ما بين الأربعين وفاضلة أفلاطون
حيدر الرماحي
اعتبرت المدينة الفاضلة التي نظّر لها العالم الفيلسوف الإغريقي افلاطون ضرب من وحي الخيال، وجميعنا قد قرأ او سمع عن هذه المدينة الخيالية والتي تحكمها قوانين الفكرة الممزوجة بمصلحة الفرد وتارة الجماعة في مختلف أبعادها.
وفي الوقت الذي لم تأخذ الفاضلة الافلاطونية حيزا من الواقع في جميع مفاصلها من الجوانب الاجتماعية والأخلاقية. وفي نظرة بسيطة عندما نسلط الضوء على المسيرة الاربعينية المليونية التي يحيي ذكراها شيعة أهل البيت في ملحمة غير مشهودة في التاريخ ولا يحكمها سوى الأخلاق المثالية نقرأ ما يلي:
حين رسخ افلاطون لمبدأ الجسد الواحد لمدينته الفاضلة لم يرسخ لمبدأ الفكرة والهدف الواحد مما نجده في مسيرة الأربعين حيث الجماهير المليونية تتجه جسدا وفكرا نحو قبلة واحدة ونحو أهداف محددة لتصنع نظرية فاضلة بما للفاضلة من معنى.
وحينما تناول حقوق الفرد على الجماعة وحقوق الجماعة على الفرد لم ينظر لمفهوم العطاء الجمعي والانفاق المادي لكسب أهداف معنوية أخروية.
وعندما حدد علاقة أفراد المجتمع بانها تقوم على التبادل والتكامل، وإشباعهم لاحتياجات بعضهم البعض، وأن احتياج كل فرد منهم للآخر هو الرابط الأمتن لتحقيق المساواة
نشهد ان مسيرة الأربعين ترسخ العنوان ومبدأ أوسع من ذلك في الفضل والهدف وهي ان الفضل للأكثر خدمة وعطاءا لغيره وما يقدمه من جهد خالص لوجه الله
هذه الفاضلة التي عدها افلاطون رمزا للتكامل بنيت على اساس دنيوي بعيد عن الحياة الخارجية وان الحياة مزرعة الآخرة و لم ترتبط نظرياته بمعاني العقاب والثواب الالهي لكننا نجد مسيرة الأربعين هي مسيرة تحكم مجتمعا دنيويا من أجل أهداف إلهية نحو تحرير الفرد والمجتمع من قيود العبودية والتقرب من الله.
وهكذا تبقى هذه المسيرة هي المعجزة التي لا يمكن وصفها أو تحقيقها سوى على يد أبطال التاريخ وهم الشيعة.