التحريف في نسب الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
السيد محمد علي الحلو
بالرغم من تأكيدات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على انتساب المهدي إلى الحسين (عليهما السلام)، وبالرغم من الروايات المتكاثرة في أنّه ابن الحسن العسكري (عليه السلام)، إلّا أن البعض حاول تغيير مسار هذه الروايات إلى الوجهة التي يريدها، وسعى إلى تحريف ما ورد في هذا الانتساب المبارك، فقد أورد بعضهم أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: المهدي اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي.
ولا يشك أحد في أنّ الحديث غير صحيح وغير مقبول من جهات:
أولاً: أمّا كونه غير صحيح:
أ - فقد روى نعيم بن حماد عن ابن عيينة عن عاصم عن عبد الله حديث اسم أبيه اسم أبي، ولم يذكر الواسطة بين عاصم وبين عبد الله، وبعضهم صرّح أنها ضعيفة كما في حاشية الكتاب.
ب - إنّ في بعض أسانيد الحديث رشدين بن سعد المهري: عن عثمان بن سعيد، قلت ليحيى بن معين: فرشدين بن سعد؟ قال: ليس بشيء.
وعن عبد الله بن بكر يقول: رأيت الليث ابن سعد وقد جاء إلى رشدين بن سعد بحذاء باب الصوال وقد علاه بالنعل حتى أخرجه من باب المسجد وقال له: لا تفت بالنوازل.
وقال أبو زرعة: ضعيف. وقال الجوزجاني: عنده مناكير كثيرة. وقال أحمد: لا يبالي عمن روى.
ج - وفي أسانيد بعض الأحاديث أن (اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي) هو زائدة عن عاصم عن عبد الله بدل ابن عيينة عن عاصم عن عبد الله، ولا يعرف زائدة من، فإن كان زائدة ابن سليم فهو مجهول كما صرح بذلك الذهبي.
وإذا كان زائدة مولى عثمان، فقد قال لاِبن عدي في الضعفاء حديثه منكر وقال البخاري: لا يتابع على حديثه. وإذا كان زائدة ابن أبي الرقاد قال البخاري: منكر الحديث.
وإذا كان زائدة ابن نشيط، قال ابن القطان: وزائدة لا يعرف إلّا برواية ابنه عنه. وبهذا فكل زائدة ليس بشيء وهو منكر الحديث.
إذن فهو من حيث السند غير صحيح، كما ذكرنا، ورواته ليس بشيء.
ثانياً: أمّا كونه غير مقبول:
فلأن حديثه (اسمه اسمي) دون زيادة و(اسم أبيه اسم أبي)، فهو يكاد أن يكون متواتراً، وخلافه خلاف الضروري، إذ الضرورة تقتضي بتسلسل اثني عشر إماماً، آخرهم المهدي المولود من الحسن بن علي العسكري، كما أشار إليه الحديث المتواتر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة من قريش اثنا عشر.
إنّ الزيادة لم يقبلها أكثر العلماء، إذ أنكر المقدسي الشافي في (عقد الدرر) هذه الزيادة بقوله بعد روايته الحديث قائلاً: وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني في مسنده وقال: (رجلاً مني ولم يذكر اسم أبي)، وكذلك ابن خلدون بعد أنْ ذكر حديث (واسم أبيه اسم أبي) قال: وفيه داوود بن المحبي بن الحرم عن أبيه، وهما ضعيفان جداً.
ج - إنّ هذه الزيادة تتناسب مع دعاوى العباسيين الذين جعلوا محمد بن عبد الله - أي ابن أبي جعفر المنصور - هو المنصور، ووضعوا لذلك أحاديث عدّة، وكذلك ادّعى بعضهم أنّ محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، وغيرها من الدعاوى التي لا تتناسب مع كون الأئمة من قريش اثني عشر، ولا تتفق مع الصفات الواردة عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) على لسان رواة المسلمين.
وبذلك فستكون هذه الدعوى مردودة وغير منسجمة مع الضرورات المهدوية التي بشّر بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).