الرجعة (٢)
الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي
بعد أنْ أكملنا الحديث عن المنهجية ولو بشكل مجمل في الحلقة السابقة، نأتي للحديث عن النقاط التي أثرناها ونقاط أخرى لم نثرها في هذا الموضوع، ونبدأ بالحديث عن كون الرجعة عامة أم خاصة.
والحقيقة أنَّ الروايات التي تشير إلى كون الراجعين مممحضي الإيمان أو الكفر، لابدّ أنْ ينظر إليها على أساس ما تمثّله والمرحلة الزمنية التي تحدث فيها، فإنّ بعض الروايات أشارت إلى وجود مجموعة من الرجعات والكرّات لأمير المؤمنين (عليه السلام) وحده، فكيف ببقية الأئمة (عليهم السلام) وكذلك فإنّ بعض الروايات تحدثت عن رجوع مجموعة من الأنبياء (عليهم السلام) والصحابة (رضي الله عنهم) وشخصيات أخرى رجالية أو نسائية في أثناء حركة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وأوائل ظهوره المبارك، وعلى هذا الأساس فإنّ الرجعة لا تقرأ على إنّها واحدة، وإنَّ جميع ما جاء من الروايات أو تحدثت عنه الأخبار سيقع كله في رجعة واحدة، بل لابدّ أنْ يقرأ على أساس تعدّد الرجعات، إذ هناك رجعة في دولة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) التي هي مفتاح دولة أهل البيت (عليهم السلام) الكبرى والتي ستقع فيها الرجعات، ولعل أغلب الروايات ناظر إليها، فيما بعض آخر منها ناظر إلى الرجعة أبان دولة الإمام (عجّل الله فرجه)، وعلى هذا الأساس يمكن أنْ نقول إنّ هناك رجعة خاصة، وهي تلك التي تقع لبعض محدود جداً من الناس في زمان الظهور وأوائله، ورجعة أخرى وهي بالنسبة إلى هذه عامة وإنْ كانت هي في حد ذاتها خاصة، أي أنّ من يرجع ليس مطلق البشر، بل من يتمتع بخصوصيات معينة سنسلط الضوء عليها لاحقاً إنْ شاء الله تعالى.
ومن هنا ينفتح الباب أمامنا للبحث عن كون حقيقة العالم أثناء الرجعة الأولى - على أقل تقدير - هل هو نفسه وأنّ قوانينه هي نفس القوانين أو أنها تختلف، ونجيب بشكل إجمالي تاركين تفصيل البحث إلى حلقة قادمة بأنَّ الأدلة التي دلت على إنّ الظهور المبارك لصاحب الزمان (عجّل الله فرجه) سواء كانت منها الأدلة العامة أو الأدلة الخاصة تقتضي سريان القوانين والأنظمة التي نعيش فيها الآن إلى ذلك الزمان ومن أهمّها بقاء التكليف وخصوصيات الوجود الإنساني على الأرض، من التزاوج والتناسل وكل ما يرتبط بالوجود الاجتماعي أو الاقتصادي أو بناء الدولة، فانّ ذلك كله باق على حاله، نعم قد تقودنا الأدلة إلى وجود خصوصيات معينة في بعض رجعات الأئمة (عليهم السلام) التي تكون بعد الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) جميعاً، وهذا ما سنتحدث عنه في الحلقة القادمة إنْ شاء الله تعالى.