حكومة وارث الأرض (عجّل الله فرجه) ومن عليها
السيد هادي عيسى الحكيم
تتضمن السنة الشريفة ما يحتاجه إليه الإنسان، ومنها الأحاديث التي تتناول الظهور المقدّس للإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، فيجب عليه - أي الإنسان - الاهتمام بها، بدراستها، التفقه بها مهما استطاع إلى ذلك سبيلاً، لمعرفة ما تحويه من علوم ومعارف ضرورية لحياتنا، خاصة ونحن نعيش هذا الزمن، زمن التمسك بعقيدة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) والتمهيد لظهوره، لأن الإمام (عجّل الله فرجه) يمثل قمة الوعي البشري، وهو إمام الزمان المؤهل والمعد إعداداً إلهياً سماوياً لسيادة العالم كله، لأنه المرجع الحقيقي، فما من سؤال على مستوى العالم إلّا وعنده جوابه، وما من مشكلة إلّا وسيجد الحل الأنسب لها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وباعتباره وارث الكتاب والنبوة فهو على يقين بما جرى في العالم لأنه عاشها وشهد الكثير منها، ومن ما فعله الظالمون من مواقف مخزية بحق الرسل والأنبياء (عليهم السلام) وعباد الله الصالحين.
إنَّ خاتم أئمة أهل البيت (عليهم السلام) على علم يقيني بحجم الظلم والقتل والتشريد الذي اقترفه حكام الجور بحق آبائه وأجداده الميامين (عليهم السلام) وبحق من والاهم، وأنَّه (عجّل الله فرجه) أحد ضحايا هذا الظلم.
إنَّ أية محاكمة عادلة ستدين الظالمين وتحملهم مسؤولية إجهاض الدعوة الإسلامية وحرفها عن مسيرتها، تلك المسيرة التي لو بقيت لتغير مجرى التاريخ وبقي بعيداً عما فعله الذين أذلوا الجنس البشري وألبسوه لباس الذل والعبودية والهوان، وصادروا منه كل الحقوق التي وهبه إياها الله تعالى، وبهذا استحق أولئك الجائرون أن يكونوا هم العدو الأول لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولأهل بيته (عليهم السلام) ولمن والاهم، ولقد عهد الله تعالى للصالحين من عباده والذين طهرهم تطيرها ألا يركنوا إلى الظالمين لأنَّهم رجس ونجس.
لقد أمر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أن يُطهّر الأرض من أعداء الله ومن رجسهم، بل أن يفرغها تماماً منهم ويملأها بالعدل والقسط كما ملأها أولئك الظالمين بالظلم والعدوان، وهذه هي طبيعة صوت الحق - الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) -.
إنَّ الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) لا يأتي إلّا ليختم الحياة على هذه الأرض بإقامة دولة العدل الإلهي، ليكون الدين كله لله رب العالمين، ولتكون الأُمم كلها أُمة واحدة، لا فرق بين أبيضهم وأسودهم، فكلهم أمام الحق سواء.
وسيكون الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو مصداق وراثة الأرض ومَن عليها، الأرض كل الأرض، بشرقها وغربها، فحكومته (عجّل الله فرجه) عالمية، لأنه الوارث الحقيقي، وله الحاكمية المطلقة، وحكومته مبنية على أساس الإسلام لـ﴿إِنَّ الدِينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ﴾ حكومة يستقي فكرها من القرآن الكريم، دستورها الحق، مرضية عند الله وعند الناس جميعاً.
إنَّ دولة وارث العالم يزول منها الخوف، دولة استقرار وأمن وعدالة اجتماعية. حكومة خير تخرج الأرض فيها بركاتها والسماء، فينزل المطر وتكون المعادن وخزائن الأرض في متناول الأُمة كلها.
دولة يجتمع فيها علماء الدنيا ويتصلون بإمامهم الهمام، يدينون له بالطاعة، يعرضون عليه (عجّل الله فرجه) طاقاتهم الفكرية والتقنية، لجعلها تحت خدمته من أجل خدمة إرادة الله ودولة الحق، الدولة المهدوية الشريفة.