عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال:
«أَلا وَإنِّي ظَاعِنٌ عَنْ قَرِيبٍ، وَمُنْطَلِقٌ إِلَى الْمَغِيبِ، فَارْتَقِبُوا الفِتْنَةَ الأمَويَّةَ، وَالْمَمْلَكَةَ الكِسْرَوِيَّةَ، وَإمَاتَةَ مَا أَحْيَاهُ اللهُ، وَإِحيَاءَ مَا أَمَاتَهُ اللهُ، وَاتَّخِذُوا صَوَامِعَكُمْ بُيُوتَكُمْ، وَعَضُّوا عَلَى مِثْلِ جَمْرِ الغَضَا، فَاذْكُرُوا اللهَ ذِكراً كَثِيراً، فَذِكْرُهُ أَكْبَرُ لَوْ كَنْتُمْ تَعْلَمُونَ.
ثُمَّ قَالَ: وَتُبْنَى مَدِينَةٌ يُقَالُ لَهَا الزَّوْرَاءُ بَيْنَ دِجْلَةَ وَدُجَيْلَةَ وَالفُرَاتِ، فَلَوْ رَأَيتُمُوهَا مُشَيَّدَةً بالْجُصِّ وَالآجُر، مُزَخْرَفَةً بِالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَاللازَوَرْدِ الْمُسْتَسْقَا وَالْمَرْمَرِ وَالرُّخَامِ وَأَبْوَابِ العَاجِ وَالأبَنُوسِ وَالْخِيَمِ وَالقُبَابِ وَالشَّارَاتِ، وَقَدْ عُلِّيَتْ بِالسَّاجِ وَالعَرْعَرِ وَالصَّنَوْبَرِ والخشبِ، وَشُيِّدَتْ بِالقُصُورِ، وَتَوَالَتْ عَلَيْهَا مُلْكُ (مُلُوكُ) بِني الشَّيْصَبَانِ، أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مَلِكاً عَلَى عَدَدِ سِنِّي الْمُلْكِ الكَدِيدِ، فِيهُمُ السَّفَّاحُ وَالْمِقلاصُ والْجَموعُ وَالْخَدُوعُ وَالْمُظَفَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالنَظَّارُ وَالكَبْشُ وَالْمَهْتُورُ وَالعَشَّارُ وَالْمُصْطَلمُ وَالْمُستصْعَبُ وَالعَلامُ وَالرَهْبَانِيُّ وَالْخَلِيعُ وَالسَيَّارُ وَالْمُسْرِفُ وَالكَدِيدُ وَالأكْتَبُ وَالْمُتْرَفُ وَالأكْلَبُ وَالوَشِيمُ وَالظَلامُ وَالعَيُّوقُ، وَتُعْمَلُ القُبَّةُ الغَبْرَاءُ ذَاتُ القَلاةِ الْحَمْرَاء في عَقِبِهَا قَائمُ الْحَقِّ يُسْفِرُ عَنْ وَجْهِهِ بَيْنَ الأقَالِيمِ كَالقَمَرِ المُضِيء بَيْنَ الكَوَاكِبِ الدُّرِّيَّةِ.
أَلا وَإِنَّ لِخُرُوجِهِ عَلامَاتٍ عَشراً: أَوَّلُهَا طُلُوعُ الكَوْكَبِ ذِي الذَّنَبِ، وَيُقَارِبُ مِنَ الْحَاوي، وَيَقَعُ فِيهِ هَرْجٌ وَمَرْجٌ وَشَغَبٌ، وَتِلْكَ عَلامَاتُ الْخِصْبِ، وَمِنَ العَلامَةِ إلى العَلامَةِ عَجَبٌ. فَإِذَا انْقَضَتِ العَلامَاتُ العَشرُ إِذْ ذَاكَ يَظْهَرُ بِنَا القَمَرُ الأزْهَرُ، وَتَمَّتْ كَلِمَةُ الإخْلاصِ للهِ عَلَى التّوْحِيدِ...
نَعَمْ، إنَّهُ لَعَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) أَنَّ الأمْرَ يَمْلِكُهُ اثْنَا عَشَرَ إمَاماً تِسْعَةٌ مِنْ صُلْبِ الحُسينِ. وَلَقَدْ قَالَ النَّبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم): لَمَّا عُرِجَ بِي إلى السَّمَاءِ نَظَرْتُ إلى سَاقِ العَرْشِ فَإِذَا مَكْتُوبٌ عليه: لا إلَهَ إِلاّ اللهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، أَيَّدْتُهُ بِعَلِيٍّ، وَنصرْتُهُ بِعليٍّ وَرَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ نُوراً فَقُلتُ: يَا رَبِّ أنْوارُ مَنْ هَذِهِ؟
فَنُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ، هذِهِ الأنوَارُ الأئمّة مِنْ ذُرِيَّتِكَ. قُلْتُ: يَا رَسُول اللهِ، أَفَلا تُسَمِّيهِمْ لي؟ قال: نَعَمْ، أَنتَ الإمام وَالْخَلِيفةُ بَعْدِي، تَقْضِي دَيْنِي، وَتُنْجِزُ عِدَاتِي، وَبَعْدَكَ ابْنَاكَ الْحَسَنُ وَالحُسَيْنُ، وَبَعْدَ الْحُسَيْنِ ابْنُهُ عَليٌّ زَيْنُ العَابِدِينَ، وَبَعْدَ عَليٍّ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ يُدْعَى البَاقِرُ، وَبَعْدَ مُحَمَّدٍ ابْنُهُ جعفَرٌ يُدْعَى بِالصَّادِقِ، وَبَعْدَ جَعفَرٍ مُوسَى يُدْعَى بِالكَاظِمِ، وَبَعْدَ مُوسَى ابْنُهُ عَليٌّ يُدْعَى بِالرِّضَا، وَبَعْدَ عَليٍّ ابْنُهُ محمدٌ يُدْعَى بِالزَّكِيِّ، وَبَعْدَ محمدٍ ابْنُهُ عَليّ يُدْعَى بِالنَّقِيِّ، وَبَعْدَهُ ابْنُهُ الْحَسَنُ يُدْعَى بِالأمِينِ، وَالقَائِمُ مِنْ وُلْدِ الْحَسَنِ سمِيِّي وَأَشْبَهُ النَّاسِ بي، يَمْلؤُها قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً».
مصادر الحديث:
* كفاية الأثر: ص ٢١٣ -٢١٩ - حدثني علي بن الحسن بن مندة، قال: حدّثنا محمد بن الحسين الكوفي المعروف بأبي الحكم، قال: حدّثنا إسماعيل بن موسى بن إبراهيم، قال: حدثني سليمان بن حبيب، قال: حدثني شريك، عن حكيم بن جبير، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس، قال: خطبنا أمير المؤمنين (عليه السلام) على منبر الكوفة خطبته اللؤلؤة، فقال فيما قال في آخرها:
* فتن السليلي: على ما في ملاحم ابن طاووس.
* مناقب ابن شهر آشوب: ج٢ ص٢٧٣ – بعضه، مرسلاً، عنه (عليه السلام).
* ملاحم ابن طاووس: ص٢٧٠-٣٩٢ ب٥٨ – آخره، عن فتن السليلي، وقال: ذكر السليلي أنه خطب بها قبل خروجه من البصرة بخمسة عشر يوماً، وفيه: «... وتمت الفتنة الغبراء والقلادة الحمراء وفي عنقها قائم الحق، ثم يسفر عن وجه بيِّن، أصبحت الأقاليم كالقمر المضيء... علامات عشراً فأولهنَّ... المذنَّب... وأي قرب ويتبع به هرج وشغب، فتلك أول علامات المغيَّب. العشرُ فيها القمر الأزهر، وتمت كلمة الاخلاص بالله رب العالمين». وقال: «هذا آخر ما ذكره منها».
* مشارق أنوار اليقين: ص١٦٤-١٦٦ – وقال: ومن ذلك ما ورد عنه في خطبة الافتخار، رواها الأصبغ بن نباتة، قال: خطب أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال في خطبته: وفي آخرها: «... وإنّي ظاغن عن قريب، فارتقبوا. والدولة الكسروية، ثم تقبل دولة بني العباس بالفرح والباس، وتبنى... الزوراء... ملعونٌ من سكنها، منها تخرج طينة الجبارين، تُعلى فيها القصور، وتسبل الستور، ويتعلّون بالمكر والفجور، فيتداولها بنو العباس ٤٢ ملكاً على عدد سني الملك، ثم الفتنة الغبراء، والقلادة الحمراء في عنقها قائم الحق، ثم أسفر عن وجهي بين أجنحة الأقاليم كالقمر المضيء بين الكواكب، ألا وإنّ لخروجي... أولها تحريف الرايات في أزقة الكوفة، وتعطيل المساجد، وانقطاع الحاج، وخسف وقذف بخراسان، وطلوع الكوكب المذنب، واقتران النجوم، وهرج ومرج، وقتل ونهب، فتلك علامات عشر، ومن العلامة... فاذا تمت العلامات قام قائمنا، قائم الحق».