الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٧٦) البحث العلمي في القضية المهدوية
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٧٦) البحث العلمي في القضية المهدوية

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: السيد عبد الستار الجابري تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٣/٠٦/٠٢ المشاهدات المشاهدات: ٣٩٦٢ التعليقات التعليقات: ٠

البحث العلمي في القضية المهدوية

السيد عبد الستار الجابري

إن البحث العلمي في أية قضية من القضايا يتوقف على تشخيص تلك القضية كي يتم بناءً على ذلك تحديد الدائرة البحثية التي يجب أن تدرس فيها.
فالقضية التاريخية مثلاً بعد أن يتم تشخيص نوعها تدرس ضمن الأطر العلمية للبحث التاريخي، وبهذه الطريقة يتم التوصل إلى النتائج الصحيحة المتوخاة منها وكذا الحال في القضايا الطبية أو النفسية.
وفي قضية كقضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ينبغي أن نشخص طبيعتها لنعرف هل هي من القضايا الفقهية كي تبحث ضمن الأطر العلمية في الدائرة الفقهية بما يدخل فيها من أساليب البحث في الدليل وحجيته ووثاقة رجاله والنظرية الأصولية وإمكان الالتزام بها في هذا البحث؟ أم هي من قضايا أصول الدين كي تدرس طبق الضوابط العلمية التي يجب مراعاتها في مثل هذا البحث، سواء أكان المنهج المتبع فيه منهجاً كلامياً أو فلسفياً أو كان يعتمد النص الديني من الكتاب العزيز والسنة المطهرة؟ أم أن القضية تندرج ضمن القضايا التكوينية التي أنبأ عنها النص الشريف؟
إن هناك جملة من القضايا التكوينية التي دلت عليها النصوص الشريفة كالأدوار الجنينية مثلاً والتي أشار إليها القرآن الكريم، أو حركة الرياح التي تسبب نزول الغيث، أو العلاقة بين البرق وخصوبة الأرض والمطر، أو منازل القمر في حركته الشهرية، لابد من دراستها على ضوء دلالات ذلك النص الشريف والمكتشفات العلمية على الصعيد التقني.
نقول هل إن قضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) تندرج ضمن واحدة من هذه القضايا أم إن لكل واحدة من هذه القضايا دخل في قضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)؟
إننا عند الرجوع إلى الجانب المعرفي والمعلوماتي نجد أن هذه القضية لم يكن لأحد أن يقف عليها لولا ورود النصوص بها، ولذا فهي تدخل ضمن المباحث الدينية، إذ لا يستطيع الفيلسوف أن يثبت أن مهدياً سيظهر في آخر الزمان، وأن يحدد نسبه أو كيفية أداءه، ذلك لأن موضوع الفلسفة هو البحث في الموجود بوجه عام، والبحث حول الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بحث في أمر شخصي، فهو خارج عن مباحث الفلسفة ابتداء.
وكذا المتكلم فإنه وإن كان يمكن أن يبحث قضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في مبحث الإمامة إلّا أن بحثه ذاك يعتمد بالدرجة الأساس على ورود النص، وغاية ما يمكن للمتكلم أن يبحثه فيه هو ضرورة تعيين الإمام (عجّل الله فرجه) والنص عليه، فالبحث عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) إنما هو فرع للبحث في الإمامة وتعيين الأئمة (عليهم السلام) والنص عليهم، وبالتالي فإنه يبحث في علم الكلام بإطاره الخاص بحسب النصوص الواردة فيه.
وإن بحث قضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أمر لا يتعلق به البحث الفقهي إلّا بنحو الالتزام، ذلك لأن الفقه يبحث عما يتعين على المكلف القيام به في عباداته ومعاملاته وما يحل وما يحرم، أي أن البحث فيه يتناول كيفية العبادة والعقود والإيقاعات الصحيحة وتقسيم الميراث والقضايا الجزائية في الحدود والتعزيرات والديات، أي أن البحث الفقهي يتناول القانون الذي ينظم العلاقة بين العبد وربه من جهة وبين أفراد المجتمع من جهة أخرى، بمعنى أنه يبحث في أفعال المكلف وتروكه، ومن الواضح جداً أن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) لن يكون من صنع الأفراد كي يخاطبوا بإيجاده، ولا يتوقف وجوده على أعمالهم كي تكون هناك علاقة بينه وبين أعمال المكلفين. نعم أشارت بعض النصوص إلى أن لأعمال العباد مدخلاً في التعجيل بظهوره (عجّل الله فرجه) أو تأخير الظهور، ولكن هذا أمر آخر لا علاقة له بأصل القضية.
ومن هنا يتضح أن قضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من القضايا التكوينية وليست من القضايا التشريعية، أي أنها من قضايا عالم التكوين التي جعلها الله (عزَّ وجلَّ) ضمن القانون الكوني العام الذي لم يكتشف منه إلى اليوم إلّا أقل القليل، حيث إن القوانين الكونية المكتشفة إلى اليوم تكاد تنحصر في خصائص العناصر والمركبات الموجودة في الطبيعة والاستفادة منها في الحياة العامة للإنسان. نعم قد حصل في فترات متباعدة اكتشاف بعض القوانين العامة كقانون الجاذبية، إلّا أن السير أبعد من ذلك، بحيث تتجاوز دائرة الاستكشاف العلاقة بين العناصر والمركبات والأجرام السماوية إلى الوقوف على القانون الإلهي العام في الكون والمجتمع.
إن الأمر خارج عن موضوع البحث التقني ومرتبط كل الارتباط بالعالم الغيبي، فهو يعتمد على الإيمان بالنبوات أولاً ودراسة السنن الإلهية في المجتمعات البشرية ثانياً، وفهم حقيقة خلق العالم ثالثاً، ومعرفة ما يريد الله تعالى من مخلوقاته العاقلة رابعاً.
وبالنتيجة فالبحث يكون فيما يريده الله (عزَّ وجلَّ) وما أخبر به رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأساس الذي لابد معه من وجود المهدي (عجّل الله فرجه) والغاية منه.
فقضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) إذن هي قضية تكوينية تاريخية في بعض جوانبها، كونية في بعضها الآخر، مستقبلية غيبية في بعضها الثالث.
ولذا فإن البحث حول الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يجب أن يكون ضمن هذه الأطر كي يكون البحث علمياً منتجاً موصلاً للحقيقة المنشودة.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016