ظهور الإمام المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) عند أهل بيت النبوة (عليهم السلام) ومن يواليهم
السيد هادي عيسى الحكيم
أجمع أهل بيت النبوة (عليهم السلام) وهم المصدر الموثوق لعلمي النبوة والكتاب على أنهم سمعوا ووعوا - أباهم - رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يتحدث ويؤكد وبكل وسائل التأكيد على حتمية ظهور الإمام المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، وأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قد ركّز على هذه الحتمية وأعطاها عناية خاصة، وأجمع آل البيت الأطهار (عليهم السلام) أيضاً على تواتر الأحاديث عندهم وأنها قد آلت إليهم من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتناقلتها أجيالهم المباركة جيلاً بعد جيل، وأنّهم (عليهم السلام) يعتبرون الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) قدراً إلهياً محتوماً ولا مفر من حدوثه.
وتبعاً لإجماع أهل بيت النبوة (عليهم السلام) على ذلك أجمع موالوهم الذين يعتقدون بحقهم في الإمامة والولاية، على صحة وتواتر الأحاديث والروايات عن نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله وسلم) والتي تتحدث عن حتمية ظهور خاتمهم الإمام المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، وقد رويت لهم عن طريق أئمة العترة (عليهم السلام)، وتناقلوها جيلاً عن جيل كما هي، واعتبروها من الكنوز والنفائس النادرة والتي تسمو بطبيعتها عن التعديل والتبديل والتحريف، فرواها السلف للخلف كما أخذها.
وأبعد من ذلك، فإن شيعة أهل البيت (عليهم السلام) الذين تخرّجوا من مدرسة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) ونهلوا منهم العلوم والمعارف الإسلامية، يعتبرون الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) الذين أهَّلهم الله وأعدّهم لقيادة الأُمة، وقد أوحى إلى رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن يعلن أسماءهم، وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد بلّغ ما أوحي إليه من ربه، فأعلن الأمر وسماهم بأسمائهم - أي الأئمة الأطهار (عليهم السلام) - وأمر المسلمين أن يسمعوا لهم ويطيعوا، وقد اعتبر (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآن الكريم الثقل الأكبر وأئمة أهل بيت النبوة (عليهم السلام) الثقل الأصغر.
إن شيعة أهل بيت النبوة (عليهم السلام) المخلصين الذين تتلمذوا على يد الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وقالوا بولايتهم يعتبرون الإمام المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) هو الإمام الثاني عشر من أولئك الأئمة المعصومين (عليهم السلام) الذين اختارهم الله وسماهم عن طريق رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأسمائهم، والذي حدد زمان إمامة كل واحد منهم، وهم موقنون - أي شيعة آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) - بأن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) موجود الآن بالفعل وسيظهر للعيان حتماً باللحظة التي يأمره بها الله، وأن وقت ظهوره كالساعة علمه عند الله وحده، وهم - أي شيعة آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) - يعتبرون هذا الاعتقاد جزءاً لا يتجزأ من عقيدتهم الدينية الإسلامية، وهكذا نكون أمام إجماع شامل للأُمة بمختلف توجهاتها على حتمية ظهور الإمام المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) وذلك إذا عرفنا أن باقي مذاهب المسلمين تقرُّ بوجود المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) وحتمية قيامه، وحتى الذين لم يرق لهم بأن يكون المهدي (عجّل الله فرجه) من أهل بيت النبوة قالوا بحتمية ظهوره (عجّل الله فرجه)، وأقرّوا بأنّه من عترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام).
إنّ أمر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) جاء تأكيده من أهل بيت النبوة (عليهم السلام)، مجموعون على أنهم قد سمعوا تلك التأكيدات القاطعة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على حتمية الظهور المهدوي المقدس وأنهم قد تناقلوا ذلك جيلاً بعد جيل وورثوه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع نفائس علمي النبوة والكتاب.
وقد أجمعت شيعتهم تبعاً لإجماعهم على أن هذه التأكيدات قد صدرت من الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهي مع بقية البنى الأساسية من نظرية المهدي المنتظر (عليه السلام) والتي تشكل جزءاً أساسياً من معتقدهم الإسلامي، وسمة مميزة من مذهبهم العقدي الديني.