الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
هذا حديث عامي، وهو حديث ضعيف بل موضوع فيه أي إنه قد زيد فيه.
وقد نقد بعض كبار علمائهم هذه الزيادة كالشافعي قال: (أخبرنا الحافظ أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم الآبري في كتاب مناقب الشافعي ذكر الحديث وقال فيه: (وزائدة في روايته) لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلاً مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً). [ البيان للشافعي: ص٤٨٢]
قلت: وذكر الترمذي الحديث ولم يذكر (قوله واسم أبيه واسم أبي) وقال في مشكاة المصابيح: ٣، ٢٤: رواه الترمذي وأبو داود وليس فيه (واسم أبيه اسم أبي).
وفي معظم روايات الحفاظ والثقات من نقلة الأخبار (اسمه اسمي) فقط.
والذي روى (اسم أبيه اسم أبي) (فهو زائدة وهو يزيد في الحديث) والقول الفصل في ذلك أن الإمام أحمد مع ضبطه وإتقانه دوّن هذا الحديث في مسنده في عدّة مواضع (واسمه اسمي) (انتهى قول الشافعي) (ومع شهادتهم بأن الزيادة موضوعة لا تبقى حاجة لمحاولة بعضهم تأويلها كالشبلنجي والأربلي والهروي والنوري والمجلسي وغيرهم حيث قالوا ربما كان أصلها: واسم أبيه اسم نبي أو اسم ابني أي الحسن ثم صحفت كلمة نبي أو ابني بأبي ولكن ذلك كله تكلف بعد طعنهم بزائدها!) هذا وقد يستشكل على بعض علماء الشيعة بأنه أورد هذه الزيادة في بعض ما رواه لكن ذلك دليل على أمانته في النقل كالطوسي وابن طاووس وغيرهم فقد روى ابن الشيخ الطوسي، بسنده عن أبيه:
(أقول: فلا يتوهم أنهما يؤيدان هذه الزيادة فقد نصّا كغيرهم من علمائنا على أن اسم أبيه هو الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) بل هو من ضرورات مذهبنا على أن أمثال هذه الزيادة في الشاذ من رواياتنا قد تكون من رواة من غير مذهبنا وبعضهم استبصر وبقي تأثره برواياتهم فتسربت إلينا نصوص من روايته. [الأمالي للشيخ الطوسي: ج١، ص٣٦١]
ولزيادة الإيضاح نقول:
عن عبد الله بن مسعود. قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم، لطوّل الله تعالى ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً مني يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً... . [الغيبة للشيخ الطوسي: ص١٨٠ – ١٨٢، ح١٤٠]
فبالإضافة إلى ما تقدّم من تخريج لورود هذا الحديث في كتبنا، فإنه جاء في هامش المصدر ما نصه:
لهذا الخبر في مؤلفات العامة والخاصة وأخبارهم طرق متعددة. وقوله (اسم أبيه اسم أبي) من الزيادات في بعضها وليس في بعضها الأخرى.
وقد تعرض له من علماء الفريقين جماعة، وقيل فيه وجوه:
الأول: ما عن كشف الغمة: ٢ / ٤٧٧ قال: أمّا أصحابنا الشيعة فلا يصححون هذا الحديث لما ثبت عندهم من اسمه واسم أبيه.
الثاني: ما عن كشف الغمة أيضاً ج ٢ / ٤٧٧: وأمّا الجمهور فقد نقلوا أن زائدة كان يزيد في الأحاديث، فوجب المصير إلى أنه من زيادته، ليكون جمعاً بين الأقوال والروايات.
وقد نقل في كشف الغمة: ٢ / ٤٧٦ بياناً جيداً في تأويل الرواية من بيان الكنجي الشافعي باب ١.
الثالث: ذكره في كشف الغمة أيضاً: ٢ / ٤٤١ - ٤٤٥ نقلاً من مطالب السؤول: ٢ / ٨٥ - ٨٨ بياناً مفصلاً خلاصته: احتمال أن يكون قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (واسم أبيه اسم ابني) أي الحسن (عليه السلام).
فإن تعبيره (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عنه بـ(ابني)، وعنه وعن أخيه الحسين (عليهما السلام) بـ(ابني) في نهاية الكثرة في أخبار الفريقين. فتوهَّم فيه الراوي فصحف ابني بـ(أبي).
الرابع: ما في البحار: ٥١ / ١٠٣ أقول: ذكر بعض المعاصرين فيه وجهاً آخر وهو: أن كنية الحسن العسكري (عليه السلام)، أبو محمد، وعبد الله أبو النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كنيته أبو محمد، فتتوافق الكنيتان والكنية داخلة تحت الاسم، والأظهر كون (أبي) مصحف (ابني).
الخامس: ما في كشف الغمة أيضاً: ٢ / ٤٤٢ نقلاً من ابن طلحة من أنه مهد مقدمتين:
الأولى: أنه سائغ شايع في لسان العرب إطلاق لفظة الأب على الجد الأعلى كقوله تعالى في سورة الحج: ٧٨ ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ﴾ وقوله تعالى حكاية عن يوسف (عليه السلام) في سورة يوسف: ٣٨ ﴿وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ﴾. وفي حديث الإسراء كما في تفسير القمي: ٢/٩ أن جبرئيل (عليه السلام) قال: هذا أبوك إبراهيم (عليه السلام).
والثانية: أن لفظة الاسم تطلق على الكنية وعلى الصفة كما روى البخاري في صحيحه: الجزء ٥/٢٣ ومسلم أيضاً في صحيحه: ٤/١٨٧٤ ح ٣٨ وعنهما البحار: ٣٥ / ٦٥.
إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سمّى علياً (عليه السلام) أبا تراب ولم يكن اسم أحب إليه منه، فأطلق لفظ الاسم على الكنية.
ثم قال: ولما كان الحجة الخلف الصالح محمد (عليه السلام) من ولد أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، أطلق النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على الكنية لفظ الاسم إشارة إلى أنه من ولد الحسين (عليه السلام)، بطريق جامع موجز.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)