لو حسنت النوايا وصدقت العزائم وما الحديث عن الإمام المهدي إلا بعث للأمل في نفوس المؤمنين فبعد العسر يسر وبعد الضيق الفرج.
وانتظار الفرج عبادة لله (جل جلاله) من أسمى العبادات ووعد الله لا يتخلف وسنته لا تتبدل ونصر الله قريب ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (سورة النور آية ٥٥)
اَللّهُمَّ كُنْ لِّوَلِيِّكَ اَلحُجَّة بنِ اَلحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وَعَلى آبائِهِ في هذِهِ اَلسّاعِةِ وَفي كُلِّ ساعَةٍ وَلِيّاً وحَافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً َوَعَيناً حَتّى تُسكِنَهُ أرضَك طَوعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً.. بِرَحمَتِكَ يا اَرحَمَ اَلرّاحِمينَ.
أَللّهمَّ عرِّفْنِي نَفْسَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ رَسُولَكَ، أَللّهمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ... لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ، أَللّهمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي.
خصائص الدولة المهدوية ومعالم الحكومة العالمية من خلال النص العلوي:
١- يقول الإمام علي (عليه السلام) يؤيده الله بملائكته: دلت النصوص القاطعة في ثبوتها ودلالتها أن الله القوي العزيز يثبت الذين آمنوا بتنزل الملائكة عليهم كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾.
﴿نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ﴾. (سورة فصلت آيات٣٠- ٣٢) وقد نزلت ملائكة الله جل ذكره في ساحة الوغى وميدان القتال في غزوة بدر إذ يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين. ﴿بَلَى إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ﴾ (سورة آل عمران الآيات ١٢٣-١٢٥) ويقول تعالى أيضا: ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾ (سورة الأنفال آية ١٢) فلا عجب ولا غرابة أن يؤيد الله الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بقوى خارقة ومنها الملائكة خاصة وأنه مكلف من قبل الله الذي أذن له في الظهور ليمارس دوره ويحقق رسالته إنه ظهر لينقذ العالم أجمع ومن كان هذا شأنه وتلك رسالته فإنه يحتاج إلى مدد سماوي يفوق مدد الله إلى رسله وأنبيائه فتأتيه الملائكة ساجدين طائعين بين يديه ومن خلفه تحرسه وتسانده في تحقيق هدفه وغايته التي جاء من أجلها فقد روى عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أن جبريل يكون على مقدمته وميكائيل على ساقته يفرح به أهل السماء وأهل الأرض والطير والوحوش والحيتان في البحر. (عقد الدرر في أخبار المنتظر ص ١٠٠)
٢- ويعصم أنصاره: أنصار الإمام (عجّل الله فرجه) هم صفوة الصفوة وخلاصة الكمّل من أولياء الله الصالحين الموالين فقد عصمهم الله ورعاهم فكانوا على أعلى مستوى من الإخلاص والعلم والجهاد والتضحية و(توفر العدد اللازم من الأنصار الأوفياء بمختلف مراتبهم التي أشرنا إليها ضمن الحديث عن علل الغيبة أي المرتبة العليا من الأنصار الذين يتحلون بالكفاءات القيادية اللازمة لمعاونته في إقامة الحكومة الإسلامية العالمية العادلة وإدارة شئونها وقبل ذلك إدارة حركة الصراع ضد الكفر والشرك والعبوديات الطاغوتية ودحرها وإزالتها بالكامل ولعل أفراد هذه المرتبة هم الذين ذكرت الأحاديث الشريفة بأن عددهم (٣١٣) كعدة أهل بدر وذكرت لهم صفات عالية من الإيمان ومعرفة الله حق معرفته ومن شدة التعبد لله والإخلاص له فهم (رهبان الليل) ومن الشجاعة والكفاءة الجهادية العالية فهم (أسد النهار) الذين لا يخافون في الله لومة لائم ومن الكفاءة العلمية العالية والإحاطة بعلوم الشريعة فهم (الفقهاء والقضاة) ومن الكفاءة الإدارية الفائقة فهم (الولاة العدول) وغير ذلك من الصفات السامية الأخرى التي يستفاد منها أنهم يمثلون جهاز الإمام القيادي والإداري عند ظهوره قبل إقامة دولته العالمية العادلة وبعدها) (خاتم الأوصياء ص ٧٩)
فهؤلاء الأنصار الخلص الكمل لهم مكانة ومنزلة عند الله تبارك وتعالى كما جاء في رواية (فيبايع بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيف عدة أهل بدر فيهم النجباء من أهل مصر والأبدال من أهل الشام والأخيار من أهل العراق) فهم الذين تقام على أكتافهم دولة الحق وحكومة العدل إنهم النجباء والأبدال والأخيار فالله اللطيف يعصمهم من الزلل ويصونهم من الخطأ ببركة المهدي (عليه السلام).
٣- وينصره بآياته: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (سورة المجادلة آية ٢١) وعد الله رسله والمؤمنين به بالنصر القريب والفوز العظيم وممن وعده الله عز وجل بذلك إمامنا المهدي بالنصر التام على جميع أعدائه ومناوئيه في شتى بقاع الأرض ووسائل النصر إنما هي آيات بينات أي معجزات وكرامات خارقة للعادة وتلك سنة الله التي لا تتبدل ولا تتغير وهى من التأييد الإلهي للإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وذلك لما له من دور كبير ليحق الحق ويبطل الباطل ومن هذه الآيات التي يؤيده الله بها لتكون دلائل قاطعة وبراهين ساطعة على أن هذا هو حقا وصدقا المهدي المنتظر فيتبعه من سبقت لهم من الله الحسنى.
١- كسوف الشمس وخسوف القمر في شهر رمضان فعن الإمام الباقر عن آبائه (سلام الله عليهم) قال: إن لمهدينا آيتين لم تكونا منذ خلق السماوات والأرض ينخسف القمر لأول ليلة من رمضان وتنكسف الشمس في النصف منه ولم تكونا منذ خلق الله السماوات والأرض. رواه الدار قطني إن وقوع هذه الآية الفلكية شهادة من الله على ظهور المهدي وتصديقا له وعلامة نصر وفتح له (عجّل الله فرجه).
٢- خسف بالبيداء (الصحراء) فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يبايع لرجل من أمتي بين الركن والمقام كعدة أهل بدر فتأتيه عصب العراق وأبدال الشام فيأتيهم جيش من الشام حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم ثم يسير إليه رجل من قريش أخواله كلب- اسم قبيلة- فيهزمهم الله تعالى. (عقد الدرر في أخبار المنتظر ص ٥٤)
٣- نزول نبي الله عيسى (عليه السلام) وهذا من أعظم الآيات فكونه تابعاً للإمام المهدي (عجّل الله فرجه) فيه إبطال لعقيدة التثليث ونصرة لدين الإسلام فعن جابر بن عبد الله قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم: تعال صل لنا؟ فيقول: لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله لهذه الأمة. (رواه مسلم).
٤- قتل المسيح الدجال رمز الحضارة المادية التي فتنت الكثير من المسلمين فخسروا دينهم وما ربحوا دنياهم إن نهاية الحضارة الغربية التي لا تعرف أن للحياة إله وأن للكون مكون هو الله (عز وجل) لا بد أن تسقط إذا ظهر المهدي بل هي آيلة للسقوط الآن وعوامل الانهيار بدت ظاهرة للعيان ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ هذه بعض الآيات التي ينصر الله بها الإمام المهدي (عجل الله فرجه).
٤- ويظهره على أهل الأرض حتى يدينوا طوعا وكرها: سيجعل الله تبارك اسمه الأرض ومن عليها في قبضة الإمام الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) لأنه أمين الله على البشر فلا ظلم ولا إجحاف ويستشعر الناس في ظل حكومته برد العافية وحرارة اليقين إن كرامة الإنسان يجب أن تصان وحقوقه ينبغي ألا تمس ولا يتأتى هذا إلا بأن يمتد سلطان المهدي ويبسط يديه الشريفتين على ربوع الأرض ليحكم بين الناس بالعدل وهذا هو هدف الدين الذي شرفنا الله بالانتساب إليه فالمعاني التي جاء بها الإسلام هي وحدها الكفيلة بإنقاذ الإنسانية المعذبة بالتفرق القائم على التمييز العنصري ففي ظل الإيمان والتقوى والقوة الروحية والمادية التي يأتي بها المخلص عليه السلام فلا تمييز على أساس الجنس أو العرق أو المال إنما الراية التي ينضوي تحتها الجميع هي (إن أكرمكم عند الله أنقاكم) وعندئذ ينجذب الناس تلقائيا إلى ساحة العدل الإلهي وواحة العدالة الربانية ومن لم يأت طوعا سيأتي كرها ولا مفر له من ذلك فسلطان الله قاهر.
٥- يملأ الأرض عدلا وقسطا: ومن خصائص الدولة الإسلامية إقامة صرح التوحيد الخالص لله (عز وجل) والقضاء على كل مظاهر الكفر ومعالم الشرك كذلك من أخص خصائصها إقامة العدل وكل الروايات تؤكد على علة مجيء الإمام الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) (يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا) وفى المجال النظري والعملي نرى أن عالم السياسة ما قام وما نشأت النظم السياسية بل والحكومات حتى البدائية إلا من أجل العدل في الحكم بين الناس والإنصاف بين البشر وإن كان لم يتحقق في على أرض الواقع اللهم إلا في أيام الرسل والأنبياء وأما ما سواهم فشتان بين النظرية والتطبيق بل نستطيع أن نؤكد على أن العدل في ظل تاريخ الحكم الإسلامي لم يكن له واقع ملموس إلا في عصر النبوة فقط وبعد وفاة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) عادت الأمور كما كانت مع أن الإسلام ينطوي على نظام في الحكم لا نظير له غير أن الذين تولوا شؤون الأمة وإدارتها غيروا بأفعالهم وأحوالهم ما أذن الله أن يرفع في عالم المساواة والعدل والإنصاف ودونك التاريخ الأموي والعباسي والمملوكي والعثماني ينبئك بما يندى له الجبين ويصرخ منه الجنين إذن فالعدل والقسط الذي ترنو له الأبصار وتتشوق له البصائر سيتحقق في ظل العصر المهدوي وهذا من مبشرات الإسلام التي بشربها النبي المعصوم ص بعثا للأمل في القلوب ودفعا لليأس الذي يحطم الحياة ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله "أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون.
٦- ونورا وبرهانا: إذا كان من مهام الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أن يملأ الأرض عدلا وقسطا فكذلك يصب على الأرض نورا بعد أن اشتعلت نارا ولهيبا فهذه نيران الاستعمار الجديد تحرق اليابس والأخضر وتلتهم في طريقها الرحمة والعطف والكرامة نعم إنها نار الهيمنة الأمريكية ومن أمامها الحركة الصهيونية ومن خلفها قوى الاستكبار الغربية لقد أشعلوا نارا للحرب على الإسلام والمسلمين وأوقدوا لهيبا من الفتن والمكائد للقضاء على القيم والمثل الدينية النبيلة يفعلون ذلك في العراق وكذلك يفعلون في كل مكان ابتغاء الفتنة وابتغاء السيطرة على عقولنا ومواردنا وثرواتنا وديننا لقد صور الله حالهم وأعلن لنا حقيقتهم إنهم الذين عناهم الله بقوله (جل ذكره): ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾.
﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ (سورة البقرة الآيات ٢٠٤ -٢٠٦) فالقادم إلينا من الغرب نار وليس بنور وآني لهم النور وهم في الظلمات يعمهون إنما النور هو نور الله ومن لم يجعل الله له نور فما له من نور فنور الإمام المهدي من نور الله ونور محمد ونور علي والحسن والحسين وبقية أنوار أهل البيت الأقمار فهم نور من نور في نور وبنور المهدي يتبدد ظلام المادية الغربية وببرهانه يسطع اليقين وحقائق الإسلام وتنكشف شبهات الكافرين وتدحض أباطيل الجاهلين اللهم نور قلوبنا وعقولنا بنورك الذي نورت به قلوب الصالحين من عبادك.
٧- يدين له عرض البلاد وطولها: الله أكبر يدخل تحت سلطانه عرض البلاد وطولها فالكل تحت لوائه وفى قبضته يطهر الأرض طولا وعرضا من الكفر والشرك والضلال ويخلص البلاد والعباد من الظالمين الذين طالما ظنوا أن ملكهم باق وحكمهم دائم لقد حان الحساب في الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى لو كانوا يعلمون فلا بقاء لظالم في ظل دولة العدل وحكومة العدالة ولا وجود لمستكبر أثيم إنها دولة التوحيد وأرض الإيمان بقيادة مهدينا سلام الله عليه وليس هذا بمعجز في الأرض أو مستحيل على الله ﴿إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (سورة الأعراف آية ١٢٨) (ومن نظر في أحوال الأمم عبر التاريخ يجد شعلة الحضارة تنتقل من أمة إلى أمة ومن يد إلى أخرى فقد كانت قيادة العالم قديما في يد الشرق على أيدي الحضارات الفرعونية والآشورية والبابلية والكلدانية والفينيقية والفارسية والهندية والصينية ثم انتقلت إلى الغرب على يد الحضارة اليونانية ذات الفلسفة الشهيرة والرومانية ذات التشريع المعروف ثم انتقلت هذه القيادة مرة أخرى إلى الشرق على يد الحضارة العربية الإسلامية ثم غفا الشرق وغفل عن رسالته فأخذ الغرب الزمام وكانت له القيادة مرة أخرى ولكنه لم يرع أمانة هذه القيادة بل أفلس في ميدان الروح والأخلاق وفرط في العدل وأعلى القوة على الحق والمصالح على القيم والمادة على الروح والجمال على الإنسان وكال بمكيالين في التعامل مع القضايا البشرية فكان من سنة الله أن تنتقل الشعلة إلى غيره) (المبشرات بانتصار الإسلام د/يوسف القرضاوي ص٩٢)
فالذي يمتلك زمام الأمور ويتولى قيادة البشرية بعد انهيار الحضارة الغربية وسقوط الصرح المادي هو الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
٨ – حتى لا يبقى كافر إلا آمن: قال الله عز وجل: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ (سورة الذاريات آية ٥٦) (تدل الآية الكريمة على حصر الغاية من خلق الإنسان بالعبادة الحقة لله (جل وعلا) وهذا ما يتحقق في ظل دولة المهدي الموعود على الصعيدين الفردي والاجتماعي بأكمل صوره لأن تحقق هذه الغاية أمر حتمي إذ أن من المحال تخلف مخلوق عن الغاية من خلقه والآية تتحدث عن النوع الإنساني وهذا ما لم يتحقق في تاريخ الإنسان على الأرض منذ نزوله إليها لذا لابد من القول بحتمية تحققه في المستقبل في دولة إلهية تقيم المجتمع التوحيدي الصالح العابد لله وحده لا شريك له وهذه الدولة هي الدولة المهدوية) (خاتم الأوصياء ص ٨١) إذن فتحيق الغاية التي من أجلها خلق الخلق وهى عبادة الله عز وجل ستتحقق في عصر الظهور إن شاء الله فلا يوجد كافر إلا آمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا وإمامة المعصومين والكافر الذي سوف يؤمن إذا رأى المهدي سيكون سبب إيمانه إزالة الشبهات بالبرهان المهدوي الذي يرى فيه الجواب على كل سؤال والحل لكل مشكل فلا توجد عنده شبهة إلا وأزيلت ولا عقبة إلا وأميطت وبالتالي يكون الطريق إلى الله والإسلام واضحا جليا فيدخل الناس في دين الله أفرادا وأفواجا وهذا سر قول الله تبارك وتعالى ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ والله أعلم
٩ – ولا طالح إلا صلح: الطالح هو العاصي الذي يفعل ما نهى الله عنه أو يترك ما أمر الله به فإذا كان في طريق الكافر شبهات حالت بينه وبين الإيمان وتمت إزالتها ببركة المهدي وبالبرهان الواضح فمن باب أولى أن العاصي تزول من طريقه الشهوات التي تغلبه وتوقعه فيما حرم الله تعالى وحين يسعد برؤية المهدي الصالح والمصلح تناله بركاته فيتغير حاله وتتبدل سريرته فيتحول إلى رجل صالح السيرة والسريرة فيمحو الله شقوته ويبدلها إلى سعادة فيدخل جنة الطاعة فيتلذذ بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فيكون من الذين سبقت لهم من الله الحسنى فيبدل الله سيئاتهم حسنات.
١٠- ويصطلح في ملكه السباع: يقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ (سورة الأنبياء آية ١٠٧) النبي (صلى الله عليه وآله سلم) هو رحمة الله العظمى لجميع العوالم وليس لعالم الإنس فقط أو معه عالم الجن فحسب كلا؟ بل لكل العوالم ما علمنا منها وما لم نعلم الظاهر منها والخفي ما فوق السماوات العلا وما على الأرض وما بينهما وما تحت الثرى إنه الرحمة المهداة من الله اللطيف بعباده والرحيم بخلقه وهذا هو جوهر الولاية التكوينية للرسول الأعظم وللأئمة (سلام الله عليهم) إنها ولاية رحمة ورأفة بجميع الخلق وكذلك الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو رحمة للخلق أجمعهم سر جده المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) ففي عصره ودولته يصطلح كل شيء فلا غل ولا عداء ولا عدوان حتى في عالم الوحوش فلا دهش ولا عجب أن ترى الذئب يسعى مع الغنم والأسد مع الغزال وما دام أن الذئب يجد ما يأكله ويفيض عن حاجته وكذلك الأسد يتوفر لديه ما يشبعه فلا حاجة إذن للعدوان فقد أطعمهم الله من جوع وآمنهم من خوف ببركة الحجة الشريف (عجّل الله فرجه) ويسر خروجه وظهوره.
١١- وتخرج الأرض بركاتها: يقول الله تبارك اسمه وعز سلطانه: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ (سورة الأعراف آية ٩٦) كم في السماوات والأرض من بركات حسية ومعنوية مدخرة للناس تفيض بها السماء أو تنبع من الأرض شريطة الإيمان الصادق والتحلي بالتقوى والتجمل بالباقيات الصالحات لقد خلق الله الأرض وقدر فيها أقواتها وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها فكل الخلق رزقهم على الله غير أن المعاصي كما يقول الإمام علي (عليه السلام): تنزل النقم وتغير النعم وتحبس الدعاء وتنزل البلاء أما في عصر المهدي وهو عصر التوحيد والصلاح والعدل فلا مجال لمعصية ولا ميدان لكفر ولا ساحة لفجور فطاعة الله وتوحيده وتقديسه كأنفاس الخلائق فلا غرو أن تخرج الأرض بركاتها فقد روي عن أبى سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (يخرج في آخر أمتي المهدي يسقيه الله الغيث وتخرج الأرض نباتها ويعطي المال صحاحا وتكثر الماشية وتعظم الأمة) أخرجه الحاكم في المستدرك وعنه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (تنعم أمتي في زمن المهدي نعمة لم يتنعموا بها قط ترسل السماء عليهم مدرارا ولا تدع الأرض شيئا من نباتها إلا أخرجته) رواه الطبراني في معجمه. فهذه الروايات تشرح وتوضح مقولة الإمام علي (عليه السلام) عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) فسوف تخرج الأرض خيراتها وتعم البركة الجميع فلا فقر ولا مسكنة ولا مذلة سؤال في عصر الإمام (عجّل الله فرجه) فالكل يعيش في حياة طيبة رغد في العيش وبحبوحة في المعيشة وبهذا يتحقق مجتمع الرفاهية الذي ينشده الفلاسفة والمصلحين.
١٢- وتنزل من السماء بركتها: إذا كانت بركات الأرض حسية ومادية توفر للإنسان احتياجاته فلا يعانى من نقص مادي حيث أن غذاء الأبدان موجود وبوفرة غير أنه ليس بالخبز وحده يحي الإنسان فهو روح وجسد وللروح مقومات وغذاء والإنسان مهما توفرت لديه احتياجاته المادية وكانت روحه خاوية فإنه يشعر بالنقص لذلك جاءت بركات السماء المعنوية الروحية لتنهل الروح من فضل ربها والجنة ليست حدائق وبساتين فقط بل هنالك جنة المعارف ولذتها في النفس ونشوتها في الروح لا تعادلها لذة ولا تماثلها نشوة ومن ذاق عرف ومن عرف غرف فكما يبسط الله الرزق المادي لعباده كذلك ينعم عليهم ويبسط لهم في رزق الروح فلا ترى في هذا العصر إلا التسبيح والتقديس والعبودية الكاملة لله (عز وجل) من المؤمنين.
١٣- وتظهر له الكنوز: الكنز هو الشيء الثمين المدفون في باطن الأرض فهذه الكنوز تظهر للإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وهو عليها أمين يقسمها بالسوية بين الرعية ولا يدخر لنفسه شيء كما كان يفعل جده رسول الله ص وكما كان يفعل أمير المؤمنين سيدنا علي كان يدخل بيت المال ويخرج ما فيه ويقسمه بين الناس ولا يبقى فيه شيئا لنفسه٠وياليت ملوك وحكام العرب انتبهوا إلى ذلك يوم أن ظهر في أرضهم البترول وذكروا أن في هذا المال حق للسائل والمحروم وجعلوا الناس تشاركهم في هذه الثروة لكن ويا حسرة من لكن وأخواتها اسأثروا به بل وجدوا من يفتيهم أن هذه الثروة ملك خاص بهم لا شريك لهم فيها زد على هذه الحسرة أنهم أضاعوها فيما يرضى الشيطان ويغضب الرحمن واقرأ إن شئت عن سيرتهم في هذا المال كيف أنفقوه وفيما أضاعوه؟ فحسبنا الله ونعم الوكيل. على كل حال إن سيرة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) المالية هي سيرة الرسل والأنبياء.
١٤- يملك ما بين الخافقين أربعين عاما: الفترة الزمانية التي يحكم فيها الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) تقدر بأربعين سنة ولكن هل هي كسنوات وأيام حياتنا أم أنها غير ذلك؟ الله أعلم غير أن الذي نستطيع أن نذكره هنا أن أيام المهدي هي من أيام الله (عز وجل) يثبت فيها أن العالم لا تحقق له سعادته إلا في ظل آل البيت (عليهم السلام) فهم أجدر الناس على سياسة البشر وإن الناس في عصر دولتهم يسعدون أيما سعادة لم يسعد بها العالم لا في تاريخه القديم ولا الوسيط ولا الحديث ولا المعاصر. أربعون عاما هي عمر الدولة المهدوية يعم الخير وتنزل البركات من السماء وتخرج من الأرض ويسود حكم الله بشرعة وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وساعتها يدرك الإنسان قيمة الإنسان وأنه كريم على الله ومفضل على سائر المخلوقات وأن حقوقه واصلة إليه غير مقطوعة ولا ممنونة حتى المخلوقات الأخرى ستنال حقها موفورا غير منقوص.
١٥- فطوبى لمن أدرك أيامه وسمع كلامه: حقا يا سعادة من يدرك عصر الإمام وأيامه المباركة ويسمع كلامه وحديثه الملهم به من قبل الله (جل جلاله) سنسمع حديثا عن الله تبارك وتعالى جديداً على مسامعنا سنعرف الله الذي خلقنا سندخل حضرة المعرفة بالله وما أجملها من حضرة وما أعظمه من حديث سنسمع حديثا جديداً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سنعرف من هي فاطمة الزهراء (عليها السلام) وكم كانت عظيمة؟ وكم كانت تستحق السيادة على نساء العالمين سنرى الحسن والحسين (عليهما السلام) سيدا شباب أهل الجنة سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم وإذا كنا بدأنا المقال بحديث للإمام علي عن الإمام المهدي (عليهما السلام) فجدير أن يكون مسك الختام بحديث للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أيضاً وقد خص به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) فعن علي بن علي الهلالي عن أبيه قال دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو في الحالة التي قبض فيها فإذا فاطمة عند رأسه فبكت حتى ارتفع صوتها فرفع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) طرفه إليها فقال: حبيبتي فاطمة ما الذي يبكيك؟ قالت أخشى الضيعة من بعدك فقال يا حبيبتي أما علمت أن الله اطلع على أهل الأرض إطلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته ثم اطلع إطلاعة فاختار منها بعلك وأوحي إلي أن أنكحك إياه يا فاطمة ونحن أهل بيت قد أعطانا الله سبع خصال لم تعط أحد قبلنا ولا تعطى أحد بعدنا أنا خاتم النبيين وأكرم النبيين على الله عز وجل وأحب المخلوقين على الله (عز وجل) وأنا أبوك ووصيي خير الأوصياء وأحبهم إلى الله (عز وجل) وهو بعلك وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة بن عبد المطلب عم أبيك وعم بعلك ومن له جناحان أخضران يطير بهما في الجنة مع الملائكة حيث يشاء وهو ابن عم أبيك وأخو بعلك ومنا سبطا هذه الأمة وهما أبناك الحسن والحسين وهما سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما والذي بعثني بالحق خير منهما. يا فاطمة والذي بعثني بالحق إن منهما مهدي هذه الأمة إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا وتظاهرت الفتن وانقطعت السبل وأغار بعضهم على بعض فلا كبير يرحم صغيرا ولا صغير يوقر كبيرا فيبعث الله عز وجل عند ذلك منهما من يفتح حصون الضلالة وقلوبا غلفا يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان ويملأ الدنيا عدلا كما ملئت جورا يا فاطمة لا تحزني ولا تبكى فإن الله (عز وجل) أرحم بك وأرأف مني وذلك لمكانك مني وموقعك من قلبي قد زوجك الله زوجك وهو أعظم حسبا وأكرم منصبا وأرحم بالرعية وأعدلهم بالسوية وأبصرهم بالقضية وقد سألت ربي (عز وجل) أن تكوني أول من يلحقني من أهل بيتي. (عقد الدرر في أخبار المنتظر ص١١٠, ١١١).
والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد سيد الكونين وفخر الثقلين وأهل بيته الطاهرين الطيبين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.