أقلامهم تتحدث عن المهدي (عجّل الله فرجه) ودولة آخر الزمان (٥)
نصوص نستقيها من مداد علماء أهل السنة وما خطته أقلامهم لتسطر لنا ألواحاً في حق الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) والانتظار وآخر الزمان والعدل الإلهي والقسط المحمدي
الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي
يعتبر الألباني ناصر الدين من العلماء السلفيين المعاصرين الذي أسهم كثيرا في إرساء دعائم المذهب السلفي وله مؤلفات كثيرة في أصول العقيدة وأصول الفقه، وفتاوى شملت اغلب وقائع الحياة وله إلمام بالقضايا التاريخية وتحقيقات في علم الرجال، ويعتبر الركن الثاني من أركان المدرسة السلفية في عقد الثمانينات بعد الشيخ ابن باز مفتي السعودية.
الكلام الذي يصدر من الألباني باعتبار أن له مساحة واسعة وجمهوراً عريضاً لان من يتبع كلامه جمهور غفير من المدرسة السلفية، فهو ذا قيمة عالية لكونه عنصر احتجاج يضاف إلى العناصر التي تتمتع بها القضية المهدوية.
يقول ناصر الدين الألباني في مجلة (التمدن الإسلامي) المنتشرة سابقاً في دمشق وهي مجلة مشهورة ومعروفة بمقال له حول المهدي (عجّل الله فرجه): (أما مسالة المهدي فليعلم أن في خروجه أحاديث كثيرة صحيحة، ثم يقول وأنا مورد هنا أمثلة منها ثم معقب ذلك بدفع شبهة الذين طعنوا فيها ويذكر حديث (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم))، ثم يذكر طرق الحديث، فيقول: (بعد ذلك الأحاديث الواردة في المهدي (عليه السلام) على اختلاف رواياته كثيرة جداً تبلغ حد التواتر)، ثم يأتي إلى ذكر شبهات حول أحاديث المهدي (عجّل الله فرجه) فيقول: (ثم أن سيد رشيد أو غيره لم يتتبعوا ما ورد في المهدي (عليه السلام) من الأحاديث ولا توسعوا في طلب ما لكل حديث منها)، إلى أن يقول: (إن سيد رشيد (رحمه الله) ادعى أن أسانيدها لا تخلوا عن شيعي مع أن الأمر ليس كذلك على الإطلاق على أنه لو صحت هذه الدعوى لم يقدح ذلك في صحة الأحاديث لأن العبرة في الصحة إنما هو الصدق والضبط وأما الخلاف المذهبي فلا يشترط في ذلك، وقد يعل بعلة أخرى بزعمهم أن أحاديث المهدي (عجّل الله فرجه) سبب لحمل المسلمين على الاتكال عليها وانتظار خروج المهدي وعلى ترك الأخذ بأسباب الحياة والقوة والمنعة وهذا خطأ يشبه معالجة المعتزلة للآيات فإنهم اشتهروا بتأويلهم للآيات وردهم للأحاديث الصحيحة أما أهل السنة فكانوا يؤمنون بهذه الآيات على ظاهرها وكذلك القول في أحاديث المهدي (عجّل الله فرجه) فانه ليس فيها ما يدل ويشير أدنى إشارة إلى أن المسلمين لا نهضة لهم ولا عز قبل خروج المهدي (عجّل الله فرجه)، ومن شبهات بعض الناس أن عقيدة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) قد استغلها بعض الدجالين فادعوا المهدوية لأنفسهم وشقوا بسبب ذلك صفوف المسلمين وفرقوا بينهم ويستقصي أفراداً من هؤلاء الأدعياء كأحمد القادياني وغيرهم ويرد عليهم أن خلاصة القول أن عقيدة خروج الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) عقيدة ثابتة متواترة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يجب الإيمان بها لأنها من أمور الغيب وأن إنكارها لا يصدر إلا من جاهل أو مكابر) انتهى كلامه.
وهذه المقاطع التي اخترناها من المقال الطويل للالباني تدل بشكل واضح على أن المهدوية عقيدة وليست مجرد روايات رويت عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأرشفت تاريخياً، بل لابد من الإيمان بها وأن هذا الاعتقاد من واجبات الدين ولا يجوز إنكاره.
والألباني هذا نجده يدخل في عمق القضية المهدوية فيتحدث عن تفاصيلها ثم ينتقل إلى جانب آخر من حيثياتها فيرد الشبهات التي ترد عليها ويدافع عنها ويشيد أركانها وينتقل انتقالة ثالثة ليدفع ما يقال من أن المهدوية والانتظار يقعد الناس عن العمل والترويج للإسلام فيدفع ذلك ويبين أن الإيمان بالانتظار لا يستلزم القعود وينتقل إلى جانب رابع في القضية المهدوية ويبين أن انتحال المهدوية من قبل بعض الدجالين لا يعتبر عنصر تشكيك فيها بل هو عنصر قوة لها لأنها باتت من الوضوح بمكان حتى أن هؤلاء تقمصوها ليتزلفوا من خلالها إلى تحصيل مقامات ووجاهات، ثم يختم كلامه بتواتر القضية ووجوب الإيمان بها.
وهذا الكلام من هذا الشيخ السلفي يعتبر عنصراً من عناصر الاستدلال لا لنفس الشخص الذي يؤمن بالقضية المهدوية من أتباع مذهب أهل البيت (عليهم السلام) وإنما لأجل الاحتجاج والمخاصمة لمن ينكر هذه القضية ويحاول إبرازها بشكل وكأنها قضية شيعية صرفة.