زيارة الأربعين بوابة الإمام الحجة (عليه السلام) إلى العالم
خضير العواد
لقد أخذت زيارة الأربعين تنتشر تدريجيا بشكل ملفت في وسائل الإعلام المختلفة بالرغم من الحصار الإعلامي الشديد عليها، ولكن قد أظهرت هذه الزيارة المعاجز الحقيقية التي لا يستوعبها عقل إنسان، فقد جمعت كل الفضائل والصفات الحميدة التي تتغنى بها البشرية وتتفاخر بها، وقد جذبت الملايين من مدن العراق المختلفة ومن باقي البلدان البعيدة على الرغم من الوضع الأمني الخطير، هذه الملايين تسير أكثر من ٥٠٠ كيلو متر على الأقدام وفيها الشيخ الكبير والمرأة العجوز والطفل والمريض والمعوق وفيها الشاب والشابة، وكل ما تطلبه الملايين توفره لهم المواكب الخدمية التي تنتشر على طرفي الطريق من مأكل ومنام ومساج و مفارز طبية وباقي الخدمات التي لا تخطر على بال إنسان، وهذا جميعه مجاناً بل يقدم مع فائق الاحترام والشكر والتقدير، وهذه الجموع تسير في جوٍ من المحبة والتآخي قل نظيره في التاريخ على الرغم من اختلاف الألسن والجنسيات ولون البشرة والطبقات والأعمار والمستويات العلمية وعدم وجود الشرطة أو رجال الأمن للسيطرة على الوضع وغيرها من العوامل التي قد تسبب المشاجرات والنزاعات، ولكن الجميع يسير كأنهم عائلة متحابة واحدة يساعد ويحترم بعضها بعض ولا تخرج من أفواههم إلا الابتسامة أو القول الجميل، ومن معاجز هذه الزيارة كم لتر ماء وكم رغيف خبز يحتاج كل هذا العدد الهائل من الزوار يومياً؟ وكيف تستطيع مدينة صغيرة وقديمة كمدينة كربلاء أن توفر دورات المياه لهذه الجموع؟ علماُ إن عدد ساكني هذه المدينة لا يتجاوز المليون والنصف فقط؟ وغيرها من المعاجز التي لا تطيقها عقول البشر، كل هذه العوامل دفعت وسائل الإعلام والمنظمات الإنسانية ورجال العلم والسياسية والدين والمثقفين وعامة الناس من مختلف بلدان العالم أن يتجهوا الى كربلاء لمعرفة هذه المعجزة في هذا الزمن الذي ضاعت فيه المُثل والأخلاق، ومن خلال هذا التوجه سوف ينتهي بهم المطاف الى معرفة يوم عاشوراء وما جرى فيه من مآسي ومن ثم طريق محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين، وسيَطَّلع من يريد معرفة الحقيقة على صاحب الثأر ومنقذ البشرية الذي سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجورا الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف)، فعندما يظهر الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف) في مكة المكرمة ما بين الركن والمقام وينادي بنداءاته الخمس (ألا يا أهل العالم أنا الإمام القائم، ألا يا أهل العالم أنا الصمصام المنتقم، ألا يا أهل العالم أن جدي الحسين قتلوه عطشانا، ألا يا أهل العالم أن جدي الحسين طرحوه عريانا، ألا يا أهل العالم أن جدي الحسين سحقوه عدوانا ) ....(١)، وتسمع الإنسانية هذه النداءات من الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف) كل بلغته التي يفهمها، وكأن نداء الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) الى أُناس يفهمون هذه العبارات ويعون معانيها، وأفضل وسيلة وأداة نشرت هذه المفاهيم الخمس ما بين بني البشر هي مأساة عاشوراء وما جرى على الحسين (عليه السلام) وخير من أظهر وعرف العالم بهذه المظلومية بشكلها الواضح المأساوي الجلي هي زيارة الأربعين، فأن زيارة الأربعين هي بحق بوابة الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف) إلى العالم.
الهوامش:
(١) شجرة طوبى –الشيخ محمد مهدي الحائري ج٢ ص٣٩٧، كتاب الزام الناصب في إثبات الحجة الغائب – الشيخ علي اليزدي الحائري ج٢ص٢٤٦