مولدُهُ ونشأته:
ولد سماحة آية الله العظمى السيد الموسوي الاردبيلي دام ظله في الثالث عشر من شهر رجب لسنة ١٣٤٤ ه ق الموافق لسنة ١٩٢٦م في محافظة أَردبيل وهو ينتسب لاسرة دينية عريقة. والده هو العالم الجليل المرحوم السيد عبدالرحيم ووالدته هي إحدى العلويات الطاهرات والتي توفيت في سنة ١٩٢٨م فترعرع في أَحضان شقيقاته.
ومنذ الطفولة قرأ المستقبل في جبينه والنبوغ في قابلياته حيث أثّر اليتم ايجابياً في سلوكه وكماله ويتحدث سماحته عن ذكرياته في الطفولة فيسرد ما رآه في منامه قائلاً: «لقد كنت في طفولتي متلهفا لرؤية ولقاء الحجة ابن الحسن(عج) ولهذا قمتُ بجميع الاعمال المذكورة في الكتب بما يرتبط بلقاء الامام عليه السلام كما أجهدت نفسي في الاتيان بالمستحبات حتى رأيته عليه السلام في المنام ثم القيتُ نفسي في حضنه كما يفعل الاطفال عند آبائهم فانكببتُ الثم أقدامه ثم التمسته ان يهبني شيئاً فما كان الا ان خلع خاتمه «الفيروزج» من اصبعه الشريف ووضعه في إِصبعي وحين قصصتُ رؤياي على والدي قال: لا أخشى عليك بعد الان لانك ستكون في رعاية والطاف إِمام العصر والزمان عليه السلام.
بداية الدراسة الحوزوية:
لقد بدأ سماحة آية الله العظمى السيد الموسوي الاردبيليدامظله دراسته في السادسة من عمره حين التحق بالكتاتيب لتعلم القرآن الكريم وآنذاك درس على يد معلميه الرسالة العملية، تنبيه الغافلين، نصاب الصبيان، ابواب الجنان، مجالس المتقين، تاريخ المعجم، الدُّر النادر، تاريخ الوصّاف، الحساب والأدب الفارسي وبعض الكتب الاخرى.
ثم شرع بدراسة اللغة العربية سنة ١٩٣٩م ولأجل اكمال دراسته الحوزوية التحق بمدرسة الملّا ابراهيم العلمية في محافظة أَردبيل سنة ١٩٤٠م.
ولم تكن آنذاك في أَردبيل الّا ثلاث مدارس للعلوم الدينية وهي مدرسة الميرزا علياكبر والتي تحولت الى مدرسة ابتدائية والمدرسة الصالحية والتي اصبحت مأوى للمهاجرين من القفقاز ولم تبق الا مدرسة الملّا ابراهيم ولم يتجاوز عدد طلابها الاربعة أشخاص حيث لم يكن هناك دافعاً للدراسة الحوزوية وفي تلك الظروف الصعبة استمر السيد في دراسته حيث اكمل دروسه في تلك المدرسة وهي: جامع المقدمات، السيوطي، الجامي، المطوّل، حاشية الملاّ عبد الله، الشمسية، والمعالم والشرايع وكان ذاك سنة ١٩٤٣م.
وقد ازدادت رغبة الشباب على دراسة العلوم الدينية ابان هروب رضا بهلوي فانخرط عدد منهم في مدرسة الملّا ابراهيم وقد شجع التحاق هؤلاء الطلبة الشباب السيد الاردبيلي دام ظله على القاء دروسه عليهم في المقدمات كالصرف والنحو والمنطق ولم يكتف بهذا بل اندفع وحرصاً على ملئ الفراغ الثقافي الذي خلفته الأعوام العشرين من الحكم الاستبدادي لرضا خان باقامة مجالس الوعظ والارشاد والخطابة في محافظة أَردبيل والمناطق المحيطة بها.
الهجرة الى قم:
هاجر سماحة آية الله العظمى السيد الموسوي الاردبيلي مد ظله في شهر رمضان لعام ١٩٤٣م الى مدينة قم المقدسة لمواصلة دراسة السطوح العالية فأقام في المدرسة الفيضية ثلاث سنوات وقد تتلمذ في هذه الفترة على يد الاساتذة الاجلاء فدرس المكاسب والمجلّد الاول من الكفاية عند آية الله العظمى السيد محمد رضا الكلبايكاني قدس سره في حين درس البيع والمكاسب والمجلّد الثاني من الكفاية وشرح الهداية للميبدي عند آية الله العظمى الحاج السيّد أحمد الخونساريقدس سره والرسائل عند آية الله الحاج الشيخ مرتضى الحائريقدس سره وآية الله السلطاني قدس سره والمنظومة عند آية الله الحاج الميرزا مهدي المازندراني قدس سره والاسفار عند آية الله السيّد محمد حسين الطباطبائي قدس سره.
أَضف الى ذلك فان سيدنا الجليلدامظله لم يألُ جهداً في ترويج ونشر المعارف الدينية فطالما كان يقيم مجالس الوعظ والارشاد خاصةً أَيام التبليغ ليلقي خطاباته الحماسية فيوقظ الضمائر ويلهب العواطف.
وقد اضطربت الاوضاع في ايران وبضمنها قم في تلك السنين إبان الغزو الأجنبي لإيران واستمر الى فترة طويلة أما النجف فقد حافظت آنذاك على استقرارها السابق وهدوء محيطها العلمي وحيث كان سيدنا الاردبيلى دام ظله يبحث عن بيئة مستقرة ينهل من مائها العذب ليروي ظمأه العلمي فما كان منه الا ان يتجه الى النجف الاشرف.
الهجرة الى النجف الاشرف:
لقد صمم السيد الاردبيلي مد ظله على الهجرة الى النجف الأشرف فقصدها مع المرحوم الشيخ ابو الفضل حلالزاده اردبيلي في الاول من ذي الحجة ١٣٦٤ ه ق من مدينة قم بصورة سرِّية بسبب الحظر القانوني للسفر عن طريق خرمشهر وشط العرب فتمكنا من دخول محافظة البصرة العراقية وتجشم سماحة السيد بذلك أنواع العناء الذي يطول شرحه - وهو جدير بالسماع - وقد اجتاز مدينة العباسية ومحافظة الديوانية وأخيراً واثر العناية الالهية التحق عصر السابع من ذي الحجة لتلك السنة بمدرسة السيد كاظم اليزديقدس سره في النجف الاشرف. ويعتقد السيد الاردبيليدامظله اقامته في النجف حيث الهدوء والاستقرار والتفرغ للدراسة والتحقيق من أفضل أيام دراسته فتتلمذ آنذاك على يد كبار الاساتذة واِنهمك بتحقيق المسائل العلمية التي تطرح في الدروس الحوزوية وكذا قام بتحرير البعض من دروس اولئك الاجلّاء.
نشاطه العلمي في النجف:
وفي النجف الاشرف مدينة العلم والتقوى مدينة اميرالمؤمنينعليه السلام مقر الحوزة العلمية التي مضى على تأسيسها اكثر من الف عام وفي تلك الاجواء العرفانية تزود سماحة آية الله العظمى السيد الاردبيلي مد ظله من المعين العذب لكبار مراجع الطائفة في النجف الاشرف فدرس عند آية الله العظمى السيد الخوئي رحمه الله مباحث القطع والظن والبراءة والاشتغال وجزءً من مباحث الالفاظ وأما في الفقه فقد درس عنده ابواب الصلاة واوقاتها والقبلة ولباس المصّلي ومكان المصّلي وخلل الصلاة وشروطها حتى نهاية المكاسب. بينما درس مبحث الطهارة حتى آخر الوضوء عند آية الله العظمى السيد الحكيمرحمه الله، ودرس مبحث الاجتهاد والتقليد عند آية الله العظمى السيد الميلانيرحمه الله ومبحث بيع الصبي عند آية الله العظمى الشيخ محمد كاظم الشيرازي كما درس جزءً من العروة عند آية الله العظمى الشيخ محمد كاظم آل ياسين، وكذا درس الفلسفة من بداية الطبيعيات حتى نهاية المنظومة عند الاستاذ الشيخ الصدرا البادكوبي رحمه الله أَضِف الى ذلك فانه قام بتقرير دروس الآيات العظام السيد الخوئي والسيد الميلاني والسيد الحكيم قدس سرهم.
وقد كانت اقامة السيد الاردبيلي في النجف الاشرف عظيمة الفائدة حيث خلفت ثمارها اليانعة في شخصيته العلمية والثقافية ويرجع الفضل كله في ذلك لاساتذة الحوزة العلمية في النجف آنذاك والذين كانوا بحق من اساطين الفقه والاصول. ونرى من المناسب هنا ان نروي ما ذكره آية الله العظمى السيد الخوئي رحمه الله حيث اعرب عن تأسفه لقصر مدة تلمذة ثلاثة طلاب كانوا قد قصدوا النجف من قم وكان سيدنا الاردبيلي مد مظله واحداً من هؤلاء الثلاثة.
العودة إلى ايران:
بينما كان السيد يواصل دراسته في النجف الأشرف اذ وصلت إليه رسالة من ايران حاكية عن مرض والده الامر الذي جعله قلقاً مضطرباً فاضطر إلى مغادرة العراق والعودة إلى ايران. فعاد الى ايران عام ١٩٤٨م واقام في المدرسة الفيضية في مدينة قم المقدسة وكان قد ترك جميع ما يملكه في النجف الأشرف أملاً في الرجوع اليها بأسرع وقت ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ولم يتسنّ له السفر ثانية للدراسة في النجف. وبعد ان اطمئن على تحسن صحة والده اشترك في دروس البحث الخارج في الفقه عند آية الله العظمى البروجردي قدس سره وفي خارج الفقه والاصول عند آية الله الداماد رحمه الله والفلسفة عند العلاّمة الطباطبائي رحمه الله وفي درس الاخلاق عند آية الله العظمى السيد الخمينيرحمه الله وحضر دروس الفقه الخصوصية لآية الله العظمى السيد الكلبايكاني وآية الله الشيخ مرتضى الحائري وآية الله العظمى السيد أحمد الخونساري قدس سرهم.
ثم ان التدريس كان من اهم السنن الحوزوية العريقة والذي كان له الاثر الفعال في تنمية الروح العلمية والاعداد التربوي لطلبة الحوزة واتباعاً لهذه السنة الحسنة قام سيّدنا الجليل بتدريس الرسائل والمكاسب والكفاية والمنظومة للطلبة ذوي القابليات المناسبة وغالباً ما كانت حلقات الدروس تقام بصورة عمومية والى جانب ذلك كان يلقي دروسه الخصوصية خارج الفقه والاصول لبعض الطلبة الراغبين بها.
إن السيد الأردبيلى مد ظله لم تنحصر نشاطاته في قم بالدرس والتدريس فقط بل كانت له نشاطات اخرى في جنبهما وهي كما تلي.
النشاطات القرآنية:
لقد كانت البحوث القرآنية والتفسير واحدة من النشاطات التي مارسها سيدنا الجليل اثناء اِقامته في قم فكانت تقام يومين في الاسبوع ويحضرها عدد من الفضلاء واستمرت هذه الجلسات بشكل منظم ومستمر طيلة مدة اقامته في قم ولم تتوقف حتى بعد هجرته بل نهض بها من ينوب عنه وهي قائمة حتى يومنا هذا وقد واصل حفظه الله جلساته القرآنية في محافظتي اردبيل وطهران وتُعد اليوم بحوثه القرآنية ودراساته لعلوم القرآن والتفسير من ابرز نشاطاته التي غالباً ما تدون على شكل مقالات في المجلات والنشريات المختلفة.
نَشْرُ مجلة:
لقد اشترك السيد دام ظله اثناء اقامته في قم مع بعض فضلاء وعلماء الحوزة العلمية ولاول مرة في إِصدار مجلة يطلق عليها «مكتب إسلام» (المدرسة الإسلامية) وقد حظيت بالاستقبال الفريد. وحيث ان السيد يعد واحداً من مؤسسي تلك المجلة فكانت تنشر مقالاته فيها ويمكن الاشارة لسلسة بحوثه فيها وهي: «الدين من وجهة نظر القرآن» ومقالات اُخرى ك «القرآن أو الشمس التي لن تغيب» و «طوفان نوح». وقد استمر دعم السيد دام ظله لهذه المجلة لتسع أعداد ثم توقف دعمه اِثر هجرته من قم المقدسة.
النشاط التبليغي:
لا يخفى ان نشر وتبليغ المسائل الدينية والاحكام الالهية يعدّ من أهم وظائف العلماء العاملين وعلى هذا الاساس كان السيد يستفيد من أيام التعطيل للدروس الحوزوية مسافراً لاقصى نقاط البلد قائماً بمهمة الوعظ والارشاد في المناطق المختلفة.
العودة الى أردبيل:
لقد تدهورت الحالة الصحيّة للسيددامظله في شهر رمضان عام ١٩٥٩م اثر تفاقم أَنشطته العلمية والتبليغية والثقافية وقد نصحه الاطباء بتغيير محل سكنه والحد من ضغوط الاعمال حتى غادر قم سنة ١٩٦٠م متوجهاً نحو أَردبيل لقضاء العطلة الصيفية هناك فاقام مجالس الوعظ والارشاد في مسجد المرحوم الحاج السيّد صالح ثم قام بترميم واعادة بناء مدرسة الملّا ابراهيم المجاورة للمسجد وعلى رغم رغبته بالعودة الى قم بعد انتهاء فصل الصيف بقي بشكل موقت هناك حتى انتهاء السنة استجابة لإصرار علماء أَردبيل وجماهيرها ولكن عدم اكتمال بعض الاعمال أدى به الى المكث هناك حتى سنة ١٩٦٨م ولا بأس بالاشارة لبعض نشاطاته في تلك الفترة.
النشاط العلمي:
لقد هاجر عدد كبير من طلبة قم المقدسة الى أَردبيل حيث اِقامة السيددامظله ليدرسوا على يده السطوح العالية كالرسائل والمكاسب والكفاية ثم شرع في دروس البحث الخارج في الفقه والاصول.
كما نهض حفظه الله ببقية الاعباء كالتدريس والادارة وترميم بناء الحوزة والمدارس وتغطية نفقات الطلبة ومساعدتهم وايفاد عدد منهم للقرى والارياف ومعالجة مشاكلهم بالقدر المستطاع التبليغ.
لم يتوقف لسانه الوعظي طوال هذه المدة فكان يعتلي المنبر بعد صلاتي العشائين ويلقي محاضراته في الهداية والارشاد وتناول الايات القرآنية بالشرح والتفسير وكذا جلساته الاسبوعية التي كان يشكلها في بيوت ابناء مدينته.
النشاط الاقتصادي:
بما ان مدينة أردبيل من المدن المحرومة واغلب سكانها من الفقراء اهتم سيدنا دامظله بحرص بشؤون المستضعفين والفقراء فصمم على مكافحة الفقر واغاثة المحرومين وبعد سلسلة من التحقيقات حول المنطقة عيَّن عدة أشخاص مهمتهم جباية الصدقات المستحبة والانفاق. وفي هذا الصدد تقرر بناء مؤسسة تعني بتعليم الفقراء فن الصناعات اليدوية وبيع أَعمالهم في الاسواق واعطائهم حصةً من عوائدها. وقد أخذت تلك المؤسسة بالتقدم شيئاً فشيئاً فكانت عوناً مادياً كبيراً للكثير من الفقراء والمستضعفين.
تأليف كتاب (جمال أبهى):
كان مبلغوا الفرقة البهائية(والبهائية دين ابتدعه علي محمد باب قبل حدود ١٥٠ سنة وادعى النبوة ثم قُتل وجاء بعده عبدالبهاء وهو احد تلامذة علي محمد باب فادعى النبوة هو ايضاً فسُمي مذهبه بالبهائية) يترددون كثيراً على محافظة أَردبيل خاصة عند اعتدال الطقس ولطافة الجو في فصل الصيف - وذلك لعدة اسباب تاريخية يطول ذكرها هنا - وكان اكثر حضّار مجالسهم من الشباب والطلاب فكان البعض منهم ممن يحضر هذه المجالس يتصل بآية الله العظمى السيّد الموسوي الاردبيليدامظله ويسألونه عما يطرحه البهائيون في مجالسهم من معتقدات فاسدة مطالبين سماحته بالجواب المناسب فكان سماحته يشير عليهم بسماع احاديثهم واستدلالاتهم بدون الردّ عليهم حتى حين ولاجل تنظيم الاسئلة والاجوبة لم يكن بُدٌّ من مراجعة أصول البهائية والتعرف على مصادرهم الرئيسية ولكونهم يمتلكون مكتبة في أَردبيل أصبح بالامكان التعرف على افكارهم وعقائدهم حتى انتهى الأمر بجمع كل هذه الاسئلة والاجوبة والملاحظات المرتبطة بفرقة البهائية فأصدر سماحته كتاباً عنوانه (جمال أبهى)حيث طبع منه عشرة آلاف نسخة وقد نفدت كلها من الاسواق وادى هذا الكتاب الى تسلح الشباب بسلاح العلم للرد على شبهات العصابة البهائية.
اقامته ونشاطه في طهران:
جراء الضغوط الشديدة التي تعرض لها سماحة السيد الاردبيلي غادر اردبيل الى طهران. فدخل سماحته طهران في صيف عام ١٩٦٨م ثم مهدت الظروف لامامة صلاة الجماعة في مسجد أَميرالمؤمنينعليه السلام وهكذا نقل عائلته هناك رغم مخالفة اصحابه وابناء محافظته لهجرته.
وبالاضافة لاقامته صلاة الجماعة وخطاباته في مسجد أميرالمؤمنينعليه السلام شرع بتدريس الفقه (كتاب الخمس) في بحثه الخارج وكذا المجلد الاول من الاسفار بالاضافة الى انه شكل حلقات للابحاث الفلسفية لاصحابه من ذوي الاستعداد. ثم تناول التحقيق والدراسة في العلوم القرآنية حيث شدَّ أَزره الكثير من العلماء وفضلاء الحوزة العلمية.
وبالنظر لكون التعمق والتحقيق في علوم القرآن يحتاج الى مكان مناسب ومكتبة واسعة بادر لتأسيس مكتبة تعني بهذا الشأن للاستفادة منها في التحقيقات الى جوار مسجد أميرالمؤمنينعليه السلام. مضافاً إلى أنه كان يقيم جلساته المستمرة والمنظمة في التفسير بعد اقامة صلاتي العشائين في المسجد المذكور.
وكانت ضرورة ايجاد مركز يعني بمقاومة التيارات الالحادية السائدة آنذاك وطرح المسائل الشرعية والعقائدية يبدو أمراً ملحاً فاقيمت الجلسات والحلقات التي تهتم بالتوعية الدينية على قدمٍ وساق وفي هذا المجال أسس سماحته مسجد ومركز (توحيد) الذي كان يضم فعاليات وحلقات متنوعة تعني بطرح المسائل الدينية والعقائدية بواسطة اصحاب الاختصاص الأكفّاء. هذا وعلى الصعيد نفسه أسس سماحته مدارس في طهران منها لدراسة مرحلة المتوسطة واخرى لمرحلة الاعدادية والتي مازالت نشطة في أَعمالها ليومنا هذا. وكل هذه المراكز تمول من قبل مؤسسة خيرية يطلق عليها «مؤسسة أميرالمؤمنينعليه السلام الخيرية» والتي سنتطرق لذكرها فيما بعد.
نشاطه العلمي والثقافي:
لقد حفلت اقامة سماحته في طهران بمختلف النشاطات على الصعيدين العلمي والثقافي فدرّس الفقه والاصول في بحثه الخارج وكذا المجلد الاول من المنظومة لطلاب العلوم الحوزوية وغيرهم من طلاب الجامعات وكذا درس كتاب أصول الفلسفة وسلسلة ابحاث التكامل، الفلسفة والتاريخ وسائر المباحث الفلسفية ذات الاهمية والضرورة بالنسبة للطلبة الجامعيين، وكذا اقام الجلسات التي تهتم بتفسير القرآن وكذا ابحاثه واحاديثه المتعلقة بمباني الفلسفة والتحقيق في أمور العلوم القرآنية مع العديد من المفكرين ذوي الاتجاهات المختلفة وقد اتسعت رقعة هذه الانشطة وكانت مفيدة للكثير من الشباب والمفكرين.
ثم ان ممارسات السيّددامظله العلمية والثقافية في السنوات الاولى للحكومة الاسلامية قد اتخذت مساراً جديداً منها أَنهُ دوّن القوانين الجزائية، والاحكام المدنية وتكييفها مع الموازيين الشرعية والاحكام الفقهية فكان حفظه الله يحتاج الى وقت طويل لتدوين القانون اذا ما أَخذنا بنظر الاعتبار ان اكثر القوانين الموضوعة من قبل سيما القوانين الجزائية العامة قد اقتبست من القوانين الاوروبية وفي هذا الاطار انتخبت لجنة من الفقهاء والحقوقيين لتدوين هذه القوانين بصورة منقحة ومطابقة للشرع الإسلامي وذلك بمساعدة اصحابه من الافاضل والمفكرين.
ومن جهة اُخرى فان ما دوّن في الكتب القضائية لا يتلائم والاوضاع الاجتماعية للمجتمعات العصرية وكانت هذه من المعضلات الكؤود التي واجهت القضاء فشرع سماحته وبهدف حل المشاكل القضائية الحديثة في تدريس دورة في الخارج تناول فيها القضاء وتزامناً مع ذلك الف كتابه «فقه القضاء» حيث اشتمل على مسائل جديدة لم تكن مطروحة في النصوص الفقهية السابقة وقد احاطها بالبحث والدرس لان ظهورها في المجتمعات المعاصرة يقتضى فهم أحكامها الشرعية.
اما نشاطه العلمي الآخر فهو البحوث العلمية والفقهية حول المسائل الاقتصادية المهمة من قبيل الأعمال المصرفية والمالية والمعاملات المطروحة في البلد والنظام الاقتصادي الذي يحكمها والتي تكون بأجمعها من اهم احتياجات المجتمعات ولم تكن هذه الافكار مطروحة سابقاً. فقارن سماحته في هذا الخصوص ومن خلال مطالعاته الواسعة بين النظام الاقتصادي الرأسمالي والاقتصاد الاشتراكي مع النظام الاقتصادي الاسلامي وحرر جميع ذلك فيما بعد.
تأسيس مؤسسة أميرالمؤمنين عليه السلام الخيرية:
لقد أسس سماحته برفقة بعض اصحابه المؤسسة المذكورة عام ١٩٦٩م لغرض تنسيق كافة الانشطة الثقافية والتي مازالت تعرض خدماتها بحمد الله من ذلك اليوم الى وقتنا هذا. فكان من بركاتها.
الف - تأسيس ثلاثة مساجد.
ب - مركز ثقافي.
ج - خمس مدارس ثانوية.
د - جامعة واحدة وكلها تضطلع بمهامها على ما يرام ليومنا هذا.
الهجرة ثانية الى قم:
بعد اقامته في طهران، عاد سيدنا الى قم وذلك بتاريخ ١٩٨٩م وبدأ بالنشاطات التالية:
التدريس والبحث والتحقيق:
لقد شرع سماحته منذ اقامته في قم بتدريس الفقه والاصول في بحثه الخارج حيث درّس في هذه المدة (حتى سنة ٢٠٠٠ م) دورة كاملة في خارج الاصول وكذا دورة في الفقه الجزائي للاسلام وهي تشمل القضاء، الحدود، القصاص، الديات والشهادات وكذا كتاب المضاربة ودرَّس في فترة عطلة الحوزة العلمية في قم كتاب الشركة ومباحث الاجتهاد والتقليد والتأمين والربا والارتداد أيضاً وسماحته مشغول الآن بتدريس كتاب البيع.
تأسيس وادارة جامعة الشيخ المفيد للعلوم الانسانية (دار العلم)
يعاني طلبة الحوزة العلمية من نواقص عديدة، وكم فكر سماحة السيد - وقد عاناها في حلها وازالتها عن الوجود ومن اهم تلكم النواقص هو الاستمرار على البرنامج الحوزوي السابق والذي لم يشهد أي تغير أو تطور حيث لم يعثر في تلك الكتب على الاحكام المتعلقة بالتطورات الجديدة التي ظهرت في حياة الفرد والمجتمع أو لم تتناول كما ينبغي بالدراسة الكافية كمعرفة الحقوق وبخاصة الحقوق الدولية كاحكام الحدود، صلاحيات البحار والمناطق الواقعة تحت نفوذ البلدان، البروتوكولات والمواثيق الدولية، الجنسيات وكذا المسائل الاقتصادية من قبيل المصارف، البنوك اللاربوية، التأمين، الاموال، و... والبحوث والدراسات الفقهية حول المؤسسات الاجتماعية الجديدة كالسلطات الثلاث وكذا العلوم الحديثة كعلم الاجتماع، الفلسفة والكلام المعاصر و... وبالرغم من الحاجة الملحة للمجتمعات الاسلامية لهذه العلوم مازالت هناك فجوة عظيمة في هذا الميدان.
هذا من جانب ومن جانب آخر فان المجتمعات الاسلامية بحاجة الى اشخاص من ذوي الاختصاص والخبرة المتدينين والذين يتمتعون الى جانب احاطتهم الكاملة بالعلوم الحوزوية بمعرفة كافية للعلوم الحديثة وكذا اِمتلاكهم القدرة الفائقة للرَّد على المسائل المعاصرة وبيان وجهة نظر الاسلام حيال الاشكالات المطروحة عليه ولحل جميع هذه المشاكل شرع سماحته ومنذ اقامته ثانية في قم بتأسيس مؤسسة باسم جامعة الشيخ المفيد للعلوم الانسانية (دار العلم) وكان الهدف من تأسيس هذه الجامعة هو تدريس العلوم التي يحث عليها الاسلام اي العلوم الانسانية. وان تخضع الاراء الاسلامية جنباً الى جنب مع آراء سائر المدارس الاخرى للدرس والتحقيق.
وتدرس في الوقت الحاضر الفروع الحقوقية، الاقتصاد، الفلسفة والعلوم القرآنية على مستوى الماجستير، وفي المستقبل القريب على مستوى الدكتوراه واضافة لذلك زيادة الفروع الدراسية. وينهمك في الدراسة الان اكثر من ٦٠٠ طالب جامعي في هذه الجامعة طبقاً لضوابط ومقررات التعليم العالي في البلاد مضافاً الى دراسة الدروس الحوزوية العليا اما شروط قبول الطلاب في هذا المركز العلمي فهي.
اتمام دراسة شرح اللمعة واصول المظفر.
الحصول على شهادة الدبلوم.
النجاح في الامتحان العام المؤهل لدخول الجامعة.
بالاضافة الى ذلك فان الطلاب الجامعيين المقبولين ملزمين بمواصلة دراستهم للعلوم الحوزوية اضافة إلى دراستهم الجامعية.
مؤلفاتُهُ:
فقه القضاء، مجلدين المجلد الاول، المجلد الثاني مطبوع
فقه الحدود والتعزيرات، مجلد واحد (مطبوع)
فقه الديات، مجلد واحد (مطبوع)
فقه القصاص، مجلد واحد (مطبوع)
فقه الشركة والتأمين، مجلد واحد (مطبوع)
فقه المضاربة، مطبوع
فقه الشهادات، (مخطوط)
حاشية على الخيارات والمكاسب، (مخطوط)
تقريرات بحوث السيد الحكيم والسيد الخوئيرحمهما الله في الفقه والاصول، (مخطوط)
دورة كاملة في اصول الفقه، (مخطوط)
الرسائل الفقهية (المشتملة على بحث: الربا، التلقيح الصناعي، ذبيحة اهل الكتاب،...)، مخطوط مقالات في تفسير القرآن
الاخلاق (وقد حاضرها في جامعة المفيد)، (مخطوط)
اربع مجلدات في الاقتصاد، (مخطوط)
دورة كاملة في الاقتصاد الإسلامى على ضوء الكتاب والسنة، (مخطوط)
جمال ابهى (في الردّ على البهائية)، مجلد واحد (مطبوع)
الرسالة العملية فارسي - (مطبوع)
نهج الرشاد (رسالة عملية) - عربي - (مطبوع)
مناسك الحج والعمرة فارسي - (مطبوع)
مناسك الحجّ عربي - (مطبوع)
الاستفتاءآت - فارسي - (مطبوع)