طريقة (أحمد كاطع) وأصحابه في إقناع الناس
الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي
أسلوبه وأسلوب أصحاب أحمد كاطع في الدعوة
إنّ أصحابه عندما يريدون أنْ يؤثّروا على شخص ما فإنهم في البداية لا يطرحون عليه قضية المدعو (أحمد كاطع) بشكل صريح، وإنما يحاولون أولاً: زلزلة بعض أفكاره ومعتقداته، وذلك بتشكيكه ببعض المسلمات لديه، وبعد تحقق هذه المرحلة، يطرحون عليه قضية المدعو (أحمد كاطع)، وبذلك يمكن بعد تكثيف الروايات والأدلة وإن كانت ضعيفة، كمنام أو استخارة أن تحرف الطرف المقابل عند عدم تسلحه بالوعي والمعرفة، ومثال على طريقتهم هذه: يأتون في البداية ليفاجئوا المستمع بأنّ الأئمة ثلاثة عشر وليس اثني عشر، كما هو متسالم عند كل المسلمين، ويستدلّون على ذلك بالروايات التي حصل فيها خطأ من قبل الرواة أو النساخ، من قبيل ما رواه الشيخ الكليني (قدس سره) في الكافي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): إني واثني عشر من ولدي وأنت ياعلي زر الأرض ... . فهنا غفل الراوي عن أنّ الاثني عشر بالإضافة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) صاروا ثلاثة عشر، ولكن هذا الخطأ من الرواة مغفور بسبب ارتكاز هذا العدد واقترانه بالأئمة (عليهم السلام)، ولذلك عندما تراجع نصوصاً أخرى تجد الرواية مروية بالشكل الصحيح (إني وأحد عشر من ولدي وأنت يا علي زر الأرض ...).
وعلى كل حال فإنهم مستعدون تمام الاستعداد لزلزلة عقائد الناس، فأعدوا مجموعة روايات من الكافي وغيره، حصل فيها مثل هذا الخطأ لتقديمها في البداية لتحصيل حالة الشك عند المقابل.
والأمر الآخر الذي دأب أنصار المدعو (أحمد ابن كاطع) على طرحها ابتداء هو مسألة ذرية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، فيسألون المقابل هل تؤمن بوجود ذرية للإمام المهدي (عجّل الله فرجه)؟ فسينكر الطرف المقابل هذا الأمر وينفيه نفياً قاطعاً؛ لأنّه يتصور أنّ مسألة الذرية مرتبطة بظهوره المبارك (عجّل الله فرجه)، وهنا تحصل الصدمة الكبيرة للمستمع حينما يعرض عليه مجموعة من الأدعية التي ورد فيها ذكر لذرية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، من قبيل ما نقله الشيخ عباس القمي في (مفاتيح الجنان) من صلاة مروية عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه):
اللهم وصلّ على وليك المحيي سنتك القائم بأمرك... اللهم اعطه في نفسه وذريته وشيعته ورعيته وخاصته وعامته وعدوّه وجميع أهل الدنيا ما تقر به عينه...، وغيرها.
بهذا الطرح الذي ذكرناه سوف يصيب المستمع العادي شيئاً من الخلل في توازنه الفكري والعقائدي، فيكون مهيئاً لسماع رواية جديدة تذكر مهديين يأتون بعد الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
وهذه أيضا معلومة جديدة لم يكن يسمع بها الناس، لذلك سيفاجؤون بها، وبمراجعة المستمع لأول مصدر متوفر لديه وهو مفاتيح الجنان الموجود في كل بيت شيعي، وحصوله على الأدعية التي نقلت منه، سيصدق بكل ما أورد من روايات نقلت من الكتب الأخرى من دون أنْ يراجعها.
عندئذ وبعد أنْ تحصل لدى المستمع هذه الاضطرابات الفكرية، يطرحون عليه أنّ الإمام الثالث عشر والقائم المذكور في دعاء الافتتاح وأول المهديين المذكور في رواية الشيخ الطوسي هو المدعو (أحمد ابن كاطع)، وهو يدعوك الآن باسم الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أنْ تنصره ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً.
تبقى هناك عقبات لدى المستمع، الأولى مسألة الأسانيد وثبوت الروايات، والثانية مسألة علماء الدين والمراجع.
أما الأسانيد فقالوا ببدعيتها، فكل ما ورد في كتب الحديث لابد أنْ يقبل.
وبالنسبة لعلماء الدين فقالوا: إنهم فقهاء آخر الزمان الذين يحاربون الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ويوردون مجموعة من الروايات التي يظهرون من خلالها للمستمع أنّها وردت في الفقهاء وعلماء الدين، من قبيل أنّ فقهاء آخر الزمان يقولون للإمام المهدي (عجّل الله فرجه): (ارجع يا بن فاطمة لا حاجة لنا بك) أو (يخرجون عليه فيتأولون عليه كتاب الله و ويقاتلون عليه) أو أنّهم يقولون للإمام (عجّل الله فرجه) (لو كان هذا من ذرية محمّد لرحم) ويستعينون بروايات تحليل الخمس، وبتصرفات بعض من تلبس بالعمامة لأغراض دنيوية.
وبهذا يزيلون أي مانع يقف في طريقهم، فيبقى المستمع الذي ليس له حظ من العلم حائراً مذهولاً مضطرباً، فحينها يأتي دور الاستخارة والمنامات، فيقترحون عليه لأجل أنْ يخلّص نفسه من الحيرة أنْ يستخير، أو أنْ يدعو دعاء معيناً أربعين ليلة، ويوعدوه أنه سيرى مناماً، وهنا إذا كانت الاستخارة أو المنام في صالح المدعو (أحمد) فبها وإلاّ يطلبون من الطرف المقابل أنْ يصفّي نيته ويعيد الاستخارة وهكذا إلى أنْ تكون الاستخارة والمنام في صالح المدعو (أحمد).
ولا يفوتني هنا أن أذكر أنهم يدعمون كلامهم بالأقسام المغلظة بالله وبرسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمة وأبي الفضل العباس (عليهم السلام)، والإكثار والمبالغة بالخطابات العاطفية وبشكل مدروس، ولا يخفى أنّ الخطابات العاطفية أكثر تأثيراً على عوام الناس من أقوى الأدلة العقلية والعلمية، ولأجل أنْ يطمئن الطرف المقابل فإنهم يبدون استعداداً للمباهلة والقسم بالبراءة، بالإضافة إلى ما يدّعونه من كرامات له، من قبيل ما حصل للشيخ الشكري (قدس سره) حيث قالوا بأنّه تكلم ضد المدعو (أحمد) وبعدها توفي بحادث سيارة، فقالوا إنّ هذه من كرامات المدعو (أحمد).
فمع كل هذه المؤثرات، بالإضافة إلى ما يلبسه بعض أنصار المدعو (أحمد) من عمائم، ماذا ننتظر من عوام الناس الذين لا يعرفون شيئاً من أمور الدين، بل بعض من سمي الشيخ فلان أو السيد فلان وهو لا يتقن أبسط المسائل في العقيدة والمعرفة.