أقلامهم تتحدث عن المهدي (عجّل الله فرجه) ودولة آخر الزمان (٩)
نصوص نستقيها من مداد علماء أهل السنة وما خطته أقلامهم لتسطر لنا ألواحاً في حق الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) والانتظار وآخر الزمان والعدل الإلهي والقسط المحمدي
الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي
إن لحديث الشيخ (عماد الدين أبو الفداء، ابن كثير الشافعي الدمشقي، المولود في سوريا سنة ٧٠٠ هـ والمتوفي فيها سنة ٧٧٤هـ أثراً كبيراً، إذ يعتبره الأشاعرة منهم والسلفية كذلك، وقد نقل في ترجمته أنه (قرأ على ابن تيمية كثيرا ولازمه وأحبّه وانتفع بعلومه.
فالأشاعرة زعموا أنه أشعري العقيدة، حيث ذكر الحافظ بن حجر العسقلاني في (الدّرر الكامنة) قصة حدثت بين ابن القيم وابن كثير، عندما قال ابن كثير لإبن القيم (أنت تكرهني لأنني أشعري)، كما أن ابن كثير تولى مشيخة دار الحديث الأشرفية، وشرط واقفها أن يكون أشعري العقيدة، ودفن بوصية منه في تربة ابن تيمية بمقبرة الصوفية).
إنّ له أهمية كبيرة إذ ينقل في كتابه (النهاية) الفتن والملاحم: أن المهدي يكون في آخر الزمان وينقل قول الإمام أحمد بن حنبل (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم ...) المروي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وحديث (إصلاح المهدي في ليلة) الذي رواه ابن ماجه وأبي داود وحديث جابر بن سمره (لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه الأمة) وأحاديث أخرى في صفة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وأنه أجلى الجبهة أقنى الأنف من عترة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من ولد فاطمة (عليه السلام). انتهى.
وهذا النقل من ابن كثير خصوصاً ما يتحدث فيه عن الخلافة الاثنى عشرية يعكس لنا قضية لا لبس فيها، ووضوحها دعا حتى من ينكرها تطبيقاً أن يكتبها لشدة وضوح صدورها من النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهي قضية خلافة الاثنى عشر.
ومن الواضح بمكان أن حتى نفس ابن كثير الذي آمن بهذه القضية ونقلها عجز عن تطبيقها خارجاً ولكن هذا يؤكد ولا ينفي حقانية القضية وأنه لا بد من أئمة اثني عشر يخلفون النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأن آخرهم المهدي (عجّل الله فرجه).
والقدر المتيقن الذي لا شك فيه حتى عند ابن كثير أن الثاني عشر هو المهدي من أهل البيت (عليهم السلام) من ولد فاطمة (عليها السلام)، فكفى بهذه المعلومة دليلاً على ثبوت حقانية ما يعتقده الإمامية من عقيدة.