(١٥٠)
﴿وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ...﴾ إلى قوله: ﴿يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ﴾ (المدَّثِّر: ٣١-٣٧)
١ - تأويل الآيات: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً﴾، قَالَ - أي أبو عبد الله (عليه السلام) -: «فَالنَّارُ هُوَ اَلقَائِمُ (عليه السلام) اَلَّذِي أَنَارَ ضَوْؤُهُ وَخُرُوجُهُ لِأَهْلِ اَلشَّرْقِ وَاَلغَرْبِ، وَاَلمَلاَئِكَةُ هُمُ اَلَّذِينَ يَمْلِكُونَ عِلْمَ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَوَاتُ اَللهُ عَلَيْهِمْ)، وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾»، قَالَ: «يَعْنِي اَلمُرْجِئَةَ، وَقَوْلُهُ: ﴿لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ﴾»، قَالَ: «هُمُ اَلشِّيعَةُ، وَهُمْ أَهْلُ اَلكِتَابِ، وَهُمُ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلكِتَابَ وَاَلحُكْمَ وَاَلنُّبُوَّةَ، وَقوْلُهُ: ﴿وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ﴾ أَيْ لَا يَشُكُّ اَلشِّيعَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ اَلقَائِمِ (عليه السلام)، وَقَوْلُهُ: ﴿وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ يَعْنِي بِذَلِكَ اَلشِّيعَةَ وَضُعَفَاءَهَا، ﴿وَالكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلاً﴾؟ فَقَالَ اَللهُ (عزَّ وجلَّ) لَهُمْ: ﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾، فَالمُؤْمِنُ يُسَلِّمُ وَاَلكَافِرُ يَشُكُّ، وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾، فَجُنُودُ رَبِّكَ هُمُ اَلشِّيعَةُ، وَهُمْ شُهَدَاءُ اَللهِ فِي اَلأَرْضِ، وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ﴾، ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ﴾ [المدَّثِّر: ٣٧]»، قَالَ: «يَعْنِي اَليَوْمَ قَبْلَ خُرُوجِ اَلقَائِمِ(عليه السلام) مَنْ شَاءَ قَبِلَ اَلحَقَّ وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ، وَمَنْ شَاءَ تَأَخَّرَ عَنْهُ»(١).
٢ - مختصر بصائر الدرجات: مُحَمَّدُ بْنُ اَلحُسَيْنِ بْنِ أَبِي اَلخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَسْرُوق، عَنِ اَلمُنَخَّلِ بْنِ جَمِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) فِي قَوْلِهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ﴾، «يَعْنِي بِذَلِكَ مُحمَّداً (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وَقِيَامَهُ فِي اَلرَّجْعَةِ يُنْذِرُ فِيهَا. وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّهَا لَإِحْدَى الكُبَرِ * نَذِيراً﴾ يُعْنَى مُحَمَّداً (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) نَذِيراً ﴿لِلْبَشَرِ﴾ فِي اَلرَّجْعَةِ. وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾ [سبأ: ٢٨] فِي اَلرَّجْعَةِ». وَبِهَذَا اَلإِسْنَادِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) «أَنَّ أَمِيرَ اَلمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اَللهِ عَلَيْهِ) كَانَ يَقُولُ: إِنَّ اَلمُدَّثِّرَ هُوَ كَائِنٌ عِنْدَ اَلرَّجْعَةِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ اَلمُؤْمِنِينَ، أَحَيَاةٌ قَبْلَ اَلقِيَامَةِ ثُمَّ مَوْتٌ؟ فَقَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ: نَعَمْ، وَاَللهِ لَكَفْرَةٌ مِنَ اَلكُفْرِ بَعْدَ اَلرَّجْعَةِ أَشَدُّ مِنْ كَفَرَاتٍ قَبْلَهَا»(٢).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) تأويل الآيات الظاهرة: ج٢، ص٧٣٥، ح٦.
(٢) مختصر بصائر الدرجات: ص٢٦.