الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٣٠٦) ثقافة الانقياد المهدوي وأثرها الفكري والعملي
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٣٠٦) ثقافة الانقياد المهدوي وأثرها الفكري والعملي

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٣/٠٦/٠٥ المشاهدات المشاهدات: ٣٥٨٠ التعليقات التعليقات: ٠

ثقافة الانقياد المهدوي وأثرها الفكري والعملي

الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي

تمثل الاستقامة التي تولدها حالة الانقياد المنضبط المخلص الوحيد لتحقيق السعادة الدنيوية والفوز الأخروي.
ولا يخلو فرد خلقه الله تعالى من حالة الانقياد على المستوى الفكري، والعقدي، والسلوكي، وفي جميع المناحي، الاجتماعية، والسياسية، والمالية، والأسرية، والفردية.
وإنّ هوية الإنسان تتشكل من خلال حالات الانقياد التي تفرض عليه، وهي أمّا هوية فكرية، أو عقائدية، أو سياسية، أو اجتماعية، أو أسرية:
فالفكرية - هي الأفكار - وهو -أي الإنسان- أمّا منضبط أو متحلل أمّا ديني، أو علماني، وهكذا.
أمّا العقائدية - فهي العقائد - وهو أما إسلامي أو يهودي أو مسيحي أو بوذي، وهكذا.
وفي الهوية السياسية والاجتماعية والأسرية -فهو ابن فلان- من البلد الفلاني، أو من الطبقة الفلانية، أو من الحزب الفلاني وهكذا.
فمن ينقاد لهم الإنسان يشكّلون له هويته.
فإذا كان انقياد الإنسان واعياً ومنضبطاً، ومنطلقاً من أسس وقواعد كان مثمراً وإلا فلا.
إذن فالانقياد: أما واع ومنضبط أو منفلت وغير واع. والانقياد المنضبط والواعي لابد له من معرفة.
وهنا قاعدة علوية، وهي: (أوّل الدين معرفته).
فإذا كان الدين من الله، ولا يتدخل في تكوينه أحد، ومع ذلك فإن أوّل الأشياء فيه المعرفة، فما بالك بالأشياء التي نكوّنها ونتدخل في إيجادها، فلابد أنْ تكون المعرفة أكثر حاجة مضرورة فيها.
إذن ثقافة الانقياد أمر لا مفر منه، لكن لابد أنْ نعرف من ننقاد له نظرياً، ونطبّق ذلك الانقياد عملياً.
ملاحظة مهمة:
إنّ الانقياد - هو استقامة، وهو هداية، وهو طلب النجاح، لانّ غير المنقاد لا يقدر على تحصيل هذه الأشياء، فالانقياد يساوي الهداية.
وعلى هذا سنبحث في الهداية بمعنى (الانقياد المهدوي) نظرياً، وعملياً.
حيث قلنا إنّ حقيقة الإتباع هي الهداية، فلابد أنْ نقول إنها لا تنفك عن المهدوية، فحقيقة المهدوية الظاهرة من مجموع ما دلت عليه آثارها هي: (إرجاع الناس وإهداؤهم إلى الاستقامة التي اريدت لهم من قبل خالقهم، وتحقيق العدل والقسط لهم برفع الظلم عنهم).
البعد النظري ودلائله: الفطرة الإنسانية، القرآن الكريم، والسنّة النبوية.
أ. الفطرة الإنسانية:
إذ أنها باحثة عن القدوة الحسنة التي تهديها، وقد سطّرت مسيرة البشرية آلاف الأنواع المختلفة من الاقتداء، والبحث عن القدوة الحسنة لأجل الإتباع.
فهي تنشد العدل الكامل، والإسوة الهادية، وإنْ لم تعرف أنّها مشخصة بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
ب. القرآن الكريم:
وهو الآخر أكّد هذه الحالة الفطرية ودعا لها من خلال جملة آيات منها:
- ﴿إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدي لِلَّتي‏ هِيَ أَقْوَمُ﴾.
- ﴿هُوَ الَّذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى‏ وَدينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ﴾.
فعبّر عن هذه الفطرة بـ(الهداية)، وعن تحققها مهدوياً ولو بعد حين بـ(الاظهار).
ج. السنّة النبوية:
وقد جعلت الاقتداء بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أو قمة الهرم في الوصول إلى الهداية المنشودة.
حيث جعلته الأمان من الانزلاق وعلى كل المستويات التي تقدمت وعلى طول خط الوجود. وذلك بقرينة القرن بالحبل الإلهي المجعول حرزاً للبشرية وأمناً من انحرافها، كما هو مفاد حديث الثقلين.
هذا كله في البعد النظري... وهو واضح لدينا تماماً، فيبقى الكلام في البعد العلمي، وبشكل مختصر نقول:
البعد العملي:
وهو على شكل خطوات هي:
أولاً: لابد أنْ نجعل هذه القضية (قضية الانقياد المهدوي والاهتداء به) أولى الأوليات.
فبقدر ما تجعل وتوجد في نفسك الاهتمام بالإمام ينعكس ذلك على سلوكك.
وبمقدار ما يرى منك الإمام ذلك فسوف يفيض عليك.
وشواهد ذلك من التاريخ الإسلامي
- قول الإمام علي (عليه السلام): (ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله قبله وبعده ومعه وفيه) وهنا اجعل الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) قبل كل الأشياء التي تديرها مهما صغرت أو كبرت واجعله بعدها وجعله معها وفيها وستجد حتماً آثار ذلك.
- وفي حديث الإمام الرضا (عليه السلام): (هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها... الإمامة هي الدال على الهدى) فالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو الدال على الهدى.
- ما ورد في الزيارة، حيث نجد من ذلك:
- وجعلكم المسلك إلى رضوانه. وهو واضح جداً في دلالته على الهدى بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
- من أراد الله بدأ بكم. فإذا كانت البداية بهم فلابد أنْ تكون الهداية على طول الخط منحصرة بالكون.
- أين باب الله الذي منه يؤتى؟ فهو الباب الوحيد الذي يدخله السالكون لطلب هداية رب العالمين.
- قول الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) -(إنّا نحيط علماً بأنبائكم... إنّا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم).
ثانياً: لابد من المحاسبة الدقيقة للنفس في كل الأوقات، وملاحظة المؤشرات في التقدم أو التراجع في هذه العلاقة مع الإمام (عجّل الله فرجه).
وشاهد ذلك: (حاسبوا أنفسكم قبل أنْ تحاسبوا وزنوها...).
ثالثاً: صراع الإرادات، وتقديم إرادة الإمام (عجّل الله فرجه) على إرادة نفسه -أي الإنسان-.
ونعيد هنا مقولة أمير المؤمنين (عليه السلام): (ما رأيت شيئاً إلا ورأيت المهدي قبله وبعده ومعه وفيه).
* أي أنّه قبل العمل، قبل العلم، قبل الأسرة، قبل الأفكار، قبل كل شيء يمثل وجودي، لابد أنْ ألحظ الوجود المهدوي. مع إرادتي ورغبتي. وأقدم من وإرادة من تتقدم.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016