الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) جزء من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)
السيد محمد إبراهيم القزويني
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المهدي من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي وشمائله شمائلي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أنْ تملأ ظلماً وجوراً»، الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) جزء لا يتجزأ من الأئمة الاثني عشر، والأئمة الاثنا عشر جزء لا يتجزأ من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وكلهم تشكيلة واحدة، وكل واحد منهم يدعو إلى الآخر، والإيمان لا يكمل إلّا بهم أجمعين، ولو أنّ إنساناً آمن بأحدهم وأنكر واحداً منهم فلا شك ولا ريب أنّه غير مؤمن.
توجد مسألة شرعية من باب التنظير أذكرها في هذا المجال:
لو فرضنا أنّ الصلاة عشرة أجزاء، فآخر جزء في الصلاة هو السلام، وبالتسليم تخرج من الصلاة، فلو أنّ إنساناً وقف وصلّى صلاةً طويلة، أطال الركوع والسجود بخشوع وبخضوع، وصلّى الصلاة ثم تشهد وقبل أنْ يسلم ترك الصلاة، فإن هذه الصلاة باطلة، يقولون العبادة أجزاءها كلها مرتبطة ببعض، فإذا أتيت بتسعة أجزاء وتركت الجزء الأخير فالصلاة باطلة، يقولون إنّ الإيمان بالأئمة (عليهم السلام) جزء من الإيمان بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وبقيّة الأنبياء.
فلو أنّ شخصاً آمن بكل الأنبياء ولم يؤمن بالجزء الأخير وهو النبي الخاتم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فإن إيمانه غير تام وناقص، فالجزء الأخير لابدّ أنْ يكون موجوداً، كذلك الإيمان بخاتم الأوصياء وهو الإمام المنتظر (عجّل الله فرجه)، فإيمان الشخص أيضاً مرفوض إذا آمن بجميع الأئمة ولم يؤمن بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
ثم أنّه لابدّ أنْ نعرف أنّ الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يشارك جدّه خاتم الأنبياء (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في أمور متعددة، منها:
أولاً: الاسم: رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول في حديث: «المهدي من ولدي اسمه اسمي»، وهنا سؤال لماذا الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) اسمه اسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟
لأنّ الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو خاتم الأوصياء، فلابد اسمه يكون اسم خاتم الأنبياء، لأنّ الكل مرتبط مع بعض، جزء لا يتجزأ، كذلك كنية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أبو القاسم كنية الإمام المنتظر أيضاً أبو القاسم، كما ورد «وكنيته كنيتي» ثم بعد هذا التشابه و«شمائله شمائلي»، والشمائل يعني الملامح، أي أنّ ملامح رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هي بنفسها ستكون ملامح الإمام المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، فهو صورة طبق الأصل لملامح رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): وجهه، أنفه، عينه، حاجبه، لحيته، جسمه، حركته، نظره، تكلمه، وفي كل ذلك «شمائله شمائلي»، ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل يتجاوزه إلى الخصائص، فكذلك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، الله تعالى أيّده بأمور خاصة، هذه الأمور الخاصة بعد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذهبت، لا تأتي إلّا في أيام صاحب الزمان (عجّل الله فرجه)، يقول النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «نصرت بالرعب» أي أنّ الله تعالى ألقى الرعب في قلوب المشركين وفي قلوب الأعداء، فبنفس الطريقة تكون للإمام (عجّل الله فرجه) عندما يظهر فإنّه يُنصر بالرعب، الله تعالى يلقي الرعب في قلوب المحاربين للإمام والمخالفين له، وأيضاً النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عندما كان يمشي كانت تظلل على رأسه غمامة، الشمس لا تصيب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهذا أيضاً كما تقول الأحاديث الشريفة بأنّ على رأس مولانا صاحب الزمان (عجّل الله فرجه) غمامة، هذه الغمامة أينما يمشي الإمام (عجّل الله فرجه) الغمامة تكون فوق رأسه، وليس الأمر هذا وحسب، بل ترى بأنّ دور رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان دوراً صعباً جدّاً، لأن النبي أين ظهر؟ أين بعث؟
كما تعرف في الجزيرة العربية أي في الجاهلية الأولى، نلاحظ أن نفس الدور تتحدث عنه الأحاديث المتعلقة بالإمام عندما يظهر في جاهلية، وفي وقت طغيان المادة وأكثر الناس قد ابتعدوا عن المعنويات وفي أيام ظهور الإمام صاحب الزمان (عجّل الله فرجه) يكون الصابر على دينه كالقابض على جمرة من نار، فكما في عصر الجاهلية، الناس كانوا قد توجَّهوا نحو الفساد ونحو الانحراف ونحو الكفر، فظهر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في ذلك الدور وواجه تلك الجاهلية الجهلاء، فإن نفس الدور سيقوم به الإمام (عجّل الله فرجه) حيث يظهر ويواجه تلك الجاهلية، ولذلك بعض الأحاديث الشريفة تقول إنّ الإمام (عجّل الله فرجه) يأتي بدين جديد، ومعناه أنّ الدين في ذلك الوقت أصبح شبه منسياً بين الناس، فعندما يظهر الإمام ويُظهر للناس الدين يرونه كأنّه جديد عليهم.