متطلبات زمن الظهور
السيد علاء الموسوي
هناك أمور معينة على المنتظِر أن يلتزم بها:
أوّلاً: الصدّق مع النفس:
فعليه أن يكون صادقاً مع نفسه وأن لا يدّعي لنفسه باطلاً، والإنسان الصادق مع نفسه سعيد وليس للاضطراب إلى قلبه سبيل، سعيد مع نفسه، سعيد مع الآخرين، يحترمه الناس. الإنسان الذي لا يعطي لنفسه أكبر من حجمها إنسانٌ محترم، مُحِب ومحبوب من قبل الناس.
ثانياً: التفقه:
ترويض النفس على أحكام الله سبحانه وتعالى.
الفقه عندنا مسألة مهمة جداً، هذا الفقه الذي نعتبره أعظم تراث ورثناه عن أهل البيت (عليهم السلام) وأغلى جوهرة ورثناها من الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)، فقه تعب عليه الأئمّة (عليهم السلام)، وتوارثه أصحابهم، وقُتلوا من أجله، استشهد عشرات، بل مئات من أجل أن تكتب صفحة، وفي سبيل أن يُؤلّف كتاب في الفقه، وما سيرة الشهيد الأوّل والثاني (رحمهما الله) ببعيدة عنا، صاحب اللمعة، وشارح اللمعة - كتاب اللمعة الفقهي - كلاهما شهيدان من شهداء هذا الطريق.
الفقه الذي بين أيدينا لا يتصور أنه مسألة سهلة، ليأتي البعض فيستهزئ ويقول:
أنتم يا أهل الحوزة مشغولون بالأغسال، بالحيض والنفاس، يستهزئ وكأن أحكام هذه الأمور أحكام يُستهزئ بها.
وهذا الذي يتكلّم بهذا الأسلوب يستهزئ بأحكام الله.
في الواقع، الدين شمل بأحكامه كل نواحي الحياة، فالإنسان ينبغي أن يعطي قيمة لكل حكم شرعي والذي هو في الواقع تراث السماء.
من الأمور التي تُعين على التهيؤ لزمن الظهور هو أن يكون الإنسان في ذلك الزمن إنساناً سوياً ومقبولاً عند الإمام (عجّل الله فرجه) وأن يكون متفقهاً في دينه، ليس بمعنى أن يكون مجتهداً، لا، بل أن تكون المرأة عارفة بأحكامها، والرجل عارفاً بأحكام عمله وجملة ابتلاءاته، أي أن يكون كل إنسان في أيّ موقع من مواقع الحياة عارفاً بأحكام عمله وحياته. صلاته، شكوك صلاته، صيامه، زكاته، خمسه، الطهارة والنّجاسة، أحكام المعاملة والبيع والشراء، فيكون محصناً ومكتملاً فقهياً من هذه الجهات.
ثالثاً: البصيرة الكاملة:
الأمر الآخر الذي يجعله مهّيأً بشكل كامل لزمن الظهور: العقيدة الصريحة والواضحة، والبصيرة الكاملة.
فلو جاء الإنسان في زمن الظهور وعقائده متزلزلة وغير ثابتة، ولم يدرس العقائد بشكل كافٍ، وما تعرّف على مقامات الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) بشكل كاف، فإنه قد يقع في بلاء.
قد يأتي ويرى الإمام (عجّل الله فرجه) يحكم بحكم، فيعترض على الإمام، فيقدّمه الإمام ويضرب عنقه.
لدينا رواية تقول: (بينما الرجل بين يدي الإمام المهدي يأمر وينهي يعني أنه أحد القادة، ومن الأشخاص الذين يأمرون وينهون بأمر الإمام وإذا بالإمام يقدمه ويضرب عنقه).
لماذا؟ هل الإمام عنده شهوة للقتل؟ أبداً.
الناس إذا لم تكن عقائدهم كاملة بأهل البيت (عليهم السلام) سيُمتحنون امتحانات عسيرة، في بعض هذه الامتحانات قد يسقطون. إذ قد يفاجئنا الإمام ويقول إنّ هذا الحكم الشرعي الذي اعتدتم عليه في المرحلة السابقة خطأ، فحكم الله الواقعي ليس هذا.
فإذا كانت عقائدنا قوية بالإمام، ونعتقد أنّ هذا هو المعصوم الحجة من الله علينا ولا يرد عليه بشطر كلمة، نقول له: سمعاً وطاعة، وكل تراثنا نرميه في البحر إذا أمر هو (عجّل الله فرجه)، ولا نناقشه أو نقول له: هذه شريعة جدك وأنت خالفت الشريعة، فهناك أناس لا يوجد عندهم قوّة تحمّل وقد يقول أحدهم للإمام: لا، هذا حكم مسلَّم به قد اعتدنا عليه وهو حكم ضروري والكل يقول به (إجماع المسلمين). فسيقول له الإمام: أنا حجة الله عليك فإن قبل منه فذاك، وإن لم يكن ذلك فسيقدّم رأسه ويقتل.
فعلى الإنسان أن يبني عقيدته بناءً ثابتاً ابتداءً من التوحيد وانتهاء بالمعاد. فعلى الإخوة أن يكونوا حريصين على أن يحضروا دروس العقائد ودورات العقائد، حتّى إذا كانوا قد مرّوا بدروس سابقة فعليهم أن يحضروا مراراً وتكراراً، فإن في كل درس فائدة، وفي كل دورة شرح جديد يستفيد الإنسان منه.