الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
الغيبة للإمام (عجّل الله فرجه) ليست سراً من الأسرار، بل هي معلومة وثابتة عن أهل البيت (عليهم السلام) بالأحاديث المتواترة وإنما السر في سببها وعلتها كما ذكرت بعض الروايات، وكون الشيء سراً في علته وسببه لا يمنع من الإيمان والتسليم به، كما نحن الآن لا نعلم السبب في كون صلاة الفجر ركعتين ومع ذلك نؤمن بها ومكلفين بأدائها والباري تعالى امتحننا واختبرنا بإقامتها فلا يمكن لأحد أن يبرر تركه الصلاة، لأنه لا يعلم لماذا صارت ركعتين وليس ثلاث ركعات فإن الإيمان إنما يقوم على الطاعة والتسليم للغيب، ولا يمكن أن يتساوى المؤمن بالعقيدة المهدوية مع المنكر لها بعد أن ثبت النقل القطعي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأهل بيته (عليهم السلام) بظهور الإمام القائم (عجّل الله فرجه) في آخر الزمان، وكون الوظيفة الأهم للمؤمنين في زمن الغيبة الكبرى هي انتظار الفرج معناه أن يعد المؤمن نفسه لنصرة الإسلام والدين تحت راية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، مع أنه ينبغي التفريق بين علة الغيبة وأسرارها وبين الحكمة منها وأهدافها كحال الكثير من الأحكام الشرعية التي قد نعلم الحكمة منها ولكن لا نعلم العلة فيها، فالحكمة من الوضوء هي الطهارة والنظافة ولكننا لا نعلم سره وعلته، ولماذا وجب مسح الرجلين وليس غسلهما؟ ولماذا صار خروج الريح مفسداً له؟ والسقوط في بركة النجاسة لا ينقضه؟ وهكذا في أكثر أحكام الدين والشريعة، ومن هنا فإن الروايات ذكرت الكثير من حِكَم الغيبة وأهدافها، من قبيل ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في حديثه لزرارة والذي جاء في بعض فقراته: إن للقائم غيبة قبل أن يقوم، يا زرارة وهو المنتظر وهو الذي يشك الناس في ولادته، غير أن الله تبارك وتعالى يحب أن يمتحن الشيعة فعند ذلك يرتاب المبطلون. [الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص٣٣٧]، أو ما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): وليبعثنّ الله رجلاً من ولدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا، وليغيبنّ عنهم تمييزا لأهل الضلالة. [الغيبة للشيخ النعماني: ص١٤٣]، وغيرها من الروايات التي ذكرت بعض وجوه الحكمة واغراضها.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)