مزيد من التعرف بالإمام صاحب الزمان (عجّل الله فرجه)
خالد حمزة الشمري
الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
الاسم: الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
اسم الأب: الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)
اسم الأُم: نرجس (عليها السلام) بنت ملك من ملوك الروم
تاريخ الولادة: ١٥ شعبان سنة ٢٥٥هـ
محل الولادة: سامراء
مدة الغيبة الصغرى: ٦٩ سنة
حلت ليلة الخامس عشر من شعبان سنة ٢٥٥هجرية فطلب الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) من عمته السيدة حكيمة أن تلازم (نرجس) في تلك الليلة ولا تفارقها، فقد شاءت العناية الإلهية أن تكون هذه الليلة المباركة هي الليلة الموعودة لولادة المنتظر الموعود (عجّل الله فرجه)، ووضعت (نرجس) وليدها المبارك تحيطه العناية الإلهية وتحف الملائكة بمهده، وأسماه أبوه إنفاذاً لمشيئة الله (محمد المهدي) وطبقاً للحديث القدسي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لا تذهب الدنيا حتى يلي أُمتي رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي».
ومعنى كلمة (المهدي) هو كل من تلبس بالهدى والصلاح ودعا إلى الحق والخير والصراط المستقيم.
الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) والعقل:
من الملاحظ أن كثير من الناس يخلطون بين مفهومين:
الأول: يسمى بالمحال العقلي.
والثاني: يسمى بالمحال العادي.
ويتعذر عليهم التمييز بينهما فيظنون أن كل ما هو محال عادة هو محال عقلاً. وهناك أمثلة لذلك.
لقد اعتدنا أن لا نرى عودة الأموات إلى هذه الدنيا، وأن يولد الصبي ولا يكلم الناس ساعة ولادته، وإذا جاع أحدنا لا تنزل عليه مائدة من السماء، وإذا أصابه العمى والبرص لا يشفى بدون علاج، وإذا سبح الله وحمده لا تردد الجبال والطير معه التسبيح والتحميد، وإذا أخذ الحديد بيده لا يلين له كالشمع، وإذا سمع منطق الطير لا يفهم منه شيئاً، كما يخفى عليه حديث النمل، ويعجز عن تسخير الجن في عمل المحاريب والتماثيل، ولم يشاهد إنساناً مات منذ قرون، ولا انقلاب العصا إلى ثعبان، ولا وقوف مياه البحر كالجبال، ولا جلوس الإنسان في النار دون أن يناله أي أذى.
فكل هذه وما إليها لم تجر العادة بوقوعها ولم يألف الناس مشاهدتها، وظن من ظن أنها مستحيلة في حكم العقل، ولكنها وقعت بالفعل، فلقد أخبر القرآن الكريم بصراحة لا تقبل التأويل أن السيد المسيح (عليه السلام) كلَّم الناس وهو في المهد، وأحيا الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص، وأنزل مائدة من السماء وأنه ما زال حياً وسيبقى حيا إلى يوم يبعثون، وأن النار كانت برداً وسلاماً على إبراهيم (عليه السلام)، وأن عصا موسى (عليه السلام) صارت ثعباناً، وأن الحديد لان لداوود (عليه السلام)، وسبح معه الطير والجبال، وأن سليمان (عليه السلام) استخدم الجان وعرف لغة الطيور والنمل.
إن هذه الخوارق محال بحسب العادة، جائزة في نظر العقل، وكذلك بقاءه حياً لألوف السنين واختفاؤه عن الأنظار بعيد عادة جائز عقلاً، واقع ديناً بشهادة الأحاديث الثابتة عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فمن أنكر إمكان وجود المهدي (عجّل الله فرجه) محتجاً بأنه محال في نظر العقل يلزمه أن ينكر هذه الخوارق التي ذكرها القرآن وآمن بها كل مسلم، ومن اعترف بها يلزمه الاعتراف بإمكان وجود المهدي (عجّل الله فرجه).
أحاديث المهدي (عجّل الله فرجه):
ألف علماء الإمامية كتباً خاصة في المهدي ومنهم محمد بن إبراهيم النعماني والصدوق والشيخ الطوسي والمجلسي، ذكر هؤلاء العلماء وغيرهم كل ما يتصل بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من الأحاديث النبوية، ولكننا نكتفي هنا بنقل ما جاء في ثلاثة كتب من الصحاح الستة حين قال ابن ماجه في سننه ج٢ طبعه ١٩٥٣ الحديث رقم ٤٠٨٢: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وأن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءً شديداً وتطريداً، حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود، فيسألون الخير فلا يعطونه فيقاتلون فينتصرون، فيعطون ما سألوا، فلا يقبلونه، حتى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي، فيملأها قسطاً كما ملئت جوراً».
الحديث رقم: ٤٠٨٣: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يكون في أُمتي المهدي، إن قصر فسبع وإلّا فتسع، تنعم فيه أُمّتي نعمة لم تنعم مثلها قط، تأتي أكلها، ولا تدخر منه شيئاً، والمال يومئذٍ كالدوس، فيقوم الرجل يقول: يا مهدي اعطيني. فيقول: خذ».
والحديث رقم ٤٠٨٥: «المهدي منا أهل البيت».
والحديث ٤٠٨٦: «المهدي من ولد فاطمة».
والحديث رقم ٤٠٨٧: «نحن بني عبد المطلب سادة أهل الجنة: أنا وحمزة وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي».
وقال أبو داوود السجستاني في سننه ج٢ طبعه سنة ١٩٥٢ ص٤٢٢ وما بعدها:
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم لطول الله ذلك اليوم، حتى يبعث رجلاً من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».
وفي حديث آخر: «المهدي مني، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ويملك سبع سنين».
وجاء في صحيح الترمذي ج٩ طبعة سنة ١٩٣٤ ص٧٤:
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لا تذهب الدنيا، حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي».
وفي ص٧٥ من نفس المصدر:
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، ولو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يلي».
وجاء في كتاب كنوز الحقائق للإمام المناوي المطبوع مع كتاب الفتح المبين سنة ١٣١٧هـ ص٣: «أبشري يا فاطمة المهدي منك».
هذا المهدي الذي أثبته الإمام المناوي وصحاح السنة، وكثير من مؤلفاتهم هو بالذات المهدي المنتظر الذي قالت به الإمامية، فإذا كان المهدي خرافة وأسطورة فالسبب الأول والأخير لهذه الأسطورة هو رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) تعالى الله ورسوله علواً كبيراً حتى لفظ:
«يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً».
إن الذين يسخرون من فكرة المهدي إنما يسخرون من الإسلام ونبي الإسلام، من حيث يشعرون أو لا يشعرون، وينطبق عليهم الحديث الذي نقله صاحب الأعيان من الجزء الرابع عنه (فوائد السمطين) لمحمد بن إبراهيم الحموني الشافعي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أنزل على محمد».
وقال بعض المؤلفين: (اخترع الشيعة فكرة المهدي لكثرة ما لاقوه وعانوه من العسف والجور، فسلّوا أنفسهم، ومنَّوها بالمهدي الذي يملأ الأرض عدلاً وينصفهم من الظالمين والمجرمين)، ولو كان هذا القائل على شيء من العلم بسنة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لما قال هذا.
لقد أخبر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن المهدي (عجّل الله فرجه) فوجب التصديق به تماماً كما وجب التصديق بمن سبق من الأنبياء لأن القرآن الكريم أخبر عنهم، ومن هنا علينا أن نحبذ أنفسنا لنكون من أعوانه وأنصاره، وذلك بأن نتقيد بتعاليم رسالة جده المصطفى (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأن نكون من أُمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتأبى الظلم وتحارب الظالمين، لنستحق أن نكون من جنوده (عجّل الله فرجه)، جنود الحق والعدل والإيمان داعين إلى الله أن يعجل فرجه، ويسهل مخرجه، ويجعلنا من أنصاره والدعاة إلى سبيله.