دعاء أيّام الغيبة
بسم الله الرحمن الرحيم
اللّهم ادْفَعْ عَنْ وَلِيِّكَ وَخَليفَتِكَ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَلِسانِكَ الْمُعَبِّرِ عَنْكَ بِإِذْنِكَ، اَلنَّاطِقِ بِحِكْمَتِكَ(١)، وَعَيْنِكَ النَّاظِرَةِ عَلى بَرِيَّتِكَ، وَشاهِدِكَ عَلى خَلْقِكَ(٢)، اَلْجَحْجاحِ(٣) الْمُجاهِدِ، اَلْعائِذِ بِكَ عِنْدَكَ.
وَأَعِذْهُ مِنْ شَرِّ جَميعِ ما خَلَقْتَ وَبَرَأْتَ، وَأَنْشَأْتَ وَصَوَّرْتَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمينِهِ وَعَنْ شِمالِهِ، وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ بِحِفْظِكَ الَّذي لا يَضيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ، وَاحْفَظْ فيهِ رَسُولَكَ وَآباءَهُ، أَئِمَّتَكَ(٤) وَدَعائِمَ دينِكَ.
وَاجْعَلْهُ في وَديعَتِكَ(٥) الَّتي لا تَضيعُ، وَفي جِوارِكَ الَّذي لا يُخْفَرُ(٦)، وَفي مَنْعِكَ وَعِزِّكَ الَّذي لا يُقْهَرُ، وَآمِنْهُ بِأَمانِكَ الْوَثيقِ، اَلَّذي لا يُخْذَلُ مَنْ آمَنْتَهُ بِهِ، وَاجْعَلْهُ في كَنَفِكَ الَّذي لا يُرامُ مَنْ كانَ فيهِ، وَأَيِّدْهُ(٧) بِنَصْرِكَ الْعَزيزِ، وَأَيِّدْهُ بِجُنْدِكَ الْغالِبِ، وَقَوِّهِ بِقُوَّتِكَ، وَأَرْدِفْهُ بِمَلائِكَتِكَ، وَوالِ مَنْ والاهُ، وَعادِ مَنْ عاداهُ، وَأَلْبِسْهُ دِرْعَكَ الْحَصينَةَ، وَحُفَّهُ بِالْمَلائِكَةِ حَفّاً.
اللّهم وَبَلِّغْهُ أَفْضَلَ ما بَلَّغْتَ الْقائِمينَ بِقِسْطِكَ مِنْ أَتْباعِ النَّبِيّينَ. اللّهم اشْعَبْ بِهِ الصَّدْعَ، وَارْتُقْ بِهِ الْفَتْقَ، وَأَمِتْ بِهِ الْجَوْرَ، وَأَظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ، وَزَيِّنْ بِطُولِ بَقائِهِ الْأَرْضَ، وَأَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ، وَانْصُرْهُ بِالرُّعْبِ، وَقَوِّ ناصِريهِ، وَاخْذُلْ خاذِليهِ، وَدَمْدِمْ عَلى مَنْ نَصَبَ لَهُ، وَدَمِّرْ مَنْ غَشَّهُ(٨).
وَاقْتُلْ بِهِ جَبابِرَةَ الْكُفْرِ(٩)، وَعُمُدَهُ وَدَعائِمَهُ، وَاقْصِمْ بِهِ رُؤُوسَ الضَّلالَةِ وَشارِعَةَ الْبِدَعِ، وَمُميتَةَ السُّنَّةِ، وَمُقَوِّيَةَ الْباطِلِ، وَذَلِّلْ بِهِ الْجَبَّارينَ، وَأَبِرْ بِهِ الْكافِرينَ وَجَميعَ الْمُلْحِدينَ، في مَشارِقِ الْأَرْضِ وَمَغارِبِها، وَبَرِّها وَبَحْرِها، وَسَهْلِها وَجَبَلِها، حَتَّى لاتَدَعَ مِنْهُمْ دَيَّاراً، وَلا تُبْقِيَ لَهُمْ آثاراً.
اللّهم طَهِّرْ مِنْهُمْ بِلادَكَ، وَاشْفِ مِنْهُمْ عِبادَكَ، وَأَعِزَّ بِهِ الْمُؤْمِنينَ، وَأَحْيِ بِهِ سُنَنَ الْمُرْسَلينَ، وَدارِسَ حِكْمَةِ النَّبِيّينَ، وَجَدِّدْ بِهِ مَا امْتَحى مِنْ دينِكَ، وَبُدِّلَ مِنْ حُكْمِكَ، حَتَّى تُعيدَ دينَكَ بِهِ، وَعَلى يَدَيْهِ غَضّاً مَحْضاً صَحيحاً، لا عِوَجَ فيهِ، وَلا بِدْعَةَ مَعَهُ، وَحَتَّى تُنيرَ(١٠) بِعَدْلِهِ ظُلَمَ الْجَوْرِ، وَتُطْفِئَ بِهِ نيرانَ الْكُفْرِ، وَتُوضِحَ بِهِ مَعاقِدَ الْحَقِّ وَمَجْهُولَ الْعَدْلِ.
فَإِنَّهُ عَبْدُكَ الَّذِي اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ، وَاصْطَفَيْتَهُ مِنْ خَلْقِكَ، وَاصْطَفَيْتَهُ عَلى عِبادِكَ(١١)، وَائْتَمَنْتَهُ عَلى غَيْبِكَ، وَعَصَمْتَهُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَبَرَّأْتَهُ مِنَ الْعُيُوبِ، وَطَهَّرْتَهُ مِنَ الرِّجْسِ، وَسَلَّمْتَهُ مِنَ الدَّنَسِ.
اللّهم فَإِنَّا نَشْهَدُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ، وَيَوْمَ حُلُولِ الطَّامَّةِ، أَنَّهُ لَمْ يُذْنِبْ ذَنْباً وَلا أَتى حَوْباً، وَلَمْ يَرْتَكِبْ مَعْصِيَةً، وَلَمْ يُضَيِّعْ(١٢) لَكَ طاعَةً، وَلَمْ يَهْتِكْ لَكَ حُرْمَةً، وَلَمْ يُبَدِّلْ لَكَ فَريضَةً، وَلَمْ يُغَيِّرْ لَكَ شَريعَةً، وَأَنَّهُ الْهادي الْمَهْدِيُّ(١٣) الطَّاهِرُ التَّقِيُّ النَّقِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ.
اللّهم أَعْطِهِ في نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ، وَوُلْدِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، وَاُمَّتِهِ وَجَميعِ رَعِيَّتِهِ، ما تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ(١٤)، وَتَسُرُّ بِهِ نَفْسَهُ، وَتَجْمَعُ لَهُ مُلْكَ الْمُمْلَكاتِ(١٥) كُلِّها، قَريبِها وَبَعيدِها، وَعَزيزِها وَذَليلِها، حَتَّى يَجْرِيَ حُكْمُهُ(١٦) عَلى كُلِّ حُكْمٍ، وَيَغْلِبَ(١٧) بِحَقِّهِ كُلَّ باطِلٍ.
اللّهم اسْلُكْ بِنا عَلى يَدَيْهِ مِنْهاجَ الْهُدى، وَالْمَحَجَّةَ الْعُظْمى، وَالطَّريقَةَ الْوُسْطى، اَلَّتي يَرْجِعُ إِلَيْهَا الْغالي(١٨)، وَيَلْحَقُ بِهَا التَّالي، وَقَوِّن(١٩) عَلى طاعَتِهِ، وَثَبِّتْنا عَلى مُشايَعَتِهِ، وَامْنُنْ عَلَيْنا بِمُتابَعَتِهِ، وَاجْعَلْنا في حِزْبِهِ الْقَوَّامينَ بِأَمْرِهِ، اَلصَّابِرينَ مَعَهُ، اَلطَّالِبينَ رِضاكَ بِمُناصَحَتِهِ، حَتَّى تَحْشُرَنا يَوْمَ الْقِيامَةِ في أَنْصارِهِ وَأَعْوانِهِ وَمُقَوِّيَةِ سُلْطانِهِ.
اللّهم وَاجْعَلْ ذلِكَ لَنا خالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَشُبْهَةٍ وَرِياءٍ وَسُمْعَةٍ، حَتَّى لا نَعْتَمِدَ بِهِ غَيْرَكَ، وَلا نَطْلُبَ بِهِ إِلّا وَجْهَكَ، وَحَتَّى تُحِلَّنا مَحَلَّهُ، وَتَجْعَلَنا فِي الْجَنَّةِ مَعَهُ، وَأَعِذْنا مِنَ السَّآمَةِ وَالْكَسَلِ وَالْفَتْرَةِ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ تَنْتَصِرُ بِهِ لِدينِكَ، وَتُعِزُّ بِهِ نَصْرَ وَلِيِّكَ، وَلا تَسْتَبْدِلْ بِنا غَيْرَنا، فَإِنَّ اسْتِبْدالَكَ بِنا غَيْرَنا عَلَيْكَ يَسيرٌ، وَهُوَ عَلَيْنا عَسيرٌ(٢٠).
اللّهم صَلِّ عَلى وُلاةِ عَهْدِهِ، وَالْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ، وَبَلِّغْهُمْ آمالَهُمْ، وَزِدْ في آجالِهِمْ، وَأَعِزَّ نَصْرَهُمْ، وَتَمِّمْ لَهُمْ ما أَسْنَدْتَ إِلَيْهِمْ في أَمْرِكَ(٢١) لَهُمْ، وَثَبِّتْ دَعائِمَهُمْ، وَاجْعَلْنا لَهُمْ أَعْواناً، وَعَلى دينِكَ أَنْصاراً، فَإِنَّهُمْ مَعادِنُ كَلِماتِكَ، وَأَرْكانُ تَوْحيدِكَ، وَدَعائِمُ دينِكَ، وَوُلاةُ أَمْرِكَ، وَخالِصَتُكَ مِنْ عِبادِكَ(٢٢)، وَصَفْوَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَوْلِيائُكَ وَسَلائِلُ أَوْلِيائِكَ، وَصَفْوَةُ أَوْلادِ رُسُلِكَ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ(٢٣) (٢٤).
الهوامش:
(١) بِحُكْمِكَ، خ.
(٢) عِبادِكَ، خ.
(٣) المِحجاج: وهو السيّد الشجاع، خ. الجحجاح: السيّد المسارع في المكارم.
(٤) وآباءُ أئمّتك، خ.
(٥) ودائعك، خ.
(٦) لا يُحْقَرُ، خ. اخفرته: أي نقضت عهده وغدرت به.
(٧) وَانْصُرْهُ، خ.
(٨) دمدم على من نصب له وعلى من غشّه، خ.
(٩) الكَفرة، خ.
(١٠) تُبين، خ.
(١١) واصطنعته على عينك، خ.
(١٢) لا يضيِّع، لم يُضع، خ.
(١٣) المُهتدي، خ.
(١٤) تقرّ به عينه، خ.
(١٥) المملكات، خ.
(١٦) يُجْرِيَ حكمَهُ، خ.
(١٧) تغلب، خ.
(١٨) في البحار: القالي، وهو تصحيف.
(١٩) في البحار: وقوفاً، وهو تصحيف.
(٢٠) كبير، كثير، خ.
(٢١) من أمرك، خ.
(٢٢) بين عبادك، خ.
(٢٣) جمال الاُسبوع: ٣٠٧، كتاب في الزيارات والأدعية (المخطوط): ٣٠٨. وفي مصباح المتهجّد: ٤٠٩، المصباح: ٧٢٦، والبلد الأمين: ١٢٢ بتفاوت، ورواه السيّد رحمه الله مع زيادة ونقصان في مصباح الزائر: ٤٥٧، الصحيفة المباركة المهدوية.
(٢٤) حدّثني الجماعة الّذين قدّمت ذكرهم في عدّة مواضع من هذا الكتاب بإسنادهم إلى جدّي أبي جعفر الطّوسي تلقاه الله جلّ جلاله بالأمان والرّضوان يوم الحساب، قال: أخبرنا ابن أبي الجيّد، عن محمّد بن الحسن بن سعيد بن عبد الله والحميري وعليّ بن إبراهيم، ومحمّد بن الحسن الصفّار، كلّهم عن إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مولد وصالح بن السنديّ، عن يونس بن عبد الرّحمن.
ورواه جدّي أبي جعفر الطوسي فيما يرويه عن يونس بن عبد الرّحمن بعدّة طرق تركت ذكرها كراهيّة للإطالة في هذا المكان، يروي عن يونس بن عبد الرّحمن: أنّ الرّضا (عليه السلام) كان يأمر بالدّعاء لصاحب الأمر (عليه السلام) بهذا: (اللّهم ادْفَعْ...).