الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٢٩) هل المهدي (عجّل الله فرجه) آلة قتل ولا يخرج إلا للانتقام؟
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٢٩) هل المهدي (عجّل الله فرجه) آلة قتل ولا يخرج إلا للانتقام؟

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٣/٠٦/٠١ المشاهدات المشاهدات: ٦٠١٢ التعليقات التعليقات: ٠

هل المهدي (عجّل الله فرجه) آلة قتل ولا يخرج إلا للانتقام؟

الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي

إن تصوير القضايا يختلف كثيرا عن واقعها، فكثيرا ما تكتشف أن القضايا التي سمعتها من أشخاص تثق بهم أو لا تثق بهم تتبين لك بعد فترة من الزمن أنها بعيدة عن الواقع ولا أساس لها يدعم مصداقيتها، وهذا ما يؤثر في نفسية المتلقي ويجعله يشكك في كل شيء سمعه، وقد كان من أهم الأسباب التي حرفت المسيرة للديانة المسيحية هو هذا الأمر وقد سجل بوضوح على أصحاب الكنائس أنهم كانوا يصورون القضايا على غير واقعها ويبنون على أساس هذه التصورات أحكاماً ثم بعد ذلك تعمم هذه الأحكام وتكون حاكمة على القضايا الأخرى.
وقد أبتليت الأمة الإسلامية بفرقة ألمحت لها الروايات المنقولة عن النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنها من الفرق المارقة وتخرج عن عباءة الدين، وهذه الفرقة تعمل هذا العمل، فتصور ما ليس بواقع على أنه واقع، فتعطيه أحكاماً، ثم تجعل هذا الحكم لهذه القضية التي ليس لها واقع حكماً عاماً وله شمولية وقدرة على التأثير في كثير من الأحكام الأخرى، ويسوق هذا الحكم إلى الناس على أساس أنه من القضايا الواضحة والبديهية والتي لا يصلها حد النقاش والتشكيك، ومن قبيل ذلك ما يصورون عن وصف الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بأنه آلة القتل وسفك الدم للمذاهب الأخرى، إذ يقول عبد الله الغفاري في (بروتوكولات آيات قم)، والقفاري في (أصول مذهب الشيعة): إن القائم إذا قام عرضوا عليه كل ناصب فإن أقر بالإسلام وهي الولاية وإلا ضرب عنقه أو اقر بالجزية فاداها كما يؤدي أهل الذمة ثم يقول: يقوم موتوراً غضباناً يجرد السيف فيحصد أهل السنة، وفي مقطع آخر ويقطع أيدي بني شيبة ويعلقها بالكعبة ويكتب هؤلاء سرّاق الكعبة، ويقول: يجرد سيفه ثمانية أشهر يقتل هرجاً، وفي مقطع آخر ينقل هؤلاء أنه ما بقي بين العرب والمهدي إلا الذبح، وأنه لا يخرج مع القائم منهم أحد وغيره الكثير من النصوص والمقالات والمقاطع التي يمكن أن يرجع اليها بسهولة، حيث يجدها المتتبع في هذا الزمان مبثوثة منتشرة في أغلب كلماتهم.
وقد سمعت من بعض من يخرج على الفضائيات المسمومة، والتي لا شغل لها سوى إثارة ما يفرق المسلمين ويشتت كلمتهم أن المهدي (عليه السلام) ليس إلا آلة القتل ولا يخرج إلا للإنتقام.
ونحن لا نستغرب أن يصدر هذا الكلام من هؤلاء الأشخاص فهم أجهل الناس بما عندهم، فكيف ترى جهلهم بما عند غيرهم، ولكن لكي لا تبقى هذه الشبهة عالقة في أذهان بعض المؤمنين وتسوق على انها قضايا واضحة، نرى من المناسب أن يرد على هذه الشبهة من خلال المحاور التالية:
الأول: مصادر هذه الشبهة.
الثاني: أين هي الحقيقة في هذه القضية؟
الثالث: ماذا يفعل الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) الذي يعتقد به الوهابية عندما يخرج؟
الرابع: لماذا الإكثار من الحديث بهذا الشكل عن الشيعة ومعتقداتهم في هذا الزمان؟
المحور الأول:
توجد مجموعة من الروايات تنص على إن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) عندما يخرج سيواجه مجموعة من الذين يسمون أنفسهم بالمسلمين لا يخضعون لميزان من عقل أو حكمة أو دراية ولا يتمسكون بمنهج أو طريقة يتم من خلالها التحاور معهم، فلابد للمهدي (عجّل الله فرجه) حينئذ من خيارين، الأول أن يترك هؤلاء وما يعتقدون وأن يفعلوا ما يحلو لهم دون أي رادع، والخيار الثاني أن يقاتلهم بعد أن فشلت جميع سبل الحوار معهم و هذا المنهج الذي يتبعه الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) مع هؤلاء هو منهج عقلائي شرعي، فإذا ذهبنا إلى سنن العقلاء التي يتعاملون بها ولنضرب مثالاً نعيشه في أزماننا هذه ونحن نعيش حالة الغليان عند الكثير من الشعوب العربية فإن أول ما يلجئون إليه هو طريقة سلمية وحوار عقلائي فإذا ما فشلت هذه الطرق في اخذ الحق وإزاحة الظلمة من عروشهم فانه يصار إلى منهج آخر وهو القوة والسلاح، فالعقلاء يتعاملون بهذه الكيفية وحتى في عقر دار الوهابية مع أنهم يسوقون لذلك في إعلامهم إلا إننا لا نجدهم على الواقع يتعاملون معه فتشاهد الفتاوى والتصريحات من هنا ومن هناك التي تنص على إقصاء الآخر ابتداء بالسلاح.
أما على وفق ما سارت عليه الشرائع فإننا نجد أن ما قام به النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو عين ما سيقوم به الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) إذ سيعمد في بداية حركته كما عمد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأن يكون هناك حوار سلمي عقلائي يدعو من خلاله الناس إلى إتباع المنهج الحق وطريق الهداية فإذا ما فشل في ذلك فانه سيأخذ على عاتقه أن ينهض بالسيف ليطهر الأرض من الأوثان والوثنية، والإمام المهدي (عجّل الله فرجه) كذلك سيقوم بهذا الفعل إذ سيرسل للناس وخصوصاً في مكة من يخبرهم أن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) قد خرج فإذا ما انصاعوا وأذعنوا فلا شك أنه لا حاجة لقتالهم ولكن إذا استكبروا وعاندوا فلا سبيل إلا أنْ يضع السيف في رقابهم ليجتث أصول الظلم التي عشعشت في الأرض وأزاحت بصيص الأمل في السعادة والعدالة على مدى قرون متمادية.
فمنهج الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ليس بدعاً وليس مختصاً به وإنما هو منهج شرعي وعقلائي ثم إننا نسأل الوهابية عن تاريخ دعوتهم وإن كانت هذه المقارنة نظير من يقارن أمير المؤمنين (عليه السلام) بمعاوية ويعتبر كلاً منهما متكافئين وهذا من أشد ما يؤلم المؤمنين فإنه مجرد أن تطرح المقارنة بهذا الشكل وهذه الكيفية، فإنها ظلم ما بعده ظلم ولكن مع ذلك إذا اقتضى الإفهام والتفهيم للطرف الآخر فإننا نقول لو قدر وقد قدر فعلا للوهابية أن تمسك زمام الأمور في الجزيرة فماذا فعلت وكم من الدماء سفكت وأين مئات الآلاف من الرقاب التي قطعت وعلقت وكانت ثمناً لإقامة دولة الجماجم في بلاد الحرمين حتى هتك الحرمان واستبيحت حرمتهما لأجل أن يقام عرش يرى هؤلاء المتعصبون أنه منهج التوحيد وصفاء الدين، بينما هو في الحقيقة وعلى لسان علماء المسلمين منهج الشرك والتجسيم وأشد ما كدر صفو المسلمين منذ أن بزغ للإسلام صوت إلى يومنا هذا.
إذن فالمنهج الذي يقوم به الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو المنهج العقلائي الشرعي، وقد نصت على ذلك روايات يبقى شيء لابّد من الإلتفات إليه، أن الروايات التي ينقلها هؤلاء من مصادر الشيعة نجدها تنص وبشكل واضح، إنّ حدود الحرب التي يشنها الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من حيث الزمان والجغرافية محدودة جداً ونسبة القتل محدودة جداً نعم، إنّ أي حركة تهدف لتحقيق الاصلاح وتواجه المعاندين فلابد أن تستخدم الحرب كأسلوب يلجأ إليه بعد أن تستنفذ الأساليب الأخرى، وقد نصت جملة من الروايات على أنّ الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يبعث إلى أهل مكة من يخبرهم بخروجه ويحتج عليهم بما يثبت حقانيته.
وكذلك في غير الرقعة الجغرافية التي تشمل مكة والمدينة بل تنص بعض الروايات على أنه يعمد إلى صلح مع الجانب الغربي، كما عمد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مع أهل مكة، ومن يفعل ذلك بلا شك ليس راغباً في إقامة الحروب وسفك الدماء، خصوصاً بعد أن يحقق انتصاراته في شبه الجزيرة العربية ومجمل البلدان الإسلامية، إذن فهذا اتهام مفرغ عن الواقع وبعيد عن الأدلة.
المحور الثاني:
إذا سألنا أنفسنا هذا السؤال، وهو كيف نصل إلى الحقيقة في هذه القضية، إنه لابد للإنسان الباحث عن الحقيقة أن يجهد نفسه في الوقوف على الأدلة وينقب بين ثنايا الكتب ليصل إلى شاطئ الأمان والحقيقة، إن هناك لغطاً كبيراً وتشويشاً متعمداً حول قضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، والأسباب كثيرة جداً ولا نريد الخوض فيه الآن، ولكن الذي سيتبين هو أن الحقيقة هي غير ما يقول عنه هؤلاء، بل إن ما يعتقدون في الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من تصرفات وأفعال حين ظهوره قد تكون أشد صرامة من حيث الفعل الخارجي مما نعتقده نحن في الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وهذا ما سيأتي الحديث عنه في محور آخر.
إذن فالحقيقة وبشكل واضح هي أنّ هناك تشويشاً متعمداً وسوقاً للكلام بغير مستند، لتشويه الصورة وتزييف الحقيقة، والحقيقة هي أن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) آلة الرحمة وهو الشخص الذي ينشر العدل ويرفع الظلم باتفاق الطرفين، فمن يخرج لبسط يد القسط ويجتث أصول الظالمين لا يسمى سفاحاً ويحمل آلة القتل، فهل يعقل أن يقال إن الله (سبحانه وتعالى) عندما يبعث بالزلازل والكوارث على بعض البلدان التي تخرج عن الانصياع للأوامر الإلهية إنه آلة قتل ويريد الدمار؟
لا يمكن لشخص يحترم فكره ووجدانه أن يحكم بذلك ولكن هؤلاء عندما يصلون إلى الحقيقة ويجدون إنها ليست فيما يعتقدون وبعيدة عما يؤمنون يجحدونها ويصمونها بأبشع الأوصاف ولكن واقعها على النقيض مما يقولون.
المحور الثالث:
إذا وجهنا السؤال إلى الوهابية وقلنا لهم: ماذا يفعل الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) الذي تؤمنون به عندما يخرج؟ فستأتيك الأجوبة ومن أعلي المصادر التي يعتمدونها في تمويل أفكارهم وعقائدهم: إن المهدي آلة القتل وسفك الدماء وأنه سيقتل العرب بل إنه لا يوجد في صف الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من العرب حتى بنسبة ١%، فالعرب اليوم على أقل تقدير يشكلون ما يفوق الـ ٣٠٠ مليون نسمة، وعندما تتحدث الأخبار عن إن القليل من العرب يلتحقون بالمهدي ولا يتجاوز عددهم بضع آلاف فإننا نسأل أنفسنا أين هذا العدد الهائل من العرب والذي هو في ازدياد من نصرتهم للإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، والكون في صفه وتحت رايته، فهذه أم شريك، ينقل عنها جابر بن عبد الله الأنصاري -كما يروي صحيح مسلم- في الجزء الثامن ص٢٠٧ إنها سمعت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) يقول: ليفرنّ الناس من الدجال في الجبال قالت: يا رسول الله فاين العرب يومئذ قال هم قليل، فاين هذه الملايين من العرب يأتيك الجواب (كما رواه أحمد ومسلم والترمذي) إنهم في بيت المقدس وماذا يفعل العرب في بيت المقدس وهم يعلمون أن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يخرج من مكة أليس أن الدجال يخرج هناك وهل يعقل أن كل العرب يكونون أنصاراً للدجال، إذا كانت الأحاديث تدل على ذك وتنص عليها الصحاح كصحيح البخاري ومسلم وغيره فلابد أن يؤمن هؤلاء بأنهم أتباع الدجال، إذ تصفهم الروايات بأنهم قليلون وأنه لا يبقى منهم إلا بضعة آلاف وإن جلّهم في بيت المقدس وإن هناك حالة استغراب من دور العرب وانحسار وجودهم في المكان الذي يعلمون جيداً إنه موضع خروج الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
إذن فالأخبار تنص على إن أغلب العرب ليسوا من أنصار الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ولو كانوا من أنصاره لكانوا متواجدين في المكان الذي يخرج فيه لا إنهم يتواجدون في المكان الذي يوجد فيه أعداء الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) كالدجال وغيره.
إذن الحقيقة تقول إن آلة القتل عقيدة لهم لا عقيدة لنا، فهم عندما وجدوا أنفسهم أتباعاً للدجال الإرهابي الأول في العقيدة التيمية، وما يمثله هذا الاعتقاد لهم من إحراج أمام جمهورهم حاولوا التغطية على ذلك بنعت الشيعة وعقيدتهم في الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بأنها عقيدة القتل والإرهاب، فواقع الحال إنما هذا الاتهام لأجل التغطية على ما يؤمنون به من اعتقاد وما يخبؤون من نصرة للدجال وفرار من أرض الحرمين والالتجاء إلى دار اليهود ومسكن حلفائهم.
المحور الرابع:
إننا نجد أن الإكثار من الحديث وإبراز التهم بشكل ملفت في هذا الزمان تجاه التشيع وعقائده حتى صار العنصر السائد والجو الغالب في منطقتنا وذاك الجو المشحون والموبوء بالحمى الطائفية، فقد أضحت جملة من الفضائيات، وهي في ازدياد لا هم لها ولا شغل إلا كيل الاتهامات للشيعة وعقائدهم والإفتاء بخروجهم عن الإسلام وتكفيرهم والحكم بإراقة دمائهم وسبي نسائهم والاستيلاء على أموالهم، والقضية ليست بخافية على أحد، فالفضائيات تجاهر بفتاوى من يقولون إن الشيعة كفار ويجب اراقة دمائهم بل وقد فعلها الوهابية في أول حركة لهم عندما أسسوا دينهم الجديد، والقضية ليست منحصرة بالشيعة، ولكن التشيع يؤخذ غطاء لشن الهجمات تجاه جميع الفرق الإسلامية الأخرى ما عدا اليهود، فإنهم آمنون سالمون مطمئنون، فعقائدهم بمأمن من ألسنة هؤلاء ولا يجوز التعدي عليها، فلها القدسية والاحترام وإن الناس أحرار فيما يعتقدون، أما الشيعة والفرق الإسلامية الأخرى فهؤلاء كفار مباحو الدم يجب أن تكال ضدهم التهم وأن يصوروا للناس بأن عقائدهم تؤسس للإرهاب وإن كل مشكلة في منطقتنا العربية إنما هي بسبب هذا الوجود الشيعي، هذه السياسة التي باتت واضحة هذه الأيام تعكس لنا في الحقيقة عن شدة مرارة وقوة الألم والفقر الفكري والثقافي وخواء المعتقد لدى هؤلاء الخوارج الجدد، فلما تبين لهذا المذهب الوهابي أن عقيدته لا واقع لها ولا رصيد في نفوس الناس، إذا كشفت على ما هي عليه، قاموا لأجل التغطية عليها بذلك فشنوا الهجمات على الشيعة وعقائدهم وحيث أن أبرز قضية خلافية هي قضية الإمامة المتمثلة بإمامة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) كانت مسرحاً أكثر من غيرها لكيل التّهم وتزييف الحقائق.
فالسر الكامن وراء اتهام الشيعة وعقيدة الانتظار هو خواء معتقد الآخر وانكشاف حقيقته لدى العلماء، فضلاً عن الجمهور، فسبيلهم الوحيد التغطية على واقعهم المزري بكيل الاتهامات.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016