مدخلية البلاء في تعجيل الظهور
أم محمد باقر الأعرجي
﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم﴾ الرعد (١١)
قانون إلهي نبحث علاقته في أسباب وشرائط الظهور وعلاماته
فكما هو معلوم للمهتم بالقضية المهدوية فإن لظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) شرائط وعلامات، والشرائط هي التي لها علاقة سببية في تحقق الظهور وأما العلامات فهي أمور ليس لها مدخلية سببية حقيقية بذلك، ولكنها تعمل كعمل الدال والمنبه لتوقع اقتراب الظهور وتحقق الفرج بالوعد الإلهي.
ومن شرائط الظهور التي ذكرها بعض علماء وباحثي القضية المهدوي هو أنْ تصل البشرية إلى مستوى تقبّل النظرية التي سيحملها قائد اليوم الموعود وهو الإمام الحجة (عجّل الله فرجه)، أي تقبّل النظرية الإسلامية في حياة وعقيدة البشرية.
وبمعنى آخر: أن تصل البشرية إلى تقبل نظرية السماء.
ولكن! إذا نظرنا إلى واقعنا المشهود حالياً وعصرنا الحاضر وحتى في ظل فرضية عصر الظهور المطروحة والمفعلة حالياً من البعض، نجد أن البشرية جمعاء سواء أمة الإسلام وغيرها من ديانات وحضارات على الأرض بعيدة كثيراً عن أجواء وروح الدين الإسلامي، بل هي على النقيض وفي مزيد بُعدٍ عنه يوماً بعد يوم، إلا ما رحم ربي، وأكثرهم للحق كارهون.
إلا أنه أيضاً لا ننسى أن للظهور شرائط وأحد الشرائط هو وصول البشرية إلى تقبل نظرية السماء والرجوع إلى الاتصال بالله الخالق عن طريق حجته على خلقه.
هذا الرجوع البشري لله تعالى وتقبل نظرية السماء في حياة وعقيدة البشرية الضالة يحتاج إلى عوامل مساعدة في طريق الهداية.
انظر قوله تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ يونس (٨٨)
ومن الآية نفهم أنه البلاء بالعذاب الأليم مقدمة لتحقق الإيمان "للبعض" الذي يمكن أن يعمل معه ويؤثر به فعل الصدمة والخوف.
من هنا لعله نستطيع وضع فهم جديد يتناول فلسفة بعض جهات العلامات التي تتحدث عن البلاء والابتلاء الشديدين والغربلة والحروب والقتل والقتال قبيل الظهور وفي إرهاصاته وهي كثيرة العدد والروايات.
ليس لعله، فالحكمة وراءها فقط على حيثية استئصال عناصر الانحراف والفساد وتهيئة الظروف المساعدة لإنجاح ثورة الظهور والإصلاح العالمية، بل تختزن في داخلها رحمة قبل العذاب ولعلهم يهتدون.
من هنا تبقى قاعدة الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكرة فاعلة عاملة على طول خط الغيبة الكبرى وكلاً بسعته سواء على مستوى الفرد والعائلة والمجتمعات المختلفة الحيثيات والدولة والديانة الحق لأن في هذا وسيلة لتحقق أحد شرائط اليوم الموعود لظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
وعليه (انتبه) وعلى أساس قاعدة قانون ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم﴾ مَنْ ينتظر مَنْ؟ هل نحن ننتظر الإمام الحجة (عجّل الله فرجه) أم هو الذي ينتظرنا؟
ولقد علمت أنّ الانتظار يُحمل بالمعنى الإيجابي العملي الفاعلي من حيث الاستعداد والجهاد وتهيئة كل الظروف المناسبة للظهور.
وتهيئة الظروف المناسبة للظهور تتطلّب من جملتها وأهمها معرفة شرائط الظهور المتعلقة بنا وباستحقاقاتنا اتجاه تعجيل الفرج، ومن هنا سيكون حسن التدين وفق المذهب الحق هو أولى وأحسن وسيلة لحسن الانتظار وتعجيل الفرج.
فتأمل.