الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
أما جواب سؤالكم الأول:
من متابعة الروايات الشريفة، يظهر أن الرجعة تقع على مراحل ثلاث:
المرحلة الأولى: رجعة قبيل الظهور، ومن ذلك ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): يا عجباً كل العجب بين جمادى ورجب... إلى أن قال: وأي عجب يكون أعجب من أموات يضربون هامات الأحياء... . [مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب: ج٢، ص١٠٨]، فالرواية تقول: إن الرجعة في رجب، ومعلوم أن ظهوره (عجّل الله فرجه) في شهر محرم.
المرحلة الثانية: رجعة تقع زمن الظهور، حيث يكون الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) حياً ظاهراً، وفي ذلك روايات عديدة، منها ما روي في رجعة الإمام الحسين (عليه السلام)، فعن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى ﴿وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرضِ مَرَّتَيْنِ...﴾ [الإسراء: ٤-٦]، قال: قتل علي بن أبي طالب (عليه السلام) وطعن الحسن (عليه السلام)، ﴿وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً﴾ قال: قتل الحسين (عليه السلام)، ﴿فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما﴾، فإذا جاء نصر دم الحسين (عليه السلام) ﴿بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ﴾ قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم (عليه السلام) فلا يدعون وتراً لآل محمد إلّا قتلوه ﴿وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً﴾ خروج القائم (عليه السلام). ﴿ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ﴾ خروج الحسين (عليه السلام) في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهّب لكل بيضة وجهان، المؤدون إلى الناس أن هذا الحسين قد خرج حتى لا يشك المؤمنون فيه وأنه ليس بدجال ولا شيطان، والحجة القائم بين أظهرهم، فإذا استقرت المعرفة في قلوب المؤمنين أنه الحسين (عليه السلام)، جاء الحجةَ الموتُ، فيكون الذي يغسله ويكفنه ويحنطه ويلحده في حفرته الحسين بن (عليهما السلام). ولا يلي الوصي إلّا الوصي. [الكافي للشيخ الكليني: ج٨، ص٢٠٦، ح٢٥٠]
وعن الإمام الباقر (عليه السلام) رواية عما تكلم به الإمام الحسين (عليه السلام) مع أصحابه ليلة العاشر، فقال فيما قال: ...فأبشروا بالجنة، فو الله إنا نمكث ما شاء الله تعالى بعدما يجري علينا، ثم يخرجنا الله وإياكم حين يظهر قائمنا فينتقم من الظالمين، وإنا وأنتم نشاهدهم في السلاسل والأغلال وأنواع العذاب والنكال. [كتاب مختصر إثبات الرجعة للفضل بن شاذان ح٧، وكتاب التقويم المهدوي الصادر عن مركزنا ص١٢ - ١٣]
ومنها ما عن الإمام الباقر (عليه السلام): كأني بعبد الله بن شريك العامري، عليه عمامة سوداء وذؤابتاها بين كتفيه مصعداً في كف الجبل بين يدي قائمنا أهل البيت في أربعة آلاف مكبرون مكرّون. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج٥٣، ص٦٢]
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): يخرج مع القائم من ظهر الكوفة سبع وعشرون رجلاً خمسة عشر رجلاً من قوم موسى (عليه السلام) الذين كانون يهدون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أهل الكهف، ويوشع بن نون، وسلمان، وأبو دجانة الأنصاري، والمقداد، ومالك الأشتر، فيكونون بين يديه أنصاراً وحكاماً. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج٥٣، ص٦٢]
وعن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: يكرّ مع القائم ثلاث عشرة امرأة قلت: وما يصنع بهن؟ قال: يداوين الجرحى ويقمن على المرضى كما كنّ مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قلت: فسمّهن لي. قال: فقال: القنواء بنت رشيد، وأم أيمن، وحبابة الوالبية، وسمية أم عمار بن ياسر، وزبيدة (وفي نسخة زبيرة، وأم خالد الأحمسية، وأم سعيد الحنفية، وصبانة الماشطة وأم خالد الجهنية). [دلائل الإمامة لمحمد بن جرير الطبري الشيعي: ص٤٨٤، ح٨٤]
المرحلة الثالثة: رجعة بعد الظهور، وبعد موت الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وهي التي تقع عند رجوع الأئمة (عليهم السلام) ليحكموا الأرض بعده (عجّل الله فرجه).
روى الشيخ في مصباح المتهجّد عن جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) أنَّه قال: من أراد أن يزور قبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمّة (عليهم السلام) من بعيد فليقل...، وساق الزيارة إلى قوله: إِنِّي لَمِنَ القائِلِينَ بِفَضْلِكُمْ، مُقِرُّ بِرَجْعَتِكُمْ، لا أُنْكِرُ للهِ قُدْرَةً، وَلا أَزْعَمُ إِلَّا ما شاءَ اللهِ. [مصباح المتهجّد: ص٢٨٩، ح٣٩٩/١١]
وعن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا أتيت عند قبر الحسين (عليه السلام) ويجزيك عند قبر كلّ إمام...، وساق أدب الزيارة والدعاء فيها إلى قوله (عليه السلام): اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْه آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَةِ قَبْرِ ابْنِ نَبِيِّكَ، وَابْعَثْه مَقَاماً مَحْمُوداً تَنْتَصِر بِهِ لِدِينِكَ، وَتَقْتُلُ بِه عَدُوَّكَ، فَإِنَّكَ وَعَدْتَّه، وَأَنْتَ الرَّبُّ الَّذي لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وكذلك تقول عند قبور كلّ الأئمّة (عليهم السلام). [كامل الزيارات لابن قولويه: ص٥٢٦، ب١٠٤، زيارة لجميع الأئمّة (عليهم السلام)، ح٨٠٤/٢]
وعبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله (عزَّ وجل): ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ [النور: ٥٥]، قال: هم الأئمة. [الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص ١٩٣ و١٩٤، باب أنَّ الأئمّة (عليهم السلام) خلفاء الله (عزَّ وجل) في أرضه...، ح٣]
وأما جواب سؤالكم الثاني:
فالمقصود من (كسبت في إيمانها خيرا) هو تطبيق القوانين الإسلامية من خلال الأعمال الصالحة التي أمر الله تعالى بها، وقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير هذه الآية أنه قال: الإِقْرَارُ بِالأَنْبِيَاءِ والأَوْصِيَاءِ وأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) خَاصَّةً. [الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص٤٢٨، ح٨١]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)