(الحداثويون) ومشكلة الإلغاء
الحداثويون أولئك الذين يملأون زوايا الحوار الثقافي باطروحاتهم، هم اليوم يشعرون أن فاصلة الفكر والوعي تصنفهم ضمن اللامنتمي في توجهاتهم ونقودهم.
والحداثة ظاهرة تستبيح في بعض الأحيان الحقائق وتُلغي الواقع الا ما وافق العقل المحدود بكل توجهاته وأذواقه.
في القضية المهدوية لا تجد الحداثة لها موطئ قدم وهي تحاول أن تقفز على مبانٍ قررها الواقع وأذعن إليها الجميع.
فمثلاً تُعدُ مسألة الإمام المهدي عليه السلام نتاجاً طبيعياً لمجمل ممارسات الحاكم والمحكوم، والوقائع التي تسبق ظهوره لابد أن تنطلق من تراكماتٍ لممارساتٍ تخلق لها أجواءً تنبثقُ من خلالها بعض ما يشعر بوقوع شيء يتبنى تغييراً على أصعدةٍ مختلفة ويطلق على هذه المقدمات بـ (علامات الظهور) فعلامات الظهور لم تنطلق من واقعٍ كهنوتي يتنبأ بما يحدث مستقبلاً، بل هي حالة ترشيد لما يجري ولما ستترتب عليه من نتائج عززته الأحاديث النبوية الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو عن الإمام عليه السلام، فدراسة الواقع الذي تحدثه العلامة أو تحدث من خلاله العلامة هي في الواقع تداعيات لتلك الأسس التي تأسس عليها مجتمع ما، والعقل لا يُلغي حتمية هذه النتائج التي ستكون استجابةً لهذه التداعيات الحادثة وقتذاك.
هكذا إذا حاولنا أن نخضع فلسفة علامات الظهور إلى العقل والتمحيص، أما إذا أردنا أن نلغي كل شيء لا يقع تحت طاولة العقل فإن مصداقية البحث العلمي ستخسر جولتها في خضم هذه الحقائق النبوية المتواترة..
وأخيراً فإن العقل لا نلغي دوره فيما إذا كان مسلّماً لمبادئ البحث والتحقيق، أما أن يكون العقل هكذا متمسكاً بكل ممارساته العشوائية فإننا لا نقر لها هذا الاستبداد فإن للحرية الفكرية حدودها ضمن أُطُر التحقيق والعقلنة.
رئيس التحرير السيد محمد علي الحلو