الزيارة الأربعينية في سجل الخلود
قيس العامري
أخذت الزيارة الأربعينية صداها الإعلامي الواسع و على مستوى العالم أجمع وذلك لتوافد الحشود الغفيرة من أغلب بقاع العالم لإحياء هذه الشعيرة المقدسة ولكي يتوحدوا تحت راية أبي الأحرار أبي عبد الله الحسين عليه السلام الذي جسد لهم الحرية و الإباء و الثورة على الظلام و الجائرين وجسد لهم معاني الخلق العظيم الذي ورثه من جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و أبيه أمير المؤمنين عليه السلام تأتي هذه الجموع الغفيرة لتخلد ذكرى لم يحصل مثيلها في التاريخ وهي ذكرى عودة سبايا أهل البيت عليهم السلام و معهم الرؤوس الطاهرة التي دفنوها مع الأجساد المقطعة التي قطعت في سبيل الحفاظ على الدين و الحرية و حقوق الإنسان والتي أصبحت ملاذاً للثائرين ضد الظلم و الجور نعم قضية عاشوراء كانت و مازالت تدافع عن كل مظلوم و تدحر كل ظالم و هي القضية الوحيدة التي برزت رغماً عن الذين حاربوها و حاولوا دفنها في طيات التاريخ و هي القضية التي هزت مشاعر و ضمير الإنسانية لتفيقهم من سباتهم و هي القضية التي حافظت على استقامة و بقاء الرسالة الإسلامية.
الزيارة الاربعينية التي تحصل في كل سنة في العشرين من شهر صفر الخير هي ليست مختصة بمذهب من المذاهب أو دين من الأديان أو فئة محددة بل هي تضم جميع الأديان و المذاهب و الفئات على مختلف أنواعها؛ لأن الإمام الحسين عليه السلام خرج من أجل الإنسانية و إحقاق الحق و نبذ الباطل عن جميع العالم و ضحى بالغالي و النفيس من أجل أن تكون كلمة الحق هي العليا.
إن خلود المسيرة الحسينية ابتنى على إحياء الرسالة الحسينية و تطبيقها في حياتنا الطبيعية وذلك لما له من الأجر العظيم عند الله تعالى و أيضاً لما له من الصلاح في المجتمع كما قال الحسين عليه السلام: (ما خرجتُ أشراً ولا بطراً ولا مُفسداً ولا ظالماً وإنّما خرجتُ لطلب الإصلاح في أمّة جدّي لآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر) هذا ما تعلمناه من مسيرة النهضة الحسينية التي رسمت لنا أسمى الأهداف لنجعلها منطلقاً لحياتنا فكيف لا تكون المسيرة الحسينية خالدة.
تعرضت الزيارة الأربعينية إلى أشنع العدائية و المحاربة و محاولة التعتيم عليها سواء إعلامياً أو بالجبر و العنف، أما من الجانب الإعلامي نرى إلى الآن المحاربة مستمرة في التعتيم الإعلامي و محاولة تغيير الحقائق الواضحة و لكن هذا كله لا ينطلي على من عرف معنى كلمة كربلاء؛ لأن كربلاء أرض الحسين عليه السلام و مصداقيتها واضحة أمام العاقل و الجاهل فكل من ينسب إليها السوء أو يحاول التعتيم عليها فما يزيدهم غير تخسير، و أما من جانب منع زيارة الأربعين المقدسة بالجبر و العنف فالتاريخ يشهد على التضحيات التي قام بها زوّار الحسين عليه السلام من تحديهم للإرهاب و العنف و قطع الطرقات كلما زاد الطغاة في طغيانهم نرى الأعداد تتزايد من كل أقطار العالَم الإسلامي و غير الإسلامي هذا مما تعلمناه من سيد الأحرار أبي عبد الله الحسين عليه السلام.