سؤال صعصعة للإمام علي عليه السلام عن وقت خروج الدجال؟
الطالقاني، عن الجلودي، عن الحسين بن معاذ، عن قيس بن حفص، عن يونس بن أرقم، عن أبي سيار الشيباني، عن الضحاك بن مزاحم، عن النزال بن سبرة قال: خطبنا علي بن أبي طالب عليه السلام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: سلوني أيها الناس قبل أن تفقدوني - ثلاثا - فقام إليه صعصعة بن صوحان، فقال: يا أمير المؤمنين متى يخرج الدجال؟
فقال له علي عليه السلام: اقعد فقد سمع الله كلامك وعلم ما أردت، والله ما المسؤول عنه بأعلم من السائل، ولكن لذلك علامات وهيئات يتبع بعضها بعضا كحذو النعل بالنعل وإن شئت أنبأتك بها قال: نعم يا أمير المؤمنين. فقال عليه السلام: احفظ فان علامة ذلك إذا أمات الناس الصلاة، وأضاعوا الأمانة واستحلوا الكذب، وأكلوا الربا، وأخذوا الرشا، وشيدوا البنيان، وباعوا الدين بالدنيا، واستعملوا السفهاء، وشاوروا النساء، وقطعوا الأرحام، واتبعوا الأهواء، واستخفوا بالدماء. وكان الحلم ضعفا، والظلم فخرا، وكانت الامراء فجرة، والوزراء ظلمة والعرفاء خونة، والقراء فسقة، وظهرت شهادات الزور، واستعلن الفجور، وقول البهتان، والإثم والطغيان. وحليت المصاحف، وزخرفت المساجد، وطولت المنار، وأكرم الأشرار وازدحمت الصفوف، واختلفت الأهواء، ونقضت العقود، واقترب الموعود وشارك النساء أزواجهن في التجارة حرصا على الدنيا، وعلت أصوات الفساق واستمع منهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، واتقي الفاجر مخافة شره، وصدق الكاذب واؤتمن الخائن، واتخذت القيان والمعازف، ولعن آخر هذه الأمة أولها، وركب ذوات الفروج السروج. وتشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء، وشهد شاهد من غير أن يستشهد وشهد الآخر قضاء لذمام بغير حق عرفه، وتفقه لغير الدين، وآثروا عمل الدنيا على الآخرة، ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب، وقلوبهم أنتن من الجيف، وأمر من الصبر، فعند ذلك الوحا الوحا، العجل العجل، خير المساكن يومئذ بيت المقدس ليأتين على الناس زمان يتمنى أحدهم أنه من سكانه. فقام إليه الاصبغ بن نباتة فقال: يا أمير المؤمنين من الدجال؟ فقال: ألا إن الدجال صائد بن الصيد فالشقي من صدقه، والسعيد من كذبه، يخرج من بلدة يقال لها إصبهان من قرية تعرف باليهودية، عينه اليمنى ممسوحة والأخرى في جبهته، تضيئ كأنها كوكب الصبح، فيها علقة كأنها ممزوجة بالدم، بن عينيه مكتوب " كافر " يقرأه كل كاتب وأمي. يخوض البحار، وتسير معه الشمس، بين يديه جبل من دخان، وخلفه جبل أبيض يرى الناس أنه طعام، يخرج في قحط شديد، تحته حمار أقمر خطوة حماره ميل، تطوى له الارض منهلا منهلا ولا يمر بماء إلا غار إلى يوم القيامة. ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين، من الجن والإنس والشياطين يقوم: إلي أوليائي أنا الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، أنا ربكم الاعلى. وكذب عدو الله إنه الأعور يطعم الطعام، ويمشي في الاسواق، وإن ربكم عز وجل ليس بأعور، ولا يطعم ولا يمشي ولا يزول [تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا]. ألا وإن أكثر أشياعه يومئذ أولاد الزنا وأصحاب الطيالسة الخضر، يقتله الله عز وجل بالشام على عقبة تعرف بعقبة أفيق لثلاث ساعات من يوم الجمعة، على يدي من يصلي المسيح عيسى بن مريم خلفه. ألا إن بعد ذلك الطامة الكبرى، قلنا: وما ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: خروج دابة من الأرض، من عند الصفا، معها خاتم سليمان، وعصى موسى، تضع الخاتم على وجه كل مؤمن، فيطبع فيه " هذا مؤمن حقا " وتضعه على وجه كل كافر فيكتب فيه "هذا كافر حقا" حتى أن المؤمن لينادي: الويل لك يا كافر وإن الكافر ينادي طوبى لك يا مؤمن ! وددت أني اليوم مثلك فأفوز فوزا ثم ترفع الدابة رأسها، فيراها من بين الخافقين بإذن الله عز وجل، بعد طلوع الشمس من مغربها فعند ذلك ترفع التوبة فلا توبة تقبل، ولا عمل يرفع " ولا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ثم قال عليه السلام: لا تسألوني عما يكون بعد ذلك فانه عهد إلي حبيبي عليه السلام أن لا اخبر به غير عترتي. فقال النزال بن سبرة لصعصعة: ما عنى أمير المؤمنين بهذا القول؟ فقال صعصعة: يا ابن سبرة إن الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم هو الثاني عشر من العترة، التاسع من ولد الحسين بن علي، وهو الشمس الطالعة من مغربها، يظهر عند الركن والمقام يطهر الأرض، ويضع ميزان العدل فلا يظلم أحد أحدا فأخبر أمير المؤمنين عليه السلام أن حبيبه رسول الله صلى الله عليه وآله عهد إليه ألا يخبر بما يكون بعد ذلك غير عترته الأئمة [صلوات الله عليهم أجمعين]. (١)
الهوامش:
(١) كمال الدين: ٢/٥٢٥-٥٢٨/باب٤٦/ح١.