الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
الأحاديث الواردة بهذا المضمون كثيرة والحديث الذي نقلتموه له شواهد أخرى قريبة من معناه، فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): لتملأن الأرض ظلماً وجوراً حتى لا يقول أحد الله إلّا مستخفياً، ثم يأتي الله بقوم صالحين يملؤونها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. [الأمالي للشيخ الصدوق: ص٣٨٢]
وروى محمد بن الحنفية، قال: كنا عند علي (عليه السلام)، فسأله رجل عن المهدي، فقال علي (عليه السلام): هيهات - ثم عقد بيده سبعاً - فقال: ذاك يخرج في آخر الزمان، إذا قال الرجل: الله الله، قتل، فيجمع الله تعالى له قوماً، قزع كقزع السحاب، يؤلف الله بين قلوبهم، لا يستوحشون إلى أحد، ولا يفرحون بأحد. [عقد الدرر في أخبار المنتظر للمقدسي: ص٥٩]
وهذه الروايات تؤشر إلى بعض الظواهر التي تسود في المجتمعات الإنسانية قبيل ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) والتي تحكي عن بعض ما يُبتلى به المؤمنون من حالة الكتمان والتقية في التصريح بإيمانهم، حتى يصل الأمر بهم إلى الإسرار في ذكر لفظ الجلالة (الله) خوفاً من القتل، والروايات على كل حال لا تعني أن الأرض ستخلو تماماً من المؤمنين والصالحين وإنما تحكي عن طغيان سلطان الباطل على الحق في الصراع الدائر بينهما، والذي يأخذ بالاتساع والامتداد كلما اقتربنا من عصر الظهور، ضرورة أن الآثار التي تراكمت بسبب الانحرافات السابقة تأخذ نتائجها بالظهور والوضوح أكثر من ذي قبل، ويتجلى بشكل أوضح في سيطرة السياسات والإدارات التي لا تلتقي بالدين والتدين، وهو أيضاً مفاد ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في سياق حديثه عن وضع المؤمنين حينذاك كما في قوله: وحتى تكونوا على الناس أهون من الميتة عند صاحبها، فبينا أنتم كذلك إذ جاء نصر الله والفتح، وهو قول ربي (عزَّ وجلَّ) في كتابه: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْـرُنا﴾. [دلائل الإمامة للطبري الشيعي: ص٤٧١]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)