عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال:
(لا يَظْهَرُ القَائِمُ حَتَّى يَكُونَ أُمُورُ الصِّبْيَانِ، وَتَضْييعُ حُقُوقِ الرَّحْمانِ، وَيُتَغَنَّى بالقُرآنِ بِالتَّطْريبِ وَالألْحَانِ، فَإذَا قَتَلَتْ مُلُوكَ بَني العبَّاسِ أُولي العمَى والالتِباسِ، أَصْحَابُ الرَّمْي عَنِ الأقْوَاسِ بِوُجُوهٍ كَالتِّراسِ، وَخَرِبَتِ البَصْرَةُ، وَظَهَرَتِ العَشْرَةُ. قال سَلْمانُ: قُلتُ: وَما العَشْرةُ، يا أميرَ المؤمنينَ؟ قالَ: مِنْها: خُروجُ الزّنْجِ، وَظُهورُ الفِتْنةِ، وَوَقائعُ بالعراقِ، وفِتَنُ الآفاقِ، والزَّلازِلُ العظيمةُ، مُقْعِدةٌ مُقيمةٌ، ويَظْهَرُ الحَنْدَرُ والديلمُ بالعَقيق والصَّيْلَم، ووِلايةُ القِصاحِ بعَقِبِ الفَمِ الجناحِ، وظُهورُ آياتٍ مُفترياتٍ في النَّواحي وَالجَنَباتِ، وعِمْرانُ الفِسْطاطِ بَعَيْنِ العَربِ والأقْباطُ، ويَخْرُجُ الحائكُ الطَّويلُ بأرْضِ مِصْرِ وَالنِّيلِ.
قالَ سَلْمانُ: فقُلْتُ: وَما الحائكُ الطويلُ؟ قال: رَجُلٌ صُعْلوكٌ، ليسَ مِنْ أبناءِ المُلُوكِ، تَظْهَرُ له معادِنُ الذَّهَبِ، ويُساعِدُهُ العَجَمُ والعَرَبُ، ويأتي له مِن كُلِّ شيءْ حتّى يَليَ الحَسَنُ، ويكونُ في زَمانِهِ العظائمُ والعَجائِبُ، وإذا سارَ بالعَرَبِ إلى الشّامِ، وَداسَ بالبِرْذون أرحامَ، وداسَ جَبَلَ الأُردُن واللُكام، وطارَ الناسُ من غشيَتِه، وطارَ السَّيْلُ مِن جَيْشِه، وَوَصَلَ جَبَل القاعوسِ في جَيْشِه، فيجرّ به بعض الأمور، فيُسرعُ الأسْلافُ، وَلا يَهْنيهِ طَعامٌ ولا شَرابٌ حتّى يُعاوِدَ بِأيْلونَ مِصْرَ، وَكَثْرَةُ الآراءِ وَالظُّنونِ، ولا تَعْجَزُ العَجوزَ، وشيِّدَ القُصورُ، وعمّر الجبل الملعونِ، وبَرِقَتْ بَرْقةٌ فَرُدَّتْ، واتَّصَلَ الأشرارُ بينَ عينِ الشَّمسِ وحُلوانَ، وسُمِعَ مِن الأشرارِ الأذانُ، فصَعِقَت صاعِقة ببرقة، وأُخرى بِبَلْخَ وَقاتَلَ الأعرابُ البَوادي، وجَرَّتِ السُّفيانيَّ خَيْلُه، وجنَّدَ الجُّنودَ، وبندَ البُنودَ.
هُناكَ يأتيه أمرُ الله بغتةً، لِغَلَبَةِ الأوْباشِ وتعيُّشِ المَعاشِ، وتُنْتَقَصُ الأطرافُ، ويكثُرُ الاختِلافُ، وتُخالِفُهُ طَليعةٌ بِعَيْنِ طَرْطوسٍ، وبِقاصيةِ أفريقيَّةَ، هُناكَ تُقبِلُ راياتٌ مَغْربيَّةٌ، أو مشرقيَّةٌ فَأَعلَنوا الفِتنَةَ في البريَّةِ، يا لَها مِن وَقَعاتٍ طاحِناتٍ، مِنَ النَّبْلِ والأكَماتِ، وَقَعاتٌ ذاتِ رُسُونٍ، وَمَنابِتُ اللَّونِ، بِعِمْرانِ بني حامٍ بالقِمارِ الأدغام، وتأويل العَيْنِ بالفُسْطاطِ، مِنَ التربت من غير العَرَبِ، والأقباط بأدبجة الديباج، ونطحة النطاح، بِأَحْراثِ المَقابِرِ، ودروس المعابر، وتأديب المسكوب على السِنِّ المَنْصوبِ، بأقصاح رأس العلم والعمل في الحرب، بِغَلَبَةِ بَني الأصْفَرِ على الأنعار، وَقَعَ المِقْدارُ، فما يُغني الحَذَرُ.
هُناكَ تضْطَرِبُ الشام، وَتُنْصَبُ الأعلامُ، وَتنتقصُ التَّمامُ، وسُدَّ غُصْنُ الشَّجرَةِ الملعونة الطاغية، فهُنالكَ ذُلٌّ شاملٌ، وعقْلٌ ذاهلٌ، وخَتْلٌ قابلٌ، ونَبْلٌ ناصِلٌ، حتّى تَغْلِبَ الظُّلمَةُ على النّور، وتبقى الأمورُ من أكثرِ الشُّرورِ، هنالكَ يَقومُ المهديُّ مِنْ وُلدِ الحسينِ، لا ابنَ مِثْلُهُ لا ابنَ، فيُزيلُ الرَّدى، ويُميتُ الفتنَ، وتَتَدارسُ الركبتين (كذا)، هُناكَ يَقضي لأهلِ الدِّينِ بالدِّينِ. قالَ سَلمانُ: ثمَّ انْضَجَعَ وَوَضَعَ يَدَهُ تحتَ رأسِهِ، يَقولُ: شِعارُ الرَّهْبانيَّةِ القَناعَةُ).
مصادر الحديث:
* دلائل الإمامة: ص ٢٥٣ - ٢٥٤ - وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه قال: حدثنا أبوعلي الحسن بن محمد النهاوندي، قال: حدثنا العباس بن مطر الهمداني، قال: حدثنا إسماعيل بن علي المقري، قال: حدثنا محمد بن سليمان، قال: حدثني أبو جعفر العرجي، عن محمد بن يزيد، عن سعيد بن عباية، عن سلمان الفارسي، قال: خطبنا أمير المؤمنين بالمدينة، وقد ذكر الفتنة وقربها، ثم ذكر قيام القائم من ولده، وأنه يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً.
قال سلمان: فأتيته خالياً، فقلت: يا أمير المؤمنين، متى يظهر القائم من ولدك؟ فتنفّس الصعداء، وقال:
* الدرّ النظيم: ص ٧٥٧ - كما في دلائل الإمامة، بسند يلتقي مع سنده من أبي جعفر العرجي، وباختصار.
* العدد القوية: ص ٧٥ ح ١٢٦ - مرسلاً وقال: ( قال سلمان الفارسي رضي الله عنه: أتيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام خالياً فقلت: يا أمير المؤمنين، متى القائم من ولدك؟ فتنفّس الصعداء، وقال: - وفيه: (... ويُتَغَنَّى بِالقُرآنِ، فإِذا قَتَلَتْ مُلُوك بَني الْعَبَّاسِ، وَخَرِبَتِ البصْرةُ، هُناكَ يقومُ القائمُ مِن وُلْد الحسين عليه السلام).
* البحار: ج ٥٢ ص ٢٧٥ ب ٢٥ ح ١٦٨ - عن العدد القويّة.
* نفس الرحمن في فضائل سلمان: ص ١٠٣ ب ١١ - عن العدد القويّة.
* منتخب الأثر: ص ٢٤٨ ف ٢ ب ٢٥ ح ٦ - عن دلائل الإمامة، ملخّصاً.
وفي: ص ٤٣٥ ف ٢ ب ٦ ح ١٣ - عن نفس الرحمن.
* موسوعة أحاديث أمير المؤمنين عليه السلام: ص ٩٩ ح ٥ - كما في دلائل الإمامة، بسنده، وباختصار.