الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
ليس بالضرورة أن مصطلح (آخر الزمان) يراد به الفترة المتاخمة لنهاية العالم وقيام الساعة، فإن الزمان وتوصيفه بالأولية أو الأخروية يبقى في كثير من الأحيان توصيفاً نسبياً، وعلى كل حال استعمل هذا المصطلح في الكثير من الروايات بمعنى محدد يبدأ من عصر نبينا محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) وحتى قيام الساعة باعتبار أن نبينا خاتم الأنبياء وشريعته خاتمة الشرائع والتي سوف تبقى إلى يوم القيامة، ومن هنا روي في الكثير من الأخبار وصف النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) بأنه نبي آخر الزمان، فقد روى الكليني الحديث القدسي الذي وعظ الله تعالى به عيسى بن مريم (عليه السلام) وجاء فيه: ثم أوصيك يا بن مريم البكر البتول بسيد المرسلين وحبيبي فهو أحمد صاحب الجمل الأحمر والوجه الأقمر، يكون في آخر الزمان. [الكافي للشيخ الكليني: ج٨، ص١٣٩]، وكذلك ما رواه الصدوق عن الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث يوسف (عليه السلام) لزليخا جاء فيه: ما الذي دعاك يا زليخا إلى ما كان منك؟ قالت: حسن وجهك يا يوسف، فقال: كيف لو رأيت نبياً يقال له محمد، يكون في آخر الزمان، أحسن منّي وجهاً وأحسن منّي خُلُقاً. [علل الشرائع للشيخ الصدوق: ج١، ص٥٥]، وكذلك الحديث المروي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) في الدعاء الذي علمه جبرئيل لآدم لما نزلت الخطيئة بآدم وأخرج من جوار رب العالمين أتاه جبرئيل فقال: يا آدم ادع ربك. قال: يا حبيبي جبرئيل وبما أدعوه؟ قال: قل يا رب أسألك بحق الخمسة الذين تخرجهم من صلبي آخر الزمان إلّا تبت عليَّ ورحمتني. [مناقب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) للكوفي: ج١، ص٥٤٧]
ومن هنا نفهم أن مصطلح آخر الزمان إنما يبدأ من عصر بعثة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) وكل الأحداث التي ستقع بعد هذه الفترة يصح أن توصف بأنها أحداث آخر الزمان، ويؤكد هذا المعنى بوضوح ورود روايات عند السنة والشيعة تصف ظهور بعض الفرق المنحرفة (كالخوارج والجبرية) بأنهم يظهرون في آخر الزمان مع أنهم ظهروا قبل زماننا هذا بمئات السنين، فقد روى جابر عن النبي (صلّى الله عليه وآله) أنه قال: يكون في آخر الزمان قوم يعملون بالمعاصي ثم يقولون: الله قدَّرها علينا. [رسائل الشريف المرتضى: ج٢، ص٢٤٢]، وجاء كذلك في الحديث الذي رواه أمير المؤمنين (عليه السلام) عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) في وصف الخوارج قوله: يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجرٌ لمن قتلهم يوم القيامة. [صحيح البخاري: ج٦، ص١١٥]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)