فهرس المكتبة التخصصية
 كتاب مختار:
 البحث في المكتبة:
 الصفحة الرئيسية » المكتبة التخصصية المهدوية » كتب المركز » ترجمة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في أعيان الشيعة
 كتب المركز

الكتب ترجمة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في أعيان الشيعة

القسم القسم: كتب المركز الشخص المؤلف: السيد محسن الامين الحسيني العاملي قدس سره تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٣/٠٥/١٣ المشاهدات المشاهدات: ١٤٨٩٩٩ التعليقات التعليقات: ٢

ترجمة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في أعيان الشيعة

تأليف: السيد محسن الأمين (رحمه الله)
تقديم وتحقيق: مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
الطبعة الثانية (المحققة) - ١٤٤٢هـ

فهرست الموضوعات

مقدّمة المركز
تنبيه
المؤلِّف (قدّس سرّه) في سطور
محمّد بن الحسن المهدي صاحب الزمان (عليه السلام)
ولادة المهدي (عليه السلام)
صفته في خَلْقه وحليته وأخلاقه وأطواره ولباسه
فيما جاء في ولادة المهدي (عليه السلام)
في غيبة المهدي (عليه السلام) وسفرائه
الأوَّل: أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عمرو العَمْري
الثاني: أبو جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العَمْري
الثالث: أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي
الرابع: أبو الحسن عليُّ بن محمّد السمري
[أقوام ثقات كانت ترد عليهم التوقيعات]
أدعياء السفارة
في الأدلَّة على إمامة صاحب الزمان (عليه السلام)، وأنَّه قد وُلِّد وأنَّه حيٌّ موجود في الأمصار غائب عن الأبصار
الدليل العقلي
الدليل النقلي
في الأخبار الواردة في خروج المهدي (عليه السلام) من طريق أهل السُّنَّة
فيما جاء في شاذِّ من الأخبار من طريق أهل السُّنَّة: «لا مهدي إلّا عيسى»
في بعض ما ورد في المهدي (عليه السلام) من طُرُق الشيعة/ بعض ما نزل فيه من القرآن
بعض ما ورد عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من أخبار المهدي (عليه السلام)
بعض ما ورد عن الزهراء (عليها السلام) في أمر المهدي (عليه السلام)

بعض ما ورد عن أمير المؤمنين من الإخبار بالمهدي (عليهما السلام)
بعض ما ورد عن الحسن بن عليٍّ من أخبار المهدي (عليهم السلام)

بعض ما ورد عن الحسين (عليه السلام) من أخبار المهدي (عليه السلام)
بعض ما ورد عن عليِّ بن الحسين من أخبار المهدي (عليهم السلام)

بعض ما ورد عن الباقر (عليه السلام) من أخبار المهدي (عليه السلام)
بعض ما جاء عن الصادق (عليه السلام) من الإخبار بالمهدي (عليه السلام)
بعض ما روي عن الكاظم (عليه السلام) من الإخبار بالمهدي (عليه السلام)
بعض ما جاء عن الرضا (عليه السلام) من الإخبار بالمهدي (عليه السلام)
بعض ما روي عن الجواد (عليه السلام) من الإخبار بالمهدي (عليه السلام)
بعض ما روي عن الهادي (عليه السلام) من الإخبار بالمهدي (عليه السلام)

بعض ما روي عن الحسن العسكري من الإخبار بالمهدي (عليهما السلام)
في أنَّ في المهدي (عليه السلام) من سُنَن الأنبياء والاستدلال بغيباتهم على غيبته
غيبات الأنبياء

غيبة إدريس (عليه السلام)
غيبة صالح (عليه السلام)

غيبة إبراهيم (عليه السلام)
غيبة يوسف (عليه السلام)
غيبة موسى (عليه السلام)
وقوع الغيبة بالأوصياء والحُجَج من بعد موسى إلى زمان المسيح (عليهما السلام)
في معجزات المهدي (عليه السلام) ودلائله وبيِّناته وآياته
في دفع الشُّبُهات التي وردت في أمر المهدي (عليه السلام)
الشبهة الأُولى
الشبهة الثانية
الشبهة الثالثة

الشبهة الرابعة
الشبهة الخامسة
الشبهة السادسة
الشبهة السابعة
الشبهة الثامنة
الشبهة التاسعة

الشبهة العاشرة
الشبهة الحادية عشرة
في ذكر من قال بوجود المهدي (عليه السلام) ووافق الشيعة من علماء أهل السُّنَّة

[كمال الدِّين محمّد ابن طلحة الشافعي]
[محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي]
[عليُّ بن محمّد ابن الصبّاغ المالكي]
[سبط ابن الجوزي]
[ابن عربي في كتابه الفتوحات]
[عبد الرحمن الدشتي الجامي الحنفي]
[الشيخ عبد الوهّاب الشعراني في كتابه اليواقيت]
[السيِّد جمال الدِّين عطاء الله في كتابه روضة الأحباب]
[الحافظ محمّد بن محمّد البخاري في كتابه فصل الخطاب]
[العارف عبد الرحمن في كتابه مرآة الأسرار]
[الشيخ حسن العراقي]
[أحمد بن إبراهيم البلاذري في الحديث المسلسل]
[ابن الخشّاب في تواريخ مواليد الأئمَّة ووفياتهم]
في من رأى المهدي (عليه السلام)
في علامات ظهور المهدي (عليه السلام) المرويَّة عن أئمَّة أهل البيت (عليهم السلام)
في ذكر السنة التي يخرج فيها المهدي (عليه السلام) واليوم الذي يخرج فيه، والمكان الذي يخرج فيه، وما يفعله بعد خروجه وأين يقيم، وهيأته بحسب السنِّ، ومدَّة ملكه، وما تكون عليه الأرض ومن عليها من الناس، وسيرته عند قيامه وطريقة أحكامه، وما بيَّنه الله تعالى من آياته

سنة خروجه

يوم خروجه
مكان خروجه
مدَّة ملكه
حالة الأرض

سيرته
في عدد أنصار المهدي (عليه السلام) وأسماء بلدانهم وكيفيَّة اجتماعهم
المصادر والمراجع

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة المركز:
الحمد لله ربِّ العالمين، وصلّى الله على سيِّدنا محمّد وآله الطاهرين.
الاعتقاد بالمهدي المنتظر (عجَّل الله فرجه) من الأُمور المجمع عليها بين المسلمين، بل من الضروريّات التي لا يشوبها شكٌّ(١).
وقد جاءت الأخبار الصحيحة المتواترة عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّ الله تعالى سيبعث في آخر الزمان رجلاً من أهل البيت (عليهم السلام) يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً، وجاء أنَّ ظهوره من المحتوم الذي لا يتخلَّف، حتَّى لو لم يبقَ من الدنيا إلَّا يوم واحد، لطوَّل الله (عزَّ وجلَّ) ذلك اليوم حتَّى يظهر.
وكيف وأنّى يتخلَّف وعد الله (عزَّ وجلَّ) في إظهار دينه على الدِّين كلِّه ولو كره المشركون؟! وكيف لا يُحقِّق تعالى وعده للمستضعفين المؤمنين باستخلافهم في الأرض، وبتمكين دينهم الذي ارتضى لهم، وإبدالهم من بعد خوفهم أمناً، ليعبدوه تعالى لا يُشركون به شيئاً؟!
وقد أجمع المسلمون على أنَّ المهديَّ المنتظر (عجَّل الله فرجه) من أهل البيت (عليهم السلام)، وأنَّه من ولد فاطمة (عليها السلام).
وأجمع الإماميَّة - ومعهم عدد من علماء أهل السُّنَّة - أنَّه (عجَّل الله فرجه) من ولد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، فأثبتوا اسمه ونعته وهويَّته الكاملة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) روي عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه قال: «من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أُنزل على محمّد». راجع: شرح إحقاق الحقِّ (ج ١٣/ ص ٢٣٥ و٢٣٦/ باب من أنكر خروج المهدي فقد كفر).

↑صفحة ٣↑

هكذا فقد اعتقد الإماميَّة - ومعهم بعض علماء أهل السُّنَّة - أنَّ المهدي المنتظر (عجَّل الله فرجه) قد وُلِدَ فعلاً، وأنَّه حيٌّ يُرزَق، لكنَّه غائب مستور.
وماذا تنكر هذه الأُمَّة أنْ يستر الله (عزَّ وجلَّ) حجَّته في وقت من الأوقات؟ وماذا تنكر أنْ يفعل الله تعالى بحجَّته كما فعل بيوسف (عليه السلام)، أنْ يسير في أسواقهم ويطأ بُسُطهم وهم لا يعرفونه، حتَّى يأذن الله (عزَّ وجلَّ) له أنْ يُعرِّفهم بنفسه كما أذن ليوسف ﴿قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي﴾ (يوسف: ٩٠)(٢).
أوَلم يُخلِف رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في أُمَّته الثقلين: كتاب الله وعترته، وأخبر بأنَّهما لن يفترقا حتَّى يردا عليه الحوض؟!
أوَلم يُخبِر (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه سيكون بعده اثنا عشر خليفة كلُّهم من قريش، وأنَّ عدد خلفائه عدد نقباء موسى (عليه السلام)؟!
وإذا كان الله تعالى لم يترك جوارح الإنسان حتَّى أقام لها القلب إماماً لتردَّ عليه ما شكَّت فيه، فيقرُّ به اليقين ويبطل الشكُّ، فكيف يترك هذا الخلق كلَّهم في حيرتهم وشكِّهم واختلافهم لا يُقيم لهم إماماً يردُّون إليه شكَّهم وحيرتهم(٣)؟!
وحقًّا ﴿لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ (الحجّ: ٤٥).
ولا ريب أنَّ للعقيدة الشيعيَّة في المهدي المنتظر (عجَّل الله فرجه) - وهي عقيدة قائمة على الأدلَّة القويمة العقليَّة - رجحاناً كبيراً على عقيدة من يرى أنَّ المهدي المنتظر (عجَّل الله فرجه) لم يُولَد بعد، يقرُّ بذلك كلُّ من ألقى السمع وهو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢) الاستدلال منتزع من الكافي (ج ١/ ص ٣٨٤ و٣٨٥/ باب في الغيبة/ ح ٤).
(٣) انظر محاججة هشام بن الحَكَم مع عمرو بن عبيد في كمال الدِّين (ص ٢٣٧ - ٢٣٩/ باب ٢١/ ح ٢٣).

↑صفحة ٤

شهيد إلى قول الصادق المصدَّق (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليَّة»(٤).
ناهيك عن أنَّ من معطيات الاعتقاد بالإمام الحيِّ أنَّها تمنح المذهب غناءً وحيويَّة لا تخفى على من له تأمُّل وبصيرة(٥).
ولا ريب أنَّ إحساس الفرد المؤمن أنَّ إمامه معه يعاني كما يعاني، وينتظر الفرج كما ينتظر، سيمنحه ثباتاً وصلابةً مضاعفة، ويستدعي منه الجهد الدائب في تزكية نفسه وتهيئتها ودعوتها إلى الصبر والمصابرة والمرابطة، ليكون في عداد المنتظرين الحقيقيِّين لظهور مهديِّ آل محمّد (عليه وعليهم السلام)؛ خاصَّة وأنَّه يعلم أنَّ اليُمْن بلقاء الإمام لن يتأخَّر عن شيعته لو أنَّ قلوبهم اجتمعت على الوفاء بالعهد، وأنَّه لا يحبسهم عن إمامهم إلَّا ما يتَّصل به ممَّا يكرهه ولا يُؤثِره منهم(٦).
ولا يُماري أحد في فضل الإمام المستور الغائب - غيبة العنوان لا غيبة المعنون - في تثبيت شيعته وقواعده الشعبيَّة المؤمنة وحراستها، كما لا يماري في فائدة الشمس وضرورتها وإنْ سترها السحاب.
كيف، ولولا مراعاته ودعائه (عجَّل الله فرجه) لاصطلمها الأعداء ونزل بها اللأواء؟!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤) حديث مشهور تناقله علماء الطرفين في مجاميعهم الحديثيَّة بتعابير تتَّفق في مضمونها. انظر على سبيل المثال: مسند أحمد (ج ٤/ ص ٩٦)؛ مسند أبي داود (ص ٢٥٩)؛ المصنَّف لابن أبي شيبة (ج ٨/ ص ٥٩٨/ ح ٤٢)؛ المعجم الأوسط للطبراني (ج ٦/ ص ٧٠)؛ مجمع الزوائد (ج ٥/ ص ٢١٨ و٢٢٥)؛ وغيرها من المصادر.
(٥) انظر كلام المستشرق الفرنسي الفيلسوف هنري كاربون في مناقشاته مع العلَّامة الطباطبائي في كتاب (الشمس الساطعة).
(٦) راجع: الاحتجاج (ج ٢/ ص ٣٢٥)، عنه بحار الأنوار (ج ٥٣/ ص ١٨١/ ح ٨).

↑صفحة ٥

ولا يشكُّ أحد من الشيعة أنَّ إمامه أمان لأهل الأرض كما أنَّ النجوم أمان لأهل السماء(٧).
وقد وردت روايات متكاثرة عن أئمَّة أهل البيت (عليهم السلام) تنصبُّ في مجال ربط الشيعة بإمامهم المنتظر (عجَّل الله فرجه)، وجاء في بعضها أنَّه (عجَّل الله فرجه) يحضر الموسم فيرى الناس ويعرفهم، ويرونه ولا يعرفونه(٨)، وأنَّه (عجَّل الله فرجه) يدخل عليهم ويطأ بُسُطهم، كما وردت روايات جمَّة في فضل الانتظار، وفي فضل إكثار الدعاء بتعجيل الفرج، فإنَّ فيه فرج الشيعة.
وقد عني مركز الدراسات التخصُّصيَّة في الإمام المهديِّ (عجَّل الله فرجه) بالاهتمام بكلِّ ما يرتبط بهذا الإمام الهمام (عجَّل الله فرجه)، سواءً بطباعة ونشر الكُتُب المختصَّة به (عجَّل الله فرجه)، أو إقامة الندوات العلميَّة التخصُّصيَّة في الإمام (عجَّل الله فرجه) ونشرها في كُتيِّبات أو من خلال شبكة الانترنيت، ومن جملة نشاطات هذا المركز نشر سلسلة التراث المهدويِّ، ويتضمَّن تحقيق ونشر الكُتُب المؤلَّفة في الإمام المهديِّ (عجَّل الله فرجه)، من أجل إغناء الثقافة المهدويَّة، ورفداً للمكتبة الإسلاميَّة الشيعيَّة.
نسأله (عزَّ من مسؤول) أنْ يأخذ بأيدينا، وأنْ يُبارك في جهودنا ومساعينا، وأنْ يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم، والحمد لله ربِّ العالمين.
والكتاب الماثل بين يديك عزيزي القارئ مقتبس من السِّفر العظيم (أعيان الشيعة) لمؤلِّفه المحقِّق الخبير والعلَّامة الكبير السيِّد محسن الأمين (طيَّب الله ثراه) تعرَّض فيه لحياة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، فأوفى وأحسن، ونظراً لأهمّيَّة الكتاب والكاتب حرص المركز على إفراد القسم المختصِّ بالإمام المهديِّ (عجَّل الله فرجه)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٧) قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض» (كمال الدِّين: ص ٢٣٥/ باب ٢١/ ح ١٩).
(٨) راجع: كمال الدِّين (ص ٤٧٠/ باب ٤٣/ ح ٨).

↑صفحة ٦

بالتحقيق وضبط النصوص واستخراج الأحاديث من مصادرها وإضافة بعض العناوين بما يراه المركز ضروريًّا، نسأله تعالى التوفيق والسداد.
تنبيه:
نُلفِت نظر القارئ الكريم إلى ما يلي:
١ - إنَّ بعض ما رواه المؤلِّف (قدّس سرّه) من الروايات لم تكن مطابقة تماماً لما هو موجود في المصادر وإنْ لم تكن خارجة عن المضمون، ونحن رعايةً منّا بعدم التصرُّف في ما سطره لم نضف ولم نحذف منه شيئاً، وإنَّما نبَّهنا له في هوامش التحقيق، لذا يمكن للباحث الكريم أنْ يرجع إلى ما أخرجناه من المصادر للاعتماد عليها في أيِّ بحث أو دراسة.
٢ - إنَّ علامة النجمة في الهامش تشير إلى تعليقات المؤلِّف (قدّس سرّه)، أمَّا ما أُشير له بالأرقام فهو من تعليقات وتحقيق المركز.
٣ - إنَّ إخراج وترتيب الفصول والعناوين وفروعها لم تكن بالأصل في ما هو مطبوع سابقاً ضمن موسوعة أعيان الشيعة، رأينا أنْ نُخرِجه بهذه الصورة ليكون هذا الكتاب أكثر ترتيباً وفائدةً.
٤ - أضافت لجنة التحقيق الكثير من العناوين الجانبيَّة التي لم تكن ضمن المتن السابق، وذلك لضرورتها في إخراج الكتاب وتسهيل قراءته وتتبُّعه.

مدير المركز
السيِّد محمّد القبانچي

↑صفحة ٧

المؤلِّف (قدّس سرّه) في سطور:
إنَّ المؤلِّف (قدّس سرّه) وإنْ كان غنيًّا عن التعريف، وإنَّ اسمه قد لمع وأضاء في سماء عالم التشيُّع فضلاً عن العالم الإسلامي، إلَّا أنَّنا ارتئينا أنْ لا يُعدَم هذا السِّفر العظيم من أنْ نُزيِّنه بنبذة مختصرة عن هويَّة المؤلِّف وحياته (قدّس سرّه).
هو السيِّد محسن بن عبد الكريم بن عليِّ بن محمّد الأمين الحسيني العاملي، فقيه، أُصولي، مجتهد، متكلِّم، مؤرِّخ، أديب، شاعر، مشارك في علوم.
وُلِدَ بشقراء من قرب جبل عامل، بلبنان عام (١٢٨٤هـ/١٨٦٧م)، وقرأ في مدارس جبل عاملة النحو والصرف وعلوم البلاغة والمنطق ومبادي الفقه والأُصول وعلم الكلام، ثمّ هاجر إلى النجف فأتمَّ بها قراءة علمي الأُصول والفقه على مشاهير علمائها حتَّى بلغ رتبة الاجتهاد والفتوى، وتخرَّج على يده في جبل عامل والنجف كثير من الطلّاب، ثمّ قَدِمَ دمشق فسكنها، وأنشأ بها المدرسة المحسنيَّة للذكور، ثمّ المدرسة اليوسفيَّة للإناث بمساعدة أهل البرِّ والإحسان، ورحل إلى الحجار ومصر وإيران، وانتُخِبَ عضواً بالمجمع العلمي العربي بدمشق.
تُوفّي ببيروت في (٥) رجب عام (١٣٧١هـ/١٩٥٢م)، ودُفِنَ بقرية الستّ من أعمال دمشق.
من تصانيفه الكثيرة:
١ - أعيان الشيعة.
٢ - إقناع اللائم على إقامة المآتم.

↑صفحة ٩

٣ - الرحيق المختوم في المنثور والمنظوم.
٤ - كاشفة القناع عن أحكام الرضاع.
٥ - معادن الجواهر ونزهة الخواطر في علوم الأوائل والأواخر.

* * *

↑صفحة ١٠↑

محمّد بن الحسن المهدي صاحب الزمان (عليه السلام)

الإمام بعد أبي محمّد الحسن العسكري، وثاني عشر أئمَّة المسلمين وخلفاء الله في العالمين وثالث المحمّدين، ولده المسمّى باسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المكنّى بكنيته، ابن الحسن بن عليِّ بن محمّد بن عليِّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليِّ ابن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب (عليهم السلام).
وجاء في كثير من الأخبار النهي عن تسميته، مثل:
- «لا يحلُّ لكم ذكره باسمه»(٩).
- أو «لا يحلُّ لكم تسميته»(١٠).
- أو «لا يحلُّ ذكره باسمه حتَّى يخرج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً»(١١).
- أو «لا يحلُّ لكم(١٢) تسميته حتَّى يُظهِره الله [(عزَّ وجلَّ)](١٣) فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً...»(١٤) الخ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٩) الكافي (ج ١/ ص ٣٨٠ و٣٨١/ باب في النهي عن الاسم/ ح ١).
(١٠) كمال الدِّين (ص ٣٦٣ و٣٦٨/ باب ٣٣/ ح ١ و١٢، وص ٤٤١/ باب ٣٩/ ح ٥).
(١١) كمال الدِّين (ص ٤١٠/ باب ٣٧/ ح ١)، وفيه: (جوراً وظلماً).
(١٢) في المصدر: (لهم).
(١٣) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(١٤) كمال الدِّين (٣٩٨ و٣٩٩/ باب ٣٤/ ح ٦).

↑صفحة ١١

- أو «يحرم عليهم تسميته، وهو سميُّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكنيُّه»(١٥).
- أو «لا يُسمّيه باسمه إلَّا كافر»(١٦).
- أو «لا يُرى جسمه، ولا يُسمّى باسمه(١٧)»(١٨).
وسُئِلَ أمير المؤمنين (عليه السلام) عن اسمه فقال: «أمَّا اسمه فلا، إنَّ حبيبي وخليلي عهد إليَّ أنْ لا أُحدِّث باسمه حتَّى يبعثه الله (عزَّ وجلَّ)، وهو ممَّا استودع الله (عزَّ وجلَّ) رسوله في علمه»(١٩).
ولأجل ذلك كان يُعبَّر عنه (عجَّل الله فرجه) في الأخبار وكلام الرواة بـ: الصاحب، والقائم، وصاحب الزمان، وصاحب الدار، والحضرة، والناحية المقدَّسة، والرجل، والغريم، والغلام، وغير ذلك، ولا يُصرِّحون باسمه(٢٠).
قال المفيد (عليه الرحمة): (والغريم رمز كانت الشيعة تعرفه قديماً بينها ويكون خطابها عليه للتقيَّة)(٢١).
وحمل الصدوق وجملة من الأصحاب النهي الوارد في هذه الأخبار على ظاهره فأفتوا بالتحريم(٢٢).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٥) كمال الدِّين (ص ٤٠٧ و٤٠٨/ باب ٣٦/ ح ٢).
(١٦) الكافي (ج ١/ ص ٣٨١/ باب في النهي عن الاسم/ ح ٤).
(١٧) في المصدر: (ولا يُسمّى اسمه).
(١٨) الكافي (ج ١/ ٣٨١/ باب في النهي عن الاسم/ ح ٣).
(١٩) كمال الدِّين (ص ٦٧٨/ باب ٥٦/ ح ٣).
(٢٠) انظر هذه الألفاظ على سبيل المثال لا الحصر في: الكافي (ج ١/ ص ٥٦٩/ باب مولد الصاحب (عليه السلام)/ ح ١٥)؛ كمال الدِّين (ص ٣٧٢ و٤٦٠/ باب ٣٣ و٤٢/ ح ٢٣ و٤)؛ الغيبة للنعماني (ص ١٩٠/ باب ١٠/ فصل ٤/ ح ٣٥)؛ الغيبة للطوسي (ص ٣١٨ و٣٣٦ و٣٣٧/ ح ٢٤٧ و٢٦١ و٢٦٢)؛ الاحتجاج (ج ٢/ ص ٣١٥ و٣١٦).
(٢١) راجع: الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٦٢).
(٢٢) كمال الدِّين (ص ٣٣٧/ باب ٢٧/ ذيل الحديث ١)، وقد صرَّح في آخر الحديث أنَّه يذهب إلى النهي من تسميته؛ وكذلك الطبرسي (رحمه الله) في إعلام الورى (ج ٢/ ص ٢١٣).

↑صفحة ١٢

ويمكن الحمل على الكراهة لحكمة لا يعلمها إلَّا الله تعالى، ولا ينافيه التشديد الوارد في الأخبار البالغ إلى حدِّ التكفير، فقد ورد في المكروهات أمثال ذلك مثل: «من ترك فرق شعره فُرِقَ بمنشار من نار»(٢٣).
ويُؤيِّد الكراهة التصريح باسمه في بعض الأحاديث، كحديث اللوح الذي دفعه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى فاطمة (عليها السلام) وفيه أسماء الأئمَّة (عليهم السلام) وغيره(٢٤).
ويمكن الحمل على وقت الخوف عليه كزمن الغيبة الصغرى، ويدلُّ عليه ما في بعض التوقيعات: «ملعون [ملعون](٢٥) من سمّاني في محفل من الناس»(٢٦).
أو «من سمّاني في مجمع من الناس باسمي فعليه لعنة الله»(٢٧).
وقول عثمان بن سعيد العمري حين قيل له: فالاسم؟ قال: (إيّاك أنْ تبحث عن هذا، فإنَّ عند القوم أنَّ هذا النسل قد انقطع)(٢٨).
وقوله أيضاً لمَّا سُئِلَ عن الاسم: (محرَّم عليكم أنْ تسألوا عن ذلك، ولا أقول هذا من عندي، وليس لي أنْ أُحلِّل وأُحرِّم، ولكن عنه (عليه السلام)، فإنَّ الأمر عند السلطان أنَّ أبا محمّد [(عليه السلام)](٢٩) مضى ولم يُخلِّف ولداً...، وإذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتَّقوا الله وأمسكوا عن ذلك)(٣٠).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٣) راجع: من لا يحضره الفقيه (ج ١/ ص ١٦١/ ح ٣٢٨)، وفيه: «من اتَّخذ شعراً فلم يفرقه فرقه الله بمنشار من نار».
(٢٤) الكافي (ج ١/ ص ٥٧٥ و٥٧٦/ باب فيما جاء في الاثني عشر.../ ح ٣).
(٢٥) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٢٦) كمال الدِّين (ص ٥١٢/ باب ٤٥/ ح ١).
(٢٧) كمال الدِّين (ص ٥١٣/ باب ٤٥/ ح ٣).
(٢٨) كمال الدِّين (ص ٤٧١ و٤٧٢/ باب ٤٣/ ح ١٤).
(٢٩) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٣٠) الكافي (ج ١/ ص ٣٧٧ و٣٧٨/ باب في تسمية من رآه/ ح ١).

↑صفحة ١٣

وما في بعض التوقيعات: «إنْ دللتم(٣١) على الاسم أذاعوا(٣٢)، وإنْ عرفوا المكان دلُّوا عليه»(٣٣).
وفي بعضها: «إنْ وقفوا على الاسم أذاعوه، وإنْ وقفوا على المكان دلُّوا عليه»(٣٤).
وقول الباقر (عليه السلام) حين قال له الكابلي: أُريد أنْ تسميه لي حتَّى أعرفه باسمه: «سألتني والله يا أبا خالد عن سؤال مجهد، [ولقد](٣٥) سألتني بأمر(٣٦) لو كنت محدِّثاً به أحداً لحدَّثتك، و[لقد] سألتني عن أمر لو أنَّ بني فاطمة عرفوه حرصوا على أنْ يُقطِّعوه بضعة بضعة»(٣٧).
وينافيه ما مرَّ من أنَّه يحرم عليهم تسميته، ثمّ قوله: إنَّه سميُّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكنيُّه الذي علم به اسمه، فدلَّ على تحريم التصريح لحكمة.
والخوف لا يتفاوت فيه الحال بين التصريح وأنَّه سميُّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
وينافيه أيضاً ما مرَّ في بعضها من أنَّه لا يحلُّ تسميته حتَّى يخرج أو حتَّى يُظهِره الله.
ويمكن الجمع بأنَّ التصريح بالاسم مكروه مطلقاً، والتسمية صريحاً وكنايةً محرَّمة في زمن الخوف، وبذلك يرتفع جميع التنافي بين الأخبار، والله أعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣١) في المصدر: (دللتهم).
(٣٢) في المصدر: (أذاعوه).
(٣٣) الكافي (ج ١/ ص ٣٧٨ و٣٧٩/ باب في النهي عن الاسم/ ح ٢).
(٣٤) الغيبة للطوسي (ص ٣٩٢/ ح ٣٣١).
(٣٥) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي.
(٣٦) كذا؛ وفي المصدر: (عن أمر).
(٣٧) الغيبة للنعماني (ص ٢٩٩ و٣٠٠/ باب ١٦/ ح ٢).

↑صفحة ١٤

ولادة المهدي (عليه السلام):
وُلِدَ المهدي (عليه السلام) ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين بسر من رأى في أيّام المعتمد، قال المفيد: (ولم يُخلِف أبوه ولداً ظاهراً ولا باطناً غيره، وخلَّفه غائباً مستتراً...، وكانت(٣٨) سنُّه عند وفاة أبيه(٣٩) خمس سنين آتاه الله فيها الحكمة وفصل الخطاب، وجعله آيةً للعالمين، وآتاه [الله](٤٠) الحكمة كما آتاها يحيى [(عليه السلام)] صبيًّا، وجعله إماماً في حال الطفوليَّة الظاهرة كما جعل عيسى بن مريم (عليه السلام) في المهد نبيًّا)(٤١).
وعمره إلى يومنا هذا وهو غاية صفر سنة خمس وأربعين وثلاثمائة بعد الألف ألف سنة وتسع وثمانون سنة وستَّة أشهر ونصف(٤٢).
أُمُّه: أُمُّ ولد يقال لها: نرجس، كانت خير أَمَة، وفي رواية أنَّ اسمها الأصلي مليكة(٤٣).
كنيته ككنية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ويُكنّى أيضاً بأبي جعفر.
لقبه: الحجَّة والمهدي والخلف الصالح والقائم المنتظر وصاحب الزمان، وأشهرها المهدي.
بوّابه: عثمان بن سعيد، ثمّ ابنه محمّد بن عثمان، ثمّ الحسين بن روح، ثمّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٨) في المصدر: (وكان)؛ وهو الصحيح.
(٣٩) في المصدر: (عند وفاة أبي محمّد).
(٤٠) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر؛ وكذلك المورد التالي.
(٤١) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٣٩).
(٤٢) وعمره الشريف إلى يومنا هذا وهو (١٥/ ربيع الثاني/ ١٤٤١هـ) يبلغ ألف سنة ومائة وخمس وثمانون سنة وسبعة أشهر.
(٤٣) راجع: كمال الدِّين (ص ٤٤٧/ باب ٤١/ ح ١).

↑صفحة ١٥↑

عليُّبن محمّد السمري، وهم السفراء، وسيأتي تفصيل أحوالهم إنْ شاء الله تعالى(٤٤).
نقش خاتمه: على ما ذكره الكفعمي: (أنا حجَّة الله وخاصَّته)(٤٥).
شاعره: ابن الرومي.
صفته في خَلْقه وحليته وأخلاقه وأطواره ولباسه:
أمَّا صفته في خَلْقه وحليته، فعن (سُنَن أبي داود) أنَّه يشبه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الخُلُق - بالضمِّ - ولا يشبهه في الخَلْق - بالفتح -(٤٦)، ولكن في رواية النعماني في (الغيبة) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنَّه يشبه نبيَّكم في الخَلْق والخُلُق(٤٧).
«على خدِّه الأيمن خال كأنَّه كوكب دُرّي...» الحديث(٤٨).
وفي رواية: «كأنَّ وجهه كوكب دُرّي، في خدِّه الأيمن خال أسود»(٤٩).
وفي رواية: «أفرق الثنايا، أجلى الجبهة»(٥٠).
وفي رواية: «أجلى الجبين(٥١)»(٥٢).
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) في صفته: أنَّه «شابٌّ مربوع القامة، حسن الوجه،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٤) يأتي في (ص ٣٠ - ٣٨)، فراجع.
(٤٥) التتمَّة في تواريخ الأئمَّة (ص ١٤٨).
(٤٦) سُنَن أبي داود (ج ٢/ ص ٣١١/ ح ٤٢٩٠).
(٤٧) الغيبة للنعماني (ص ٢٢٢ و٢٢٣/ باب ١٣/ ح ٢).
(٤٨) الأربعون حديثاً في المهدي للحافظ أبي نعيم الأصفهاني (ص ٦١/ ح ٩).
(٤٩) المعجم الكبير للطبراني (ج ٨/ ص ١٠٢).
(٥٠) عقد الدُّرَر (ص ٢٠).
(٥١) في النهاية [ج ١/ ص ٣١٠]: الأجلى الخفيف شعر ما بين النزعتين من الصدغين، والذي انحسر الشعر عن جبهته.
(٥٢) الغيبة للنعماني (ص ٢٢٣/ باب ١٣/ ح ٢).

↑صفحة ١٦

والشعر يسيل شعره على منكبيه، ويعلو نور وجهه سواد شعر لحيته ورأسه، أجلى الجبين، أقنى الأنف، ضخم البطن، بفخذه اليمنى شامة، أفلج الثنايا»(٥٣).
وعن الباقر (عليه السلام): «مشوب(٥٤) حمرة، غائر العينين، مشرف الحاجبين، عريض ما بين المنكبين، برأسه حزاز(٥٥)، وبوجهه أثر»(٥٦).
وعن (إسعاف الراغبين) للصبّان المصري: ورد أنَّه شابٌّ، أكحل العينين، أزج الحاجبين، أقنى الأنف، كثُّ اللحية، على خدِّه الأيمن خال، وعلى يده اليمنى خال(٥٧).
وفي (الفصول المهمَّة): صفته بين السمرة والبياض(٥٨).
ويأتي أنَّه إذا خرج يكون شيخ السنِّ، شابُّ المنظر، يحسبه الناظر ابن أربعين سنة أو دونها(٥٩).
وأمَّا صفته في أخلاقه: فالمستفاد من مجموع الأخبار الآتية وغيرها التي رواها عامَّة المسلمين أنَّه يشبه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في خُلُقه - بالضمِّ -، وأنَّه من أهل بيته، اسمه كاسمه، يُصلِحه الله في ليلة، على رأسه غمامة فيها مَلَك ينادي: هذا المهدي خليفة الله فاتَّبعوه، فيُذعِن له الناس، ويشربون حبَّه، يمدُّه الله بثلاثة آلاف من الملائكة، جبرئيل على مقدمته، وميكائيل على ساقته، أنصاره بعدَّة أهل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٣) راجع: الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨٢)؛ الغيبة للنعماني (ص ٢٢٢ و٢٢٣/ باب ١٣/ ح ٢).
(٥٤) في المصدر: (المشرب حمرة).
(٥٥) الحَزاز - بالفتح -: ما تعلَّق بأُصول شعر الرأس كأنَّه نخالة. [راجع: العين للفراهيدي (ج ٤/ ص ٤٧/ مادَّة هرب؛ لسان العرب (ج ٥/ ص ٣٣٥)].
(٥٦) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٢٣ و٢٢٤/ باب ١٣/ ح ٣).
(٥٧) إسعاف الراغبين (ص ١٣٥).
(٥٨) الفصول المهمَّة (ج ٢/ ص ٤٠١).
(٥٩) يأتي في (ص ٢٣٩)، فراجع.

↑صفحة ١٧

بدر، وأهل الكهف منهم، يخرج بالسيف، ويملك شرق الأرض وغربها، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً، يُظهِر الإسلام، ويرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، أسعد الناس به أهل الكوفة، تخصب الأرض في زمانه وتُخرِج كنوزها، يحثو المال حثواً ولا يعدُّه عدًّا، يُصلّي خلفه عيسى بن مريم، ويساعد عيسى على قتل الدجّال بباب لدٍّ، يخرج في وتر من السنين سنة إحدى أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع، يملك ستَّ سنين أو سبعاً أو ثماناً أو تسعاً، السنة من سنيِّه مقدار عشر سنين، يستخرج تابوت السكينة من غار أنطاكية، وأسفار التوراة من جبل بالشام، يُظهِر من الدِّين ما هو الدِّين عليه في نفسه ما لو كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يحكم.
وقال الشيخ محيي الدِّين ابن العربي: (أعداؤه الفقهاء المقلِّدون، يدخلون تحت حكمه خوفاً من سيفه ورغبةً فيما لديه)(٦٠).
وأمَّا صفته في لباسه ففي بعض الروايات: عليه عباءتان قطوانيَّتان(٦١)، أي عند خروجه.

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٠) راجع: الفتوحات المكّيَّة (ج ٣/ ص ٣٢٧).
(٦١) الاختصاص (ص ٢٢٠).

↑صفحة ١٨

فيما جاء في ولادة المهدي (عليه السلام)

روى الصدوق في (إكمال الدِّين)، والكليني في (الكافي)، والشيخ في كتاب (الغيبة) بألفاظ متقاربة، عن بشر بن سليمان النخّاس، وهو من ولد أبي أيّوب الأنصاري، وأحد موالي أبي الحسن وأبي محمّد العسكريَّين، وجارهما بسر من رأى، قال:
كان مولاي أبو الحسن الهادي (عليه السلام) فقَّهني في علم الرقيق، فكنت لا أبتاع ولا أبيع إلَّا بإذنه، فاجتنبت بذلك موارد الشُّبُهات حتَّى كملت معرفتي فيه وأحسنت الفرق فيما بين الحلال والحرام، فأتاني ليلة كافور الخادم فقال: مولانا أبو الحسن عليُّ بن محمّد العسكري يدعوك، فأتيته.
فقال لي: «يا بشر، إنَّك من ولد الأنصار، وهذه الموالاة لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف، وأنتم ثقاتنا أهل البيت، وإنّي مشرِّفك بفضيلة تسبق بها الشيعة في الموالاة بسرٍّ أُطلِعك عليه وأُنفِذك في ابتياع أَمَة».
فكتب كتاباً لطيفاً بخطٍّ روميٍّ ولغةٍ روميَّةٍ وطبع عليه بخاتمه، وأعطاني مائتين وعشرين ديناراً، فقال: «خذها، وتوجَّه بها إلى بغداد، واحضر معبر الفرات ضحوة يوم كذا، فإذا وصلت إلى جانبك زوارق السبايا فستحدق بهنَّ طوائف المبتاعين من وكلاء قُوّاد بني العبّاس وشرذمة من فتيان العرب، فأشرف من البُعد على عمر بن يزيد النخّاس عامَّة نهارك، إلى أنْ تبرز جارية صفتها كذا

↑صفحة ١٩

وكذا، لابسة حريرتين صفيقتين، تمتنع من العرض ولمس المعترض، وتسمع صرخة روميَّة من وراء ستر رقيق، فاعلم أنَّها تقول: وا هتك ستراه.
فيقول بعض المبتاعين: عليَّ بثلاثمائة دينار، فقد زادني العفاف فيها رغبةً.
فتقول له بالعربيَّة: لو برزتَ في زيِّ سليمان بن داود وعلى شبه مُلكه ما بدت [لي](٦٢) فيك رغبة، فاشفق على مالك.
فيقول النخّاس: فما الحيلة ولا بدَّ من بيعكِ؟
فتقول الجارية: وما العجلة؟ لا بدَّ من اختيار مبتاعٍ يسكن قلبي إليه وإلى وفائه وأمانته.
فعند ذلك قل له: إنَّ معك كتاباً ملصقاً لبعض الأشراف بلغة روميَّة، ووصف فيه كرمه ووفاءه ونبله وسخاءه، فناولها لتتأمَّل منه أخلاق صاحبه، فإنْ مالت إليه ورضيته فأنا وكيله في ابتياعها».
قال بشر: فامتثلت جميع ما حدَّ لي مولاي أبو الحسن (عليه السلام)، فلمَّا نظرت في الكتاب بكت بكاءً شديداً، وقالت له: بعني من صاحب هذا الكتاب؛ وحلفت بالمحرّجة والمغلّظة أنَّه متى امتنع عن بيعها منه قتلت نفسها.
فما زلت أُشاحه في ثمنها حتَّى استقرَّ الأمر على مقدار ما كان صحبنيه مولاي من الدنانير، فاستوفاه، وتسلَّمت الجارية ضاحكة مستبشرة.
وانصرفت بها إلى حجرتي ببغداد، فما أخذها القرار حتَّى أخرجت كتاب مولانا من جيبها وهي تلثمه وتُطبِقه على جفنها وتضعه على خدِّها وتمسحه على بدنها.
فقلت: تلثمين كتاباً لا تعرفين صاحبه؟
فقالت: أيُّها العاجز الضعيف المعرفة بمحلِّ أولاد الأنبياء، أعرني سمعك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٢) ما بين المعقوفتين من كمال الدِّين.

↑صفحة ٢٠

وفرِّغ لي قلبك، أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر مَلِك الروم، وأُمّي من ولد الحواريِّين تُنسَب إلى وصيِّ المسيح شمعون، أُنبئك بالعجب.
إنَّ جدِّي قيصر أراد أنْ يُزوِّجني من ابن أخيه وأنا بنت ثلاث عشرة سنة، فجمع في قصره من نسل الحواريِّين من القسِّيسين والرُّهبان ثلاثمائة رجل، ومن ذوي الأخطار منهم سبعمائة رجل، ومن أُمراء الأجناد وملوك العشائر أربعة آلاف، وأبرز من بهيِّ مُلكه عرشاً مصوغاً من أصناف الجواهر، ورفعه فوق أربعين مرقاة، فلمَّا صعد ابن أخيه وأحدقت الصُّلُب، وقامت الأساقفة عُكَّفاً ونُشِرت أسفار الإنجيل، تساقطت الصلبان من الأعلى فلصقت بالأرض، وتقوَّضت أعمدة العرش، وخرَّ الصاعد إلى العرش مغشيًّا عليه.
فتغيَّرت ألوان الأساقفة وارتعدت فرائصهم، فقال كبيرهم لجدِّي: اعفنا أيُّها المَلِك من ملاقاة هذه النحوس الدالَّة على زوال هذا الدِّين.
فتطيَّر جدِّي من ذلك تطيُّراً شديداً، وقال للأساقفة: أقيموا هذه الأعمدة، وارفعوا الصلبان، وأحضروا أخا هذا المدبر العاثر المنكوس جدُّه لأُزوِّجه هذه الصبيَّة، فيدفع نحوسه عنكم بسعوده.
ولمَّا فعلوا ذلك حدث على الثاني مثل ما حدث على الأوَّل، وتفرَّق الناس، وقام جدِّي مغتمًّا.
ورأيت في تلك الليلة كأنَّ المسيح وشمعون وعدَّة من الحواريِّين قد اجتمعوا في قصر جدِّي، ونصبوا فيه منبراً من نور يباري السماء علوًّا في الموضع الذي كان نصب جدِّي فيه عرشه، ودخل عليه محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وختنه ووصيُّه وعدَّة من أنبيائه.
فتقدَّم المسيح (عليه السلام) إليه، فاعتنقه، فيقول له محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يا روح الله، إنّي جئت خاطباً من وصيِّك شمعون فتاته مليكة لابني هذا - وأوما بيده إلى أبي محمّد (عليه السلام) ابن صاحب هذا الكتاب -».

↑صفحة ٢١

فنظر المسيح إلى شمعون، وقال له: أتاك الشرف، فصِلْ رحمك برحم آل محمّد.
قال: قد فعلت.
فصعد محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذلك المنبر فخطب، وزوَّجني من ابنه، وشهد المسيح وشهد أبناء محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والحواريُّون.
فلمَّا استيقظت أشفقت أنْ أقصَّ هذه الرؤيا على أبي وجدِّي مخافة القتل، وضرب صدري بمحبَّة أبي محمّد (عليه السلام) حتَّى امتنعت من الطعام والشراب، ومرضت مرضاً شديداً، فما بقي في مدائن الروم طبيب إلَّا أحضره جدِّي، فلمَّا برح به اليأس قال: يا قرَّة عيني، هل تشتهين شيئاً؟
فقلت: يا جدِّي، لو كشفت العذاب عمَّن في سجنك من أُسارى المسلمين وتصدَّقت عليهم، رجوت أنْ يهب المسيح وأُمُّه لي عافية.
ففعل ذلك، فتجلَّدت في إظهار الصحَّة، وتناولت يسيراً من الطعام، فسر بذلك وأقبل على إكرام الأُسارى.
فأُريت أيضاً بعد أربع عشرة ليلة كأنَّ سيِّدة النساء فاطمة قد زارتني، ومعها مريم بنت عمران، وألف من وصائف الجنان، فتقول لي مريم: هذه سيِّدة النساء أُمُّ زوجك أبي محمّد.
فأتعلق بها وأبكي وأشكو إليها امتناع أبي محمّد من زيارتي.
فقالت: «إنَّ ابني لا يزوركِ وأنتِ مشركة بالله، وهذه أُختي مريم تبرأ إلى الله من دينكِ، فقولي: أشهد أنْ لا إله إلَّا الله، وأنَّ أبي محمّداً رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)».
فلمَّا قلت ذلك ضمَّتني إلى صدرها وطيَّبت نفسي، وقالت: «الآن توقَّعي زيارة أبي محمّد».
فلمَّا كان في الليلة القابلة رأيت أبا محمّد، وكأنّي أقول له: جفوتني يا حبيبي بعد أنْ أتلفت نفسي معالجة حبِّك.

↑صفحة ٢٢

فقال: «ما كان تأخُّري عنكِ إلَّا لشرككِ، وإذ قد أسلمتِ فإنّي زائركِ في كلِّ ليلة إلى أنْ يجمع الله شملنا في العيان».
فما قطع عنّي زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية.
فقال بشر: فقلت لها: وكيف وقعتِ في الأُسارى؟
فقالت: أخبرني أبو محمّد ليلة من الليالي «أنَّ جدَّكِ سيُسيِّر جيشاً إلى قتال المسلمين يوم كذا وكذا، فعليكِ باللِّحاق بهم متنكِّرة في زيِّ الخدم من طريق كذا»، ففعلت، فوقعت علينا طلائع المسلمين، فكان من أمري ما رأيت، وما شعر بأنّي ابنة مَلِك الروم أحد سواك، ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته وقلت: نرجس، فقال: اسم الجواري.
قلت: العجب أنَّكِ روميَّة ولسانكِ عربي.
قالت: بلغ من [و]لوع جدِّي وحمله إيّاي على تعلُّم الآداب أنْ أوعز إلى امرأة ترجمان له بالاختلاف إليَّ وتعليمي العربيَّة.
قال بشر: فلمَّا دخلت على مولاي أبي الحسن (عليه السلام) قال لها: «كيف أراكِ اللهُ عزَّ الإسلام وشرف محمّد وأهل بيته (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟».
قالت: كيف أصف لك يا بن رسول الله ما أنت أعلم به منّي؟
قال: «فإنّي أُحِبُّ أنْ أُكرمكِ، فأيُّما أحبُّ إليكِ عشرة آلاف درهم أم بشرى لكِ بشرف الأبد؟».
قالت: بل الشرف.
قال: «فأبشري بولد يملك الدنيا شرقاً وغرباً، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً».
قالت: ممَّن؟
قال: «ممَّن خطبك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) له، وهل تعرفينه؟».

↑صفحة ٢٣

قالت: وهل خلت ليلة لم يزرني فيها منذ أسلمت على يد سيِّدة النساء.
فقال: «يا كافور، ادعُ أُختي حكيمة»، فلمَّا دخلت قال لها: «ها هِيَه».
فاعتنقتها طويلاً وسرَّت بها، فقال لها أبو الحسن (عليه السلام): «يا بنت رسول الله، خذيها إلى منزلكِ وعلِّميها الفرائض والسُّنَن، فإنَّها زوجة أبي محمّد وأُمُّ القائم (عليه السلام)»(٦٣).
وقال عليُّ بن الحسين المسعودي في كتاب (إثبات الوصيَّة لعليِّ بن أبي طالب (عليه السلام)): (روى لنا الثقات من مشايخنا أنَّ بعض أخوات أبي الحسن عليِّ بن محمّد [الهادي](٦٤) (عليه السلام) كانت لها جارية وُلِدَت في بيتها وربَّتها تُسمّى نرجس، فلمَّا كبرت وعبلت دخل أبو محمّد الحسن العسكري (عليه السلام) فنظر إليها فأعجبته، فقالت له عمَّته: أراك تنظر إليها؟
فقال (صلّى الله عليه): «إنّي ما نظرت إليها إلَّا متعجِّباً، أمَا إنَّ المولود الكريم على الله (جلَّ وعلا) يكون منها، ثمّ أمرها أنْ تستأذن أبا الحسن في دفعها إليه، ففعلت، فأمرها بذلك)(٦٥).
وروى الصدوق في (إكمال الدِّين) بسنده عن المطهَّري، عن حكيمة بنت الإمام محمّد الجواد (عليه السلام)، قالت: كانت لي جارية يقال لها: نرجس، فزارني ابن أخي يعني الحسن العسكري (عليه السلام)، وأقبل يحدُّ(٦٦) النظر إليها، فقلت له: يا سيِّدي، لعلَّك هويتها، فأرسلها إليك؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٣) راجع: كمال الدِّين (ص ٤٤٧ - ٤٥٣/ باب ٤١/ ح ١)؛ الغيبة للطوسي (ص ٢٣٦ - ٢٤٢/ ح ١٧٨)، ولا توجد في الكافي وإنَّما ذكر باباً في ولادته (عجَّل الله فرجه).
(٦٤) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٦٥) إثبات الوصيَّة (ص ٢٥٧).
(٦٦) في المصدر: (يحدق).

↑صفحة ٢٤

فقال: «لا يا عمَّة، لكن أتعجَّب منها، سيخرج منها ولد كريم على الله (عزَّ وجلَّ)، الذي يملأ الله به الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً».
فقلت: فأرسلها إليك، يا سيِّدي؟
فقال: «استأذني [في ذلك](٦٧) أبي».
فأتيت منزل أبي الحسن (عليه السلام)، فبدأني وقال: «يا حكيمة، ابعثي بنرجس إلى ابني أبي محمّد».
فقلت: يا سيِّدي، على هذا قصدتك؟
فقال: «يا مباركة، إنَّ الله تبارك وتعالى أحبَّ أنْ يُشرِكُكِ في الأجر».
فزيَّنتها ووهبتها لأبي محمّد (عليه السلام)، فمضى أبو الحسن (عليه السلام) وجلس أبو محمّد (عليه السلام) مكانه، فكنت أزوره كما كنت أزور والده، فجاءتني نرجس يوماً تخلع خفِّي، وقالت: يا مولاتي، ناوليني خفَّكِ.
فقلت: بل أنتِ سيِّدتي ومولاتي، والله لا دفعت إليكِ خفِّي ولا خدمتني، بل [أنا] أُخدمكِ على بصري.
فسمع أبو محمّد (عليه السلام) ذلك، فقال: «جزاكِ اللهُ خيراً يا عمَّة».
فلمَّا غربت الشمس صحت بالجارية: ناوليني ثيابي لأنصرف.
فقال: «يا عمَّتاه، بيتي الليلة عندنا، فإنَّه سيُولَد الليلة المولود الكريم على الله (عزَّ وجلَّ) الذي يُحيي الله به الأرض بعد موتها».
وفي رواية أُخرى في (إكمال الدِّين) أنَّه بعث إليها فقال: «يا عمَّة، اجعلي إفطاركِ الليلة عندنا، فإنَّها ليلة النصف من شعبان، فإنَّ الله تبارك وتعالى سيُظهِر في هذه الليلة الحجَّة، وهو حجَّته في أرضه».
فقالت: ومن أُمُّه؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٧) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي.

↑صفحة ٢٥

قال: «نرجس».
قالت له: والله - جعلني الله فداك - ما بها أثر.
فقال: «هو ما أقول لكِ».
قالت: فجئت، فلمَّا سلَّمت وجلست، جاءت تنزع خفِّي، وقالت لي: يا سيِّدتي، كيف أمسيتِ؟
فقلت: بل أنتِ سيِّدتي وسيِّدة أهلي.
فأنكرت قولي وقالت: ما هذا، يا عمَّة؟
فقلت: يا بنيَّة، إنَّ الله سيهب لكِ في ليلتكِ هذه غلاماً سيِّداً في الدنيا والآخرة.
فجلست واستحيت، ثمّ قال لي أبو محمّد (عليه السلام): «إذا كان وقت الفجر يظهر لكِ بها الحبل، لأنَّ مثلها مثل أُمِّ موسى لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها، لأنَّ فرعون كان يشقُّ بطون الحبالى في طلب موسى، وهذا نظير موسى (عليه السلام).
قالت حكيمة: فلمَّا فرغت من صلاة العشاء الآخرة أفطرت وأخذت مضجعي فرقدت، فلمَّا كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة، ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث، ثمّ جلست معقِّبة، ثمّ انتبهت وهي راقدة، ثمّ قامت فصلَّت، فدخلتني الشكوك.
فصاح أبو محمّد من المجلس: «لا تعجلي يا عمَّة، فإنَّ الأمر قد قرب».
فقرأت ألم السجدة ويس، فبينما أنا كذلك إذ انتبهت فزعة، فوثبت إليها فقلت: اسم الله عليكِ، ثمّ قلت: تحسِّين شيئاً؟
قالت: نعم.
فقلت لها: اجمعي نفسك، واجمعي قلبكِ.

↑صفحة ٢٦

ثمّ أخذتني فترة وأخذتها فترة، فانتبهتُ بحسِّ سيِّدي، فكشفت الثوب عنه، فإذا به ساجد يتلقّى الأرض بمساجده، فضممته إليَّ، فإذا به نظيف منظَّف.
فصاح بي أبو محمّد (عليه السلام): «هلمِّي إليَّ ابني يا عمَّة».
فجئت به إليه، فوضع يده تحت إليتيه وظهره، ووضع قدميه على صدره، ثمّ أدلى لسانه في فيه، وأمرَّ يده على عينيه وسمعه ومفاصله، ثمّ قال: «تكلَّم يا بنيَّ».
فقال: «أشهد أنْ لا إله إلَّا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمّداً رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)»، ثمّ صلّى على أمير المؤمنين وعلى الأئمَّة إلى أنْ وقف على أبيه، ثمّ أحجم.
فلمَّا أصبحت جئت لأُسلِّم على أبي محمّد، فافتقدت سيِّدي، فلم أرَه، فقلت: جُعلت فداك، ما فعل سيِّدي؟
فقال: «استودعناه الذي استودعته أُمُّ موسى».
فلمَّا كان اليوم السابع جئت، فقال: «هلمِّي إليَّ ابني».
ففعل به كالأوَّل، ثمّ أدلى لسانه في فيه كأنَّه يُغذِّيه لبناً أو عسلاً.
ثمّ قال: «تكلَّم يا بنيَّ».
فقال: «أشهد أنْ لا إله إلَّا الله»، وثنّى بالصلاة على محمّد وعلى أمير المؤمنين والأئمَّة (صلوات الله عليهم أجمعين) حتَّى وقف على أبيه، ثمّ تلا هذه الآية: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ﴾ [القَصص: ٥ و٦]»(٦٨).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٨) كمال الدِّين (ص ٤٥٤ - ٤٦٠/ باب ٤٢/ ح ١ و٢).

↑صفحة ٢٧

وروى الصدوق في (إكمال الدِّين) أيضاً أنَّ أبا محمّد (عليه السلام) أمر أنْ يُشترى عشرة آلاف رطل خبزاً، وعشرة آلاف رطل لحماً، وُيفرَّق، وعقَّ عنه بكذا وكذا شاة(٦٩).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٩) كمال الدِّين (ص ٤٦٠ و٤٦١/ باب ٤٢/ ح ٦).

↑صفحة ٢٨

في غيبة المهدي (عليه السلام) وسفرائه

للمهدي (عجَّل الله فرجه) غيبتان: صغرى وكبرى، كما جاءت بذلك الأخبار عن أئمَّة أهل البيت (عليهم السلام)، ويقال: قصرى وطولى.
أمَّا الغيبة الصغرى فمن مولده إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته(٧٠) بوفاة السفراء وعدم نصب غيرهم، وهي أربع وسبعون سنة، ففي هذه المدَّة كان السفراء يرونه، وربَّما رآه غيرهم، ويصلون إلى خدمته، وتخرج على أيديهم توقيعات منه إلى شيعته في أجوبة مسائل وفي أُمور شتّى.
وأمَّا الغيبة الكبرى فهي بعد الأُولى، وفي آخرها يقوم بالسيف، وقد جاء في بعض التوقيعات أنَّه بعد الغيبة الكبرى لا يراه أحد، وأنَّ من ادَّعى الرؤية قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب(٧١)، وجاء في عدَّة أخبار أنَّه يحضر المواسم كلَّ سنة فيرى الناس ويعرفهم ويرونه ولا يعرفونه(٧٢).
أمَّا السفراء في زمن الغيبة الصغرى بينه وبين شيعته فهم أربعة:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٧٠) هكذا ذكر المفيد وغيره فجعلوا ابتداء الغيبة من مولده لا من ابتداء إمامته لأنَّها كانت كذلك، ولا وجه لجعلها من ابتداء إمامته، ولذلك كانت أربعاً وسبعين سنة، هذا بناءً على أنَّ وفاة السمري سنة ثلاثمائة وتسع وعشرين، أمَّا بناء على أنَّ وفاته سنة ثمان وعشرين كما في إعلام الورى [ج ٢/ ص ٢٦٠] فتنقص سنة، مع أنَّه ذكر أنَّ مدَّة الغيبة الصغرى أربع وسبعون سنة.
(٧١) سيأتي نصُّ التوقيع الشريف في (ص ٣٧)، فراجع.
(٧٢) كمال الدِّين (ص ٤٧٠/ باب ٤٣/ ح ٨).

↑صفحة ٢٩

الأوَّل: أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عمرو العَمْري:
بفتح العين وسكون الميم، وكان أسديًّا فنُسِبَ إلى جدِّه أبي أُمِّه جعفر العَمْري، وقيل: إنَّ أبا محمّد الحسن العسكري (عليه السلام) أمر بكسر كنيته، فقيل: العَمْري.
ويقال له: العسكري؛ لأنَّه كان يسكن عسكر سُرَّ من رأى.
ويقال له: السمّان؛ لأنَّه كان يتَّجر بالسمن تغطيةً للأمر.
وكان الشيعة إذا حملوا إلى الحسن العسكري (عليه السلام) ما يجب عليهم من المال جعله أبو عمرو في زقاق السمن وحمله إليه تقيَّةً وخوفاً(٧٣).
وكان عليٌّ الهادي (عليه السلام) نصبه وكيلاً، ثمّ ابنه الحسن العسكري (عليه السلام)، ثمّ كان سفيراً للمهدي (عليه السلام).
قال الشيخ الطوسي في كتاب (الغيبة) في حقِّه: (إنَّه الشيخ الموثوق به)(٧٤).
وقال عليٌّ الهادي (عليه السلام) في حقِّه: «هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدّاه إليكم فعنّي يُؤدّيه»(٧٥).
وسأله بعض أصحابه: لمن أُعامل، وعمَّن آخذ، وقول من أقبل؟
فقال: «العَمْري ثقتي، فما أدّى اليك فعنّي يُؤدّي، وما قال لك فعنّي يقول، فاسمع له وأطع فإنَّه الثقه المأمون»(٧٦).
وقال الحسن العسكري (عليه السلام) في حقِّه بعد مضيِّ أبيه: «هذا أبو عمرو الثقة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٧٣) الغيبة للطوسي (ص ٣٨١ و٣٨٢/ ح ٣١٤).
(٧٤) الغيبة للطوسي (ص ٣٨١).
(٧٥) الغيبة للطوسي (ص ٣٨٢ و٣٨٣/ ح ٣١٥).
(٧٦) الغيبة للطوسي (ص ٣٨٧ - ٣٨٩/ ح ٣٢٢).

↑صفحة ٣٠

الأمين، ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات، فما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدّاه إليكم فعنّي يُؤدّيه»(٧٧).
وجاءه أربعون رجلاً من أصحابه يسألونه عن الحجَّة من بعده، فإذا غلام كأنَّه قطع قمر، أشبه الناس بأبي محمّد، فقال: «هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرَّقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم، ألَا وإنَّكم لا ترونه بعد يومكم هذا حتَّى يتمَّ له عمر، فاقبلوا من عثمان بن سعيد ما يقوله، وانتهوا إلى أمره، واقبلوا قوله، فهو خليفة إمامكم والأمر إليه»(٧٨).
وعثمان بن سعيد هو الذي حضر تغسيل الحسن العسكري (عليه السلام) وتولّى جميع أمره في تكفينه وتحنيطه ودفنه مأموراً بذلك(٧٩).
قال الشيخ الطوسي في كتاب (الغيبة): (وكانت توقيعات صاحب الأمر (عليه السلام) تخرج على يده ويد ابنه محمّد إلى شيعته وخواصِّ أبيه بالأمر والنهي وأجوبة المسائل بالخطِّ الذي كان يخرج في حياة الحسن العسكري (عليه السلام)، فلم تزل الشيعة مقيمة على عدالتهما حتَّى تُوفّي عثمان بن سعيد(٨٠)،(٨١).
وغسَّله ابنه محمّد، ودُفِنَ بالجانب الغربي من مدينة السلام، في شارع الميدان، في قبلة مسجد الذرب(٨٢)، يدخل إلى موضع القبر في بيت ضيِّق مظلم، فكنّا نزوره مشاهرةً من وقت دخولي إلى بغداد سنة ثمان وأربعمائة إلى سنة نيِّف وثلاثين وأربعمائة، ثمّ عمَّره الرئيس أبو منصور محمّد بن الفرج، وأبرز القبر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٧٧) الغيبة للطوسي (ص ٣٨٢ و٣٨٣/ ح ٣١٥).
(٧٨) الغيبة للطوسي (ص ٣٨٥/ ح ٣١٩).
(٧٩) الغيبة للطوسي (ص ٣٨٤ و٣٨٥/ ح ٣١٨).
(٨٠) لم يتيسَّر لنا الاطِّلاع على تاريخ وفاته.
(٨١) المصدر السابق.
(٨٢) في المصدر: (الدرب).

↑صفحة ٣١

إلى برا(٨٣)، وعمل عليه صندوقاً تحت سقف، ويتبرَّك جيران المحلَّة بزيارته، ويقولون: هو رجل صالح، وربَّما قالوا: هو ابن داية الحسين (عليه السلام)، ولا يعرفون حقيقة الحال، وهو كذلك إلى يومنا هذا وهو سنة أربع(٨٤) وأربعين وأربعمائة(٨٥).
الثاني: أبو جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العَمْري:
روى الشيخ في كتاب (الغيبة) عن هبة الله بن محمّد عن شيوخه، قالوا: لم تزل الشيعة مقيمة على عدالة عثمان بن سعيد وجعل الأمر بعد موته كلَّه مردوداً إلى ابنه أبي جعفر، والشيعة مجمعة على عدالته وثقته وأمانته للنصِّ عليه بالأمانة والعدالة والأمر بالرجوع إليه في حياة الحسن العسكري (عليه السلام) وبعد موته في حياة أبيه عثمان بن سعيد، لا يُختَلف في عدالته ولا يُرتاب بإمانته، والتوقيعات تخرج على يده إلى الشيعة في المهمّات طول حياته بالخطِّ الذي كانت تخرج به في حياة أبيه عثمان(٨٦).
وقال الشيخ أيضاً: لمَّا مضى أبو عمرو عثمان بن سعيد قام ابنه أبو جعفر محمّد بن عثمان مقامه بنصِّ أبي محمّد الحسن العسكري (عليه السلام) ونصِّ أبيه عثمان عليه بأمر القائم (عليه السلام)، قال الحسن العسكري (عليه السلام): «اشهدوا عليَّ أنَّ عثمان بن سعيد العمري وكيلي، وأنَّ ابنه محمّداً وكيل ابني مهديِّكم»(٨٧).
وقال (عليه السلام) لبعض أصحابه: «العمري وابنه ثقتان، فما أدَّيا إليك فعنّي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٨٣) راجع: الغيبة للطوسي (ص ٣٨٤ و٣٨٥/ ح ٣١٨).
(٨٤) في المصدر: (سبع).
(٨٥) الغيبة للطوسي (ص ٣٨٦/ ح ٣٢٠).
(٨٦) الغيبة للطوسي (ص ٣٩٠ و٣٩١/ ح ٣٢٧).
(٨٧) الغيبة للطوسي (ص ٣٨٣ و٣٨٤/ ح ٣١٧).

↑صفحة ٣٢

يُؤدّيان، وما قالا لك فعنّي يقولان، فاسمع لهما وأطعهما فإنَّهما الثقتان المأمونان»(٨٨).
وكانت لأبي جعفر محمّد بن عثمان كُتُب في الفقه ممَّا سمعه من أبي محمّد الحسن (عليه السلام) ومن الصاحب (عليه السلام) ومن أبيه عثمان عن أبي محمّد وعن أبيه عليِّ بن محمّد، منها كتاب الأشربة(٨٩).
وروي عنه أنَّه قال: (والله إنَّ صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم كلَّ سنة يرى الناس ويعرفهم ويرونه ولا يعرفونه)(٩٠).
وقيل له: رأيت صاحب هذا الأمر؟ قال: نعم، وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول: «اللَّهُمَّ أنجز لي ما وعدتني»(٩١).
وقال: رأيته (صلوات الله عليه) متعلِّقاً بأستار الكعبة في المستجار، وهو يقول: «اللَّهُمَّ انتقم بي(٩٢) من أعدائك»(٩٣).
ودخل على محمّد بن عثمان بعض أصحابه، فرآه وبين يديه ساجة ونقّاش ينقش عليها آيات من القرآن وأسماء الأئمَّة (عليهم السلام) على حواشيها، فقال: هذه لقبري أُوضع عليها - أو قال: أُسند إليها -، وقد فرغت منه، وأنا كلِّ يوم أنزل فيه فأقرأ جزءاً من القرآن، فإذا كان يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا صرت إلى الله ودُفِنْتُ فيه، فكان كما قال(٩٤).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٨٨) الغيبة للطوسي (ص ٣٨٧ - ٣٨٩/ ح ٣٢٢).
(٨٩) الغيبة للطوسي (ص ٣٩١/ ح ٣٢٨).
(٩٠) كمال الدِّين (ص ٤٧٠/ باب ٤٣/ ح ٨)؛ الغيبة للطوسي (ص ٣٩١ و٣٩٢/ ح ٣٢٩).
(٩١) كمال الدِّين (ص ٤٧٠/ باب ٤٣/ ح ٩)؛ الغيبة للطوسي (ص ٣٩٢/ ح ٣٣٠).
(٩٢) في المصدرين: (لي) بدل (بي).
(٩٣) كمال الدِّين (ص ٤٧٠/باب ٤٣/ح ١٠)؛ الغيبة للطوسي (ص ٣٩٢/ضمن الحديث ٣٣٠).
(٩٤) الغيبة للطوسي (ص ٣٩٢ و٣٩٣/ ح ٣٣٢).

↑صفحة ٣٣

وفي رواية أنَّه حفر قبراً وقال: (أُمرت أنْ أجمع أمري)، فمات بعد شهرين(٩٥).
وكانت وفاته في آخر جمادي الأُولى سنة خمس وثلاثمائة، أو أربع وثلاثمائة، وتولّى هذا الأمر نحواً من خمسين سنة(٩٦)، ودُفِنَ عند والدته بشارع الكوفة في بغداد، قيل: وهو الآن في وسط الصحراء(٩٧).
الثالث: أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي:
أقامه أبو جعفر محمّد بن عثمان مقامه قبل وفاته بسنتين أو ثلاث سنين(٩٨)، فجمع وجوه الشيعة وشيوخها وقال لهم: (إنْ حدث عليَّ حدث الموت فالأمر إلى أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي، فقد أُمرت أنْ أجعله في موضعي بعدي، فارجعوا إليه وعوِّلوا في أُموركم عليه)(٩٩).
وفي رواية أنَّهم سألوه: إنْ حدث أمر فمن يكون مكانك؟ فقال لهم: (هذا أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي القائم مقامي والسفير بينكم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٩٥) الغيبة للطوسي (ص ٣٩٣ و٣٩٤/ح ٣٣٣).
(٩٦) هكذا حكاه الشيخ محمّد بن الحسن الطوسي في كتاب (الغيبة) عن أبي نصر هبة الله ابن محمّد بن أحمد الكاتب ابن بنت أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري، ولا يخفى أنَّ هذه المدَّة هي من حين ولادة الصاحب (عليه السلام) وهي سنة (٢٥٥) إلى وقت وفاة محمّد بن عثمان وهي سنة (٣٠٥)، مع أنَّ محمّد بن عثمان لم يتولَّ السفارة من حين ولادة الصاحب (عليه السلام)، بل بعد وفاة أبيه عثمان، فلا بدَّ أنْ يُنقَّص من هذه المدَّة خمس سنين من ولادة الحجَّة (عليه السلام) إلى حين وفاة العسكري (عليه السلام)، ويُنقَّص منها مدَّة سفارة عثمان بن سعيد إلى حين وفاته وتولّي ولده السفارة بعده.
(٩٧) الغيبة للطوسي (ص ٣٩٤/ ح ٣٣٤).
(٩٨) الغيبة للطوسي (ص ٣٩٨/ ح ٣٣٨).
(٩٩) الغيبة للطوسي (ص ٣٩٩/ ح ٣٤١).

↑صفحة ٣٤

وبين صاحب الأمر والوكيل له والثقة الأمين، فارجعوا إليه في أُموركم وعوِّلوا عليه في مهمّاتكم، فبذلك أُمرت وقد بلَّغت)(١٠٠).
وكان محمّد بن عثمان العمري له من يتصرَّف له ببغداد نحو من عشرة أنفس، منهم الحسين بن روح، وكلُّهم كان أخصّ به من الحسين بن روح(١٠١)، وكان مشائخ الشيعة لا يشكُّون في أنَّ الذي يقوم مقام محمّد بن عثمان هو جعفر ابن أحمد بن متيل أو أبوه لما رأوه من الخصوصيَّة به وكثرة وجوده في منزله حتَّى أنَّه كان في آخر عمره لا يأكل طعاماً إلَّا ما أُصلح في منزل جعفر أو أبيه بسبب وقع له وبأكله في منزل أحدهما، فلمَّا وقع الاختيار على أبي القاسم سلَّموا ولم يُنكِروا، وكانوا معه وبين يديه كما كانوا مع أبي جعفر محمّد بن عثمان(١٠٢).
ومنهم جعفر بن أحمد بن متيل، قال جعفر: لمَّا حضرت محمّد بن عثمان الوفاة كنت جالساً عند رأسه أُسائله وأُحدِّثه، وأبو القاسم بن روح عند رجليه، فقال لي: (أُمرت أنْ أُوصي إلى أبي القاسم الحسين بن روح)، فقمت من عند رأسه وأخذت بيد أبي القاسم وأجلسته في مكاني وتحوَّلت إلى عند رجليه(١٠٣).
وفي رواية أنَّ الحسين بن روح كان وكيلاً لمحمّد بن عثمان سنين كثيرة ينظر له في أملاكه، وكان خصِّيصاً به، وكان يدفع إليه في كلِّ شهر ثلاثين ديناراً رزقاً له غير ما يصل إليه من الوزراء والرؤساء من الشيعة، مثل آل الفرات وغيرهم، فتمهَّدت له الحال في طول حياة محمّد بن عثمان إلى أنْ أوصى إليه(١٠٤).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٠٠) الغيبة للطوسي (ص ٣٩٩ و٤٠٠/ ح ٣٤٢).
(١٠١) الغيبة للطوسي (ص ٣٩٦ و٣٩٧/ ح ٣٣٦).
(١٠٢) الغيبة للطوسي (ص ٣٩٧ و٣٩٨/ ح ٣٣٧).
(١٠٣) كمال الدِّين (ص ٥٣٣/ باب ٤٥/ ح ٣٣)؛ الغيبة للطوسي (ص ٣٩٨/ ح ٣٣٩).
(١٠٤) الغيبة للطوسي (ص ٤٠٠/ ح ٣٤٣).

↑صفحة ٣٥

وقال الشيخ الطوسي (رحمه الله) في كتاب (الغيبة): كان أبو القاسم (رحمه الله) من أعقل الناس عند المخالف والموافق ويستعمل التقيَّة(١٠٥).
وتُوفّي أبو القاسم الحسين بن روح في شعبان سنة ستّ وعشرين وثلاثمائة، ودُفِنَ في النوبختيَّة في الدرب النافذ إلى التلِّ وإلى درب الأجر(١٠٦) وإلى قنطرة الشوك(١٠٧).
الرابع: أبو الحسن عليُّ بن محمّد السمري:
أوصى إليه الحسين بن روح، فقام بما كان إليه، روى الشيخ الطوسي (رحمه الله) في كتاب (الغيبة) بسنده عن أحمد بن إبراهيم بن مخلد، قال: حضرت بغداد عند المشايخ (رحمهم الله)، فقال الشيخ أبو الحسن عليُّ بن محمّد السمري (قدَّس الله روحه) ابتداءً منه: رحم الله عليَّ بن الحسين بن بابويه القمّي - وهو والد الصدوق -، فكتب المشايخ تاريخ ذلك اليوم، فورد الخبر أنَّه تُوفّي في ذلك اليوم(١٠٨).
وفي رواية أنَّه كان يسألهم عن خبر عليِّ بن الحسين بن بابويه، فيقولون: قد ورد الكتاب باستقلاله، حتَّى كان اليوم الذي قُبِضَ فيه، فسألهم، فذكروا مثل ذلك، فقال لهم: آجركم الله فيه، فقد قُبِضَ في هذه الساعة، فأثبتوا التاريخ، فلمَّا كان بعد سبعة عشر يوماً أو ثمانية عشر ورد الخبر بوفاته في تلك الساعة(١٠٩).
وروى الشيخ في كتاب (الغيبة) أيضاً بسنده أنَّ السمري أخرج قبل وفاته بأيّام إلى الناس توقيعاً نسخته:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٠٥) الغيبة للطوسي (ص ٤١٢/ ح ٣٤٦).
(١٠٦) في المصدر: (الآخر).
(١٠٧) الغيبة للطوسي (ص ٤١٤ و٤١٥/ ح ٣٥٠).
(١٠٨) الغيبة للطوسي (ص ٤٢٢/ ح ٣٦٤).
(١٠٩) الغيبة للطوسي (ص ٤٢٣ و٤٢٤/ ح ٣٦٦).

↑صفحة ٣٦

«بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، يَا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ السَّمُريَّ أعْظَمَ اللهُ أجْرَ إِخْوَانِكَ فِيكَ، فَإنَّكَ مَيِّتٌ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ سِتَّةِ أيَّام، فَأجْمِعْ أمْرَكَ وَلَا تُوصِ إِلَى أحَدٍ فَيَقُومَ مَقَامَكَ بَعْدَ وَفَاتِكَ، فَقَدْ وَقَعَتِ الْغَيْبَةُ التَّامَّةُ، فَلَا ظُهُورَ إِلَّا بَعْدَ إِذْن اللهِ (تَعَالَى ذِكْرُهُ)، وَذَلِكَ بَعْدَ طُولِ الْأَمَدِ، وَقَسْوَةِ الْقُلُوبِ، وَامْتِلَاءِ الْأَرْض جَوْراً، وَسَيَأتِي شِيعَتِي مَنْ يَدَّعِي المُشَاهَدَةَ، ألَا فَمَن ادَّعَى المُشَاهَدَةَ قَبْلَ خُرُوج السُّفْيَانِيّ وَالصَّيْحَةِ فَهُوَ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيم».
قال الراوي: فلمَّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه، فقيل له: من وصيُّك من بعدك؟ فقال: (لله أمر هو بالغه)(١١٠).
وكانت وفاته في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين أو تسع وعشرين وثلاثمائة، ودُفِنَ في الشارع المعروف بشارع الخلنجي من ربع باب المحول قريباً من شاطئ نهر أبي عتاب(١١١).
[أقوام ثقات كانت ترد عليهم التوقيعات]:
قال الشيخ في كتاب (الغيبة): قد كان في زمان السفراء المحمودين أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفارة، منهم: أبو الحسين محمّد ابن جعفر الأسدي(١١٢).
خرج في حقِّه توقيع: «محمّد بن جعفر العربي فليدفع إليه فإنَّه من ثقاتنا»(١١٣).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١١٠) الغيبة للطوسي (ص ٤٢٣/ ح ٣٦٥).
(١١١) كمال الدِّين (ص ٥٣٣/ باب ٤٥/ ح ٣٢)؛ الغيبة للطوسي (ص ٤٢٤/ ح ٣٦٧).
(١١٢) الغيبة للطوسي (ص ٤٤٣).
(١١٣) الغيبة للطوسي (ص ٤٤٣/ ح ٣٩١).

↑صفحة ٣٧

وفي توقيع آخر: «إنْ أردت أنْ تعامل أحداً فعليك بأبي الحسين الأسدي بالريِّ»(١١٤).
ومنهم: أحمد بن إسحاق وجماعة، خرج التوقيع في مدحهم: «أحمد بن إسحاق الأشعري، وإبراهيم بن محمّد الهمداني، وأحمد بن حمزة بن اليسع ثقات»(١١٥).
وقال الطبرسي في (إعلام الورى): (أمَّا غيبته القصرى فهي التي كان سفراؤه فيها موجودين، وأبوابه معروفين، لا يختلف الإماميَّة القائلون بإمامة الحسن بن عليٍّ فيهم، فمنهم: أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري، ومحمّد بن عليِّ بن بلال، وأبو عمرو عثمان بن سعيد السمّان، وابنه أبو جعفر محمّد بن عثمان، وعمر الأهوازي، وأحمد بن إسحاق، وأبو محمّد الوجنائي(١١٦)، وإبراهيم ابن مهزيار، ومحمّد بن إبراهيم في جماعة أُخرى)(١١٧).
أقول: الظاهر أنَّ السفارة العامَّة للأربعة المتقدِّم ذكرهم، أمَّا من عداهم ممَّن ذكرهم الطبرسي فكانت لهم سفارة في أُمور خاصَّة، والله أعلم.
ومن الغريب أنَّه لم يذكر معهم الحسين بن روح والسمري.
أدعياء السفارة:
وهناك جماعة مذمومون ادَّعوا البابيَّة والسفارة كذباً وافتراءً.
قال الشيخ (رحمه الله) في كتاب (الغيبة): أوَّلهم المعروف بالشريعي، وروي أنَّه كان من أصحاب الهادي ثمّ العسكري، وهو أوَّل من ادَّعى مقاماً لم يجعله الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١١٤) الغيبة للطوسي (ص ٤٤٣ و٤٤٤/ ح ٣٩٢).
(١١٥) الغيبة للطوسي (ص ٤٤٥/ ح ٣٩٥).
(١١٦) في المصدر: (الوجناني).
(١١٧) راجع: إعلام الورى (ج ٢/ ص ٢٥٩).

↑صفحة ٣٨

فيه، وكذب على الله وعلى حُجَجه (عليهم السلام)، ونسب إليهم ما لا يليق بهم وهم منه براء، فلعنته الشيعة وتبرَّأت منه، وخرج التوقيع بلعنه والبراءة منه، ثمّ ظهر منه القول بالكفر والإلحاد.
ومنهم محمّد بن نصير النميري، وإليه تُنسَب النصيريَّة، ادَّعى بعد الشريعي مقام أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري، وفضحه الله بما ظهر منه من الإلحاد والجهل ولعن أبي جعفر محمّد بن عثمان له وتبرِّيه منه، فلمَّا بلغه ذلك قصد أبا جعفر ليعتذر إليه فلم يأذن له، وكان يدَّعي أنَّه رسول نبيٌّ أرسله الهادي (عليه السلام)، ويقول فيه بالربوبيَّة، ويُبيح المحارم، ويُحلِّل اللواط، وكان محمّد ابن موسى بن الحسن بن الفرات يُقويّ أسبابه ويعضده.
وقيل لمحمّد بن نصير وهو في مرض الموت مثقل اللسان: لمن هذا الأمر من بعدك؟ فقال بلسان ضعيف ملجلج: أحمد، فلم يُدْرَ من هو، فافترقوا بعده ثلاث فِرَق: فرقة قالت: إنَّه أحمد ابنه، وفرقة قالت: إنَّه أحمد بن موسى بن الفرات، وفرقة قالت: إنَّه أحمد بن أبي الحسين بن بشر.
ومنهم أبو طاهر محمّد بن عليِّ بن بلال، كانت عنده أموال للإمام (عليه السلام) وامتنع من تسليمها إلى محمّد بن عثمان العمري، وادَّعى أنَّه الوكيل حتَّى تبرَّأت الجماعة منه ولعنوه، وخرج فيه توقيع من صاحب الزمان (عليه السلام).
ومنهم الحسين بن منصور الحلّاج، أرسل إلى أبي سهل إسماعيل بن عليٍّ النوبختي: أنّي وكيل صاحب الزمان، ظانًّا أنَّه يستميله إليه، فوجب(١١٨) ذلك انقياد غيره لعظم أبي سهل في أنفس الناس ومحلِّه من العلم والأدب، وبهذا كان أوَّلاً يستميل الشخص، ثمّ يترقّى، ويقول له: وقد أُمرت بمراسلتك وإظهار ما تريده من النصرة لك لتقوي نفسك ولا ترتاب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١١٨) كذا؛ ولعلَّ الأصحّ: (يوجب).

↑صفحة ٣٩

فأرسل إليه أبو سهل (رحمه الله): إنّي أسألك أمراً يخفُّ عليك في جنب ما ظهر على يديك من الدلائل والبراهين، وهو أنّي أُحِبُّ الجواري، والشيب يُبعِدني عنهنَّ، وأحتاج أنْ أخضب كلَّ جمعة وإلَّا انكشف أمري عندهنَّ، وأُريد أنْ تُغنيني عن الخضاب وتجعل لحيتي سوداء فإنَّني طوع يديك، فلمَّا سمع ذلك من جوابه علم أنَّه أخطأ في مراسلته وأمسك عنه، وصيَّره أبو سهل أُحدوثة وضحكة.
وجاء الحلّاج إلى قم، وأرسل رقعة يقول فيها إنَّه رسول الإمام ووكيله، فخرقوا رقعته وسخروا منه، وجاء الذي خرقها إلى دُكّانه، فقام له الحاضرون إلَّا رجلاً لم يقم، وكان هو الحلّاج، فسأل عنه صاحب الدُّكّان، فقال الحلّاج: أتسأل عنّي وأنا حاضر؟
قال: أعظمت قدرك أنْ أسألك.
فقال: تخرق رقعتي وأنا أُشاهدك.
فقال: يا غلام، برجله وبقفاه، فأُخرج، فما رُئي بعدها بقم، ثمّ قُتِلَ ببغداد على الإلحاد ودعوى الإلهيَّة بأمر المقتدر.
ومنهم أبو جعفر محمّد بن عليٍّ الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقر، كان وجيهاً عند بني بسطام، لأنَّ الحسين بن روح كان جعل له منزلة عند الناس، لأنَّه كان في أوَّل أمره من الشيعة وصنَّف كُتُباً على مذهبهم، ثمّ ارتدَّ، فكان عند ارتداده يحكي كلَّ كذب وبلاء وكفر لبني بسطام ويسند إلى الحسين بن روح فيقبلونه.
فبلغ ذلك الحسين بن روح، فأنكره وأعظمه، ونهى بني بسطام عنه، وأمرهم بلعنه، فلم ينتهوا، لأنَّه كان يُموِّه عليهم بأنَّني أذعت السر فعوقبت بالإبعاد.

↑صفحة ٤٠

فبلغ ذلك الحسين بن روح، فكتب إلى بني بسطام بلعنه والبراءة منه، فأطلعوه عليه، فبكى بكاءً شديداً، وقال: إنَّ لهذا القول باطناً عظيماً وهو أنَّ اللعنة الإبعاد، فمعنى قوله: (لعنه الله) باعده عن العذاب والنار، والآن قد عرفت منزلتي، ومرَّغ خدَّيه على التراب، وقال: عليكم بالكتمان.
حتَّى إنَّه قال لهم: إنَّ روح رسول الله انتقلت إلى محمّد بن عثمان العمري، وروح أمير المؤمنين انتقلت إلى الحسين بن روح، وروح فاطمة انتقلت إلى أُمِّ كلثوم بنت محمّد بن عثمان، حتَّى إنَّ أُمَّ كلثوم دخلت على أُمِّ أبي جعفر بن بسطام فانكبَّت على رجليها تُقبِّلها، فأنكرت أُمُّ كلثوم ذلك، فبكت أُمُّ أبي جعفر وقالت: كيف لا أفعل وأنتِ مولاتي فاطمة؟
فقالت: وكيف ذاك؟
فقالت: إنَّ الشيخ - يعني الشلمغاني - خرج إلينا بالسرِّ.
قالت: وما السرُّ؟
قالت: أخذ علينا كتمانه، وأخاف العقوبة إنْ أذعته.
فأعطتها موثقاً أنْ لا تُخبِر أحداً، واستثنت في نفسها الحسين بن روح، فأخبرتها.
فقالت: هذا كذب.
وأخبرت الحسين بن روح، فقال: هذا كفر وإلحاد، قد أحكمه هذا الملعون في قلوب هؤلاء، ليجعله طريقاً إلى [أنْ يقول لهم](١١٩): إنَّ الله تعالى حلَّ فيه.
وظهر التوقيع من صاحب الزمان (عليه السلام) بلعنه والبراءة منه.
ولمَّا اشتهر أمره ولم يُمكِنه التلبيس قال في مجلس حافل فيه رؤساء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١١٩) ما بين المعقوفتين من المصدر.

↑صفحة ٤١

الشيعة: أجمعوا بيني وبين الحسين بن روح، فإنْ لم تنزل عليه نار من السماء فتحرقه وإلَّا فجميع ما قاله فيَّ حقٌّ.
وبلغ ذلك الراضي - لأنَّه كان في دار ابن مقلة -، فأمر بقتله، فقُتِلَ في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة.
ومنهم أبو بكر محمّد بن أحمد بن عثمان البغدادي ابن أخي محمّد بن عثمان العمري، وقد كان أبو دلف الكاتب ادَّعى النيابة لأبي بكر البغدادي، فسُئِلَ أبو بكر عن ذلك فأنكره، وحلف عليه، ثمّ مال إلى أبي دلف، فتبرَّأت منه الشيعة.
وحُكي أنَّه توكَّل لليزيدي بالبصرة، فبقي في خدمته مدَّة طويلة، وجمع مالاً عظيماً، فسعي به إلى اليزيدي بالبصرة، فقبض عليه وصادره وضربه على أُمِّ رأسه حتَّى نزل الماء في عينيه، فمات ضريراً.
قال ابن قولويه: أمَّا أبو دلف الكاتب - لا حاطه الله - فكنّا نعرفه ملحداً، ثمّ أظهر الغلوَّ، ثمّ جنَّ وسلسل، ثمّ صار مفوِّضاً.
ومن الغلاة أحمد بن هلال الكرخي، كان من أصحاب العسكري، ثمّ تغيَّر وأنكر بابيَّة محمّد بن عثمان، فخرج التوقيع بلعنه(١٢٠).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٢٠) راجع: الغيبة للطوسي (ص ٤٢٥ - ٤٤٢/ ح ٣٦٨ - ٣٨٩).

↑صفحة ٤٢

في الأدلَّة على إمامة صاحب الزمان (عليه السلام)، وأنَّه قد وُلِّد وأنَّه حيٌّ موجود في الأمصار غائب عن الأبصار

اعلم أنَّ جميع المسلمين متَّفقون على خروج المهدي في آخر الزمان، وأنَّه من ولد عليِّ وفاطمة (عليهما السلام)، وأنَّ اسمه كاسم النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والأخبار في ذلك متواترة عند الشيعة وأهل السُّنَّة، كما يعلم من تصفَّح الأخبار الآتية المشتمل بعضها على أكثر روايات أهل السُّنَّة، والبعض الآخر على جملة من روايات الشيعة، مع أنَّ ما تركناه منها قصداً للاختصار أضعاف ما ذكرناه.
فالاعتقاد بالمهدي (عليه السلام) هو من ملَّة الإسلام ومتواتراته، بل وضروريّاته، ولا خلاف فيه بين المسلمين، وإنَّما اختلفوا في أنَّه هل وُلِدَ أو سيُولَد؟ فالشيعة وجماعة من علماء أهل السُّنَّة على أنَّه وُلِدَ، وأنَّه محمّد بن الحسن العسكري (عليهما السلام)(١٢١)، وأكثر أهل السُّنَّة على أنَّه لم يُولَد بعد وسيُولَد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٢١) انظر ما روي في ميلاد القائم في كتاب كمال الدِّين (ص ٤٥٤ - ٤٦٤/ باب ٤٢/ ح ١ - ١٦)، أمَّا من صرَّح بمولده (عجَّل الله فرجه) من العامَّة على ما في كتاب شرح إحقاق الحقِّ للسيِّد المرعشي النجفي (ج ١٣/ ص ١١٠ - ١١٧)، قال: تاريخ ولادته (عليه السلام): رواه جماعة من أعلام القوم، منهم: ابن طولون الدمشقي الحنفي في الشذورات الذهبيَّة (ص ١١٧/ ط بيروت).
ومنهم: ابن طلحة الشافعي في مطالب السؤول (ص ٨٩/ ط طهران).
ومنهم: ابن خلِّكان في وفيات الأعيان (ج ١/ ص ٥٧١/ ط بولاق بمصر).
ومنهم: العلَّامة سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواصِّ (ص ٢٠٤/ ط طهران).
ومنهم: العلَّامة ابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمَّة (ص ٢٧٤/ ط الغري).
ومنهم: العلَّامة المولوي الهندي في وسيلة النجاة (ص ٤٢٠/ ط لكهنو).
ومنهم: العلَّامة ابن حجر الهيتمي في الصواعق (ص ١٢٤/ ط مصر).
ومنهم: العلَّامة الشيخ عثمان العثماني في تاريخ الإسلام والرجال (ص ٣٧٠/ مخطوط).
و[منهم:] العلَّامة الحمزاوي في مشارق الأنوار (ص ١٥٣/ ط مصر).
ومنهم: العلَّامة باعلوي في بغية المسترشدين (ص ٢٩٦/ ط مصر).
و[منهم:] العلَّامة الشبلنجي في نور الأبصار (ص ٢٩٩/ ط العثمانيَّة بمصر).
ومنهم: العلَّامة الشبراوي الشافعي في الاتحاف بحبِّ الأشراف (ص ٦٨/ ط مصر).
ومنهم: العارف عبد الرحمن في مرآة الأسرار (ص ٣١).
ومنهم: العلَّامة السيِّد عبّاس المكّي في نزهة الجليس (ج ٢/ ص ١٢٨/ ط القاهرة).
ومنهم: العلَّامة القندوزي في ينابيع المودَّة (ج ٣/ ص ١١٣/ ط العرفان بيروت).
ومنهم: العلَّامة الأبياري في جالية الكدر (ص ٢٠٧/ ط مصر).
ومنهم: العلَّامة البدخشي في مفتاح النجا (ص ١٨٩/ مخطوط).
ومنهم: نور الدِّين الدشتي الجامي الحنفي في شواهد النبوَّة (ص ٢١/ ط بغداد).
وقال (رحمه الله) في (ج ١٩/ ص ٦٤٥ - ٦٤٧): نسب المهدي (عليه السلام) وولادته: ذكر في ذلك أعلام السُّنَّة أحاديث، وقد تقدَّم النقل عنهم في (ج ١٣/ ص ٨٨ - ٩٧)، وإنَّما ننقل هاهنا عمَّن لم ننقل عنهم هناك، منهم: العلَّامة الكنجي الشافعي في كفاية الطالب (ص ٤٥٨/ ط الغري).
ومنهم: الحافظ الذهبي في العبر (ج ٢/ ص ٣١/ ط الكويت)، ثمّ ذكر غيرهم ممَّا لا يسع المجال لذكرهم، فراجع.

↑صفحة ٤٣

والحقُّ هو القول الأوَّل، ويدلُّ عليه الدليل العقلي والنقلي.
الدليل العقلي:
أمَّا الدليل العقلي، فهو حكم العقل بوجوب اللطف على الله تعالى، وهو فعل ما يُقرِّب إلى الطاعة ويُبعِّد عن المعصية، ويوجب إزاحة العلَّة وقطع المعذرة، بدون أنْ يصل إلى حدِّ الإجبار، لئلَّا يكون لله على الناس حجَّة، وتكون له الحجَّة البالغة.
فالعقل حاكم بوجوب إرسال الرُّسُل وبعثة الأنبياء، ليُبيِّنوا للناس ما أراد

↑صفحة ٤٤

الله منهم من التكاليف المقرِّبة من الخير والمبعِّدة عن الشر، ويحكموا بينهم بالعدل.
وأنْ يكونوا معصومين من الذنوب، منزَّهين عن القبائح والعيوب، لتُقبَل أقوالهم، ويُؤمَن منهم الكذب والتحريف.
وكما يجب إرسال الرُّسُل من قِبَل الله تعالى يجب نصب أوصياء لهم يقومون مقامهم في حفظ الشريعة وتأديتها إلى الناس ونفي التحريف والتبديل عنها، والحكم بين الناس بالعدل، وإنصاف المظلوم من الظالم.
ويجب عصمتهم عمَّا عُصِمَ منه الأنبياء، للدليل الذي دلَّ على عصمة الأنبياء بعينه، ولقوله تعالى خطاباً لإبراهيم (عليه السلام): ﴿إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ١٢٤]، وغير المعصوم تجوز عليه المعصية، فيكون ظالماً لنفسه.
ويجب أنْ يكون نصبهم من الله تعالى لا من الناس، لأنَّ العصمة لا يطَّلع عليها إلَّا الله تعالى، ولأنَّ إيكال ذلك إلى الناس مؤدٍّ إلى الهرج والمرج ووقع النزاع والاختلاف وحصول الفساد، فوجب القول بوجود إمام معصوم في كلِّ زمان، منصوب من قِبَل الله تعالى.
وقد أجمع المسلمون على أنَّ من عدا الأئمَّة الاثني عشر ليسوا بهذه الصفات، فوجب القول بأنَّ أصحاب هذه الصفات هم الأئمَّة الاثنا عشر، وإلَّا لزم خلوُّ العصر من إمام معصوم، وقد ثبت بطلانه.
قال الشيخ المفيد (عليه الرحمة) في (الإرشاد): (ومن الدلائل على إمامة القائم بالحقِّ ابن الحسن (عليهما السلام) ما يقتضيه العقل بالاستدلال الصحيح من وجود إمام معصوم كامل غنيٍّ عن رعاياه في الأحكام والعلوم في كلِّ زمان، لاستحالة خلوِّ المكلَّفين من سلطان يكونون بوجوده أقرب إلى الصلاح وأبعد من الفساد،

↑صفحة ٤٥

وحاجة الكلِّ من ذوي النقصان إلى مؤدِّب للجناة، مقوِّم للعصاة، رادع للغواة، معلِّم للجُهّال، منبِّه للغافلين، محذِّر للضُلّال، مقيِّم للحدود، منفِّذ للأحكام، فاصل بين أهل الاختلاف، ناصب للأُمراء، سادٍّ للثغور، حافظ للأموال، حامٍ عن بيضة الإسلام، جامع للناس في الجُمُعات والأعياد.
وقيام الأدلَّة على أنَّه معصوم من الزلّات لغناه بالاتِّفاق عن إمام، واقتضى(١٢٢) ذلك له بالعصمة بلا ارتياب، ووجوب النصِّ على من هذه سبيله من الأنام، أو ظهور المعجز عليه، لتمييزه ممَّن سواه، وعدم هذه الصفات من كلِّ أحد سوى من أثبت إمامته أصحاب الحسن بن عليٍّ وهو ابنه المهدي، وهذا أصل لا(١٢٣) يحتاج معه في الإمامة إلى رواية النصوص، لقيامه بنفسه في قضيَّة العقول، وصحَّته بثابت الاستدلال.
ثمّ جاءت روايات في النصِّ على ابن الحسن (عليه السلام) من طُرُق تنقطع بها الأعذار)(١٢٤).
الدليل النقلي:
وأمَّا الدليل النقلي، فهو نصُّ النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عليه، وبعده الأئمَّة (عليهم السلام) واحداً بعد واحد.
قال المفيد (عليه الرحمة): (وقد سبق النصُّ عليه في ملَّة الإسلام من نبيِّ الهدى (عليه الصلاة والسلام)، ثمّ من أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام)، ونصَّ عليه الأئمَّة (عليهم السلام) واحداً بعد واحد إلى أبيه الحسن (عليه السلام)، ونصَّ أبوه عليه عند ثقاته وخاصَّة شيعته. وكان الخبر بغيبته ثابتاً قبل وجوده، وبدولته مستفيضاً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٢٢) في المصدر: (واقتضاء).
(١٢٣) في المصدر: (لن) بدل (لا).
(١٢٤) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٤٢ و٣٤٣).

↑صفحة ٤٦

قبل غيبته، وهو صاحب السيف من أئمَّة الهدى (عليهم السلام)، والقائم بالحقِّ، المنتظر لدولة الإيمان، وله قبل قيامه غيبتان، إحداهما أطول من الأُخرى كما جاءت بذلك الأخبار، فأمَّا القصرى منهما فمنذ وقت مولده إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته وعدم السفراء بالوفاة، وأمَّا الطولى فهي بعد الأُولى، وفي آخرها يقوم بالسيف. قال الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ﴾ [القَصص: ٥ و٦]، وقال (جلَّ اسمه): ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠٥]، وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لن تنقضي الأيّام والليالي حتَّى يبعث الله رجلاً من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي يملأها عدلاً وقسطاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً»، وقال (عليه السلام): «لو لم يبقَ من الدنيا إلَّا يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليوم حتَّى يبعث فيه رجلاً من ولدي يواطئ اسمه اسمي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً»)(١٢٥).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٢٥) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٣٩ - ٣٤١).

↑صفحة ٤٧

في الأخبار الواردة في خروج المهدي (عليه السلام) من طريق أهل السُّنَّة

إنَّ الأخبار بخروجه متواترة، والإجماع عليه من كافَّة المسلمين حاصل، وقد صنَّف أبو عبد الله محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعي كتاباً سمّاه (البيان في أخبار صاحب الزمان)، وله أيضاً كتاب (كفاية الطالب في مناقب عليِّ ابن أبي طالب)، قال في كتاب (البيان): (إنّي جمعت هذا الكتاب وعريته من طُرُق الشيعة ليكون الاحتجاج به آكد)(١٢٦).
وجمع الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني صاحب كتاب (حلية الأولياء) المشهور أربعين حديثاً في أمر المهدي، أوردها صاحب كشف الغمَّة بحذف الأسانيد مقتصراً على ذكر الراوي عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)(١٢٧)، ونحن نوردها كذلك.
وذكر في (حلية الأولياء) أيضاً جملة من أخبار المهدي.
وذكر غيرهما كثيراً من أخبار المهدي، مثل صاحب (مشكاة المصابيح)، و(فرائد السمطين)، و(جواهر العقدين)، و(كنوز الدقائق)(١٢٨)، وغيرها.
ونحن ننقل ذلك بالواسطة من كتاب (البيان) و(أربعين الأصفهاني) وغيرهما، مرتَّبة كلَّ حديث مع ما يناسبه، فنبتدئ أحاديث صاحب (البيان)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٢٦) البيان (ص ٤٧٦).
(١٢٧) كشف الغمَّة (ج ٣/ ص ٢٦٧ - ٢٧٥).
(١٢٨) الصحيح في اسم الكتاب (كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق).

↑صفحة ٤٩

بقولنا: الكنجي، وأحاديث أبي نعيم [في] الأربعين، بقولنا: الأربعون، وغيرها باسم الكتاب المنقول عنه، وإنْ كان نقلنا عن الكلِّ بالواسطة.
الكنجي: بإسناده عن زر بن حبيش، وفي نسخة عن زر بن حبيش، عن عبد الله، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لا تذهب الدنيا حتَّى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»(١٢٩).
مشكاة المصابيح: عن ابن مسعود، مثله. ثمّ قال: (رواه الترمذي وأبو داود)(١٣٠).
قال الكنجي: وفي رواية: «يلي رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي»، رواه الترمذي في جامعه(١٣١).
وقال (عليه السلام): «لا تذهب الدنيا حتَّى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»، أخرجه أبو داود في سُنَنه(١٣٢).
وبإسناده عن حذيفة، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لو لم يبقَ من الدنيا إلَّا يوم واحد لبعث الله رجلاً اسمه اسمي وخُلُقه خُلُقي يُكنّى أبا عبد الله»، قال: هذا حديث حسن رزقناه عالياً بحمد الله(١٣٣).
الأربعون: بسنده عن حذيفة، مثله(١٣٤).
قوله: «وخُلُقه خُلُقي» بضمِّ الخاء؛ لأنَّه ورد في بعض الروايات: «يشبهه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٢٩) البيان (ص ٤٨٠ و٤٨١).
(١٣٠) مشكاة المصابيح (ص ١٥٠١/ ح ٥٤٥٢)، عن سُنَن الترمذي (ج ٣/ ص ٣٤٣/ ح ٢٣١٣)، وسُنَن أبي داود (ج ٢/ ص ٣٠٩ و٣١٠/ ح ٤٢٨٢).
(١٣١) البيان (ص ٤٨١)، عن سُنَن الترمذي (ج ٣/ص ٣٤٣/ح ٢٣٣٢).
(١٣٢) البيان (ص ٤٨١ و٤٨٢)، عن سُنَن أبي داود (ج ٢/ ص ٣٠٩ و٣١٠/ ح ٤٢٨٢).
(١٣٣) البيان (ص ٥١٠).
(١٣٤) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٧٥/ ح ٢٠).

↑صفحة ٥٠

في الخُلُق، ولا يشبهه في الخَلْق»(١٣٥)، الظاهر أنَّ الأوَّل بضمِّ الخاء، والثاني بفتحها، كما لا يخفى.
الأربعون: بسنده عن حذيفة: خطبنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فذكر ما هو كائن، ثمّ قال: «لو لم يبقَ من الدنيا إلَّا يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليوم حتَّى يبعث رجلاً من ولدي هذا، اسمه اسمي»، فقام سلمان، فقال: من أيِّ ولدك هو؟ فقال: «من ولدي هذا، وضرب بيده على منكب الحسين»(١٣٦).
وبسنده عن حذيفة: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: «ويح هذه الأُمَّة من ملوك جبابرة، كيف يقتلون ويخيفون المطيعين إلَّا من أظهر طاعتهم، فالمؤمن التقيُّ يصانعهم بلسانه ويفرُّ منهم بقلبه، فإذا أراد الله (عزَّ وجلَّ) أنْ يُعيد الإسلام عزيزاً قصم كلَّ جبّار عنيد، وهو القادر على ما يشاء أنْ يُصلِح أُمَّة بعد فسادها»، فقال (عليه السلام): «يا حذيفة، لو لم يبقَ من الدنيا إلَّا يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليوم حتَّى يملك رجل من أهل بيتي، تجري الملاحم على يديه، ويظهر الإسلام، لا يُخلِف الله وعده، وهو سريع الحساب»(١٣٧).
وبسنده عن أبي سعيد الخدري، عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لا تنقضي الساعة حتَّى يملك الأرض رجل من أهل بيتي يملأها عدلاً كما مُلِئَت قبله جوراً، يملك سبع سنين»(١٣٨).
وبسنده عن ابن عمر، عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لا تقوم الساعة حتَّى يملك من أهل بيتي من يواطئ اسمه اسمي، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً»(١٣٩).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٣٥) العمدة لابن بطريق (ص ٤٦٦/ ح ٩١٢)؛ سُنَن أبي داود (ج ٢/ ص ٣١١/ ح ٤٢٩٠).
(١٣٦) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٥٧/ ح ٦).
(١٣٧) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٨٧ و٨٨/ ح ٢٨).
(١٣٨) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٥١/ ح ٣).
(١٣٩) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٧٤/ ح ١٩).

↑صفحة ٥١

وبسنده عن أبي هريرة، عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لو لم يبقَ من الدنيا إلَّا ليلة لمَلَك فيها رجل من أهل بيتي»(١٤٠).
الكنجي: بسنده عن عليِّ (عليه السلام)، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لو لم يبقَ من الدهر إلَّا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأها عدلاً كما مُلِئَت جوراً»، هكذا أخرجه أبو داود في سُنَنه(١٤١).
جواهر العقدين: رواه أبو داود، [وأحمد، والترمذي، وابن ماجة](١٤٢)،(١٤٣).
الكنجي: بسنده عن الحافظ محمّد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم الآبري في كتاب (مناقب الشافعي)(١٤٤) أنَّه ذكر هذا الحديث وقال: وزاد زائدة(١٤٥) في روايته: «حتَّى يبعث الله رجلاً منّي أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي».
قال الكنجي: وقد ذكر الترمذي الحديث في جامعه(١٤٦) ولم يذكر: «واسم أبيه اسم أبي»، وذكر أبو داود في معظم روايات الحُفّاظ والثقات من نقلة الأخبار «اسمه اسمي» فقط(١٤٧)، والذي روى «واسم أبيه اسم أبي» فهو زائدة، وهو يزيد في الحديث، وإنْ صحَّ فمعناه: واسم أبيه اسم أبي أي الحسين، لأنَّ كنيته أبو عبد الله، فأُريد بالاسم الكنية كنايةً عن أنَّه من ولد الحسين دون الحسن(١٤٨).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٤٠) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٩١/ ح ٣١).
(١٤١) البيان (ص ٤٨٢)، عن سُنَن أبي داود (ج ٢/ص ٣١٠/ح ٤٢٨٣).
(١٤٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(١٤٣) جواهر العقدين (ج ٢/ ص ١٨٩)، عن سُنَن أبي داود (ج ٢/ص ٣١٠/ح ٤٢٨٣).
(١٤٤) مناقب الشافعي (ص ٩٦).
(١٤٥) اسم الرجل الذي روى الحديث، وزاد فيه هذه الزيادة.
(١٤٦) سُنَن الترمذي (ج ٣/ ص ٣٤٣/ ح ٢٣١٣ و٢٣١٤).
(١٤٧) سُنَن أبي داود (ج ٢/ ص ٣٠٩ و٣١٠/ ح ٤٢٨٢).
(١٤٨) البيان (ص ٤٨٢ و٤٨٣).

↑صفحة ٥٢

وأجاب ابن طلحة الشافعي بهذا الجواب، ومهَّد له مقدّمتين:
الأُولى: شيوع إطلاق الأب على الجدِّ الأعلى كقوله تعالى: ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ﴾ [الحجّ: ٧٨]، ﴿وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ...﴾ الآية [يوسف: ٣٨]، وفي حديث الإسراء: «هذا أبوك إبراهيم».
الثانية: أنَّ الاسم يُطلَق على الكنية. روى البخاري ومسلم أنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سمّى عليًّا أبا تراب، ولم يكن اسم أحبّ إليه منه(١٤٩). وقال المتنبّي: (ومن كنّاك فقد أسماك للعرب)(١٥٠) انتهى.
قيل: ويمكن أنْ يُراد أنَّ اسم الحسن العسكري أي كنيته أبو محمّد، واسم أبي النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أي كنيته أبو محمّد.
ثمّ قال الكنجي: ويحتمل أنْ يكون الراوي توهَّم في قوله: «ابني»، فصحَّفه فقال: «أبي»، فوجب حمله على هذا جمعاً بين الروايات(١٥١).
أقول: احتمال التصحيف قريب جدًّا، لتقارب الكلمتين في الحروف، وكون الخطِّ القديم أكثره بدون نُقَط.
وقد أورد هذا المضمون أيضاً أصحابنا في كُتُبهم، روى الشيخ في كتاب (الغيبة) بسنده عن ابن مسعود، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لا تذهب الدنيا حتَّى يلي أُمَّتي رجل من أهل بيتي يقال له: المهدي»(١٥٢).
وبسنده عن أبي هريرة، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لو لم يبقَ من الدنيا إلَّا يوم واحد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٤٩) صحيح البخاري (ج ٧/ ص ١١٩)؛ صحيح مسلم (ج ٧/ ص ١٢٤).
(١٥٠) مطالب السؤول (ص ٤٨٧ و٤٨٨).
(١٥١) البيان (ص ٤٨٣).
(١٥٢) الغيبة للطوسي (ص ٢١٠/ ح ١٤١).

↑صفحة ٥٣

لطوَّل الله ذلك اليوم حتَّى يخرج رجلاً(١٥٣) من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً»(١٥٤).
وقد عرفت فيما تقدَّم ما ذكره المفيد أيضاً(١٥٥).
الكنجي: بسنده عن سعيد بن المسيِّب: كنّا عند أُمِّ سَلَمة فتذاكرنا المهدي، فقالت: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: «المهدي من ولد فاطمة»(١٥٦).
وبسنده عنه، عنها (رضي الله عنها): سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة»، أخرجه الحافظ أبو داود في سُنَنه(١٥٧).
وقال صاحب (جواهر العقدين): أخرجه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، والبيهقي، وصاحب المصابيح، وآخرون(١٥٨).
كنوز الدقائق للمناوي المصري: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يا فاطمة، أمَّا المهدي فمنكِ»، أخرجه الحاكم(١٥٩).
الأربعون: الزهري، عن عليِّ بن الحسين، عن أبيه (عليهم السلام): قال النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لفاطمة (عليها السلام): «المهدي من ولدكِ»(١٦٠).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٥٣) كذا؛ والصحيح كما في المصدر: (رجلٌ).
(١٥٤) الغيبة للطوسي (ص ٢٠٨/ ح ١٣٩).
(١٥٥) تقدَّم في (ص ٤٦ و٤٧)، فراجع.
(١٥٦) لم نجده في البيان المطبوع.
(١٥٧) البيان (ص ٤٨٦)، عن سُنَن أبي داود (ص ٣١٠/ ح ٤٢٨٤).
(١٥٨) جواهر العقدين (ج ٢/ ص ١٨٩)، عن سُنَن أبي داود (ص ٣١٠/ ح ٤٢٨٤)، وسُنَن ابن ماجة (ج ٢/ ص ٦٤٨/ ح ٤٠٨٦)، ولم نجده في كُتُب البيهقي التي بأيدينا، وليس فيه أنَّه ذكره مسلم وصاحب المصابيح.
(١٥٩) كنوز الحقائق (ص ٣)، عن تاريخ مدينة دمشق (ج ١٩/ص ٤٧٥)؛ ولم نجده في كُتُب الحاكم التي بأيدينا.
(١٦٠) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٥٢/ ح ٤).

↑صفحة ٥٤

الكنجي: عن عليٍّ (عليه السلام)، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المهدي منّا أهل البيت يُصلِحه الله في ليلة»(١٦١).
وأورده في (جواهر العقدين) لأحمد وابن ماجة وغيرهما عن عليٍّ (عليه السلام) رفعه(١٦٢).
غاية المرام: عن أبي نعيم في (حلية الأولياء)، عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المهدي منّا أهل البيت يُصلِحه الله في ليلة - أو قال: في يومين -»(١٦٣).
الكنجي: عن أنس بن مالك: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: «نحن ولد عبد المطَّلب سادات أهل الجنَّة: أنا وحمزة وعليٌّ وجعفر والحسن والحسين والمهدي»، أخرجه ابن ماجة الحافظ في صحيحه(١٦٤).
جواهر العقدين: أخرجه أيضاً أبو نعيم والثعلبي وصاحب الأربعين والحمويني والحاكم والديلمي(١٦٥).
أقول: وفي رواية الديلمي: «إنّا معشر بني عبد المطَّلب سادة أهل الجنَّة...» الخ(١٦٦).
الكنجي: عن ثوبان، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يُقتَل(١٦٧) عند كنزكم ثلاثة كلُّهم ابن خليفة، ثمّ لا تصير إلى واحد منهم، ثمّ تطلع الرايات السود من قِبَل المشرق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٦١) البيان (ص ٤٨٧).
(١٦٢) جواهر العقدين (ج ٢/ ص ١٩٠)، عن مسند أحمد (ج ١/ ص ٨٤)، وسُنَن ابن ماجة (ج ٢/ ص ٦٤٧/ ح ٤٠٨٥).
(١٦٣) غاية المرام (ج ٧/ ص ٩٧/ ح ٦٢)، عن حلية الأولياء (ج ٣/ ص ١٧٧).
(١٦٤) البيان (ص ٤٨٨)، عن سُنَن ابن ماجة (ج ٢/ص ٦٤٨/ح ٤٠٨٧).
(١٦٥) جواهر العقدين (ج ٢/ ص ١٩٥)، وليس فيه إلَّا ابن ماجة.
(١٦٦) الفردوس بمأثور الخطاب (ج ١/ ص ٥٣/ ح ١٤٢).
(١٦٧) في المصدر: (يقتتل).

↑صفحة ٥٥

فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم...»، إلى أنْ قال: «فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج، فإنَّه خليفة الله المهدي»، أخرجه الحافظ ابن ماجة القزويني في سُنَنه(١٦٨).
وبإسناده عن ثوبان أيضاً نحوه، إلَّا أنَّه قال: «[ثمّ تجيء الرايات السود فيقتلونهم قتلاً لم يقتله قوم](١٦٩)، ثمّ يجيء خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فائتوه فبايعوه فإنَّه خليفة الله المهدي»، قال: هذا حديث حسن المتن وقع إلينا عالياً من هذا الوجه(١٧٠).
الأربعون: مثله(١٧١).
وبسنده عن ثوبان، عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إذا رأيتم الرايات السود وقد أقبلت من خراسان فائتوها ولو حبواً على الثلج، فإنَّ فيها خليفة الله المهدي»(١٧٢).
وبسنده عن ثوبان: «تجيء الرايات السود من قِبَل المشرق كأنَّ قلوبهم زُبَر الحديد، فمن سمع بهم فليأتهم فيبايعهم ولو حبواً على الثلج»(١٧٣).
الكنجي: عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يخرج ناس من المشرق فيُوَطُّون للمهدي، يعني سلطانه»، هذا حديث حسن صحيح روته الثقات والأثبات، أخرجه الحافظ أبو عبد الله بن ماجة القزويني في سُنَنه(١٧٤).
كنوز الدقائق: عن ثوبان، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إذا رأيتم الرايات السود قد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٦٨) البيان (ص ٤٨٩)، عن سُنَن ابن ماجة (ج ٢/ص ٦٤٧/ح ٤٠٨٤).
(١٦٩) ما بين المعقوفتين من الأربعون أبي نعيم ولا يوجد في البيان.
(١٧٠) البيان (ص ٥٢٠ و٥٢١).
(١٧١) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٩٢/ ح ٣٢).
(١٧٢) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٨٥/ ح ٢٦).
(١٧٣) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٩٣/ ح ٣٣).
(١٧٤) البيان (ص ٤٩٠ و٤٩١)، عن سُنَن ابن ماجة (ج ٢/ص ٦٤٨/ح ٤٠٨٨).

↑صفحة ٥٦

جاءت من قبل خراسان فاؤتوها فإن فيها خليفة الله المهدي»، رواه أحمد، والبيهقي في دلائل النبوَّة(١٧٥).
وعن عليٍّ، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يخرج رجل من وراء النهر يقال له: الحارث حرّاث، [على](١٧٦) مقدّمته رجل يقال له: منصور يُوطِّن - أو قال: يُمكِّن - لآل محمّد كما مكَّنت قريش لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وجب على كلِّ مؤمن نصره - أو قال: إجابته -»، رواه أبو داود(١٧٧).
الكنجي: عن علقمة، عن عبد الله، في حديث: «أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً حتَّى يأتي قوم من قِبَل المشرق ومعهم رايات سود، فيسألون الخير فلا يُعطَونه، فيقاتلون، فيُنصَرون، فيُعطَون ما سألوه فلا يقبلونه، حتَّى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطاً كما ملؤوها جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبواً على الثلج»(١٧٨).
أقول: وهذا الحديث في سُنَن ابن ماجة(١٧٩).
الكنجي: روى ابن أعثم الكوفي في كتاب (الفتوح) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنَّه قال: «ويحاً للطالقان، فإنَّ لله (عزَّ وجلَّ) بها كنوزاً ليست من ذهب ولا فضَّة، ولكن بها رجال مؤمنون عرفوا الله حقَّ معرفته، وهم أيضاً أنصار المهدي في آخر الزمان»(١٨٠).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٧٥) لم نعثر عليه في كنوز الحقائق، وإنَّما وجدناه في مشكاة المصابيح (ص ١٥٠٣/ ح ٥٤٦١)، عن دلائل النبوَّة (ج ٦/ ص ٥١٨)، ومسند أحمد (ج ٥/ ص ٢٧٧).
(١٧٦) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(١٧٧) مشكاة المصابيح (ص ١٥٠٣/ ح ٥٤٥٨)، عن سُنَن أبي داود (ج ٢/ ص ٣١١/ ضمن الحديث ٤٢٩٠).
(١٧٨) البيان (ص ٤٩١).
(١٧٩) سُنَن ابن ماجة (ج ٢/ ص ٦٤٦/ ح ٤٠٨٢).
(١٨٠) البيان (ص ٤٩١ و٤٩٢)، عن الفتوح (ج ٢/ ص ٥٤).

↑صفحة ٥٧

قال: وعن أبي سعيد الخدري، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إنَّ في أُمَّتي المهدي يخرج ويعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً»، زيدٌ الشاكُّ(١٨١)، قلنا: وما ذاك؟ قال: «سنين، فيجيء إليه الرجل فيقول: يا مهدي أعطني، فيُحثي له في ثوبه ما استطاع أنْ يحمله»، قال الحافظ الترمذي: حديث حسن(١٨٢).
الأربعون: عن أبي سعيد الخدري، عن النبيِّ، (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «تُملَأ الأرض ظلماً وجوراً، فيقوم رجل من عترتي فيملؤها قسطاً وعدلاً، يملك سبعاً أو تسعاً»(١٨٣).
الكنجي: وقد روي من غير وجه أبي سعيد عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وعن أبي سعيد أنَّ النبيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: «يكون في أُمَّتي المهدي إنْ قصر فسبع وإلَّا فتسع، تنعم فيه أُمَّتي نعمة لم ينعموا مثلها قطُّ، تُؤتي الأرض أُكُلها (كنوزها خ ل) ولا تدَّخر منه شيئاً، والمال يؤمئذٍ كدوس، يقوم الرجل فيقول: يا مهدي أعطني، فيقول: خذ»(١٨٤).
مشكاة المصابيح: عن أبي سعيد: ذكر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) «بلاءً يصيب هذه الأُمَّة، حتَّى لا يجد الرجل ملجأً يلجأ إليه من الظلم، فيبعث الله رجلاً من عترتي وأهل بيتي فيملأ به الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدع السماء من قطرها شيئاً إلَّا صبَّته مدراراً، ولا تدع الأرض من نباتها شيئاً إلَّا أخرجته حتَّى يتمنّى الأحياء الأموات، يعيش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٨١) زيد هو راوي الحديث عن الخدري، فإنَّها في كتاب الكنجي مسندة، ونحن نقلناها عن كشف الغمَّة بحذف الإسناد كما عرفت في صدر هذا الكلام.
(١٨٢) البيان (ص ٤٩٢)، عن سُنَن الترمذي (ج ٣/ص ٣٤٣/ح ٢٣٣٣).
(١٨٣) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٥٠/ ح ٢).
(١٨٤) البيان (ص ٤٩٤).

↑صفحة ٥٨

في ذلك سبع أو ثمان سنين أو تسع سنين»، رواه الحاكم في مستدركه وقال: صحيح(١٨٥).
كتاب فضل الكوفة لمحمّد بن عليٍّ العلوي: عن أبي سعيد الخدري، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يملك المهدي أمر الناس سبعاً أو عشراً، أسعد الناس به أهل الكوفة»(١٨٦).
الأربعون: بسنده عن أبي سعيد الخدري، عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لتُملَأنَّ الأرض ظلماً وعدواناً، ثمّ ليخرجنَّ رجل من أهل بيتي حتَّى يملأها قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت جوراً وعدواناً»(١٨٧).
الكنجي: عن أُمِّ سَلَمة: «يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلى مكَّة، فيأتيه ناس من أهل مكَّة فيُخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليه بعث الشام فتُخسَف بهم البيداء بين مكَّة والمدينة، فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه، ثمّ ينشأ رجل من قريش أخواله كلب(١٨٨) فيبعث إليهم بعثاً فيظهرون عليهم، ذلك بعث كلب، والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب، فيُقسِّم المال ويعمل في الناس بسُنَّة نبيِّهم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض(١٨٩) فيلبث سبع سنين، [ثمّ يُتوفّى ويُصلّي عليه المسلمون](١٩٠)»(١٩١).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٨٥) مشكاة المصابيح (ص ١٥٠٢/ ح ٥٤٥٧)، عن مستدرك الحاكم (ج ٤/ ص ٤٦٥).
(١٨٦) فضل الكوفة (ص ٢٥/ ح ٣)، على ما في غاية المرام (ج ٧/ ص ١١٧/ ح ١٦٣).
(١٨٧) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٨١/ ح ٢٢).
(١٨٨) هو السفياني.
(١٨٩) الجران الصدر، كناية عن قوَّة الإسلام وثباته واستقراره، كالجمل الذي يُلقي بجرانه إلى الأرض.
(١٩٠) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(١٩١) البيان (ص ٤٩٤ و٤٩٥).

↑صفحة ٥٩

مشكاة المصابيح: رواه أبو داود، ورواه أحمد، وأبو يعلى، والبيهقي، كما في جواهر العقدين(١٩٢).
الكنجي: قال أبو داود: قال بعضهم عن هشام: تسع سنين، وقال بعضهم: سبع سنين، هذا سياق الحافظ كالترمذي وابن ماجة القزويني وأبي داود(١٩٣).
قال: وعن أبي هريرة: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «كيف أنتم إذا [نزل](١٩٤) ابن مريم فيكم وإمامكم منكم»؟ قال: هذا حديث حسن صحيح متَّفق على صحَّته من حديث محمّد بن شهاب الزهري، رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما(١٩٥).
قال: وعن جابر بن عبد الله: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: «لا تزال طائفة من أُمَّتي يقاتلون على الحقِّ ظاهرين إلى يوم القيامة، فينزل عيسى بن مريم، فيقول أميرهم: تعالَ صلِّ بنا، فيقول: لا، إنَّ بعضكم على بعض أُمراء تكرمة من الله لهذه الأُمَّة»، قال: هذا حديث حسن صحيح أخرجه مسلم في صحيحه(١٩٦).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٩٢) مشكاة المصابيح (ص ١٥٠٢/ ح ٥٤٥٦)، عن سُنَن أبي داود فقط؛ جواهر العقدين (ج ٢/ ص ١٩٥ و١٩٦)؛ عن سُنَن أبي داود (ج ٢/ ص ٣١٠ و٣١١/ ح ٤٢٨٦)؛ مسند أحمد (ج ٦/ ص ٣١٦)؛ مسند أبي يعلى (ص ٣٦٩ و٣٧٠/ ح ٦٩٤٠)؛ ولم نجده في كُتُب البيهقي التي بأيدينا.
(١٩٣) البيان (ص ٤٩٥)؛ ولم نجده في سُنَن الترمذي المطبوع.
(١٩٤) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(١٩٥) البيان (ص ٤٩٦)، عن صحيح البخاري (ج ٤/ ص ١٤٣)، وصحيح مسلم (ج ١/ ص ٩٤).
(١٩٦) البيان (ص ٤٩٦ و٤٩٧)، عن صحيح مسلم (ج ١/ ص ٩٥).

↑صفحة ٦٠

وقال في موضع آخر: رواه الحارث بن أبي أُسامة في مسنده، والحافظ أبو نعيم في عواليه(١٩٧).
أقول: أورده أبو نعيم في (الأربعون)، وقال: فيقول أميرهم المهدي(١٩٨).
ثمّ قال الكنجي: وإنْ كان الحديث المتقدِّم قد أُوِّل، فهذا لا يمكن تأويله، فإنَّه صرَّح في أنَّ عيسى (عليه السلام) يُقدِّم أمير المسلمين، وهو يومئذ المهدي (عليه السلام)، فيبطل تأويل من قال: معنى «وإمامكم منكم» أي يأتيكم بكتابكم(١٩٩).
ثمّ ذكر ما حاصله: أنَّ هذه الأحاديث الدالَّة على أنَّ عيسى يُصلّي خلف المهدي ويجاهد بين يديه ويقتل الدجّال، ممَّا ثبتت طُرُقها وصحَّتها عند أهل السُّنَّة والشيعة، ووقع عليها الإجماع من كافَّة أهل الإسلام، وهي تدلُّ على أنَّ المهدي أفضل من عيسى...
إلى أنْ قال: وممَّا يزيد هذا القول ما رواه الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يزيد ابن ماجة القزويني في حديث طويل في نزول عيسى، وأنَّه قيل له: يا رسول الله، فأين العرب يومئذٍ؟ قال: «هم يومئذٍ قليل، وجلُّهم ببيت المقدس، وإمامهم قد تقدَّم يُصلّي بهم الصبح إذ نزل بهم عيسى بن مريم (صلّى الله عليه)، فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى ليتقدَّم عيسى يُصلّي بالناس، فيضع عيسى يده بين كتفيه ثمّ يقول له: تقدَّم»، قال: هذا حديث حسن صحيح ثابت أخرجه ابن ماجة في كتابه عن أبي أُمامة الباهلي، وهذا مختصره(٢٠٠).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٩٧) البيان (ص ٥٠٧)، عن الأربعون حديثاً في المهدي (ص ١٠١/ح ٣٩)، ولم نعثر على مسند الحارث.
(١٩٨) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ١٠١/ ح ٣٩).
(١٩٩) البيان (ص ٤٩٧).
(٢٠٠) البيان (ص ٤٩٨ و٤٩٩)، عن سُنَن ابن ماجة (ج ٢/ ص ٦٣٩ - ٦٤٣/ ح ٤٠٧٧).

↑صفحة ٦١

وبإسناده عن أبي أُمامة في حديث: قيل: فأين العرب يومئذٍ يا رسول الله؟ قال: «هم يومئذ قليل، وجلُّهم ببيت المقدس، وإمامهم المهدي رجل صالح»، قال: هذا حديث حسن، هكذا رواه الحافظ أبو نعيم الأصفهاني(٢٠١).
جواهر العقدين: عن حذيفة، رفعه: «يلتفت المهدي وقد نزل عيسى بن مريم (عليهما السلام) كأنَّما يقطر من شعره الماء، فيقول المهدي له: تقدَّم صلِّ بالناس، فيقول: إنَّما أُقيمت الصلاة لك، فيُصلّي خلف رجل من ولدي»، أخرجه الطبراني وابن حبّان في صحيحه من حديث عقبة بن عامر في إمامة المهدي نحوه(٢٠٢).
الأربعون: بالإسناد عن أبي سعيد الخدري، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «منّا الذي يُصلّي عيسى بن مريم خلفه»(٢٠٣).
كتاب الفتن: للحافظ نعيم بن حمّاد بسنده عن هشام بن محمّد: «المهدي الذي يؤم عيسى بن مريم»(٢٠٤).
سُنَن الترمذي: عن مجمع بن جارية الأنصاري، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يقتل ابن مريم الدجّال بباب لُدٍّ»(٢٠٥).
الكنجي: عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المهدي منّي، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٠١) البيان (ص ٥١٩)، عن الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٦٨ و٦٩/ ح ١٤).
(٢٠٢) جواهر العقدين (ج ٢/ ص ١٩٤ و١٩٥)، ولم نجده في صحيح ابن حبّان المطبوع، وكذلك كُتُب الطبراني التي بأيدينا.
(٢٠٣) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ١٠٠/ ح ٣٨).
(٢٠٤) الفتن للمروزي (ص ٢٣٠).
(٢٠٥) سُنَن الترمذي (ج ٣/ ص ٣٥٠/ ح ٢٣٤٥).

↑صفحة ٦٢

يملك سبع سنين»، قال: هذا حديث ثابت حسن صحيح أخرجه الحافظ أبو داود السجستاني في صحيحه، ورواه غيره من الحُفّاظ كالطبراني وغيره(٢٠٦).
مشكاة المصابيح: رواه الحمويني وابن الجوزي، وقال ابن الجوزي: الأجلى الذي انحسر الشعر عن جبهته إلى نصف رأسه، والقنا احديداب في الأنف(٢٠٧)،(٢٠٨).
الأربعون: بسنده عن أبي سعيد الخدري: «المهدي منّا أهل البيت، رجل من أُمَّتي، أشمُّ الأنف، يملأ الأرض عدلاً كما مُلِئَت جوراً»(٢٠٩).
الكنجي: ذكر ابن شيرويه الديلمي في كتاب (الفردوس) في باب الألف واللّام بإسناده عن ابن عبّاس: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المهدي طاوس أهل الجنَّة»(٢١٠).
الكنجي: بإسناده عن حذيفة بن اليمان، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المهدي من ولدي، وجهه كالقمر (كالكوكب خ ل) الدُّرّي، يملأ الأرض عدلاً كما مُلِئَت جوراً، يرضى بخلافته أهل السماوات وأهل الأرضين والطير في الجوِّ، يملك عشرين سنة»(٢١١).
جواهر العقدين: أخرجه الروياني والطبراني وأبو نعيم والديلمي في مسنده(٢١٢).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٠٦) البيان (ص ٥٠٠ و٥٠١)، عن سُنَن أبي داود (ج ٢/ ص ٣١٠/ ح ٤٢٨٥)، والمعجم الكبير للطبراني (ج ٩/ ص ١٧٦).
(٢٠٧) راجع: النهاية لابن الأثير (ج ١/ ص ٣١٠، وج ٤/ ص ١١٦).
(٢٠٨) مشكاة المصابيح (ص ١٥٠١/ ح ٥٤٥٤)، عن سُنَن أبي داود (ج ٢/ ص ٣١٠/ ح ٤٢٨٥)، وليس فيه أنَّه ذكره الحمويني والجزري؛ فرائد السمطين (ج ٢/ ص ٣٣٠/ ح ٥٨١) مختصراً.
(٢٠٩) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٦٤/ ح ١١).
(٢١٠) البيان (ص ٥٠١)، عن الفردوس بمأثور الخطاب (ج ٤/ ص ٢٢٢/ ح ٦٦٦٨).
(٢١١) البيان (ص ٥١٣ و٥١٤).
(٢١٢) جواهر العقدين (ج ٢/ ص ١٩٤). والأربعون حديثاً في المهدي (ص ٦١/ ح ٩)، والفردوس بمأثور الخطاب (ج ٤/ ص ٢٢١/ ح ٦٦٦٧)، ولم نجده في مسند الروياني وكُتُب الطبراني التي بأيدينا.

↑صفحة ٦٣

الكنجي: بإسناده عن حذيفة، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المهدي رجل من ولدي، [على خدِّه الأيمن خال كأنَّه كوكب دُرّي](٢١٣)، يملأ الأرض عدلاً كما مُلِئَت جوراً، يرضى بخلافته أهل الأرض وأهل السماء والطير في الجوِّ»، قال: هذا حديث حسن رزقناه عالياً بحمد الله عن جمٍّ غفير من أصحاب الثقفي، وسنده معروف عندنا(٢١٤).
الأربعون: بسنده عن حذيفة، عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المهدي رجل من ولدي، وجهه كالكوكب الدُّرّي»(٢١٥).
الكنجي: بإسناده عن أبي أُمامة الباهلي في حديث: فقال له رجل من عبد القيس يقال له: المستورد بن غيلان: يا رسول الله، من إمام الناس يومئذٍ؟ قال: «المهدي من ولدي ابن أربعين سنة(٢١٦)، كأنَّ وجهه كوكب دُرّي، في خدِّه الأيمن خال أسود، عليه عباءتان قطوانيَّتان(٢١٧)، يستخرج الكنوز ويفتح مدائن الشرك»، قال: هذا سياق الطبراني في معجمه الأكبر(٢١٨).
قال: وعن عبد الرحمن بن عوف، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «ليبعثنَّ الله رجلاً من عترتي أفرق الثنايا، أجلى الجبهة، يملأ الأرض عدلاً ويفيض المال فيضاً»، قال: هكذا أخرجه الحافظ أبو نعيم في عواليه(٢١٩).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢١٣) في المصدر: (وجهه كالكوكب الدُّرّي).
(٢١٤) البيان (ص ٥١٣ و٥١٤).
(٢١٥) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٦٠/ ح ٨).
(٢١٦) أي يحسبه الرائي ابن أربعين، كما جاء في روايات أصحابنا أنَّ الناظر إليه يحسبه ابن أربعين سنة أو دونها.
(٢١٧) العباءة القطوانيَّة - بالتحريك -: عباءة بيضاء قصيرة الخمل، نسبةً إلى قطوان موضع بالكوفة منه الأكسبة القطوانيَّة.
(٢١٨) البيان (ص ٥١٤ و٥١٥)، عن المعجم الكبير للطبراني (ج ٨/ ص ١٠١ و١٠٢).
(٢١٩) البيان (ص ٥١٥)، عن الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٦٧/ ح ١٣).

↑صفحة ٦٤

قال: وعن أبي هريرة، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لا تقوم الساعة حتَّى يملك رجل من أهل بيتي يفتح القسطنطينيَّة وجبل الديلم، ولو لم يبقَ إلَّا يوم لطوَّل الله ذلك اليوم حتَّى يفتحها»، قال: هذا سياق الحافظ أبي نعيم، وقال: [هذا هو المهدي بلا شكٍّ وفقاً بين الروايات](٢٢٠)،(٢٢١).
قال: وعن أبي هارون العبدي: أتيت أبا سعيد الخدري، فقلت له: هل شهدت بدراً؟ قال: نعم، قلت: ألَا تُحدِّثني بشيء ممَّا سمعته من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في عليٍّ وفضله. فقال: بلى، أُخبرك أنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مرض مرضة نقه منها، فدخلت عليه فاطمة (عليها السلام) تعوده وأنا جالس عن يمينه، فلمَّا رأت ما به من الضعف خنقتها العبرة حتَّى بدت دموعها على خدِّها، فقال لها: «ما يُبكيكِ يا فاطمة؟»، [قالت: «أخشى الضيعة يا رسول الله»، فقال: يا فاطمة](٢٢٢)، أمَا علمتِ أنَّ الله أطلع إلى الأرض إطلاعة فاختار منها أباكِ فبعثه نبيًّا، ثمّ أطلع ثانيةً فاختار بعلكِ، فأوحى إليَّ فأنكحته واتَّخذته وصيًّا؟ أمَا علمتِ أنَّكِ بكرامة الله أباكِ زوَّجكِ أعلمهم علماً، وأكثرهم حلماً، وأقدمهم سلماً»، فضحكت واستبشرت، فأراد أنْ يزيدها مزيد الخير كلِّه الذي قسمه الله لمحمّد وآل محمّد، فقال لها: «يا فاطمة، ولعلي ثمانية أضراس(٢٢٣) - يعني مناقب -: إيمان بالله ورسوله، وحكمته، وزوجته، وسبطاه (وولداه خ ل) الحسن والحسين، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر. يا فاطمة، إنّا أهل بيت أُعطينا ستّ خصال(٢٢٤)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٢٠) ما بين المعقوفتين لا يوجد في الأربعون لأبي نعيم.
(٢٢١) البيان (ص ٥١٦ و٥١٧)، عن الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٩٦ و٩٧/ ح ٣٦).
(٢٢٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٢٢٣) لا يخفى أنَّ الذي ذكر منها ستَّة، إلَّا أنْ يُجعَل الإيمان بالله ورسوله اثنين، والسبطان اثنين.
(٢٢٤) لا يخفى أنَّها خمس، وسيأتي [في (ص ٧٩)] رواية الشيخ في غيبته عدُّها سبعاً بزيادة: «ومنّا من له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنَّة وهو ابن عمِّكِ جعفر»، مع أنَّها ستٌّ كما ستعرف، وكذلك ما يأتي بعد هذا بلا فصل عن (الأربعون) مع أنَّها فيه أيضاً ستٌّ.

↑صفحة ٦٥

لم يُعطِها أحد من الأوَّلين ولا يُدركها أحد من الآخرين غيرنا أهل البيت: نبيُّنا خير الأنبياء وهو أبوكِ، ووصيُّنا خير الأوصياء وهو بعلكِ، وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة عمُّ أبيكِ، ومنّا سبطا هذه الأُمَّة وهما ابناكِ، ومنّا مهدي الأُمَّة الذي يُصلّي عيسى خلفه»، ثمّ ضرب على منكب الحسين فقال: «من هذا مهدي الأُمَّة»، قال: هكذا أخرجه الدارقطني صاحب (الجرح والتعديل)(٢٢٥).
الأربعون: بسنده عن عليِّ بن هلال، عن أبيه، نحوه، لكنَّه قال: «أعطانا الله (عزَّ وجلَّ) سبع خصال»، وزاد فيها: «ومنّا من له جناحان يطير في الجنَّة مع الملائكة حيث يشاء»، وقال بعد ذكر الحسنين: «والذي بعثني إنَّ منهما مهدي هذه الأُمَّة إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً، وتظاهرت الفتن، وانقطعت السُّبُل، وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً ولا صغير يُوقِّر كبيراً، فيبعث الله عند ذلك منهما من يفتح حصون الضلالة وقلوباً غلفاً، يقوم بالدِّين في آخر الزمان كما قمت به في أوَّل الزمان، ويملأ الأرض عدلاً كما مُلِئَت جوراً...» الحديث(٢٢٦).
جواهر العقدين: عن عباية بن ربعي، عن أبي أيّوب الأنصاري: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لفاطمة: «منّا خير الأنبياء وهو أبوكِ، [ومنّا خير الأوصياء وهو بعلكِ](٢٢٧)، ومنّا خير الشهداء وهو عمِّ أبيكِ حمزة، ومنّا من له جناحان يطير بهما في الجنَّة حيث يشاء وهو ابن عمِّ أبيكِ جعفر، ومنّا سبطا هذه الأُمَّة [سيِّدا شباب أهل الجنَّة] الحسن والحسين وهما ابناكِ، ومنّا المهدي [وهو من ولدك]»، أخرجه الطبراني في (الأوسط)(٢٢٨).
الكنجي: بإسناده عن أبي نضرة: كنّا عند جابر...، إلى أنْ قال: قال رسول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٢٥) البيان (ص ٥٠٢ و٥٠٣)، ولم نجده في كُتُب الدارقطني التي بأيدينا.
(٢٢٦) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٥٣ - ٥٦/ ح ٥).
(٢٢٧) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر؛ وكذلك الموردان التاليان.
(٢٢٨) جواهر العقدين (ج ٢/ص ١٩٦)، عن المعجم الأوسط للطبراني (ج ٦/ص ٣٢٧ و٣٢٨).

↑صفحة ٦٦

الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يكون في آخر أُمَّتي خليفة يحثو المال حثياً لا يعدُّه عدًّا»، قال الراوي: قلت لأبي نضرة وأبي العلاء: أتريان أنَّه عمر بن عبد العزيز؟ قالا: لا. قال: هذا حديث حسن صحيح أخرجه مسلم في صحيحه(٢٢٩).
وبإسناده عن أبي نضرة، عن أبي سعيد: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «من خلفائكم خليفة يحثو المال حثياً لا يعدُّه عدًّا»، قال: هذا حديث ثابت صحيح أخرجه الحافظ مسلم في صحيحه(٢٣٠).
قال: وعن أبي سعيد وجابر بن عبد الله، قالا: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يكون في آخر الزمان خليفة يُقسِّم المال ولا يعدُّه»، هذا لفظ مسلم في صحيحه(٢٣١).
قال: وعن أبي سعيد الخدري: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «أُبشِّركم بالمهدي يُبعَث في أُمَّتي على اختلاف من الناس وزلازل، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، يُقسِّم المال صحاحاً»، فقال رجل: ما صحاحاً؟ فقال: «بالسويَّة بين الناس، ويملأ الله قلوب أُمَّة محمّد غنى، ويسعهم عدله حتَّى يأمر منادياً ينادي يقول: من له في المال حاجة؟ فما يقوم إلَّا رجل واحد فيقول: أنا، فيقول: ائت السدّان - يعني الخازن - فقل له: إنَّ المهدي يأمرك أنْ تُعطيني مالاً، فيقول له: احث، حتَّى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم، فيقول: كنت أجشع أُمَّة محمّد نفساً، أعجز عمَّا وسعهم، فيردُّه ولا يُقبَل منه، فيقال له: إنّا لا نأخذ شيئاً أعطيناه، فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان أو تسع سنين، ثمّ لا خير في العيش بعده - أو قال: ثمّ لا خير

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٢٩) البيان (ص ٥٠٣ و٥٠٤)، عن صحيح مسلم (ج ٨/ ص ١٨٥).
(٢٣٠) البيان (ص ٥٠٤)، عن صحيح مسلم (ج ٨/ ص ١٨٥).
(٢٣١) المصدر السابق.

↑صفحة ٦٧

في الحياة بعده -»، قال: هذا حديث حسن ثابت أخرجه شيخ أهل الحديث في مسنده - يعني أحمد بن حنبل -، وقال: وفي هذا الحديث دلالة على أنَّ المجمل في صحيح مسلم هو هذا المبين في مسند ابن حنبل وفقاً بين الروايات(٢٣٢).
إسعاف الراغبين: نحوه، قال: أخرج أحمد والماوردي، وفيه: «أبشروا بالمهدي رجل من قريش من عترتي»، وفيه أيضاً: «يلبث في ذلك ستًّا أو سبعاً أو ثمانياً أو تسع سنين»(٢٣٣).
الأربعون: بإسناده عن أبي سعيد الخدري، عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يخرج المهدي في أُمَّتي، يبعثه الله غياثاً للناس، تنعم الأُمَّة، وتعيش الماشية، وتُخرج الأرض نباتاً(٢٣٤)، ويعطي المال صحاحاً»(٢٣٥).
الكنجي: بإسناده عن أبي سعيد الخدري: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يكون عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن رجل يقال له: المهدي، عطاؤه هنيئاً»، قال: هذا حديث حسن أخرجه أبو نعيم الحافظ(٢٣٦).
وبإسناده عن عبد الله بن عمر: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يخرج المهدي وعلى رأسه غمامة فيها منادٍ ينادي: هذا المهدي خليفة الله (فاتَّبعوه خ)»، قال: هذا حديث حسن ما رويناه عالياً إلَّا من هذا الوجه(٢٣٧).
قال: وعن عبد الله بن عمر، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يخرج المهدي وعلى رأسه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٣٢) البيان (ص ٥٠٥ و٥٠٦)، عن مسند أحمد (ج ٣/ ص ٣٧ و٥٢).
(٢٣٣) إسعاف الراغبين (ص ١٣٦ و١٣٧).
(٢٣٤) كذا؛ والصحيح كما في المصدر: (نباتها).
(٢٣٥) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٧٠/ ح ١٥).
(٢٣٦) البيان (ص ٥٠٦)، عن الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٨٣/ ح ٢٤).
(٢٣٧) البيان (ص ٥١١ و٥١٢).

↑صفحة ٦٨

مَلَك ينادي: إنَّ هذا المهدي فاتَّبعوه»، قال: هذا حديث حسن روته الحُفّاظ والأئمَّة من أهل الحديث كأبي نعيم والطبراني وغيرهما(٢٣٨).
وبإسناده عن جابر بن عبد الله أنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: «سيكون بعدي خلفاء، ومن بعد الخلفاء أُمراء، ومن بعد الأُمراء ملوك جبابرة، ثمّ يخرج المهدي من أهل بيتي يملأها عدلاً كما مُلِئَت جوراً»، قال: هكذا رواه الحافظ أبو نعيم في فوائده، والطبراني في معجمه الأكبر(٢٣٩).
الأربعون: مثله، إلَّا أنَّه قال: «ثمّ يخرج رجل من أهل بيتي»(٢٤٠).
الكنجي: بإسناده عن أبي سعيد الخدري، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «تتنعَّم أُمَّتي في زمن المهدي نعمةً لم يتنعَّموا مثلها قطُّ، يُرسِل السماء عليهم مدراراً، ولا تدع الأرض شيئاً من نباتها إلَّا أخرجته»، قال: هذا حديث حسن المتن، رواه الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الأكبر(٢٤١).
الأربعون: عن أبي سعيد الخدري، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يكون من أُمَّتي المهدي إنْ قصر عمره فسبع سنين وإلَّا فثمان وإلَّا فتسع، تنعم أُمَّتي في زمانه نعيماً لم يتنعَّموا مثله قطُّ، البرُّ والفاجر، يُرسِل اللهُ السماءَ عليهم مدراراً، ولا تدَّخر الأرض شيئاً من نباتها»(٢٤٢).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٣٨) البيان (ص ٥١٢)، عن الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٧٢/ ح ١٧)، ومسند الشاميِّين للطبراني (ج ٢/ ص ٧١ و٧٢/ ح ٩٣٧).
(٢٣٩) البيان (ص ٥١٨)، عن الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٩٨ و٩٩/ ح ٣٧)، والمعجم الكبير للطبراني (ج ٢٢/ ص ٣٧٥).
(٢٤٠) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٩٨ و٩٩/ ح ٣٧).
(٢٤١) البيان (ص ٥٢٠)، عن المعجم الأوسط للطبراني (ج ٥/ ص ٣١١) بتفاوت؛ ولم نجده في المعجم الكبير المطبوع.
(٢٤٢) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٤٩/ ح ١).

↑صفحة ٦٩

الكنجي: بإسناده عن عبد الله بن عمر: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يخرج المهدي من قرية [باليمن](٢٤٣) يقال لها: كرعة»، قال: هذا حديث حسن رزقناه عالياً، أخرجه أبو الشيخ الأصفهاني في عواليه(٢٤٤).
أقول: عن شهاب الدِّين فضل الله في كتابه (المعتمد) أنَّه ليس في اليمن قرية بهذا الاسم(٢٤٥).
وبإسناده عن عليٍّ (عليه السلام): «قلت: يا رسول الله، أمنّا آل محمّد المهدي أم من غيرنا؟ فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لا بل منّا، يختم الله به الدِّين كما فتح بنا، وبنا يُنقَذون من الفتنة كما أُنقذوا من الشرك، وبنا يُؤلِّف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة كما ألَّف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك، وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة إخواناً كما أصبحوا بعد عداوة الشرك إخواناً [في دينهم](٢٤٦)»، قال: هذا حديث حسن عال رواه الحُفّاظ في كُتُبهم، الطبراني في المعجم الأوسط، وأبو نعيم في حلية الأولياء، وعبد الرحمن بن حمّاد في عواليه(٢٤٧).
الأربعون: بإسناده عن أبي سعيد الخدري، عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يخرج رجل من أهل بيتي ويعمل بسُنَّتي، ويُنزل الله له البركة من السماء، وتُخرج له الأرض بركتها، وتُملَأ به الأرض عدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً، ويعمل على هذه الأُمَّة سبع سنين، وينزل بيت المقدس»(٢٤٨).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٤٣) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٢٤٤) البيان (ص ٥١١)، ولم نعثر على كُتُب أبو الشيخ الأصفهاني.
(٢٤٥) المعتمد في المعتقد (فارسي) (ص ١٦٤).
(٢٤٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٢٤٧) البيان (ص ٥٠٦ و٥٠٧)، عن المعجم الأوسط للطبراني (ج ١/ ص ١٨٤ و١٨٥)؛ ولم نعثر على كُتُب عبد الرحمن بن حمّاد؛ ولم نجده في حلية الأولياء، بل وجوناه في الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٩٤/ ح ٣٤).
(٢٤٨) الأربعون حديثاً في المهدي (ص ٨٤/ ح ٢٥).

↑صفحة ٧٠

انتهى ما أورده محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي من الأحاديث في كتاب (البيان في أخبار صاحب الزمان)، وما أورده أبو نعيم الحافظ الأصفهاني صاحب (حلية الأولياء) من الأربعين حديثاً، وما نقلناه عن غيرهما.
وأورد السمهودي الشافعي في (جواهر العقدين)، ومحمّد خواجه بارساي البخاري في (فصل الخطاب)، ومحمّد بن إبراهيم الحمويني الشافعي في (فرائد السمطين)، والصبّان في (إسعاف الراغبين) عدَّة أحاديث في المهدي (عليه السلام) من طُرُق أهل السُّنَّة، نذكر منها ما يأتي زيادةً على ما أورده في تضاعيف ما مرَّ.
جواهر العقدين: حدَّث قتادة، قال: قلت لسعيد بن المسيِّب أحقٌّ المهدي؟ قال: نعم هو حقٌّ، هو من أولاد فاطمة، قلت: من أيِّ ولد فاطمة؟ قال: حسبك الآن(٢٤٩).
ولأحمد: «لا تقوم الساعة حتَّى تملأ الأرض ظلماً وعدواناً، ثمّ يخرج من عترتي من يملأها قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً»(٢٥٠).
وعن عائشة، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه قال: «المهدي رجل من عترتي يقاتل على سُنَّتي كما قاتلت أنا على الوحي»، أخرجه بصير (نصر ظ) بن حمّاد(٢٥١).
وعن عليٍّ (عليه السلام): «إذا قام قائم آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جمع الله أهل المشرق وأهل المغرب، فيجتمعون كما يجتمع قزع الخريف(٢٥٢)، فأمَّا الرفقاء فمن أهل الكوفة، وأمَّا الأبدال فمن أهل الشام»، أخرجه ابن عساكر(٢٥٣). انتهى جواهر العقدين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٤٩) جواهر العقدين (ج ٢/ ص ١٨٩).
(٢٥٠) جواهر العقدين (ج ٢/ ص ١٩٢).
(٢٥١) جواهر العقدين (ج ٢/ ص ١٩٤)؛ ولم نعثر على كُتُب بصير بن حمّاد.
(٢٥٢) القزع جمع قزعة، كقصب وقصبة، وهي: القطع من السحاب المتفرِّقة، وأُضيف إلى الخريف لأنَّ سحابه يكون متفرِّقاً، والمراد: أنَّهم يجتمعون من أماكن متفرِّقة.
(٢٥٣) جواهر العقدين (ج ٢/ ص ١٩٥)، عن تاريخ مدينة دمشق (ج ١/ ص ٣٦١).

↑صفحة ٧١

فرائد السمطين: بالإسناد إلى جابر بن عبد الله الأنصاري، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أُنزل على محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ومن أنكر خروج الدجّال فقد كفر»(٢٥٤).
وعنه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إنَّ خلفائي وأوصيائي وحُجَج الله على الخلق بعدي الاثنا عشر، أوَّلهم عليٌّ، وآخرهم ولدي المهدي، فينزل روح الله عيسى بن مريم فيُصلّي خلف المهدي، وتشرق الأرض بنور ربِّها، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب»(٢٥٥).
وعن عباية بن ربعي، عن ابن عبّاس، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «أنا سيِّد النبيِّين وعليٌّ سيِّد الوصيِّين، وإنَّ أوصيائي بعدي اثنا عشر أوَّلهم عليٌّ وآخرهم المهدي»(٢٥٦)، انتهى فرائد السمطين.
إسعاف الراغبين: جاء في روايات أنَّه عند ظهوره ينادي فوق رأسه مَلَك: «هذا المهدي خليفة الله فاتَّبعوه»، فيذعن له الناس ويشربون حُبَّه، وأنَّه يملك الأرض شرقها وغربها، وأنَّ الله تعالى يمدُّه بثلاثة آلاف من الملائكة، وأنَّ أهل الكهف من أعوانه، وأنَّ جبرائيل على مقدّمة جيشه وميكائيل على ساقته، وأنَّ المهدي يستخرج تابوت السكينة من غار أنطاكية وأسفار التوراة من جبل بالشام يحاجُّ بها اليهود فيُسلِم كثير منهم.
وقد تواترت الاخبار عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بخروج المهدي وأنَّه من أهل بيته، وأنَّه يملأ الأرض عدلاً، وأنَّه يساعد عيسى (عليه السلام) على قتل الدجّال بباب لُدٍّ بأرض فلسطين، وأنَّه يؤمُّ هذه الأُمَّة ويُصلّي عيسى خلفه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٥٤) فرائد السمطين (ج ٢/ ص ٣٣٤/ ح ٥٨٥).
(٢٥٥) فرائد السمطين (ج ٢/ ص ٣١٢/ ح ٥٦٢).
(٢٥٦) فرائد السمطين (ج ٢/ ص ٣١٣/ ح ٥٦٤).

↑صفحة ٧٢

وفي بعض الآثار أنَّه يخرج في وتر من السنين: سنة إحدى أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع، وأنَّ السنة من سنيِّه تكون مقدار عشر سنين، وأنَّه يبلغ سلطانه المشرق والمغرب، وتظهر له الكنوز، ولا يبقى في الأرض خراب إلَّا يُعمَّر(٢٥٧)، انتهى (إسعاف الراغبين).
فصل الخطاب: عن نوف: راية المهدي مكتوب فيها البيعة لله(٢٥٨).
فصل الخطاب: عن بعض كبراء العارفين - يعني الشيخ محيي الدِّين بن العربي - في ذكره المهدي، قال: يكون معه ثلاثمائة وستُّون رجلاً من رجال الله الكاملين يبايعونه بين الركن والمقام، أسعد الناس به أهل الكوفة، ويُقسِّم المال بالسويَّة، ويعدل في الرعيَّة، ويفصل في القضيَّة، يخرج على فترة من الدِّين، [ويدعو إلى الله بالسيف](٢٥٩) ومن أبى قُتِلَ، ومن نازعه خُذِلَ، يُظهِر من الدِّين ما هو الدِّين عليه في نفسه ما لو كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يحكم به، أوَّل أعدائه الفقهاء المقلِّدون، يدخلون تحت حكمه خوفاً من سيفه وسطوته ورغبةً فيما لديه، يبايعه العارفون بالله تعالى من أهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف آلهي، وله رجال يقيمون دعوته وينصرونه، هم الوزراء يحملون أثقال المملكة.

هو السيِّد المهدي من آل أحمد * * * هو الوابل الوسمي حين يجود(٢٦٠)

انتهى (فصل الخطاب).
وفي (البحار): صنَّف بعض علماء الشيعة كتاباً وقفت عليه سمّاه (كشف المخفي في مناقب المهدي) وروى فيه مائة وعشرة أحاديث(٢٦١) من طُرُق رجال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٥٧) راجع: إسعاف الراغبين (ص ١٣٧ - ١٤٠).
(٢٥٨) مخطوط.
(٢٥٩) ما بين المعقوفتين من الفتوحات.
(٢٦٠) مخطوط، عن الفتوحات المكّيَّة (ج ٣/ ص ٣٢٧ و٣٢٨).
(٢٦١) لا يخفى أنَّها مائة وسبعة أحاديث.

↑صفحة ٧٣

المذاهب الأربعة تركت نقلها بأسانيدها وألفاظها كراهة التطويل، وسأذكر أسماء من رواها لتعلم مواضعها:
من صحيح البخاري ثلاثة أحاديث، من صحيح مسلم أحد عشر حديثاً، من الجمع بين الصحيحين للحميدي حديثان، من الجمع بين الصحاح الستَّة لرزين بن معاوية العبدري أحد عشر حديثاً، من كتاب فضائل الصحابة ممَّا أخرجه الحافظ عبد العزيز العكبري من مسند أحمد بن حنبل سبعة أحاديث، من تفسير الثعلبي خمسة أحاديث، من غريب الحديث لابن قتيبة الدينوري ستَّة أحاديث، [من كتاب الفردوس لابن شيرويه الديلمي أربعة أحاديث](٢٦٢)، من كتاب مسند فاطمة الزهراء للحافظ أبي الحسن عليٍّ الدارقطني ستَّة أحاديث، من مسند أمير المؤمنين (عليه السلام) له ثلاثة أحاديث، من كتاب المبتدأ للكسائي حديثان فيها ذكر المهدي والسفياني والدجّال، من كتاب المصابيح لأبي محمّد الحسين بن مسعود الفرّاء خمسة أحاديث، من كتاب الملاحمٍ لأبي الحسن أحمد بن جعفر بن محمّد بن عبيد الله المنادري أربعة وثلاثون حديثاً، من كتاب الرعاية لأهل الرواية لأبي الفتح محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم الفراغاني ثلاثة أحاديث، خبر سطيح رواية الحميدي، من كتاب الاستيعاب لأبي عمرو يوسف بن عبد البرِّ النميري حديث واحد(٢٦٣)،(٢٦٤).
فيما جاء في شاذِّ من الأخبار من طريق أهل السُّنَّة: «لا مهدي إلّا عيسى»:
قال بعض العلماء: أمَّا ما روي من حديث الحسن البصري عن أنس بن مالك رفعه: «لا يزداد الأمر إلَّا شدَّةً، ولا الدنيا إلَّا إدباراً، ولا الناس إلَّا شُحًّا،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٦٢) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٢٦٣) في المصدر: (حديثان).
(٢٦٤) بحار الأنوار (ج ٥١/ ص ١٠٧ و١٠٨)، عن الطرائف (ص ١٧٩ و١٨٠).

↑صفحة ٧٤

ولا تقوم الساعة إلَّا على شرِّ الخلق، ولا مهدي إلَّا عيسى بن مريم»، أخرجه الشافعي، وابن ماجة في سُنَنه، والحاكم في مستدركه، وقال: أوردته تعجُّباً لا محتجًّا به. وقال البيهقي: تفرَّد به محمّد بن خالد، وقد قال الحاكم: إنَّه مجهول، وصرَّح النسائي بأنَّه منكر، [وقال ابن ماجة: لم يروه عن ابن خالد إلَّا الشافعي](٢٦٥)،(٢٦٦).
أقول: في (كشف الغمَّة) عن كتاب (البيان في أخبار صاحب الزمان) لمحمّد بن يوسف الكنجي الشافعي أنَّه قال: (ومدار الحديث «لا مهدي إلَّا عيسى بن مريم» على محمّد بن خالد الجندي مؤذِّن الجند، قال الشافعي: كان فيه تساهل في الحديث، قال: قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في المهدي وأنَّه يملك سبع سنين ويملأ الأرض عدلاً، وأنَّه يخرج معه عيسى بن مريم ويساعده في قتل الدجّال بباب لُدٍّ بأرض فلسطين، وأنَّه يؤمُّ هذه الأُمَّة وعيسى يُصلّي خلفه في طول من قصَّته وأمره. وقد ذكر الشافعي - في كتاب الرسالة - وكتابه أصل ونرويه ولكن يطول ذكر سنده، قال: وقد اتَّفقوا على أنَّ الخبر لا يُقبَل إذا كان الراوي معروفاً بالتساهل في روايته)(٢٦٧) انتهى البيان.
وروى الكنجي أيضاً في كتاب (البيان) بإسناده عن ابن عبّاس: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لن تهلك أُمَّة أنا في أوَّلها، وعيسى في آخرها، والمهدي في وسطها»، قال: هذا حديث حسن رواه الحافظ أبو نعيم في عواليه، وأحمد بن حنبل في مسنده(٢٦٨).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٦٥) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٢٦٦) جواهر العقدين (ج ٢/ص ١٩٩ و٢٠٠).
(٢٦٧) كشف الغمَّة (ج ٣/ص ٢٨٥ و٢٨٦)، عن البيان (ص ٥٠٧ و٥٠٨).
(٢٦٨) البيان (ص ٥٠٨ و٥٠٩)، عن الأربعون حديثاً في المهدي (ص ١٠٢)، ولم نجده في مسند أحمد المطبوع.

↑صفحة ٧٥

أقول: الأظهر في معنى قوله: عيسى في آخرها والمهدي في وسطها، أنَّ وجود المهدي قبل نزول عيسى، فيكون في وسطها، إذ المراد بالوسط هنا ما قبل الآخر لا الوسط الحقيقي، وعيسى ينزل بعد خروج المهدي، فيكون في آخرها، ولا ينافيه وجود المهديٍ معه، فلا دلالة فيه على أنَّ عيسى يبقى بعد المهدي.

* * *

↑صفحة ٧٦

في بعض ما ورد في المهدي (عليه السلام) من طُرُق الشيعة - بعض ما نزل فيه من القرآن

غيبة النعماني: بسنده عن الصادق (عليه السلام) في معنى قوله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْركُونَ بِي شَيْئاً﴾ [النور: ٥٥]، قال: «نزلت في القائم وأصحابه».
وبسنده عنه (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ﴾ [هود: ٨]، قال: «العذاب خروج القائم، والأُمَّة المعدودة [عدَّة](٢٦٩) أهل بدر وأصحابه».
وبسنده عنه (عليه السلام) في قوله: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً﴾ [البقرة: ١٤٨]، قال: «نزلت في القائم وأصحابه، يجتمعون على غير ميعاد».
وبسنده عنه (عليه السلام) في قول الله (عزَّ وجلَّ): ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [الحجّ: ٣٩]، قال: «هي في القائم (عليه السلام) وأصحابه».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٦٩) ما بين المعقوفتين من المصدر.

↑صفحة ٧٧

وبسنده عنه (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ﴾ [الرحمن: ٤١]، قال: «الله يعرفهم، ولكن نزلت في القائم يعرفهم بسيماهم فيخبطهم بالسيف هو وأصحابه خبطاً»(٢٧٠).
بعض ما ورد عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من أخبار المهدي (عليه السلام):
الصدوق في (إكمال الدِّين) بسنده عن جابر الأنصاري، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المهدي من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلْقاً وخُلُقاً، تكون له غيبة وحيرة تضلُّ فيها الأُمَم، يقبل كالشهاب الثاقب، فيملأها عدلاً وقسطاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً»(٢٧١).
وبسنده عن الصادق، عن أبيه، عن جدِّه (عليهم السلام)، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «القائم من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، وشمائله شمائلي، وسُنَّته سُنَّتي، يقيم الناس على ملَّتي وشريعتي، ويدعوهم إلى كتاب الله (عزَّ وجلَّ)، من أطاعه أطاعني، ومن عصاه عصاني، ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني...» الحديث(٢٧٢).
وبسنده عن الصادق (عليه السلام)، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «من أنكر القائم من ولدي في زمان غيبته مات ميتة جاهليَّة»(٢٧٣).
وبسنده عن ابن عبّاس، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «[إنَّ](٢٧٤) عليَّ بن أبي طالب إمام أُمَّتي، وخليفتي عليهم بعدي، ومن ولده القائم المنتظر، يملأ الله (عزَّ وجلَّ) به الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً، والذي بعثني بالحقِّ بشيراً إنَّ الثابتين على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٧٠) الغيبة للنعماني (ص ٢٤٧ - ٢٤٩/ باب ١٣/ ح ٣٥ - ٣٩).
(٢٧١) كمال الدِّين (ص ٣١٦/ باب ٢٥/ ح ١).
(٢٧٢) كمال الدِّين (ص ٤٤١/ باب ٣٩/ ح ٦).
(٢٧٣) كمال الدِّين (ص ٤٤٢ و٤٤٣/ باب ٣٩/ ح ١٢).
(٢٧٤) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي.

↑صفحة ٧٨

القول به في زمان غيبته لأعزّ من الكبريت الأحمر»، فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري، فقال: يا رسول الله، وللقائم من ولدك غيبة؟ فقال: «إي وربّي، ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤١]. يا جابر، إنَّ هذا الأمر [أمر] من أمر الله، وسرٌّ منٌّ سرِّ الله، مطويٌّ عن عباده، فإيّاك والشكَّ في أمر الله فهو(٢٧٥) كفر»(٢٧٦).
الشيخ الطوسي في كتاب (الغيبة): بسنده عن أبي سعيد الخدري، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه قال لفاطمة: «يا بنيَّة، إنّا أُعطينا أهل البيت سبعاً(٢٧٧) لم يُعطِها أحد قبلنا، نبيُّنا خير الأنبياء وهو أبوكِ، ووصيُّنا خير الأوصياء وهو بعلكِ، وشهيدنا خير الشهداء وهو عمُّ أبيكِ حمزة، ومنّا من له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنَّة وهو ابن عمِّكِ جعفر، ومنّا سبطا هذه الأُمَّة وهما ابناكِ الحسن والحسين، ومنّا والله الذي لا إله إلَّا هو مهدي هذه الأُمَّة الذي يُصلّي خلفه عيسى بن مريم»، ثم ضرب بيده على منكب الحسين (عليه السلام)، فقال: «من هذا - ثلاثاً -»(٢٧٨).
الصدوق في (العيون): بسنده عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام)، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لا تقوم الساعة حتَّى يقوم قائم الحقِّ منّا، وذلك حين يأذن الله (عزَّ وجلَّ) له، من تبعه نجا ومن تخلَّف عنه هلك، الله الله عباد الله فأتوه ولو على الثلج، فإنَّه خليفة الله (عزَّ وجلَّ) وخليفتي»(٢٧٩).
وبسنده عن الرضا، عن آبائه، عن عليٍّ (عليهم السلام)، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لا تذهب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٧٥) في المصدر: (فيه فإنَّ الشكَّ في أمر الله).
(٢٧٦) كمال الدِّين (ص ٣١٧ و٣١٨/ باب ٢٥/ ح ٧).
(٢٧٧) لا يخفى أنَّها ستَّة لا سبعة؛ [إلَّا إذا أعددنا قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «ومنّا سبطا هذه الأُمَّة وهما ابناكِ الحسن والحسين» خصلتين].
(٢٧٨) الغيبة للطوسي (ص ٢١٩/ ح ١٥٤).
(٢٧٩) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) (ج ٢/ ص ٦٥/ ح ٢٣٠).

↑صفحة ٧٩

الدنيا حتَّى يقوم (بأمر أُمَّتي)(٢٨٠) رجل من ولد الحسين (عليه السلام) يملأها عدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً»(٢٨١).
الكليني: بسنده عن الباقر (عليه السلام)، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأصحابه: «آمنوا بليلة القدر، فإنَّه ينزل فيها أمر السنة، وإنَّ لذلك الأمر ولاة من بعدي عليِّ بن أبي طالب وأحد عشر من ولده»(٢٨٢).
النعماني في كتاب (الغيبة): بسنده عن الصادق (عليه السلام)، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه قال لعليٍّ (عليه السلام): «ألَا أُبشِّرك، ألَا أُخبرك (أحبوك خ ل)؟ قال: بلى، يا رسول الله. فقال: كان عندي جبرائيل آنفاً وأخبرني أنَّ القائم الذي يخرج في آخر الزمان فيملأ الأرض عدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً من ذرّيَّتك من ولد الحسين.
وقال لجعفر بن أبي طالب: ألَا أُبشِّرك، ألَا أُخبرك (أحبوك خ ل)؟ قال: بلى، يا رسول الله. فقال: كان جبرئيل عندي آنفاً فأخبرني أنَّ الذي يدفعها إلى القائم هو من ذرّيَّتك، أتدري من هو؟ قال: لا. قال: ذاك الذي وجهه كالدينار، وأسنانه كالمنشار، وسيفه كحريق النار، يدخل الجبل ذليلاً ويخرج منه عزيزاً، يكتنفه جبرئيل ومكائيل.
وقال للعباس: ألَا أُخبرك بما أخبرني به جبرئيل؟ فقال: بلى، يا رسول الله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٨٠) ليس في المصدر.
(٢٨١) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) (ج ٢/ ص ٧١/ ح ٢٩٣).
(٢٨٢) الكافي (ج ١/ ص ٥٨١/ باب ما جاء في الاثني عشر والنصِّ عليهم (عليهم السلام)/ ح ١٢)، ولفظ الحديث: وبهذا الإسناد [عن أبي جعفر الثاني، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)]، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأصحابه: «آمنوا بليلة القدر إنَّها تكون لعليِّ ابن أبي طالب ولولده الأحد عشر من بعدي»؛ وما أورده المصنِّف فهو في كتاب الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٤٦)، فلاحظ.

↑صفحة ٨٠

قال لي: ويل لذرّيَّتك من ولد العبّاس. فقال: يا رسول [الله](٢٨٣)، أفلا أجتنب النساء. فقال له: قد فرغ الله ممَّا هو كائن»(٢٨٤).
وفي رواية: «ويل لولدي من ولدك، وويل لولدك من ولدي(٢٨٥)»(٢٨٦).
والأخبار في ذلك عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من طريق الشيعة عن أئمَّة أهل البيت (عليهم السلام) كثيرة يضيق عنها نطاق البيان، وفي مختصر ما أوردناه منها مقنع، ومن أراد الاستقصاء فليطلبها من مظانِّها.
بعض ما ورد عن الزهراء (عليها السلام) في أمر المهدي (عليه السلام):
الكليني: بسنده عن الباقر (عليه السلام)، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: دخلت على فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء [والأئمَّة](٢٨٧) من ولدها، فعددت اثني عشر [اسماً] آخرهم القائم [من ولد فاطمة]، ثلاثة منهم محمّد، وأربعة منهم عليٍّ»(٢٨٨).
بعض ما ورد عن أمير المؤمنين من الإخبار بالمهدي (عليهما السلام):
الصدوق في (إكمال الدِّين): بسنده عن أبي جعفر الثاني، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: «للقائم منّا غيبة أمدها طويل، كأنّي بالشيعة يجولون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٨٣) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٢٨٤) الغيبة للنعماني (ص ٢٥٥ و٢٥٦/ باب ١٤/ ح ١).
(٢٨٥) ويل لولدي من ولدك يقتلونهم ويظلمونهم، وويل لولدك من ولدي يُعذِّبهم الله بظلمهم إيّاهم.
(٢٨٦) بحار الأنوار (ج ٣١/ ص ٥٣٠/ ح ٣٥)، عن الغيبة للنعماني (ص ٢٥٦ و٢٥٧/ باب ١٤/ ح ٢)، وفيه: (ويل لذرّيَّتي من ولدك...).
(٢٨٧) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر؛ وكذلك الموردان التاليان.
(٢٨٨) الكافي (ج ١/ ص ٥٨٠/ باب ما جاء في الاثني عشر والنصِّ عليهم (عليهم السلام)/ ح ٩)، وفيه: (وثلاثة منهم عليٌّ).

↑صفحة ٨١

جولان النِّعَم في غيبته، يطلبون المرعى فلا يجدونه، ألَا فمن ثبت منهم على دينه [و](٢٨٩) لم يقْسُ قلبه لطول أمد غيبة إمامه، فهو معي في درجتي يوم القيامة»، ثمّ قال: «إنَّ القائم منّا إذا قام لم يكن لأحد في عنقه بيعة، فلذلك تخفى ولادته ويغيب شخصه»(٢٩٠).
وبسنده عن الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) أنَّه قال للحسين (عليه السلام): «التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحقِّ، المظهر للدِّين، الباسط للعدل»، قال الحسين (عليه السلام): «فقلت: يا أمير المؤمنين، وإنَّ ذلك لكائن؟ فقال: «إي والذي بعث محمّداً بالنبوَّة واصطفاه على جميع البريَّة، ولكن بعد غيبة وحيرة لا يثبت فيها على دينه إلَّا المخلصون المباشرون لروح اليقين، الذين أخذ الله ميثاقهم بولايتنا، وكتب في قلوبهم الإيمان، وأيَّدهم بروح منه»(٢٩١).
النعماني في كتاب (الغيبة): بسنده عن عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام) أنَّه قال: «صاحب هذا الأمر من ولدي هو الذي يقال: مات، أو هلك، لا، بل في أيِّ وادٍ سلك؟»(٢٩٢).
وروى الكليني بسنده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنَّه قال لابن عبّاس: «إنَّ ليلة القدر في كلِّ سنة، وإنَّه ينزل في تلك الليلة أمر السنة، ولذلك الأمر ولاة من بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)»، فقال له ابن عبّاس: من هم؟ قال: «أنا وأحد عشر من صلبي أئمَّة محدَّثون»(٢٩٣).
والأخبار عنه (عليه السلام) في ذلك كثيرة، وفيما أوردناه مقنع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٨٩) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٢٩٠) كمال الدِّين (ص ٣٣٣/ باب ٢٦/ ح ١٤).
(٢٩١) كمال الدِّين (ص ٣٣٤/ باب ٢٦/ ح ١٦).
(٢٩٢) الغيبة للنعماني (ص ١٥٨/ باب ١٠/ فصل ١/ ح ١٨).
(٢٩٣) الكافي (ج ١/ ص ٢٩٥/ باب في شأن ﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ وتفسيرها/ ح ٢).

↑صفحة ٨٢

بعض ما ورد عن الحسن بن عليٍّ من أخبار المهدي (عليهم السلام):
الصدوق في (إكمال الدِّين): بسنده أنَّه لمَّا صالح الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) معاوية دخل عليه الناس، فلامه بعضهم على بيعته، فقال (عليه السلام): «ويحكم ما تدرون ما عملت، والله الذي عملت خير لشيعتي ممَّا طلعت عليه الشمس أو غربت، ألَا تعلمون أنَّني إمامكم مفترض الطاعة عليكم وأحد سيِّدي شباب أهل الجنَّة بنصٍّ من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) [عليَّ](٢٩٤)؟»، قالوا: بلى، قال: «أمَا علمتم أنَّ الخضر لمَّا خرق السفينة وأقام الجدار وقتل الغلام كان ذلك سخطاً لموسى بن عمران (عليه السلام) إذ خفي عليه وجه الحكمة فيه، وكان ذلك عند الله حكمةً وصواباً؟ أمَا علمتم أنَّه ما منّا أحد إلَّا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلَّا القائم الذي يُصلّي روح الله عيسى بن مريم خلفه؟ فإنَّ الله (عزَّ وجلَّ) يخفي ولادته، ويغيب شخصه، لئلَّا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج، ذاك التاسع من ولد أخي الحسين ابن سيِّدة الإماء، يطيل الله عمره في غيبته، ثمّ يُظهره بقدرته في صورة شابٍّ ابن دون أربعين سنة، ذلك ليعلم أنَّ الله على كلِّ شيء قدير»(٢٩٥).
بعض ما ورد عن الحسين (عليه السلام) من أخبار المهدي (عليه السلام):
الصدوق في (إكمال الدِّين): بسنده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدِّه، عن الحسين بن عليٍّ (عليهم السلام) أنَّه قال: «في التاسع من ولدي سُنَّة من يوسف، وسُنَّة من موسى بن عمران، وهو قائمنا أهل البيت، يُصلِح الله تبارك وتعالى أمره في ليلة واحدة»(٢٩٦).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٩٤) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٢٩٥) كمال الدِّين (ص ٣٤٥ و٣٤٦/ باب ٢٩/ ح ٢).
(٢٩٦) كمال الدِّين (ص ٣٤٧/ باب ٣٠/ ح ١).

↑صفحة ٨٣

وبسنده عن الحسين (عليه السلام): «قائم هذه الأُمَّة هو التاسع من ولدي، وهو صاحب الغيبة، وهو الذي يُقسَّم ميراثه وهو حيٌّ»(٢٩٧).
وبسنده عنه (عليه السلام): «منّا اثنا عشر مهديًّا، أوَّلهم أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وآخرهم التاسع من ولدي، وهو الإمام القائم بالحقِّ، يُحيي الله به الأرض بعد موتها، ويُظهر به دين الحقَّ على الدِّين كلِّه ولو كره المشركون، له غيبة يرتدُّ فيها أقوام ويثبت فيها على الدِّين آخرون، فيُؤذون ويقال لهم: ﴿مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ [يونس: ٤٨]، أمَا إنَّ الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)»(٢٩٨).
وبسنده عنه (عليه السلام): «لو لم يبقَ من الدنيا إلَّا يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليوم حتَّى يخرج رجل من ولدي فيملأها عدلاً وقسطاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً، كذلك سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول»(٢٩٩).
وبسنده، قيل للحسين (عليه السلام): أنت صاحب هذا الأمر؟ قال: «لا، ولكن صاحب هذا الأمر الطريد الشريد الموتور بأبيه(٣٠٠)، المكنّى بعمِّه(٣٠١)، يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر»(٣٠٢).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٩٧) كمال الدِّين (ص ٣٤٧/ باب ٣٠/ ح ٢).
(٢٩٨) كمال الدِّين (ص ٣٤٧/ باب ٣٠/ ح ٣).
(٢٩٩) كمال الدِّين (ص ٣٤٧ و٣٤٨/ باب ٣٠/ ح ٤).
(٣٠٠) لعلَّ المراد بـ(أبيه) الحسين (عليه السلام).
(٣٠١) المراد به جعفر بن أبي طالب، فقد مرَّ أنَّ المهدي يُكنّى بأبي جعفر. [وقال العلَّامة المجلسي (رحمه الله): لعلَّ كنية بعض أعمامه أبو القاسم، أو هو (عليه السلام) مكنّى بأبي جعفر، أو أبي الحسين، أو أبي محمّد أيضاً، ولا يبعد أنْ يكون المعنى: لا يُصرَّح باسمه، بل يُعبَّر عنه بالكناية خوفاً من عمِّه جعفر، والأوسط أظهر...) (بحار الأنوار: ج ٥١/ ص ٣٩/ ذيل الحديث ٩)].
(٣٠٢) كمال الدِّين (ص ٣٤٨/ باب ٣٠/ ح ٥).

↑صفحة ٨٤

بعض ما ورد عن عليِّ بن الحسين من أخبار المهدي (عليهم السلام):
الصدوق في (إكمال الدِّين): بسنده عن عليِّ بن الحسين (عليهما السلام): «القائم منّا تخفى ولادته على الناس حتَّى يقولوا: لم يُولَد بعد، ليخرج حين يخرج وليس لأحد في عنقه بيعة»(٣٠٣).
المفيد في (المجالس): بسنده عن عليِّ بن الحسين (عليه السلام): «لتأتينَّ فتن كقطع الليل المظلم، لا ينجو إلَّا من أخذ الله ميثاقه، أُولئك مصابيح الهدى وينابيع العلم، يُنجيهم الله من كلِّ فتنة مظلمة، كأنّي بصاحبكم قد علا فوق نجفكم بظهر كوفان ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، وإسرافيل أمامه، معه راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد نشرها لا يهوي بها إلى قوم إلَّا أهلكهم الله (عزَّ وجلَّ)»(٣٠٤).
بعض ما ورد عن الباقر (عليه السلام) من أخبار المهدي (عليه السلام):
الكليني: بسنده عن الباقر (عليه السلام)، قال: «إنَّ الله (عزَّ اسمه) أرسل محمّداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى الجنِّ والإنس، وجعل من بعده اثني عشر وصيًّا، منهم من سبق، ومنهم من بقي، وكلُّ وصيٍّ جرت به سُنَّة من الأوصياء الذين هم من بعد محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على سُنَّة أوصياء عيسى وكانوا اثني عشر، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) على سُنَّة المسيح (عليه السلام)»(٣٠٥).
وبسنده عنه (عليه السلام) أنَّه قال: «الاثنا عشر الأئمَّة من آل محمّد كلُّهم محدَّث، عليُّ بن أبي طالب وأحد عشر من ولده، ورسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعليٌّ هما الولدان»(٣٠٦).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٠٣) كمال الدِّين (ص ٣٥٢ و٣٥٣/ باب ٣١/ ح ٦).
(٣٠٤) أمالي المفيد (ص ٧٧/ ح ٥).
(٣٠٥) الكافي (ج ١/ ص ٥٨٠/ باب فيما جاء في الاثني عشر والنصِّ عليهم (عليهم السلام)/ ح ١٠).
(٣٠٦) الكافي (ج ١/ ص ٥٨١/ باب فيما جاء في الاثني عشر والنصِّ عليهم (عليهم السلام)/ ح ١٤)، ولفظه: «الاثنا عشر الإمام من آل محمّد كلُّهم محدَّث، من ولد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وولد عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعليٌّ (عليه السلام) هما الوالدان».

↑صفحة ٨٥

وبسنده عنه (عليه السلام): «الأئمَّة اثنا عشر إماماً، منهم الحسن والحسين، ثمّ الأئمَّة من ولد الحسين (عليه السلام)»(٣٠٧).
الصدوق في (إكمال الدِّين): بسنده عن أُمِّ هاني الثقفيَّة، عن الباقر (عليه السلام) في حديث قال: «هذا مولود في آخر الزمان، هو المهدي من هذه العترة، تكون له حيرة وغيبة يضلُّ فيها أقوام ويهتدي فيها أقوام، فيا طوبى لكِ إنْ أدركتيه، ويا طوبى لمن أدركه»(٣٠٨).
وبسنده عنه (عليه السلام) أنَّه ذكر سير الخلفاء الراشدين، فلمَّا بلغ آخرهم قال: «الثاني عشر الذي يُصلّي عيسى بن مريم خلفه، عليك بسُنَّته والقرآن الكريم»(٣٠٩).
النعماني في كتاب (الغيبة): بسنده عن أبي حمزة الثمالي، عن الباقر (عليه السلام) أنَّه قال: «من المحتوم الذي حتَّمه الله(٣١٠) قيام قائمنا، فمن شكَّ فيما أقول لقي الله وهو كافر به [وله جاحد](٣١١)»، ثمّ قال: «بأبي وأُمّي المسمّى باسمي، والمكنّى بكنيتي(٣١٢)، السابع من بعدي، بأبي يملأ الأرض عدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً، من أدركه فلم يُسلِّم له فما سلَّم لمحمّد وعليٍّ، وقد حرمت عليه الجنَّة، ومأواه النار وبئس مثوى الظالمين...» الحديث(٣١٣).
إلى غير ذلك من الأخبار.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٠٧) الكافي (ج ١/ ص ٥٨١/ باب فيما جاء في الاثني عشر والنصِّ عليهم (عليهم السلام)/ ح ١٦).
(٣٠٨) كمال الدِّين (ص ٣٦٠/ باب ٣٢/ ح ١٤).
(٣٠٩) كمال الدِّين (ص ٣٦١ و٣٦٢/ باب ٣٢/ ح ١٧).
(٣١٠) في المصدر: (الذي لا تبديل له عند الله).
(٣١١) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٣١٢) أي بأبي جعفر.
(٣١٣) الغيبة للنعماني (ص ٨٨ و٨٩/ باب ٤/ ح ١٧).

↑صفحة ٨٦

بعض ما جاء عن الصادق (عليه السلام) من الإخبار بالمهدي (عليه السلام):
(علل الشرائع): بسنده عن سدير، عن الصادق (عليه السلام): «إنَّ في القائم (عليه السلام) سُنَّة من يوسف»، قلت: كأنَّك تذكر خبره أو غيبته؟ قال لي: «وما تنكر من هذا(٣١٤)، إنَّ إخوة يوسف كانوا أسباطاً أولاد أنبياء، تاجروا يوسف وبايعوه(٣١٥) وخاطبوه وهم إخوته وهو أخوهم فلم يعرفوه حتَّى قال لهم: ﴿أَنَا يُوسُفُ﴾، فما تنكر هذه الأُمَّة [الملعونة](٣١٦) أنْ يكون الله (عزَّ وجلَّ) في وقت من الأوقات يريد أنْ يستر حجَّته، لقد كان يوسف [أحبّ] إليه [من] مُلك مصر، وقد كان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوماً، فلو أراد الله (عزَّ وجلَّ) أنْ يُعرِّفه مكانه لقدر على ذلك، والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة تسعة أيّام من بدوهم إلى مصر، وما تنكر هذه الأُمَّة أنْ يكون الله يفعل بحجَّته ما فعل بيوسف أنْ يكون يسير في أسواقهم ويطأ بُسُطهم وهم لا يعرفونه، حتَّى يأذن (عزَّ وجلَّ) أنْ يُعرِّفهم نفسه كما أذن ليوسف حين قال: ﴿هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ * قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي﴾ [يوسف: ٨٩ و٩٠]»(٣١٧).
إكمال الدِّين: بسنده عن الصادق (عليه السلام): «من أقرَّ بجميع الأئمَّة وجحد المهدي كان كمن أقرَّ بجميع الأنبياء وجحد محمّداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نبوَّته»، فقيل له: يا بن رسول الله، فمن المهدي من ولدك؟ قال: «الخامس من ولد السابع، يغيب عنكم شخصه ولا يحلُّ لكم تسميته»(٣١٨).
وبسنده عن الصادق (عليه السلام): «إنَّ الله تبارك وتعالى خلق أربعة عشر نوراً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣١٤) في المصدر: (وما تنكر من هذه الأُمَّة أشباه الخنازير).
(٣١٥) كذا؛ والصحيح كما في المصادر: (وباعوه).
(٣١٦) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك الموردان التاليان.
(٣١٧) علل الشرائع (ج ١/ ص ٢٨٢/ باب ١٧٩/ ح ٣).
(٣١٨) كمال الدِّين (ص ٣٦٣/ باب ٣٣/ ح ١).

↑صفحة ٨٧

قبل خلق الخلق بأربعة عشر ألف عام، فهي أرواحنا»، فقيل له: يا بن رسول الله، ومن الأربعة عشر؟ فقال: «محمّد وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمَّة من ولد الحسين، آخرهم القائم الذي يقوم بعد غيبته، فيقتل الدجّال ويُطهِّر الأرض من كلِّ جور وظلم»(٣١٩).
وبسنده عن الصادق (عليه السلام) وذكر المهدي وأنَّه الثاني عشر من الأئمَّة الهداة، ثمّ قال: «والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتَّى يظهر، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً»(٣٢٠).
وبسنده عنه (عليه السلام): «إنَّ لصاحب هذا الأمر غيبة، فليتَّق الله عبد وليتمسَّك بدينه»(٣٢١).
وبسنده عنه (عليه السلام) في حديث: «[القائم](٣٢٢) هو الخامس من ولد ابني موسى، ذلك ابن سيِّدة الإماء، يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون، ثمّ يُظهِره الله(عزَّ وجلَّ) فيفتح على يديه(٣٢٣) مشارق الأرض ومغاربها، وينزل روح الله عيسى بن مريم [(عليه السلام)](٣٢٤) فيُصلّي خلفه، وتشرق الأرض بنور ربِّها، ولا يبقى في الأرض بقعة عُبِدَ فيها غير الله (عزَّ وجلَّ) إلَّا عُبِدَ الله فيها، ويكون الدِّين كلُّه لله ولو كره المشركون»(٣٢٥).
الشيخ الطوسي في كتاب (الغيبة): بسنده عن الصادق (عليه السلام): «ينتج الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣١٩) كمال الدِّين (ص ٣٦٥ و٣٦٦/ باب ٣٣/ ح ٧).
(٣٢٠) كمال الدِّين (ص ٣٧٢/ باب ٣٣/ ح ٢٣).
(٣٢١) كمال الدِّين (ص ٣٧٣/ باب ٣٣/ ح ٢٥).
(٣٢٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٣٢٣) في المصدر: (يده).
(٣٢٤) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٣٢٥) كمال الدِّين (ص ٣٧٥ و٣٧٦/ باب ٣٣/ ح ٣١).

↑صفحة ٨٨

[تعالى](٣٢٦) في هذه الأُمَّة رجلاً منّي وأنا منه، يسوق الله [تعالى] به بركات السماوات والأرض، فتنزل السماء قطرها، وتُخرج الأرض بذرها، وتأمن وحوشها وسباعها، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً، ويقتل حتَّى يقول الجاهل: لو كان هذا من ذرّيَّة محمّد [(صلّى الله عليه وآله وسلّم)] لرحم»(٣٢٧).
والاخبار عن الصادق (عليه السلام) في ذلك كثيرة يطول باستقصائها الكلام.
بعض ما روي عن الكاظم (عليه السلام) من الإخبار بالمهدي (عليه السلام):
إكمال الدِّين: بسنده عن الكاظم (عليه السلام) في حديث: قيل له: ويكون في الأئمَّة من يغيب؟
قال: «نعم، يغيب عن أبصار الناس شخصه، ولا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره، وهو الثاني عشر منّا، يُسهِّل الله له كلَّ عسير، ويُذلِّل له كلَّ صعب، ويُظهِر له كنوز الأرض، ويُقرِّب له كلَّ بعيد، ويبير به كلَّ جبّار عنيد، ويُهلِك على يديه كلَّ شيطان مريد، ذاك ابن سيِّدة الإماء، الذي تخفى على الناس ولادته، ولا يحلُّ لهم تسميته، حتَّى يُظهِره (عزَّ وجلَّ)، فيملأ به الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً»(٣٢٨).
وبسنده عنه (عليه السلام) أنَّه قيل له: يا بن رسول الله، أنت القائم بالحقِّ؟
فقال: «أنا القائم بالحقِّ، ولكن القائم الذي يُطهِّر الأرض من أعداء الله [(عزَّ وجلَّ)](٣٢٩) ويملأها عدلاً كما مُلِئَت جوراً، هو الخامس من ولدي، له غيبة يطول أمدها خوفاً على نفسه، يرتدُّ فيها أقوام ويثبت فيها آخرون».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٢٦) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك الموردان التاليان.
(٣٢٧) الغيبة للطوسي (ص ٢١٦/ ح ١٤٩).
(٣٢٨) كمال الدِّين (ص ٣٩٨ و٣٩٩/ باب ٣٤/ ح ٦).
(٣٢٩) ما بين المعقوفتين من المصدر.

↑صفحة ٨٩

ثمّ قال (عليه السلام): «طوبى لشيعتنا المتمسِّكين بحبِّنا(٣٣٠) في غيبة قائمنا الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا، أُولئك منّا ونحن منهم، قد رضوا بنا أئمَّة ورضينا بهم شيعة، فطوبى لهم ثمّ طوبى لهم، وهم والله معنا في درجتنا يوم القيامة»(٣٣١).
بعض ما جاء عن الرضا (عليه السلام) من الإخبار بالمهدي (عليه السلام):
إكمال الدِّين وعيون الأخبار: بسنده عن الهروي، قال: سمعت دعبل بن عليٍّ الخزاعي يقول: [لمَّا](٣٣٢) أنشدت مولاي عليَّ بن موسى [الرضا](٣٣٣) (عليه السلام) قصيدتي التي أوَّلها:

مدارس آيات خلت من تلاوة * * * ومنزل وحي مقفر العرصاتِ

فلمَّا انتهيت إلى قولي:

خروج إمام لا محالة قائم(٣٣٤) * * * يقوم على اسم الله والبركاتِ
يُميِّز فينا كلَّ حقٍّ وباطلٍ * * * ويجزي على النعماء والنقماتِ

بكى الرضا (عليه السلام) بكاءً شديداً، ثمّ رفع رأسه إليَّ، فقال لي: «يا خزاعي، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الإمام؟ ومتى يقوم؟».
فقلت: لا يا مولاي(٣٣٥)، إلَّا أنّي سمعت بخروج إمام منكم يُطهِّر الأرض من الفساد، ويملأها عدلاً [كما مُلِئَت جوراً](٣٣٦).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٣٠) في المصدر: (بحبلنا).
(٣٣١) كمال الدِّين (ص ٣٩١/ باب ٣٤/ ح ٥).
(٣٣٢) ما بين المعقوفتين من العيون.
(٣٣٣) ما بين المعقوفتين لا يوجد في كمال الدِّين؛ وفي العيون: (مولاي الرضا).
(٣٣٤) في المصدرين: (خارج).
(٣٣٥) في العيون: (سيِّدي).
(٣٣٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في العيون.

↑صفحة ٩٠

فقال: «يا دعبل، الإمام بعدي محمّد ابني، وبعد محمّد ابنه عليٌّ، وبعد عليٍّ ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجَّة القائم، المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، لو لم يبقَ من الدنيا إلَّا يوم واحد لطوَّل الله [(عزَّ وجلَّ)](٣٣٧) ذلك اليوم حتَّى يخرج فيملأها(٣٣٨) عدلاً كما مُلِئَت جوراً، وأمَّا متى فإخبار عن الوقت، ولقد حدَّثني أبي، عن أبيه، عن آبائه، [عن عليٍّ](٣٣٩) (عليه السلام) أنَّ النبيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قيل له: يا رسول الله، متى يخرج القائم من ذرّيَّتك؟ فقال: مَثَله مَثَل الساعة ﴿لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً﴾ [الأعراف: ١٨٧]»(٣٤٠).
والأخبار عنه (عليه السلام) في ذلك كثيرة.
بعض ما روي عن الجواد (عليه السلام) من الإخبار بالمهدي (عليه السلام):
إكمال الدِّين: بسنده عن الجواد (عليه السلام)، قال: «إنَّ القائم منّا هو المهدي الذي يجب أنْ يُنتَظر في غيبته، ويُطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدي، والذي بعث محمّداً [(صلّى الله عليه وآله وسلّم)](٣٤١) بالنبوَّة وخصَّنا بالإمامة إنَّه لو لم يبقَ من الدنيا إلَّا يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليوم حتَّى يخرج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً، وإنَّ الله تبارك وتعالى ليُصلِح له أمره في ليلة كما أصلح أمر كليمه موسى [(عليه السلام) إذ] ذهب ليقتبس لأهله ناراً، فرجع وهو رسول نبيٌّ»، ثمّ قال (عليه السلام): «أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج»(٣٤٢).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٣٧) ما بين المعقوفتين من كمال الدِّين.
(٣٣٨) في كمال الدِّين: (فيملأ الأرض).
(٣٣٩) ما بين المعقوفتين لا يوجد في كمال الدِّين.
(٣٤٠) كمال الدِّين (ص ٤٠٢ و٤٠٣/ باب ٣٥/ ح ٦)؛ عيون أخبار الرضا (عليه السلام) (ج ٢/ ص ٢٩٦ و٢٩٧/ ح ٣٥).
(٣٤١) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي.
(٣٤٢) كمال الدِّين (ص ٤٠٧/ باب ٣٦/ ح ١).

↑صفحة ٩١

صاحب كفاية النصوص: بسنده عن عبد العظيم الحسني، قلت لمحمّد ابن عليِّ بن موسى: إنّي لأرجو أنْ تكون القائم من أهل بيت محمّد الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً.
فقال: «يا أبا القاسم، ما منّا إلَّا قائم بأمر الله، وهادٍ إلى دين الله، ولست القائم الذي يُطهِّر الله [(عزَّ وجلَّ)](٣٤٣) به الأرض من أهل الكفر والجحود ويملأها عدلاً وقسطاً، هو الذي يخفى على الناس ولادته، ويُغيَّب عنهم شخصه، ويحرم عليهم تسميته، وهو سميُّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكنيُّه، وهو الذي تُطوى له الأرض، ويذلُّ له كلُّ صعب، يجتمع إليه من أصحابه عدد أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أقاصي الأرض، وذلك قوله تعالى: ﴿أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: ١٤٨]، فإذا اجتمعت له هذه العدَّة من أهل الأرض أظهر أمره، فإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله، فلا يزال يقتل أعداء الله حتَّى يرضى الله تبارك وتعالى».
قلت: وكيف(٣٤٤) يعلم أنَّ الله قد رضي؟
قال: «يُلقي في قلبه الرحمة»(٣٤٥).
وبسنده عنه (عليه السلام): «الإمام بعدي ابني عليٌّ، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي»، وذكر في ابنه الحسن مثل ذلك وسكت، فقيل له: يا بن رسول الله، فمن الإمام بعد الحسن؟
فبكى بكاءً شديداً، ثمّ قال: «إنَّ من بعد الحسن ابنه القائم بالحقِّ المنتظر».
فقيل: ولِمَ سُمّي القائم؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٤٣) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٣٤٤) في المصدرين: (قال عبد العظيم: قلت له: يا سيِّدي، وكيف).
(٣٤٥) كفاية الأثر (ص ٣٠٥ و٣٠٦).

↑صفحة ٩٢

قال: «لأنَّه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته».
قيل: ولِمَ سُمّي المنتظر؟
قال: «إنَّ له غيبة تكثر أيّامها ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون، ويُنكِره المرتابون، ويستهزئ به الجاحدون، ويكذب فيها الوقّاتون، ويهلك فيها المستعجلون، وينجو فيها المسلِّمون»(٣٤٦).
بعض ما روي عن الهادي (عليه السلام) من الإخبار بالمهدي (عليه السلام):
إكمال الدِّين: بسنده عن الهادي (عليه السلام): «الخلف من بعدي ابني الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟».
فقلت: ولِمَ جعلني الله فداك؟
فقال: «لأنَّكم لا ترون شخصه، ولا يحلُّ لكم ذكره باسمه».
قلت: فكيف نذكره؟
قال: «قولوا الحجَّة من آل محمّد [(صلّى الله عليه وآله وسلّم)](٣٤٧)»(٣٤٨).
وبسنده عنه (عليه السلام): «صاحب هذا الأمر من يقول الناس: لم يُولَد بعدُ»(٣٤٩).
بعض ما روي عن الحسن العسكري من الإخبار بالمهدي (عليهما السلام):
الكليني: بسنده عن محمّد بن عليِّ بن بلال، [قال](٣٥٠): خرج إليَّ من أبي محمّد [الحسن بن عليٍّ العسكري (عليه السلام)](٣٥١) قبل مضيِّه بسنتين يُخبرني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٤٦) راجع: كفاية الأثر (ص ٣٠٧ و٣٠٨).
(٣٤٧) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٣٤٨) كمال الدِّين (ص ٤١١/ باب ٣٧/ ح ٥).
(٣٤٩) كمال الدِّين (ص ٤١١ و٤١٢/ باب ٣٧/ ح ٦).
(٣٥٠) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٣٥١) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.

↑صفحة ٩٣

بالخلف من بعده، ثمّ خرج إليَّ من قبل مضيِّه بثلاثة أيّام يُخبرني بالخلف من بعده(٣٥٢).
وبسنده عن أبي هاشم الجعفري، [قال](٣٥٣): قلت لأبي محمّد [الحسن بن عليٍّ](٣٥٤) (عليهما السلام): جلالتك تمنعني من مسألتك، [أ]فتأذن لي أنْ أسألك؟
فقال: «سَلْ».
فقلت: يا سيِّدي، هل لك ولد؟
قال: «نعم».
فقلت: فإنْ حدث حادث فأين أسأل عنه؟
قال: «بالمدينة»(٣٥٥).
وبسنده عن عمرو الأهوازي، قال: أراني أبو محمّد [(عليه السلام)](٣٥٦) ابنه، قال: «هذا صاحبكم [من](٣٥٧) بعدي»(٣٥٨).
وبسنده عن العمري، قال: مضى أبو محمّد (عليه السلام) وخلَّف ولداً له(٣٥٩).
إكمال الدِّين: بسنده عن أبي محمّد الحسن بن عليٍّ [(عليهما السلام)](٣٦٠): «كأنّي بكم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٥٢) الكافي (ج ١/ ص ٣٧٦/ باب الإشارة والنصِّ إلى صاحب الدار (عليه السلام)/ ح ١).
(٣٥٣) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٣٥٤) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر؛ وكذلك المورد التالي.
(٣٥٥) الكافي (ج ١/ ص ٣٧٦/ باب الإشارة والنصِّ إلى صاحب الدار (عليه السلام)/ ح ٢).
(٣٥٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٣٥٧) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٣٥٨) الكافي (ج ١/ ص ٣٧٦/ باب الإشارة والنصِّ إلى صاحب الدار (عليه السلام)/ ح ٣).
(٣٥٩) الكافي (ج ١/ ص ٣٧٧/ باب الإشارة والنصِّ إلى صاحب الدار (عليه السلام)/ ح ٤)؛ ولفظه: (عن حمدان القلانسي، قال: قلت للعمري: قد مضى أبو محمّد؟ فقال لي: قد مضى ولكن قد خلَّف فيكم من رقبته مثل هذه، وأشار بيده).
(٣٦٠) ما بين المعقوفتين من المصدر.

↑صفحة ٩٤

وقد اختلفتم بعدي في الخلف منّي، أمَا إنَّ المقرَّ بالأئمَّة بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المنكر لولدي كمن أقرَّ بجميع أنبياء الله ورُسُله ثمّ أنكر نبوَّة محمّد(٣٦١) (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والمنكر لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كمن أنكر جميع الأنبياء(٣٦٢)، لأنَّ طاعة آخرنا كطاعة أوَّلنا، والمنكر لآخرنا كالمنكر لأوَّلنا. أمَا إنَّ لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلَّا من عصمه الله (عزَّ وجلَّ)»(٣٦٣).
وبسنده عن محمّد بن عثمان العمري، عن أبيه، قال: سُئِلَ أبو محمّد الحسن ابن عليٍّ (عليه السلام) عن الخبر الذي روي عن آبائه (عليه السلام): «إنَّ الأرض لا تخلو من حجَّة الله(٣٦٤) على خلقه إلى يوم القيامة»، وأنَّ «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليَّة»، فقال (عليه السلام): «إنَّ هذا حقٌّ كما أنَّ النهار حقٌّ».
فقيل له: يا بن رسول الله، فمن الحجَّة والإمام بعدك؟
قال: «ابني محمّد، هو الإمام والحجَّة بعدي، من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهليَّة. أمَا إنَّ له غيبة يُحار فيها الجاهلون، ويهلك فيها المبطلون، ويكذب فيها الوقّاتون، ثمّ يخرج، فكأنّي أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة»(٣٦٥).
والأخبار في ذلك من طُرُقنا عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأهل بيته كثيرة، واقتصرنا على هذا القدر منها طلباً للاختصار، وما تركناه أضعاف ما ذكرناه.
وقد صنَّف أصحابنا (رضوان الله عليهم) كُتُباً في الغيبة استوفوا فيها ذكر الأخبار، كالشيخ أبي عبد الله محمّد بن إبراهيم النعماني من قدماء أصحابنا،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٦١) في المصدر: (رسول الله).
(٣٦٢) في المصدر: (أنبياء الله).
(٣٦٣) كمال الدِّين (ص ٤٣٩/ باب ٣٨/ ح ٨).
(٣٦٤) في المصدر: (حجَّة لله).
(٣٦٥) كمال الدِّين (ص ٤٣٩/ باب ٣٨/ ح ٩).

↑صفحة ٩٥

والصدوق في (إكمال الدِّين)، والشيخ الطوسي في كتاب (الغيبة)، فليرجع إليها من أرادها.
قال الطبرسي (رحمه الله) في كتاب (إعلام الورى بأعلام الهدى): (وإذا كانت أخبار الغيبة قد سبقت زمان الحجَّة [(عليه السلام)](٣٦٦)، بل زمان أبيه وجدِّه، حتَّى تعلَّقت الكيسانيَّة بها في إمامة ابن الحنفيَّة، والناووسيَّة وغيرهم(٣٦٧) في الصادق والكاظم (عليهما السلام)، وخلَّدها المحدِّثون من الشيعة في أُصولهم المؤلَّفة في أيّام السيِّدين الباقر والصادق (عليهما السلام)، وآثروها عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمَّة (عليهم السلام) واحداً بعد واحد، صحَّ بذلك القول في إمامة صاحب الزمان [(عليه السلام)] لوجود هذه الصفة له، والغيبة المذكورة في دلائله وإعلام إمامته، وليس يمكن أحداً دفع ذلك.
ومن جملة ثقات المحدِّثين والمصنِّفين من الشيعة: الحسن بن محبوب الزرّاد، وقد صنَّف كتاب (المشيخة) الذي هو في أُصول الشيعة أشهر من كتاب المزني وأمثاله قبل زمان الغيبة بأكثر من مائة سنة، فذكر فيه جملة من أخبار (الغيبة)، فوافق الخبر المخبر، وحصل كلُّ ما تضمَّنه الخبر بلا اختلاف.
ومن جملة ما رواه بسنده عن الصادق (عليه السلام) أنَّه قيل له: كان أبو جعفر(عليه السلام) يقول: «لقائم آل محمّد غيبتان: واحدة طويلة، والأُخرى قصيرة».
فقال: «نعم، إحداهما أطول من الأُخرى...» الحديث).
قال: (فانظر كيف قد حصلت الغيبتان على حسب ما تضمَّنت الأخبار)(٣٦٨).
أقول: فهذه الأخبار من طُرُق الشيعة وأهل السُّنَّة متواترة في إمامة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٦٦) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي.
(٣٦٧) في المصدر: (والممطورة).
(٣٦٨) راجع: إعلام الورى (ج ٢/ ص ٢٥٧ - ٢٥٩).

↑صفحة ٩٦

المهدي (عليه السلام)، وخروجه في آخر الزمان، وأنَّه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما مُلِئَت ظلماً وجوراً، وأنَّه يُصلّي خلفه عيسى بن مريم الذي هو نبيٌّ من أنبياء الله تعالى أُولي العزم، وذو شريعة ناسخة ما قبلها.
والأخبار التي من طُرُق أهل السُّنَّة وإنْ لم يُصرح فيها بولادته، ولا بأنَّه ابن الحسن العسكري، إلَّا أنَّها لا تنفي ذلك ولا تنافيه، فإذا كانت أخبار أهل البيت (عليهم السلام) التي روتها عنهم شيعتهم تُثبِته وتُحقِّقه وجب العمل بجميع الأخبار ولم يكن بينها تعارض ولا منافاة، والأخبار الأُولى قد بيَّنت نعته وصفاته، فإذا كانت الأخبار الثانية قالت: إنَّه هو صاحب هذا النعت وهذه الصفات، وجب العمل بكليهما، كما أنَّ عيسى (عليه السلام) لمَّا بيَّن نعت محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وصفاته، فلمَّا بُعِثَ محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بذلك النعت وتلك الصفات وجب التصديق بنبوَّته.

* * *

↑صفحة ٩٧

في أنَّ في المهدي (عليه السلام) من سُنَن الأنبياء والاستدلال بغيباتهم على غيبته

روى الصدوق في (إكمال الدِّين) بسنده عن الصادق (عليه السلام): «إنَّ سُنَن الأنبياء [(عليهم السلام)](٣٦٩) وما وقع عليهم من الغيبات جارية(٣٧٠) في القائم منّا أهل البيت حذو النعل بالنعل، والقذَّة بالقذَّة...» الحديث(٣٧١).
وبسنده عن سيِّد الساجدين (عليه السلام)، قال: «في القائم منّا سُنَن من سُنَن الأنبياء سُنَّة آدم وسُنَّة من نوح طول العمر، وسنَّة من إبراهيم خفاء المولد واعتزال الناس، وسُنَّة من موسى الخوف والغيبة، وسُنَّة من عيسى اختلاف الناس فيه، وسُنَّة من أيّوب الفرج بعد البلوى، وسُنَّة من محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الخروج بالسيف»(٣٧٢).
وفي رواية عن الصادق (عليه السلام): «سُنَّة من موسى خفاء مولده وغيبته عن قومه ثماني وعشرين سنة»(٣٧٣).
وفي رواية عن الباقر (عليه السلام): «إنَّ فيه أربع سُنَن من أربع أنبياء: من موسى خائف يترقَّب، ومن يوسف السجن، ومن عيسى يقال: (مات) ولم يمت، ومن محمّد السيف»(٣٧٤).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٦٩) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٣٧٠) في المصدر: (حادثة).
(٣٧١) كمال الدِّين (ص ٣٧٥/ باب ٣٣/ ح ٣١).
(٣٧٢) راجع: كمال الدِّين (ص ٣٥٢/ باب ٣١/ ح ٣).
(٣٧٣) راجع: كمال الدِّين (ص ١٨٢/ باب ٦/ ح ١٤).
(٣٧٤) راجع: كمال الدِّين (ص ١٨٢ و١٨٣/باب ٦/ ح ١٦).

↑صفحة ٩٩

وفي رواية عن الباقر (عليه السلام): «إنَّ في القائم من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) شبهاً من خمسة من الرُّسُل: يونس [بن متّى](٣٧٥)، ويوسف [بن يعقوب]، وموسى، وعيسى، ومحمّد (صلوات الله عليهم).
[فـ]أمَّا [شبهه] من يونس [بن متّى] فرجوعه من غيبته وهو شابٌّ بعد كبر السنِّ.
وأمَّا [شبهه] من يوسف [بن يعقوب (عليهما السلام)] فالغيبة من خاصَّته وعامَّته، واختفاؤه من إخوته، وإشكال أمره على أبيه يعقوب [(عليهما السلام)] مع قرب المسافة بينهما وبين [أبيه و]أهله وشيعته - وفي رواية: وأمَّا من يوسف فالستر، جعل الله بينه وبين الخلق حجاباً يرونه ولا يعرفونه(٣٧٦)-.
وأمَّا [شبهه] من موسى [(عليه السلام)] فدوام خوفه، وطول غيبته، وخفاء ولادته، وتغيُّب(٣٧٧) شيعته من بعده بما لقوا من الأذى والهوان إلى أنْ أذن الله (عزَّ وجلَّ) في ظهوره ونصره وأيَّده على عدوِّه.
وأمَّا [شبهه] من عيسى [(عليه السلام)] فاختلاف من اختلف فيه حتَّى قالت طائفة منهم: ما وُلِدَ، و[قالت] طائفة: مات، و[قالت] طائفة: قُتِلَ وصُلِبَ.
وأمَّا [شبهه] من جدِّه المصطفى [(صلّى الله عليه وآله وسلّم)] فخروجه بالسيف، وقتله أعداء الله وأعداء رسوله [(صلّى الله عليه وآله وسلّم)] والجبّارين والطواغيت، وأنَّه يُنصَر بالسيف والرعب، وأنَّه لا تُرَدُّ له راية...» الحديث(٣٧٨).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٧٥) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك الموارد التالية.
(٣٧٦) كمال الدِّين (ص ٣٨١/ باب ٣٣/ ح ٤٦).
(٣٧٧) في المصدر: (وتعب).
(٣٧٨) كمال الدِّين (ص ٣٥٧/ باب ٣٣/ ح ٧).

↑صفحة ١٠٠

وفي رواية: «وأمَّا من محمّد [(صلّى الله عليه وآله وسلّم)](٣٧٩) فالقيام بسيرته وتبيين آثاره، ثمّ يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر، ولا يزال يقتل أعداء الله حتَّى يرضى الله [(عزَّ وجلَّ)]».
قيل: وكيف يعلم أنَّ الله (عزَّ وجلَّ) قد رضي؟
قال: «يُلقي الله (عزَّ وجلَّ) في قلبه الرحمة»(٣٨٠).
غيبات الأنبياء:
غيبة إدريس (عليه السلام):
قال الصدوق في (إكمال الدِّين): (أوَّل الغيبات غيبة إدريس النبيِّ (عليه السلام) المشهورة حتَّى آل الأمر بشيعته إلى أنْ تعذَّر عليهم القوت، وقتل الجبّار من قتل منهم وأفقر وأخاف باقيهم، ثمّ ظهر (عليه السلام) فوعد شيعته بالفرج وبقيام القائم من ولده، وهو نوح (عليه السلام)، ثمّ رفع الله [(عزَّ وجلَّ)](٣٨١) إدريس إليه، فلم تزل الشيعة يتوقَّعون قيام نوح (عليه السلام) قرناً بعد قرن وخلفاً عن سلف صابرين من الطواغيت على العذاب المهين حتَّى ظهرت نبوَّة نوح).
ثمّ ذكر حديثاً عن الباقر (عليه السلام) يتضمَّن غيبة إدريس عشرين سنة مختفياً في غار لمَّا خاف من جبّار زمانه، ومَلَك من الملائكة يأتيه بطعامه وشرابه.
ثمّ ذكر ظهور نبوَّة نوح (عليه السلام).
ثمّ روى بسنده عن الصادق (عليه السلام) أنَّه «لمَّا حضرت نوحاً (عليه السلام) الوفاة دعا الشيعة، فقال لهم: اعلموا أنَّه ستكون من بعدي غيبة يظهر فيها الطواغيت، وأنَّ الله (عزَّ وجلَّ) يُفرِّج عنكم بالقائم من ولدي اسمه هود...، فلم يزالوا يترقَّبون هوداً (عليه السلام) وينتظرون ظهوره حتَّى طال عليهم الأمد وقست قلوب أكثرهم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٧٩) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي.
(٣٨٠) كمال الدِّين (ص ٣٥٩/ باب ٣٢/ ح ١١).
(٣٨١) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي.

↑صفحة ١٠١

فأظهر الله (تعالى ذكره) نبيَّه هوداً (عليه السلام) عند اليأس وتناهي البلاء، وأهلك الأعداء بالريح العقيم...، ثمّ وقعت الغيبة [به] بعد ذلك إلى أنْ ظهر صالح (عليه السلام)»(٣٨٢).
غيبة صالح (عليه السلام):
ثمّ روى الصدوق بسنده عن الصادق (عليه السلام): «إنَّ صالحاً (عليه السلام) غاب عن قومه زماناً، وكان يوم غاب عنهم كهلاً مبدح البطن(٣٨٣)، حسن الجسم، وافر اللحية، خميص البطن، خفيف العارضين، مجتمعاً، ربعة من الرجال، فلمَّا رجع إلى قومه لم يعرفوه [بصورته، فرجع إليهم](٣٨٤)، وكانوا(٣٨٥) على ثلاث طبقات: طبقة جاحدة [لا ترجع أبداً]، وأُخرى شاكَّة [فيه]، وأُخرى على يقين...»، إلى أنْ قال: «وإنَّما مثل القائم [(عليه السلام)] مثل صالح [(عليه السلام)](٣٨٦)»(٣٨٧).
غيبة إبراهيم (عليه السلام):
قال الصدوق (عليه الرحمة): (وأمَّا غيبة إبراهيم خليل الرحمن (عليه السلام)، فإنَّها تشبه غيبة قائمنا (صلوات الله عليه)، بل هي أعجب منها، لأنَّ الله (عزَّ وجلَّ) غيَّب أثر إبراهيم (عليه السلام) وهو في بطن أُمِّه حتَّى حوَّله (عزَّ وجلَّ) بقدرته من بطنها إلى ظهرها، ثمّ أخفى أمر ولادته إلى بلوغ الكتاب أجله).
ثمّ روى الصدوق بسنده عن الصادق (عليه السلام): «أنَّ أبا إبراهيم كان منجِّماً لنمرود بن كنعان، فقال له: يُولَد في أرضنا مولود يكون هلاكنا على يديه،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٨٢) كمال الدِّين (ص ١٥٧ - ١٦٦/ باب ١ و٢).
(٣٨٣) واسعها.
(٣٨٤) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك الموارد التالية.
(٣٨٥) في المصدر: (وهم).
(٣٨٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٣٨٧) كمال الدِّين (ص ١٦٦ و١٦٧/ باب ٣/ ح ٦).

↑صفحة ١٠٢

فحجب النساء عن الرجال، وباشر أبو إبراهيم امرأته، فحملت به، وأرسل نمرود إلى القوابل: لا يكون في البطن شيء إلَّا أعلمتنَّ به، فنظرن إلى أُمِّ إبراهيم، فألزم الله ما في الرحم الظهر، فقلن: ما نرى شيئاً في بطنها، فلمَّا وضعت أراد أبوه أنْ يذهب به إلى نمرود، فقالت له امرأته: لا تذهب بابنك إلى نمرود فيقتله، دعني أذهب به إلى غار فأجعله فيه حتَّى يأتي عليه أجله، فذهبت به إلى غار وأرضعته، ثمّ جعلت على باب الغار صخرة وانصرفت، فجعل الله رزقه في إبهامه فجعل يمصُّها، وجعل يشبُّ في اليوم كما يشبُّ غيره في الجمعة، ويشبُّ في الجمعة كما يشبُّ غيره في الشهر ويشبُّ في الشهر، كما يشبُّ غيره في السنة، ثمّ استأذنت أباه في رؤيته، فأتت الغار، فإذا هي بإبراهيم وعيناه تزهران كأنَّهما سراجان، فضمَّته إلى صدرها وأرضعته وانصرفت، فسألها أبوه، فقالت: واريته بالتراب، فمكثت تعتلُّ فتخرج في الحاجة وتذهب إلى إبراهيم فتضمُّه إليها وتُرضِعه وتنصرف، فلمَّا تحرَّك وأرادت الانصراف أخذ ثوبها وقال لها: اذهبي بي معكِ، فقالت: حتَّى أستأمر أباك، فلم يزل إبراهيم في الغيبة مخفياً لشخصه كاتماً لأمره حتَّى ظهر فصدع بأمر الله تعالى، ثمّ غاب الغيبة الثانية، وذلك حين نفاه الطاغوت عن المصر، فقال: ﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ...﴾ الآية [مريم: ٤٨]».
ثمّ قال الصدوق: (ولإبراهيم (عليه السلام) غيبة أُخرى سار فيها في البلاد وحده للاعتبار).
ثمّ روى حديثاً يتضمَّن ذلك(٣٨٨).
غيبة يوسف (عليه السلام):
قال الصدوق: (وأمَّا غيبة يوسف (عليه السلام) فإنَّها كانت عشرين سنة، لم يُدهِّن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٨٨) كمال الدِّين (ص ١٦٧ - ١٧١/ باب ٤).

↑صفحة ١٠٣

فيها ولم يكتحل ولم يتطيَّب ولم يمسّ النساء حتَّى جمع الله ليعقوب شمله وجمع بين يوسف وإخوته وأبيه وخالته، كان منها ثلاثة أيّام في الجُبِّ، وفي السجن بضع سنين، وفي المُلك الباقي، وكان هو بمصر ويعقوب بفلسطين، وبينهما مسير تسعة أيّام، فاختلفت عليه الأحوال في غيبته من إجماع إخوته على قتله وإلقائهم إيّاه في غيابت الجُبِّ، ثمّ بيعهم إيّاه بثمن بخس، ثمّ بلواه بامرأة العزيز، ثمّ بالسجن بضع سنين، ثمّ صار إليه مُلك مصر، وجمع الله تعالى شمله وأراه تأويل رؤياه).
ثمّ روى الصدوق بسنده عن الصادق (عليه السلام) في حديث قال: «كان يعقوب (عليه السلام) يعلم أنَّ يوسف حيٌّ لم يمت، وأنَّ الله سيُظهِره له بعد غيبته، وكان يقول لبنيه: ﴿وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لَا تَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: ٨٦]، وكان بنوه يُفنِّدونه على ذكره ليوسف».
ثمّ قال الصدوق: (فحال العارفين في وقتنا هذا بصاحب زماننا الغائب حال يعقوب في معرفته بيوسف وغيبته، وحال الجاهلين به وبغيبته والمعاندين في أمره حال إخوة يوسف(٣٨٩) الذين قالوا لأبيهم: ﴿تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ﴾ [يوسف: ٩٥]، وقول يعقوب (عليه السلام): ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لَا تَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: ٩٦]، دليل على أنَّه قد كان علم أنَّ يوسف حيٌّ، وأنَّه إنَّما غُيِّب عنه للبلوى والامتحان).
ثمّ روى بسنده عن الصادق (عليه السلام): «إنَّ في القائم (عليه السلام) سُنَّة من يوسف (عليه السلام)...»، إلى أنْ قال: «إنَّ إخوة يوسف كانوا أسباطاً أولاد أنبياء تاجروا يوسف وبايعوه وهم إخوته وهو أخوهم ولم يعرفوه حتَّى قال لهم: ﴿أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي﴾ [يوسف: ٩٠]، فما تُنكِر هذه الأُمَّة أنْ يكون الله (عزَّ وجلَّ) في وقت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٨٩) في المصدر: (أهله وأقربائه)؛ وفي الهامش (في بعض النُّسَخ: حال إخوة يوسف).

↑صفحة ١٠٤

من الأوقات يريد أنْ يستر حجَّته عنهم، لقد كان يوسف إليه مُلك مصر وبينه وبين والده مسير ثمانية عشر يوماً(٣٩٠)، فلو أراد الله تبارك وتعالى [أنْ يُعرِّفه مكانه لقدر على ذلك، والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة في تسعة أيّام إلى مصر، فما تنكر هذه الأُمَّة أنْ يكون الله (عزَّ وجلَّ)](٣٩١) يفعل بحجَّته ما فعل بيوسف، أنْ يكون يسير فيما بينهم ويمشي في أسواقهم ويطأ بُسُطهم وهم لا يعرفونه حتَّى يأذن الله (عزَّ وجلَّ) له بأنْ يُعرِّفهم نفسه كما أذن ليوسف (عليه السلام) حين قال: ﴿قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ * قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي﴾ [يوسف: ٨٩ و٩٠]»(٣٩٢).
غيبة موسى (عليه السلام):
روى الصدوق بسنده عن سيِّد العابدين، عن أبيه سيِّد الشهداء، عن أبيه سيِّد الوصيِّين، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إنَّ يوسف لمَّا حضرته الوفاة جمع شيعته وأهل بيته، وأخبرهم بشدَّة تنالهم تُقتَل فيها الرجال وتُشَقُّ بطون الحبالى وتُذبَح الأطفال حتَّى يُظهِر اللهُ الحقَّ في القائم من ولد لاوي بن يعقوب، وهو رجل أسمر طويل».
وفي رواية عن الصادق (عليه السلام) أنَّه قال لهم: «إنَّ هؤلاء القبط سيظهرون عليكم ويسومونكم سوء العذاب، وإنَّما يُنجيكم الله من أيديهم برجل من ولد لاوي بن يعقوب اسمه موسى بن عمران [(عليه السلام)](٣٩٣)، غلام طويل جعد آدم، فجعل الرجل من بني إسرائيل يُسمّي ابنه عمران ويُسمّي عمران ابنه موسى».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٩٠) مرَّ عن الصدوق أنَّها تسعة أيّام، وهو يخالف الرواية والمشاهدة، ولعلَّ مراده أنَّه يمكن قطعها في تسعة كما دلَّ عليه ما في هذه الرواية.
(٣٩١) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٣٩٢) راجع: كمال الدِّين (ص ١٧١ - ١٧٥/ باب ٥).
(٣٩٣) ما بين المعقوفتين من المصدر.

↑صفحة ١٠٥

وفي رواية عن الباقر (عليه السلام): «إنَّه ما خرج موسى حتَّى خرج قبله خمسون كذّاباً كلُّهم يدَّعي أنَّه موسى بن عمران، فبلغ فرعون أنَّهم يرجفون به ويطلبون هذا الغلام.
وقال له كهنته: هلاك دينك وقومك على يديّ هذا الغلام الذي يُولَد العام في بني إسرائيل.
فوضع القوابل على النساء، وقال: لا يُولَد العام غلام إلَّا ذُبِحَ.
ووضع على أُمِّ موسى قابلة، فلمَّا حملت به وقعت عليها المحبَّة لها، وقالت لها القابلة: ما لكِ يا بنيَّة تصفرِّين وتذوبين؟
قالت: لا تلوميني فإنّي إذا ولدت أُخِذَ ولدي فذُبِحَ.
قالت: لا تحزني، فإنّي سوف أكتم عليكِ.
فلمَّا ولدت حملته فأدخلته المخدع وأصلحت أمره، ثمّ خرجت إلى الحرس وكانوا على الباب، فقالت: انصرفوا فإنَّه خرج دم متقطِّع، فانصرفوا.
فأرضعته، فلمَّا خافت عليه أوحى الله إليها أنْ اعملي التابوت، ثمّ اجعليه فيه، ثمّ أخرجيه ليلاً فاطرحيه في نيل مصر.
فوضعته في الماء، فجعل يرجع إليها وهي تدفعه في الغمر، فضربته الريح، فهمَّت أنْ تصيح، فربط الله على قلبها.
وقالت امرأة فرعون: إنَّها أيّام الربيع، فاضرب لي قُبَّة على شطِّ النيل حتَّى أتنزَّه، ففعل، وأقبل التابوت يريدها، فأخذته، فإذا فيه غلام من أجملِ الناس، فوقعت عليه منها محبَّة، وقالت: هذا ابني.
وقالت لفرعون: إنّي أصبت غلاماً طيِّباً حلواً نتَّخذه ولداً، فيكون قرَّة عين لي ولك، فلا تقتله، فلم تزل به حتَّى رضي.
فلمَّا سمع الناس أنَّ المَلِك قد تبنّى ابناً لم يبقَ أحد من رؤساء أصحابه إلَّا بعث إليه امرأته لتكون له ظئراً، فلم يأخذ من امرأة منهنَّ ثدياً.

↑صفحة ١٠٦

فقالت أُمُّ موسى لأُخته: انظري أترين له أثراً؟
فأتت باب المَلِك، فقالت: بلغني أنَّكم تطلبون ظئراً، وهاهنا امرأة صالحة تأخذ ولدكم وتكفله لكم.
فقال المَلِك: أدخلوها.
فوضعنه في حجرها، ثمّ ألقمته ثديها، فازدحم اللبن في حلقه، فلمَّا عرف فرعون أنَّها من بني إسرائيل قال: هذا ممَّا لا يكون، الغلام والظئر من بني إسرائيل.
فلم تزل امرأته تُكلِّمه فيه وتقول: ما تخاف من هذا الغلام؟ إنَّما هو ابنك ينشأ في حجرك، حتَّى قلبته عن رأيه.
وكتمت أُمُّه خبره وأُخته والقابلة حتَّى هلكت أُمُّه والقابلة، فلم تعلم به بنو إسرائيل، وكانوا يطلبونه ويسألون عنه، فعُمي عليهم خبره، وبلغ فرعون أنَّهم يطلبونه، فزاد في العذاب عليهم، وفرَّق بينهم، ونهاهم عن الإخبار به والسؤال عنه».
قال في الرواية الأُولى: «ووقعت الغيبة والشدَّة ببني إسرائيل، وهم ينتظرون قيام القائم أربعمائة سنة، حتَّى إذا بُشِّروا بولادته ورأوا علامات ظهوره اشتدَّت البلوى عليهم، وحمل عليهم بالخشب والحجارة.
وطلب الفقيه الذي كانوا يستريحون إلى أحاديثه، فاستتر، فراسلوه، فخرج بهم إلى بعض الصحاري، وجلس يُحدِّثهم حديث القائم ونعته وقرب الأمر، وكانت ليلة قمراء، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم موسى وهو حدث السنِّ وقد خرج من دار فرعون يظهر النزهة، فعدل عن موكبه إليهم وتحته بغلة وعليه طيلسان خزٍّ، فعرفه الفقيه بالنعت، فانكبَّ الفقيه على قدميه وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتَّى أرانيك.

↑صفحة ١٠٧

وعلم الشيعة أنَّه صاحبهم، فسجدوا شكراً لله، فلم يزدهم على أنْ قال: أرجو أنْ يُعجِّل الله فرجكم.
ثمّ غاب، وخرج إلى مدين، فأقام عند شعيب، فكانت الغيبة الثانية أشدّ عليهم من الأُولى، وكانت نيِّفاً وخمسين سنة، واشتدَّت البلوى عليهم، واستتر الفقيه، فبعثوا إليه، فطيَّب قلوبهم وأعلمهم أنَّ الله (عزَّ وجلَّ) أوحى إليه أنَّه مفرِّج عنهم بعد أربعين سنة، فحمدوا الله، فأنقصها الله إلى ثلاثين، فقالوا: كلُّ نعمة فمن الله، فجعلها عشرين، فقالوا: لا يأتي بالخير إلَّا الله، فجعلها عشراً، فقالوا: لا يصرف الشرَّ إلَّا الله، فأوحى الله إليه: قل لهم: لا ترجعوا فقد أذنت في فرجكم.
فبينما هم كذلك إذ طلع موسى راكباً حماراً، فسلَّم عليهم، فقال له الفقيه: ما اسمك؟
قال: موسى.
قال: ابن مَنْ؟
قال: ابن عمران.
قال: ابن مَنْ؟
قال: ابن فاهت بن لاوي بن يعقوب.
قال: بِمَ جئت؟
قال: بالرسالة من عند الله (عزَّ وجلَّ).

فقام إليه فقبَّل يده، ثمّ جلس بينهم وطيَّب نفوسهم وأمرهم أمره، ثمّ فرَّقهم.
وكان بين ذلك الوقت وبين فرجهم بغرق فرعون أربعون سنة(٣٩٤).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٩٤) راجع: كمال الدِّين (ص ١٧٥ - ١٧٩/ باب ٦).

↑صفحة ١٠٨

وقوع الغيبة بالأوصياء والحُجَج من بعد موسى إلى زمان المسيح (عليهما السلام):
روى الصدوق في (إكمال الدِّين) بإسناده عن أهل البيت (عليهم السلام) أنَّ يوشع ابن نون (عليه السلام) قام بالأمر بعد موسى [(عليه السلام)](٣٩٥) صابراً من الطواغيت على البلاء(٣٩٦) حتَّى مضى منهم ثلاثة [طواغيت]، فقوي بعدهم أمره، فخرج عليه رجلان من منافقي قوم موسى [(عليه السلام)] بصفراء بنت شعيب امرأة موسى (عليه السلام) في مائة ألف [رجل]، فغلبهم يوشع، فقتل منهم مقتلة عظيمة وهزم الباقين، وأسر صفراء.
واستتر الأئمَّة بعد يوشع إلى زمان داود (عليه السلام) أربعمائة سنة، وكانوا أحد عشر، حتَّى انتهى الأمر إلى آخرهم، فغاب عنهم، ثمّ ظهر فبشَّرهم بداود (عليه السلام)، وأخبرهم أنَّ داود يُطهِّر الأرض من جالوت وجنوده، وكانوا يعلمون أنَّه قد وُلِدَ وبلغ أشدَّه، ويرونه ولا يعلمون أنَّه هو، ولمَّا فصل طالوت بالجنود خرج إخوة داود وأبوهم وتخلَّف داود، واستهان به إخوته، وقالوا: ما يصنع في هذا الوجه، فأقام يرعى غنم أبيه، واشتدَّت الحرب وأصاب الناس جهد، فرجع أبو داود وقال له: احمل إلى إخوتك طعاماً يتقوُّون به، وكان داود (عليه السلام) قصيراً قليل الشعر، فمرَّ بحجر فناداه: خذني واقتل بي جالوت، فإنّي إنَّما خُلِقْتُ لقتله.
فأخذه ووضعه في مخلاته التي تكون فيها حجارته التي يرمي بها غنمه، وأُدخل على طالوت، فقال: يا فتى، ما عندك من القوَّة؟ قال: كان الأسد يعدو على الشاة، فآخذ برأسه وأقلب لحييه عنها فآخذها من فيه.
وكان الله أوحى إلى طالوت أنَّه لا يقتل جالوت إلَّا من لبس درعك فملأها، فدعا بدرعه، فلبسها داود، فاستوت عليه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٩٥) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك الموارد التالية.
(٣٩٦) في المصدر: (اللأواء والضرّاء والجهد والبلاء).

↑صفحة ١٠٩

فقال داود: أروني جالوت، فلمَّا رآه أخذ الحجر فرماه به، فصكَّ به بين عينيه فدمغه، وتنكَّس من دابَّته، وملَّكه الناس.
وأنزل الله عليه الزبور، وعلَّمه صنعة الحديد فليَّنه له، وأمر الجبال والطير أنْ تُسبِّح معه، وأعطاه صوتاً لم يُسمَع بمثله حسناً، وأُعطي قوَّة في العبادة، وأقام في بني إسرائيل نبيًّا.
وهكذا يكون سبيل القائم (عليه السلام)، له عَلَم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العَلَم من نفسه، وأنطقه الله (عزَّ وجلَّ) فناداه: اخرج يا وليَّ الله، فاقتل أعداء الله.
وله سيف مغمد إذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده وأنطقه الله (عزَّ وجلَّ) فناداه السيف: اخرج يا وليَّ الله، فلا يحلُّ لك أنْ تقعد عن أعداء الله.
فيخرج ويقتل أعداء الله حيث ثقفهم، ويقيم حدود الله، ويحكم بأحكام الله (عزَّ وجلَّ).
ثمّ إنَّ داود استخلف سليمان (عليه السلام)، وأوصى سليمان إلى آصف بن برخيا، ثمّ غيَّبه الله غيبة طال أمدها، ثمّ ظهر لهم، ثمّ غاب عنهم ما شاء الله، وتسلَّط عليهم بختنصَّر، وبقي دانيال أسيراً في يده تسعين سنة، ثمّ جعله في جُبٍّ، واشتدَّت البلوى على شيعته المنتظرين لظهوره، وشكَّ أكثرهم في الدِّين لطول الأمد، ثمّ أخرجه بختنصَّر لرؤيا رآها، فظهر من مكان مستتراً(٣٩٧) من بني إسرائيل، ثمّ تُوفّي دانيال وأفضى الأمر بعده إلى عُزير، فكانوا يأخذون عنه معالم دينهم، فغيَّب الله عنهم شخصه مائة عام، ثمّ بعثه، وغابت الحُجَج بعده واشتدَّت البلوى على بني إسرائيل حتَّى وُلِدَ يحيى بن زكريّا، فظهر وله سبع سنين، ووعدهم الفرج بقيام المسيح بعد نيِّف وعشرين سنة، فلمَّا وُلِدَ المسيح (عليه السلام) أخفى الله ولادته وغيَّب شخصه، لأنَّ أُمَّه ﴿انْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٩٧) كذا؛ والصحيح: (فظهر من كان مستتراً).

↑صفحة ١١٠

قَصِيًّا﴾ [مريم: ٢٢]، فلمَّا ظهر عيسى اشتدَّت البلوى والطلب على بني إسرائيل حتَّى أفضى بهم الاستتار إلى جزيرة من جزائر البحر(٣٩٨).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٩٨) راجع: كمال الدِّين (ص ١٨٤ - ١٨٨/ باب ٧).

↑صفحة ١١١

في معجزات المهدي (عليه السلام) ودلائله وبيِّناته وآياته

روى المفيد بسنده عن الكليني، بسنده عن محمّد بن إبراهيم بن مهزيار، قال: شككت عند مضيِّ أبي محمّد [الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام)](٣٩٩)، واجتمع عند أبي مال جليل، فحمله، وركبت السفينة معه مشيِّعاً له، فوعك وعكاً شديداً، فقال: يا بنيَّ، رُدَّني فهو الموت.
وقال لي: اتَّق الله في هذا المال.
وأوصى إليَّ، ومات بعد ثلاثة أيّام، فقلت في نفسي: لم يكن أبي ليوصيني بشيء غير صحيح، أحمل هذا المال إلى العراق(٤٠٠)، وأكتري داراً على الشطِّ ولا أُخبر أحداً، فإنْ وضح لي كوضوحه أيّام أبي محمّد (عليه السلام) أنفذته وإلَّا أنفقته في ملاذي وشهواتي - وفي رواية: تصدَّقت به(٤٠١)-.
فقَدِمْتُ العراق واكتريت داراً على الشطِّ وبقيت أيّاماً، فإذا أنا برقعة مع رسول، فيها: «يا محمّد، معك كذا وكذا [في جوف كذا وكذا](٤٠٢)» حتَّى قصَّ عليَّ جميع ما معي، وذكَّرني(٤٠٣) في جملته شيئاً ولم أحط به علماً، فسلَّمته إلى الرسول،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٩٩) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٤٠٠) كان إبراهيم بن مهزيار من أهل الأهواز، فحمل المال منها إلى العراق، ثمّ لمَّا وعك ورجع أراد ابنه محمّد حمل المال من الأهواز إلى العراق ثانياً.
(٤٠١) الغيبة للطوسي (ص ٣٠٩/ ح ٢٣٩).
(٤٠٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٤٠٣) في المصدر: (وذكر).

↑صفحة ١١٣

وبقيت أيّاماً لا يرفع لي رأس - أي لا يأتيني خبر من الناحية -، فاغتممت، فخرج إليَّ: «قد أقمناك مكان أبيك، فاحمد الله»(٤٠٤).
وبسنده قال: أوصل رجل من أهل السواد مالاً، فرُدَّ عليه، وقيل له: «أخرِج حقَّ ولد عمِّك منه، وهو أربعمائة درهم»، وكان الرجل في يده ضيعة لولد عمِّه فيها شركة قد حبسها عنهم، فنظر، فإذا الذي لولد عمِّه من ذلك المال أربعمائة درهم، فأخرجها وأنفذ الباقي، فقُبِلَ(٤٠٥).
وبسنده عن القاسم بن العلاء، قال: وُلِدَ لي عدَّة بنين، فكنت أكتب وأسأل الدعاء لهم، فلا يُكتَب إليَّ بشيء من أمرهم، فماتوا كلُّهم، فلمَّا وُلِدَ لي الحسن ابني كتبت أسأل الدعاء له، فأُجبت، وبقي والحمد لله(٤٠٦).
وبسنده عن أبي عبد الله بن صالح، قال: خرجت سنة من السنين إلى بغداد، فاستأذنت في الخروج، فلم يُؤذَن لي، فأقمت اثنين وعشرين يوماً بعد خروج القافلة إلى النهروان، ثمّ أُذِنَ لي بالخروج يوم الأربعاء، وقيل لي: «اخرج فيه»، فخرجت وأنا آيس من اللحاق بالقافلة(٤٠٧)، فوافيت النهروان والقافلة مقيمة، فما كان إلَّا أنْ علفت جملي حتَّى رحلت القافلة، فرحلت، وقد دُعي لي بالسلامة، فلم ألقَ سوءاً والحمد لله(٤٠٨).
وبسنده عن عليِّ بن الحسين اليماني، قال: كنت ببغداد، فتهيَّأت قافلة لليمانيِّين، فأردت الخروج معها، فكتبت ألتمس الإذن في ذلك، فخرج: «لا تخرج

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٠٤) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٥٥ و٣٥٦).
(٤٠٥) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٥٦).
(٤٠٦) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٥٦ و٣٥٧).
(٤٠٧) في المصدر: (وأنا آيس من القافلة أنْ ألحقها).
(٤٠٨) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٥٧).

↑صفحة ١١٤

معهم، فليس لك في الخروج معهم خيرة، وأقم بالكوفة»، فأقمت، وخرجت القافلة، فخرجت عليهم بنو حنظلة، فاجتاحتهم.
فكتبت أستأذن في ركوب الماء، فلم يُؤذَن لي، فسألت عن المراكب التي خرجت تلك السنة في البحر، فعرفت أنَّه لم يسلم منها مركب، خرج عليها قوم يقال لهم: البوارح(٤٠٩)، فقطعوا عليها(٤١٠).
وقال النجاشي في كتاب رجاله: اجتمع عليُّ بن الحسين بن بابويه (هو والد الصدوق) مع أبي القاسم الحسين بن روح، وسأله مسائل، ثمّ كاتبه بعد ذلك على يد عليِّ بن جعفر بن الأسود يسأله أنْ يُوصِل له رقعة إلى الصاحب (عليه السلام)، ويسأله فيها الولد، فكتب إليه: «قد دعونا الله لك بذلك، وستُرزَق ولدين ذكرين خيِّرين»، فوُلِدَ له أبو جعفر (هو الصدوق) وأبو عبد الله من أُمِّ ولد، وكان أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله يقول: سمعت أبا جعفر يقول: أنا وُلِدْتُ بدعوة صاحب الأمر (عليه السلام)، ويفتخر بذلك(٤١١).
وروى الشيخ في كتاب (الغيبة): عن ابن نوح، عن ابن سورة القمّي، عن جماعة من مشائخ أهل قم أنَّ عليًّا بن الحسين بن موسى بن بابويه كانت تحته بنت عمِّه محمّد بن موسى بن بابويه، فلم يُرزَق منها ولداً، فكتب إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (رضي الله عنه) أنْ يسأل الحضرة أنْ يدعو الله أنْ يرزقه أولاداً فقهاء، فجاء الجواب: «إنَّك لا تُرزَق من هذه، وستملك جارية ديلميَّة وتُرزَق منها ولدين فقيهين».
قال: وقال لي أبو عبد الله بن سورة (حفظه الله): ولأبي الحسن بن بابويه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٠٩) في المصدر: (البوارج).
(٤١٠) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٥٨).
(٤١١) رجال النجاشي (ص ٢٦٢/ الرقم ٦٨٤).

↑صفحة ١١٥

ثلاثة أولاد: محمّد والحسين فقيهان ماهران في الحفظ يحفظان ما لا يحفظ غيرهما من أهل قم، ولهما أخ اسمه الحسن، وهو الأوسط، مشتغل بالعبادة والزهد لا يختلط بالناس، ولا فقه له.
قال ابن سورة: كلَّما روى أبو جعفر وأبو عبد الله ابنا عليِّ بن الحسين شيئاً يتعجَّب الناس من حفظهما ويقولون لهما: هذا الشأن خصوصيَّة لكما بدعوة الإمام لكما، وهذا أمر مستفيض في أهل قم(٤١٢).
وروى الصدوق في (إكمال الدِّين): عن محمّد بن عليٍّ الأسود أنَّه قال: سألني عليُّ بن الحسين بن موسى بن بابويه بعد موت محمّد بن عثمان العمري أنْ أسأل أبا القاسم الروحي أنْ يسأل مولانا صاحب الزمان أنْ يدعو الله أنْ يرزقه ولداً ذكراً، [قال:](٤١٣) فسألته، فأنهى ذلك، ثمّ أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيّام أنَّه قد دعا لعليِّ ابن الحسين، وأنَّه سيُولَد له ولد مبارك ينفع الله به، وبعده أولاد.
قال الصدوق: كان أبو جعفر محمّد بن عليٍّ الأسود (رضي الله عنه) كثيراً ما يقول لي إذا رآني أختلف إلى مجلس شيخنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) وأرغب في كُتُب العلم وحفظه: ليس بعجب أنْ تكون لك هذه الرغبة في العلم وأنت وُلِدْتَ بدعاء الإمام (عليه السلام)(٤١٤).
وقال الشيخ في كتاب (الغيبة): قال أبو عبد الله بن بابويه: عقدت المجلس ولي دون العشرين سنة، فربَّما كان يحضر مجلسي أبو جعفر محمّد بن عليٍّ الأسود، فإذا نظر إلى إسراعي في الأجوبة في الحلال والحرام يُكثِر التعجُّب لصغر سنّي، ثمّ يقول: لا عجب، لأنَّك وُلِدْتَ بدعاء الإمام(٤١٥).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤١٢) الغيبة للطوسي: (ص ٣٣٦ و٣٣٧/ ح ٢٦١).
(٤١٣) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٤١٤) كمال الدِّين: (ص ٥٣٢ و٥٣٣/ باب ٤٥/ ح ٣١).
(٤١٥) الغيبة للطوسي (ص ٣٤٩/ ح ٢٦٧).

↑صفحة ١١٦

أقول: ومعجزات المهدي (عليه السلام) كثيرة مذكورة في كُتُب أصحابنا، ولو أردنا استقصاءها لطال المجال، وفيما أوردناه كفاية للغرض الذي نتوخّاه في كتابنا هذا، والله الهادي.

* * *

↑صفحة ١١٧

في دفع الشُّبُهات التي وردت في أمر المهدي (عليه السلام)

الشبهة الأولى:
إنَّ طول العمر بهذه المدَّة مستبعد، بل غير واقع عادةً، كيف وقد مضى عليه الآن ما يزيد عن ألف وتسع وثمانين سنة كما مرَّ(٤١٦)؟
والجواب:
أنَّ الاستبعاد ليس دليلاً، ولا يعارض الدليل، وقد عرفت قيام الأدلَّة العقليَّة والنقليَّة على ولادته وغيبته، فهل يجوز أنْ ندفعها بالاستبعاد؟ مع أنَّه لا استبعاد في ذلك بعد نصِّ القرآن العظيم على مثله في نوح وأنَّه ﴿فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً﴾ [العنكبوت: ١٤]، ونُقِلَ أنَّه عاش ألفاً وثلاثمائة سنة، وفي رواية عن أنس بن مالك، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه عاش ألفاً وأربعمائة وخمسين سنة(٤١٧).
وعاش آدم تسعمائة وثلاثين سنة كما هو مذكور في التوراة(٤١٨).
وعاش شيث تسعمائة واثني عشرة سنة(٤١٩).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤١٦) مرَّ في (ص ١٥)، فراجع. وقد ذكرنا هناك أنَّ عمره الشريف إلى يومنا هذا وهو (١٥/ ربيع الثاني/ ١٤٤١هـ) يبلغ ألف سنة ومائة وخمس وثمانون سنة وسبعة أشهر.
(٤١٧) راجع: بحار الأنوار (ج ١١/ ص ٢٩٠/ ذيل الحديث ١١).
(٤١٨) تاريخ الطبري (ج ١/ ص ١٠٨).
(٤١٩) تاريخ الطبري (ج ١/ ص ١١٠)؛ مروج الذهب (ج ١/ ص ٥٦).

↑صفحة ١١٩

وجاءت الروايات ببقاء الخضر إلى الآن، قال الطبرسي في (إعلام الورى): (أجمعت الشيعة وأصحاب الحديث، بل الأُمَّة بأسرها خلا المعتزلة والخوارج على أنَّ الخضر موجود في هذا الزمان، حيٌّ كامل العقل، ووافقهم على ذلك أكثر أهل الكتاب)(٤٢٠) انتهى.
وكذلك إلياس وإدريس(٤٢١).
ونصَّ القرآن الكريم على بقاء عيسى ورفعه إلى السماء(٤٢٢).
وجاءت الروايات المتَّفق عليها بين الفريقين على أنَّه ينزل عند خروج المهدي ويُصلّي خلفه(٤٢٣)، فكيف جاز بقاء المأموم طول هذه المدَّة وحياته وامتنع بقاء الإمام؟!
هذا مع ما صحَّ عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه قال: «كلُّ ما كان في الأُمَم السالفة يكون في هذه الأُمَّة حذو النعل بالنعل والقذَّة بالقذَّة»(٤٢٤).
وجاءت روايات الفريقين بحياة الدجّال(٤٢٥)، وهو كافر معاند مضلٌّ، وبقائه إلى خروج المهدي، فيقتله المهدي، فكيف امتنع في وليِّ الله ما وقع مع عدوِّ الله، ونُسِبَ معتقده إلى الجهل وسخافة العقل؟!
ونصَّ الكتاب العزيز على بقاء إبليس إلى يوم القيامة(٤٢٦)، وهو غاوٍ مضلٌّ؟!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٢٠) راجع: إعلام الورى (ج ٢/ ص ٣٠٥).
(٤٢١) راجع: تفسير الكشّاف (ج ٣/ شرح ص ٢٠١).
(٤٢٢) انظر قوله تعالى: ﴿وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً * بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ﴾ (النساء: ١٥٧ و١٥٨).
(٤٢٣) كما مرَّ في (ص ٦٠)، فراجع.
(٤٢٤) راجع: كمال الدِّين (ص ٥٦٠/ باب ٤٧/ ذيل الحديث ٢).
(٤٢٥) كما سيأتي في (ص ١٤٠)، فانتظر.
(٤٢٦) انظر قوله تعالى: ﴿قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾ (ص: ٧٩ و٨٠).

↑صفحة ١٢٠

وقد صنَّف أبو حاتم السجستاني كتاباً خاصًّا بالمعمِّرين.
وقد نصَّ القرآن الكريم على بقاء أهل الكهف أحياءً وهم نيام ﴿وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ﴾ [الكهف: ١٨]، فلبثوا في رقدتهم الأُولى ﴿ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً﴾ [الكهف: ٢٥]، كما نطق به القرآن العظيم(٤٢٧).
فأيُّهما أعجب وأغرب وأبعد بقاء رجل يأكل ويشرب ويمشي وينام ويستيقظ ويتنظَّف مدَّة طويلة، أم بقاء أشخاص نيام في مكانٍ واحدٍ لا يأكلون ولا يشربون ولا يتنظَّفون؟!
وقد نصَّ القرآن الكريم على إماتة عُزير مائة عام ثمّ إحيائه وطعامه لم يتسنَّه ولم يتغيَّر وحماره معه(٤٢٨)، فأيُّهما أعجب هذا أم بقاء المهدي؟!
وقد نصَّ الكتاب العزيز على بقاء أهل الجنَّة والنار(٤٢٩).
وجاءت الأخبار بلا خلاف بأنَّ أهل الجنَّة لا يهرمون ولا يضعفون ولا يحدث بهم نقصان في الأنفس والحواسِّ(٤٣٠)

.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٢٧) انظر قوله تعالى: ﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ...﴾ (الكهف: ١٨)، وقوله تعالى: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً﴾ (الكهف: ٢٥).
(٤٢٨) انظر قوله تعالى: ﴿فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ...﴾ (البقرة: ٢٥٩).
(٤٢٩) انظر مثلاً قوله تعالى في أهل الجنَّة: ﴿لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها...﴾ (آل عمران: ١٥)، وقوله تعالى في أهل النار: ﴿خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ...﴾ (آل عمران: ٨٨).
(٤٣٠) عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل، قال: «... إنَّهم شباب لا يهرمون، وأصحّاء لا يسقمون، وأغنياء لا يفتقرون، وفرحون لا يحزنون، وأحياء لا يموتون...» (الكافي: ج ٢/ ص ٥٩٨/ كتاب فضل القرآن/ ح ١).

↑صفحة ١٢١

ومن أراد استقصاء أخبار المعمِّرين فليرجع إلى كتابنا (البرهان على وجود صاحب الزمان)(٤٣١).
وقد شاهدنا في زماننا بقاء الأجسام بعد الموت محفوظة بالأدوية أُلوفاً من السنين في المَلِك الذي أُخرج من صيدا، وهو في تابوت مغموراً بالماء، لم يفقد من جسمه شيء، ونُقِلَ بتابوته إلى القسطنطينيَّة في عهد السلطان عبد الحميد العثماني، وتاريخه قبل المسيح (عليه السلام).
وشاهدنا في مصر أجسام الفراعنة محنَّطة باقية من عهد موسى (عليه السلام) أو قبله بأكفانها، والتماسيح المحنَّطة، والمعزى، والحنطة، والخبز، وغير ذلك.
وبهذه السنين استُخرِجَ في مصر أحد الفراعنة المسمّى (توت عنخ آمون) وجسمه لم يبلُ، ومائدته أمامه عليها الفواكه.
فإذا جاز على الله تعالى أنْ يُلهِم عباده معرفة الأدوية الحافظة لأجسام الموتى والحيوانات وغيرها أُلوفاً من السنين، أمَا يجوز عليه أنْ يُطوِّل عمر شخص ويُبقيه حيًّا زماناً طويلاً؟!
وقد ضرب السيِّد ابن طاوس (رحمه الله) في كتاب (كشف المحجَّة) مثلاً لرفع استبعاد بقاء المهدي حيًّا بين الناس مدَّة طويلة وهم لا يعرفونه حين حصلت بينه وبين بعض علماء بغداد من أهل السُّنَّة مناظرة في ذلك، فقال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٣١) قصيدة وشرحها لسيِّدنا المعاصر السيِّد محسن بن السيِّد عبد الكريم الأمين...، طُبِعَ في صيدا سنة (١٣٣٣هـ) في (١٠٨ص) وهو ردٌّ على القصيدة البغداديَّة المرسَلة إلى علماء النجف، وقد أجاب عنها جمع كثير منهم نظماً ونثراً التي مطلعها:

أيا علماء العصر يا من لهم خبر * * * بكلِّ دقيق حارَ في مثله الفكر

الذريعة إلى تصانيف الشيعة (ج ٣/ ص ٩١).
وقد طبعها مركز الدراسات التخصُّصيَّة في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) مرَّتين: الأُولى سنة (١٤٢٧هـ)، والثانية سنة (١٤٤١هـ).

↑صفحة ١٢٢

لو أنَّ رجلاً حضر إلى بغداد وادَّعى أنَّه يستطيع المشي على الماء وضرب لذلك موعداً، أترى أنَّ أحداً من أهل بغداد كان يتخلَّف عن ذلك الموعد؟ لا شكَّ أنَّه لا يتخلَّف أحد، أو يتخلَّف النادر، ثمّ إذا حضر في اليوم المعيَّن ومشى على الماء، وقال: إنَّه في اليوم الثاني يريد أنْ يفعل مثل ذلك، أفكان يحضر من الناس مثلما حضر في اليوم الأوَّل؟ لا شكَّ أنَّ الحاضرين يكونون أقلّ من اليوم الأوَّل بكثير، وإذا قال: إنَّه في اليوم الثالث يريد أنْ يفعل مثل ذلك فلا شكَّ أنَّه لا يحضره أحد أو يحضره النادر، وإذا تكرَّر ذلك منه كثيراً لا ينظر إليه أحد ولا يستغرب منه ذلك، فكذلك المهدي (عليه السلام) لمَّا كان بقاء مثله زمناً طويلاً قليل يستغربه الناس، ولو نظروا إلى تكرُّر وقوعه في الأعصار السابقة يرتفع الاستغراب(٤٣٢).
وأقول: إنَّه في زماننا ونحن بدمشق جاء خبر بأنَّ طيّارة عثمانيَّة تريد المجيء إلى دمشق، ولم تكن الناس رأت الطائرات، فلم يبقَ بدمشق أحد إلَّا خرج للنظر إليها، فلمَّا جاءت ثانياً وثالثاً قلَّ المتفرِّجون إلى أنْ صارت الطائرات اليوم بمنزلة الطيور لا ينظر إليها أحد ولا يستغرب أمرها.
الشبهة الثانية:
ما هو سبب الغيبة؟ وما الذي يُحسِّنها مع حاجة الناس إلى ظهوره؟ وما الوجه في غيبته على الاستمرار حتَّى صار ذلك سبباً لإنكار ولادته؟
والجواب:
أنَّه بعد ما ثبت بالأدلَّة القاطعة التي تقدَّمت الإشارة إلى بعضها وجوب نصب الإمام، وانحصار الأئمَّة في الاثني عشر ومنهم صاحب الزمان (عليه السلام)،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٣٢) راجع: كشف المحجَّة (ص ٥٥).

↑صفحة ١٢٣

ورأيناه غائباً عن الأبصار، علمنا أنَّه لم يغب مع عصمته إلَّا لسبب اقتضى ذلك وضرورة قادت إليه، ولا يلزمنا معرفة ذلك على التفصيل، وجرى ذلك مجرى ما لا نعلم بمراد الله فيه من الآيات المتشابهة في القرآن التي ظاهرها الجبر أو التشبيه، مثل: ﴿الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى﴾ [طه: ٥]، ﴿وَجاءَ رَبُّكَ﴾ [الفجر: ٢٢]، وأمثال ذلك، فإذا علمنا باستحالة الجبر والجسميَّة عليه تعالى، وعلمنا أنَّه لا يجوز أنْ يُخبِر بخلاف ما هو عليه من الصفات، علمنا أنَّ لهذه الآيات وجوهاً صحيحة بخلاف ظواهرها توافق أدلَّة العقل، وإنْ لم نعلمها تفصيلاً.
وكذلك ما غاب عنّا وجه المصلحة فيه من إيلام الأطفال، والطواف بالبيت، ورمي الجمار، وما أشبه ذلك من العبادات، فإذا علمنا أنَّه تعالى لا يفعل قبيحاً ولا يأمر بالعبث، فلا بدَّ من مصلحة في ذلك وإنْ جهلنا تفصيلها.
مع أنَّ السبب في الغيبة ظاهر، وهو الخوف على النفس، ولو كان على ما دون النفس لوجب الظهور والتحمُّل.
فإنْ قيل: الأئمَّة قبله كانوا يخافون على أنفسهم، وبعضهم قُتِلَ غيلةً بالسُّمِّ، وبعضهم بالسيف، وقد أظهروا أنفسهم، وكثير من الأنبياء أظهروا دعوتهم وإنْ أدَّت إلى قتلهم.
قلنا: يمكن أنْ يكون الفارق أنَّ غيره من الأئمَّة (عليهم السلام) لهم من يقوم مقامهم، وهو ليس بعده إمام يقوم مقامه، وكذلك الأنبياء.
وإنَّ خوفه كان أكثر، لإخبار آبائه (عليهم السلام) بأنَّ صاحب السيف من الأئمَّة الذي يملأ الأرض عدلاً هو الثاني عشر، وشاع ذلك عنهم حتَّى بين أعدائهم، فكان الملوك يتوقَّفون عن قتل آبائه، لعلمهم أنَّهم لا يخرجون بالسيف، ويتشوَّفون إلى حصول الثاني عشر ليقتلوه. ألَا ترى أنَّه لمَّا تُوفّي الحسن العسكري (عليه السلام) وكَّل السلطان بحرمه وجواريه من يتفقَّد حملهنَّ، ليقتل ولده كما

↑صفحة ١٢٤

فعل فرعون ونمرود لمَّا علما أنَّ زوال ملكهما على يد موسى وإبراهيم (عليهما السلام)، فوكَّلا من يتفقَّد الحبالى ويقتل الأطفال، وفرَّقا بين النساء والأزواج، فستر الله ولادتهما كما ستر ولادة المهدي، لما علم في ذلك من الحكمة والتدبير(٤٣٣).
مع أنَّ حكمة الله في ذلك لا تجب معرفتها على التفصيل كما قدَّمنا، ويجوز اختلاف تكليفه مع تكاليفهم، لاختلاف المصالح باختلاف الأزمان، كما كان تكليف أمير المؤمنين مرَّة السكوت ومرَّة الجهاد بالسيف، وتكليف الحسن الصلح، وتكليف الحسين الخروج، وتكليف باقي الأئمَّة السكوت والتقيَّة (صلوات الله عليهم أجمعين).
الشبهة الثالثة:
لِم لم يحرسه الله تعالى من الأعداء ويُظهِره؟ فهل تضيق قدرته عن ذلك؟
والجواب:
أنَّ الله تعالى قادر على كلِّ شيء، وقد حفظ إمام الزمان ومنعه بكلِّ ما لا يوجب الجبر والإلجاء، أمَّا ما يوجب الجبر والإلجاء فلا يجب أنْ يفعله الله تعالى، وإذا كان هناك تكليف لا يجوز الإجبار، لأنَّ شرط التكليف القدرة، وبالإجبار ترتفع.
الشبهة الرابعة:
كيف يمكن أنْ يكون شخص حيٌّ بجسمه الحيواني موجوداً في سرداب يرى الناس ولا يرونه؟ ومن الذي يأتيه بطعامه وشرابه ويقوم بحوائجه؟
والجواب:
أنَّ هذا جهل ممَّن يرى أنَّ الشيعة تعتقد وجود المهدي في سرداب بسُر من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٣٣) راجع: إعلام الورى (ج ٢/ ص ٢٩٧ - ٣٠٠).

↑صفحة ١٢٥

رأى يرى الناس ولا يرونه، فإنَّ ذلك لا أصل له ولا يعتقده ذو معرفة من الشيعة، بل الشيعة تعتقد بوجود المهدي حيًّا في هذه الدنيا يرى الناس ويرونه ولا يعرفونه. وقد رفع مولانا الصادق (عليه السلام) في الأحاديث السابقة المرويَّة عنه في المهدي (عليه السلام) استبعاد ذلك بأنَّ إخوة يوسف تاجروه وبايعوه وخاطبوه وهم إخوته فلم يعرفوه، قال (عليه السلام): «وما تُنكِر هذه الأُمَّة أنْ يكون الله يفعل بحجَّته ما فعل بيوسف، أنْ يكون يسير في أسواقهم ويطأ بُسُطهم وهم لا يعرفونه حتَّى يأذن الله (عزَّ وجلَّ) أنْ يُعرِّفهم نفسه كما أذن ليوسف»(٤٣٤).
وفي رواية عن الصادق (عليه السلام): «إنَّ في صاحب هذا الأمر سُنَناً من الأنبياء...»، إلى أنْ قال: «وأمَّا سُنَّته من يوسف فالستر، جعل الله بينه وبين الخلق حجاباً يرونه ولا يعرفونه»(٤٣٥).
وقد نشأت شبهة أنَّ الشيعة يعتقدون بوجود المهدي في سرداب بسُر من رأى من زيارتهم لذلك السرداب وتبرُّكهم به وصلاتهم فيه وزيارة المهدي (عليه السلام) فيه، فتوهَّموا أنَّهم يقولون بوجوده في السرداب، وتقوَّل بعضهم عليهم بأنَّهم يأتون في كلِّ جمعة بالسلاح والخيول إلى باب السرداب ويصرخون وينادون: يا مولانا، اخرج إلينا، وقال: إنَّ ذلك بالحلَّة، ثمّ شنَّع عليهم تشنيعاً عظيماً، ونسبهم إلى السخف وسفاهة العقل(٤٣٦).
وهذا ليس بعجيب من تقوُّلاتهم الكثيرة على الشيعة بالباطل، وهذا الذي زعمه هذا القائل لم نرَه ولم نسمع به سامع من غيره، وإنَّما أخذه قائله من أفواه المتقوِّلين، أو افتراه من نفسه، حتَّى إنَّه لم يفهم أنَّ السرداب بسامراء لا بالحلَّة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٣٤) مرَّ تخريجه في (ص ٨٧ و١٠٤)، فراجع.
(٤٣٥) كمال الدِّين (ص ٣٨٠ و٣٨١/ باب ٣٣/ ح ٤٦).
(٤٣٦) من هؤلاء ابن تيميَّة في كتابه منهاج السُّنَّة (ج ١/ ص ٤٥ و٤٦)، وابن خلدون في تاريخه (ج ١/ ص ١٩٩)؛ فراجع.

↑صفحة ١٢٦

وسبب زيارة الشيعة لذلك السرداب وتبرُّكهم به أنَّه سرداب الدار التي كان يسكنها الإمامان عليُّ بن محمّد الهادي وابنه الحسن بن عليٍّ العسكري، وابنه الإمام المهدي (عليهم السلام) وتشرَّف بسكناهم له، وقد رويت للإمام المهدي (عليه السلام) فيه معجزة يأتي نقلها فيما نقلناه عن عبد الرحمن الجامي، ورُويت عن أئمَّة أهل البيت (عليهم السلام) فيه زيارة للمهدي (عليه السلام)، فلذلك يزورونه فيه بتلك الزيارة، ورُويت فيه أدعيه وصلوات يفعلونها فيه.
الشبهة الخامسة:
ما الفائدة في إمام غائب عن الأبصار لا ينتفع به الناس في زمان غيبته؟ والإمام إنَّما نُصِبَ لينتفع به الناس، ويرجعون إليه في الأحكام، وينصف المظلوم من الظالم.
والجواب:
أنّا لا نُسلِّم عدم الفائدة في وجوده مع غيبته، قال الشيخ (رحمه الله) في (تلخيص الشافي): (ينتفع به - في حال غيبته - جميع شيعته والقائلين بإمامته، وينزجرون بمكانه وهيبته عن القبائح، فهو لطف لهم في حال الغيبة كما يكون لطفاً في حال الظهور...، وهم أيضاً منتفعون به من وجه آخر، لأنَّه يحفظ عليهم الشرع، وبمكانه يتيقَّنون بأنَّه لم يكتم من الشرع ما لم يصل إليهم)(٤٣٧) انتهى.
وإلى ذلك يشير بعض علمائنا (رضوان الله عليهم) بقوله: (وجوده لطف، وتصرُّفه لطف آخر، وغيبته منّا)(٤٣٨).
ومن أين لنا الجزم بأنَّه لا يتصرَّف في مصالح العباد الدِّينيَّة والدنيويَّة من حيث لا يعرفونه؟! وقد جاء في الأخبار أنَّه في حال غيبته كالشمس يسترها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٣٧) تلخيص الشافي (ج ١/ ص ١٠٨).
(٤٣٨) راجع: كشف المراد (ص ٣٨٨).

↑صفحة ١٢٧

السحاب(٤٣٩)، أي فكما أنَّ للشمس المستورة بالسحاب منافع وفوائد في الكون، فكذلك لصاحب الزمان مع استتاره فوائد ومنافع في الكون وإنْ خفي علينا بعضها أو جلُّها ولم نعلمها على التفصيل.
نعم جميع الفوائد التي نُصِّب لأجلها لا تكون حاصلة، وهذا لا يضرُّ، لأنَّ السبب في ذلك هم العباد بإخافتهم له التي أوجبت استتاره، بل لو فرض محالاً عدم الفائدة في وجوده حال استتاره لم يكن في ذلك قبح بعد أنْ كان سبب استتاره من خوف الظالمين.
الشبهة السادسة:
إذا جاز أنْ يستتر للخوف من الناس بحيث لا يصل إليه أحد وتفوتهم منافع وجوده، جاز أنْ يكون معدوماً، أو أنْ يموت حتَّى إذا علم الله أنَّ الرعيَّة تُمكِّنه أوجده أو أحياه كما جاز أنْ يبيحه الاستتار حتَّى إذا علم منهم التمكين أظهره.
والجواب:
أوَّلاً: أنّا لا نقطع أنَّه لا يصل إليه أحد، فهذا أمر غير معلوم، ولا سبيل إلى القطع به، هكذا ذكر الطبرسي في (إعلام الورى)(٤٤٠). ولكن وردت أخبار دالَّة على عدم إمكان الرؤية بعد الغيبة الصغرى، أي في الغيبة الكبرى، فإنْ عملنا بها فلا مساغ لهذا الجواب، وبعضهم أوَّلها بأنَّ المراد نفي الرؤية بحيث يعلمه بعينه ويقطع بأنَّه هو هو حال رؤيته، أو بغير ذلك من الوجوه كما يأتي(٤٤١).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٣٩) عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: «... والذي بعثني بالنبوَّة إنَّهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإنْ تجلَّلها سحاب...» (كمال الدِّين: ص ٢٨٣/باب ٢٣/ح ٣).
(٤٤٠) إعلام الورى (ج ٢/ ص ٣٠٠).
(٤٤١) يأتي في (ص ١٣١ و١٧٥)، فانتظر.

↑صفحة ١٢٨

وثانياً: أنَّه لا يجوز أنْ يكون معدوماً، للأدلَّة القاطعة العقليَّة والنقليَّة التي دلَّت على عدم جواز خلوِّ العصر من إمام، فعلى الله تعالى أنْ ينصب للناس إماماً تتمُّ به الحجَّة وينقطع العذر، فإذا فاتهم الانتفاع به بسبب منهم لم يقدح ذلك في تمام الحجَّة، بل تكون لازمة لهم، لأنَّه إذا أُخيف فغُيِّب شخصه منهم كان فوات المصلحة منسوباً إليهم، فيلزمهم اللوم والذمُّ والمؤاخذة عليه، ولا يجوز أنْ لا ينصب لهم إماماً ولو عَلِمَ أنَّه لو نصبه لهم لأخافوه أو قتلوه، لأنَّ الحجة عليهم لا تتمُّ بدون نصبه، بل تكون الحجَّة فيما فات من مصالح العباد لازمة له تعالى، لأنَّ ما فاتهم من المصالح يكون منسوباً إليه تعالى، ولا يجوز أنْ يُسبِّبوا(٤٤٢) فعلاً لله تعالى و﴿للهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ﴾ [الأنعام: ١٤٩]، هذا مع قطع النظر عن أنَّ في وجوده في حال غيبته منافع ليست في حال عدمه، وهي ما أشرنا إليها في جواب الشبهة الخامسة.
الشبهة السابعة:
لو كان موجوداً لوجب أنْ يظهر، لوجود الداعي إلى ظهوره، وهو انتشار الفساد، وضعف الدِّين، وتعطيل الأحكام والحدود، وشيوع الظلم والجور، وهو إنَّما يظهر ليملأها قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً.
والجواب:
إذا كانت غيبته بأمر الله تعالى فظهوره لا يكون إلَّا بأمر الله تعالى، ولا نقدر أنْ نحيط بالعلَّة التي توجب ظهوره، ولا بالحكمة التي تقتضي أمر الباري تعالى له بالظهور، فإنَّ ذلك لا يطَّلع عليه إلَّا علَّام الغيوب، فعلى قول من يقول: إنَّ أفعال الباري تعالى لا تُعلَّل بالعلل والأغراض فالأمر واضح، إذ ليس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٤٢) كذا، والصحيح: (ينسبوا).

↑صفحة ١٢٩

لنا أنْ نسأل عن عدم ظهوره ولا عن علَّة ظهوره. وعلى قول أصحابنا بأنَّ أفعاله تعالى معلَّلة بالعلل والأغراض، لا يمكننا الإحاطة بتلك العلل، وأمرها موكول إليه تعالى.
وقد كان يوسف (عليه السلام) وهو نبيٌّ ابن نبيٍّ معصوم لا يصدر إلَّا عن أمر ربِّه بينه وبين أبيه يعقوب (عليه السلام) مسافة غير كثيرة البُعد وهو حزين عليه حتَّى ذهب بصره وهو قادر على أنْ يُخبِره بمكانه، فلم يفعل حتَّى أذن له الله تعالى في ذلك، ولم يكن تركه لإعلام أبيه (عليهما السلام) مع تلك الحالة التي وصفناها إلَّا عن أمر الله تعالى لحكمة اقتضت ذلك.
وهذا كما أنَّ الله تعالى لم يبعث محمّداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالنبوَّة إلَّا بعد أربعين من عمره مع انتشار الكفر والفساد وعبادة الأوثان والإلحاد، وليس لأحد أنْ يقول: لِمَ أخَّر بعثته إلى الأربعين ولم يبعثه قبل ذلك مع وجود المقتضي لبعثه، لأنَّ ذلك معارضة للحكيم فيما لا يطَّلع عليه ولا يعلم حكمته غيره.
مع أنَّه إذا جاز أنْ يُؤخِّر الله تعالى خلقه مع وجود الظلم جاز أنْ يُؤخِر ظهوره مع وجوده.
على أنَّ الوارد أنَّه لا يظهر حتَّى تمتلئ ظلماً وجوراً، ولم يحن بعدُ ذلك الزمان.
الشبهة الثامنة:
إذا كان الخوف هو المانع له عن الظهور وكان يخاف من أعدائه، فلِمَ لا يظهر لشيعته وأوليائه يرشدهم إلى ما لا يعلمون؟
والجواب:
أنَّه بعد ما قامت الأدلَّة القاطعة على وجوده وعصمته، فلا يمكن

↑صفحة ١٣٠

الاعتراض والسؤال: لِمَ فعل كذا ولم يفعل كذا؟ لأنّا نعلم أنَّه لا يصدر إلَّا عن أمر ربِّه، ولا يتجاوز ما حُدِّد له.
وقد أُجيب عن ذلك بوجوه:
أحدها: أنَّ سبب عدم ظهوره لأوليائه الخوف من انتشار خبره وظهور أمره بإذاعة من يظهر لهم.
ثانيها: أنَّ غيبته عن أعدائه للخوف منهم، وعن أوليائه للخوف عليهم، فإذا ظهر لهم ذاع خبره وطولبوا به.
ثالثها: وهو الذي عوَّل عليه المرتضى، قال:
(أوَّلاً: لا نقطع أنَّه لا يظهر لجميع أوليائه، فإنَّ هذا أمر مغيَّب عنّا، ولا يعرف كلٌّ منّا إلَّا حال نفسه.
ثانياً: نقول في علَّة غيبته عنهم: إنَّه إنَّما يُميَّز شخصه بالمعجز الذي يظهر على يديه، والشُّبَه تدخل في ذلك، فلا يمتنع أنْ يكون كلُّ من لم يظهر له من أوليائه هو المعلوم من حاله أنَّه متى ظهر له قصَّر في النظر في معجزه ولحق بهذا التقصير بمن يخاف منه من الأعداء)(٤٤٣).
أقول: إنَّ الأخبار قد جاءت بظهوره لأوليائه وثقاته في الغيبة الصغرى مدَّة أربع وسبعين سنة كما مرَّ(٤٤٤). أمَّا بعدها فقد تقدَّم بعض الأخبار الدالَّة على عدم إمكان رؤيته وتكذيب من يدَّعي ذلك، وسواء قلنا بذلك أو قلنا بإمكان الرؤية في الغيبة الكبرى وحملنا ما يدلُّ على العدم على بعض الوجوه مثل إرادة نفي الرؤية التي يعرفه فيها بعينه وشخصه، يمكن أنْ نقول: إنَّ سبب عدم ظهوره لأوليائه هو بعض الوجوه المتقدِّمة، والله أعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٤٣) راجع: المقنع في الغيبة (ص ٦٥ و٦٦).
(٤٤٤) مرَّ في (ص ٢٩) تحت عنوان: (في غيبة المهدي (عليه السلام) وسفرائه)، فراجع.

↑صفحة ١٣١

الشبهة التاسعة:
الحدود التي تجب على الجناة في حال الغيبة إنْ قلتم بسقوطها صرَّحتم بنسخ الشريعة، وإنْ كانت ثابتة فمن الذي يقيمها والإمام مستتر غائب؟
والجواب:
أنَّ الحدود ثابتة على مستحقِّيها وغير ساقطة، والإثم في تفويت إقامتها على المخيفين للإمام المحوجين له إلى الغيبة، فحالها في زمن الغيبة عندنا حالها في زمن عدم تمكُّن أهل الحلِّ والعقد من اختيار الإمام عندكم، فما أجبتم به فهو جوابنا.
ثمّ إنَّ الشُّبهة لا تختص بحال الغيبة، بل تجري في حال وجود الأئمَّة وعدم تمكُّنهم، والجواب في الحالين واحد.
الشبهة العاشرة:
إنْ قلتم: إنَّ الحقَّ مع غيبته لا يُدرَك ولا يُوصَل إليه فقد جعلتم الناس في حيرة وضلالة مع الغيبة، وإن قلتم: يُدرَك من جهة الأدلَّة المنصوبة عليه فقد صرَّحتم بالاستغناء عن الإمام بهذه الأدلَّة، وهذا خلاف مذهبكم.
والجواب:
إنَّ الحقَّ قسمان: عقلي، وسمعي. فالعقلي يُدرَك بالعقل، ولا يُؤثِّر وجود الإمام ولا فقده. والسمعي عليه أدلَّة منصوصة من أقوال النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأقوال الأئمَّة الصادقين (عليهم السلام).
ولكن الحاجة مع ذلك إلى الإمام ثابتة في كلِّ عصر وعلى كلِّ حال:
أوَّلاً: لكونه لطفاً(٤٤٥) لنا في فعل الواجب العقلي من الإنصاف والعدل واجتناب الظلم والبغي، وهذا ممَّا لا يقوم غيره مقامه فيه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٤٥) اللطف ما يُقرِّب إلى الطاعة ويُبعِّد عن المعصية بحيث لا يصل إلى حدِّ الإجبار.

↑صفحة ١٣٢

وثانياً: أنَّ النقل الوارد عن النبيِّ والأئمَّة (عليه وعليهم الصلاة والسلام) يجوز أنْ يتركه الناقلون تعمُّداً أو اشتباهاً، أو يُوجَد ممَّن ليس نقله حجَّة فيحتاج إلى الإمام ليُبيِّن الحقَّ.
الشبهة الحادية عشرة:
الإجماع قائم على أنَّه لا نبيَّ بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأنتم زعمتم أنَّ المهدي إذا ظهر لا يقبل الجزية، ويقتل من بلغ العشرين ولم يتفقَّه في الدِّين، ويأمر بهدم المساجد والمشاهد، ويحكم بحكم داود ولا يسأل عن بيِّنة، وأشباه ذلك. وهذا نسخ للشريعة، فقد أثبتم معنى النبوَّة وإنْ لم تتلفَّظوا باسمها.
والجواب ما ذكره الطبرسي في (إعلام الورى)، قال:
(إنّا لا نعرف ما تضمَّنه السؤال من أنَّه لا يقبل الجزية، ويقتل من بلغ العشرين ولم يتفقَّه، فإنْ كان ورد بذلك خبر فهو غير مقطوع به.
أمَّا هدم المساجد والمشاهد [فما سمعناه](٤٤٦)، ويجوز أنْ يختصَّ بما بُني على غير تقوى الله، وعلى خلاف ما أمر به، وهذا مشروع قد فعله النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، [ومنه مسجد الضرار].
وأمَّا حكمه بحكم داود لا يسأل عن بيِّنة، فهذا أيضاً غير مقطوع به، وإنْ صحَّ فتأويله أنَّه يحكم بعلمه فيما يعلمه، وللإمام والحاكم أنْ يحكم بعلمه ولا يسأل البيِّنة.
على أنَّ ما ذكروه من عدم قبول الجزية وعدم سؤال البيِّنة لو صحَّ لم يكن نسخاً، لأنَّ النسخ هو ما تأخَّر دليله عن الحكم المنسوخ، أمَّا إذا اصطحب الدليلان فلا يكون أحدهما ناسخاً للآخر وإنْ خالفه في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٤٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر؛ وكذلك المورد التالي.

↑صفحة ١٣٣

الحكم، ولذلك اتَّفقنا على أنَّه لو قال: (الزموا السبت إلى وقت كذا ثمّ لا تلزموه) لم يكن نسخاً)(٤٤٧).
وفي (البحار): (روى الحسين بن مسعود في (شرح السُّنَّة) بإسناده عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه قال: «والذي نفسي بيده ليوشكنَّ أنْ ينزل فيكم ابن مريم حَكَماً عدلاً، يكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، فيفيض المال حتَّى لا يقبله أحد»).
ثمّ قال: (قوله: «يكسر الصليب» يريد إبطال النصرانيَّة، ويحكم(٤٤٨) بشرع الإسلام. ومعنى (قتل الخنزير) تحريم اقتنائه وأكله وإباحة قتله...، وقوله: «يضع الجزية» معناه يضعها عن أهل الكتاب، ويحملهم على الإسلام، فقد روى أبو هريرة عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في نزول عيسى [(عليه السلام)](٤٤٩): «ويهلك في زمانه الملل كلُّها إلَّا الإسلام، ويهلك الدجّال، فيمكث في الأرض أربعين سنة، ثمّ يتوفّى فيُصلّي عليه المسلمون». وقيل: معنى الجزية أنَّ المال يكثر حتَّى لا يوجد محتاج ممَّن يُوضَع فيهم الجزية، يدل عليه قوله: «فيفيض المال حتَّى لا يقبله أحد»(٤٥٠).
وروى البخاري بإسناده عن أبي هريرة: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم [فيكم](٤٥١) وإمامكم منكم»(٤٥٢)، وهذا حديث متَّفق على صحَّته، انتهى...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٤٧) راجع: إعلام الورى (ج ٢/ ص ٣١٠ و٣١١).
(٤٤٨) في شرح السُّنَّة: (الحكم).
(٤٤٩) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٤٥٠) شرح السُّنَّة (ج ١٥/ ص ٨٠ و٨١/ ح ٤٢٧٥).
(٤٥١) ما بين المعقوفتين من صحيح البخاري.
(٤٥٢) صحيح البخاري (ج ٤/ ص ١٤٣).

↑صفحة ١٣٤

قال [في البخاري](٤٥٣): وقد أورد هو وغيره أخباراً أُخَر في ذلك.
فظهر أنَّ هذه الأُمور المنقولة من سير القائم (عليه السلام) لا تختصُّ بنا، بل أوردها مخالفونا ونسبوها(٤٥٤) إلى عيسى (عليه السلام)، لكن قد رووا أنَّ إمامكم منكم، فما كان جوابهم فهو جوابنا، والشبهة مشتركة بينهم وبيننا)(٤٥٥) انتهى.
فهذا جواب ما أورده علينا مخالفونا من الشُّبَه في أمر المهدي، أو يمكن أنْ يورد لهم.

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٥٣) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٤٥٤) في المصدر: (بل أوردها المخالفون أيضاً ونسبوه).
(٤٥٥) بحار الأنوار (ج ٥٢/ ص ٣٨٤ - ٣٨٦/ ح ١٩٣).

↑صفحة ١٣٥

في ذكر من قال بوجود المهدي (عليه السلام) ووافق الشيعة من علماء أهل السُّنَّة

وهم كثيرون نذكر منهم جماعة:
[كمال الدِّين محمّد بن طلحة الشافعي]:
الأوَّل: أبو سالم كمال الدِّين محمّد بن طلحة بن محمّد بن أبي الحسن القرشي النصيبي الشافعي في كتابه (مطالب السؤول في مناقب آل الرسول)، وهذا الرجل قد أثنى عليه علماء أهل السُّنَّة وذكروه بكلِّ جميل، فذكره تقي الدِّين أبو بكر أحمد ابن قاضي شهيد المعروف بابن جماعة الدمشقي الأسدي في (طبقات فقهاء الشافعيَّة) على ما نُقِلَ عنه، وقال: (إنَّه كان أحد الصدور والرؤساء المعظَّمين، وُلِدَ سنة (٥٨٢)، وتفقَّه وشارك في العلوم، وكان فقيهاً بارعاً عارفاً بالمذهب والأُصول والخلاف، ترسَّل عن المُلْكِ وساد وتقدَّم وسمع الحديث...) الخ(٤٥٦).
ومدحه أبو عبد الله بن أسعد اليمني المعروف باليافعي في (مرآة الجنان) في حوادث سنة (٦٥٠) فيما حُكي عنه(٤٥٧).
وقال عبد الغفّار بن إبراهيم العكي الشافعي فيما نُقِلَ عنه: إنَّه أحد العلماء المشهورين(٤٥٨).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٥٦) طبقات فقهاء الشافعيَّة (ج ٢/ ص ١٥٤).
(٤٥٧) مرآة الجنان (ج ٤/ ص ٩٩)، ذكره في حوادث سنة ستّمائة واثنتين وخمسين.
(٤٥٨) نفحات الأزهار (ج ٩/ ص ١٩٣)، عن عجالة الراكب وبلغة الطالب (مخطوط).

↑صفحة ١٣٧

وذكره وبالغ في مدحه جمال الدِّين عبد الرحيم بن حسن بن عليٍّ الأسنوي الشافعي في (طبقات الشافعيَّة) على ما حُكي عنه(٤٥٩).
أمَّا كتابه (مطالب السؤول) فهو كتاب مشهور معروف، وكونه من تأليفه مشهور معلوم أيضاً، حتَّى إنَّ ابن تيميَّة اعترف بأنَّه له في كتابه (منهاج السُّنَّة) على ما حُكي عنه، مع إنكاره جملة من الأحاديث المستفيضة(٤٦٠).
قال في الكتاب المذكور: (الباب الثاني عشر في أبي القاسم محمّد بن الحسن الخالص بن عليٍّ المتوكِّل بن محمّد القانع بن عليٍّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليٍّ زين العابدين بن الحسين الزكي بن عليٍّ المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب المهدي الحجَّة الخلف الصالح المنتظر (عليهم السلام ورحمة الله وبركاته)...)، إلى أنْ قال: (فأمَّا مولده فبسُر من رأى في ثالث وعشرين رمضان سنة (٢٥٨) للهجرة. وأمَّا نسبه أباً وأُمًّا، فأبوه الحسن الخالص... إلى آخر ما تقدَّم، وأُمُّه أُمُّ ولد تُسمّى: صقيل، وقيل: حكيمة، وقيل غير ذلك).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٥٩) قال المصنِّف (رحمه الله) في كتابه البرهان على وجود صاحب الزمان (هامش ص ٩٩ و١٠٠): بعد كتابة ما تقدَّم طبعه عثرنا على كلام لشيخ الإسلام تاج الدِّين عبد الوهّاب بن تقي الدِّين السبكي في (طبقات الشافعيَّة الكبرى) المطبوعة بمصر في الجزء الخامس في حقِّ محمّد بن طلحة الشافعي المتقدِّم ذكره، فأثبتناه هنا مضافاً إلى ما تقدَّم في حقِّه من كلام العلماء تتميماً للفائدة.
قال ما لفظه: (محمّد بن طلحة بن محمّد بن الحسن الشيخ كمال الدِّين أبو سالم القريشي العدوي النصيبي مصنِّف كتاب العقد الفريد، وُلِدَ سنة (٥٨٢هـ)، تفقَّه وبرع في المذهب، وسمع الحديث بنيسابور من المويَّد الطوسي وزينب الشعريَّة، وحدَّث بحلب ودمشق، وروى عنه الحافظ الدمياطي ومجد الدِّين بن العديم، وكان من صدور الناس، ولي الوزارة بدمشق يومين وتركها وخرج عمَّا يملك من ملبوس ومملوك وغيره وتزهَّد، وتُوفّي ابن طلحة في سابع رجب سنة (٦٥٢هـ)) (انتهت الطبقات). (المؤلِّف).
راجع: طبقات الشافعيَّة (ج ٨/ ص ٦٣/ الرقم ١٠٧٦).
(٤٦٠) منهاج السُّنَّة النبويَّة (ج ٨/ ص ٢٥٧).

↑صفحة ١٣٨

ثمّ أورد عدَّة أخبار واردة في المهدي من طريق أبي داود والترمذي والبغوي ومسلم والبخاري والثعلبي، ثمّ اعترض بعدَّة اعتراضات وأجاب عنها(٤٦١).
وقد ذكرنا ملخَّصها في كتابنا (البرهان على وجود صاحب الزمان)، فليرجع إليها من أرادها(٤٦٢).
[محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي]:
الثاني: أبو عبد الله محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعي في كتابيه (البيان في أخبار صاحب الزمان) و(كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين عليِّ ابن أبي طالب).
ويُعبِّر عنه ابن الصبّاغ المالكي في (الفصول المهمَّة) بإلامام الحافظ(٤٦٣).
واحتجَّ بروايته ابن حجر العسقلاني في (فتح الباري في شرح صحيح البخاري) على ما نُقِلَ عنه(٤٦٤).
أمَّا كتابه (البيان) فذكره صاحب (كشف الظنون) فقال: (البيان في أخبار صاحب الزمان للشيخ أبي عبد الله محمّد بن يوسف الكنجي المتوفّى سنة (٦٥٨)) اهـ(٤٦٥).
وأورده بتمامه عليُّ بن عيسى الإربلي في (كشف الغمَّة) وقال: إنَّ مؤلِّفه حمله هو وكتاب (كفاية الطالب) إلى الصاحب السعيد تاج الدِّين محمّد بن نصر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٦١) مطالب السؤول (ص ٤٧٩ - ٤٨٨).
(٤٦٢) البرهان على وجود صاحب الزمان (ص ١٠٠ - ١٠٣).
(٤٦٣) الفصول المهمَّة (ج ١/ ص ٥٩٠).
(٤٦٤) كشف الأستار (ص ٤٢).
(٤٦٥) كشف الظنون (ج ١/ ص ٢٦٣).

↑صفحة ١٣٩

ابن الصلايا العلوي الحسيني (سقى الله عهده صوب العهاد)، فقرأنا الكتابين على مصنِّفهما المذكور في مجلسين آخرهما يوم الخميس سادس عشر جمادي الآخرة سنة (٦٤٨) بإربل(٤٦٦).
و(كتاب البيان) يشتمل على خمسة وعشرين باباً، أربعة وعشرون منها في كلِّ باب عدَّة أحاديث في أحوال صاحب الزمان من طريق أهل السُّنَّة، وقد أوردناها بتمامها في المجلس الخامس، و(الباب الخامس والعشرون في الدلالة على كون المهدي حيًّا باقيًّا منذ غيبته إلى الآن، وأنَّه لا امتناع في بقائه بدليل بقاء عيسى والخضر وإلياس من أولياء الله، و[بقاء](٤٦٧) الدجّال وإبليس اللعين من أعداء الله...) إلى آخر ما ذكره(٤٦٨).
وقال في (كفاية الطالب) على ما حُكي عنه في الباب الثامن من الأبواب الملحقة بأبواب الفضائل بعد ذكر تاريخ ولادة الحسن العسكري (عليه السلام) ووفاته أنَّ ابنه هو الإمام المنتظر(٤٦٩).
[عليُّ بن محمّد ابن الصبّاغ المالكي]:
الثالث: نور الدَّين عليُّ بن محمّد ابن الصبّاغ المالكي في (الفصول المهمَّة في معرفة الأئمَّة)، وقد ذكروه في التراجم بكلِّ وصف جميل، فعن شمس الدِّين محمّد بن عبد الرحمن السخاوي المصري تلميذ الحافظ ابن حجر العسقلاني أنَّه قال في كتابه (الضوء اللّامع في أحوال أهل القرن التاسع): (عليُّ بن محمّد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٦٦) كشف الغمَّة (ج ٣/ ص ٢٧٦).
(٤٦٧) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٤٦٨) كشف الغمَّة (ج ٣/ ص ٢٩٠).
(٤٦٩) كفاية الطالب (ص ٤٥٨).

↑صفحة ١٤٠

أحمد بن عبد الله نور الدِّين الأسفاتي(٤٧٠) الغزّي الأصل المكّي المالكي، ويُعرَف بابن الصبّاغ، وُلِدَ في العشر الأُوَل من ذي الحجَّة سنة (٧٨٤) بمكَّة، ونشأ بها، فحفظ القرآن والرسالة في الفقه وألفيَّة ابن مالك، وعرضهما على الشريف عبد الرحمن الفارسي(٤٧١)...) وعدَّ معه جماعة.
ثمّ قال: (وأجازوا له، وأخذ الفقه عن أوَّلهم، والنحو عن الجلال عبد الواحد المرشدي، وسمع على المزين(٤٧٢) المراغي سداسيّات الرازي...، وله مؤلَّفات منها: الفصول المهمَّة لمعرفة الأئمَّة وهم اثنا عشر، والعِبَر فيمن سفه(٤٧٣) النظر، أجاز لي ومات في [سابع](٤٧٤) ذي القعدة سنة خمس وخمسين [وثمانمائة]، ودُفِنَ بالمعلاة، سامحه الله وإيّانا)(٤٧٥).
وعن أحمد بن عبد القادر العجيلي الشافعي أنَّه ذكره معظِّماً في (ذخيرة المآل في مسألة الخنثى)(٤٧٦).
وعن جماعة من الأعلام أنَّهم نقلوا عن كتابه المذكور معتمدين عليه، مثل: عبد الله بن محمّد المطيري المدني الشافعي من النقشبنديَّة في كتابه (الرياض الزاهرة)، ونور الدِّين عليٌّ السمهودي في (جواهر العقدين)، وبرهان الدِّين عليٌّ الحلبي الشافعي في سيرته المعروفة، وعبد الرحمن الصفوري في (زينة المجالس) وغيرهم(٤٧٧).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٧٠) في المصدر: (الأسفاقسي).
(٤٧١) في المصدر: (الفاسي).
(٤٧٢) في المصدر: (الزين).
(٤٧٣) في المصدر: (شفه).
(٤٧٤) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر؛ وكذلك المورد التالي.
(٤٧٥) الضوء اللامع للسخاوي (ج ٥/ ص ٢٨٣/ الرقم ٩٥٨).
(٤٧٦) انظر: نفحات الأزهار (ج ١٩/ ص ٢١٨ و٢١٩).
(٤٧٧) راجع: كشف الأستار (ص ٤٤).

↑صفحة ١٤١

قال في (الفصول المهمَّة): (الفصل الثاني عشر: في ذكر أبي القاسم الحجَّة الخلف الصالح ابن أبي محمّد الحسن الخالص، وهو الإمام الثاني عشر، وتاريخ ولادته، ودلائل إمامته، وذكر طرف من أخباره وغيبته ومدَّة قيام دولته، وذكر لقبه وكنيته، وغير ذلك ممَّا يتَّصل به).
ثمّ ذكر بعض الأخبار الواردة في ذلك، ثمّ ذكر أنَّه وُلِدَ بسُرَّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة (٢٥٥) من الهجرة.
قال: (وأمَّا نسبه أباً وأُمًّا، فهو أبو القاسم محمّد الحجَّة بن الحسن الخالص ابن عليٍّ الهادي بن محمّد الجواد بن عليٍّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليٍّ زين العابدين بن الحسين الشهيد بن عليِّ بن أبي طالب (عليهم السلام). وأمَّا أُمُّه فأُمُّ ولد يقال لها: نرجس خير أَمَة، وقيل: اسمها غير ذلك).
ثمّ ذكر أنَّه غاب سنة (٢٧٦) من الهجرة، ثمّ قال: (وهذا طرف يسير ممَّا جاءت به النصوص عليه الدالَّة على الإمام الثاني عشر عن الأئمَّة الثقات، والروايات في ذلك كثيرة، والأخبار شهيرة، وقد دوَّنها أصحاب الحديث في كُتُبهم واعتنوا بجمعها ولم يتركوا منها شيئاً).
ثمّ ذكر جملة من تلك الأخبار، ثمّ نقل عن محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي ما ذكره في الباب الخامس والعشرين من كتاب (البيان في أخبار صاحب الزمان) وقد تقدَّم نقله(٤٧٨).
وقال في (الفصول المهمَّة) أيضاً في ذيل ترجمة والده (عليهما السلام) ما لفظه: (وخلَّف أبو محمّد الحسن (رضي الله عنه) من الولد ابنه الحجَّة القائم المنتظر لدولة الحقِّ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٧٨) الفصول المهمَّة (ج ٢/ ص ١٠٩٥ - ١١٢٢).

↑صفحة ١٤٢

وكان قد أخفى مولده وستر أمره لصعوبة الوقت وخوف السلطان أنْ يطلبه من الشيعة وحبسهم والقبض عليهم)(٤٧٩).
[سبط ابن الجوزي]:
الرابع: الفقيه الواعظ شمس الدِّين أبو المظفَّر يوسف بن قُزغلي(٤٨٠) ابن عبد الله البغدادي الحنفي المعروف بسبط ابن الجوزي في (تذكرة خواصِّ الأُمَّة في معرفة الأئمَّة)، لأنَّه ابن بنت العالم الواعظ جمال الدِّين أبي الفرج عبد الرحمن التيمي البكري البغدادي الحنبلي المعروف بابن الجوزي.
عن ابن خلِّكان(٤٨١) أنَّه قال في أثناء ترجمة أحوال جدِّه المذكور: (وكان سبطه شمس الدِّين أبو المظفَّر يوسف بن قزاغلي(٤٨٢) الواعظ المشهور حنفي المذهب، وله صيت وسمعة في مجالس وعظه، وقبول عند الملوك وغيرهم، وصنَّف تفسير القرآن الكريم، وتاريخاً كبيراً رأيته بخطِّه في أربعين مجلَّداً سمّاه (مرآة الزمان)، وتُوفّي ليلة الثلاثاء الحادي والعشرين من ذي الحجَّة سنة (٦٥٤) بدمشق بجبل قاسيون ودُفِنَ هناك...)، إلى أنْ قال: (وكان أبوه فتيق(٤٨٣) الوزير عون الدِّين بن هبيرة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٧٩) الفصول المهمَّة (ج ٢/ ص ١٠٩١).
(٤٨٠) بضمِّ القاف والزاي وسكون الغين المعجمة وكسر اللّام وبعدها ياء مثنّاة من تحت، أصله (قِزْ أُوغلي) بكسر القاف وسكون الزاي وضمِّ الهمزة، وهو لفظ تركي معناه ابن البنت المسمّى بالعربيَّة سبطاً وبالفارسيَّة دختر زاده.
(٤٨١) لم أجد ذلك في نسختي من تاريخ ابن خلِّكان. [بل يوجد في وفيات الأعيان (ج ٣/ ص ١٤٢)].
(٤٨٢) في المصدر: (قُزغلي).
(٤٨٣) كذا؛ وفي المصدر: (عتيق).

↑صفحة ١٤٣

فزوَّجه الحافظ ابن الجوزي ابنته، فولدت شمس الدِّين المذكور، فلهذا يُنسَب إلى جدِّه لا إلى أبيه(٤٨٤) (رحمه الله)) انتهى.
وعن محمود بن سليمان الكفوي في (أعلام الأخيار) أنَّه قال بعد ذكر نسبه وولادته: (وتفقَّه وبرع وسمع من جدِّه لأُمِّه، وكان حنبليًّا تحنبل في صغره لتربية جدِّه، ثمّ دخل إلى الموصل، ثمّ رحل إلى دمشق وهو ابن نيِّف وعشرين سنة وسمع بها وتفقَّه بها على جمال الدِّين الحصيري، وتحوَّل حنيفاً(٤٨٥) لما بلغه أنَّ قُزغلي ابن عبد الله كان على مذهب الحنفيَّة، وكان إماماً عالماً فقيهاً جيِّداً نبيهاً يُلتَقط الدُّرَر من كَلِمه، ويتناثر الجوهر من حِكَمه)، وبالغ في مدائحه وفضائله في كلام طويل(٤٨٦).
وذكره اليافعي في (المرآة)، وابن الشحنة في (روضة المناظر)، وتاج الدِّين في (كفاية المتطلِّع)، وغيرهم كما حُكي عنهم(٤٨٧).
قال سبط بن الجوزي المذكور في كتابه (تذكرة خواصِّ الأُمَّة في معرفة الأئمَّة) بعد ترجمة الحسن العسكري (عليه السلام) ما لفظه: (ذكر أولاده، منهم: محمّد الإمام، فصل: هو محمّد بن الحسن بن عليِّ بن محمّد بن عليِّ بن موسى الرضا بن جعفر بن محمّد بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، وكنيته أبو عبد الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٨٤) يدلُّ كلام ابن خلِّكان أنَّ أباه الذي تزوَّج بنت أبي الفرج ابن الجوزي، ويدلُّ عليه أيضاً اشتهاره بسبط بن الجوزي، ومقتضى هذا أنْ يكون قزغلي لقباً له لا لأبيه حيث إنَّ معناه كما عرفت في الحاشية السابقة ابن البنت، ولكن الذي صرَّح به ابن خلِّكان والكفوي كما سمعت أنَّه لقب لأبيه لا له، فليُنظَر ذلك.
(٤٨٥) كذا؛ والصحيح: (حنفيًّا).
(٤٨٦) انظر: خلاصة عبقات الأنوار (ج ٩/ ص ٢٠٤ و٢٠٥/ الرقم ٥)، عن أعلام الأخيار (مخطوط).
(٤٨٧) راجع: كشف الأستار (ص ٤٥).

↑صفحة ١٤٤

وأبو القاسم، وهو الخلف الحجَّة، وصاحب الزمان، والقائم، والمنتظر، والتالي، وهو آخر الأئمَّة)، ثمّ ذكر بعض الروايات الواردة فيه.
ثمّ قال: (وذكره في روايات كثيرة، ويقال له: ذو الاسمين محمّد وأبو القاسم، قالوا: أُمُّه أُمُّ ولد يقال لها: صقيل).
ثمّ حكى عن السُّدّي اجتماعه مع عيسى بن مريم، وتقديم عيسى له في الصلاة، وعلَّل هو ذلك بوجهين:
الأوَّل: أنَّه يخرج عن الإمامة بصلاته مأموماً فيصير تبعاً.
والثاني: لئلَّا يتدنَّس وجه «لا نبيَّ بعدي» بغبار الشبهة...، إلى آخر ما ذكره.
وختم كلامه بذكر جماعة طالت أعمارهم(٤٨٨).
[ابن عربي في كتابه الفتوحات]:
الخامس: الشيخ الأكبر محيي الدِّين أبو عبد الله محمّد بن عليِّ بن محمّد بن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي المدفون بصالحيَّة دمشق في (الفتوحات المكّيَّة).
وكتاب (الفتوحات) كصاحبه مشهور معروف.
وحكى الشعراني في (اليواقيت والجواهر) عن الفيروزآبادي صاحب (القاموس) مدحاً كثيراً في الشيخ محيي الدِّين، وثناءً عظيماً عليه، منه قوله: (كان الشيخ محيي الدِّين بحراً لا ساحل له، ولمَّا جاور بمكَّة شرَّفها الله تعالى كان البلد إذ ذاك مجمع العلماء والمحدِّثين، وكان الشيخ هو المشار إليه بينهم في كلِّ علم تكلَّموا فيه، وكانوا كلُّهم يتسارعون إلى مجلسه ويتبرَّكون بالحضور بين يديه ويقرأون عليه تصانيفه).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٨٨) تذكرة الخواصِّ (ص ٣٦٣ - ٣٦٥).

↑صفحة ١٤٥

قال: (ومصنَّفاته بخزائن مكَّة إلى الآن أصدق شاهد على ما قلناه، وكان أكثر اشتغاله بمكَّة بسماع الحديث وإسماعه، وصنَّف فيها (الفتوحات المكّيَّة) كتبها عن ظهر قلب جواباً لسؤال سأله عنه تلميذه بدر الحبشي، ولمَّا فرغ منها وضعها في سطح الكعبة المعظَّمة، فأقامت فيها سنة، ثمّ أنزلها فوجدها كما وضعها لم يبتلّ منها ورقة ولا لعبت بها الرياح مع كثرة أمطار مكَّة ورياحها، وما أذن للناس في كتابتها وقراءتها إلَّا بعد ذلك).
وحكى عنه أيضاً في أوائل (اليواقيت والجواهر) أنَّه كان يقول: (لم يبلغنا عن أحد من القوم أنَّه بلغ في علم الشريعة والحقيقة ما بلغ الشيخ محيي الدِّين أبداً.
وقال الفيروزآبادي: وأمَّا كُتُبه (رضي الله عنه) فهي: البحار الزواخر التي ما وضع الواضعون مثلها، ومن خصائصها ما واظب أحد على مطالعتها إلَّا وتصدَّر لحلِّ المشكلات في الدِّين ومعضلات مسائله، وهذا الشأن لا يوجد في كُتُب غيره أبداً)(٤٨٩).
وهذا يسير من ثنائه عليه، واستيفاؤه يطول به المقام، وقد نقلناه في كتاب (البرهان على وجود صاحب الزمان)(٤٩٠).
وحكى في (اليواقيت والجواهر) الثناء عليه من جماعة كثيرة من العلماء، منهم الشيخ كمال الدِّين الزملكاني، وقطب الدِّين الحموي، وصلاح الدِّين الصفدي، وقطب الدِّين الشيرازي، وفخر الدِّين الرازي، والإمام السبكي، وغيرهم ممَّن يطول الكلام بتعدادهم وذكر ثنائهم عليه(٤٩١).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٨٩) راجع: اليواقيت والجواهر (ص ٢٢ - ٣٠).
(٤٩٠) راجع: البرهان على وجود صاحب الزمان (ص ١١١ - ١١٥).
(٤٩١) راجع: اليواقيت والجواهر (ص ٣٠ - ٣٦)؛ وراجع أيضاً معجم المطبوعات العربية لإليان سركيس (ج ١/ ص ١٧٦)، وهو ما نقله عن الفيروزآبادي صاحب القاموس في كتابه المسمّى (الاغتباط بمعالجة ابن الخيّاط) الذي ألَّفه بسبب سؤال سُئِلَ فيه عن الشيخ ابن عربي.

↑صفحة ١٤٦

أمَّا عبارة (الفتوحات) المصرِّحة بالمطلوب، فهي ما نقله عنها الشعراني في أوائل المبحث الخامس والستّين من (اليواقيت والجواهر) بما هذا لفظه:
(وعبارة الشيخ محيي الدِّين في الباب السادس والستّين وثلاثمائة من (الفتوحات)(٤٩٢): واعلموا أنَّه لا بدَّ من خروج المهدي (عليه السلام)، لكن لا يخرج حتَّى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً، فيملأها قسطاً وعدلاً، ولو لم يكن من الدنيا إلَّا يوم واحد طوَّل الله تعالى ذلك اليوم حتَّى يلي ذلك الخليفة، وهو من عترة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، من ولد فاطمة (رضي الله عنها)، جدُّه الحسين بن عليِّ بن أبي طالب، والده حسن العسكري ابن الإمام عليٍّ النقي - بالنون - ابن محمّد التقي - بالتاء - ابن الإمام عليٍّ الرضا ابن الإمام موسى الكاظم [ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمّد الباقر ابن الإمام زين العابدين عليٍّ](٤٩٣) ابن الإمام الحسين ابن الإمام عليِّ ابن أبي طالب (رضي الله عنه). يُواطئ اسمه اسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)(٤٩٤)، يبايعه المسلمون ما بين الركن والمقام، يشبه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الخَلْق - بفتح الخاء - وينزل عنه في الخُلُق - بضمِّها -، إذ لا يكون أحد مثل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في أخلاقه، والله تعالى يقول: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: ٤]، هو أجلى الجبهة، أقنى الأنف، أسعد الناس به أهل الكوفة، يُقسِّم المال بالسويَّة، ويعدل في الرعيَّة، يأتيه الرجل فيقول: يا مهدي، أعطني، وبين يديه المال، فيُحثي له في ثوبه ما استطاع أنْ يحمل، يخرج على فترة من الدِّين، يزع الله به ما لا يزع بالقرآن، يُمسي الرجل جاهلاً وجباناً وبخيلاً فيصبح عالماً شجاعاً كريماً، يمشي النصر بين يديه، يعيش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٩٢) الفتوحات المكّيَّة (ج ٣/ ص ٣٢٧ - ٣٢٩).
(٤٩٣) ما بين المعقوفتين قد سقط من الأصل.
(٤٩٤) ليس في الأصل المنقول عنه ذكر (وآله) في جميع المواضع كما هي عادة الكثيرين في استعمال الصلاة البتراء المنهيِّ عنها.

↑صفحة ١٤٧

خمساً أو سبعاً أو تسعاً، يقفو أثر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، لا يُخطئ، له مَلَك يُسدِّده من حيث لا يراه، يحمل الكلَّ، ويعين الضعيف، ويساعد على نوائب الحقِّ، يفعل ما يقول ويقول ما يفعل، ويعلم ما يشهد، يُصلِحه الله في ليلة، يفتح المدينة الروميَّة بالتكبير مع سبعين ألفاً من المسلمين من ولد إسحاق، يشهد الملحمة العظمى مأدبة الله بمرج عكا، يبيد الظلم وأهله، ويقيم الدِّين وأهله، وينفخ الروح في الإسلام، يعزُّ الله به الإسلام بعد ذلِّه، ويُحييه بعد موته، يضع الجزية، ويدعو إلى الله بالسيف، فمن أبى قُتِلَ، ومن نازعه خُذِلَ، يُظهِر من الدِّين ما هو عليه في نفسه حتَّى لو كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حيًّا لحكم به، فلا يبقى في زمانه إلَّا الدِّين الخالص عن الرأي، يخالف في غالب أحكامه مذاهب العلماء، فينقبضون منه لذلك لظنِّهم أنَّ الله تعالى لا يُحدِث بعد أئمَّتهم مجتهداً).
قال الشعراني: (وأطال - يعني الشيخ محيي الدِّين - في ذكر وقائعه معهم، ثمّ قال - يعني الشيخ محيي الدِّين -: واعلم أنَّ المهدي إذا خرج يفرح به المسلمون(٤٩٥) خاصَّتهم وعامَّتهم، وله رجال إلهيُّون يقيمون دعوته وينصرونه، هم الوزراء له يتحمَّلون أثقال المملكة ويعينونه على ما قلَّده الله تعالى، ينزل عليه عيسى بن مريم (عليه السلام) بالمنارة البيضاء شرقي دمشق متَّكئاً على مَلَكين مَلَك عن يمينه ومَلَك عن يساره، والناس في صلاة العصر، فيتنحّى له الإمام عن مكانه، فيتقدَّم فيُصلّي بالناس، يأمر الناس بسُنَّته (صلّى الله عليه وآله وسلّم)(٤٩٦)، يكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويقبض الله المهدي طاهراً مطهَّراً. وفي زمانه يُقتَل السفياني عند شجرة بغوطة دمشق، ويُخسَف بجيشه في البيداء، فمن كان مجبوراً من ذلك الجيش مكرَهاً يُحشَر على نيَّته، وقد جاءكم زمانه وأظلَّكم أوانه. وقد ظهر في القرن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٩٥) في المصدر: (عموم المسلمين).
(٤٩٦) في المصدر: (بسُنَّة محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)).

↑صفحة ١٤٨

الرابع اللاحق بالقرون الثلاثة الماضية قرن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو قرن الصحابة، ثمّ الذي يلي الثاني، ثمّ جاء بينهما فترات وحدثت أُمور وانتشرت أهواء وسُفِكَت دماء، فاختفى إلى أنْ يجيء الوقت الموعود، فشهداؤه خير الشهداء، وأُمناؤه أفضل الأُمناء.
قال الشيخ محيي الدِّين: وقد استوزر الله له طائفة خبَّأهم الله تعالى له في مكنون غيبه...).
إلى أنْ قال: (وهم من الأعاجم ليس فيهم عربي، لكن لا يتكلَّمون إلَّا بالعربيَّة، لهم حافظ من غير جنسهم ما عصى الله قطُّ، هو أخصُّ الوزراء...).
إلى أنْ قال: (يفتحون مدينة الروم بالتكبير، فيُكبِّرون التكبيرة الأُولى فيسقط ثلثها، ويُكبِّرون الثانية فيسقط الثلث الثاني من السور، ويُكبِّرون الثالثة فيسقط الثالث، فيفتحونها من غير سيف...).
إلى أنْ قال: (ويُقتَلون كلُّهم إلَّا واحداً منهم في مرج عكا في المأدبة الإلهيَّة التي جعلها الله تعالى مائدة للسباع والطيور والهوام)(٤٩٧).
[عبد الرحمن الدشتي الجامي الحنفي]:
السادس: نور الدِّين عبد الرحمن بن أحمد بن قوام الدِّين الدشتي الجامي الحنفي، وقيل: الشافعي، صاحب (شرح كافية ابن الحاجب) المشهور في (شواهد النبوَّة)(٤٩٨).
قال صاحب (الشقائق النعمانيَّة في علماء الدولة العثمانيَّة) بعد ذكر الطريقة النقشبنديَّة وذكر جملة من مشايخها ما لفظه:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٩٧) اليواقيت والجواهر (ص ٥٦٢ - ٥٧٠).
(٤٩٨) شواهد النبوَّة (ص ٢١٢ - ٢١٧).

↑صفحة ١٤٩

(ومنهم: الشيخ العارف بالله عبد الرحمن بن أحمد الجامي، اشتغل أوَّلاً بالعلم الشريف وصار من أفاضل عصره، ثمّ صحب مشايخ الصوفيَّة، وتلقَّن كلمة التوحيد من الشيخ العارف بالله تعالى سعد الدِّين الكاشغري، وصحب الخواجة عبيد الله السمرقندي، وانتسب إليه أتمّ الانتساب...).
إلى أنْ قال: (وكان مشتهراً بالعلم والفضل، وبلغ صيت فضله إلى الآفاق حتَّى دعاه السلطان بايزيد خان إلى مملكته، وأرسل إليه جوائز سنيَّة...).
إلى أنْ قال: (وحكى المولى الأعظم سيِّدي محيي الدِّين الفناري عن والده المولى عليٍّ الفناري - وكان قاضياً بالعسكر المنصور للسلطان محمود خان - أنَّه قال: قال لي السلطان يوماً: إنَّ الباحثين عن علوم الحقيقة المتكلِّمون والصوفيَّة والحكماء، ولا بدَّ من المحاكمة بين هؤلاء الطوائف.
فقلت له: لا يقدر على المحاكمة بينهم إلَّا المولى عبد الرحمن الجامي، فأرسل السلطان إليه رسولاً مع جوائز سنيَّة، والتمس منه المحاكمة المذكورة، فكتب رسالة حكم فيها بين هؤلاء الطوائف في مسائل ستٍّ، منها مسألة الوجود، وأرسلها إلى السلطان).
ثمّ عدَّ من مصنَّفاته (شرح الكافية) و(شواهد النبوَّة) بالفارسيَّة، و(نفحات الأُنس) بالفارسيَّة، و(سلسلة الذهب) طعن فيها على طوائف الرافضيَّة...
إلى أنْ قال: (وكلُّ تصانيفه مقبولة عند العلماء الفضلاء)(٤٩٩).
وأثنى عليه ثناءً بليغاً محمود بن سليمان الكفوي في (أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار) على ما حُكي عنه، وقال عن كتابه (شواهد النبوَّة): (إنَّه كتاب جليل معروف معتمد)(٥٠٠).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٩٩) راجع: الشقائق النعمانيَّة (ص ١٥٩ و١٦٠).
(٥٠٠) أعلام الأخيار (مخطوط).

↑صفحة ١٥٠

وفي (كشف الظنون): (شواهد النبوَّة فارسي لمولانا نور الدِّين عبد الرحمن ابن أحمد الجامي)، وذكر أنَّه ترجمه غير واحد من العلماء(٥٠١).
وعن صاحب تاريخ الخميس أنَّه قال في أوَّله: (إنَّه انتخبه من الكُتُب المعتبرة)، وعدَّ منها (شواهد النبوَّة)(٥٠٢).
وقد روى الجامي في (شواهد النبوَّة) على ما حكي عنه أخباراً في ولادة المهدي وبعض معجزاته هذا ملخَّص ترجمتها:
(روي عن حكيمة عمَّة أبي محمّد الزكي (عليه السلام) أنَّها قالت: كنت يوماً عند أبي محمّد (عليه السلام) فقال: «يا عمَّة، باتي الليلة عندنا فإنَّ الله تعالى يُعطينا خلفاً»، فقلت: يا ولدي، ممَّن؟ فإنّي لا أرى في نرجس أثر حمل أبداً، فقال: «يا عمَّة، مَثَل نرجس مَثَل أُمِّ موسى لا يظهر حملها إلَّا في وقت الولادة»، فبتُّ عنده، فلمَّا انتصف الليل قمت فتهجَّدت، وقامت نرجس وتهجَّدت، وقلت في نفسي: قرب الفجر ولم يظهر ما قاله أبو محمّد (عليه السلام)، فناداني من مقامه: «لا تعجلي يا عمَّة»، فرجعت إلى بيت كانت فيه نرجس، فرأيتها وهي ترتعد، فضممتها إلى صدري وقرأت عليها: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾، و﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ﴾، وآية الكرسي، فسمعت صوتاً من بطنها يقرأ ما قرأت، ثمّ أضاء البيت، فرأيت الولد على الأرض ساجداً، فأخذته، فناداني أبو محمّد من حجرته: «يا عمَّة، ائتيني بولدي»، فأتيته به، فأجلسه في حجره ووضع لسانه في فمه، وقال: «تكلَّم يا ولدي بإذن الله تعالى»، فقال: ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ﴾ [القَصص: ٥]، ثمّ رأيت طيوراً خضراً أحاطت به، فدعا أبو محمّد (عليه السلام) واحداً منها وقال: «خذه واحفظه حتَّى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٠١) كشف الظنون (ج ٢/ ص ١٠٦٦ و١٠٦٧).
(٥٠٢) تاريخ الخميس (ص ٣/ مقدّمة الكتاب).

↑صفحة ١٥١

يأذن الله تعالى فيه، فإنَّ الله بالغ أمره»، فسألت أبا محمد (عليه السلام): ما هذا الطير؟ وما هذه الطيور؟ فقال: «هذا جبرئيل، وهؤلاء ملائكة الرحمة(٥٠٣)»، ثمّ قال: «يا عمَّة، ردِّيه إلى أُمِّه كي تقرَّ عينها ولا تحزن، ولتعلم أنَّ وعد الله حقٌّ ولكن أكثرهم لا يعلمون»، فرددته إلى أُمِّه، ولمَّا وُلِدَ كان مقطوع السُّرَّة، مختوناً، مكتوباً على ذراعه الأيمن: ﴿جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً﴾ [الإسراء: ٨١]).
قال: وروى غيرها أنَّه لمَّا وُلِدَ جثا على ركبتيه ورفع سبّابته إلى السماء، وعطس وقال: «الحمد لله ربِّ العالمين».
وروي عن آخر قال: دخلت على أبي محمّد (عليه السلام)، فقلت: يا بن رسول الله، من الخلف والإمام بعدك؟ فدخل الدار ثمّ خرج وقد حمل طفلاً كأنَّه البدر في ليلة تمامه في سنِّ ثلاث سنين، فقال: «لولا كرامتك عليَّ لما أريتك هذا الولد، اسمه اسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وكنيته كنيته، هو الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً».
وروي عن آخر قال: دخلت يوماً على أبي محمّد (عليه السلام) فرأيت عن يمينه بيتاً أُسبل عليه ستر، فقلت: يا سيِّدي، من صاحب هذا الأمر بعدك؟ فقال: «ارفع الستر»، فرفعته، فخرج صبيٌّ في غاية النظافة على خدِّه الأيمن خال وله ذوائب، فجلس في حجر أبي محمّد (عليه السلام)، فقال أبو محمد (عليه السلام): «هذا صاحبكم»، ثمّ قام من حجره، فقال له: «يا بنيَّ، ادخل إلى الوقت المعلوم»، فدخل البيت وأنا أنظر إليه، ثمّ قال لي: «قم وانظر من في البيت»، فدخلت البيت، فلم أرَ فيه أحداً.
وروي عن آخر قال: بعثني المعتضد مع رجلين، وقال: إنَّ الحسن بن عليٍّ (عليه السلام) تُوفّي في سُرَّ من رأى، فأسرعوا في المسير واهجموا على داره، فكلُّ من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٠٣) كأنَّ هنا نقصاً.

↑صفحة ١٥٢

رأيتم فيها فأتوني برأسه، فذهبنا ودخلنا، فرأينا داراً نضرة طيِّبة كأنَّ البناء فرغ من عمارتها الساعة، ورأينا فيها ستراً، فرفعناه، فرأينا سرداباً، فدخلنا فيه، فرأينا بحراً في أقصاه حصير مفروش على وجه الماء ورجلاً في أحسن صورة عليه وهو يُصلّي ولم يلتفت إلينا، فسبقني أحد الرجلين فدخل الماء فغرق واضطرب، فأخذت بيده وخلَّصته، فأراد الآخر أنْ يتقدَّم إليه فغرق فخلَّصته، فتحيَّرت، فقلت: يا صاحب البيت، المعذرة إلى الله وإليك، فإنّي والله ما علمت الحال ولا علمت إلى أين جئنا، وقد تبت إلى الله ممَّا فعلت، فلم يلتفت إلينا أبداً، فرجعنا وقَصصنا عليه القصَّة، فقال: اكتموا هذا وإلَّا أمرت بضرب أعناقكم(٥٠٤)، انتهى (شواهد النبوَّة).
وليس مثل هذا بمستبعد ولا مستغرب من قدرة الله تعالى وكرامة أوليائه عليه، وقد أنطق الله تعالى عيسى (عليه السلام) في المهد، وكُتُب مشائخ الصوفية مشحونة بأمثال ذلك في حقِّ أقطابهم وأعيانهم، كالشيخ عبد القادر الجيلاني، والشيخ محيي الدِّين بن العربي، وعبد الوهّاب الشعراني، وغيرهم.
وقد قال الشيخ الأكبر محيي الدِّين بن العربي في (الفتوحات المكّيَّة) كما حكاه عنه الشعراني في (الكبريت الأحمر) الذي انتخبه من مختصرها، وبرهان الدِّين الحلبي في (إنسان العيون) على ما حُكي عنه: قلت لابنتي زينب مرَّة وهي في سنِّ الرضاعة قريباً عمرها من سنة: ما تقولين في الرجل يجامع حليلته ولم يُنزِل؟ فقالت: يجب عليه الغُسل، فتعجَّب الحاضرون من ذلك، ثمّ إنّي فارقت تلكم البنت وغبت عنها سنة في مكَّة، وكنت أذنت لوالدتها في الحجِّ، فجاءت مع الحاجِّ الشامي، فلمَّا خرجت لملاقاتها رأتني من فوق الجمل وهي ترضع، فقالت بصوت فصيح قبل أنْ تراني أُمُّها: هذا أبي، وضحكت ورمت بنفسها إليَّ. وقد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٠٤) انظر: كشف الأستار (ص ٥٤ - ٥٦).

↑صفحة ١٥٣

رأيت - أي علمت - من أجاب أُمَّه بالتسميت وهو في بطنها حين عطست، وكان اسمه الشيخ عبد القادر بدمشق، وسمع الحاضرون كلُّهم صوته من جوفها، شهد عندي الثقات بذلك(٥٠٥)، انتهى المحكي عن (الفتوحات).
وذكر بعضهم: أنَّ الذين تكلَّموا في المهد ثلاثة: عيسى (عليه السلام)، والولد الذي شهد ببراءة يوسف (عليه السلام)، وبنت الشيخ محيي الدِّين بن العربي.
فكيف يُصدِّقون بأمثال هذه الكرامات ولا يعيبون على معتقدها، وإذا ذكر ذاكر كرامة لأهل بيت النبوَّة قابلوها بالإنكار أو الاستبعاد ونسبوا معتقدها إلى الغلوِّ؟!
[الشيخ عبد الوهّاب الشعراني في كتابه اليواقيت]:
السابع: الشيخ عبد الوهّاب بن أحمد بن عليٍّ الشعراني المصري العارف المشهور في (اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر).
وهذا الكتاب كصاحبه مشهور معروف، وقد طُبِعَ بمصر عدَّة مرّات وعليه عدَّة تقاريض لجماعة من العلماء، وهو شرح لما أُغلق من (الفتوحات المكّيَّة)، وله سواه من الكُتُب (الميزان في المذاهب الأربعة)، و(لواقح الأنوار القدسيَّة) الذي اختصره من (الفتوحات المكّيَّة)، و(الكبريت الأحمر في علوم الشيخ الأكبر) منتخب منه.
قال الشعراني في الجزء الثاني من (اليواقيت والجواهر) ما لفظه: (المبحث الخامس والستُّون: في بيان أنَّ جميع أشراط الساعة التي أخبرنا بها الشارع حقٌّ لا بدَّ أنْ تقع كلُّها قبل قيام الساعة، وذلك كخروج المهدي...).
إلى أنْ قال: (وهو من أولاد الإمام حسن العسكري، ومولده (عليه السلام) ليلة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٠٥) انظر: كشف الأستار (ص ٥٦)، عن الفتوحات المكّيَّة (ج ٤/ ص ١١٧).

↑صفحة ١٥٤

النصف من شعبان سنة (٢٥٥)، وهو باقٍ إلى أنْ يجتمع بعيسى بن مريم (عليه السلام)، فيكون عمره إلى وقتنا هذا وهو سنة (٩٥٨) سبعمائة سنة وستُّ سنين، هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كوم الريش المطلِّ على بركة الرطلي بمصر المحروسة عن الإمام المهدي حين اجتمع به، ووافقه على ذلك شيخنا سيِّدي عليٌّ الخوّاص(٥٠٦) (رحمهما الله))(٥٠٧).
وقال الشعراني في الطبقات المسمّى بـ(اللواقح) على ما حُكي عنه بعد ذكر سياحة حسن العراقي أنَّه قال: (وسألت المهدي عن عمره، فقال: «يا ولدي، عمري الآن ستّمائة سنة وعشرون سنة»، ولي عنه الآن مائة سنة، قال الشعراني: فقلت ذلك لسيِّدي عليٍّ الخوّاص، فوافق على عمر المهدي (رضي الله عنه)(٥٠٨).
[السيِّد جمال الدِّين عطاء الله في كتابه روضة الأحباب]:
الثامن: السيِّد جمال الدِّين عطاء الله بن السيِّد غياث الدِّين فضل الله بن السيِّد عبد الرحمن المحدِّث المعروف في (روضة الأحباب في سيرة النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والآل والأصحاب).
وهو كتاب فارسي ذكره صاحب (كشف الظنون)، فقال: روضة الأحباب فارسي لجلال الدِّين عطاء الله بن فضل الله الشيرازي النيسابوري المتوفي سنة ألف، [أُلِّف](٥٠٩) في مجلَّدين، بالتماس الوزير مير عليّ شير بعد الاستشارة مع أُستاذه وابن عمِّه السيِّد أصيل الدِّين عبد الله(٥١٠).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٠٦) بتشديد الواو كتمّار وليّان، صانع الخوص، وهو ورق النخل.
(٥٠٧) اليواقيت والجواهر (ص ٥٦١ و٥٦٢/ المبحث ٦٥).
(٥٠٨) لم نجده في لواقح الأنوار المطبوع.
(٥٠٩) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٥١٠) كشف الظنون (ج ١/ ص ٩٢٢ و٩٢٣).

↑صفحة ١٥٥

وعن (تاريخ الخميس) أنَّه عدَّه في أوَّل كتابه من الكُتُب المعتمدة(٥١١).
قال في (روضة الأحباب) على ما حُكي عنه ما ترجمته: (كلام في بيان الإمام الثاني عشر محمّد بن الحسن (عليهما السلام): الميلاد السعيد لذلك الذي هو دُرُّ صدف الولاية وجوهر معدن الهداية في منتصف شعبان سنة (٢٥٥) في سامرة، وقيل: في الثالث والعشرين من شهر رمضان سنة (٢٥٨)، وأُمُّ تلك الدُّرَّة العالية أُمُّ ولد اسمها: صيقل أو سوسن، وقيل: نرجس، وقيل: حكيمة، وذلك الإمام ذو الاحترام متوافق في الكنية والاسم مع خير الأنام (عليه وآله تُحَف الصلاة والسلام)، ويُلقَّب بالمهدي المنتظر، والخلف الصالح، وصاحب الزمان، وكان عمره عند وفاة أبيه الأعظم على أقرب الروايات إلى الصحَّة خمس سنين، وروي سنتان، وأعطاه الله الحكمة والكرامة في حال الطفوليَّة مثل يحيى بن زكريّا (سلام الله عليهما)، وأوصله في وقت الصبا إلى مرتبة الإمامة الرفيعة، وغاب في سرداب سُرَّ من رأى سنة مائتين وخمس وستِّين أو ستّ وستِّين على اختلاف القولين، في زمان الخليفة المعتمد)، ثمّ ختم كلامه بأبيات فارسيَّة في خطاب المهدي (عليه السلام) وطلب ظهوره(٥١٢).
[الحافظ محمّد بن محمّد البخاري في كتابه فصل الخطاب]:
التاسع: الحافظ محمّد بن محمّد بن محمود البخاري المعروف بخواجه بارسا الحنفي في (فصل الخطاب).
عن الكفوي في (أعلام الأخيار) أنَّه قال في حقِّه: (قرأ العلوم على علماء عصره، وكان مقدَّماً على أقرانه، وحصَّل الفروع والأُصول، وبرع في المعقول والمنقول، وكان شابًّا قد أخذ الفقه عن قدوة بقيَّة أعلام الهدى الشيخ الإمام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥١١) تاريخ الخميس (ص ٣/ مقدّمة الكتاب).
(٥١٢) انظر: إلزام الناصب (ج ١/ ص ٢٩٥).

↑صفحة ١٥٦

العارف الربّاني أبي طاهر محمّد بن عليِّ بن الحسن الظاهري...)، ثمّ ذكر سلسلة مشايخه في الفقه، وأنَّه أخذ من صدر الشريعة وأنهاها إلى الإمام الأعظم أبي حنيفة، قال: (وهو أعزُّ خلفاء الشيخ الكبير خواجة بهاء الدِّين نقشبند...) الخ(٥١٣).
وقال صاحب (الشقائق النعمانيَّة في علماء الدولة العثمانيَّة) بعد ذكر الطريقة النقشبنديَّة، وأنَّها تنتهي إلى الشيخ العارف بالله خواجة بهاء الدِّين النقشبندي، وذكر جملة من مناقبه ومحاسن طريقته ما لفظه:
(ومن جملة مشايخ هذه الطريقة الشيخ العارف بالله تعالى خواجة محمّد بارسا البخاري، وهو من جملة أصحاب خواجة بهاء الدِّين المذكور، وقال شيخه له بمحضر من أصحابه: الأمانة التي وصلت إليَّ من مشايخ طريقتنا هذه، وجميع ما اكتسبته في هذه الطريقة سلَّمتها كلَّها إليك، فقبل خواجة محمّد بارسا. وقال شيخه في آخر حياته في غيبته: المقصود من ظهوري وجوده، وربَّيته بطريق الجذبة والسلوك، فلو اشتغل بذلك لتنوَّر منه العالم. ووهب له شيخه صفة الروح في وقت وقصَّته مشهورة، ووهب له أيضاً في وقت آخر بركة النفس، وكان مظهراً لمضمون قوله (عليه السلام): «إنَّ من عباد الله تعالى من لو أقسم على الله لأبرَّه»(٥١٤)، ولقَّنه الذكر الخفيَّ، وأذن له في تعليم آداب الطريقة للطالبين...)، ثمّ قال: (إنَّه مرَّ في طريقه للحجِّ بصغانيان وترمذ وبلخ وهرات وزار المزارات كلَّها، وأكرمه علماء تلك البلاد ومشايخها وعظَّموه غاية التعظيم ورأوا مشاهدته وخدمته غنيمة عظيمة)، ثمّ ذكر أنَّه تُوفّي بالمدينة المنوَّرة، وصلّى عليه المولى شمس الدِّين الفناري، ودُفِنَ بجوار قبر عبّاس (رضي الله عنه)(٥١٥).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥١٣) انظر: كشف الأستار (ص ٥٧).
(٥١٤) صحيح البخاري (ج ٣/ ص ١٦٩).
(٥١٥) الشقائق النعمانيَّة (ص ١٥٥).

↑صفحة ١٥٧

أمَّا كتابه (فصل الخطاب) فهو كتاب معروف مشهور ذكره في (كشف الظنون) فقال: (فصل الخطاب في المحاضرات للحافظ الزاهد محمّد بن محمّد الحافظي من أولاد عبيد الله النقشبندي البخاري المعروف بخواجة بارسا المتوفّى بالمدينة المنوَّرة سنة (٨٢٢)، وترجمته لأبي الفضل موسى بن الحاجّ حسين الأزنبقي وأمير پادشاه محمّد البخاري نزيل مكَّة(٥١٦))(٥١٧).
قال في (فصل الخطاب) على ما حُكي عنه ما لفظه: (ولمَّا زعم أبو عبد الله جعفر بن أبي الحسن عليٍّ الهادي (رضي الله عنه) أنَّه لا ولد لأخيه أبي محمّد الحسن العسكري (رضي الله عنه)، وادَّعى أنَّ أخاه الحسن العسكري (رضي الله عنه) جعل الإمامة فيه سُمّي الكذّاب، وهو معروف بذلك، وأبو محمّد الحسن العسكري ولده محمّد (رضي الله عنهما) معلوم عند خاصَّة أصحابه وثقات أهله.
ويُروى: أنَّ حكيمة بنت أبي جعفر محمّد الجواد عمَّة أبي محمّد الحسن العسكري كانت تُحِبُّه وتدعو له وتتضرَّع إلى الله أنْ ترى له ولداً، وكان أبو محمّد الحسن العسكري اصطفى جارية يقال لها: نرجس، فلمَّا كان ليلة النصف من شعبان سنة (٢٥٥) دخلت حكيمة عند الحسن العسكري، فقال لها: «يا عمَّة، كوني الليلة عندنا لأمر»، فأقامت كما رسم، فلمَّا كان وقت الفجر اضطربت نرجس، فقامت إليها حكيمة، فوضعت نرجس المولود المبارك، فلمَّا رأته حكيمة أتت به أبا محمّد الحسن العسكري (رضي الله عنه) وهو مختون مفروغ منه، فأخذه وأمرَّ يده على ظهره وعينيه، وأدخل لسانه في فمه، وأذَّن في أُذُنه اليمنى وأقام في الأُخرى، ثمّ قال: «يا عمَّة، اذهبي به إلى أُمِّه»، فذهبت به وردَّته إلى أُمِّه، قالت حكيمة: ثمّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥١٦) كذا؛ وفي المصدر: (وترجمته لأبي الفضل موسى بن الحاجّ حسين الأزنيقي بإشارة أمور بك ابن تيمورتاش پاشا، وتعريب فصل الخطاب لأمير پادشاه محمّد البخاري نزيل مكَّة).
(٥١٧) كشف الظنون (ج ٢/ ص ١٢٦٠).

↑صفحة ١٥٨

جئت من بيتي إلى أبي محمّد الحسن العسكري (رضي الله عنه)، فإذا المولود بين يديه في ثياب صفر وعليه من البهاء والنور ما أخذ بمجامع قلبي، فقلت: سيِّدي، هل عندك من علم في هذا المولود المبارك فتُلقيه إليَّ؟ فقال: «أي عمَّة، هذا المنتظر، هذا الذي بُشِّرنا به»، قالت حكيمة: فخررت له تعالى ساجدة شكراً على ذلك، قالت: ثمّ كنت أتردَّد إلى أبي محمّد الحسن العسكري فلا أرى المولود، فقلت له يوماً: يا مولاي، ما فعل سيِّدنا ومنتظرنا؟ قال: «استودعناه الذي استودعته أُمُّ موسى (عليه السلام) ابنها».
وذكر في حاشية الكتاب كما حُكي عنه حكاية المعتضد العبّاسي المتقدِّم نقلها عن الجامي في (شواهد النبوة)(٥١٨)، وبعض علامات قيام المهدي (عليه السلام)...، إلى أنْ قال: (والأخبار في ذلك أكثر من أنْ تُحصى، ومناقب المهدي (رضي الله عنه) صاحب الزمان الغائب عن الأعيان الموجود في كلِّ زمان كثيرة، وقد تظاهرت الأخبار على ظهوره وإشراق نوره، يُجدِّد الشريعة المحمّديَّة، ويجاهد في الله حقَّ جهاده، ويُطهِّر من الأدناس أقطار بلاده، زمانه زمان المتَّقين، وأصحابه خلصوا من الريب، وسلموا من العيب، وأخذوا بهديه وطريقه، واهتدوا من الحقِّ إلى تحقيقه، به خُتِمَت الخلافة والإمامة، وهو الإمام من لدن مات أبوه إلى يوم القيامة، وعيسى (عليه السلام) يُصلّي خلفه، ويُصدِّقه على دعواه، ويدعو إلى ملَّته التي هو عليها، والنبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صاحب الملَّة)(٥١٩).
[العارف عبد الرحمن في كتابه مرآة الأسرار]:
العاشر: العارف عبد الرحمن من مشايخ الصوفيَّة في (مرآة الأسرار)، وهو الذي ينقل عنه الشاه وليُّ الله الهندي الدهلوي والد الشاه صاحب عبد العزيز

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥١٨) تقدَّمت في (ص ١٥٢)، فراجع.
(٥١٩) انظر: كشف الأستار (ص ٥٧ - ٥٩).

↑صفحة ١٥٩

صاحب (التحفة الاثني عشريَّة) وكتاب (الانتباه [في سلاسل أولياء الله وأسانيد وارثي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)](٥٢٠)) على ما قيل(٥٢١).
قال في كتاب (مرآة الأسرار) على ما حُكي عنه ما ترجمته: (ذكر من هو شمس الدِّين والدولة، وهادي جميع الملَّة، القائم في المقام المطهَّر الأحمدي الإمام بالحقِّ أبو القاسم محمّد بن الحسن المهدي (رضي الله عنه)، وهو الإمام الثاني عشر من أئمَّة أهل البيت، أُمُّه أُمُّ ولد اسمها: نرجس، ولادته ليلة الجمعة خامس عشر شهر شعبان سنة (٢٥٥)، وعلى رواية (شواهد النبوَّة) في الثالث والعشرين من شهر رمضان سنة (٢٥٨) في سُرَّ من رأى المعروفة بسامرة، وهذا الإمام الثاني عشر موافق في الكنية والاسم لحضرة ملجأ الرسالة (عليه السلام).
ألقابه الشريفة: المهدي، والحجَّة، والقائم، والمنتظر، وصاحب الزمان، وخاتم الاثني عشر.
وكان عمره حين وفاة والده الإمام حسن العسكري (عليه السلام) خمس سنين، وجلس على مسند الامامة، وكما أعطى الحقُّ تعالى يحيى بن زكريّا (عليهما السلام) الحكمة والكرامة في حال الطفوليَّة وأوصل عيسى بن مريم إلى المرتبة العالية في زمن الصبا، كذلك هو في صغر السنِّ جعله الله إماماً، وخوارق العادات الظاهرة له ليست قليلة بحيث يسعها هذا المختصر.
وروى ملا عبد الرحمن الجامي عن حكيمة أُخت الإمام عليٍّ النقي...) وذكر ما تقدَّم عن (شواهد النبوَّة)(٥٢٢)، ثمّ حكى عن محيي الدِّين بن العربي في الباب الثلاثمائة وثمانية وستِّين من (الفتوحات المكّيَّة) ما تقدَّم نقله(٥٢٣)، وقال: (إنَّه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٢٠) ما بين المعقوفتين من كتاب (البرهان على وجود صاحب الزمان (عجَّل الله فرجه)) للمؤلِّف (رحمه الله).
(٥٢١) انظر: نفحات الأزهار (ج ١٠/ ص ٢٦٨ و٢٦٩/ الرقم ١١٦).
(٥٢٢) تقدَّم في (ص ١٥١)، فراجع.
(٥٢٣) تقدَّم في (ص ١٤٧)، فراجع.

↑صفحة ١٦٠

بين في ذلك المحلِّ من الكتاب المذكور أحوال الإمام المهدي (عليه السلام) مفصَّلة، فمن أرادها فليطالعها هناك)، ثمّ قال: (وذكر مولانا عبد الرحمن الجامي الصوفي المشرب الشافعي المذهب تمام أحوال الإمام محمّد بن الحسن العسكري وكمالاته وكيفيَّة ولادته واختفائه مفصَّلة في كتاب (شواهد النبوَّة) على الوجه الأكمل مرويَّة عن أئمَّة أهل بيت العترة وأرباب السيرة).
قال: (وذكر صاحب كتاب (المقصد الأقصى) أنَّ حضرة الشيخ سعد الدِّين الحموي خليفة نجم الدِّين صنَّف كتاباً في حقِّ الإمام المهدي، وذكر أشياء كثيرة في حقِّه بحيث لا يمكن لأحد الإتيان بمثل ما أتى به من الأقوال والتصرُّفات).
قال: (وحيث يظهر المهدي يجعل الولاية المطلقة ظاهرة بلا خفاء، ويرفع اختلاف المذاهب والظلم وسوء الأخلاق، حيث وردت أوصافه الحميدة في الأحاديث النبويَّة أنَّه في آخر الزمان يظهر ظهوراً تامًّا، ويُطهِّر تمام الربع المسكون من الظلم والجور، ويُظهِر مذهب واحد. وبوجه الاجمال إذا كان الدجّال القبيح الأفعال قد وُجِدَ وظهر وبقي حيًّا مخفيًّا، وكذلك عيسى (عليه السلام) وُجِدَ واختفى عن الخلق، فابن رسول الله إذا اختفى عن نظر العوامِّ وظهر جهاراً في وقته المعيَّن له بمقتضى التقدير الإلهي مثل عيسى والدجّال، فليس ذلك بعجيب من أقوال جماعة من الأكابر وأئمَّة أهل بيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وإنكار ذلك من باب التعصُّب ليس فيه كثير ضرر)(٥٢٤) انتهى.
[الشيخ حسن العراقي]:
الحادي عشر: الشيخ حسن العراقي، قال الشعراني في الطبقات الكبرى المسماة بـ(لواقح الأنوار في طبقات الأخيار) في الجزء الثاني منه:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٢٤) انظر: كشف الأستار (ص ٨١ - ٨٣).

↑صفحة ١٦١

(ومنهم العارف بالله سيِّدي حسن العراقي (رحمه الله تعالى) المدفون بالكوم خارج باب الشريعة بالقرب من بركة الرطلي وجامع البشري، تردَّدت إليه مع سيِّدي أبي العبّاس الحريثي، وقال: أُريد أنْ أحكي لك حكايتي من مبتدأ أمري إلى وقتي هذا كأنَّك كنت رفيقي من الصِغَر.
كنت شابًّا من دمشق، وكنت صانعاً، وكنّا نجتمع يوماً في الجمعة على اللهو واللعب والخمر، فجاء إليَّ التنبيه من الله تعالى يوماً: ألهذا خُلِقْتَ؟ فتركت ما هم فيه وهربت منهم، فتبعوا ورائي فلم يُدركوني، فدخلت جامع بني أُميَّة، فوجدت شخصاً يتكلَّم على الكرسي في شأن المهدي (عليه السلام)، فاشتقت إلى لقائه، فصرت لا أسجد سجدة إلَّا وسألت الله تعالى أنْ يجمعني عليه، فبينما أنا ليلة بعد صلاة المغرب أُصلي صلاة السُّنَّة إذا بشخص جلس خلفي وحسَّ على كتفي وقال لي: «قد استجاب الله دعاءك يا ولدي، ما لك؟ أنا المهدي»، فقلت: تذهب معي إلى الدار، فذهب، وقال: «اخل لي مكاناً أتفرَّد فيه»، فأخليت له مكاناً، فأقام عندي سبعة أيّام بلياليها، ولقَّنني الذكر وقال: «أُعلِّمك وردي تدوم عليه إنْ شاء الله تعالى، تصوم يوماً وتفطر يوماً، وتُصلّي كلَّ ليلة خمسمائة ركعة»، وكنت شابًّا أمرد حسن الصورة، فكان يقول: «لا تجلس قطُّ إلَّا ورائي»، وكانت عمامته كعمامة العجم وعليه جُبَّة من وبر الجمال، فلمَّا انقضت السبعة أيّام خرج فودَّعته وقال لي: «يا حسن، ما وقع لي قطُّ مع أحد ما وقع معك، فدم على وردك حتَّى تعجز، فإنَّك تُعمِّر عمراً طويلاً»(٥٢٥).
وقد تقدَّم قول الشعراني أنَّ حسن العراقي أخبره أنَّه سأل المهدي عن عمره لمَّا اجتمع به، وأنَّ عليًّا الخوّاص وافقه على عمر المهدي(٥٢٦).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٢٥) لواقح الأنوار (ج ٢/ ص ٢٤٩ - ٢٥١/ الرقم ٢٥).
(٥٢٦) تقدَّم في (ص ١٥٥)، فراجع.

↑صفحة ١٦٢

وبالغ الشعراني في (طبقاته) في الثناء على عليٍّ الخوّاص وتعداد مناقبه، حتَّى إنَّه قال: (إنَّه كان أُمّيًّا، وكان يتكلَّم على معاني الكتاب والسُّنَّة كلاماً تحيَّر فيه العلماء، وكان محلَّ كشفه اللوح المحفوظ عن المحو والإثبات، فإذا قال قولاً لا بدَّ أنْ يقع على الصفة التي قال، بل كان يُخبِر الشيخ(٥٢٧) بواقعته التي أتى لأجلها قبل أنْ يتكلَّم...)(٥٢٨) إلى غير ذلك.
تنبيه:
و(٥٢٩) إنّا وإنْ كنّا لا نعلم صحَّة جميع ما ادُّعي من مشاهدة بعض مشايخ الصوفية لصاحب الزمان (عليه السلام)، بل نعلم أنَّ بعض ما ادَّعوه من ذلك هو من جملة خرافاتهم وتمويهاتهم، إلَّا أنّا أوردنا ذلك حجَّةً على من يستنكر ويستبعد وجود صاحب الزمان (عليه السلام) وغيبته، بل ينسب الإماميَّة في اعتقادهم ذلك إلى الحمق، حتَّى قال بعضهم: إنَّهم عارٌّ على بني آدم(٥٣٠)، وقال آخر: إنَّ من أوصى إلى أحمق الناس صُرِفَ إلى من يقول بغيبة المهدي(٥٣١)، ومع ذلك لا يستنكر ولا يستعظم أنْ يكون الشيخ عليٌّ الخوّاص وهو أُمّي ينكشف له اللوح المحفوظ عن المحو والإثبات ويُخبِر بما في النفوس ويطَّلع على الغيب، والشيخ محيي الدِّين بن العربي يجتمع بالأنبياء والمرسَلين في مكَّة المكرَّمة ويخاطبهم ويخاطبونه، ويطوف بالكعبة وتطوف به حقيقةً، وتتكلَّم ابنته في المهد، كما حكى ذلك كلَّه الشعراني في (اليواقيت والجواهر) عن (الفتوحات)(٥٣٢)، ويعتقد لأمثال هؤلاء أعظم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٢٧) كذا؛ وفي المصدر: (الشخص).
(٥٢٨) لواقح الأنوار (ج ٢/ ص ٢٦٦/ الرقم ٦٣).
(٥٢٩) كذا؛ والظاهر أنَّ الواو زائدة.
(٥٣٠) المنار المنيف (ص ١٥٣).
(٥٣١) روضة الطالبين (ج ٥/ ص ١٥٧).
(٥٣٢) تقدَّم تخريجه في (ص ١٥٣)، فراجع.

↑صفحة ١٦٣

الكرامات، ومع ذلك فهو ينسب الإماميَّة إلى الحمق باعتقاد ما يعتقده هؤلاء ويُخبِرون به عن أنفسهم من وجود صاحب الزمان والاجتماع به، ليس هذا بإنصاف.
[أحمد بن إبراهيم البلاذري في الحديث المسلسل]:
الثاني عشر: أبو محمّد أحمد بن إبراهيم البلاذري في (الحديث المسلسل)، عن السمعاني في (الأنساب الكبير) أنَّ المشهور بهذا الانتساب أبو محمّد أحمد بن إبراهيم بن هاشم الطوسي البلاذري الحافظ، كان حافظاً فهماً عارفاً بالحديث، ثمّ عدَّد جماعة ممَّن سمع منهم، ثمّ قال: (وأبو محمّد الواعظ الطوسي المذكور كان واحد عصره في الحفظ والوعظ، ومن أحسن الناس عِشرةً وأكثرهم فائدةً...)، إلى أنْ قال: (وكان أبو عليٍّ الحافظ ومشايخنا يحضرون مجالسه ويفرحون بما يذكره على الملأ من الأسانيد، ولم أرَهم غمزوه قطُّ في إسناد أو اسم أو حديث، وكتب بمكَّة عن إمام أهل البيت (عليهم السلام) أبي محمّد الحسن بن عليِّ بن محمّد بن عليِّ بن موسى الرضا (عليهم السلام)...)، إلى أنْ قال: (قال الحاكم: استشهد بالطاهران(٥٣٣) سنة (٣٣٩))(٥٣٤) انتهى.
والبلاذري المذكور روى حديثاً عن المهدي (عليه السلام) مشافهةً من جملة الأحاديث المسلسلة، والمسلسل هو ما تتابع فيه رجال الإسناد على صفة أو حالة واحدة، وهذا الحديث ذكره الشاه وليُّ الله الدهلوي والد عبد العزيز المعروف بـ(شاه صاحب) مؤلِّف (التحفة الاثني عشريَّة في الردِّ على الإماميَّة) الذي وصفه ولده المذكور على ما حُكي عنه بخاتم العارفين، وقاصم المخالفين، سيِّد المحدِّثين، سند المتكلِّمين، المشهور بالفضل المبين، حجَّة الله على العالمين... الخ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٣٣) في المصدر: (استشهد بالطابران).
(٥٣٤) الأنساب (ج ١/ ص ٤٢٣).

↑صفحة ١٦٤

قال الشاه وليٌّ المذكور في كتاب (النزهة) على ما حُكي عنه: (إنَّ الوالد روى في كتاب (المسلسلات): قلت: شافهني ابن عقلة بإجازة جميع ما يجوز له روايته، ووجدت في مسلسلاته حديثاً مسلسلاً بانفراد كلِّ راوٍ من رواته بصفة عظيمة تفرَّد بها.
قال (رحمه الله): أخبرني فريد عصره الشيخ حسن بن عليٍّ العجمي، أخبرنا حافظ عصره جمال الدِّين الباهلي، أنا مسند وقته محمّد الحجازي الواعظ، أنا صوفي زمانه الشيخ عبد الوهّاب الشعراني، أنا مجتهد عصره الجلال السيوطي، أنا حافظ عصره أبو نعيم رضوان العقبي، أنا مقري زمانه الشمس محمّد بن الجزري، أنا الإمام جمال الدِّين محمّد بن محمّد الجمال زاهد عصره، أنا الإمام محمّد بن مسعود محدِّث بلاد فارس في زمانه، أنا شيخنا إسماعيل بن مظفَّر الشيرازي عالم وقته، أنا عبد السلام بن أبي الربيع الحنفي محدِّث زمانه، أنا أبو بكر عبد الله بن محمّد بن شابور القلانسي شيخ عصره، أنا عبد العزيز، أنا محمّد الآدمي إمام أوانه، أنا سليمان بن إبراهيم بن محمّد بن سليمان نادرة عصره، أنا أحمد بن محمّد(٥٣٥) بن هاشم البلاذري حافظ زمانه، أنا محمّد بن الحسن ابن عليٍّ المحجوب إمام عصره، أنا الحسن بن عليٍّ، عن أبيه، عن جدِّه، عن أبي جدِّه عليِّ بن موسى الرضا (عليهم السلام)، أنا موسى الكاظم، أنا أبي جعفر الصادق، أنا أبي محمّد الباقر، أنا أبي عليُّ بن الحسين زين العابدين السجّاد، أنا أبي الحسينُ سيِّد الشهداء، أنا أبي عليُّ بن أبي طالب سيِّد الأولياء، أخبرنا سيِّد الأنبياء محمّد بن عبد الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أخبرني جبرئيل سيِّد الملائكة، قال: قال الله تعالى سيِّد السادات: «إني أنا الله لا إله إلَّا أنا، من أقرَّ لي بالتوحيد دخل حصني، ومن دخل حصني أمن عذابي».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٣٥) لعلَّ صوابه أبو محمّد، لما عرفت من أنَّه أحمد بن إبراهيم بن هاشم، ويُكنّى أبا محمّد.

↑صفحة ١٦٥

قال الشمس ابن الجزري - أحد سلسلة السند -: (كذا وقع هذا الحديث من المسلسلات السعيدة، والعهدة فيه على البلاذري)(٥٣٦).
وعن الشاه وليٍّ المذكور أيضاً في رسالة (النوادر من حديث سيِّد الأوائل والأواخر)، ما لفظه: (حديث محمّد بن الحسن الذي يعتقد الشيعة أنَّه المهدي عن آبائه الكرام وُجِدَ في مسلسلات الشيخ محمّد بن عقلة المكّي عن الحسن العجيمي)(٥٣٧).
وفي تاريخ الجبرتي في حوادث ذي الحجَّة سنة (١٢١٥) في ترجمة الشيخ عبد العليم المالكي: (إنَّه سمع على الشيخ عليٍّ الصعيدي جملة من الصحيح والموطأ والشمائل والجامع الصغير ومسلسلات ابن عقلة(٥٣٨))(٥٣٩) انتهى.
ممَّا دلَّ على أنَّ كتاب مسلسلات ابن عقلة الذي فيه الحديث المذكور من الكُتُب المشهورة.
[ابن الخشّاب في تواريخ مواليد الأئمَّة ووفياتهم]:
الثالث عشر: أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن محمّد بن الخشّاب المعروف بابن الخشّاب في كتاب (تواريخ مواليد الأئمَّة ووفياتهم).
وابن الخشّاب عالم مشهور، قال ابن خلِّكان: (إنَّه العالم المشهور في الأدب والنحو والتفسير والحديث والنسب والفرائض والحساب وحفظ القرآن العزيز بالقراءات الكثيرة)، قال: (وكان متضلِّعاً من العلوم، وله فيها اليد الطولى)(٥٤٠).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٣٦) انظر: النجم الثاقب (ج ١/ ص ٤٠٢ - ٤٠٤).
(٥٣٧) المصدر السابق.
(٥٣٨) في المصدر: (ابن عقيلة).
(٥٣٩) تاريخ الجبرتي (ج ٢/ ص ٣٥٥).
(٥٤٠) وفيات الأعيان (ج ٣/ ص ٩٨/ الرقم ٣٥٠).

↑صفحة ١٦٦

وبالغ السيوطي في (طبقات النحاة) في الثناء عليه، وقال: (كان ثقةً في الحديث صدوقاً نبيلاً حجَّةً)(٥٤١).
وكتابه المذكور معروف مشهور ينقل عنه مشاهير العلماء، روى فيه بسنده عن الرضا (عليه السلام): «الخلف الصالح من ولد أبي محمّد الحسن بن عليٍّ، وهو صاحب الزمان، وهو المهدي».
وبسنده عن جعفر بن محمّد (عليه السلام): «الخلف الصالح من ولدي هو المهدي، اسمه محمّد وكنيته أبو القاسم، يخرج في آخر الزمان، يقال لأُمِّه: صيقل».
(قال لنا أبو بكر الدارع: وفي رواية أُخرى: بل أُمُّه حكيمة، وفي رواية ثالثة: نرجس، ويقال: بل سوسن. [وروى بسنده عن بعض أصحاب التاريخ أنَّ أُمَّ المنتظر يقال لها: حكيمة(٥٤٢)](٥٤٣)، والله أعلم بذلك).
قال: (وهو ذو الاسمين: الخلف ومحمّد، يظهر في آخر الزمان، على رأسه غمامة تظلُّه من الشمس تدور معه حيثما دار، تنادي بصوت فصيح: هذا هو المهدي)(٥٤٤).
والقائلون بوجود المهدي (عليه السلام) من علماء أهل السُّنَّة كثيرون، وفيما ذكرناه منهم كفاية، ومن أراد الاستقصاء فليرجع إلى كتابنا (البرهان على وجود صاحب الزمان)، ورسالة (كشف الأستار) للفاضل المعاصر النوري (رحمه الله)(٥٤٥).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٤١) بغية الوعاة (ج ٢/ ص ٢٩ و٣٠/ الرقم ١٣٥٣).
(٥٤٢) كأنَّ القول بأنَّ اسمها حكيمة اشتباه نشأ من اسم حكيمة عمَّة العسكري (عليه السلام) التي حضرت ولادة المهدي (عليه السلام).
(٥٤٣) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٥٤٤) تاريخ مواليد الأئمَّة (ص ٤٤ - ٤٦).
(٥٤٥) راجع: البرهان على وجود صاحب الزمان (عجَّل الله فرجه) (ص ٩٩-١٥٥)؛ كشف الأستار (ص ٤٠-٩٦).

↑صفحة ١٦٧

في من رأى المهدي (عليه السلام)

الكليني: عن عليِّ بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر وكان أسنُّ شيخ من ولد رسول الله [(صلّى الله عليه وآله وسلّم)](٥٤٦) بالعراق، فقال: رأيته بين المسجدين وهو غلام(٥٤٧).
وفي رواية المفيد عن الكليني: رأيت ابن الحسن بن عليِّ بن محمّد(٥٤٨).
قال المجلسي: (لعلَّ المراد بالمسجدين مسجدا مكَّة والمدينة)(٥٤٩).
أقول: ويحتمل قريباً باعتبار أنَّ الراوي عراقي أنَّ المراد بهما مسجدا الكوفة والسهلة، ولو أُريد ما قاله المجلسي لكان الأنسب في التعبير أنْ يقال: بين مكَّة والمدينة، كما هو المتعارف.
وروى الكليني بسنده عن حكيمة بنت محمّد بن عليٍّ - وهي عمَّة الحسن العسكري - أنَّها رأته(٥٥٠).
وفي رواية المفيد: رأت القائم ليلة مولده وبعد ذلك(٥٥١).
وعن عليِّ بن محمّد، عن فتح مولى الزراري: سمعت أبا عليٍّ بن مطهَّر يذكر أنَّه قد رآه، ووصف له قدَّه(٥٥٢).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٤٦) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٥٤٧) الكافي (ج ١/ ص ٣٧٨/ باب في تسمية من رآه (عليه السلام)/ ح ٢).
(٥٤٨) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٥١).
(٥٤٩) بحار الأنوار (ج ٥٢/ ص ١٥/ ذيل الحديث ٨).
(٥٥٠) الكافي (ج ١/ ص ٣٧٨ و٣٧٩/ باب في تسمية من رآه (عليه السلام)/ ح ٣).
(٥٥١) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٥١).
(٥٥٢) الكافي (ج ١/ ص ٣٧٩/ باب في تسمية من رآه (عليه السلام)/ ح ٥).

↑صفحة ١٦٩

وبسنده عن خادم(٥٥٣) لإبراهيم بن عبيدة النيسابوري، قالت: كنت واقفة مع إبراهيم على الصفا، فجاء (عليه السلام)(٥٥٤).
وفي رواية المفيد: فجاء صاحب الأمر(٥٥٥).
وفي رواية الشيخ في كتاب (الغيبة): فجاء غلام حتَّى وقف معه وقبض على كتاب مناسكه وحدَّثه بأشياء(٥٥٦).
وبسنده عن أبي عبد الله بن صالح أنَّه رآه بحذاء(٥٥٧) الحجر والناس يتجاذبون(٥٥٨) عليه وهو يقول: «ما بهذا أُمروا(٥٥٩)»(٥٦٠).
وبسنده عن أحمد بن إبراهيم بن إدريس، عن أبيه أنَّه قال: رأيته [(عليه السلام)](٥٦١) بعد مضي أبي محمّد حين أيفع(٥٦٢) وقبَّلت يديه (يده خ ل) ورأسه(٥٦٣).
وبسنده عن عمرو الأهوازي، قال: أرانيه أبو محمّد [(عليه السلام)](٥٦٤)، وقال: «هذا صاحبكم»(٥٦٥).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٥٣) الخادم يُطلَق على المذكَّر والمؤنَّث، والمراد هنا المؤنَّث. وفي إرشاد المفيد: (خادمة).
(٥٥٤) الكافي (ج ١/ ص ٣٧٩/ باب في تسمية من رآه (عليه السلام)/ ح ٦).
(٥٥٥) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٥٢).
(٥٥٦) الغيبة للطوسي (ص ٢٩٦/ ح ٢٣١).
(٥٥٧) في المصدر: (عند).
(٥٥٨) يجذب بعضهم بعضاً ويدفعه لأجل الوصول إلى الحجر الأسود.
(٥٥٩) أي لم يُؤمَروا بالمجاذبة والتدافع، بل بأنْ يكونوا على سكينة ووقار.
(٥٦٠) الكافي (ج ٢/ ص ٣٧٩/ باب في تسمية من رآه (عليه السلام)/ ح ٧).
(٥٦١) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٥٦٢) أيفع الغلام فهو يافع: شارف البلوغ.
(٥٦٣) الكافي (ج ٢/ ص ٣٧٩/ باب تسمية من رآه (عليه السلام)/ ح ٨).
(٥٦٤) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٥٦٥) الكافي (ج ٢/ ص ٣٨٠/ باب تسمية من رآه (عليه السلام)/ ح ١٢).

↑صفحة ١٧٠

وبسنده عن أبي نصر ظريف الخادم أنَّه رآه(٥٦٦).
وبسنده عن ضوء، عن رجل من أهل فارس سمّاه أنَّ أبا محمّد أراه إيّاه(٥٦٧).
وروى الصدوق في (إكمال الدِّين) بسنده عن يعقوب بن منفوس(٥٦٨)، قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليٍّ (عليه السلام) وهو جالس على دُكّان في الدار وعن يمينه بيت عليه ستر مسبل، فقلت له: [يا](٥٦٩) سيِّدي، من صاحب هذا الأمر؟ فقال: «ارفع الستر»، فرفعته، فخرج إلينا غلام خماسي(٥٧٠) له عشر أو ثمان(٥٧١) أو نحو ذلك، واضح الجبين، أبيض الوجه، دُرّي المقلتين، شثن الكفَّين معطوف الركبتين(٥٧٢)، في خدِّه الأيمن خال، وفي رأسه ذؤابة، فجلس على فخذ أبي محمّد [(عليه السلام)](٥٧٣)، فقال: «هذا صاحبكم»، ثمّ وثب فقال له: «يا بنيَّ، ادخل إلى الوقت المعلوم»، فدخل البيت وأنا أنظر إليه، ثمّ قال لي: «يا يعقوب، انظر من في البيت؟»، فنظرت(٥٧٤)، فما رأيت أحداً(٥٧٥).
وبسنده عن الكرخي، قال: سمعت أبا هارون - رجلاً من أصحابنا -

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٦٦) الكافي (ج ٢/ ص ٣٨٠/ باب تسمية من رآه (عليه السلام)/ ح ١٣).
(٥٦٧) الكافي (ج ٢/ ص ٣٨٠/ باب تسمية من رآه (عليه السلام)/ ح ١٤).
(٥٦٨) في المصدر: (منقوش).
(٥٦٩) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وقد جُعِلَ في المصدر بين المعقوفتين.
(٥٧٠) أي طوله نحو خمسة أشبار.
(٥٧١) أي من يراه يظنُّه ابن عشر سنين أو ثمان سنين، فلا ينافي ما مرَّ [في (ص ١٥)] من أنَّ سنَّه كان يوم وفاة أبيه خمس سنين.
(٥٧٢) قيل: معناه أنَّهما مائلتان إلى القُدّام لعظمهما.
(٥٧٣) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٥٧٤) في المصدر: (فدخلت).
(٥٧٥) كمال الدِّين (ص ٤٣٧/ باب ٣٨/ ح ٢).

↑صفحة ١٧١

يقول: رأيت صاحب الزمان (عليه السلام) ووجهه يضيء كأنَّه القمر ليلة البدر، ورأيت على سُرَّته شعراً يجري كالخطِّ... الحديث(٥٧٦).
وبسنده عن جماعة منهم محمّد بن عثمان العمري، قالوا: عرض علينا أبو محمّد الحسن بن عليٍّ ابنه (عليهما السلام) ونحن في منزله وكنّا أربعين رجلاً، فقال: «هذا إمامكم من بعدي، وخليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرَّقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم، أمَا إنَّكم لا ترونه بعد يومكم هذا»، [قالوا: فخرجنا من عنده](٥٧٧)، فما مضت إلَّا أيّام قلائل حتَّى مضى أبو محمّد (عليه السلام)(٥٧٨).
قوله (عليه السلام): «لا ترونه» أي أكثركم، لوقوع الغيبة، فإنَّ الظاهر أنَّ العمري الذي هو أحد السفراء كان يراه.
وجاءت عدَّة روايات أنَّ الحميري سأله: هل رأيته؟
قال: نعم(٥٧٩).
وفي بعضها: آخر عهدي به عند بيت الله الحرام، وهو يقول: «اللَّهُمَّ أنجز لي ما وعدتني»(٥٨٠).
وفي بعضها: رأيته متعلِّقاً بأستار الكعبة في المستجار، وهو يقول: «اللَّهُمَّ انتقم من أعدائي(٥٨١)»(٥٨٢).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٧٦) كمال الدِّين (ص ٤٦٤ و٤٦٥/ باب ٤٣/ ح ١).
(٥٧٧) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٥٧٨) كمال الدِّين (ص ٤٦٥/ باب ٤٣/ ح ٢).
(٥٧٩) كمال الدِّين (ص ٤٦٥/ باب ٤٣/ ح ٣).
(٥٨٠) كمال الدِّين (ص ٤٧٠/ باب ٤٣/ ح ٩).
(٥٨١) مرَّ نقل هذه الرواية [في (ص ٣٣)] بلفظ: «اللَّهُمَّ انتقم بي من أعدائك»، ولعلَّه الأقرب إلى الصواب.
(٥٨٢) كمال الدِّين (ص ٤٧٠/ باب ٤٣/ ح ١٠).

↑صفحة ١٧٢

وبسنده عن محمّد بن أبي عبد الله الكوفي أنَّه ذكر عدد من انتهى إليه ممَّن وقف على معجزات صاحب الزمان (صلوات الله عليه) ورآه من الوكلاء ببغداد: العمري وابنه، وحاجز، والبلالي، والعطّار.
ومن الكوفة: العاصمي.
ومن الأهواز: محمّد بن إبراهيم بن مهزيار.
ومن أهل قم: أحمد بن إسحاق.
ومن أهل همدان: محمّد بن صالح.
ومن أهل الريِّ: البسّامي والأسدي - يعني نفسه -.
ومن أهل آذربيجان: القاسم بن العلاء.
ومن [أهل](٥٨٣) نيسابور: محمّد بن شاذان.
ومن غير الوكلاء من أهل بغداد: أبو القاسم بن أبي حابس، وأبو عبد الله الكندي، وأبو عبد الله الجنيدي، وهارون القزّاز، والنبلي(٥٨٤)، وأبو القاسم بن دميس، وأبو عبد الله بن فرّوخ، ومسرور الطبّاخ مولى ابن(٥٨٥) الحسن (عليه السلام)، وأحمد ومحمّد ابنا الحسن، وإسحاق الكاتب من [بني] نيبخت، وصاحب الفراء(٥٨٦)، وصاحب الصُّرَّة المختومة.
ومن همدان: محمّد بن كشمرد، وجعفر بن حمدان، ومحمّد بن هارون بن عمران.
ومن الدينور: حسن بن هارون، وأحمد بن أخيه، وأبو الحسن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٨٣) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي.
(٥٨٤) في المصدر: (والنيلي).
(٥٨٥) في المصدر: (أبي).
(٥٨٦) في المصدر: (النواء).

↑صفحة ١٧٣

ومن أصفهان: ابن بادشاله(٥٨٧).
ومن الصيمرة: زيدان.

ومن قم: الحسن بن نصر(٥٨٨)، ومحمّد بن محمّد، وعليُّ بن محمّد بن إسحاق وأبوه، والحسن بن يعقوب.
ومن أهل الريِّ: القاسم بن موسى وابنه، وأبو محمّد بن هارون، وصاحب الحصاة، وعليُّ بن محمّد، ومحمّد بن محمّد الكليني، وأبو جعفر الرفا.
ومن قزوين: مرداس، وعليُّ بن أحمد.
ومن قابس: رجلان.
ومن شهرزور: ابن الخال.
ومن فارس: المجروح(٥٨٩).
ومن مرو: صاحب الألف دينار، وصاحب المال والرقعة البيضاء، وأبو ثابت.
ومن نيسابور: محمّد بن شعيب بن صالح.
ومن اليمن: الفضل بن يزيد، والحسن ابنه، والجعفري، وابن الأعجمي، والشمشاطي.
ومن مصر: صاحب المولودين، وصاحب المال بمكَّة، وأبو رجاء.
ومن نصيبين: أبو محمّد بن الوجناء.
ومن الأهواز: الحصيني(٥٩٠).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٨٧) في المصدر: (باذشاله).
(٥٨٨) في المصدر: (النضر).
(٥٨٩) في المصدر: (المحروج).
(٥٩٠) كمال الدِّين (ص ٤٧٢ و٤٧٣/ باب ٤٣/ ح ١٦).

↑صفحة ١٧٤

وبسنده عن محمّد بن صالح مولى الرضا (عليه السلام)، قال: خرج صاحب الزمان على جعفر الكذّاب من موضع لم يعلم به عندما نازع في الميراث عند مضي أبي محمّد (عليه السلام)، فقال له: «يا جعفر، ما لك تعرض في حقوقي؟»، فتحيَّر جعفر وبهت، ثمّ غاب عنه، فطلبه جعفر بعد ذلك في الناس، فلم يرَه، فلمَّا ماتت الجدَّة أُمُّ الحسن أمرت أنْ تُدفَن في الدار، فنازعهم، وقال: هي داري لا تُدفَن فيها، فخرج (عليه السلام) فقال له: «يا جعفر، أدارك هي؟»، ثمّ غاب، فلم يُرَ(٥٩١) بعد ذلك(٥٩٢).
وذكر جميع من رآه يُؤدّي إلى التطويل، وفي هذا القدر كفاية، وهؤلاء الذين ذكرناهم كلُّهم ممَّن رآه في الغيبة الصغرى، وقد جاءت أحاديث دالَّة على عدم إمكان الرؤية في الغيبة الكبرى(٥٩٣)، وحُكيت رؤيته (عليه السلام) عن كثيرين في الغيبة الكبرى(٥٩٤)، ويمكن الجمع بحمل نفي الرؤية على رؤية من يدَّعي المشاهدة مع النيابة وإيصال الأخبار من جانبه على مثال السفراء، أو بغير ذلك.

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٩١) في المصدر: (يَرَه).
(٥٩٢) كمال الدِّين (ص ٤٧٢/ باب ٤٣/ ح ١٥).
(٥٩٣) إشارة إلى توقيعه (عجَّل الله فرجه) إلى عليِّ بن محمّد السمري، قال: «... وَسَيَأتِي شِيعَتِي مَنْ يَدَّعِي المُشَاهَدَةَ، ألَا فَمَن ادَّعَى المُشَاهَدَةَ قَبْلَ خُرُوج السُّفْيَانِيِّ وَالصَّيْحَةِ فَهُوَ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيم...»، وقد مرَّ في (ص ٣٧)، فراجع.
(٥٩٤) راجع: بحار الأنوار (ج ٥٢/ ص ١٥١/ باب من ادَّعى الرؤية في الغيبة الكبرى...).

↑صفحة ١٧٥

في علامات ظهور المهدي (عليه السلام) المرويَّة عن أئمَّة أهل البيت (عليهم السلام)

وقد رواها أصحابنا (رضوان الله عليهم) بأسانيدهم المتَّصلة، كالنعماني والشيخ الطوسي في كتابي (الغيبة)، والمفيد في (الإرشاد)، وغيرهم. ونحن نوردها بحذف الأسانيد قصداً للاختصار، أو نذكر حاصل الرواية ونسردها مفصَّلة مرتَّبة بحسب الإمكان تسهيلاً لتناولها ومعرفتها.
ثمّ إنَّ هذه العلامات منها بعيد مثل اختلاف بني العبّاس وزوال ملكهم وغير ذلك، ومنها قريب كخروج السفياني وطلوع الشمس من مغربها وغير ذلك، ومنها محتوم كما نُصَّ عليه في الروايات كالسفياني واليماني والصيحة من السماء وغير ذلك، ومنها غير محتوم.
قال المفيد بعد سرده لعلامات الظهور كما سيأتي: (ومن جملة هذه الأحداث محتومة، ومنها مشترطة)(٥٩٥).
أقول: ولعلَّ المراد بالمحتوم ما لا بدَّ من وقوعه ولا يمكن أنْ يلحقه البداء الذي هو إظهار بعد إخفاء لا ظهور بعد خفاء، والذي هو نسخ في التكوين كما أنَّ النسخ المعروف نسخ في التشريع، وبغير المحتوم أو المشترط ما يمكن أنْ يلحقه البداء والمحو والنسخ في التكوين ﴿يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ﴾ [الرعد: ٣٩]، فهو مشترط بعدم لحوق ذلك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٩٥) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٠).

↑صفحة ١٧٧

فأمَّا المحتوم فقد اختلفت الروايات في تعداده زيادةً ونقيصةً، ففي بعضها خمس علامات محتومات قبل قيام القائم (عليه السلام): السفياني، واليماني، والمنادي من السماء باسم المهدي، وخسف في البيداء، وقتل النفس الزكيَّة(٥٩٦).
وفي بعضها قال: «من المحتوم» وعدَّ المذكورات، إلَّا أنَّه قال بدل اليماني: «وكفٌّ تطلع من السماء» وعدَّ معها القائم(٥٩٧).
وفي بعضها قال: «من المحتوم» وعدَّ المذكورات أيضاً، إلَّا أنَّه ذكر طلوع الشمس من مغربها، واختلاف بني العبّاس في الدولة، بدل اليماني والخسف، وعدَّ معها قيام القائم من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)(٥٩٨).
قال النعماني في غيبته: (هذه العلامات التي ذكرها الأئمَّة (عليهم السلام) مع كثرتها واتِّصال الروايات بها وتواترها واتِّفاقها موجبة أنْ لا يظهر القائم (عليه السلام) إلَّا بعد مجيئها وكونها، إذ كانوا قد أخبروا أنَّه لا بدَّ منها، وهم الصادقون، حتَّى إنَّه قيل لهم: نرجو أنْ يكون ما نُؤمِّل من أمر القائم [(عليه السلام)](٥٩٩) ولا يكون قبله السفياني، فقالوا: «بلى، والله إنَّه لمن المحتوم الذي لا بدَّ منه». ثمّ حقَّقوا كون العلامات الخمس - أي اليماني والسفياني والنداء من السماء وخسف بالبيداء وقتل النفس الزكيَّة - التي [هم](٦٠٠) أعظم الدلائل على ظهور الحقِّ بعدها، كما أبطلوا أمر التوقيت وقالوا: «من روى لكم عنّا توقيتاً فلا تهابوا أنْ تُكذِّبوه كائناً ما(٦٠١) كان،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٩٦) راجع: كمال الدِّين (ص ٦٧٩/ باب ٥٧/ ح ١).
(٥٩٧) الغيبة للنعماني (ص ٢٦٥ و٢٦٦/ باب ١٤/ ح ١٥).
(٥٩٨) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧١ و٣٧٢).
(٥٩٩) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٦٠٠) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٦٠١) في المصدر: (من)؛ وهو الصحيح.

↑صفحة ١٧٨

فإنّا لا نُوقِّت»، وهذا من أعدل الشواهد على بطلان أمر كلِّ من ادَّعى ذلك(٦٠٢) قبل مجيء هذه العلامات)(٦٠٣) انتهى.
وقال المفيد في (الإرشاد): (قد جاءت الآثار بذكر علامات لزمان قيام القائم المهدي (عليه السلام) وحوادث تكون أمام قيامه وآيات ودلالات، فمنها: خروج السفياني، وقتل الحسني، واختلاف بني العبّاس في الملك [الدنياوي](٦٠٤)، وكسوف الشمس في النصف من شهر رمضان، وخسوف القمر في آخره على خلاف العادة، وخسف بالبيداء، وخسف بالمشرق(٦٠٥)، وخسف بالمغرب(٦٠٦)، وركود الشمس من عند الزوال إلى وسط أوقات العصر، وطلوعها من المغرب، وقتل نفس زكيَّة بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين، وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام، وهدم حائط مسجد الكوفة، وإقبال رايات سود من قِبَل خراسان، وخروج اليماني، وظهور المغربي بمصر وتملُّكه الشامات، ونزول الترك الجزيرة، ونزول الروم الرملة، وطلوع نجم بالمشرق يضيء كما يضيء القمر ثمّ ينعطف حتَّى يكاد يلتقي طرفاه، وحمرة تظهر في السماء وتنتشر في آفاقها، ونار تظهر بالمشرق طولاً وتبقى في الجوِّ ثلاثة أيّام أو سبعة أيّام، وخلع العرب أعنَّتها(٦٠٧) وتملُّكها البلاد وخروجها عن سلطان العجم، وقتل أهل مصر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٠٢) في المصدر: (كلّ من ادَّعى أو ادُّعي له مرتبة القائم ومنزلته وظهر قبل مجيء هذه العلامات).
(٦٠٣) الغيبة للنعماني (ص ٢٩١ و٢٩٢/ باب ١٤/ ذيل الحديث ٦٨).
(٦٠٤) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك الموردين التالين.
(٦٠٥) هو الخسف ببغداد والبصرة كما سيأتي [في (ص ٢٠٦)].
(٦٠٦) هو الخسف بالشام كما سيأتي [في (ص ١٩٤)].
(٦٠٧) خلع العرب أعنَّتها كناية عن خروجها عن الطاعة لغيرها تشبيهاً بالفرس الذي خلع عنانه فلا يكون له عنان يُقاد به ويُمسَك، ومنه قولهم: (خلع فلان عذاره) أي أصبح كالفرس المرسَل الذي لا عذار في رأسه يفعل ما يشاء ويذهب أين شاء، ومقابله قولهم: (ملك فلان زمام الأمر أو مقاليده) وغير ذلك.

↑صفحة ١٧٩

أميرهم، وخراب الشام، واختلاف ثلاث رايات فيه، ودخول رايات قيس والعرب إلى مصر ورايات كندة إلى خراسان، وورود خيل من قِبَل المغرب حتَّى تُربَط بفناء الحيرة، وإقبال رايات سود من قِبَل المشرق نحوها، وبشقٍّ(٦٠٨) في الفرات حتَّى يدخل الماء أزقَّة الكوفة، وخروج ستِّين كذّاباً كلُّهم يدَّعي النبوَّة، وخروج اثني عشر من آل أبي طالب كلُّهم يدَّعي الإمامة لنفسه، وإحراق رجل عظيم القدر من شيعة بني العبّاس بين جلولاء وخانقين، وعقد الجسر ممَّا يلي الكرخ بمدينة بغداد، وارتفاع ريح سوداء بها في أوَّل النهار، وزلزلة حتَّى ينخسف كثير منها، وخوف يشمل أهل العراق وبغداد، وموت ذريع، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وجراد يظهر في أوانه وفي غير أوانه حتَّى يأتي على الزرع والغلّات، وقلَّة ريع لما يزرعه الناس، واختلاف صنفين من العجم، وسفك دماء كثيرة فيما بينهم، وخروج العبيد عن طاعة ساداتهم وقتلهم مواليهم، ومسخ القوم من أهل البِدَع حتَّى يصيروا قردةً وخنازير، وغلبة العبيد على بلاد السادات، ونداء من السماء حتَّى يسمعه أهل الأرض كلُّ أهل لغة بلغتهم، ووجه وصدر يظهران من السماء للناس في عين الشمس، وأموات يُنشَرون من القبور حتَّى يرجعوا إلى الدنيا فيتعارفون فيها ويتزاورون، ثمّ يُختَم ذلك بأربع وعشرين مطرة تتَّصل فتحيى بها الأرض [من] بعد موتها وتعرف بركاتها، وتزول بعد ذلك كلُّ عاهة عن معتقدي الحقِّ من شيعة المهدي [(عليه السلام)]، فيعرفون عند ذلك ظهوره بمكَّة ويتوجَّهون نحوه لنصرته، كما جاءت بذلك الأخبار).
قال: (ذكرناها على حسب ما ثبت في الأُصول وتضمَّنتها الآثار المنقولة، وبالله نستعين، وإيّاه نسأل التوفيق)(٦٠٩).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٠٨) في المصدر: (وبثق).
(٦٠٩) راجع: الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٦٨ - ٣٧٠).

↑صفحة ١٨٠

ثمّ أورد المفيد (رحمه الله) عدَّة أحاديث مسندة في علامات الظهور ننقلها في تضاعيف ما يأتي إنْ شاء الله.
وعن كتاب (العدد القويَّة): (قد ظهر من العلامات عدَّة كثيرة، مثل: خراب حائط مسجد الكوفة، وقتل أهل مصر أميرهم، وزوال ملك بني العبّاس على يد رجل خرج عليهم من حيث بدأ ملكهم، وموت عبد الله آخر ملوك بني العبّاس، وخراب الشامات، ومدّ جسر ممَّا يلي الكرخ ببغداد، كلُّ ذلك في مدَّة يسيرة، وانشقاق الفرات، وسيصل الماء إنْ شاء الله إلى أزقَّة الكوفة)(٦١٠).
أقول: يمكن أنْ تكون هذه علامات بعيدة، ويمكن كون العلامة غير ما حصل، بل شيء يحصل فيما بعد، ولنشرع في تفصيل تلك العلامات المستفادة من الروايات، فنقول:
الأوَّل: اختلاف بني العبّاس وذهاب ملكهم، واختلاف بني أُميَّة وذهاب ملكهم:
أمَّا الأوَّل فقد جاء في كثير من الروايات جعله من علامات الظهور(٦١١)، بل في بعضها أنَّ اختلافهم من المحتوم(٦١٢)، وفي جملة منها التعبير بـ«بني فلان» تقيَّةً(٦١٣).
قال الباقر (عليه السلام): «لا بدَّ أنْ يملك بنو العبّاس، فإذا ملكوا واختلفوا وتشتَّت أمرهم خرج عليهم الخراساني والسفياني، هذا من المشرق، وهذا من

(٦١٠) العدد القويَّة (ص ٧٧/ الرقم ١٣١).
(٦١١) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٨٩/ باب ١٤/ ح ٦٧)؛ الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٢).
(٦١٢) الكافي (ج ٨/ ص ٣٣٤/ ح ٤٨٤).
(٦١٣) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٦٤/باب ١٤/ح ١٣)؛ الغيبة للطوسي (ص ٤٦٣/ح ٤٢٥).

↑صفحة ١٨١

المغرب، يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان، هذا من هاهنا، وهذا من هاهنا، حتَّى يكون هلاكهم على أيديهما، أمَا إنَّهما لا يبقون منهم أحداً [أبداً](٦١٤)»(٦١٥).
ويأتي في بعض الروايات: «فعند ذلك زال(٦١٦) ملك القوم، وعند زواله خروج القائم [(عليه السلام)](٦١٧)»(٦١٨)، وأنَّ آخر ملك بني فلان قتل النفس الزكيَّة، وأنَّه ما لهم ملك بعده غير خمس عشرة ليلة(٦١٩)، وأنَّ قُدّام القائم بلوى من الله، فقيل: ما هي؟ فقرأ: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ...﴾ الآية [البقرة: ١٥٥]، ثمّ قال: «الخوف من ملوك بني فلان»(٦٢٠).
وقال الباقر (عليه السلام): «إذا اختلف بنو العبّاس فيما بينهم [فعند ذلك](٦٢١) فانتظروا الفرج، وليس فرجكم إلَّا في اختلاف بني فلان، فإذا اختلفوا فتوقَّعوا الصيحة في شهر رمضان وخروج القائم، ولن يخرج [القائم]، ولا ترون ما تحبُّون حتَّى يختلف بنو فلان فيما بينهم»(٦٢٢).
وقال (عليه السلام): «إنَّ ذهاب ملك بني فلان كقصع الفخار، وكرجل كانت بيده فخارة وهو يمشي إذ سقطت من يده وهو ساهٍ فانكسرت، فقال حين سقطت: هاه شبه الفزع، فذهاب ملكهم هكذا أغفل ما كانوا عن ذهابه»(٦٢٣).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦١٤) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٦١٥) الغيبة للنعماني (ص ٢٦٧/ باب ١٤/ ح ١٨).
(٦١٦) في المصدر: (زوال).
(٦١٧) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٦١٨) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٥).
(٦١٩) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٦٧/ باب ١٤/ ح ١٧).
(٦٢٠) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٧ و٣٧٨).
(٦٢١) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي.
(٦٢٢) الغيبة للنعماني (ص ٢٦٤/ باب ١٤/ ح ١٣).
(٦٢٣) المصدر السابق.

↑صفحة ١٨٢

غيبة الشيخ: بسنده عن عمّار بن ياسر: (إنَّ دولة أهل بيت نبيِّكم في آخر الزمان، ولها أمارات، [فإذا رأيتم](٦٢٤) فالزموا الأرض وكفُّوا حتَّى تجيء أماراتها، فإذا استأثرت عليكم الروم والترك، وجُهِّزت الجيوش، ومات خليفتكم الذي يجمع الأموال واستخلف بعده رجل شحيح، فيُخلَع بعد سنين من بيعته، ويأتي مالك ملكهم من حيث بدأ(٦٢٥)،(٦٢٦).
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «ملك بني العبّاس عسر لا يسر فيه، لو اجتمع عليهم الترك والديلم والسند والهند والبربر [والطيلسان](٦٢٧) لم يزيلوه، [ولا يزالون في غضارة من ملكهم] حتَّى يشذَّ عنهم مواليهم وأصحاب ألويتهم، ويُسلِّط الله لهم(٦٢٨) علجاً يخرج من حيث بدأ ملكهم، لا يمرُّ بمدينة إلَّا فتحها، ولا تُرفَع له راية إلَّا هدَّها، ولا نعمة إلَّا أزالها، الويل لمن ناواه، فلا يزال كذلك حتَّى يظفر ويدفع بظفره إلى رجل من عترتي يقول بالحقِّ ويعمل به»(٦٢٩).
وقيل للصادق (عليه السلام): متى فرج شيعتكم؟ فقال: «إذا اختلف ولد العبّاس ووهى سلطانهم وطمع فيهم من لم يكن يطمع [فيهم](٦٣٠)، وخلعت العرب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٢٤) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٦٢٥) إشارة إلى بني العبّاس فإنَّ مالك ملكهم الذي انترعه منهم هو هولاكو خان التتري، وقد توجَّه من خراسان، كما أنَّ ملكهم بدأ من هناك بدعوة أبي مسلم الخراساني، ويدلُّ عليه الحديث الذي بعده.
(٦٢٦) الغيبة للطوسي (ص ٤٩١/ ح ٤٧٩).
(٦٢٧) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي.
(٦٢٨) في المصدر: (عليهم).
(٦٢٩) الغيبة للنعماني (ص ٢٥٨/ باب ١٤/ ح ٤).
(٦٣٠) ما بين المعقوفتين من المصدر.

↑صفحة ١٨٣

أعنَّتها(٦٣١)، ورفع كلُّ ذي صيصية صيصيته(٦٣٢) وظهر السفياني(٦٣٣)، وأقبل اليماني، وتحرَّك الحسني، خرج صاحب هذا الأمر من المدينة إلى مكَّة...» الحديث(٦٣٤).
وقيل للصادق (عليه السلام): ما من علامة بين يدي هذا الأمر؟ فقال: «بلى، هلاك العبّاسي، وخروج السفياني، وقتل النفس الزكيَّة، والخسف بالبيداء، والصوت من السماء»، فقال: جُعلت فداك، أخاف أنْ يطول هذا الأمر، فقال: «لا، إنَّما هو كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً»(٦٣٥).
وقال الكاظم (عليه السلام): «لو أنَّ أهل السماوات والأرض خرجوا على بني العبّاس لسُقيت الأرض دماءهم حتَّى يخرج السفياني»، وقال: «ملك بني العبّاس يذهب حتَّى لم يبقَ منه شيء، ويتجدَّد حتَّى يقال: ما مرَّ به شيء»(٦٣٦).
وقيل للرضا (عليه السلام): إنَّهم يتحدَّثون أنَّ السفياني يقوم وقد ذهب سلطان بني العبّاس، فقال: «كذبوا، إنَّه ليقوم وإنَّ سلطانهم لقائم»(٦٣٧).
غيبة الطوسي: بسنده عن الصادق (عليه السلام): «من يضمن لي موت عبد الله أضمن له القائم»، ثمّ قال: «إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده على واحد، ولم يتناهَ هذا الأمر دون صاحبكم إنْ شاء الله...» الحديث(٦٣٨).
والظاهر أنَّ المراد بعبد الله هو المستعصم آخر ملوك بني العبّاس.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٣١) خرجت عن طاعة ملوكها وصارت تفعل ما تشاء.
(٦٣٢) الصيصية: ما يُمتَنع به من قرن ونحوه.
(٦٣٣) في المصدر: (الشامي).
(٦٣٤) الكافي للكليني (ج ٨/ ص ٢٤٨ و٢٤٩/ ح ٢٨٥).
(٦٣٥) الغيبة للنعماني (ص ٢٦٩ و٢٧٠/ باب ١٤/ ح ٢١).
(٦٣٦) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٣١٤/ باب ١٨/ ح ٩).
(٦٣٧) الغيبة للنعماني (ص ٣١٥/ باب ١٨/ ح ١١).
(٦٣٨) الغيبة للطوسي (ص ٤٧٥/ ح ٤٤٥).

↑صفحة ١٨٤

وأكثر هذه الروايات دالٌّ صريحاً أو ظاهراً على أنَّ ذهاب ملك بني العبّاس من العلامات القريبة، بل بعضها صريح بوجود ملكهم عند ظهور السفياني، مع أنَّه من العلامات البعيدة بُعداً كثيراً، فقد مضى على انقراض دولتهم ما ينوف عن سبعمائة سنة.
وكذلك اختلاف بني أُميَّة وذهاب ملكهم كان قبل حدوث دولة بني العبّاس.
ويمكن أنْ يكون للعبّاسيين في علم الله دولة في آخر الزمان، أو أنَّ ذلك من غير المحتوم، ويُحمَل ما دلَّ على أنَّه من المحتوم - إنْ صحَّ - على أنَّ كونه من العلامات محتوم وكونه من العلامات القريبة غير محتوم، والله أعلم.
وأمَّا اختلاف بني أُميَّة وذهاب ملكهم، فقد جاء في بعض الروايات عن الباقر (عليه السلام) قال في علامات الظهور: «فإذا اختلف بنو أُميَّة وذهب ملكهم، ثمّ يملك بنو العبّاس، فلا يزالون في عنفوان من الملك [وغضارة من العيش](٦٣٩) حتَّى يختلفوا، فإذا اختلفوا ذهب ملكهم، واختلف أهل المشرق وأهل المغرب. نعم، وأهل القبلة، ويلقى الناس جهد شديد ممَّا يمرُّ بهم من الخوف، [فلا يزالون بتلك الحال] حتَّى ينادي منادٍ من السماء...» الحديث(٦٤٠).
الثاني: خروج ستِّين كذّاباً كلُّهم يقول: أنا نبيٌّ:
المفيد: بسنده عن عبد الله بن عمر، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لا تقوم الساعة حتَّى يخرج المهدي من ولدي، ولا يخرج المهدي حتَّى يخرج ستُّون كذّاباً كلُّهم يقول: أنا نبيٌّ»(٦٤١).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٣٩) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي.
(٦٤٠) الغيبة للنعماني (ص ٢٧٠/ باب ١٤/ ح ٢٢).
(٦٤١) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧١).

↑صفحة ١٨٥

الثالث: خروج اثني عشر من بني هاشم كلُّهم يدعو إلى نفسه:
المفيد: بسنده عن الصادق (عليه السلام): «لا يخرج القائم حتَّى يخرج قبله اثنا عشر من بني هاشم، كلُّهم يدعو إلى نفسه»(٦٤٢).
الرابع: قول اثني عشر رجلاً إنَّهم رأوه:
النعماني: بسنده عن الصادق (عليه السلام): «لا يقوم القائم حتَّى يقوم اثنا عشر رجلاً كلُّهم يجمع على قول: إنَّهم قد رأوه، فيُكذِّبونهم(٦٤٣)»(٦٤٤).
الخامس: خروج كاسر عينه بصنعاء:
النعماني: بسنده عن عبيد بن زرارة: ذُكِرَ عند الصادق (عليه السلام) السفياني، فقال: «أنّى يخرج ذلك ولم يخرج كاسر عينه(٦٤٥) بصنعاء؟»(٦٤٦)، ويحتمل أنْ يكون هو اليماني، والله أعلم.
السادس: خروج السفياني والخراساني واليماني، وخسف بالبيداء:
وقد استفاضت الروايات في أنَّ السفياني من المحتوم الذي لا بدَّ منه، وأنَّه لا يكون قائم إلَّا بسفياني ونحو ذلك، وقال عبد المَلِك بن أعين: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فجرى ذكر القائم، فقلت له: أرجو أنْ يكون عاجلاً ولا يكون سفياني، فقال: «لا والله إنَّه لمن المحتوم الذي لا بدَّ منه»(٦٤٧).
ومرَّ في بعض الروايات أنَّ اليماني أيضاً من المحتوم(٦٤٨).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٤٢) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٢).
(٦٤٣) في بعض النُّسَخ: (فيُكذِّبهم).
(٦٤٤) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٥/ باب ١٤/ ح ٥٨).
(٦٤٥) في المصدر: (ولمَّا يخرج كاسر عينيه).
(٦٤٦) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٥ و٢٨٦/ باب ١٤/ ح ٦٠).
(٦٤٧) الغيبة للنعماني (ص ٣١٢/ باب ١٨/ ح ٤).
(٦٤٨) مرَّ في (ص ١٧٨)، فراجع.

↑صفحة ١٨٦

وعن الباقر (عليه السلام): «السفياني والقائم في سنة واحدة»(٦٤٩).
وفي عدَّة روايات أنَّ خروج السفياني واليماني والخراساني يكون في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد(٦٥٠).
وفي رواية: «ونظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً، فيكون البأس من كلِّ وجه، ويل لمن ناواهم»(٦٥١).
وتدلُّ بعض الروايات على أنَّ خروج اليماني قبل خروج السفياني(٦٥٢).
أمَّا اليماني فيكون خروجه من اليمن(٦٥٣).
والمروي أنَّه ليس في الرايات الثلاث راية أهدى من راية اليماني، لأنَّه يدعو إلى الحقِّ(٦٥٤)، أو لأنَّه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج حرم بيع السلاح، وإذا خرج فانهض إليه فإنَّ رايته راية هدى، ولا يحلُّ لمسلم أنْ يلتوي عليه(٦٥٥).
ولمَّا خرج طالب الحقِّ باليمن - وهو من رؤساء الخوارج - قيل للصادق (عليه السلام): نرجو أنْ يكون هذا اليماني؟ فقال: «لا، اليماني يتوالى عليًّا وهذا يبرأ [منه](٦٥٦)»(٦٥٧).
وأمَّا الخراساني، فيخرج من خراسان، وفي بعض الروايات من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٤٩) الغيبة للنعماني (ص ٢٧٥/ باب ١٤/ ح ٣٦).
(٦٥٠) الغيبة للطوسي (ص ٤٧٤ و٤٧٥/ ح ٤٤٣).
(٦٥١) الغيبة للنعماني (ص ٢٦٤/ باب ١٤/ ح ١٣).
(٦٥٢) الغيبة للطوسي (ص ٤٧٥/ ح ٤٤٤).
(٦٥٣) كمال الدِّين (ص ٣٥٨ و٣٦١/ باب ٣٢/ ح ٧ و١٦).
(٦٥٤) الغيبة للطوسي (ص ٤٤٥ و٤٤٦/ ح ٤٤٣).
(٦٥٥) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٦٤/ باب ١٤/ ح ١٣).
(٦٥٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٦٥٧) أمالي للطوسي (ص ٦٩١/ ح ١٣٧٥/١٩).

↑صفحة ١٨٧

المشرق(٦٥٨)، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) في ذكر العلامات: «إذا قام القائم بخراسان، وغلب على أرض كرمان(٦٥٩) والملتان(٦٦٠)، وحاز جزيرة بني كاوان(٦٦١)»(٦٦٢).
وأمَّا السفياني، فيخرج من وادي اليابس مكان بفلسطين(٦٦٣).
وعن الصادق (عليه السلام) أنَّ خروجه في رجب(٦٦٤).
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «يخرج ابن آكلة الأكباد من وادي اليابس، وهو رجل ربعة، وحش الوجه، ضخم الهامة، بوجهه أثر الجدري، إذا رأيته حسبته أعور، اسمه عثمان وأبوه عنبسة، وهو من ولد أبي سفيان، حتَّى يأتي أرض [ذات](٦٦٥) قرار ومعين فيستوي على منبرها»(٦٦٦).
والظاهر أنَّها دمشق، كما تدلُّ عليه رواية أُخرى أنَّه يخرج من وادي اليابس حتَّى يأتي دمشق فيستوي على منبرها(٦٦٧).

وعن الصادق (عليه السلام): «إنَّك لو رأيته رأيت أخبث الناس، أشقر أحمر أزرق، يقول: يا ربِّ يا ربِّ يا ربِّ، أو يا ربِّ ثاري ثاري ثمّ للنار، أو يا ربِّ

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٦٥٨) الغيبة للنعماني (ص ٢٦٤ و٢٦٧/ باب ١٤/ ح ١٣ و١٨).
(٦٥٩) في المصدر: (كوفان) التحقيق.
(٦٦٠) بلد بالهند.
(٦٦١) كاوان جزيرة في بحر البصرة.
(٦٦٢) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٣/ باب ١٤/ ح ٥٥).
(٦٦٣) راجع: الفتن للمروزي (ص ١٦٦)، عنه كنز العمّال (ج ١١/ ص ٢٨٤/ ح ٣١٥٣٥).
(٦٦٤) الغيبة للنعماني (ص ٣١٠/باب ١٨/ح ١)؛ كمال الدِّين (ص ٦٨٠ و٦٨٢/باب ٥٧/ح ٥ و١٥).
(٦٦٥) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٦٦٦) كمال الدِّين (ص ٦٨١/ باب ٥٧/ ح ٩).
(٦٦٧) راجع: عقد الدُّرَر (ص ٨٦).

 

↑صفحة ١٨٨

 

ثاري والنار، ولقد بلغ من خبثه أنَّه يدفن أُمَّ ولد له وهي حيَّة مخافة أنْ تدلَّ عليه»(٦٦٨).
وعن الباقر (عليه السلام): «السفياني أحمر أصفر(٦٦٩) أزرق، لم يعبد الله قطُّ، ولم يرَ مكَّة ولا المدينة قطُّ»(٦٧٠).
وعن زين العابدين (عليه السلام) أنَّه من ولد عتبة بن أبي سفيان، وأنَّه إذا ظهر اختفى المهدي، ثمّ يظهر ويخرج بعد ذلك(٦٧١).
وعن عمّار بن ياسر: (إذا رأيتم أهل الشام قد اجتمع أمرها على ابن أبي سفيان فالحقوا بمكَّة)(٦٧٢)، أي إنَّ المهدي قد ظهر بها.
ويجتمع في الشام ثلاث رايات كلُّهم يطلب الملك: راية السفياني، وراية الأصهب، وراية الأبقع، ثمّ إنَّ السفياني يقتل الأصهب والأبقع(٦٧٣).
وقال الصادق (عليه السلام): «السفياني يملك بعد ظهوره على الكور الخمس حمل امرأة»، ثمّ قال: «أستغفر الله حمل جمل»(٦٧٤).
وفي رواية عن الصادق (عليه السلام): «يملك تسعة أشهر كحمل المرأة»(٦٧٥).
وفي رواية عنه (عليه السلام): «إذا ملك كور الشام الخمس: دمشق، وحمص،

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٦٦٨) راجع: كمال الدِّين (ص ٦٨١/ باب ٥٧/ ح ١٠).
(٦٦٩) في المصدر: (أشقر).
(٦٧٠) الغيبة للنعماني (ص ٣١٨/ باب ١٨/ ح ١٨).
(٦٧١) الغيبة للطوسي (ص ٤٧١ و٤٧٢/ ح ٤٣٧).
(٦٧٢) الغيبة للطوسي (ص ٤٩١ و٤٩٢/ ح ٤٧٩).
(٦٧٣) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٨٩/ باب ١٤/ ح ٦٧).
(٦٧٤) الغيبة للطوسي (ص ٤٧٧ و٤٧٨/ ح ٤٥٢).
(٦٧٥) بحار الأنوار (ج ٥٢/ ص ٢٧٣/ ح ١٦٣)، عن سرور أهل الإيمان (ص ٥١).

 

↑صفحة ١٨٩

 

وفلسطين، والأُردن، وقنسرين، فتوقَّعوا عند ذلك الفرج»، قلت: يملك تسعة أشهر؟ قال: «لا، ولكن يملك ثمانية أشهر لا يزيد يوماً»(٦٧٦).
وعن الصادق (عليه السلام) أنَّه «من أوَّل خروجه إلى آخره خمسة عشر شهراً، ستَّة أشهر يقاتل فيها، فإذا ملك الكور الخمس ملك تسعة أشهر، ولم يزد عليها يوماً»(٦٧٧).
وبهذا يُجمَع بين الخمسة عشر شهراً والتسعة أشهر.
واحتمل المجلسي حمل بعض أخبار مدَّته على التقيَّة، لذكره في رواياتهم(٦٧٨).
وروى هشام بن سالم، عن الصادق (عليه السلام): «إذا استولى السفياني على الكور الخمس فعدُّوا له تسعة أشهر»، وزعم هشام أنَّ الكور الخمس: دمشق، وفلسطين، والأُردن، وحمص، وحلب(٦٧٩).
ثمّ إنَّ السفياني بعدما يقتل الأصهب والأبقع لا يكون له همَّة إلَّا العراق - وفي رواية: إلَّا آل محمّد وشيعتهم -، فيبعث جيشين جيشاً إلى العراق وآخر إلى المدينة، فأمَّا جيش العراق فروي أنَّ عدَّتهم سبعون ألفاً.
وعن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «حتَّى ينزلوا بأرض بابل من المدينة الملعونة - يعني بغداد - فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف، ويفضحون أكثر من ثلاثمائة(٦٨٠) امرأة، ويقتلون [بها](٦٨١) ثلاثمائة كبش من بني العبّاس، ثمّ ينحدرون إلى الكوفة فيُخرِّبون ما حولها...» الحديث(٦٨٢).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٦٧٦) كمال الدِّين (ص ٦٨١ و٦٨٢/ باب ٥٧/ ح ١١).
(٦٧٧) الغيبة للنعماني (ص ٣١٠/ باب ١٨/ ح ١).
(٦٧٨) بحار الأنوار (ج ٥٢/ ص ٢١٨/ ذيل الحديث ٧٤).
(٦٧٩) الغيبة للنعماني (ص ٣١٦/ باب ١٨/ ح ١٣).
(٦٨٠) في المصدر: (مائة).
(٦٨١) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٦٨٢) تفسير مجمع البيان (ج ٨/ ص ٢٢٨).

 

↑صفحة ١٩٠

 

ويصيبون من أهل الكوفة - وفي رواية: من شيعة آل محمّد بالكوفة - قتلاً وصلباً وسبياً، ويمر جيشه بقرقيسا - بلد على الفرات - فيقتتلون بها(٦٨٣)، فيُقتَل بها من الجبّارين مائة ألف».
وعن الصادق (عليه السلام): «إنَّ لله مائدة - أو مأدبة - بقرقيسا، يطلع مطلع من السماء فينادي: يا طير السماء، ويا سباع الأرض، هلمُّوا إلى الشبع من لحوم الجبّارين»(٦٨٤).
فبينما هم كذلك إذ أقبلت رايات من ناحية خراسان تطوي المنازل طيًّا حثيثاً حتَّى تنزل ساحل الدجلة، ومعهم نفر من أصحاب القائم، ويخرج رجل من موالي أهل الكوفة ضعيف في ضعفاء، فيقتله أمير جيش السفياني بظهر الكوفة - وفي رواية: بين الحيرة والكوفة -.
وقال الصادق (عليه السلام): «كأنّي بالسفياني أو بصاحب السفياني(٦٨٥) قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة، فنادى مناديه: من جاء برأس [رجل من](٦٨٦) شيعة عليٍّ فله ألف درهم، فيثب الجار على جاره ويقول: هذا منهم، فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم، أمَا إنَّ أمارتكم يومئذٍ لا تكون إلَّا لأولاد البغايا. وكأنّي أنظر إلى صاحب البرقع»، قيل: ومن صاحب البرقع؟ قال: «رجل منكم، يقول بقولكم، يلبس البرقع، فيحوشكم فيعرفكم ولا تعرفونه، فيغمز بكم رجلاً رجلاً، أمَا إنَّه لا يكون إلَّا ابن بغي»(٦٨٧).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٦٨٣) هكذا في الرواية، وليس فيها تصريح بأنَّ المقاتل لجيش السفياني من هو، فيحتمل أنْ يكون بعض من يدعو لآل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ويحتمل أنْ يكون أهل قرقيسا وما جاورها.
(٦٨٤) الغيبة للنعماني (ص ٢٧٨/ باب ١٤/ ح ٦٣).
(٦٨٥) الصحيح (بصاحب السفياني)، ولو قيل: (بالسفياني) لكان المراد صاحب جيشه مجازاً، لأنَّ المروي أنَّ السفياني يظهر بالشام ويُقتَل بها ولا يدخل العراق.
(٦٨٦) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٦٨٧) الغيبة للطوسي (ص ٤٧٨/ ح ٤٥٣).

 

↑صفحة ١٩١

 

وعن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «ثمّ يخرجون - أي جيش السفياني - متوجِّهين إلى الشام، فتخرج راية هدى من الكوفة، فتلحق ذلك الجيش، فيقتلونهم لا يفلت منهم مخبر، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم»(٦٨٨).
وأمَّا الجيش الذي يبعثه السفياني إلى المدينة فيقتل بها رجلاً، ويُؤخَذ آل محمّد صغيرهم وكبيرهم فيُحسَبون(٦٨٩)، وينهبون المدينة ثلاثة أيّام بلياليها، ويكون المهدي (عليه السلام) بالمدينة، فيخرج منها إلى مكَّة على سُنَّة موسى بن عمران (عليه السلام) خائفاً يترقَّب.
وفي رواية أنَّه يهرب من بالمدينة من أولاد عليٍّ (عليه السلام) إلى مكَّة، فيلحقون بصاحب الأمر (عليه السلام)(٦٩٠).
فيبلغ ذلك أمير جيش السفياني، فيبعث جيشاً على أثره فلا يُدرِكه، وينزل الجيش البيداء - وهي أرض بين مكَّة والمدينة لها ذكر كثير في الأخبار -، فينادي منادٍ من السماء: يا بيداء، بيدي بالقوم، فيُخسَف بهم، فلا يفلت منهم إلَّا مخبر - وفي رواية: إلَّا ثلاثة نفر -، حتَّى إذا كانوا بالبيداء يُحوِّل الله وجوههم إلى أقفيتهم، وهم من كلب.
وفي رواية عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يبعث الله جبرئيل فيقول: يا جبرئيل، اذهب فأبدهم، فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم عندها، ولا يفلت منهم إلَّا رجلان من جهينة، فلذلك جاء القول: (عند جهينة الخبر اليقين)، فذلك قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا...﴾ الآية [سبأ: ٥١]»، أورده الثعلبي في تفسيره(٦٩١).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٦٨٨) تفسير مجمع البيان (ج ٨/ ص ٢٢٨)؛ تفسير الطبري (ج ٢٢/ ص ١٢٩/ ح ٢٢٠٨٢) بتفاوت يسير.
(٦٨٩) كذا؛ وفي المصدر: (لا يُترَك منهم أحد إلَّا حُبِسَ).
(٦٩٠) الغيبة للنعماني (ص ٢٧٨ و٢٧٩/ باب ١٤/ ح ٤٣).
(٦٩١) راجع: تفسير مجمع البيان (ج ٨/ ص ٢٢٨)، عن تفسير الثعلبي (ج ٨/ ص ٩٥) بتفاوت.

 

↑صفحة ١٩٢

 

وروى صاحب (الكشّاف) أيضاً أنَّها نزلت في خسف البيداء(٦٩٢).
وروى الطبرسي عن زين العابدين (عليه السلام)، قال: «هو جيش البيداء يُؤخَذون من تحت أقدامهم»(٦٩٣).
وروى عليُّ بن إبراهيم في تفسيره عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ﴾، قال: «من تحت أقدامهم خُسِفَ بهم»(٦٩٤).
وفي قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ﴾، قال: «هو الدجّال(٦٩٥) والصيحة، ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ [الأنعام: ٦٥]، وهو الخسف»(٦٩٦).
والقائم (عليه السلام) يومئذٍ بمكَّة، فيجمع الله عليه أصحابه وهم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً - وفي رواية: وثلاثة عشر رجلاً عدد أهل بدر -، فيبايعونه بين الركن والمقام، ثمّ يخرج بهم من مكَّة، فينادي المنادي باسمه وأمره من السماء حتَّى يسمعه أهل الأرض كلُّهم، ثمّ يأتي الكوفة فيطيل بها المكث حتَّى يظهر عليها، ثمّ يسير إلى الشام - وفي رواية: ثمّ يسير حتَّى يأتي العذراء(٦٩٧) - والسفياني يومئذٍ بوادي الرملة، حتَّى إذا التقوا وهو يوم الأبدال يخرج أُناس كانوا مع السفياني من شيعة آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ويخرج ناس كانوا مع آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٦٩٢) تفسير الكشّاف (ج ٣/ شرح ص ٢٩٦).
(٦٩٣) تفسير مجمع البيان (ج ٨/ ص ٢٢٨).
(٦٩٤) تفسير القمّي (ج ٢/ ص ٢٠٥ و٢٠٦).
(٦٩٥) في المصدر: (الدخان).
(٦٩٦) تفسير القمّي (ج ١/ ص ٢٠٤).
(٦٩٧) لعلَّها القرية التي شرقي دمشق، وإليها يُنسَب مرج عذراء.

 

↑صفحة ١٩٣

 

السفياني، ويُقتَل يومئذٍ السفياني ومن معه، والخائب يومئذٍ من خاب من غنيمة كلب، ثمّ يقبل إلى الكوفة فيكون منزله بها(٦٩٨).
السابع: خسف الجابيَّة، وكثرة الاختلاف والحروب، وخروج الأصهب والأبقع، وخراب الشام:
المفيد: بسنده عن الباقر (عليه السلام)، قال: «الزم الأرض ولا تُحرِّك يداً ولا رجلاً حتَّى ترى علامات أذكرها لك، وما أراك تدرك ذلك: اختلاف بني العبّاس، ومنادٍ ينادي من السماء، وخسف قرية من قرى الشام تُسمّى الجابيَّة(٦٩٩)، ونزول الترك الجزيرة، ونزول الروم الرملة، واختلاف كثير عند ذلك في كلِّ أرض حتَّى تخرب الشام، ويكون سبب خرابها اجتماع ثلاث رايات فيها: راية الأصهب، وراية الأبقع، وراية السفياني»(٧٠٠).
وفي رواية الشيخ في (غيبته): «فتلك السنة فيها اختلاف كثير في كلِّ أرض من ناحية المغرب(٧٠١)، أو في كلِّ أرض من أرض العرب، فأوَّل أرض تُخرَب الشام، يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات... الخ(٧٠٢).
وفي رواية: راية حسنيَّة، وراية أُمويَّة، وراية قيسيَّة(٧٠٣).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٦٩٨) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٨٨ - ٢٩١/ باب ١٤/ ح ٦٧)؛ تفسير العيّاشي (ج ١/ ص ٦٤ - ٦٦/ ح ١١٧).
(٦٩٩) هي قرية كانت قريباً من دمشق وخربت، وإليها يُنسَب باب الجابيَّة ولا يُعرَف الآن محلُّها، ويمكن أنْ يكون قد بُني مكانها قرية تُسمّى بغير هذا الاسم.
(٧٠٠) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٢ و٣٧٣).
(٧٠١) هي الشام وما يليها فإنَّها مغرب بالنسبة إلى العراق، وتدلُّ عليه الروايات التي سمَّت الشام مغرباً والعراق مشرقاً.
(٧٠٢) الغيبة للطوسي (ص ٤٦٩ و٤٧٠/ ح ٤٣٤)؛ ولم نجد رواية فيها: (أو في كلِّ أرض من أرض العرب) .
(٧٠٣) بحار الأنوار (ج ٥٢/ ص ٢٧٢ و٢٧٣/ ح ١٦١)، عن سرور أهل الإيمان (ص ٥٠).

 

↑صفحة ١٩٤

 

غيبة الشيخ: بسنده عن عمّار بن ياسر، وذكر جملة من العلامات، إلى أنْ قال: (وتكثر الحروب في الأرض...)، إلى أنْ قال: (ويظهر ثلاثة نفر بالشام كلُّهم يطلب المُلك: رجل أبقع، ورجل أصهب، ورجل من أهل بيت أبي سفيان يخرج في كلب...) الحديث(٧٠٤).
وفي رواية العيّاشي: «مع بني ذنب الحمار مضر، ومع السفياني أخواله من كلب، فيظهر السفياني ومن معه على بني ذنب الحمار حتَّى يقتلوا قتلاً لم يقتله شيء قطُّ، ويحضر رجل بدمشق فيُقتَل هو ومن ومعه قتلاً لم يقتله شيء قطُّ، وهو من بني ذنب الحمار»(٧٠٥).
وفي رواية النعماني: «فيلتقي السفياني بالأبقع، فيقتتلون، فيقتله السفياني ومن تبعه، ثمّ يقتل الأصهب»(٧٠٦).
الثامن: اختلاف رمحين بالشام ورجفة بها، وخسف بحرستا، وإقبال قوم من المغرب إليها:
غيبة الشيخ: بالإسناد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «إذا اختلف رمحان بالشام فهو آية من آيات الله تعالى»، قيل: ثمّ مَهْ؟ قال: «ثمّ رجفة تكون بالشام يهلك فيها مائة ألف يجعلها الله رحمةً للمؤمنين وعذاباً على الكافرين، فإذا كان ذلك فانظروا إلى أصحاب البراذين الشُّهُب والرايات الصفر تقبل من المغرب حتَّى تحلَّ بالشام، فإذا كان ذلك فانتظروا خسفاً بقرية من قرى الشام يقال لها: حرستا، فإذا كان ذلك فانتظروا ابن آكلة الأكباد بوادي اليابس»(٧٠٧).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧٠٤) الغيبة للطوسي (ص ٤٩١/ ح ٤٧٩).
(٧٠٥) تفسير العيّاشي (ج ١/ ص ٦٤/ ح ١١٧).
(٧٠٦) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٩/ باب ١٤/ ح ٦٧).
(٧٠٧) الغيبة للطوسي (ص ٤٨٩/ ح ٤٧٦).

 

↑صفحة ١٩٥

 

غيبة النعماني مثله، إلَّا أنَّه قال: «لم تنجلِ إلَّا عن آية من آيات الله»، قيل: وما هي، يا أمير المؤمنين؟ قال: «رجفة تكون بالشام يُقتَل(٧٠٨) فيها أكثر من مائة ألف»، وقال: «البراذين الشُّهُب المحذوقة(٧٠٩)»، وزاد بعد قوله: «تحلُّ بالشام»: «وذلك عند الجزع الأكبر والموت الأحمر»، وبعد قوله: «حرستا»: «فإذا كان ذلك خرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس حتَّى يستوي على منبر دمشق، فإذا كان ذلك فانتظروا خروج المهدي»(٧١٠).
النعماني: بسنده عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «انتظروا الفرج من ثلاث: اختلاف أهل الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان...» الحديث(٧١١).
وبسنده عن الباقر (عليه السلام): «لا يظهر القائم حتَّى يشمل الشام(٧١٢) فتنة يطلبون المخرج منها فلا يجدونه...» الحديث(٧١٣).
التاسع: سقوط طائفة من مسجد دمشق الأيمن:
رواه جابر الجعفي، عن الباقر (عليه السلام) في جملة العلامات، قال: «وتسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن»(٧١٤)، هكذا وجدناه، ولعلَّ الصواب: من الجانب الأيمن، أو من جانب مسجد دمشق الأيمن.
غيبة الشيخ: بسنده عن عمّار بن ياسر، قال في حديث: (ويُخسَف بغربي

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧٠٨) في المصدر: (يهلك).
(٧٠٩) كذا؛ والصحيح كما في المصدر: (المحذوفة).
(٧١٠) الغيبة للنعماني (ص ٣١٧/ باب ١٨/ ح ١٦).
(٧١١) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٦٠/ باب ١٤/ ح ٨).
(٧١٢) في المصدر: (يشمل الناس بالشام).
(٧١٣) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٨/ باب ١٤/ ح ٦٥).
(٧١٤) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٩/ باب ١٤/ ح ٦٧)؛ الاختصاص (ص ٢٥٥).

 

↑صفحة ١٩٦

 

مسجد دمشق حتَّى يخدَّ(٧١٥) حائطه - وفي رواية: ويخرب حائط مسجد دمشق(٧١٦)-)(٧١٧).
العاشر: النداء عن(٧١٨) سور دمشق:
غيبة الشيخ: بسنده عن عمّار بن ياسر في حديث: (وينادي منادٍ على سور دمشق: ويل لأهل الأرض من شرٍّ قد اقترب - وفي رواية: ويل لازم(٧١٩)-)(٧٢٠).
وفي رواية أُخرى عن الباقر (عليه السلام): «ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق بالفتح»(٧٢١).
وفي رواية العيّاشي: «وترى منادياً ينادي بدمشق»(٧٢٢).
النعماني: بسنده عن الباقر (عليه السلام): «توقَّعوا الصوت يأتيكم بغتة من قِبَل دمشق، فيه لكم فرج عظيم»(٧٢٣).
الحادي عشر: خروج المرواني، وعوف السلمي، وشعيب بن صالح:
غيبة النعماني: بسنده عن الرضا (عليه السلام): «قبل هذا الأمر السفياني واليماني والمرواني وشعيب بن صالح، وكيف(٧٢٤) يقول هذا و(٧٢٥) هذا؟!»(٧٢٦).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧١٥) في المصدر: (يخرّ).
(٧١٦) الغيبة للطوسي (ص ٤٦٩/ ح ٤٣٢).
(٧١٧) الغيبة للطوسي (ص ٤٩١/ ح ٤٧٩).
(٧١٨) كذا؛ والصحيح: (على).
(٧١٩) الغيبة للطوسي (ص ٤٦٩/ ح ٤٣٢).
(٧٢٠) الغيبة للطوسي (ص ٤٩١/ ح ٤٧٩).
(٧٢١) الغيبة للطوسي (ص ٤٦٩ و٤٧٠/ ح ٤٣٤).
(٧٢٢) تفسير العيّاشي (ج ١/ ص ٦٤/ ح ١١٧).
(٧٢٣) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٨/ باب ١٤/ ح ٦٦).
(٧٢٤) في المصدر: (فكيف)؛ وهو الصحيح.
(٧٢٥) كذا في الأصل والمصدر؛ والظاهر أنَّ الواو زائدة كما في بحار الأنوار.
(٧٢٦) الغيبة للنعماني (ص ٢٦٢/باب ١٤/ح ١٢)؛ بحار الأنوار (ج ٥٢/ص ٢٣٥/ح ٩٩).

 

↑صفحة ١٩٧

 

وبسنده عن الباقر (عليه السلام): «إنَّ لولد العبّاس والمرواني لوقعة بقرقيسا يشيب فيها الغلام الحزور(٧٢٧)، [و](٧٢٨) يرفع الله عنهم النصر، ويوحي إلى طير السماء وسباع الأرض: اشبعي من لحوم الجبّارين، ثمّ يخرج السفياني»(٧٢٩).
أقول: ظاهر بعض الأخبار الواردة في السفياني أنَّ وقعة قرقيسا مع جيشه، والتعدُّد جائز، والله أعلم.
غيبة الشيخ: بسنده عن عليِّ بن الحسين (عليه السلام): «يكون قبل خروج المهدي خروج رجل يقال له: عوف السلمي بأرض الجزيرة، ويكون مأواه تكريت، وقتله بمسجد دمشق، ثمّ يكون خروج شعيب بن صالح من سمرقند، ثمّ يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس...» الحديث(٧٣٠).
وبسنده عن عمّار بن ياسر في حديث: (ثمّ يخرج المهدي، على لوائه شعيب ابن صالح)(٧٣١).
الثاني عشر: خروج الحسني وقتله:
وقد مرَّ في الأمر الأوَّل(٧٣٢) عن الصادق (عليه السلام): «إذا اختلف ولد العبّاس، وخلعت العرب أعنَّتها، ورفع كلُّ ذي صيصية صيصيته، وظهر السفياني، وأقبل اليماني، وتحرَّك الحسني، خرج صاحب هذا الأمر...» الحديث.
وفي رواية: أنَّ المهدي (عليه السلام) حينما يريد الخروج «يُطلِع على ذلك بعض

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧٢٧) القويُّ؛ ومن الغريب ضبط المجلسي له بالخاء المعجمة وتكلُّفه في تفسيره، [راجع: بحار الأنوار: ج ٥٢/ ص ٢٥٣/ ح ١٤٠].
(٧٢٨) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٧٢٩) الغيبة للنعماني (ص ٣١٥ و٣١٦/ باب ١٨/ ح ١٢).
(٧٣٠) الغيبة للطوسي (ص ٤٧١ و٤٧٢/ ح ٤٣٧).
(٧٣١) الغيبة للطوسي (ص ٤٩٢/ ح ٤٧٩).
(٧٣٢) مرَّ في (ص ١٨٣)، فراجع.

 

↑صفحة ١٩٨

 

مواليه، فيأتي الحسني فيُخبِره الخبر، فيبتدره الحسني إلى الخروج، فيثبت(٧٣٣) عليه أهل مكَّة فيقتلونه ويبعثون برأسه إلى الشامي(٧٣٤) - أي السفياني - فيظهر عند ذلك صاحب هذا الأمر...» الحديث(٧٣٥).
الثالث عشر: خروج رايات من مصر إلى الشام، وخروج المصري:
المفيد: بسنده عن الرضا (عليه السلام): «كأنّي برايات من مصر مقبلات خضر مصبغات، حتَّى تأتي الشامات، فتُهدى إلى ابن صاحب الوصيّات»(٧٣٦).
وفي رواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنَّه قال في جملة العلامات: «وقام أمير الأُمراء(٧٣٧) بمصر»(٧٣٨).
غيبة الشيخ: بسنده عن محمّد بن مسلم: (يخرج قبل السفياني مصري ويماني)(٧٣٩).
الرابع عشر: ركز رايات قيس بمصر، ورايات كندة بخراسان:
المفيد: بسنده: سأل رجل [أبا](٧٤٠) الحسن (عليه السلام) عن الفرج، فقال (عليه السلام): «تريد الإكثار أم أُجمل لك؟»، فقال: بل تُجمِل لي، قال: «إذا ركزت رايات قيس بمصر، ورايات كندة بخراسان»(٧٤١).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧٣٣) كذا؛ والصحيح: (فيثب).
(٧٣٤) في المصدر: (الشام).
(٧٣٥) الغيبة للنعماني (ص ٤٧٨ و٢٧٩/ باب ١٤/ ح ٤٣).
(٧٣٦) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٦).
(٧٣٧) في المصدر: (الإمرة).
(٧٣٨) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٣/ باب ١٤/ ح ٥٥).
(٧٣٩) الغيبة للطوسي (ص ٤٧٥/ ح ٤٤٤).
(٧٤٠) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٧٤١) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٦ و٣٧٧).

 

↑صفحة ١٩٩

 

النعماني: بسنده عن الصادق (عليه السلام): «قبل قيام القائم تحرُّك حرب قيس»(٧٤٢).
الخامس عشر: نزول الترك الجزيرة، والروم الرملة:
وجاء ذلك في عدَّة روايات مسندة عن جابر الجعفي، عن الباقر (عليه السلام)، قال: «الزم الأرض ولا تُحرِّك يداً ولا رجلاً حتَّى ترى علامات أذكرها لك إنْ أدركتها، وما أراك تُدرِك ذلك ولكن حدِّث به من بعدي عنّي»، وذكر جملة منها إلى أنْ قال: «ونزول الترك الجزيرة، ونزول الروم الرملة»، وفي رواية: «وتنزل الروم فلسطين»، وفي رواية: «وستقبل إخوان الترك حتَّى ينزلوا الجزيرة، وستقبل إخوان مارقة الروم حتَّى ينزلوا الرملة»، وفي رواية: «ومارقة تمرق من ناحية الترك حتَّى تنزل الجزيرة، وستقبل مارقة الروم حتَّى ينزلوا الرملة».
والظاهر أنَّ المراد بالجزيرة جزيرة العرب، والرملة بلد بفلسطين.
وفي رواية: «إذا خالف الترك الروم»، أو «ويتخالف الترك والروم»، والظاهر أنَّه بمعنى نزول الترك الجزيرة والروم الرملة. وفي رواية: «فإذا استثارت عليكم الروم والترك، وجُهِّزت الجيوش...» الحديث(٧٤٣).
وفي رواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «وظهرت [لولدي](٧٤٤) رايات الترك متفرِّقات في الأقطار والجنبات، وكانوا بين هن وهنات(٧٤٥)»(٧٤٦).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧٤٢) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٥/ باب ١٤/ ح ٥٩).
(٧٤٣) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٨٩/ باب ١٤/ ح ٦٧)؛ الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٢)؛ الغيبة للطوسي (ص ٤٦٩ و٤٧٠ و٤٩١/ ح ٤٣٤ و٤٧٩)؛ إعلام الورى (ج ٢/ ص ٢٨١ و٢٨٢)، كشف الغمَّة (ج ٣/ ص ٢٥٨).
(٧٤٤) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٧٤٥) في المصدر: (بين هنات وهنات).
(٧٤٦) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٣/ باب ١٤/ ح ٥٥).

 

↑صفحة ٢٠٠

 

السادس عشر: حصار الكوفة:
ولعلَّه من جهة السفياني.
السابع عشر: تخريق الروايا في سكك الكوفة:
أي روايا الماء، والظاهر أنَّه بغلبة أحد الفريقين المتحاربين على الآخر.
الثامن عشر: تعطيل المساجد أربعين ليلة:
والظاهر أنَّه بالكوفة.
التاسع عشر: كشف الهيكل:
والمراد منه غير واضح.
العشرون: خفوق رايات حول المسجد الأكبر بالكوفة.
الحادي والعشرون: قتل النفس الزكيَّة بظهر الكوفة في سبعين:
والذي ذكره المفيد كما مرَّ(٧٤٧) قتل نفس زكيَّة في سبعين من الصالحين.
الثاني والعشرون: قتل الأشفع صبراً في بيعة الأصنام:
والمراد بـ(الأشفع) غير ظاهر، ولعلَّه مصحَّف. و(بيعة الأصنام) أي الكنيسة أو نحوها ذات الأصنام.
الثالث والعشرون: سبي سبعين ألف بكر من الكوفة:
ويُروى أنَّ الكوفة تعظم كثيراً وتتَّصل بكربلاء، فلا يُستَبعد ذلك.
الرابع والعشرون: خروج مائة ألف من الكوفة إلى السفياني.
الخامس والعشرون: خروج رايات من شرقي الأرض مع رجل من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
السادس والعشرون: خروج رجل من نجران يستجيب للإمام (عليه السلام).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧٤٧) مرَّ في (ص ١٧٩)، فراجع.

 

↑صفحة ٢٠١

 

السابع والعشرون: نداء من جهة المشرق: يا أهل الهدى اجتمعوا، ومن جهة المغرب: يا أهل الباطل اجتمعوا.
الثامن والعشرون: تلوُّن الشمس.
التاسع والعشرون: بعث أهل الكهف وخروجهم مع القائم (عليه السلام).
وهذه العلامات من السادس عشر إلى التاسع والعشرين مع غيرها منقولة عن كتاب (سرور أهل الإيمان) في جملة رواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال:
«وَلِذَلِكَ آيَاتٌ وَعَلَامَاتٌ: أوَّلُهُنَّ: ِحِصَارُ الْكُوفَةِ بِالرَّصَدِ وَالْخَنْدَقِ، وَتَخْريقُ الرَّوَايَا فِي سِكَكِ الْكُوفَةِ، وَتَعْطِيلُ المَسَاجِدِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَكَشْفُ الْهَيْكَل، وَخَفْقُ رَايَاتٍ حَوْلَ المَسْجِدِ الْأَكْبَر تَهْتَزُّ، الْقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِي النَّار، وَقَتْلٌ سَريعٌ، وَمَوْتٌ ذَريعٌ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ بِظَهْر الْكُوفَةِ فِي سَبْعِينَ، وَالمَذْبُوحُ بَيْنَ الرُّكْن وَالمَقَام - إشارة إلى النفس الزكيَّة أو إلى الحسني -، وَقَتْلُ الْأَشْفَعِ صَبْراً فِي بَيْعَةِ الْأَصْنَام.
وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيِّ بِرَايَةٍ حَمْرَاءَ أَمِيرُهَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي كَلْبٍ، وَاثْنَا عَشَر ألْفَ عَنَانٍ مِنْ خَيْل السُّفْيَانِيِّ تَتَوَجَّهُ إِلَى مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ أَمِيرُهَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ: خُزَيْمَةُ، أَطْمَسُ الْعَيْن الشِّمَال عَلَى عَيْنهِ ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ، يُمَثِّلُ بِالرِّجَالِ، لَا تُرَدُّ لَهُ رَايَةٌ حَتَّى يَنْزلَ المَدِينَةَ فِي دَارٍ يُقَالُ لَهَا: دَارُ أَبِي الْحَسَن الْأُمَويِّ، وَيَبْعَثُ خَيْلاً فِي طَلَبِ رَجُلٍ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ إِلَى مَكَّةَ، أَمِيرُهَا رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ...».
إلى أنْ قال: «وَيَبْعَثُ مِائَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفاً إِلَى الْكُوفَةِ، وَيَنْزلُونَ الرَّوْحَاءَ(٧٤٨) وَالْفَارقَ(٧٤٩)، فَيَسِيرُ مِنْهَا سِتُّونَ ألْفاً حَتَّى يَنْزلُوا الْكُوفَةَ مَوْضِعَ قَبْر هُودٍ (عليه السلام)

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧٤٨) في بعض الروايات: «ويكون ميقاتهم في أرض من أراضي الفرات يقال لها: الروحاء، قريباً من كوفتكم. وفي معجم البلدان [ج ٣/ ص ٧٦]: (الروحاء قرية من قرى بغداد، وقرية بين مكَّة والمدينة)؛ [وفيه: (قرية من قرى الرحبة)].
(٧٤٩) كذا في النسخة؛ والظاهر أنَّه الفاروث قرية على شاطئ دجلة بين واسط والمذار، أمَّا الفاروق فقرية من قرى اصطخر فارس وإرادتها لا تناسب المقام.

 

↑صفحة ٢٠٢

 

بِالنُّخَيْلَةِ، فَيَهْجُمُونَ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الزِّينَةِ وَأَمِيرُ النَّاس جَبَّارٌ عَنِيدٌ، يُقَالُ لَهُ: الْكَاهِنُ السَّاحِرُ، فَيَخْرُجُ مِنْ مَدِينَةِ الزَّوْرَاءِ إِلَيْهِمْ أَمِيرٌ فِي خَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْكَهَنَةِ، وَيَقْتُلُ عَلَى جِسْرهَا - أي الكوفة - سَبْعِينَ ألْفاً حَتَّى تَحْتَمِى النَّاسُ مِنَ الْفُرَاتِ ثَلَاثَةَ أَيَّام مِنَ الدِّمَاءِ وَنَتْن الْأَجْسَادِ، وَيُسْبَى مِنَ الْكُوفَةِ سَبْعُونَ ألْفَ بِكْرٍ، لَا يُكْشَفُ عَنْهَا كَفٌّ وَلَا قِنَاعٌ، حَتَّى يُوضَعْنَ فِي المَحَامِل، وَيَذْهَبَ بِهِنَّ إِلَى الثُّوَيَّةِ وَهِيَ الْغَريُّ.
ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ الْكُوفَةِ مِائَةُ ألْفٍ مَا بَيْنَ مُشْركٍ وَمُنَافِقٍ، حَتَّى يَقْدَمُوا دِمَشْقَ لَا يَصُدُّهُمْ عَنْهَا صَادٌّ، وَهِيَ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ، وَتُقْبِلُ رَايَاتٌ مِنْ شَرْقِيِّ الْأَرْض غَيْرَ مُعْلَمَةٍ، لَيْسَتْ بِقُطْنٍ وَلَا كَتَّانٍ وَلَا حَريرٍ، مَخْتُومٌ فِي رَأْس الْقَنَاةِ بِخَاتَم السَّيِّدِ الْأَكْبَر، يَسُوقُهَا رَجُلٌ مِنْ آل مُحَمَّدٍ، تَظْهَرُ بِالمَشْرقِ، وَتُوجَدُ ريحُهَا بِالمَغْربِ كَالْمِسْكِ الْأَذْفَر، يَسِيرُ الرُّعْبُ أَمَامَهَا شَهْراً حَتَّى يَنْزلُوا الْكُوفَةَ طَالِبينَ بِدِمَاءِ آبَائِهِمْ.
فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَتْ خَيْلُ الْيَمَانِيِّ وَالْخُرَاسَانِيِّ يَسْتَبِقَان كَأَنَّهُمَا فَرَسَيْ رِهَانٍ شُعْثٌ غُبْرٌ جُرْدٌ...
وَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْل نَجْرَانَ يَسْتَجِيبُ لِلْإِمَامِ، فَيَكُونُ أَوَّلَ النَّصَارَى إِجَابَةً، فَيَهْدِمُ بِيعَتَهُ، وَيَدُقُّ صَلِيبَهُ، فَيَخْرُجُ بِالمَوَالِيِّ وَضُعَفَاءِ النَّاسِ، فَيَسِيرُونَ إِلَى النُّخَيْلَةِ بِأَعْلَامٍ هُدًى، فَيَكُونُ مَجْمَعُ النَّاسِ جَمِيعاً فِي الْأَرْضِ كُلِّهَا بِالْفَارُوقِ، فَيُقْتَلُ يَوْمَئِذٍ مَا بَيْنَ المَشْرقِ وَالمَغْربِ ثَلَاثَةُ آلَافِ أَلْفٍ...
وَيُنَادِي مُنَادٍ فِي شَهْر رَمَضَانَ مِنْ نَاحِيَةِ المَشْرقِ عِنْدَ الْفَجْر: يَا أَهْلَ الْهُدَى اجْتَمِعُوا، وَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ قِبَل المَغْربِ بَعْدَ مَا يَغِيبُ الشَّفَقُ: يَا أَهْلَ الْبَاطِل اجْتَمِعُوا، وَمِنَ الْغَدِ عِنْدَ الظُّهْر تَتَلَوَّنُ الشَّمْسُ وَتَصْفَرُّ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً، وَيَوْمَ الثَّالِثِ يُفَرَّقُ اللهُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِل، وَتَخْرُجُ دَابَّةُ الْأَرْضِ، وَتُقْبِلُ الرُّومُ عِنْدَ

 

↑صفحة ٢٠٣

 

سَاحِل الْبَحْر عِنْدَ كَهْفِ الْفِتْيَةِ، فَيَبْعَثُ اللهُ الْفِتْيَةَ مِنْ كَهْفِهِمْ مَعَ كَلْبِهِمْ، مَعَهُمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مَلِيخَا، وَآخَرُ خَمْلَاهَا، وَهُمَا الشَّاهِدَان المُسْلِمَانِ لِلْقَائِم (عليه السلام)»(٧٥٠).
الثلاثون: ظهور نار بالكوفة:
النعماني: بسنده عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ﴾ [المعارج: ١]، قال: «تأويلها فيما يأتي عذاب يقع في الثوية - يعني ناراً - حتَّى ينتهي إلى كناسة بني أسد حتَّى تمرَّ بثقيف، لا تدع وتراً لآل محمّد إلَّا أحرقته وذلك قبل خروج القائم (عليه السلام)»(٧٥١).
(الثوية) موضع قرب الكوفة، و(الكناسة) محلَّة بالكوفة.
الحادي والثلاثون: ظهور نار من المشرق:
النعماني: بسنده عن الباقر (عليه السلام): «إذا رأيتم ناراً من المشرق شبه الهردي(٧٥٢) العظيم تطلع ثلاثة أيّام أو سبعة، فتوقَّعوا فرج آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)»(٧٥٣).
وبسنده عنه (عليه السلام): «إذا رأيتم علامة في السماء ناراً عظيمة من قِبَل المشرق تطلع ليالي، فعندها فرج الناس، وهي قُدّام القائم بقليل»(٧٥٤).
الثاني والثلاثون: النار والحمرة في السماء:
المفيد: بسنده عن الصادق (عليه السلام): «يزجر الناس قبل قيام القائم عن معاصيهم بنار تظهر في السماء، وحمرة تُجلِّل السماء...» الحديث(٧٥٥).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧٥٠) بحار الأنوار (ج ٥٢/ص ٢٧٤ - ٢٧٧/ح ١٦٧)، عن سرور أهل الإيمان (ص ٥٨ - ٦٣).
(٧٥١) الغيبة للنعماني (ص ٢٨١/ باب ١٤/ ح ٤٨).
(٧٥٢) الهردي: الثوب المصبوغ بالهُرد - بالضمِّ -، وهو الكركم الأصفر، وطين أحمر يُصبَغ به، واسم لصبغ أصفر يُسمّى العروق، والمناسب هنا إرادة الطين الأحمر، لأنَّ المصبوغ به هو الذي تشبهه النار، وما في البحار من جعله بالواو لا بالدال اشتباه وتصحيف.
(٧٥٣) الغيبة للنعماني (ص ٢٦٢/ باب ١٤/ ح ١٣).
(٧٥٤) الغيبة للنعماني (ص ٢٧٥ و٢٧٦/ باب ١٤/ ح ٣٧).
(٧٥٥) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٨).

 

↑صفحة ٢٠٤

 

الثالث والثلاثون: انبثاق الفرات:
المفيد: بسنده عن الصادق (عليه السلام): «سنة الفتح ينبثق الفرات حتَّى يدخل في أزقَّة الكوفة»(٧٥٦).
الرابع والثلاثون: كثرة القتل بين الحيرة والكوفة:
المفيد: بسنده عن جابر: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): متى يكون هذا الأمر؟ فقال: «أنّى يكون ذلك يا جابر ولمَّا يكثر القتل بين الحيرة والكوفة؟»(٧٥٧).
النعماني: بسنده عن الباقر (عليه السلام): «لا يظهر القائم [(عليه السلام)](٧٥٨)...»، إلى أنْ قال: «ويكون قتل بين الكوفة والحيرة، قتلاهم على سواء...» الحديث(٧٥٩).
وفي البحار: (على سواء: أي في وسط الطريق)(٧٦٠).
أقول: الظاهر أنَّ المراد تساوي قتلاهم في العدد.
الخامس والثلاثون: قتل رجل من الموالي بين الحيرة والكوفة:
النعماني: بأسانيده عن الباقر (عليه السلام) في حديث: «ثمّ يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في ضعفاء، فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والكوفة»(٧٦١).
السادس والثلاثون: هدم حائط مسجد الكوفة:
النعماني: بسنده عن الصادق (عليه السلام): «إذا هُدِمَ حائط مسجد الكوفة من

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧٥٦) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٧).
(٧٥٧) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٤ و٣٧٥).
(٧٥٨) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٧٥٩) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٨/ باب ١٤/ ح ٦٥).
(٧٦٠) بحار الأنوار (ج ٥٢/ ص ٣٠٠/ ذيل الحديث ٥٧).
(٧٦١) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٩/ باب ١٤/ ح ٦٧).

 

↑صفحة ٢٠٥

 

مؤخَّره ممَّا يلي دار ابن مسعود، فعند ذلك زال(٧٦٢) ملك بني فلان، أمَا إنَّ هادمه لا يبنيه»(٧٦٣).
المفيد: بسنده عن الصادق (عليه السلام): «إذا هُدِمَ حائط مسجد الكوفة ممَّا يلي القائم (عليه السلام) فعند ذلك زوال ملك القوم(٧٦٤)»(٧٦٥).
و(القوم) و(بنو فلان) عبارة عن بني العبّاس، وقد مرَّ في الأمر الأوَّل أنَّ زوال ملكهم من العلامات، ومرَّ الجواب عن قوله: «وعند زواله خروج القائم»(٧٦٦).
السابع والثلاثون: خسف ببغداد والبصرة، وقتل بالبصرة، وخراب وفناء وخوف بالعراق:
المفيد: بسنده عن الصادق (عليه السلام)، وذكر بعض علامات المهدي، إلى أنْ قال: «وخسف ببغداد، وخسف ببلد البصرة، ودماء تُسفَك بها، وخراب دورها، وفناء يقع في أهلها، وشمول أهل العراق خوف لا يكون لهم معه قرار»(٧٦٧).
الثامن والثلاثون: خراب البصرة:
وهو مرويٌّ عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد مرَّ في الأمر السابق أنَّ من العلامات خراب دورها.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧٦٢) في المصدر: (زوال).
(٧٦٣) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٥/ باب ١٤/ ح ٥٧).
(٧٦٤) كذا؛ والصحيح كما في المصدر: «إذا هُدِمَ حائط مسجد الكوفة ممَّا يلي دار عبد الله بن مسعود، فعند ذلك زوال ملك القوم، وعند زواله خروج القائم (عليه السلام)».
(٧٦٥) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٥).
(٧٦٦) مرَّ في (ص ١٨٢)، فراجع.
(٧٦٧) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٨).

 

↑صفحة ٢٠٦

 

التاسع والثلاثون: خراب الريِّ:
النعماني: بسنده عن كعب الأحبار، قال: (وخراب الزوراء وهي الريُّ، وخسف المزوَّرة وهي بغداد(٧٦٨)...) الحديث(٧٦٩).
الأربعون: خروج الرايات السود من خراسان:
غيبة الشيخ: بسنده عن الباقر (عليه السلام): «تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلى الكوفة، فإذا ظهر المهدي (عليه السلام) بعث إليه بالبيعة»(٧٧٠).
النعماني: بسنده عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «انتظروا الفرج من ثلاث»، وعدَّ منها الرايات السود من خراسان(٧٧١).
وبسنده عن معروف بن خرَّبوذ: ما دخلنا على أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قطُّ إلَّا قال: «خراسان خراسان، سجستان سجستان»، كأنَّه يُبشِّرنا بذلك(٧٧٢).
الحادي والأربعون: خروج قوم بالمشرق:
النعماني: بسنده عن الباقر (عليه السلام): «كأنّي بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحقَّ فلا يُعطَونه، ثمّ يطلبونه فلا يُعطَونه، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم، فيُعطَون ما سألوا فلا يقبلونه حتَّى يقوموا، ولا يدفعونها إلَّا إلى صاحبكم، قتلاهم شهداء، أمَا إنّي لو أدركت ذلك لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر»(٧٧٣).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧٦٨) المشهور أنَّ بغداد تُسمّى الزوراء، وقد جعله في الخبر اسماً للريِّ وسمّى بغداد المزوَّرة.
(٧٦٩) الغيبة للنعماني (ص ١٤٨ و١٤٩/ باب ١٠/ ح ٤).
(٧٧٠) الغيبة للطوسي (ص ٤٨٠/ ح ٤٥٧).
(٧٧١) تقدَّم في (ص ١٩٦)، فراجع.
(٧٧٢) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٢/ باب ١٤/ ح ٥١).
(٧٧٣) الغيبة للنعماني (ص ٢٨١ و٢٨٢/ باب ١٤/ ح ٥٠).

 

↑صفحة ٢٠٧

 

الثاني والأربعون: رفع اثنتي عشرة راية مشتبهة:
عن الصادق (عليه السلام): «لتُرفَعنَّ - يعني عند خروج المهدي (عليه السلام) - اثنتا عشرة راية مشتبهة، ولا يُدرى أيٌّ من أيٍّ»، فبكى الراوي وقال: فكيف نصنع؟ فنظر (عليه السلام) إلى شمس داخلة في الصفة، فقال: «والله لأمرنا أبين من هذه الشمس»(٧٧٤).
الثالث والأربعون: قيام قائم من أهل البيت بجيلان:
النعماني: بسنده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث: «وقام قائم منّا بجيلان، وأجابته الآبر(٧٧٥) والديلم(٧٧٦)»(٧٧٧).
الرابع والأربعون: حدث بين المسجدين، وقتل خمسة عشر كبشاً من العرب:
المفيد: بسنده عن الرضا (عليه السلام): «إنَّ من علامات الفرج حَدَثاً يكون بين المسجدين، ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشاً من العرب»(٧٧٨).
والمراد بالمسجدين مسجدا مكَّة والمدينة بدليل قول الصادق (عليه السلام): «إنَّ قُدّام هذا الأمر علامات، حَدَث يكون بين الحرمين»، قيل: ما الحَدَث؟ قال: «عصبة تكون، ويقتل فلان من آل فلان خمسة عشر رجلاً»(٧٧٩).
والمراد بـ(فلان وفلان) رجل من ولد العبّاس، لأنَّ المتعارف في ذلك الوقت التعبير عن بني العبّاس بـ(بني فلان)، كما في كثير من الروايات تقيَّةً.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧٧٤) الغيبة للنعماني (ص ١٥٤/ باب ١٠/ ح ١٠).
(٧٧٥) قرية قرب أسترآباد.
(٧٧٦) في المصدر: (الديلمان).
(٧٧٧) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٣/ باب ١٤/ ح ٥٥).
(٧٧٨) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٥ و٣٧٦).
(٧٧٩) قرب الإسناد (ص ٣٧١ و٣٧٢/ ح ١٣٢٦).

 

↑صفحة ٢٠٨

 

الخامس والأربعون: الاختلاف الشديد في الدِّين:
غيبة الشيخ: بسنده عن الحسن بن عليٍّ (عليه السلام): «لا يكون هذا الأمر الذي تنتظرون حتَّى يبرأ بعضكم من بعض، ويلعن بعضكم بعضاً، ويتفل بعضكم في وجه بعض، وحتَّى يشهد بعضكم بالكفر على بعض»، قلت: ما في ذلك خير؟ قال: «الخير كلُّه في ذلك، عند ذلك يقوم قائمنا، فيرفع ذلك كلَّه»(٧٨٠).
عليُّ بن إبراهيم في تفسيره عن الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً﴾ [الأنعام: ٦٥]، قال: «هو الاختلاف في الدِّين، وطعن بعضكم على بعض»، بعدما ذكر الدجّال(٧٨١) والصيحة والخسف(٧٨٢).
السادس والأربعون: ظهور الفساد والمنكرات:
إكمال الدِّين: بسنده عن محمّد بن مسلم، عن الباقر (عليه السلام) في حديث: قلت له: يا بن رسول الله، متى يخرج قائمكم؟ قال: «إذا تشبَّه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، وركب ذوات الفروج السروج، وقُبِلَت شهادات الزور ورُدَّت شهادات العدل، واستخفَّ الناس بالدماء، وارتكاب الزنا، وأكل الربا، واتُّقي الأشرار مخافة ألسنتهم...».
إلى أنْ قال: «وجاءت صيحة من السماء بأنَّ الحقَّ فيه(٧٨٣) وفي شيعته، فعند ذلك خروج قائمنا...» الحديث(٧٨٤).
وبسنده أنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «إنَّ عَلاَمَةَ خُرُوجِ الدَّجّالِ إِذَا أَمَاتَ النَّاسُ الصَّلَاةَ، وَأَضَاعُوا الْأَمَانَةَ، وَاسْتَحَلُّوا الْكَذِبَ، وَأَكَلُوا الرِّبَا، وَأَخَذُوا

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧٨٠) الغيبة للطوسي (ص ٤٦٥ و٤٦٦/ ح ٤٢٩).
(٧٨١) في المصدر: (الدخان)، كما مرَّ في (ص ١٩٣).
(٧٨٢) تفسير القمّي (ج ١/ ص ٢٠٤).
(٧٨٣) الظاهر رجوع الضمير إلى القائم (عليه السلام)، ويحتمل رجوعه إلى عليٍّ (عليه السلام) كما في بعض الروايات.
(٧٨٤) كمال الدِّين (ص ٣٦١/ باب ٣٢/ ح ١٦).

 

↑صفحة ٢٠٩

 

الرِّشَا، وَشَيَّدُوا الْبُنْيَانَ، وَبَاعُوا الدِّينَ بِالدُّنْيَا، وَاسْتَعْمَلُوا السُّفَهَاءَ، وَشَاوَرُوا النِّسَاءَ، وَقَطَعُوا الْأَرْحَامَ، وَاتَّبَعُوا الْأَهْوَاءَ، وَاسْتَخَفُّوا بِالدِّمَاءِ، وَكَانَ الْحِلْمُ ضَعْفاً، وَالظُّلْمُ فَخْراً، وَكَانَتِ الْأُمَرَاءُ فَجَرَةً، وَالْوُزَرَاءُ ظَلَمَةً، وَالْعُرَفَاءُ خَوَنَةً، وَالْقُرَّاءُ فَسَقَةً، وَظَهَرَتْ شَهَادَاتُ الزُّور، وَاسْتَعْلَنَ الْفُجُورُ، وَقَوْلُ الْبُهْتَان، وَالْإِثْمُ وَالطُّغْيَانُ، وَحُلِّيَتِ المَصَاحِفُ، وَزُخْرفَتِ المَسَاجِدُ، وَطُوِّلَتِ المَنَارُ(٧٨٥)، وَأُكْرمَ الْأَشْرَارُ، وَازْدَحَمَتِ الصُّفُوفُ، وَاخْتَلَفَتِ الْأَهْوَاءُ(٧٨٦)، وَنُقِضَتِ الْعُقُودُ(٧٨٧)، وَاقْتَرَبَ المَوْعُودُ، وَشَارَكَ النِّسَاءُ أَزْوَاجَهُنَّ فِي التِّجَارَةِ حِرْصاً عَلَى الدُّنْيَا، وَعَلَتْ أَصْوَاتُ الْفُسَّاقِ وَاسْتُمِعَ مِنْهُمْ، وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْم أَرْذَلَهُمْ، وَاتُّقِيَ الْفَاجِرُ مَخَافَةَ شَرِّهِ، وَصُدِّقَ الْكَاذِبُ، وَاؤْتُمِنَ الْخَائِنُ، وَاتُّخِذَتِ الْقِيَانُ وَالمَعَازفُ، وَلَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا، وَرَكِبَ ذَوَاتُ الْفُرُوج السُّروجَ، وَتَشَبَّهَ النِّسَاءُ بِالرِّجَال وَالرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ، وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ غَيْر أَنْ يُسْتَشْهَدَ، وَشَهِدَ الْآخَرُ قَضَاءً لِذِمَامٍ بِغَيْر حَقٍّ عَرَفَهُ، وَتُفُقِّهَ لِغَيْر الدِّينِ، وَآثَرُوا عَمَلَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ، وَلَبِسُوا جُلُودَ الضَّأْنِ عَلَى قُلُوبِ الذِّئَابِ، وَقُلُوبُهُمْ أَنْتَنُ مِنَ الْجِيَفِ، وَأَمَرُّ مِنَ الصَّبِر، فَعِنْدَ ذَلِكَ الْوَحَا الْوَحَا، [ثُمَّ](٧٨٨) الْعَجَلَ الْعَجَلَ، خَيْرُ المَسَاكِن يَوْمَئِذٍ بَيْتُ المَقْدِس، [وَ]لَيَأتِيَنَّ عَلَى النَّاس زَمَانٌ يَتَمَنَّى أَحَدُهُمْ أَنَّهُ مِنْ سُكَّانِهِ...» الحديث(٧٨٩).
الكليني في (روضة الكافي) بسنده عن الصادق (عليه السلام) في حديث قال: «أَلَا تَعْلَمُ أنَّ مَن انْتَظَرَ أَمْرَنَا، وَصَبَرَ عَلَى مَا يَرَى مِنَ الْأَذَى وَالْخَوْفِ، هُوَ غَداً فِي

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧٨٥) في المصدر: (المنارات).
(٧٨٦) في المصدر: (القلوب).
(٧٨٧) في المصدر: (العهود).
(٧٨٨) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي.
(٧٨٩) كمال الدِّين (ص ٥٥٥ و٥٥٦/ باب ٤٧/ ح ١).

 

↑صفحة ٢١٠

 

زُمْرَتِنَا؟ فَإذَا رَأَيْتَ الْحَقَّ قَدْ مَاتَ وَذَهَبَ أَهْلُهُ، وَرَأَيْتَ الْجَوْرَ قَدْ شَمِلَ الْبِلَادَ، وَ[رَأَيْتَ](٧٩٠) الْقُرْآنَ قَدْ خَلُقَ، وَأُحْدِثَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ، وَوُجِّهَ عَلَى الْأَهْوَاءِ، وَرَأَيْتَ الدِّينَ قَدِ انْكَفَأَ كَمَا يَنْكَفِئُ الْإِنَاءُ(٧٩١)، وَ[رَأَيْتَ] أَهْلَ الْبَاطِلِ قَدِ اسْتَعْلَوْا عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ، وَ[رَأَيْتَ] الشَّر ظَاهِراً لَا يُنْهَى عَنْهُ وَيُعْذَرُ أَصْحَابُهُ، وَ[رَأَيْتَ] الْفِسْقَ قَدْ ظَهَرَ، وَاكْتَفَى الرِّجَالُ بِالرِّجَال وَالنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ، وَ[رَأَيْتَ] المُؤْمِنَ صَامِتاً لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَالْفَاسِقَ يَكْذِبُ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ كَذِبُهُ وَفِرْيَتُهُ، وَ[رَأَيْتَ] الصَّغِيرَ يَسْتَحْقِرُ الْكَبِيرَ، وَالْأَرْحَامَ قَدْ تَقَطَّعَتْ، وَ[رَأَيْتَ] مَنْ يَمْتَدِحُ بِالْفِسْقِ يَضْحَكُ مِنْهُ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ، وَ[رَأَيْتَ] الْغُلاَمَ يُعْطِي مَا تُعْطِي المَرْأةُ، وَ[رَأَيْتَ] النِّسَاءَ يَتَزَوَّجْنَ النِّسَاءَ، وَرَأَيْتَ الثَّنَاءَ قَدْ كَثُرَ، وَ[رَأَيْتَ] الرَّجُلَ يُنْفِقُ المَالَ فِي غَيْر طَاعَةِ اللهِ فَلَا يُنْهَى وَلَا يُؤْخَذُ عَلَى يَدَيْهِ، وَ[رَأَيْتَ] النَّاظِرَ يَتَعَوَّذُ بِاللهِ مِمَّا يَرَى المُؤْمِنَ فِيهِ مِنَ الْاِجْتِهَادِ، وَ[رَأَيْتَ] الْجَارَ يُؤْذِي جَارَهُ وَلَيْسَ لَهُ مَانِعٌ، وَ[رَأَيْتَ] الْكَافِرَ فَرحاً لِمَا يَرَى فِي المُؤْمِن، مَرحاً لِمَا يَرَى فِي الْأَرْضِ مِنَ الْفَسَادِ، وَ[رَأَيْتَ] الْخُمُورَ تُشْرَبُ عَلَانِيَةً وَيَجْتَمِعُ عَلَيْهَا مَنْ لَا يَخَافُ اللهَ (عزَّ وجلَّ)، وَ[رَأَيْتَ] الْآمِرَ بِالمَعْرُوفِ ذَلِيلاً، وَ[رَأَيْتَ] الْفَاسِقَ فِيمَا لَا يُحِبُّ اللهُ قَويًّا مَحْمُوداً، وَ[رَأَيْتَ] أَصْحَابَ الآيَاتِ (الْآثَارِ خ ل) يُحَقَّرُونَ وَيُحْتَقَرُ مَنْ يُحِبُّهُمْ، وَ[رَأَيْتَ] سَبِيلَ الْخَيْر مُنْقَطِعاً وَسَبِيلَ الشَّر مَسْلُوكاً، وَ[رَأَيْتَ] بَيْتَ اللهِ قَدْ عُطِّلَ وَيُؤْمَرُ بِتَرْكِهِ، وَ[رَأَيْتَ] الرَّجُلَ يَقُولُ مَا لَا يَفْعَلُهُ...
وَ[رَأَيْتَ] النِّسَاءَ يَتَّخِذْنَ المَجَالِسَ كَمَا يَتَّخِذُهَا الرِّجَالُ، وَ[رَأَيْتَ] التَّأْنِيثَ فِي وُلْدِ الْعَبَّاس قَدْ ظَهَرَ، وَأَظْهَرُوا الْخِضَابَ وَامْتَشَطُوا كَمَا تَمْتَشِطُ المَرْأةُ لِزَوْجِهَا...

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧٩٠) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك الموارد التالية.
(٧٩١) في المصدر: (الماء).

 

↑صفحة ٢١١

 

وَكَانَ صَاحِبُ المَالِ أَعَزَّ مِنَ المُؤْمِن، وَ[كَانَ] الرِّبَا ظَاهِراً لَا يُعَيَّرُ بِهِ، وَ[كَانَ] الزِّنَا يُمْتَدَحُ بِهِ النِّسَاءُ...
وَرَأيْتَ أكْثَرَ النَّاس وَخَيْرَ بَيْتٍ مَنْ يُسَاعِدُ النِّسَاءَ عَلَى فِسْقِهِنَّ، وَ[رَأَيْتَ] المُؤْمِنَ مَحْزُوناً مُحْتَقَراً ذَلِيلاً، وَ[رَأَيْتَ] الْبِدَعَ وَالزِّنَا قَدْ ظَهَرَ، وَالنَّاسَ يَعْتَدُّونَ بِشَاهِدِ الزُّور، وَ[رَأَيْتَ] الْحَرَامَ يُحَلَّلُ، وَ[رَأَيْتَ] الْحَلَالَ يُحَرَّمُ، وَ[رَأَيْتَ] الدِّينَ بِالرَّأْيِ، وَعُطِّلَ الْكِتَابُ وَأحْكَامُهُ، وَ[رَأَيْتَ] اللَّيْلَ لَا يُسْتَخْفَى بِهِ مِنَ الْجُرْأةِ عَلَى اللهِ، وَ[رَأَيْتَ] المُؤْمِنَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ إِلَّا بِقَلْبِهِ، وَ[رَأَيْتَ] الْعَظِيمَ مِنَ المَال يُنْفَقُ فِي سَخَطِ اللهِ (عزَّ وجلَّ)، وَ[رَأَيْتَ] الْوُلَاةَ يُقَرَّبُونَ أَهْلَ الْكُفْر وَيُبَاعِدُونَ أَهْلَ الْخَيْر، وَ[رَأَيْتَ الْوُلَاةَ] يَرْتَشُونَ فِي الْحُكْمِ، وَرَأَيْتَ الْولَايَةَ قَبَالَةً لِمَنْ زَادَ...
وَ[رَأَيْتَ] المَرْأةَ تَقْهَرُ زَوْجَهَا، وَتَعْمَلُ مَا لَا يَشْتَهِي، وَتُنْفِقُ عَلَى زَوْجِهَا...
وَ[رَأَيْتَ] الْقِمَارَ قَدْ ظَهَرَ، وَ[رَأَيْتَ] الشَّرابَ يُبَاعُ ظَاهِراً لَيْسَ عَلَيْهِ مَانِعٌ...
وَ[رَأَيْتَ] المَلَاهِيَ قَدْ ظَهَرَتْ يُمَرُّ بِهَا لَا يَمْنَعُهَا أَحَدٌ أَحَداً وَلَا يَجْتَرئُ أحَدٌ عَلَى مَنْعِهَا، وَ[رَأَيْتَ] الشَّريفَ يَسْتَذِلُّهُ الَّذِي يُخَافُ سُلْطَانُهُ...
وَ[رَأَيْتَ] الزُّورَ مِنَ الْقَوْل يُتَنَافَسُ فِيهِ، وَ[رَأَيْتَ] الْقُرْآنَ قَدْ ثَقُلَ عَلَى النَّاس اسْتِمَاعُهُ، وَخَفَّ عَلَى النَّاس اسْتِمَاعُ الْبَاطِلِ، وَ[رَأَيْتَ] الْجَارَ يُكْرمُ الْجَارَ خَوْفاً مِنْ لِسَانِهِ، وَ[رَأَيْتَ] الْحُدُودَ قَدْ عُطِّلَتْ وَعُمِلَ فِيهَا بِالْأَهْوَاءِ، وَ[رَأَيْتَ] المَسَاجِدَ قَدْ زُخْرفَتْ، وَ[رَأَيْتَ] أَصْدَقَ النَّاس عِنْدَ النَّاس المُفْتَريَ الْكَذِبَ، وَ[رَأَيْتَ] الشَّر قَدْ ظَهَرَ، وَالسَّعْيَ بِالنَّمِيمَةِ، وَ[رَأَيْتَ] الْبَغْيَ قَدْ فَشَا، وَ[رَأَيْتَ] الْغِيبَةَ تُسْتَمْلَحُ وَيُبَشِّر بِهَا النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَ[رَأَيْتَ] طُلِبَ الْحَجَّ وَالْجِهَادَ لِغَيْر اللهِ، وَ[رَأَيْتَ] السُّلْطَانَ يُذِلُّ لِلْكَافِر المُؤْمِنَ، وَ[رَأَيْتَ] الْخَرَابَ قَدْ أُدِيلَ مِنَ

 

↑صفحة ٢١٢

 

الْعُمْرَان، وَ[رَأَيْتَ] الرَّجُلَ مَعِيشَتَهُ مِنْ بَخْس الْمِكْيَال وَالْمِيزَان، وَ[رَأَيْتَ] سَفْكَ الدِّمَاءِ يُسْتَخَفُّ بِهَا، وَ[رَأَيْتَ] الرَّجُلَ يَطْلُبُ الرِّئَاسَةَ لِعَرَض الدُّنْيَا، وَيَشْهَرُ نَفْسَهُ بِخُبْثِ اللِّسَان لِيُتَّقَى، وَتُسْنَدَ إِلَيْهِ الْأُمُورُ، وَ[رَأَيْتَ] الصَّلاَةَ قَدِ اسْتُخِفَّ بِهَا، وَ[رَأَيْتَ] الرَّجُلَ عِنْدَهُ المَالُ الْكَثِيرُ لَمْ يُزَكِّهِ مُنْذُ مَلَكَهُ...
وَ[رَأَيْتَ] الْهَرْجَ قَدْ كَثُرَ، وَ[رَأَيْتَ] الرَّجُلَ يُمْسِي نَشْوَانَ وَيُصْبِحُ سَكْرَانَ لَا يَهْتَمُّ بِمَا [يَقُولُ](٧٩٢) النَّاسُ فِيهِ...
وَ[رَأَيْتَ](٧٩٣) الْبَهَائِمَ تَفْرسُ بَعْضُهَا بَعْضاً، وَ[رَأَيْتَ] الرَّجُلَ يَخْرُجُ إِلَى مُصَلَّاهُ وَيَرْجِعُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ثِيَابِهِ، وَ[رَأَيْتَ] قُلُوبَ النَّاس قَدْ قَسَتْ وَجَمَدَتْ أَعْيُنُهُمْ، وَثَقُلَ الذِّكْرُ عَلَيْهِمْ، وَ[رَأَيْتَ] السُّحْتَ قَدْ ظَهَرَ يُتَنَافُسٍ فِيهِ، وَ[رَأَيْتَ] المُصَلِّيَ إِنَّمَا يُصَلِّي لِيَرَاهُ النَّاسُ، وَ[رَأَيْتَ] الْفَقِيهَ يَتَفَقَّهُ لِغَيْر الدِّينِ يَطْلُبُ الدُّنْيَا وَالرِّئَاسَةَ، وَ[رَأَيْتَ] النَّاسَ مَعَ مَنْ غَلَبَ، وَ[رَأَيْتَ] طَالِبَ الْحَلَال يُذَمُّ وَيُعَيَّرُ، وَطَالِبَ الْحَرَام يُمْدَحُ وَيُعَظَّمُ، وَ[رَأَيْتَ] الْحَرَمَيْن يُعْمَلُ فِيهِمَا بِمَا لَا يُحِبُّ اللهُ، لَا يَمْنَعُهُمْ مَانِعٌ، وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَمَل الْقَبِيح أَحَدٌ، وَ[رَأَيْتَ] المَعَازفَ ظَاهِرَةً فِي الْحَرَمَيْن، وَ[رَأَيْتَ] الرَّجُلَ يَتَكَلَّمُ بِشَيءٍ مِنَ الْحَقِّ وَيَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَن المُنْكَر فَيَقُومُ إِلَيْهِ مَنْ يَنْصَحُهُ فِي نَفْسِهِ، فَيَقُولُ: هَذَا عَنْكَ مَوْضُوعٌ، وَ[رَأَيْتَ] النَّاسَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَيَقْتَدُونَ بِأَهْلِ الشَّر، وَ[رَأَيْتَ] مَسْلَكَ الْخَيْر وَطَريقَهُ خَالِياً لَا يَسْلُكُهُ أَحَدٌ، وَ[رَأَيْتَ] المَيِّتَ يُمَرُّ(٧٩٤) بِهِ فَلَا يَفْزَعُ لَهُ أحَدٌ، وَ[رَأَيْتَ] كُلَّ عَام يَحْدُثُ فِيهِ مِنَ الْبِدْعَةِ وَالشَّر أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ،

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧٩٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٧٩٣) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك الموارد التالية.
(٧٩٤) في المصدر: (يُهزَأ).

 

↑صفحة ٢١٣

 

وَ[رَأَيْتَ] الْخَلْقَ وَالمَجَالِسَ لَا يُتَابِعُونَ إِلَّا الْأَغْنِيَاءَ، وَ[رَأَيْتَ] المُحْتَاجَ يُعْطَى عَلَى الضِّحِكِ بِهِ، وَيُرْحَمُ لِغَيْر وَجْهِ اللهِ، وَ[رَأَيْتَ] الْآيَاتِ فِي السَّمَاءِ لَا يَفْزَعُ لَهَا أَحَدٌ، وَالنَّاسَ يَتَسَافَدُونَ كَمَا تَتَسَافَدُ الْبَهَائِمُ، لَا يُنْكِرُ أحَدٌ مُنْكَراً تَخَوُّفاً مِنَ النَّاس، وَ[رَأَيْتَ] الرَّجُلَ يُنْفِقُ الْكَثِيرَ فِي غَيْر طَاعَةِ اللهِ، وَيَمْنَعُ الْيَسِيرَ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَ[رَأَيْتَ] الْعُقُوقَ قَدْ ظَهَرَ، وَاسْتُخِفَّ بِالْوَالِدَيْن، وَكَانَا مِنْ أَسْوَءِ النَّاس حَالاً عِنْدَ الْوَلَدِ، وَيَفْرَحُ بِأنْ يَفْتَريَ عَلَيْهِمَا، وَ[رَأَيْتَ] النِّسَاءَ قَدْ غَلَبْنَ عَلَى المُلْكِ، وَغَلَبْنَ عَلَى كُلِّ أَمْرٍ لَا يُؤْتَى إِلَّا مَا لَهُنَّ فِيهِ هَوًى، وَ[رَأَيْتَ] ابْنَ الرَّجُل يَفْتَري عَلَى أَبِيهِ وَيَدْعُو عَلَى وَالِدَيْهِ، وَيَفْرَحُ بِمَوْتِهِمَا، وَ[رَأَيْتَ] الرَّجُلَ إِذَا مَرَّ بِهِ يَوْمٌ وَلَمْ يَكْسِبُ فِيهِ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ، مِنْ فُجُورٍ أَوْ بَخْس مِكْيَالٍ أَوْ مِيزَانٍ، أَوْ غِشْيَانِ حَرَام، أَوْ شُرْبِ مُسْكِرٍ كَئِيباً يُرَى حَزيناً يَحْسَبُ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَلَيْهِ وَضَيْعَةٌ مِنْ عُمُرهِ، وَ[رَأَيْتَ] السُّلْطَانَ يَحْتَكِرُ الطَّعَامَ، وَ[رَأَيْتَ] أَمْوَالَ ذَوي الْقُرْبَى تُقْسَمُ فِي الزُّور وَيُتَقَامَرُ بِهَا وَيُشْرَبُ بِهَا الْخُمُورُ، وَ[رَأَيْتَ] الْخَمْرَ يُتَدَاوَى بِهَا، وَتُوصَفُ لِلْمَريض وَيُسْتَشْفَى بِهَا، وَ[رَأَيْتَ] النَّاسَ قَدِ اسْتَوَوْا فِي تَرْكِ الْأَمْر بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَن المُنْكَر وَتَرْكِ التَّدَيُّن بِهِ، وَ[رَأَيْتَ] ريَاحَ المُنَافِقِينَ وَأَهْلِ النِّفَاقِ دَائِمَةً(٧٩٥) وَريَاحَ أَهْلِ الْحَقِّ لَا تُحَرِّكُ، وَ[رَأَيْتَ] الْأَذَانَ بِالْأَجْرِ وَالصَّلَاةَ بِالْأَجْرِ، وَ[رَأَيْتَ] المَسَاجِدَ مُحْتَشِيَةً مِمَّنْ لَا يَخَافُ اللهَ، مُجْتَمِعُونَ فِيهَا لِلْغِيبَةِ وَأَكْل لُحُوم أَهْلِ الْحَقِّ، وَيَتَوَاصَفُونَ فِيهَا شَرَابَ‏ المُسْكِر، وَ[رَأَيْتَ] السَّكْرَانَ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فَهُوَ لَا يَعْقِلُ، وَلَا يُشَانُ بِالسُّكْرِ، وَإِذَا سَكِرَ أُكْرمَ وَاتُّقِيَ وَخِيفَ وَتُركَ لَا يُعَاقَبُ وَيُعْذَرُ بِسُكْرهِ، وَ[رَأَيْتَ] مَنْ أَكَلَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى يُحَدَّثُ بِصَلَاحِهِ، وَ[رَأَيْتَ] الْقُضَاةَ يَقْضُونَ بِخِلَافِ مَا أَمَرَ اللهُ، وَ[رَأَيْتَ] الْوُلَاةَ يَأْتَمِنُونَ الْخَوَنَةَ لِلطَّمَع، وَ[رَأَيْتَ]

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧٩٥) في المصدر: (قائمة).

 

↑صفحة ٢١٤

 

الْمِيرَاثَ قَدْ وَضَعَتْهُ الْوُلَاةُ لِأَهْلِ الْفُسُوقِ وَالْجُرْأةِ عَلَى اللهِ، يَأْخُذُونَ مِنْهَا وَيُخَلُّونَهُمْ وَمَا يَشْتَهُونَ، وَ[رَأَيْتَ] المَنَابِرَ يُؤْمَرُ عَلَيْهَا بِالتَّقْوَى، وَلَا يَعْمَلُ الْقَائِلُ بِمَا يَأْمُرُ، وَ[رَأَيْتَ] الصَّلَاةَ قَدِ اسْتُخِفَّ بِأَوْقَاتِهَا، وَ[رَأَيْتَ] الصَّدَقَةَ بِالشَّفَاعَةِ لَا يُرَادُ بِهَا وَجْهُ اللهِ، وَتُعْطَى لِطَلَبِ النَّاس، وَ[رَأَيْتَ] النَّاسَ هَمُّهُمْ بُطُونُهُمْ وَفُرُوجُهُمْ، لَا يُبَالُونَ بِمَا أَكَلُوا وَبِمَا نَكَحُوا، وَ[رَأَيْتَ] الدُّنْيَا مُقْبِلَةً عَلَيْهِمْ، وَ[رَأَيْتَ] أعْلَامَ الْحَقَّ قَدْ دَرَسَتْ، فَكُنْ عَلَى حَذَرٍ، وَاطْلُبْ مِنَ اللهِ (عزَّ وجلَّ) النَّجَاةَ...» الحديث(٧٩٦).
السابع والأربعون: عضُّ الزمان، وجفاء الإخوان، وظلم السلطان، وخروج زنديق من قزوين:
غيبة الشيخ: بسنده عن محمّد بن الحنفيَّة، قيل له: قد طال هذا الأمر حتَّى متى؟ فحرَّك رأسه، ثمّ قال: (أنّى يكون ذلك ولم يعض الزمان، ولم يجف الإخوان، ولم يظلم السلطان، ولم يقم الزنديق من قزوين فيهتك ستورها ويُكفِّر صدورها ويُغيِّر سورها ويذهب بهجتها، من فرَّ منه أدركه، ومن حاربه قتله، ومن اعتزله افتقر، ومن تابعه كفر، حتَّى يقوم باكيان: باكٍ يبكي على دينه، وباكٍ يبكي على دنياه)(٧٩٧).
وقال: روي عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يخرج بقزوين رجل اسمه اسم نبيٍّ، يسرع الناس إلى طاعته، المشرك والمؤمن، يملأ الجبال خوفاً»(٧٩٨).
الثامن والأربعون: السنون الخدّاعة:
النعماني: بسنده عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «إنَّ بين يديّ القائم سنين خدّاعة،

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧٩٦) الكافي (ج ٨/ ص ٦٠ - ٦٦/ ح ٧).
(٧٩٧) راجع: الغيبة للطوسي (ص ٤٦٩/ ح ٤٣٣).
(٧٩٨) الغيبة للطوسي (ص ٤٧٢/ ح ٤٣٨).

 

↑صفحة ٢١٥

 

يُكذَّب فيها الصادق، ويُصدَّق فيها الكاذب، ويُقرَّب فيها الماحل»، وفي حديث: «وينطق فيها الرويبضة».
وعن (النهاية): (في حديث أشراط الساعة: «وأنْ ينطق الرويبضة في أمر العامَّة»، قيل: وما الرويبضة، يا رسول الله؟ فقال: «الرجل التافه»، وهو تصغير الرابضة، أي العاجز الرابض عن معالي الأُمور القاعد عن طلبها، والتاء للمبالغة، والتافه الخسيس الحقير)(٧٩٩).
وفسَّر الصادق (عليه السلام) الماحل بالمكّار من قوله تعالى: ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ﴾ [الرعد: ١٣]، «يريد المكر(٨٠٠)»(٨٠١).
التاسع والأربعون: الجوع، والخوف، والقحط، والقتل، والطاعون، والجراد، والزلازل، والفتن، ونقص الأموال والأنفس والثمرات:
النعماني: بسنده عن الصادق (عليه السلام): «لا بدَّ أنْ يكون قُدّام القائم سنة تجوع فيها الناس، ويصيبهم خوف شديد من القتل، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، فإنَّ ذلك في كتاب الله لبيِّن، ثمّ تلا: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: ١٥٥]»(٨٠٢).
وبسنده أنَّ جابر الجعفي سأل الباقر (عليه السلام) عن هذه الآية، فقال: «ذلك خاصٌّ وعامٌّ، فأمَّا الخاصُّ من الجوع بالكوفة يخصُّ الله به أعداء آل محمّد فيُهلِكهم، وأمَّا العامُّ فبالشام يصيبهم خوف وجوع ما أصابهم مثله قطُّ، وأمَّا الجوع فقبل قيام القائم، وأمَّا الخوف فبعد قيامه»(٨٠٣).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٧٩٩) راجع: النهاية لابن الأثير (ج ٢/ ص ١٨٥).
(٨٠٠) في المصدر: (المكّار).
(٨٠١) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٨٦ و٢٨٧/ باب ١٤/ ح٦٢).
(٨٠٢) الغيبة للنعماني (ص ٢٥٩/ باب ١٤/ ح ٦).
(٨٠٣) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٥٩ و٢٦٠/ باب ١٤/ ح ٧).

 

↑صفحة ٢١٦

 

قال المفيد: وفي حديث محمّد بن مسلم: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إنَّ قُدّام القائم بلوى من الله»، قلت: وما هي، جُعلت فداك؟ فقرأ: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ...﴾ الآية، ثمّ قال: «الخوف من ملوك بني فلان، والجوع من غلاء الأسعار، ونقص الأموال من كساد التجارات وقلَّة الفضل فيها، ونقص الأنفس بالموت الذريع، ونقص الثمرات بقلَّة ريع الزرع وقلَّة بركة الثمار»، ثمّ قال: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ عند ذلك بتعجيل خروج القائم (عليه السلام)»(٨٠٤).
المفيد: بسنده عن الصادق (عليه السلام): «إنَّ قُدّام القائم لسنة غيداقة(٨٠٥)، يفسد فيها الثمار والتمر في النخل، فلا تشكُّوا في ذلك»(٨٠٦).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «بين يدي القائم (عليه السلام) موت أحمر وموت أبيض، وجراد في حينه وجراد في غير حينه كألوان الدم، فأمَّا الموت الأحمر فالسيف، وأمَّا الموت الأبيض فالطاعون»(٨٠٧).
وروي: «حتَّى يذهب من كلِّ سبعة خمسة»(٨٠٨)، وروي: «حتَّى يذهب ثلثا الناس»(٨٠٩)، ويمكن الجمع بوقوع ذلك كلِّه على التدريج.
وعن الصادق (عليه السلام): «لا يكون هذا الأمر حتَّى يذهب تسعة أعشار الناس»(٨١٠).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٨٠٤) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٧ و٣٧٨).
(٨٠٥) الظاهر أنَّ المراد بالغيداقة الكثيرة المطر الذي بسبب كثرته تفسد الثمار والتمر، لأنَّه يوجب اجتماع المياه حول الأشجار وبقاءها مدَّة طويلة.
(٨٠٦) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٧).
(٨٠٧) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٢).
(٨٠٨) كمال الدِّين (ص ٦٨٥/ باب ٥٧/ ح ٢٧).
(٨٠٩) الغيبة للطوسي (ص ٣٦٧/ ح ٢٨٦).
(٨١٠) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٢ و٢٨٣/ باب ١٤/ ح ٥٤).

 

↑صفحة ٢١٧

 

وقال الباقر (عليه السلام): «لا يقوم القائم [(عليه السلام)](٨١١) إلَّا على خوف شديد [من الناس وزلازل] وفتنة وبلاء [يصيب الناس] وطاعون قبل ذلك، وسيف قاطع بين العرب، واختلاف شديد في الناس، وتشتُّت في دينهم، وتغيُّر من حالهم حتَّى يتمنّى المتمنّي الموت صباحاً ومساءً من عظم ما يرى من كَلَب الناس وأكل بعضهم بعضاً، فخروجه [(عليه السلام)] إذا خرج يكون [عند](٨١٢) اليأس والقنوط من أنْ يروا فرجاً»(٨١٣).
الخمسون: اشتداد الحاجة والفاقة، وإنكار الناس بعضهم بعضاً:
تفسير عليِّ بن إبراهيم: عن أبي جعفر (عليه السلام): «إذا اشتدَّت الحاجة والفاقة، وأنكر الناس بعضهم بعضاً، فعند ذلك توقَّعوا هذا الأمر صباحاً ومساءً»، فقيل: الحاجَّة والفاقة قد عرفناها، فما إنكار الناس بعضهم بعضاً؟ قال: «يأتي الرجل أخاه في حاجة فيلقاه بغير الوجه الذي كان يلقاه به، ويُكلِّمه بغير الكلام الذي كان يُكلِّمه به»(٨١٤).
الحادي والخمسون: تمييز أهل الحقِّ وتمحيصهم:
المفيد: بسنده عن الرضا (عليه السلام) قال: «لا يكون ما تمدُّنُّ إليه أعناقكم حتَّى تُميَّزوا وتُمحَّصوا، فلا يبقى منكم إلَّا القليل»، ثمّ قرأ: «﴿الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ [العنكبوت: ١ و٢]»(٨١٥).
والظاهر أنَّ المراد بذلك ارتداد الكثير عن الدِّين حتَّى لا يبقى إلَّا القليل وهم الخالصو الإيمان.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٨١١) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك الموارد التالية.
(٨١٢) ما بين المعقوفتين قد سقط من المصدر.
(٨١٣) الغيبة للنعماني (ص ٢٦٢ و٢٦٣/ باب ١٤/ ح ١٣).
(٨١٤) راجع: تفسير القمّي (ج ١/ ص ٣١١).
(٨١٥) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٥).

 

↑صفحة ٢١٧

 

الثاني والخمسون: تمييز أولياء الله، وتطهير الأرض من المنافقين:
مجالس المفيد: بسنده عن حذيفة بن اليمان: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: «يُميِّز الله أولياءه وأصفياءه حتَّى يُطهِّر الأرض من المنافقين والضالّين وأبناء الضالّين، وحتَّى تلتقي بالرجل يومئذٍ خمسون امرأة هذه تقول: يا عبد الله اشترني، وهذه تقول: يا عبد الله آوني»(٨١٦)،(٨١٧).
الثالث والخمسون: الفتن والمسخ:
المفيد: بسنده عن الكاظم (عليه السلام) في قوله (عزَّ وجلَّ): ﴿سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْأَفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ [فُصِّلت: ٥٣]، قال: «الفتن في الآفاق، والمسخ في أعداء الحقِّ»(٨١٨).
النعماني: بسنده سُئِلَ الصادق (عليه السلام) عن قوله تعالى: ﴿عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا﴾ [فُصِّلت: ١٦]، فقال: «أي خزي أخزى من أنْ يكون الرجل في بيته وسط عياله إذ شقَّ أهله الجيوب عليه وصرخوا، فيقول الناس: ما هذا؟ فيقال: مُسِخَ فلان الساعة»، قيل: قبل قيام القائم أو بعده؟ قال: «بل قبله»(٨١٩).
الرابع والخمسون: خلع العرب أعنَّتها:
وهو كناية عن خروجها عن طاعة ملوكها وفعلها ما تشاء، ومرَّ في الأمر الأوَّل أنَّه قيل للصادق (عليه السلام): متى فرج شيعتكم؟ فعدَّ أشياء، ثمّ قال: «وخلعت العرب أعنَّتها»(٨٢٠).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٨١٦) أمالي المفيد (ص ١٧٦/ مجلس ١٨/ ح ٢).
(٨١٧) هذا الحديث وإنْ لم يُصرَّح فيه بأنَّ ذلك من علامات المهدي إلَّا أنَّ العلماء ذكروه في عدادها، وسياقه يدلُّ على ذلك.
(٨١٨) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٣).
(٨١٩) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٧٧ و٢٧٨/ باب ١٤/ ح ٤١).
(٨٢٠) مرَّ في (ص ١٨٣)، فراجع.

 

↑صفحة ٢١٩

 

الخامس والخمسون: بيعة الصبيِّ، ورفع كلِّ ذي صيصية صيصيته:
الصيصية ما يُمتَنع به من قرن ونحوه، وهو كناية عن أنَّ كلَّ من له أدنى قوَّة يطلب الملك والإمارة، ويحتمل أنْ يُراد به رفع البناء وتعليته، ومرَّ في الأمر الأوَّل أنَّه قيل للصادق (عليه السلام): متى فرج شيعتكم؟ فعدَّ أشياء، إلى أنْ قال: «ورفع كلِّ ذي صيصية صيصيته»(٨٢١).
وروي: «إذا ظهرت بيعة الصبيِّ قام كلُّ ذي صيصية بصيصيته»(٨٢٢).
السادس والخمسون: كثرة التولية والعزل:
النعماني: بسنده عن الصادق (عليه السلام): «ما يكون هذا الأمر حتَّى لا يبقى صنف من الناس إلَّا وقد ولُّوا على الناس حتَّى لا يقول قائل: إنّا لو وُلّينا لعدلنا، ثمّ يقوم القائم بالحقِّ والعدل»(٨٢٣).
السابع والخمسون: النداء من السماء باسم القائم:
وقد جاءت به روايات كثيرة، وعُبِّر عنه بالنداء وبالصيحة وبالفزعة، ورواه المنصور الدوانيقي عن الباقر (عليه السلام)، وقال: (لا بدَّ من منادٍ ينادي من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب من ولد فاطمة (عليها السلام)، فإذا كان فنحن أوَّل من يُجيبه، لأنَّه إلى رجل من بني عمِّنا، ولولا أنّي سمعته من أبي جعفر محمّد بن عليٍّ وحدَّثني به أهل الأرض كلُّهم ما قبلته منهم، لكنَّه محمّد بن عليٍّ)(٨٢٤).
والمستفاد من الأخبار أنَّ هذا النداء يكون أربع مرّات:
المرَّة الأُولى: في رجب، روى النعماني والطوسي في (غيبتهما) بأسانيدهما عن الحميري وغيره عن الرضا (عليه السلام) في حديث: «لا بدَّ من فتنة صمّاء صيلم يسقط

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٨٢١) مرَّ في (ص ١٨٣ و١٨٤)، فراجع.
(٨٢٢) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٢/ باب ١٤/ ح ٥٢).
(٨٢٣) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٢/ باب ١٤/ ح ٥٣).
(٨٢٤) راجع: الكافي (ج ٨/ص ٢٣٣ و٢٣٤/ح ٢٥٥)؛ الغيبة للطوسي (ص ٤٦١ و٤٦٢/ح ٤٢٣).

 

↑صفحة ٢٢٠

 

فيها كلُّ بطانة ووليجة، وذلك عند فقدان الشيعة الثالث(٨٢٥) من ولدي، يبكي عليه أهل السماء وأهل الأرض، كأنّي بهم أسرّ(٨٢٦) ما يكونون، وقد نودوا نداء يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب، يكون رحمةً للمؤمنين وعذاباً على الكافرين، ينادون في رجب ثلاثة أصوات من السماء، صوتاً منها: ﴿أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [هود: ١٨]، والصوت الثاني: ﴿أَزِفَتِ الآَزِفَةُ﴾ [النجم: ٥٧]، يا معشر المؤمنين، والصوت الثالث يرون بدناً بارزاً نحو عين الشمس [ينادي](٨٢٧): هذا أمير المؤمنين قد ذُكِرَ(٨٢٨) في هلاك الظالمين».
وفي رواية الحميري: «والصوت بدن يُرى في قرن الشمس يقول: إنَّ الله بعث فلاناً فاسمعوا له وأطيعوا، فعند ذلك يأتي الناس الفرج وتودُّ الناس لو كانوا أحياءً، ويشفي الله صدور قوم مؤمنين»(٨٢٩).
المرَّة الثانية: النداء بعد مبايعته بين الركن والمقام كما مرَّ في الأمر السادس(٨٣٠)، وهذا يكون في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين في ليلة جمعة، ينادي جبرئيل من السماء باسم القائم واسم أبيه أنَّ فلان بن فلان هو الإمام(٨٣١).
وفي رواية: «أيُّها الناس إنَّ أميركم فلان، وذلك هو المهدي»(٨٣٢).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٨٢٥) في الغيبة للنعماني: (الرابع).
(٨٢٦) في الغيبة للنعماني: (آيس).
(٨٢٧) ما بين المعقوفتين من الغيبة للنعماني.
(٨٢٨) في الغيبة للنعماني: (بُعِثَ).
(٨٢٩) راجع: الغيبة للطوسي (ص ٤٦٧ و٤٦٨/ ح ٤٣١)؛ الغيبة للنعماني (ص ١٨٦/ باب ١٠/ فصل ٤/ ح ٢٨).
(٨٣٠) مرَّ في (ص ١٩٣)، فراجع.
(٨٣١) راجع: كمال الدِّين (ص ٦٨٠/ باب ٥٧/ ح ٤).
(٨٣٢) الغيبة للطوسي (ص ٤٩١ و٤٩٢/ ح ٤٧٩).

 

↑صفحة ٢٢١

 

وروي: «باسمه واسم أبيه وأُمِّه، بصوت يسمعه من بالمشرق والمغرب وأهل الأرض كلُّهم، كلُّ قوم بلسانهم، اسمه اسم نبيٍّ، حتَّى تسمعه العذراء في خدرها فتُحرِّض أباها وأخاها على الخروج، ولا يبقى راقد إلَّا استيقظ، ولا قائم إلَّا قعد، ولا قاعد إلَّا قام على رجليه فزعاً من ذلك»(٨٣٣).
وروي: «الفزعة في شهر رمضان آية، تُخرِج الفتاة من خدرها، وتُوقِظ النائم، وتفزع اليقظان»(٨٣٤).
وفي رواية: «صيحة في شهر رمضان تفزع اليقظان، وتُوقِظ النائم، وتُخرِج الفتاة من خدرها»(٨٣٥).
وقال الباقر (عليه السلام): «الصيحة لا تكون إلَّا في شهر رمضان، وهي صيحة جبرئيل»(٨٣٦).
وروي: «ينادي أنَّ الأمر لفلان بن فلان ففيم القتال»، أو «فيم القتل»، أو «فيم القتل والقتال، صاحبكم فلان»(٨٣٧).
ولا يبعد أنْ يكون هذا نداء آخر كالذي يأتي بعده.
تفسير عليِّ بن إبراهيم: بسنده عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا﴾ [سبأ: ٥١]، قال: «من الصوت، وذلك الصوت من السماء...» الحديث(٨٣٨).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٨٣٣) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٦٣/ باب ١٤/ ح ١٣).
(٨٣٤) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٦٠ و٢٦١/ باب ١٤/ ح ٨).
(٨٣٥) الغيبة للنعماني (ص ٢٦٧/ باب ١٤/ ح ١٧).
(٨٣٦) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٦٢/ باب ١٤/ ح ١٣).
(٨٣٧) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٧٤ و٢٧٥/ باب ١٤/ ح ٣٣ و٣٥).
(٨٣٨) تفسير القمّي (ج ٢/ ص ٢٠٥).

 

↑صفحة ٢٢٢

 

المرَّة الثالثة: النداء باسم القائم: «يا فلان بن فلان قم»، رواه النعماني بسنده عن الصادق (عليه السلام)(٨٣٩). والظاهر أنَّه غير الندائين السابقين.
المرَّة الرابعة: نداء جبرئيل، ونداء إبليس، روي أنَّه «ينادي جبرئيل من السماء أوَّل النهار: ألَا إنَّ الحقَّ مع عليٍّ وشيعته، ثمّ ينادي إبليس من الأرض في آخر النهار: ألَا إنَّ الحقَّ مع فلان - رجل من بني أُميَّة - وشيعته»(٨٤٠).
وروي: «ألَا إنَّ الحقَّ في السفياني وشيعته، فعند ذلك يرتاب المبطلون، كما نادى إبليس برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليلة العقبة»(٨٤١).
وروي: «هما صيحتان: صيحة في أوَّل الليل، ونداء في النهار»(٨٤٢).
وقال الباقر (عليه السلام): «لا بدَّ من هذين الصوتين قبل خروج القائم: صوت جبرئيل من السماء، وصوت إبليس من الأرض، فاتَّبعوا الأوَّل وإيّاكم والأخير أنْ تفتنوا به»(٨٤٣).
وفي رواية بعد ذكر العلامات: «فإنْ أشكل عليكم هذا فلا يشكل عليكم الصوت من السماء باسمه وأمره»(٨٤٤).
وعن الصادق (عليه السلام): «أشهد أنّي قد سمعت أبي (عليه السلام) يقول: والله إنَّ ذلك - يعني النداء باسم القائم - في كتاب الله (عزَّ وجلَّ) لبين، حيث يقول: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ﴾ [الشعراء: ٤]، فلا

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٨٣٩) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٧/ باب ١٤/ ح ٦٤).
(٨٤٠) راجع: الغيبة للطوسي (ص ٤٨٢/ ح ٤٦١).
(٨٤١) راجع: كمال الدِّين (ص ٦٨٠ و٦٨٢/ باب ٥٧/ ح ٤ و١٤).
(٨٤٢) الغيبة للنعماني (ص ٢٧٣ و٢٧٤/ باب ١٤/ ح ٣١)؛ وفيه: (هما صيحتان: صيحة في أوَّل الليل، وصيحة في آخر الليلة الثانية).
(٨٤٣) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٦٣/ باب ١٤/ ح ١٣).
(٨٤٤) تفسير العيّاشي (ج ١/ ص ٦٥/ ح ١١٧).

 

↑صفحة ٢٢٣

 

يبقى يومئذٍ في الأرض أحد إلَّا خضع وذلَّت رقبته لها...»، إلى أنْ قال: «فإذا كان من الغد صعد إبليس في الهواء ثمّ ينادي...» الحديث(٨٤٥).
وفي رواية: «إذا سمعوا الصوت أصبحوا وكأنَّما على رؤوسهم الطير»(٨٤٦).
وسأل زرارةُ الصادقَ (عليه السلام) فقال: النداء خاصٌّ أو عامٌّ؟ قال: «عامٌّ يسمعه كلُّ قوم بلسانهم»، فقال: فمن يخالف القائم وقد نودي باسمه؟ فقال: «لا يدعهم إبليس حتَّى ينادي فيُشكِّك الناس»(٨٤٧).
وسأله أيضاً، فقال: فمن يعرف الصادق من الكاذب؟ فقال: «يعرفه الذين كانوا يروون حديثنا، ويقولون: إنَّه يكون قبل أنْ يكون، ويعلمون أنَّهم هم المحقُّون الصادقون»(٨٤٨).
وسأله هشام بن سالم، فقال: وكيف تُعرَف هذه من هذه - أي الصيحتان -؟ فقال: «يعرفها من كان سمع بها قبل أنْ تكون»(٨٤٩).
الثامن والخمسون: قتل النفس الزكيَّة:
عن الباقر (عليه السلام): أنَّ المهدي حينما يخرج يبعث رجلاً من أصحابه إلى أهل مكَّة يدعوهم إلى نصرته، فيذبحونه بين الركن والمقام، وهي النفس الزكيَّة(٨٥٠).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٨٤٥) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٦٨/ باب ١٤/ ح ١٩).
(٨٤٦) الغيبة للنعماني (ص ٢٧١/ باب ١٤/ ح ٢٣).
(٨٤٧) كمال الدِّين (ص ٦٨٠ و٦٨١/ باب ٥٧/ ح ٨).
(٨٤٨) الغيبة للنعماني (ص ٢٧٢ و٢٧٣/ باب ١٤/ ح ٢٨).
(٨٤٩) الغيبة للنعماني (ص ٢٧٣ و٢٧٤/ باب ١٤/ ح ٣١).
(٨٥٠) راجع: الغيبة للطوسي (ص ٣٠٩/ ح ٨١).

 

↑صفحة ٢٢٤

 

إكمال الدِّين: بسنده عن محمّد بن مسلم أنَّه قال للباقر (عليه السلام): متى يظهر قائمكم؟ فذكر علامات، إلى أنْ قال: «وقتل غلام من آل محمّد [(صلّى الله عليه وآله وسلّم)](٨٥١) بين الركن والمقام اسمه محمّد بن الحسن النفس الزكيَّة»(٨٥٢).
وبسنده عن إبراهيم الحريري: «النفس الزكيَّة غلام من آل محمّد اسمه: محمّد بن الحسن، يُقتَل بلا جرم ولا ذنب، فإذا قتلوه لم يبقَ لهم في السماء عاذر ولا في الأرض ناصر، فعند ذلك يبعث الله قائم آل محمّد في عصبة لهم أدقّ في أعين الناس من الكحل، فإذا خرجوا بكى الناس لهم، لا يرون إلَّا أنَّهم يختطفون، يفتح الله لهم مشارق الأرض ومغاربها، ألَا وهم المؤمنون حقًّا، ألَا إنَّ خير الجهاد في آخر الزمان»(٨٥٣).
غيبة الشيخ: بسنده عن عمّار بن ياسر، وذكر علامات خروج المهدي (عليه السلام)، إلى أنْ قال: (فعند ذلك يُقتَل النفس الزكيَّة وأخوه بمكَّة ضيعةً...) الحديث(٨٥٤).
المفيد: بسنده عن الباقر (عليه السلام): «ليس بين قيام القائم (عليه السلام) وقتل النفس الزكيَّة أكثر من خمس عشرة ليلة»(٨٥٥).
غيبة النعماني: بسنده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث: «ألَا أُخبركم بآخر ملك بني فلان؟»، قلنا: بلى يا أمير المؤمنين، قال: «قتل نفس حرام، في يوم حرام، في بلد حرام، عن قوم من قريش، والذي فلق الحبَّة وبرأ النسمة ما لهم

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٨٥١) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٨٥٢) كمال الدِّين (ص ٣٦٠ و٣٦١/ باب ٣٢/ ح ١٦).
(٨٥٣) الغيبة للطوسي (ص ٤٩٤ و٤٩٣/ ح ٤٨٠)؛ ولم نجده في كمال الدِّين المطبوع.
(٨٥٤) الغيبة للطوسي (ص ٤٩١ و٤٩٢/ ح ٤٧٩).
(٨٥٥) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٤).

 

↑صفحة ٢٢٥

 

ملك بعده غير خمس عشرة ليلة»، قلنا: هل قبل هذا [من شيء](٨٥٦) أو بعده من شيء؟ فقال: «صيحة في شهر رمضان...» الحديث(٨٥٧).
التاسع والخمسون: كسوف الشمس والقمر في غير وقته:
المفيد: بسنده عن الباقر (عليه السلام)، قال: «آيتان تكونان قبل القائم [(عليه السلام)](٨٥٨): كسوف الشمس في النصف من شهر رمضان، و[خسوف] القمر في آخره»، فقيل له: تُكسَف الشمس في نصف الشهر والقمر في آخره؟ فقال: «أنا أعلم بما قلت، إنَّهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم (عليه السلام)»(٨٥٩).
وفي رواية: «خسوف القمر لخمس»(٨٦٠).
وفي أُخرى: «انكساف القمر لخمس تبقى، والشمس لخمس عشرة، وذلك في شهر رمضان»(٨٦١).
وفي رواية: «كسوف الشمس في شهر رمضان في ثلاث عشرة وأربع عشرة منه»(٨٦٢).
وفي رواية: «تنكسف الشمس لخمس مضين من شهر رمضان قبل قيام القائم [(عليه السلام)](٨٦٣)»(٨٦٤).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٨٥٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٨٥٧) الغيبة للنعماني (ص ٢٦٦ و٢٦٧/ باب ١٤/ ح ١٧).
(٨٥٨) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر؛ وكذلك المورد التالي.
(٨٥٩) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٤)؛ وفيه: (يا ابن رسول الله، تنكسف الشمس في آخر الشهر، والقمر في النصف).
(٨٦٠) كمال الدِّين (ص ٦٨٥/ باب ٥٧/ ح ٢٥).
(٨٦١) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٠/ باب ١٤/ ح ٤٦).
(٨٦٢) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٠/باب ١٤/ ح ٤٧).
(٨٦٣) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٨٦٤) كمال الدِّين (ص ٦٨٥/ باب ٥٧/ ح ٢٨).

 

↑صفحة ٢٢٦

 

الستُّون: ركود الشمس، وخروج صدر ووجه في عين الشمس:
المفيد: بسنده عن الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ﴾ [الشعراء: ٤]، قال: «سيفعل الله ذلك بهم»، قلت: ومن هم؟ قال: «بنو أُميَّة وشيعتهم»، قلت: وما الآية؟ قال: «ركود الشمس ما بين زوال الشمس إلى وقت العصر، وخروج صدر رجل(٨٦٥) ووجهه في عين الشمس يُعرَف بحسبه ونسبه، وذلك في زمان السفياني، وعندها يكون بواره وبوار قومه»(٨٦٦).
غيبة الطوسي: بسنده عن عليِّ بن عبد الله بن عبّاس: «لا يخرج المهدي حتَّى تطلع مع الشمس آية»(٨٦٧).
ومرَّ في الأمر السابع والخمسين: «يرون بدناً بارزاً نحو عين الشمس، أو يُرى بدن في قرن الشمس»(٨٦٨).
الحادي والستُّون: وجه يطلع في القمر، وكفُّ من السماء:
النعماني: بسنده عن الصادق (عليه السلام): «العام الذي فيه الصيحة قبله الآية في رجب»، قلت: وما هي؟ قال: «وجه يطلع في القمر، ويد بارزة»(٨٦٩).
وبسنده عن الصادق (عليه السلام) أنَّه عدَّ من المحتوم النداء، والسفياني، وقتل النفس الزكيَّة، وكفُّ يطلع من السماء، وفزعة في شهر رمضان(٨٧٠).
ومرَّ في الأمر الحادي عشر: «وكفُّ يقول: هذا وهذا»(٨٧١).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٨٦٥) في هامش المصدر: (في (ش): رجل، معلَّم عليها بأنَّها زائدة).
(٨٦٦) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٣).
(٨٦٧) الغيبة للطوسي (ص ٤٩٤/ ح ٤٨٢).
(٨٦٨) مرَّ في (ص ٢٢١)، فراجع.
(٨٦٩) الغيبة للنعماني (ص ٢٦١/ باب ١٤/ ح ١٠).
(٨٧٠) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٦٢/ باب ١٤/ ح ١١).
(٨٧١) مرَّ في (ص ١٩٧)، وفيه: (فكيف يقول هذا هذا؟!).

 

↑صفحة ٢٢٧

 

الثاني والستُّون: طلوع كوكب مذنب:
رواه صاحب (كفاية النصوص) بسنده عن أمير المؤمنين (عليه السلام)(٨٧٢).
ومرَّ في العلامات التي ذكرها المفيد: «وطلوع نجم بالمشرق يضيء كما يضيء القمر، ثمّ ينعطف حتَّى يكاد يلتقي طرفاه»(٨٧٣)، لكن الظاهر أنَّه غيره.
الثالث والستُّون: اشتداد الحرِّ:
النعماني: بسنده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «قبل هذا الأمر يبوح(٨٧٤)»، فلم أدرِ ما اليبوح حتَّى حججت(٨٧٥)، فسمعت أعرابيًّا يقول: هذا يوم يبوح، فقلت له: ما اليبوح؟ فقال: الشديد الحرِّ(٨٧٦).
الرابع والستُّون: عدم بقاء صنف من الناس إلَّا قد ولُّوا:
النعماني: بسنده عن الصادق (عليه السلام): «ما يكون هذا الأمر حتَّى لا يبقى صنف من الناس إلَّا قد ولُّوا حتَّى لا يقول قائل: إنّا لو ولِّينا لعدلنا، ثمّ يقوم القائم بالحقِّ والعدل»(٨٧٧).
وعنه (عليه السلام): «إنَّ دولتنا آخر الدُّوَل، ولم يبقَ أهل بيت لهم دولة إلَّا ملكوا قبلنا، لئلَّا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء، وهو قول الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف: ١٢٨]»(٨٧٨).
الخامس والستُّون: موت خليفة:
عن الصادق (عليه السلام): «بينا الناس وقوف بعرفات إذ أتاهم راكب على ناقة

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٨٧٢) كفاية الأثر (ص ٢٤٠)، وفيه: (طلوع الكوكب ذي الذنب).
(٨٧٣) مرَّ في (ص ١٧٩)، فراجع.
(٨٧٤) في المصدر: (بيوح)؛ وكذلك الموارد التالية.
(٨٧٥) في المصدر: (فحججت).
(٨٧٦) الغيبة للنعماني (ص ٢٧٩/ باب ١٤/ ح ٤٤).
(٨٧٧) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٢/ باب ١٤/ ح ٥٣).
(٨٧٨) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨٥).

 

↑صفحة ٢٢٨

 

ذعلبة يُخبرهم بموت خليفة، يكون عند موته فرج آل محمّد [(صلّى الله عليه وآله وسلّم)](٨٧٩) وفرج الناس جميعاً»(٨٨٠).
السادس والستُّون: قتل خليفة، وخلع خليفة، واستخلاف ابن السبية:
النعماني: بسنده عن حذيفة بن اليمان: «يُقتَل خليفة ما له في السماء عاذر، ولا في الأرض ناصر، ويُخلَع خليفة حتَّى يمشي على وجه الأرض ليس له من الأمر شيء، ويستخلف ابن السبية...» الحديث(٨٨١).
السابع والستُّون: أربع وعشرون مطرة:
المفيد: بسنده عن سعيد بن جبير، قال: (إنَّ السنة التي يقوم فيها المهدي (عليه السلام) تمطر الأرض أربعاً وعشرين مطرة، تُرى آثارها وبركاتها)(٨٨٢).
الثامن والستُّون: المطر في جمادى الآخرة ورجب:
المفيد: بسنده عن الصادق (عليه السلام): «إذا آن قيام القائم مطر الناس جمادى الآخرة وعشرة أيّام من رجب مطراً لم يرَ الخلائق مثله، فيُنبِت الله به لحوم المؤمنين وأبدانهم في قبورهم [عند قيامه، ليكونوا من أنصاره](٨٨٣)»(٨٨٤).
التاسع والستُّون: خروج دابَّة الأرض، والدجّال، والدخان، ونزول عيسى (عليه السلام)، وطلوع الشمس من مغربها:
تفسير عليِّ بن إبراهيم: عن الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٨٧٩) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٨٨٠) الغيبة للنعماني (ص ٢٧٥ و٢٧٦/ باب ١٤/ ح ٣٧).
(٨٨١) الغيبة للنعماني (ص ٢٧٦/ باب ١٤/ ح ٣٩).
(٨٨٢) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٣).
(٨٨٣) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٨٨٤) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨١).

 

↑صفحة ٢٢٩

 

أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً﴾ [الأنعام: ٣٧]: «وسيريك(٨٨٥) في آخر الزمان آيات، منها دابَّة الأرض، والدجّال، ونزول عيسى بن مريم، وطلوع الشمس من مغربها»(٨٨٦).
وفي قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ﴾، قال: «هو الدجّال(٨٨٧) والصيحة، ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ وهو الخسف، ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً﴾ وهو اختلاف في الدِّين وطعن بعضكم على بعض، ﴿وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾ [الأنعام: ٦٥]، وهو أنْ يقتل بعضكم بعضاً، وكلُّ هذا في أهل القبلة»(٨٨٨).
غيبة الشيخ: بسنده عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «عشر قبل الساعة لا بدَّ منها: السفياني، والدجّال، والدخان، والدابَّة، وخروج القائم، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى [(عليه السلام)، وخسف بالمشرق](٨٨٩)، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر»(٨٩٠).
إكمال الدِّين: بسنده عن الباقر (عليه السلام) في حديث: «وينزل روح الله عيسى ابن مريم (عليه السلام) فيُصلّي خلفه - أي خلف القائم -...» الحديث(٨٩١).
وبسنده أنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «إنَّ علامة خروج الدجّال إذا أمات الناس الصلاة»، وذكر عدَّة أُمور منكرة، فقام إليه الأصبغ بن نباتة فقال: يا أمير المؤمنين، من الدجّال؟ فقال: «صائد بن الصيد، يخرج من بلدة بأصفهان من

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٨٨٥) في المصدر: (وسيريكم).
(٨٨٦) تفسير القمّي (ج ١/ ص ١٩٨).
(٨٨٧) في المصدر: (الدخان).
(٨٨٨) تفسير القمّي (ج ١/ ص ٢٠٤)؛ وقد مرَّ مختصراً في (ص ١٩٣)، فراجع.
(٨٨٩) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٨٩٠) الغيبة للطوسي (ص ٤٦٤/ ح ٤٢٦).
(٨٩١) كمال الدِّين (ص ٣٦٠ و٣٦١/ باب ٣٢/ ح ١٦).

 

↑صفحة ٢٣٠

 

قرية تُعرَف باليهوديَّة، عينه اليمنى ممسوحة والأُخرى في جبهته تضيء كأنَّها كوكب الصبح، فيها علقة كأنَّها ممزوجة بالدم، بين عينيه مكتوب: كافر، يقرأه كلُّ كاتب وأُمّي، يخوض البحار، وتسير معه الشمس، بين يديه جبل من دخان، وخلفه جبل أبيض يرى الناس أنَّه طعام، يخرج في قحط شديد، تحته حمار أقمر(٨٩٢)، خطوة حماره ميل، تُطوى له الأرض منهلاً منهلاً، لا يمرُّ بماء إلَّا غار إلى يوم القيامة، ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين من الجنِّ والإنس والشياطين يقول: إليَّ أوليائي، أنا الذي خلق فسوّى، وقدَّر فهدى، أنا ربُّكم الأعلى، وكذب عدوُّ الله إنَّه لأعور يُطعَم الطعام ويمشي في الأسواق، وإنَّ ربَّكم (عزَّ وجلَّ) ليس بأعور ولا يُطعَم ولا يمشي ولا يزول، ألَا وإنَّ أكثر أشياعه يومئذٍ أولاد الزنا وأصحاب الطيالسة الخضر، يقتله الله (عزَّ وجلَّ) بالشام على عقبة تُعرَف بعقبة أفيق(٨٩٣) لثلاث ساعات [مضت](٨٩٤) من يوم الجمعة على يد من يُصلّي المسيح عيسى بن مريم خلفه - يعني المهدي (عليه السلام)-».
ويأتي في المجلس الرابع عشر أنَّ المهدي يظفر بالدجّال ويصلبه على كناسة الكوفة، ويمكن الجمع بأنَّه يقتله على عقبة أفيق ويصلب جثَّته على كناسة الكوفة، والله أعلم.
ثمّ قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «ألَا إنَّ بعد ذلك الطامَّة الكبرى».
قيل: وما ذلك، يا أمير المؤمنين؟
قال: «خروج دابَّة من الأرض من عند الصفا معها خاتم سليمان وعصا موسى، تطبع الخاتم على وجه كلِّ مؤمن فيُطبَع فيه: هذا مؤمن حقًّا، وتضع على

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٨٩٢) القُمرة - بالضمِّ -: لون يميل إلى الخضرة أو بياض فيه كدرة.
(٨٩٣) في القاموس [ج ٣/ ص ٢٠٩]: أفيق قرية بين حوران والغور، ومنه عقبة أفيق.
(٨٩٤) ما بين المعقوفتين من المصدر.

 

↑صفحة ٢٣١

 

وجه كلِّ كافر فتكتب فيه: هذا كافر حقًّا، حتَّى إنَّ المؤمن لينادي: الويل لك يا كافر، وإنَّ الكافر ينادي: طوبى لك يا مؤمن، وددت أنّي اليوم مثلك فأفوز فوزاً، ثمّ ترفع الدابَّة رأسها فيراها من بين الخافقين بإذن الله (عزَّ وجلَّ) بعد طلوع الشمس من مغربها، فعند ذلك تُرفَع التوبة، فلا توبة تقبل ولا عمل يُرفَع و﴿لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً﴾ [الأنعام: ١٥٨]...» الحديث(٨٩٥).

 

* * *

 

 

 

(٨٩٥) راجع: كمال الدِّين (ص ٥٥٥ - ٥٥٨/ باب ٤٧/ ح ١).

 

↑صفحة ٢٣٢

 

في ذكر السنة التي يخرج فيها المهدي (عليه السلام) واليوم الذي يخرج فيه، والمكان الذي يخرج فيه، وما يفعله بعد خروجه وأين يقيم، وهيأته بحسب السنِّ، ومدَّة ملكه، وما تكون عليه الأرض ومن عليها من الناس، وسيرته عند قيامه وطريقة أحكامه، وما بيَّنه الله تعالى من آياته

 

سنة خروجه:
فأمَّا السنة التي يخرج فيها، فروى المفيد بسنده عن الصادق (عليه السلام): «لا يخرج القائم [(عليه السلام)](٨٩٦) إلَّا في وتر من السنين، سنة إحدى، أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع»(٨٩٧).
وعن الباقر (عليه السلام): «يقوم القائم (عليه السلام) في وتر من السنين، تسع، واحدة، ثلاث، خمس»(٨٩٨).
يوم خروجه:
وأمَّا اليوم الذي يخرج فيه، فروى المفيد بسنده عن الصادق (عليه السلام): «يُنادى باسم القائم [(عليه السلام)](٨٩٩) في ليلة ثلاث وعشترين - أي من شهر رمضان كما في

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٨٩٦) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٨٩٧) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٨ و٣٧٩).
(٨٩٨) الغيبة للنعماني (ص ٢٧٠/ باب ١٤/ ح ٢٢).
(٨٩٩) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي.

 

↑صفحة ٢٣٣

 

الروايات الأُخر -، ويقوم في يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي قُتِلَ فيه الحسين بن عليٍّ [(عليهما السلام)]، لكأنّي به في اليوم(٩٠٠) العاشر من المحرَّم قائماً بين الركن والمقام، جبرئيل [(عليه السلام)] عن يمينه ينادي: البيعة لله، فتصير إليه شيعته من أطراف الأرض تُطوى لهم طيًّا حتَّى يبايعوه، فيملأ الله به الأرض عدلاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً»(٩٠١).
الخصال: بسنده عن الصادق (عليه السلام): «يخرج قائمنا أهل البيت يوم الجمعة...» الخبر(٩٠٢).
وفي رواية: «يوم السبت»(٩٠٣).
ويمكن الجمع بأنَّ ابتداء خروجه يوم الجمعة، وظهوره بين الركن والمقام ومبايعته يوم السبت، كما يومي إليه قول الباقر (عليه السلام): «كأنّي بالقائم يوم عاشوراء يوم السبت قائماً بين الركن والمقام بين يديه جبرئيل [(عليه السلام)](٩٠٤) ينادي: البيعة لله...» الحديث(٩٠٥).
مهذَّب بن فهد وغيره: بأسانيدهم عن الصادق (عليه السلام): «يوم النيروز هو اليوم الذي يظهر فيه قائمنا أهل البيت وولاة الأمر، ويُظفِره الله تعالى بالدجّال فيصلبه على كناسة الكوفة»(٩٠٦).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٩٠٠) في المصدر: (يوم السبت).
(٩٠١) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٨ و٣٧٩).
(٩٠٢) الخصال (ص ٣٩٤/ ح ١٠١).
(٩٠٣) كمال الدِّين (ص ٦٨٣ و٦٨٤/ باب ٥٧/ ح ١٩).
(٩٠٤) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٩٠٥) الغيبة للطوسي (ص ٤٨١/ ح ٤٥٩).
(٩٠٦) راجع: المهذَّب البارع (ج ١/ شرح ص ١٩٤ و١٩٥).

 

↑صفحة ٢٣٤

 

مكان خروجه:
وأمَّا المكان الذي يخرج فيه، وما يفعله بعد خروجه، ومحلُّ إقامته، وهيأته بحسب السنِّ، فالمرويُّ كما مرَّ في علامات الظهور أنَّ السفياني بعدما يخرج من وادي اليابس بفلسطين ويملك دمشق وفلسطين والأُردن وحمص وحلب وقنسرين، ويخرج بالشام الأصهب والأبقع يطلبان المُلك فيقتلهما السفياني، لا يكون له همَّة إلَّا آل محمّد وشيعتهم، فيبعث جيشين: أحدهما إلى المدينة والآخر إلى العراق.
أمَّا جيش المدينة فيأتي إليها والمهدي بها وينهبها ثلاثاً، فيخرج المهدي إلى مكَّة، فيبعث أمير جيش السفياني خلفه جيشاً إلى مكَّة، فيُخسَف بهم في البيداء.
وأمَّا جيش العراق فيأتي الكوفة ويصيب من شيعة آل محمّد قتلاً وصلباً وسبياً، ويخرج من الكوفة متوجِّهاً إلى الشام، فتلحقه راية هدى من الكوفة فتقتله كلَّه، وتستنقذ ما معه من السبي والغنائم.
أمَّا المهدي (عليه السلام)، فبعد أنْ يصل إلى مكَّة يجتمع عليه أصحابه وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدَّة أهل بدر، فإذا اجتمعت له هذه العدَّة أظهر أمره، فينتظر بهم يومه بذي طوى، ويبعث رجلاً من أصحابه إلى أهل مكَّة يدعوهم، فيذبحونه بين الركن والمقام، وهو النفس الزكيَّة، فيبلغ ذلك المهدي، فيهبط بأصحابه من عقبة ذي طول حتَّى يأتي المسجد الحرام فيُصلّي فيه عند مقام إبراهيم أربع ركعات، ويسند ظهره إلى الحجر الأسود ويخطب في الناس ويتكلَّم بكلام لم يتكلَّم به أحد.
وروي أنَّ أوَّل ما ينطق به هذه الآية: ﴿بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [هود: ٨٦]، ثمّ يقول: «أنا بقيَّة الله في أرضه»(٩٠٧).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٩٠٧) كمال الدِّين (ص ٣٦٠ و٣٦١/ باب ٣٢/ ح ١٦).

 

↑صفحة ٢٣٥

 

وفي رواية: «يقوم بين الركن والمقام فيُصلّي، وينصرف ومعه وزيره، وقد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيراً به، فينادي: يا أيُّها الناس، إنّا نستنصر الله، ومن أجابنا من الناس أو وكَّل مسلم على من ظلمنا، وإنّا أهل بيت نبيِّكم محمّد، ونحن أولى الناس بالله وبمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فمن حاجَّني في آدم فأنا أولى الناس بآدم، ومن حاجَّني في نوح فأنا أولى الناس بنوح، ومن حاجَّني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم، ومن حاجَّني في محمّد فأنا أولى الناس بمحمّد، ومن حاجَّني في النبيِّين فأنا أولى الناس بالنبيِّين، أليس الله يقول في محكم كتابه: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [آل عمران: ٣٣ و٣٤]، ألَا ومن حاجَّني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله، ألَا ومن حاجَّني في سُنَّة رسول الله فأنا أولى الناس بسُنَّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فيبايعه أصحابه الثلاثمائة وثلاثة عشر بين الركن والمقام، فإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف خرج بهم من مكَّة»(٩٠٨).
وروي أنَّه إذا خرج لا يبقى في الأرض معبود دون الله (عزَّ وجلَّ) من صنم وغيره إلَّا وقعت فيه نار فاحترق، وذلك بعد غيبة طويلة، ليعلم الله من يطيعه بالغيب ويؤمن به(٩٠٩).
وروي أنَّه يخرج من المدينة إلى مكَّة بتراث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، سيفه ودرعه وعمامته وبرده ورايته وقضيبه وفرسه ولامته وسرجه، فيتقلَّد سيفه ذا الفقار، ويلبس درعه السابغة، وينشر رايته السحاب، ويلبس البردة، ويعتمُّ بالعمامة، ويتناول القضيب بيده، ويستأذن الله في ظهوره(٩١٠).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٩٠٨) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٩٠ و٢٩١/ باب ١٤/ ح ٦٧)؛ الاختصاص (ص ٢٥٦)؛ تفسير العيّاشي (ج ١/ ص ٦٥/ ح ١١٧).
(٩٠٩) كمال الدِّين (ص ٣٦٠ و٣٦١/ باب ٣٢/ ح ١٦).
(٩١٠) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٢٧٨ و٣٢٠/ باب ١٤ و٢٠/ ح ٤٢ و٢).

 

↑صفحة ٢٣٦

 

وروي أنَّ «له عَلَماً إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العَلَم من نفسه وأنطقه الله (عزَّ وجلَّ) ونادى: اخرج يا وليَّ الله فاقتل أعداء الله، وله سيف مغمد فإذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده وأنطقه الله (عزَّ وجلَّ) فناداه: اخرج يا وليَّ الله فلا يحلُّ لك أنْ تقعد عن أعداء الله(٩١١).
ثمّ يستعمل على مكَّة ويسير إلى المدينة، فيبلغه أنَّ عامله بمكَّة قُتِلَ، فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة، ثمّ يرجع إلى المدينة فيقيم بها ما شاء(٩١٢).
وفي رواية أنَّه يبعث جيشاً إلى المدينة، فيأمر أهلها، فيرجعون إليها، ثمّ يخرج حتَّى يأتي الكوفة، فينزل على نجفها، ثمّ يُفرِّق الجنود منها في الأمصار، قال الباقر (عليه السلام): «كأنّي بالقائم [(عليه السلام)](٩١٣) على نجف الكوفة، وقد سار إليها من مكَّة في خمسة آلاف من الملائكة، جبرائيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، والمؤمنون بين يديه، وهو يُفرِّق الجنود في البلاد»(٩١٤).
وذكر (عليه السلام) المهدي، فقال: «يدخل الكوفة وبها ثلاث رايات قد اضطربت وتصفو له، ويدخل حتَّى يأتي المنبر، [فيخطب](٩١٥)، فلا يدري الناس ما يقول من البكاء، فإذا كانت الجمعة الثانية سأله الناس أنْ يُصلّي بهم الجمعة، فيأمر أنْ يُخَطَّ له مسجد على الغري، ويُصلّي بهم هناك»(٩١٦).
وعن الباقر (عليه السلام): «إذا قام القائم [(عليه السلام)](٩١٧) سار إلى الكوفة، فيخرج منها

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٩١١) كمال الدِّين (ص ١٨٥ و١٨٦/ باب ٧/ ضمن الحديث ١٧).
(٩١٢) راجع: تفسير العيّاشي (ج ٢/ ص ٥٦ و٥٧/ ح ٤٩).
(٩١٣) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٩١٤) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٧٩ و٣٨٠).
(٩١٥) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٩١٦) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨٠).
(٩١٧) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي.

 

↑صفحة ٢٣٧

 

بضعة عشر ألف [نفس] يدعون البتريَّة، عليهم السلاح، فيقولون له: ارجع من حيث جئت، فلا حاجة لنا في بني فاطمة، فيضع فيهم السيف حتَّى يأتي على آخرهم، ثمّ يدخل الكوفة فيقتل بها كلَّ منافق مرتاب، ويهدم قصورها، ويقتل مقاتلتها، حتَّى يرضى الله (عزَّ وعلا)»(٩١٨).
ثمّ يسير من الكوفة إلى الشام، والسفياني يومئذٍ بوادي الرملة، فيلتقون ويقتل السفياني ومن معه حتَّى لا يُدرِك(٩١٩) منهم مخبر(٩٢٠).
قال الجواد (عليه السلام): «ولا يزال يقتل أعداء الله حتَّى يرضى الله [(عزَّ وجلَّ)](٩٢١)»، قيل: وكيف يعلم أنَّ الله قد رضي؟ قال: «يلقى [الله (عزَّ وجلَّ)] في قلبه الرحمة»(٩٢٢).
ويُخرج اللّات والعزّى فيحرقهما، ثمّ يرجع إلى الكوفة، فيكون منزله بها(٩٢٣).
قال الباقر (عليه السلام): «ثمّ يأمر من يحفر من مشهد الحسين (عليه السلام) نهراً يجري إلى الغريَّين حتَّى ينزل المساء(٩٢٤) في النجف، ويعمل على فوهته القناطر والأرحاء، فكأنّي بالعجوز على رأسها مكتل فيه برٌّ تأتي تلك الأرحاء فتطحنه بلا كراء»(٩٢٥).
وعن الصادق (عليه السلام) أنَّه ذكر مسجد السهلة، فقال: «أمَا إنَّه منزل صاحبكم(٩٢٦) إذا قدم بأهله»(٩٢٧).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٩١٨) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨٤).
(٩١٩) في المصدر: (يترك).
(٩٢٠) راجع: تفسير العيّاشي (ج ١/ ص ٦٦/ ح ١١٧).
(٩٢١) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي.
(٩٢٢) كمال الدِّين (ص ٣٥٩/ باب ٣٢/ ح ١١)، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام).
(٩٢٣) كمال الدِّين (ص ٢٨٢ و٢٨٣/ باب ٢٣/ ح ٢)، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام).
(٩٢٤) كذا؛ والصحيح كما في المصدر: (الماء).
(٩٢٥) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨٠).
(٩٢٦) في المصدر: (صاحبنا).
(٩٢٧) المصدر السابق.

 

↑صفحة ٢٣٨

 

وعنه (عليه السلام): «إذا قام قائم آل محمّد [(عليه السلام)](٩٢٨) بنى في ظهر الكوفة مسجداً له ألف باب، واتَّصلت بيوت أهل الكوفة بنهري كربلاء»(٩٢٩).
وعن الرضا (عليه السلام) أنَّه إذا خرج يكون شيخ السنِّ شابُّ المنظر، يحسبه الناظر ابن أربعين سنة أو دونها، ولا يهرم بمرور الأيّام والليالي عليه حتَّى يأتي أجله(٩٣٠).
ويكون منزله بالكوفة فلا يترك عبداً مسلماً إلَّا اشتراه وأعتقه، ولا غارماً إلا قضى دَينه، ولا مظلمة لأحد من الناس إلَّا ردَّها، ولا يقتل منهم عبد إلَّا أدّى ثمنه دية مسلَّمة إلى أهله، ولا يقتل قتيل إلَّا قضى عنه ديته(٩٣١) وألحق عياله في العطاء، حتَّى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً وعدواناً، ويسكن هو وأهل بيته الرحبة، والرحبة إنَّما كانت مسكن نوح وهي أرض طيبة، ولا يسكن الرجل من آل محمَّد [ولا يقتل](٩٣٢) إلَّا بأرض طيِّبة زاكية، فهم الأوصياء الطيِّبون(٩٣٣).
مدَّة ملكه:
وأمَّا مدَّة ملكه (عليه السلام) فالمروي من طريق أهل السُّنَّة كما مرَّ في تضاعيف الأخبار التي نقلناها من طُرُقهم فيما تقدَّم أنَّه يملك أو يلبث سبعاً(٩٣٤)، وروي:

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٩٢٨) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٩٢٩) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨٠).
(٩٣٠) راجع: كمال الدِّين (ص ٦٨٢/ باب ٥٧/ ح ١٢).
(٩٣١) في المصدر: (دَينه).
(٩٣٢) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٩٣٣) تفسير العيّاشي (ج ١/ ص ٧٢ و٧٣/ ح ١١٧)، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام).
(٩٣٤) مجمع الزوائد (ج ٧/ ص ٣١٤)؛ مسند أحمد (ج ٣/ ص ٧٠)، رواه بزيادة: (أو تسعاً).

 

↑صفحة ٢٣٩

 

يملك سبعاً أو عشراً(٩٣٥)، وروي: يملك عشرين سنة(٩٣٦)، وروي: يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً(٩٣٧)، وروي: يعيش سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين(٩٣٨)، وروي: يلبث ستًّا أو سبعاً أو ثماني أو تسع سنين(٩٣٩).
أمَّا المروي من طُرُق الشيعة، فعن الصادق (عليه السلام): أنَّه يملك «سبع سنين تطول له الأيّام [والليالي](٩٤٠) حتَّى تكون السنة من سنيِّه مقدار عشر سنين من سنيِّكم، فيكون سنو ملكه سبعين سنة من سنيِّكم هذه»(٩٤١).
ونحوه عن الباقر (عليه السلام)، فقيل له: جُعلت فداك، فكيف تطول السنون؟ قال: «يأمر الله الفلك باللبوث وقلَّة الحركة فتطول الأيّام لذلك والسنون»، قيل له: إنَّهم يقولون: إنَّ الفلك إنْ تغيَّر تفسد(٩٤٢)، قال: «ذلك قول الزنادقة، فأمَّا المسلمون فلا سبيل لهم إلى ذلك وقد شقَّ الله القمر لنبيِّه، وردَّ الشمس من قبله ليوشع بن نون، وأخبر بطول يوم القيامة وأنَّه ﴿كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ [الحجّ: ٤٧]»(٩٤٣).
وعن الباقر (عليه السلام): «إنَّ القائم (عليه السلام) يملك ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث أهل الكهف في كهفهم»(٩٤٤).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٩٣٥) ينابيع المودَّة (ج ٣/ ص ٣٠٠ و٣٩٤/ ح ١٧ و٤٢).
(٩٣٦) المعجم الكبير للطبراني (ج ٨/ ص ١٠٢)؛ الإصابة لابن حجر (ج ٦/ ص ٧١/ ح ٧٩٤٥)؛ مجمع الزوائد (ج ٧/ ص ٣١٩)، كنز العُمّال (ج ١٤/ ص ٢٦٨/ ح ٣٨٦٨٠).
(٩٣٧) سُنَن الترمذي (ج ٣/ ص ٣٤٣/ ح ٢٣٣٣).
(٩٣٨) مسند أحمد (ج ٣/ ص ٢٧).
(٩٣٩) كنز العُمّال (ج ١٤/ ص ٢٦١ و٢٦٢/ ح ٣٨٦٥٣).
(٩٤٠) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٩٤١) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨١).
(٩٤٢) في المصدر: (فسد).
(٩٤٣) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨٥).
(٩٤٤) الغيبة للطوسي (٥٠٢/ ح ٤٩٦).

 

↑صفحة ٢٤٠

 

وعنه (عليه السلام): «والله ليملكنّ رجل منّا أهل البيت ثلاثمائة سنة وثلاث عشرة سنة ويزداد تسعاً»، قيل له: ومتى يكون ذلك؟ قال: «بعد موت القائم»، قيل: وكم يقوم القائم في عالمه حتَّى يموت؟ قال: «تسع عشرة سنة من يوم قيامه إلى يوم موته»(٩٤٥).
وفي عدَّة روايات عن الصادق (عليه السلام): «ملك القائم منّا تسع عشرة سنة وأشهر»(٩٤٦).
وعن الحسن بن عليٍّ، عن أبيه (عليهما السلام): «يبعث الله رجلاً في آخر الزمان...»، إلى أنْ قال: «يملك ما بين الخافقين أربعين عاماً، فطوبى لمن أدرك أيّامه وسمع كلامه»(٩٤٧).
­قال المفيد (عليه الرحمة) بعد ذكر رويات السبع سنين التي كلُّ سنة مقدارها عشر سنين التي تقدَّمت ما لفظه: (وقد روي أنَّ مدَّة دولة القائم (عليه السلام) تسع عشرة سنة تطول أيّامها وشهورها على ما قدَّمناه، وهذا أمر مغيَّب عنّا، وإنَّما أُلقي إلينا منه ما يفعله الله تعالى بشرط يعلمه من المصالح المعلومة [له](٩٤٨) (جلَّ اسمه)، فلسنا نقطع على أحد الأمرين، وإنْ كانت الرواية بذكر سبع سنين أظهر وأكثر)(٩٤٩).
وفي (البحار): (الأخبار المختلفة [الواردة](٩٥٠) في أيّام ملكه [(عليه السلام)] بعضها محمول على جميع مدَّة ملكه، وبعضها على زمان استقرار دولته، وبعضها على

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٩٤٥) الغيبة للنعماني (ص ٣٥٤/ باب ٢٦/ ح ٣).
(٩٤٦) الغيبة للنعماني (ص ٣٥٣ و٣٥٤/ باب ٢٦/ ح ٢).
(٩٤٧) الاحتجاج (ج ٢/ ص ١١).
(٩٤٨) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٩٤٩) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨٦ و٣٨٧).
(٩٥٠) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي.

 

↑صفحة ٢٤١

 

حساب ما عندنا من الشهور والسنين، وبعضها على سنيِّه وشهوره الطويلة، والله أعلم)(٩٥١).
حالة الأرض:
وأمَّا ما تكون عليه الأرض وأهلها مدَّة ملكه، فعن الصادق (عليه السلام): «إنَّ قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنورها (بنور ربِّها خ ل)، واستغنى العباد(٩٥٢) عن ضوء الشمس وذهبت الظلمة، ويُعمِّر الرجل في ملكه حتَّى يولد له ألف [ولد](٩٥٣) ذكر لا يُولَد فيهم أُنثى، وتُظهِر الأرض [من] كنوزها حتَّى يراها الناس على وجهها، ويطلب الرجل منكم من يصله بماله ويأخذ منه زكاته فلا يجد أحداً يقبل منه ذلك، استغنى الناس بما رزقهم الله من فضله»(٩٥٤).
سيرته:
وأمَّا سيرته عند قيامه، فعن الصادق (عليه السلام): «إذا أذن الله [عزَّ اسمه](٩٥٥) له في الخروج صعد المنبر فدعا الناس إلى نفسه وناشدهم بالله ودعاهم إلى حقه وأنْ يسير فيهم بسنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ويعمل فيهم بعمله، فيبعث الله [(جَّل جلاله)] جبرئيل حتى يأتيه فينزل على الحطيم، يقول [له]: إلى أي شيء تدعو؟ فيُخبِره [القائم (عليه السلام)]، فيقول: أنا أوَّل من يبايعك، ابسط يدك، فيمسح على يده...» الحديث(٩٥٦).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٩٥١) بحار الأنوار (ج ٥٢/ ص ٢٨٢/ ذيل الحديث ٦).
(٩٥٢) في المصدر: (الناس).
(٩٥٣) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر؛ وكذلك المورد التالي.
(٩٥٤) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨١).
(٩٥٥) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك الموارد التالية.
(٩٥٦) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨٢ و٣٨٣).

 

↑صفحة ٢٤٢

 

وعنه (عليه السلام): «إذا قام القائم (عليه السلام) دعا الناس إلى الإسلام جديداً(٩٥٧) وهداهم إلى أمر قد دُثِرَ فضلَّ عنه الجمهور، وإنَّما سُمّي القائم مهديًّا لأنَّه يهدي إلى أمر مضلول عنه(٩٥٨)، وسُمّي القائم لقيامه بالحقِّ»(٩٥٩).
وعنه (عليه السلام): «إذا قام القائم (عليه السلام) هدم المسجد الحرام حتَّى يردَّه إلى أساسه، وحوَّل المقام إلى الموضع الذي كان فيه(٩٦٠)، وقطع أيدي بني شيبة وعلَّقها بالكعبة، وكتب عليها: هؤلاء سُرّاق الكعبة»(٩٦١).
وعنه (عليه السلام): «إذا قام القائم (عليه السلام) جاء بأمر جديد(٩٦٢) كما دعا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في بدو الإسلام إلى أمر جديد»(٩٦٣).
وعن الباقر (عليه السلام) نحوه، وزادوا: «إنَّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء»(٩٦٤).
وعن الباقر (عليه السلام): «إذا خرج يقوم بأمر جديد، وكتاب جديد(٩٦٥)، وسُنَّة جديدة، وقضاء جديد، على العرب شديد، وليس شأنه إلَّا القتل، لا يستبقي أحداً، ولا تأخذه في الله لومة لائم»(٩٦٦).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٩٥٧) أي إلى القرار والعمل بما دُرِسَ من شرائع الإسلام، والله العالم.
(٩٥٨) في المصدر: (قد ضلُّوا عنه).
(٩٥٩) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨٣).
(٩٦٠) المقام هو الصخرة التي كان يقوم عليها إبراهيم (عليه السلام) حين بناء الكعبة وعليها أثر قدمه، وهي الآن بعيدة عن الكعبة مقابل الركن الذي فيه الحجر الأسود وعليها بناء من خشب ويُصلّي الناس خلفها، والمرويُّ أنَّها كانت بجنب الكعبة قريب الباب.
(٩٦١) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨٣ و٣٨٤).
(٩٦٢) وهو الإقرار والعمل بما دُرِسَ من شرائع الإسلام كما مرَّ [في الصفحة السابقة].
(٩٦٣) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨٤).
(٩٦٤) الغيبة للنعماني (ص ٣٣٦/ باب ٢٢/ ح ١).
(٩٦٥) في تفسيره وبيان أحكامه.
(٩٦٦) الغيبة للنعماني (ص ٢٦٣ و٢٦٤/ باب ١٤/ ح ١٣).

 

↑صفحة ٢٤٣

 

وعنه (عليه السلام) في حديث: «لكأنّي أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع [له](٩٦٧) الناس بأمر جديد، وكتاب جديد، وسلطان جديد من السماء، أمَا إنَّه لا تُرَدُّ له راية أبداً حتَّى يموت»(٩٦٨).
وعنه (عليه السلام) في حديث: «يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً، ويفتح الله له شرق الأرض وغربها، ويقتل الناس حتَّى لا يبقى إلَّا دين محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، يسير بسيرة [سليمان بن](٩٦٩) داود (عليه السلام)»(٩٧٠).
وفُسِّر في بعض الأخبار الآتية(٩٧١) بأنَّه لا يريد بيِّنة.
وعن الحسن بن عليٍّ، عن أبيه (عليهما السلام): «يبعث الله رجلاً في آخر الزمان وكَلَب من الدهر وجهل من الناس، يُؤيِّده الله بملائكته، ويعصم أنصاره، وينصره بآياته، ويُظهِره على الأرض حتَّى يدينوا طوعاً أو كرهاً، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً ونوراً وبرهاناً، يدين له عرض البلاد وطولها، لا يبقى كافر إلَّا آمن، ولا طالح إلَّا صلح، وتصطلح في ملكه السباع، وتخرج الأرض نبتها، وتُنزِل السماء بركتها، وتظهر له الكنوز»(٩٧٢).
وعن الصادق (عليه السلام): «إذا قام القائم (عليه السلام) حكم بالعدل، وارتفع في أيّامه الجور، وأمنت به السُّبُل، وأخرجت الأرض بركاتها، وردَّ كلَّ حقٍّ إلى أهله، ولم يبقَ أهل دين حتَّى يُظهِروا الإسلام ويعرفوا(٩٧٣) بالإيمان، أمَا سمعت الله سبحانه

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٩٦٧) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٩٦٨) الغيبة للنعماني (ص ٢٧٠/ باب ١٤/ ح ٢٢).
(٩٦٩) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٩٧٠) الغيبة للطوسي (ص ٥٠٢/ ح ٤٩٦).
(٩٧١) يأتي في الصفحة التالية.
(٩٧٢) الاحتجاج (ج ٢/ ص ١١).
(٩٧٣) في المصدر: (ويعترفوا).

 

↑صفحة ٢٤٤

 

يقول: ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ [آل عمران: ٨٣]، وحكم بين الناس بحكم داود (عليه السلام) وحكم محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فحينئذٍ تُظهِر الأرض كنوزها وتُبدي بركاتها، ولا يجد الرجل منكم [يومئذٍ](٩٧٤) موضعاً لصدقته ولا برِّه لشمول الغنى جميع المؤمنين»(٩٧٥).
وعن الباقر (عليه السلام): «إذا قام القائم [(عليه السلام)](٩٧٦) سار إلى الكوفة فيهدم بها أربعة مساجد، ولم يبقَ على وجه الأرض مسجد له شُرَف إلَّا هدمها وجعلها جمًّا، ووسَّع الطريق الأعظم، وكسر كلَّ جناح خارج في الطريق، وأبطل الكنف والميازيب إلى الطُرُقات، ولا يترك بدعة إلَّا أزالها ولا سُنَّة إلَّا أقامها، ويفتح قسطنطينيَّة والصين وجبال الديلم...» الحديث(٩٧٧).
وعنه (عليه السلام): «القائم منصور بالرعب، مؤيَّد بالنصر، تُطوى له الأرض، وتظهر له الكنوز، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويُظهِر الله (عزَّ وجلَّ) به دينه [على الدِّين كلِّه](٩٧٨) ولو كره المشركون، فلا يبقى في الأرض خراب إلَّا [قد] عمر...» الحديث(٩٧٩).
وعنه (عليه السلام): «إذا قام قائم آل محمّد (عليهم السلام) حكم بين الناس بحكم داود ولا يحتاج إلى بيِّنة، يُلهِمه الله تعالى فيحكم بعلمه، ويُخبِر كلَّ قوم بما استبطنوه، ويعرف وليَّه من عدوِّه بالتوسُّم، قال الله (عزَّ وجلَّ): ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾ [الحجر: ٧٥ و٧٦]»(٩٨٠).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٩٧٤) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٩٧٥) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨٤ و٣٨٥).
(٩٧٦) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٩٧٧) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨٥).
(٩٧٨) ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي.
(٩٧٩) كمال الدِّين (ص ٣٦٠ و٣٦١/ باب ٣٢/ ح ١٦).
(٩٨٠) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨٦).

 

↑صفحة ٢٤٥

 

قال المفيد: (وليس بعد دولة القائم (عليه السلام) لأحد دولة إلَّا ما جاءت به الرواية من قيام ولده إنْ شاء الله ذلك، فلم يرد على القطع والثبات، وأكثر الروايات أنَّه لن يمضي مهدي [هذه](٩٨١) الأُمَّة إلَّا قبل القيامة بأربعين يوماً، يكون فيها الهرج [والمرج](٩٨٢)، وعلامات خروج الأموات، وقيام الساعة للحساب والجزاء، والله أعلم بما يكون)(٩٨٣).

 

* * *

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٩٨١) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٩٨٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٩٨٣) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨٧).

 

↑صفحة ٢٤٦

 

في عدد أنصار المهدي (عليه السلام) وأسماء بلدانهم وكيفيَّة اجتماعهم

 

والمروي كما مرَّ(٩٨٤) أنَّ عدَّة من يخرج معه أوَّلاً ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً بعدَّة أهل بدر، يجتمعون من أقاصي الأرض على غير ميعاد، لا يعرف بعضهم بعضاً(٩٨٥).
وفي رواية: «يجمعهم الله بمكَّة قزعاً(٩٨٦) كقزع الخريف يتبع بعضهم بعضاً، فيهم خمسون من أهل الكوفة»(٩٨٧).
ويُروى أربعة عشر والباقي من سائر الناس(٩٨٨).
وروي أنَّ بينهم خمسين امرأة(٩٨٩).
وهؤلاء هم خواصُّ أصحابه.
وروي أنَّه يقبل أوَّلاً في خمسة وأربعين رجلاً من تسعة أحياء، من حيٍّ

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٩٨٤) مرَّ في (ص ٩٢)، فراجع.
(٩٨٥) راجع: بحار الأنوار (ج ٥٢/ ص ٣٠٨/ ح ٧٩)، عن سرور أهل الإيمان (ص ٩٩ و١٠٠).
(٩٨٦) القَزَع - محرَّكة -: قِطَع السحاب الواحدة، ونسبته إلى الخريف إمَّا لسرعة اجتماعه أو لتجمُّعه قِطَعاً صغيرة من أماكن شتّى كما يومي إليه قوله: «يتبع بعضهم بعضاً».
(٩٨٧) تفسير العيّاشي (ج ١/ ص ٧٢/ ح ١١٧)، وفيه: (فيهم خمسون امرأة)؛ بحار الأنوار (ج ٥٢/ ص ٣٠٨/ ح ٧٩)، عن سرور أهل الإيمان (ص ٩٩ و١٠٠).
(٩٨٨) راجع: دلائل الإمامة (ص ٥٥٨/ ح ٥٢٦/١٣٠).
(٩٨٩) تفسير العيّاشي (ج ١/ ص ٧٢/ ح ١١٧).

 

↑صفحة ٢٤٧

 

رجل، ومن حيٍّ رجلان، وهكذا إلى التسعة، ولا يزالون كذلك حتَّى يجتمع العدد(٩٩٠).
وروي أنَّ «معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه باسمائهم [وأنسابهم](٩٩١) وبلدانهم وطبائعهم وحلاهم وكناهم، كدّادون مجدُّون في طاعته»(٩٩٢).
وما من بلد إلَّا ويخرج معه منهم طائفة إلَّا البصرة، فلا يخرج منها معه أحد(٩٩٣).
وروي أنَّه يخرج منها ثلاثة(٩٩٤).
فإذا تمَّ له هذا العدد أظهر أمره، ثمّ يزيدون حتَّى يبلغوا عشرة آلاف(٩٩٥)، فإذا بلغوا هذا العدد خرج بهم من مكَّة، ويُسمّى هذا الجيش جيش الغضب(٩٩٦).
وعن الصادق (عليه السلام): «يخرج [مع](٩٩٧) القائم من ظهر الكوفة سبعة وعشرون رجلاً، خمسة عشر من قوم موسى (عليه السلام) الذين كانوا يهدون بالحقِّ وبه يعدلون، وسبعة من أهل الكهف، ويوشع بن نون، وسليمان(٩٩٨)، وأبو دجانة الأنصاري، والمقداد، ومالك الأشتر، فيكونون بين يديه أنصاراً وحُكّاماً»(٩٩٩).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(٩٩٠) راجع: الخصال (ص ٤٣٨/ ح ٢٦).
(٩٩١) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٩٩٢) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) (ج ١/ ص ٦٥/ ح ٢٩).
(٩٩٣) بحار الأنوار (ج ٥٢/ ص ٣٠٩/ ح ٨١).
(٩٩٤) راجع: دلائل الإمامة (ص ٥٥٩/ ح ٥٢٦/١٣٠).
(٩٩٥) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٣١٩ و٣٢٠/ باب ١٩/ ح ٢).
(٩٩٦) راجع: الغيبة للنعماني (ص ٣٢٥/ باب ٢٠).
(٩٩٧) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.
(٩٩٨) في المصدر: (وسلمان).
(٩٩٩) الإرشاد (ج ٢/ ص ٣٨٦).

 

↑صفحة ٢٤٨

 

وفي (غاية المرام): عن أبي جعفر محمّد بن جرير الطبري في مسند فاطمة بإسناده عن مسعدة بن صدقة، عن أبي بصير، عن الصادق (عليه السلام) وذكر حديثاً فيه أنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يعلم أصحاب القائم (عليه السلام) وعدَّتهم، ويعرفهم بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم وحلائلهم ومنازلهم ومراتبهم، وكذلك سائر الأئمَّة (عليهم السلام)، وأنَّه أملى على الكاتب:
«هذا ما أملى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على أمير المؤمنين (عليه السلام) وأودعه إيّاه من تسمية [أصحاب](١٠٠٠) المهدي (عليه السلام) وعدد من يوافيه من المفقودين عن فُرُشهم وقبائلهم، السائرين في ليلهم ونهارهم إلى مكَّة عند استماع الصوت، وهم النجباء القضاة الحُكّام على الناس»(١٠٠١).

وذكر حديثاً آخر بذلك الإسناد فيه ذكر أسمائهم وبلدانهم، وبين الروايتين بعض التفاوت، ونحن نقتصر على ذكر أسماء بلدانهم مأخوذة من مجموع الروايتين مرتَّبة على حروف المعجم، فنذكرها في هذا الجدول(١٠٠٢):

العدد

اسم البلد

العدد

اسم البلد

١

أسوان

١

ريدار (كذا)

٧

أصحاب الكهف

٧

الريُّ

٢

إصطخر

٣

سجستان

٢

الأهواز

١

السلم (كذا)

٢

أيلة

٥

سلميَّة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٠٠٠) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(١٠٠١) دلائل الإمامة (ص ٥٥٥/ ح ٥٢٦/١٣٠).
(١٠٠٢) راجع: دلائل الإمامة (ص ٥٥٤ - ٥٦٦/ ح ٥٢٦/١٣٠ و٥٢٧/١٣١)، ولم نجده في غاية المرام المطبوع.

↑صفحة ٢٤٩↑

١

باغة

٤

سمنداز

١

بالس

١

سميساط

٩

بارود

٤

سنجار

١

بتليس

٢

السند

١

بدا (كذا)

١

شيراز أو سيراف

(الشكُّ من مسعدة)

٢

البريد (كذا)

٢

الصامغان(١٠٠٣)

٣

البصرة

٢

الصنعاء

١

بعلبك

١

طازنيد الشرق(١٠٠٤)

وهو المرابط السيّاح(١٠٠٥)

٢

بلمورق (كذا)

٢٤

الطالقان

١

بله(١٠٠٦)

٢

طاهي (كذا)

٤

بوشينج

٧

طبرستان

٩

بيروت

١

طبريَّة

 

التائبون بسرنديب

١

طرابلس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٠٠٣) بحدود طبرستان. (منه (رحمه الله)).
(١٠٠٤) لم نجدها في معجم البلدان. (منه (رحمه الله)).
(١٠٠٥) في ذيل الخبر أنَّه رجل من أصبهان من أبناء دهاقينها يخرج سيّاحاً في الأرض وطلب الحقِّ ثمّ ينتهي إلى الطازنيد ويقيم بها حتَّى يُسرى به. (منه (رحمه الله)).
(١٠٠٦) لعلَّه بلد أو بلنسية. (منه (رحمه الله)).

↑صفحة ٢٥٠↑

٤

وسمنداز(١٠٠٧)

١

الطوّاف الطالب للحقِّ من يخشب(١٠٠٨)

٢

التاجران من عانة إلى أنطاكيَّة وغلامهما(١٠٠٩)

٥

طوس

٢

ترمذ

١

عكبرا

٥

تفليس

١

الفارياب

٣

جابروان(١٠١٠)

١

فرغانة

١

الجار(١٠١١)

٤

الفسطاط

١٢

جرجان

١

فلسطين

١

الحارث (كذا)

١

قالس

١

حديثة الموصل

١

قاليقلا

٢

حرّان

١

القبة (كذا)

٤

حلب

١

القريات (كذا)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٠٠٧) في ذيل الرواية أنَّهم أربعة من تُجّار فارس يخرجون عن تجاراتهم فيستوطنون سرنديب وسمنداز حتَّى يسمعوا الصوت ويمضوا إليه. (منه (رحمه الله)).
(١٠٠٨) في ذيل الرواية: رجل من أهل يخشب قد كتب الحديث وعرف الاختلاف بين الناس فلا يزال يطوف بالبلاد حتَّى يأتيه الأمر وهو يسير من الموصل إلى الرها فيمضي حتَّى يوافي مكَّة. (منه (رحمه الله)).
(١٠٠٩) في ذيل الرواية أنَّهما يخرجان مع غلام لهما أعجمي في رفقة من التُّجّار يريدون أنطاكيَّة، فيسمعون الصوت فيذهلون عن تجارتهم ويفتقدهم رفقاؤهم، ثمّ يبيعون لهم تجارتهم ويحملونها إلى أهاليهم، وبعد ستَّة أشهر يوافون إلى أهاليهم على مقدّمة القائم (عليه السلام). (منه (رحمه الله)).
(١٠١٠) مدينة قرب تبريز. (منه (رحمه الله)).
(١٠١١) مدينة على بحر القلزم. (منه (رحمه الله)).

↑صفحة ٢٥١↑

٢

حلوان

٢

قزوين

١

خلاط

١

القلزم

١

خيبر

١٨

قم

٣

دمشق

١

قندابيل (كذا)

١

دمياط

٢

قعس

٤

الديلم

٢

القيروان

١

الدينل (كذا)

٣

كور كرمان

٢

الرافقة(١٠١٢)

١

كوريا

١

الربذة

١٤

الكوفة

٣

الرقَّة

١

مازن (كذا)

١

الرها

١

المتخلّي بسقلبة(١٠١٣)

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٠١٢) بلد متَّصل بالرقَّة. (منه (رحمه الله)).
(١٠١٣) في ذيل الخبر أنَّه رجل من أبناء الروم، لا يزال يخرج إلى بلد الإسلام يجول بلدانها حتَّى يمنَّ الله عليه بمعرفة الأمر الذي أنتم عليه، فيدخل سقلبة ويعبد الله حتَّى يسمع الصوت فيجيب. (منه (رحمه الله)).

↑صفحة ٢٥٢↑

المصادر والمراجع

١ - القرآن الكريم.
٢ - إثبات الوصيَّة: المسعودي/ ط ٣/ ١٤٢٦هـ/مؤسَّسة أنصاريان/ مطبعة ثامن الأئمَّة/ قم.
٣ - الاحتجاج: الطبرسي/ تحقيق: محمّد باقر الخرسان/ دار النعمان/ ١٣٨٦هـ.
٤ - الاختصاص: الشيخ المفيد/ ط ٢/ ١٤١٤هـ/ دار المفيد/ بيروت.
٥ - الأربعون حديثاً في المهدي: أبو نعيم الأصفهاني/ تحقيق: عليّ جلال باقر.
٦ - الإرشاد: الشيخ المفيد/ تحقيق: مؤسَّسة آل البيت (عليهم السلام)/ ط ٢/ ١٤١٤هـ/ دار المفيد/ بيروت.
٧ - إسعاف الراغبين: ابن الصبّان/ المطبوع بهامش نور الأبصار للشبلنجي/ مكتبة ومطبعة الفجر الجديد.
٨ - الإصابة: ابن حجر/ ط ١/ ١٤١٥هـ/ دار الكُتُب العلميَّة/ بيروت.
٩ - إعلام الورى: الطبرسي/ ط ١/ ١٤١٧هـ/ مطبعة ستاره/ مؤسَّسة آل البيت (عليهم السلام)/ قم.
١٠ - إلزام الناصب: الشيخ عليّ اليزدي الحائري/ تحقيق: السيِّد عليّ عاشور.
١١ - الأمالي: الشيخ المفيد/ تحقيق: الأستادولي وعليّ أكبر الغفاري/ ط ٢/ ١٤١٤هـ/ دار المفيد/ بيروت.
١٢ - الأنساب: السمعاني/ تحقيق: البارودي/ ط ١/ ١٤٠٨هـ/ دار الجنان/ بيروت.
١٣ - بحار الأنوار: العلَّامة المجلسي/ ط ٢ المصحَّحة/ ١٤٠٣هـ/ مؤسَّسة الوفاء/ بيروت.

↑صفحة ٢٥٣↑

١٤ - البرهان على وجود صاحب الزمان: السيِّد محسن الأمين/ ط ٢/ ١٤٤١هـ/ مركز الدراسات التخصُّصيَّة في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)/ النجف الأشرف.
١٥ - بغية الوعاة: السيوطي/ تحقيق: محمّد أبو الفضل إبراهيم/ المكتبة العصريَّة/ صيدا.
١٦ - البيان في أخبار صاحب الزمان: محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي.
١٧ - تاريخ ابن خلدون: ابن خلدون/ ط ٤/ دار إحياء التراث العربي/ بيروت.
١٨ - تاريخ الجبرتي: الجبرتي/ دار الجيل.
١٩ - تاريخ الخميس: حسين بن الحسن الرياربكري/ دار الصدر/ بيروت.
٢٠ - تاريخ الطبري: الطبري/ ط ٤/ ١٤٠٣هـ/ مؤسَّسة الأعلمي/ بيروت.
٢١ - تاريخ مدينة دمشق: ابن عساكر/ تحقيق: عليّ شيري/ ١٤١٥هـ/ دار الفكر/ بيروت.
٢٢ - تاريخ مواليد الأئمَّة (المجموعة): ابن الخشّاب البغدادي/ ١٤٠٦هـ/ مكتبة المرعشي/ قم.
٢٣ - تذكرة خواصِّ الأُمَّة في خصائص الأئمَّة (عليهم السلام): سبط ابن الجوزي/ تقديم: محمّد صادق بحر العلوم/ مكتبة نينوى الحديثة/ طهران.
٢٤ - تفسير الثعلبي: الثعلبي/ تحقيق: أبو محمّد بن عاشور/ ط ١/ ١٤٢٢هـ/ دار إحياء التراث العربي/ بيروت.
٢٥ - تفسير الطبري: ابن جرير الطبري/ تحقيق: خليل الميس/ ١٤١٥هـ/ دار الفكر/ بيروت.
٢٦ - تفسير العيّاشي: العيّاشي/ تحقيق: هاشم الرسولي المحلّاتي/ المكتبة العلميَّة الإسلاميَّة/ طهران.
٢٧ - تفسير القمّي: عليُّ بن إبراهيم القمّي/ تحقيق: طيِّب الجزائري/ ط ٣/ ١٤٠٤هـ/ مؤسَّسة دار الكتاب/ قم.
٢٨ - تفسير الكشاف: الزمخشري/ ١٣٨٥هـ/ شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده/ مصر.

↑صفحة ٢٥٤↑

٢٩ - تفسير مجمع البيان: الطبرسي/ تحقيق: لجنة من العلماء/ ط ١/ ١٤١٥هـ/ مؤسَّسة الأعلمي/ بيروت.
٣٠ - تلخيص الشافي: الشيخ الطوسي/ ١٣٨٢ش/ انتشارات المحبِّين/ قم.
٣١ - جواهر العقدين: السمهودي/ ١٤٠٥هـ/ مطبعة العاني/ بغداد.
٣٢ - حلية الأولياء: أبو نعيم الأصفهاني/ دار أُمِّ القرى/ القاهرة.
٣٣ - الخصال: الشيخ الصدوق/ تحقيق: عليّ أكبر الغفاري/ ١٤٠٣هـ/ جماعة المدرِّسين/ قم.
٣٤ - خلاصة عبقات الأنوار: السيِّد حامد النقوي/ ١٤٠٥هـ/ مؤسَّسة البعثة/ طهران.
٣٥ - دلائل الإمامة: الطبري (الشيعي)/ ط١/ ١٤١٣هـ/ مؤسَّسة البعثة/ قم.
٣٦ - دلائل النبوَّة: البيهقي/ ط ١/ ١٤٠٥هـ/ در الكُتُب العلميَّة/ بيروت.
٣٧ - الذريعة إلى تصانيف الشيعة: آقا بزرك الطهراني/ ط ٣/ ١٤٠٣هـ/ دار الأضواء/ بيروت.
٣٨ - رجال النجاشي: النجاشي/ ط ٥/ ١٤١٦هـ/ مؤسَّسة النشر الإسلامي/ قم.
٣٩ - روضة الطالبين: النووي/ دار الكتب العلميَّة/ بيروت.
٤٠ - سرور أهل الإيمان: السيِّد بهاء الدِّين النيلي/ ١٤٢٦هـ/ دليل ما/ قم.
٤١ - سُنَن ابن ماجة: ابن ماجة القزويني/ تحقيق: محمّد فؤاد عبد الباقي/ دار الفكر/ بيروت.
٤٢ - سُنَن أبي داود: ابن الأشعث السجستاني/ تحقيق: محمّد اللحّام/ ط ١/ ١٤١٠هـ/ دار الفكر/ بيروت.
٤٣ - سنن الترمذي: الترمذي/ تحقيق: عبد الوهّاب عبد اللطيف/ ط ٢/ ١٤٠٣هـ/ دار الفكر/ بيروت.
٤٤ - شرح إحقاق الحقِّ: شهاب الدِّين المرعشي.
٤٥ - شرح السُّنَّة: الحسين بن مسعود البغوي/ تحقيق: شعيب الأرناؤوط/ المكتب الإسلامي/ ط ٢/ ١٤٠٣هـ/ بيروت.

↑صفحة ٢٥٥↑

٤٦ - الشقائق النعمانيَّة: طاشكپري زاده/ درّ سعادت/ استانبول.
٤٧ - شواهد النبوَّة: عبد الرحمن الجامي/ ط الحجريَّة.
٤٨ - صحيح البخاري: البخاري/ ١٤٠١هـ/ دار الفكر/ بيروت.
٤٩ - صحيح مسلم: مسلم النيسابوري/ دار الفكر/ بيروت.
٥٠ - الضوء اللامع: السخاوي/ ١٤١٢هـ/ دار الجيل/ بيروت.
٥١ - طبقات الشافعيَّة: السبكي/ تحقيق: عبد الفتّاح الحلو ومحمود محمّد الطناحي/ دار إحياء الكُتُب العربيِّة.
٥٢ - طبقات فقهاء الشافعيَّة: ابن قاضي شبهة الدمشقي/ اعتنى بتصحيحه: الحافظ عبد العليم خان/ ط ١/ ١٣٩٩هـ/ دائرة المعارف العثمانيَّة/ حيدرآباد.
٥٣ - الطرائف: ابن طاوس/ ط ١/ ١٣٩٩هـ/ مطبعة الخيام/ قم.
٥٤ - العدد القويَّة: عليُّ بن يوسف الحلّي/ تحقيق: مهدي الرجائي/ ط ١/ ١٤٠٨هـ/ مطبعة سيِّد الشهداء/ مكتبة المرعشي/ قم.
٥٥ - عقد الدُّرَر: يوسف بن يحيى المقدسي/ انتشارات نصائح.
٥٦ - علل الشرائع: الشيخ الصدوق/ تحقيق: محمّد صادق بحر العلوم/ ١٣٨٥هـ/ منشورات المكتبة الحيدريَّة ومطبعتها/ النجف الأشرف.
٥٧ - العمدة: ابن البطريق/ ١٤٠٧هـ/ مؤسَّسة النشر الإسلامي/ قم.
٥٨ - العين: الخليل الفراهيدي/ ط ٢/ ١٤٠٩هـ/ مؤسَّسة دار الهجرة.
٥٩ - عيون أخبار الرضا (عليه السلام): الشيخ الصدوق/ تحقيق: حسين الأعلمي/ ١٤٠٤هـ/ مؤسَّسة الأعلمي/ بيروت.
٦٠ - غاية المرام: هاشم البحراني/ تحقيق: السيِّد عليّ عاشور.
٦١ - الغيبة: الشيخ الطوسي/ تحقيق: عبد الله الطهراني وعليّ أحمد ناصح/ ط ١/ ١٤١١هـ/ مطبعة بهمن/ مؤسَّسة المعارف الإسلاميَّة/ قم.
٦٢ - الغيبة: النعماني/ تحقيق: فارس حسّون كريم/ ط ١/ ١٤٢٢هـ/ مطبعة مهر/ أنوار الهدى.

↑صفحة ٢٥٦↑

٦٣ - الفتن: نعيم بن حمّاد المروزي/ تحقيق: سهيل زكار/ ١٤١٤هـ/ دار الفكر/ بيروت.
٦٤ - الفتوح: أحمد بن أعثم الكوفي/ تحقيق: عليّ شيري/ ط ١/ ١٤١١هـ/ دار الأضواء.
٦٥ - الفتوحات المكّيَّة: ابن عربي/ دار صادر/ بيروت.
٦٦ - فرائد السمطين: إبراهيم بن سعد الدِّين الشافعي/ ١٤٠٠هـ/ مؤسَّسة المحمود/ بيروت.
٦٧ - الفردوس بمأثور الخطاب: الديلمي/ تحقيق: سعيد بن بسيوني زغلول/ ط ١/ ١٤٠٦هـ/ دار الكُتُب العلميَّة/ بيروت.
٦٨ - الفصول المهمّة: ابن الصبّاغ/ تحقيق: سامي الغريري/ ط ١/ ١٤٢٢هـ/ مطبعة سرور/ دار الحديث.
٦٩ - القاموس المحيط: الفيروزآبادي.
٧٠ - قرب الإسناد: الحميري القمي/ ط١/ ١٤١٣هـ/ مط مهر/ مؤسسة آل البيت/ قم.
٧١ - الكافي: الشيخ الكليني/ صحَّحه وقابله وعلَّق عليه: عليّ أكبر الغفاري/ ط ٣/ ١٣٦٧ش/ دار الكُتُب الإسلاميَّة/ طهران.
٧٢ - كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار: الحاجّ الميرزا حسين النوري الطبرسي/ قدَّم له: السيِّد عليّ الميلاني/ إصدار: مكتبة نينوى الحديثة/ طهران.
٧٣ - كشف الظنون: حاجي خليفة/ دار إحياء التراث العربي/ بيروت.
٧٤ - كشف الغمَّة: ابن أبي الفتح الإربلي/ ط ٢/ ١٤٠٥هـ/ دار الأضواء/ بيروت.
٧٥ - كشف المحجَّة: ابن طاوس/ ١٣٧٠هـ/ المطبعة الحيدريَّة/ النجف الأشرف.
٧٦ - كشف المراد: العلَّامة الحلّي/ تحقيق: الزنجاني/ ط ٤/ ١٣٧٣هـ/ مطبعة إسماعيليان/ انتشارات شكوري/ قم.

↑صفحة ٢٥٧↑

٧٧ - كفاية الأثر: الخزّاز القمّي/ تحقيق: عبد اللطيف الكوه­كمري الخوئي/ ١٤٠١هـ/ مطبعة الخيّام/ انتشارات بيدار.
٧٨ - كفاية الطالب: الكنجي الشافعي/ ١٤٠٤هـ/ دار إحياء أهل البيت (عليهم السلام)/ طهران.
٧٩ - كمال الدِّين: الشيخ الصدوق/ صحَّحه وعلَّق عليه: عليّ أكبر الغفاري/ ١٤٠٥هـ/ مؤسَّسة النشر الإسلامي/ قم.
٨٠ - كنز العُمّال: المتَّقي الهندي/ تحقيق: بكري حيّاني/ ١٤٠٩هـ/ مؤسَّسة الرسالة/ بيروت.
٨١ - كنوز الحقائق من حديث خير الخلائق: المناوي/ ط القديمة.
٨٢ - لسان العرب: ابن منظور/ ١٤٠٥هـ/ نشر أدب الحوزة/ قم.
٨٣ - لواقح الأنوار القدسيَّة في مناقب العلماء والصوفيَّة: عبد الوهّاب الشعراني/ تحقيق وضبط: أحمد عبد الرحيم السايح/ مكتبة الثقافة الدِّينيَّة/ ط ١/ ١٤٢٦هـ/ القاهرة.
٨٤ - مجمع الزوائد: الهيثمي/ ١٤٠٨هـ/ دار الكُتُب العلميَّة/ بيروت.
٨٥ - مرآة الجنان: عبد الله بن أسعد اليافعي/ وضع حواشيه: خليل المنصور/ ط ١/ ١٤١٧هـ/ دار الكُتُب العلميَّة/ بيروت.
٨٦ - مروج الذهب: المسعودي/ ط ٢/ ١٤٠٤هـ/ منشورات دار الهجرة/ قم.
٨٧ - المستدرك: الحاكم النيسابوري/ إشراف: يوسف عبد الرحمن المرعشلي.
٨٨ - مسند أبي داود: سليمان بن داود الطيالسي/ دار المعرفة/ بيروت.
٨٩ - مسند أبي يعلى: أبو يعلى الموصلي/ تحقيق: حسين سليم أسد/ دار المأمون للتراث.
٩٠ - مسند أحمد: أحمد بن حنبل/ دار الصادر/ بيروت.
٩١ - مسند الشاميِّين: الطبراني/ ١٤١٧هـ/ مؤسَّسة الرسالة/ بيروت.
٩٢ - مشكاة المصابيح: الخطيب التبريزي/ تحقيق: الألباني/ ط ٢/ ١٣٩٩/ المكتب الإسلامي/ بيروت.

↑صفحة ٢٥٨↑

٩٣ - المصنَّف: ابن أبي شيبة/ تحقيق: سعيد اللحّام/ ط١/ ١٤٠٩هـ/ دار الفكر/ بيروت.
٩٤ - مطالب السؤول: ابن طلحة الشافعي/ تحقيق: ماجد بن أحمد العطيَّة.
٩٥ - المعتمد في المعتقد: شهاب الدِّين التورپشتي/ مكتبة الحقيقة/ ١٤٣١هـ/ استانبول.
٩٦ - المعجم الأوسط: الطبراني/ ١٤١٥هـ/ دار الحرمين.
٩٧ - معجم البلدان: الحموي/ ١٣٩٩هـ/ دار إحياء التراث العربي/ بيروت.
٩٨ - المعجم الكبير: الطبراني/ تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي/ ط ٢ مزيَّدة ومنقَّحة/ دار إحياء التراث العربي.
٩٩ - معجم المطبوعات العربية: آليان سركيس/ ١٤١٠هـ/ مطبعة بهمن/ مكتبة المرعشي/ قم.
١٠٠ - المقنع في الغيبة: الشريف المرتضى/ تحقيق: محمّد عليّ الحكيم/ ط ١/ ١٤١٦هـ/ مطبعة ستاره/ مؤسَّسة آل البيت (عليهم السلام)/ قم.
١٠١ - من لا يحضره الفقيه: الشيخ الصدوق/ تحقيق: عليّ أكبر الغفاري/ ط ٢/ مؤسَّسة النشر الإسلامي/ قم.
١٠٢ - المنار المنيف: ابن قيّم الجوزيَّة/ تحقيق: يحيى بن عبد الله الثمالي/ دار عالم الفوائد.
١٠٣ - مناقب الشافعي: الآبري/ تحقيق: جمال عزون/ ط ١/ ١٤٣٠هـ/ الدار الأثريَّة.
١٠٤ - منهاج السُّنَّة النبويَّة: ابن تيميَّة الحرّاني الحنبلي الدمشقي/ تحقيق: محمّد رشاد سالم/ جامعة الإمام محمّد بن سعود الإسلاميَّة/ ط ١/ ١٤٠٦هـ.
١٠٥ - المهذَّب البارع: ابن فهد الحلّي/ تحقيق: مجتبى العراقي/ ١٤٠٧هـ/ مؤسَّسة النشر الإسلامي/ قم.
١٠٦ - نفحات الأزهار: عليٌّ الميلاني/ ط ١/ ١٤١٤هـ/ مط مهر.

↑صفحة ٢٥٩↑

١٠٧ - النهاية في غريب الحديث: ابن الأثير/ تحقيق: طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمّد الطناحي/ ط ٤/ ١٣٦٤ش/ مؤسَّسة إسماعيليان/ قم.
١٠٨ - وفيات الأعيان: ابن خلِّكان/ تحقيق: إحسان عبّاس/ دار الثقافة/ بيروت.
١٠٩ - ينابيع المودَّة: القندوزي/ تحقيق: عليّ جمال أشرف الحسيني/ ط ١/ ١٤١٦هـ/ دار الأُسوة.
١١٠ - اليواقيت والجواهر: الشعراني/ ١٤١٨هـ/ دار إحياء التراث العربي/ بيروت.

* * *

↑صفحة ٢٦٠↑

 

التحميلات التحميلات:
التقييم التقييم:
  ١ / ٥.٠
 التعليقات
الدولة:
الإسم: علي سعد
العراق
النص: شكرا لمركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي وسلامنا الخاص لمرجعنا الاعلى اية االله علي السيستاني الحسيني اطال الله عمره واهلك اعدائه
تاريخ الإضافة: ٢٠١٥/٠١/٢٢ ٠١:٤٤ م
إجابة التعليق

الدولة:
الإسم: hani zwain
Iraq
النص: اللهم عجل لوليك الفرج والنصر والعافية.
شكراً لمركز الدراسات لهذا المجهود الرائع وجعله الله في ميزان حسناتكم أن شاء الله.
تاريخ الإضافة: ٢٠١٧/٠٥/٢١ ٠٤:٣٠ ص
إجابة التعليق

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016