الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
لابد أن يعلم أولاً أن مصادر التشريع عديدة وأولها القرآن الكريم، ولكن هذا لا يعني أن كل أمر مهم لابد أن يذكر في القرآن الكريم وذلك لأنه يوجد مصدر ثان للتشريع لا يقل أهمية عن القرآن الكريم وهي السُنة الشريفة، وهي قد تكفّلت ببيان أكثر الأمور البالغة في الأهمية.
وثانياً: إن مفهوم الغيبة العامة قد ذكر في مواضع عديدة في القرآن الكريم منها ما جرى على نبي الله يونس (عليه السلام) قال تعالى: ﴿فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ المُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنه إلى يَوْم يُبْعَثُون﴾ [الصافات: ١٤٣-١٤٤] فإنه تصريح بأن نبي الله يونس (عليه السلام) قد غاب عن قومه في بطن الحوت فإن بقاءه في بطن الحوت لا هو موت ولا هو رفع من عالم الدنيا، إنما هو انقطاع عن قومه وغيبة عنهم، وكذلك نبي الله موسى (عليه السلام) فقد ذكر غيبته عن قومه في القرآن الكريم ﴿وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى المَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [القصص: ٢٠-٢١] فإن خروجه من قومه غيبة عنهم، وهكذا في نبي الله يوسف حيث غاب عن إخوته وأبيه سنين عديدة، وهكذا غيبة الخضر (عليه السلام).
وكذلك نبينا محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقد ذكر غيبته عن قريش عند الهجرة قال تعالى: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها﴾ [التوبة: ٤٠].
إذن مفهوم الغيبة العامة مصرح بها في القرآن الكريم.
أمّا الغيبة الخاصة بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) فيمكن أن نستدل عليها بسورة القدر وذلك من خلال الآتي:
أوّلاً: إن الملائكة تنزل في كل عام، ولابد من وجود الكيان المقدس الصالح لاستقبال الأوامر الإلهية التي تتنزل بها الملائكة، ولابد أن يكون هذا الكيان إماماً معصوماً، والإمام المعصوم بعد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) هو الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) لحديث الثقلين وللأدلة النقلية الأخرى إذاً ثبت وجود الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
ثانياً: إذا ثبت وجود الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بحسب النقطة الأولى فنقول: إنه إمّا أن يكون ظاهراً مشهوراً أو غائباً مستوراً، فقد أخبر أمير المؤمنين (عليه السلام) بذلك في حديث لكميل ابن زياد النخعي (رضوان الله عليه) (أن الأرض لا تخلو من قائم لله بحجة إمّا ظاهراً مشهورا أو خائفاً مغموراً لئلا تبطل حجج الله وبيناته) أمّا الأول (أي كونه ظاهراً مشهوراً) فهو باطل بالوجدان، فإن الوجدان حاكم على عدم ظهوره فيثبت الثاني وهي غيبته، وهو المطلوب.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)