درس أسطوري في العشق والتحدي
عبد الرضا الساعدي
هي الخطى تحملها أنفاس الدروب الطويلة، الحانية حيث الإمام الحسين (عليه السلام).. هي الخطى التي تحمل آثار العقيدة والشغف واللهفة حيث الوصول يعلّق فنار الأمل والنور عند مرافئ اللقاء البهي..
هي خطى الزوار الذين يرسمون في كل نقلة روح وجسد إلى الامام، لوحة عشق فريدة، فترعاهم ألوان السماء قبل الأرض، ويمنحهم دفق الإيمان بهجة الإنجاز في بلوغ المراد الإلهي، ويكون الأجر على قدر هذا العشق وعلى قدر التحدي، حيث المتربصون بحب الحسين (عليه السلام) ترعبهم حشود التحدي هذه، لأنها تهدد أصنامهم وعبوديتهم للملوك الطغاة ودعاة الظلام والقتل والسبي واستباحة الحرمات والمقدسات وتهديد الأمن والأمان.. خطى باتجاه النور تحملها أنفاس التحدي، يخاف منها أهل الغدر والنفاق والطعن في الظهر من شتى الأنواع والأشكال..
خطى يخاف منها الدواعش، وتخاف منها دول عظمى وصغرى متواطئة معها لقطع الطريق عليها، لكنها تمضي وتمضي وتمضي مخترقة كل المشقات والأهوال والمتاعب، رافعة راية العشق الإلهي، في طوابير يرسمها الأفق من بعيد وكأنها أسراب ملائكية تمشي على الأرض فتفرش خضرة الروح على طول الطريق، وتبعث نسيم الجمال في أجواء التواصل الأسطوري حيث يقيم ملاذ الشهادة ونبراسها، أبا عبد الله سيدنا المضيء على أمد الدهر، بدمه الطاهر والمزلزل لعروش الطغيان والباعث لكل شرارة ثورة ضد الفساد والظلام.
تلتحم الدروب كلها بهذه الخطى المؤمنة المتواصلة وكأنها تأتي من منبع واحد لتصب في مجرى هذا العشق الفريد وهذا التحدي العجيب.. ومن هنا يمكن أن تبدأ خارطة الحالمين بالإصلاح حيث خرج سيدنا المقصود من أجله، فلم يكن أشراً ولا بطراً ‘ إنما خرج لإصلاح أمة جده خاتم الأنبياء والمرسلين.. فرسالته الإصلاح أولا، ومن أجلها قدّم القرابين من أعز أهله وأصحابه ومناصريه، وها أنتم يا فرسان الطريق الطويل، يا زوار هذا الرمز الإلهي، ستكملون المسير خلف راية العشق والتحدي من أجل ذلك، خلف راية سيد الشهادة والإباء والإصلاح.. وها أنتم من أجل ذلك تقدمون درسا أسطوريا في هذا العشق والتحدي.