الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
إن هذا التساؤل يجري حتى في رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأمير المؤمنين (عليه السلام)، فهما بلا إشكال أفضل من الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، فلماذا لم يكن أحدهما هو المختار لمهام آخر الزمان، بل لماذا كان الخاتم هو محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وليس عيسى (عليه السلام) مثلاً؟ وهكذا.
والجواب في الجميع واحد وهو:
أولاً: إن مسألة اختيار النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والإمام (عليه السلام) ليست بيد البشر، إنما هي بالجعل الإلهي ﴿وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا﴾ [السجدة: ٢٤] وحيث إن أفعال الله تعالى حكيمة لا عبث فيها، فهذا يعني أنه (عزَّ وجلَّ) عندما يختار إماماً لمهمة ما كان تعالى قد رأى المصلحة والحكمة المناسبة لذلك وليس مهماً -بعد هذا- أن نعلم بتلك الحكمة والمصلحة مادمنا نؤمن بأن الفعل موافق للحكمة.
ثانياً: على أنه يمكن القول: إن المانع من اختيار غيره (عجّل الله فرجه) من الأئمة (عليهم السلام) لمهام آخر الزمان ليس في الأئمة أنفسهم، وإنما المانع كان عدم وصول المجتمع الذي عاصرهم للنضج الملائم لقيام دولة الحق.
وهذا يفسر لنا بعض الحكمة من طول الغيبة، إذ لعل طول الغيبة كان لأجل أن يُمحَّص الناس حتى يصلوا إلى المستوى المطلوب لقيام دولة الحق، وقد أشارت الروايات الشريفة إلى ذلك.
فعن الإمام الصادق (عليه السلام): والله لتُمَحَّصُن والله لتطيرُن يميناً وشمالاً حتى لا يبقى منكم إلّا كل امرءٍ أخذ الله ميثاقه وكتب الإيمان في قلبه وأيده بروح منه. [الغيبة للنعماني: ص٣٣]
وعن الإمام الرضا (عليه السلام): والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تمحصوا وتميزوا وحتى لا يبقى منكم إلّا الأندر فالأندر. [مكيال المكارم: ج٢، ص٣١٨ - وعن بحار الأنوار: ج٥٢، ص١١٤، ب٢١، ح٣٠]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)