الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
لم يقل أحد أن غيبة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) لأجل الإصلاح ولا ورد في الروايات ذلك ولا الأخبار، فضلاً عن كون هذه الفرضية في نفسها غير صحيحة، فكيف يكون صلاح البشرية أو منفعتهم في غيبة الإمام المعصوم (عجّل الله فرجه)، وإنما السبب في غيبته يعود إلى الناس الذين رفضوا الاستجابة للأوامر الإلهية بقبول ما اختاره لهم وأصرّوا على معصية الله تعالى فيه، وتسببوا هم بحرمان أنفسهم من بركات وجود الإمام (عجّل الله فرجه)، ولذلك تظافرت الروايات والأحاديث لبيان أن واحدة من أهم أسباب الغيبة وعللها يرجع إلى مواقف الناس ومعاندتهم للحق، فقد روى النعماني عن أمير المؤمنين (عليه السلام): واعلموا أن الأرض لا تخلو من حجة لله (عزَّ وجل)، ولكن الله سيعمي خلقه عنها بظلمهم وجورهم وإسرافهم على أنفسهم. [الغيبة للشيخ النعماني: ص١٤٤]
وورد أيضاً على لسان الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في كلامه مع ابن مهزيار قوله: يا بن مهزيار، أبي أبو محمد عهد إليَّ أن لا أجاور قوماً غضب الله عليهم ولعنهم ولهم الخزي في الدنيا والآخرة ولهم عذاب أليم، وأمرني أن لا أسكن من الجبال إلّا وعرها، ومن البلاد إلّا عفرها، والله مولاكم أظهر التقية فوكلها بي فأنا في التقية إلى يوم يؤذن لي فأخرج. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص٢٦٦]
ولابد أن نلتفت أيضاً أن الإمام (عجّل الله فرجه) وإن كان في غيبة وانقطاع عنا، ولكن لا يعني أن غيبته خالية من كل لطف وعناية، فقد ورد أن نفس وجوده هو لطف أيضاً وبه يدفع الله تعالى الشر والفساد عن العالم، ولولا وجوده لأحاطت بنا البلايا والكوارث من كل جانب، ولانقرض النوع الإنساني من زمن طويل، سواء كان ذلك بيد الإنسان وسوء سلوكه أو ما يحيق بنا من مخاطر تحيط بكوكب الأرض من نيازك وكويكبات نقرأ بين فترة وأخرى أن أحدها كاد يصطدم بالأرض ويقضي عليها، فقد ورد في التوقيع الشريف له (عجّل الله فرجه) لإسحاق بن يعقوب قوله: وإني لأمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٤٨٥]
فهذا الحفظ الإلهي والرعاية إنما هي ببركات وجوده (عجّل الله فرجه) وآثار لطفه.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)