الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
كثيرة هي الروايات التي تحدثت عن بعض الظواهر الحياتية والمدنية في دولة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وكثير من هذه الظواهر لم يكن بالإمكان فهمها وتطبيقها على مصاديقها في الزمن الماضي لعدم معرفة الإنسان بها أو اطلاعه عليها، وإنما حصل ذلك تبعاً للتطور التكنولوجي والتقني في العصر الحديث.
وعلى ضوء ذلك يمكن تفسير ما ورد في هذه الروايات بما صنعه الإنسان من هذه الأجهزة الحديثة أو استفادته المثلى من قوى الطبيعة وقوانينها، ومن أمثلة هذه الروايات ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): إن قائمنا إذا قام مد الله لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد - أي رسول -، يكلمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه. [الخرائج والجرائح للراوندي: ج٢، ص٨٤٠]
وما رواه ابن مسكان في قوله (عليه السلام): إن المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق ليرى أخاه الذي في المغرب، وكذا الذي في المغرب يرى أخاه الذي في المشرق. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج٥٣، ص١٥]
وقد يميل البعض إلى تفسير هذه الظواهر بالمعجزة والكرامة الخاصة بالمؤمنين دون غيرهم، ولكن الذي نستقربه أن هذه الروايات لم تكن بصدد الحديث عن الظواهر الخارقة والإعجازية، بل يمكن تفسيرها بما عرفناه في زماننا هذا من هذه الأجهزة المتداولة بيننا اليوم في الاتصالات والتواصل، لا سيما أن المعجزة والكرامة إنما هي الحالة الاستثنائية في نظام السنن والقوانين الجارية في العالم، وإنما يؤتى بها عادة لإثبات حجية المعصوم أو لحصول مصلحة لا يمكن أن تتم بالشكل الطبيعي، وأمّا تخصيص ذكر الشيعة في الأخبار السابقة، فلا يعني بالضرورة أنها حالة خاصة بهم دون غيرهم وإنما جرى ذلك لكونهم الفرد الأهم والمعني بهذه البشارة وما ستؤول إليه الأمور عند ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) بلحاظ كونهم المنتظرين والمترقبين لدولته (عجّل الله فرجه)، ومما يؤيد هذا التفسير ما ورد في روايات أخرى أشارت إلى ذات المضمون الذي أشارت إليه الروايات السابقة وعممته لجميع الناس وليس الشيعة فقط، فقد جاء في بعض الأحاديث التي تكلمت عن كيفية رؤية الإمام القائم (عجّل الله فرجه) عند ظهوره من أن جميع الناس أعم من يكونوا مؤمنين أو غير مؤمنين وفي جميع البلدان سوف يرونه في الوقت ذاته، كما في خبر أبان بن تغلب عن الإمام الصادق (عليه السلام) والذي جاء فيه: فلا يبقى أهل بلد إلّا وهم يرون أنه معهم في بلادهم. [كامل الزيارات لابن قولويه: ص٢٣٤]
وهكذا ما روي عن المفضل بن عمر وسؤاله من الإمام الصادق (عليه السلام) في البقعة التي يظهر فيها فأجابه (عليه السلام): لا تراه عين في وقت ظهوره إلّا رأته كل عين، فمن قال لكم غير هذا فكذبوه. [مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان الحلي: ص١٨١] وهذا ما يحدث فعلاً في الزمان الحاضر عبر شاشات التلفزيون وكاميرات الاتصالات والإنترنت وغيرها.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)