شهادة الإمام العسكري بولادة الإمام المهدي (عليها السلام) في مفادها اليقيني
مرتضى علي الحلي
إن الشهادة اللفظية للإمام الحسن العسكري (عليه السلام) بولادة ابنه محمد المهدي (عجّل الله فرجه) شكلت بداية الحقيقة الدينية والتاريخية في مسيرة الإمامية الاثني عشرية.
فشهادة الإمام العسكري (عليه السلام) هي شهادة حسية حقيقية بتحقق ولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في حياته الشريفة، والروايات في هذا المجال كثيرة وصحيحة سنداً ومتنا ومن أهمها:
- ما جاء في أصول الكافي للكليني: ج١، ص٣٢٨، بالإشارة والنص إلى صاحب الدار عن محمد بن يحيى عن أحمد بن إسحاق عن أبي هاشم الجعفري قال: قلت لأبي محمد العسكري (عليه السلام) جلالتك تمنعني من مساءلتك فتأذن لي إن أسالك؟ فقال (عليه السلام) سل، قلت: سيدي هل لك ولد؟ فقال (عليه السلام): نعم.
وفي هذا الحديث كفاية سندية ودلالية لتثبيت حقيقة ولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من عدة حيثيات وأهمها:
- إن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) هو الشاهد المعصوم الصادق الثقة بولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من صلبه الشريف، وهو القائل (نعم) لولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وقوله هذا شهادة قطعية وشرعية حسية حكت عن واقع تحقق في وقته (عليه السلام) وهو ولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
- والحيثية الثانية أن راوي خبر ولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بشهادة أبيه العسكري (عليه السلام) هو ثقة مأمون وموثق في كتب الرجال ومشهود له بصدق نقولاته، كما ذكر النجاشي في كتابه (رجال النجاشي) ص٣٢٢ حيث قال عنه: (محمد بن يحيى أبو جعفر العطار القمي شيخ أصحابنا في زمانه (أي الشيخ الكليني) ثقة عين كثير الحديث له كتب كمقتل الحسين (عليه السلام) وغيرها).
إذن محمد بن يحيى ابي العطار القمي راوي الخبر ثقة وقريب من عهد الإمام العسكري (عليه السلام) وموثق من قبل أصحاب الإمام العسكري (عليه السلام) كأحمد بن إسحاق القمي المعاصر للإمام العسكري (عليه السلام).
وأما أبو هاشم الجعفري فقد قال عنه النجاشي أنه عظيم المنزلة عند الأئمة (عليهم السلام) شريف القدر ثقة.
وهاتان الحيثيتان تشكلان تمام الحقيقة بولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
- جاء في (كمال الدين وتمام النعمة) للشيخ الصدوق عن أحمد بن إسحاق القمي قال: (لما ولد الخلف الصالح المهدي (عليه السلام) ورد من مولانا أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) على جدي أحمد بن إسحاق كتاب وإذا فيه مكتوب بخط يده (عليه السلام) الذي كان يرد به التوقيعات عليه: ولد المولود (ويقصد المهدي (عجّل الله فرجه) فليكن عندك مستوراً وعن جميع الناس مكتوماً فإنا لم نظهر عليه إلا الأقرب لقرابته والمولى لولايته أحببنا أعلامك ليسرك الله به والسلام).
وهناك الكثير ممن نقلوا شهادة الإمام العسكري (عليه السلام) بولادة ابنه الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وكلهم ثقاة مأمونون اعرضنا عن ذكرهم للاختصار، فالمهم هو أن تلك الشهادات الحسية سواء أكانت من الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) مباشرة أو ممن سمعها منه من الرواة الثقاة ونقلوها إلينا هي اليوم تشكل ميزة قوية وعالية القيمة جداً، إذ أن كل العقلاء والمتشرعة من ألوان وأديان البشر كافة يعتمدون في معاملاتهم وعقائدهم وقضاياهم العامة على الشهادات الحسية من أصحابها، وهو أمر معلوم بالوجدان الإنساني.
فنحن اليوم في حياتنا نصدق الأخبار من أشخاص موثوقين نعرفهم ونرتب الأثر على أخبارهم، فمن باب أولى عقلاً وشرعاً مفروض علينا أن نرتب الأثر الإيماني والفكري على أخبار وشهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) بحقيقية ويقينية ولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).