الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
لا شك أن لالتزام الإنسان وعمله بما أوجبه الله تعالى عليه واجتنابه عن المنكرات والمحرمات أثراً فعّالاً في اقتراب الإنسان من خدمة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) والكون من أصحابه، لكن هذا لا يعني أن يتّكل المرء على عمله، كما لا يعني بحال أن يصيب المذنبَ اليأسُ بسبب أعماله وذنوبه، لأن يوم الظهور سيشهد تقلبات في الاعتقادات لم يسبق لها نظير، فربّ شخص ملتزم ظاهراً لكنه إذا حان الحين فقد إيمانه وتلبس لباس النفاق، وربّ شخص ظاهره الانحراف لكن الرحمة تدركه في ساعة العسرة، كما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): إذا خرج القائم (عليه السلام) خرج من هذا الأمر من كان يُرى أنه من أهله، ودخل فيه شبهُ عبدة الشمس والقمر. [الغيبة للنعماني: ص٣٣٢، ب٢١، ح١]
وكذلك ما ورد في يوم الأبدال كما عن الإمام الباقر (عليه السلام) في رواية طويلة: ثم يأتي [أي الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)] الكوفة... [إلى أن يقول]: حتى يأتي العذراء [أو البيداء في نسخة أخرى] هو ومن معه، وقد لحق به ناس كثير، والسفياني يومئذٍ بوادي الرملة حتى إذا التقوا، وهو يوم الأبدال يخرج أناس كانوا من السفياني من شيعة آل محمد (عليهم السلام)، ويخرج أناس كانوا من آل محمد (عليهم السلام) إلى السفياني، فهم من شيعته حتى يلحقوا بهم، ويخرج كل ناس إلى رايتهم وهو يوم الأبدال. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج٥٢، ص٢٢٤، ح٨٧]
وخير شاهد من التاريخ على ذلك هو ما حصل للحر الرياحي الذي جعجع بالحسين (عليه السلام) وعياله، وكان إلى اللحظة الأخيرة إلى جنب ابن سعد، لكنه قرّر أن يترك الباطل ويلتحق بركب الحق فصار من أصحاب الحسين (عليه السلام) الذين قال عنهم (عليه السلام): إني ما رأيت أصحاباً أبر ولا أوفى من أصحابي.
وليكن معلوماً أن ارتكاب الذنوب ومعاقرتها من الأمور التي تسلب التوفيق عن المرء وتجعله يهيم في واد مظلم سحيق، وربما لا يتمكن المرء من النجاة بعد أن تتحول الذنوب إلى منهج في حياته، لذلك يجب على المؤمن أن يحذر من معاقرتها وأن يعمل على الابتعاد عنها قدر الإمكان وأن يسرع بالتوبة قل فوات الفرصة، ومن آثارها اليأس أيضاً من أن يكون من أنصاره.
كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده الإمام الحسن (عليه السلام): واعلم أنك طريد الموت الذي لا ينجو منه هاربه، ولابد أنه مدركه، فكن منه على حذر أن يدركك وأنت على حال سيئة قد كنت تحدث نفسك منها بالتوبة، فيحول بينك وبين ذلك، فإذا أنت قد أهلكت نفسك. [نهج البلاغة: ج٣، ص٤٩]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)