السيد محمد الموسوي
برنامج: الموعود وزيارة الأربعين
انتاج: جامع الصاحب (عجّل الله فرجه) / النجف الأشرف
تنفيذ: مجموعة ذو الفقار الإعلامية - النجف الأشرف
إخراج: ضياء الناصر
التاريخ: ٢٠٢١
📖اسم الكتاب: اليماني راية هدى
👤تأليف: السيد محمد علي الحلو
📕حجم الكتاب: رقعي
📘نوع الغلاف: ورقي
📑عدد الصفحات: ١٠٠
📖 لم يُعدّ الظهور حالةً من حالات الخيال، أو نزعةً من نزعات الترف الأدبي، أو ترويحاً للنفس أو تطييباً للخواطر، أو مسألة وهم، أو ظاهرة (ميتافيزيقيّة) تحوم حولها الشكوك، أو تعزّزها الاحتمالات، أو ترفدها الظنون، لتنبسط إليها النفوس المنكسرة، أو تنبعث من خلالها الآمالُ الواهية، أو تُقنِعَ بسببها شهوة الثأر، لتشدَّ بها حيازيم الانتقامِ، أو تتهالك دونها الأرواح، أو تزهقَ لتحقيقها النفوس، أو تتعاور في إثباتها الحجج، أو تتهاوى في تأييدها الأدلّة، وتختلج دونها البراهين. بل هي حقيقةُ دينٍ، ووعدُ سماءٍ، وضرورةٌ محتومة النتيجة ثابتة البرهان.
وليس الظهور هو حالة تسكين النفس لوعدها المنتصر.. بقدرِ ما هي قضيّةُ انتسابٍ لواقعٍ شهدت في صحّته الأنباء، وتواترت عند تحقّقه الأخبار، وتكافلت له بشائر الأنبياء.. فهو مخاض جهودهم، وإرادة رسالاتهم.. أمل أتباعهم المصلحين، وتطلّعات شوق المستضعفين..
من هنا نتلمّسُ أهمّية الثقافة المهدويّة بكلّ تشعّباتها، بل بكلّ فصولها، ودواعيها ومقتضياتها، تاريخها وشجونها، ملاحمها وفتنها..
وليس المتأمّل في الوعد الإلهي لقضيّة الظهور بغافلٍ عن ضرورة الكشف عن نقاب علامات الظهور، والترصد لمعرفة اليوم الموعود بكلِّ ما لهذه العلائم من خطورة الأهمّية في تحديد مسارات التكليف أو بالأحرى عن معالم ما يمكن للمكلّف أن يترصّده في مستقبل الأحداث، وهو أحد أطراف المعادلة الإلهيّة ليتسنّى من خلال ذلك توخّي الدقّة والحذر؛ وهو في خضمِّ أحداثٍ طائشةٍ، أو فتنٍ مهلكةٍ، أو ملاحم تودي باللبيب عن مسالك الهدى لتطيح به في مهاوي الردى..
ولم يغفل أئمّة الهدى (صلوات الله عليهم) عن أهمّية ما من شأنه أن يُحدثه التفقّه في معالم هذه العلائم التي هي دوال المعرفة لسلوك أهدى السبل وأقومها حتّى أوصوا شيعتهم بتلك الملاحم وهاتيك الفتن، وأرفدوهم بوصاياهم لئلا يختلط عليهم الحقّ وتتشابه بهم الطرائق، وتنحدرُ فيهم الوهاد، وتقتحم بغفلتهم الصعاب، فاستزادوهم بما ينبغي للبصير أن يحذر، وللعاقل أن يتدبّر..
وها نحن بحمد الله تعالى قد خصّصنا فصولاً في هذا الشأن، ونقّبنا ما ينبغي تنقيبه، وحقّقنا ما ينبغي تحقيقه، فوجدناها مفعمةً بالأحداث المتزاحمة، والفتن المتلاطمة، ثمّ أجِلْنا النظر فعنَّ لنا أن نصنّف ما أوحش القارئ من تداخل الأخبار، أو أقضّه ما اضطرب من إشاراتٍ تشير إلى حدثٍ، أو ترمزُ إلى شخصٍ، أو توعزُ إلى قضيّة عمد فيها أئمّة الهدى (صلوات الله عليهم) أن يتجنّبوا الخوض فيها إيضاحاً، أو يُبيّنوا تفاصيلها إيغالاً، تقيّةً من أعدائهم، وتحفّظاً على أتباعهم، ولئلا يتداولها القريب والبعيد، ويتعاطاها القاضي والداني، فيعرّضوا شيعتهم إلى المطاردة والتنكيل، وأوكلوا فكَّ رموزها وبسطها وإيضاحها إلى غابر الأيّام بعد أن يتعاطى معها النّاس، وقد خبروها صحّةً وتصديقاً وتسليماً فيما بان لهم من حدوثها وتحقيق الآخرِ منها..
ولا ندّعي أن قد وفّقنا في استقصاء ما عقدنا البحث من أجلهِ، فإنّ لتداخل الروايات وتزاحمها سبباً في معاناتنا لفرز ما يمكن فرزه ليتسنّى لنا قراءة الأحداث ومعالجتها بما ينسجمُ وخطورة البحث وأهمّيته.
ولا يخفى ما لأخبار اليماني من تداخلٍ وتدافعٍ يوجب معها عدم البتِ بالنتيجةِ ما لم تكن هناك من القرائنِ الكافيةِ ليتّضحَ القصدُ ويستبين المراد، فإنّ لليماني خطره في مستقبل الأحداث، وكون حركته المباركةِ يكتنفها التكتّم ومقتضى السرّ ودواعي الخفاء إمعاناً في الحفاظ عليها من ملاحقةِ الآخرين، وملاحاة الظالمين، وما من شأنه أن يحفظ سرّيّتها وكتمانها..وما عملناه رغبةً منّا في رفد المكتبة المهدويّة بتراثها المغيّب ليُتاح لنا قراءة مستقبل الأحداث القادمة وما يتطلّبه منّا تكليفنا في هذا المضمار..