استراتيجية الاعداء في حربهم ضد الامام المهدي عليهم السلام حالياً
مجتبى السادة – السعودية/ صفوى
أخذ أعداء الإسلام على عاتقهم في السنوات الأخيرة خلق ظروف مناسبة، تفرز مناخاً يساعد على تقويض أمر الإمام المهدي عليه السلام، وجعل مبادئ العقيدة المهدوية خاوية وفارغة من محتواها الأصلي.. أن الأعداء بشتى توجهاتهم يحاربون حالياً القضية المهدوية وبكل ما يملكون من قوة، لأنهم يدركون المصير الأسود الذي ينتظرهم، ولذا فقد خططوا ومنذ أمد بعيد لتدمير كل ما يمكن أن يمثل قوته أو يساعد على إنجاح فتوحاته ونهضته العالمية، ولذا لا نستغرب من حجم الهجوم الشرس الذي يشنه الأعداء على المهدويّة في السنوات الأخيرة.. فإن من يقرأ أخبار الأحداث الأخيرة ومجريات الأمور الحالية، يذهله عظيم البلاء وحجم العداء ضد العقيدة المهدوية، ففي ظل إرادة دولية ظالمة متنفذة، ودعاية إعلامية ثقافية عدائية، يحاولون دحض الثقافة المهدوية، بل يصرون على نشر أفكار تنكر أصل وجوده عليه السلام، وتعمل تلك الإرادة الظالمة جاهدة لتنفيذ استراتيجية متكاملة وشاملة، ولإقامة منظومة ثقافية تحمل في طياتها العداء للعقيدة المهدوية.
إن من يراقب أخبار وأحداث الزمن الحالي يجد أن معاداة ومحاربة أمر الإمام المهدي والعقيدة المهدوية وصلت الى قرب الذروة وبمستوى عنيف وخبيث، وذلك عبر خلق حالة من العداء النفسي والفكري والاجتماعي والسياسي للإمام عليه السلام في أوساط القاعدة الشعبية الموالية له سواء الخاصة منها أو العامة.. يطمح الأعداء من وراء ذلك التخطيط الى شن هجمة صاعقة ضد العقيدة المهدوية الأصيلة، والى تغييب وتهميش فكرة وجود الإمام عليه الاسلام وما تحمله هذه العقيدة من روحية تفاؤل وإيجابية وحيوية ونشاط ودافعية نحو المستقبل.
كل من يخاف المهدي، ولا يتمنى خروجه، ويحمل مبادئ وأهداف تخالف ما يحمله المهدي، وتتضارب مصالحه مع مبادئ العدل والقسط الإلهي، تراه يعلن العداء للمهدي.. ومن هنا يجب أن نوضح: عندما نتكلم عن أعداء الامام المهدي عليه السلام حالياً، فإنما نقصد من خلاله الإشارة الى الجبهة السياسية المعادية، أو الكيان المخطط والمنفذ لاستراتيجية حرب وعداء ضد الامام عليه السلام، وقد عبرت الروايات عنهم باسم (أهل الروم).. أن اليهود والصهيونية العالمية يحاربون المهدي لأنهم يعرفون أن زوالهم سيتم على يديه، ولأن كل الوثائق القديمة لديهم تؤكد أن حرب المهدي لليهود قادمة لا محالة، وكذلك التوراة القديمة الأصلية أنبأت بالمهدي.
السؤال الكبير الذي يشغلنا ومن المهم أن نعرف إجابته: ما هي الخطط التي يتبعها الأعداء (الصهيونية والغرب) في حربهم ضد الإمام المهدي عليه السلام حالياً؟؟.. وكيف يستعدون لقدومه؟ .. علماً بأن التاريخ يخبرنا عن قصص استعداد الأعداء لقدوم الأنبياء والرسل، كقصة موسى وفرعون، وعيسى واليهود، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم واليهود، فكما راقب اليهود والأعداء أخبار ولادة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وخططوا للقضاء عليه في صغره، كذلك هم الآن يراقبون الأحداث ويقرأون علامات ظهور الامام المنتظر عليه السلام.. ولذا فهم يتبعون استراتيجية معينة في حربهم ضده، أو للقضاء عليه.. ما هي هذه الاستراتيجية؟ وما هي أبرز خطوطها وملامحها؟.. إن المنتظر الحقيقي للإمام والذي يعد نفسه لذلك، لابد له أن يعرف ماذا يحيك الأعداء من دسائس ومؤامرات ضد الامام المهدي عليه الاسلام في الوقت الحالي، وليتم له كشف مخططهم وإسقاط استراتيجيتهم.
إن طبيعة صراع الأعداء اليوم ضد القضية المهدوية، وحركات الصدام والمجابهة التي يتبنونها تظل مختلفة في أكثر من ناحية ومقام وفترة وزمان، إلا أنها في بعض خططها الاستراتيجية وبعض أسمائها وعناوينها واضحة للمؤمنين.. علماً بأننا عندما نتكلم عن استراتيجية الأعداء، فإنما نتكلم عن خطة شاملة متكاملة بعيدة المدى، ذات أهداف متعددة، يستخدمون فيها أساليب قديمة وحديثة ومتنوعة وخبيثة لمواجهة حجم القضية التي ينتظرونها ويعرفون نتائجها مسبقاً.. ومن هنا يجب علينا أن نعي ونفهم ونكشف للمؤمنين أساليب الأعداء الحديثة في حربهم ضد الامام المهدي عليه السلام حالياً، واستعداداتهم للمواجهة اللاحقة مستقبلاً.
نستشف من قراءتنا للأوضاع والأحداث الحالية، بعض أبرز خطوط استراتيجية الأعداء والموجهة ضد الامام عليه السلام حالياً - في الفترة الحالية، وليس في المستقبل أثناء ظهوره- ويمكن تشخيص هذه الاستراتيجية في النقاط التالية:
أولاً: نسف العقيدة المهدوية من الأساس والتشكيك في مصداقيتها:
يستغل الأعداء بعض الملابسات التاريخية والفكرية في القضية المهدوية للتشكيك في العقيدة (سواء من ناحية أصل الفكرة، أو من ناحية الولادة والوجود).. وما هذه الملابسات الظاهرية التي يعلنونها إلا غطاءً مكشوفاً للدافع والسبب الحقيقي، وأسلوب من أساليب الحرب والعداء للعقيدة المهدوية الأصيلة وذلك عبر:
* التشكيك في أصل الفكرة: وذلك بإيحاء الاعداء بأن العقيدة المهدوية من وهم الخيال، والإيحاء للمؤمنين بأنهم يعيشون في الأحلام.. ويختبئ في طيات هذا الأسلوب دوافع وجذور نفسية، وذلك بقتل كل الجوانب الإيجابية للإيمان بالفكرة من روحية التفاؤل والأمل والايجابية والانتظار لمستقبل باهر، وخلق روحية من اليأس والقنوط والبؤس والتشاؤم.
* التشكيك في الوجود، وفي أصل الولادة تاريخياً، والإيهام بأن الفكرة سوف تولد في المستقبل: وذلك لتهيئة الأرضية الفكرية والثقافية للمدعين المزورين الكذابين، وما يتبع ذلك من أضرار، مما جعل مدعي المهدوية يكثرون في هذا الوقت.. علماً بأن هذا الأسلوب ليس حديثاً، ولكنه يتجدد ويستمر عبر الدعم والتشجيع الصريح لكل من يتبنى تلك الأفكار والانحرافات (العقيدية) من أهل العامة أو من داخل البيت الشيعي (كالقضية المثارة منذ فترة في لندن) مما جعل نسبة معدل الادعاءات للمهدوية حديثاً مرتفعة. من أساليب الأعداء الفكرية والثقافية الخبيثة تبنّي ونشر وترويج بعض ملابسات المشككين في العقيدة المهدوية مثل:
_ القول بعدم التصريح بلفظة المهدي في القرآن الكريم.
_ القول بعدم التصريح بلفظة المهدي في صحيحي بخاري ومسلم.
_ تضيعف ابن خلدون للأحاديث الواردة في المهدي.
_ التركيز على رواية في سنن ابن ماجة: (لا مهدي إلا عيسى ابن مريم).
_ ترويج أن المهدي رجل من الأمة.. أي بدلاً من عترتي جعلوها من أمتي.
_ الادعاء بأن الفكرة يعود أصلها للديانات السابقة.
_ الظن والتشكيك في الاسم.. بإضافة يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي.
_ التأكيد على أن المهدي سيولد في المستقبل.
يهدفون من تبني هذه الملابسات: الترويج والإيحاء الى أن فكرة المهدي غير أصيلة، وليس لها مصدر من القرآن الكريم، بالإضافة الى شكوك حول أحاديثها من السنة الشريفة، وبالتالي لا حاجة للاستعداد والانتظار، وإن كان لابد من الإيمان بهذه الفكرة، فإن المهدي المنتظر هو شخص عادي من الأمة الإسلامية وسيولد في المستقبل، وأي فرد بإمكانه تقمص شخصيته.. كل هذه الأساليب الخادعة والماكرة تضعنا أمام حرب نفسية أشرس من الحرب العسكرية، إنها حرب الأفكار والقيم والمعتقدات (علماً بأن كل الملابسات رد عليها العلماء الأفاضل وتم إيضاح الحقيقة الناصعة تجاهها). تكمن الخطورة في هذا الأسلوب من استراتيجية الأعداء، في زج أفكارهم الهدامة بأية طريقة ووسيلة، من أجل خدمة أهدافهم وتحقيق مآربهم والتي تتمثل في:_
* قتل نفسية الأمل والتفاؤل من الإيمان بالعقيدة المهدوية، وإجهاض الإيجابية في روحية الانتظار.
* تهيئة الأرضية الفكرية والثقافية والمناخ الاجتماعي لمدعي المهدوية كذباً وزوراً.
ثانياً: خلق حالة من الكره النفسي والعقلي للإمام وللعقيدة المهدوية لدى المجتمعات المؤمنة بالفكرة، وذلك عبر دعم ومساندة مدعي المهدوية والنبوة كذباً:_
يستغل أعداء الإسلام الواقع النفسي السيئ والمرير للمجتمع الإسلامي وكثرة الاحباطات فيه بشتى أنواعها، ويعرفون جدوى استثمار الحالة النفسية وتوظيفها لتشوية العقيدة المهدوية.. فقد حمل حقد الاعداء على الامام المهدي (الشخص والفكرة) للانضواء تحت راية المدعين لتكثير سوادهم، وتقوية حركاتهم لهدم الإسلام من داخله، وذلك بإغداق الأموال والمساعدات على هؤلاء الأفاكين وأتباعهم، وإغراء ضعاف الإيمان للانضمام الى تلك الحركات الهدامة، وكما فعلت روسيا من قبل مع البابية (البهائية) في إيران، وكما دعمت بريطانيا القاديانية في الهند، كذلك يجدد الأعداء اليوم بقوة وبشكل فعال الدعم والمساندة لأدعياء المهدوية والنبوة، ولذا نلحظ أن معدل ونسبة عدد المدعين (للمهدوية والنبوة) في العصر الحديث يظل مرتفعاً جداً ومتضخماً مقارنة بالحالات المتشابهة في التاريخ، وقد بدأت حالات الادعاءات المزورة تزداد، فيما يمكن إطلاق عليها كـ (ظاهرة)، وقد يكون الأمر مطمئناً لو أن معظم الأدعياء في الأعوام الأخيرة انتهى بهم الأمر للعلاج في مستشفيات الأمراض العقلية والنفسية، لكن المثير أن بعضهم انتهى به الحال لقضاء فترة عقوبة بالسجن، بمعنى أن القضاء تأكد من انتفاء شبهة الخلل العقلي أو خلل في حالتهم النفسية.
وهنا يأتي السؤال المهم: من يقف خلف هؤلاء الأدعياء ويقدم الدعم والمساندة لهم؟.. تشير الدلائل إلى أن مدعي المهدوية والنبوة (زوراً)، وكذلك الحركات الهدامة في الإسلام، المغذِّي الحقيقي لها هو الصهيونية، التي تدعم وتساند ظهور هؤلاء الأدعياء، منتهزة في ذلك الواقع النفسي السيء للمجتمع المسلم وتراكم إحباطاته.. لا نخفي سراً إن قلنا أنه يوجد الآن في إسرائيل مركز لتفريخ أدعياء المهدوية والنبوة (الدعاة العرب) وذلك بعد تدريبهم تدريباً خاصاً، ثم إطلاقهم في العالم الإسلامي لبث سمومهم وتقويض القيم الدينية والأخلاقية وتشويه المعتقدات الأصيلة.. علماً بأن إسرائيل قد شرعت ببناء المحفل البهائي الرئيسي (البهجة) بمدينة عكا، والذي يحوي ضريح (البهاء)، وقد أنفقت عليه (٢٥٠ مليون دولار)، وتم افتتاح حدائقه المتدرجة التسع عشرة في (٢٢ مايو ٢٠٠١م) بحضور ٤٥٠٠ شخص يمثلون قيادات البهائية في العالم، تم خلاله مراجعة أساليب وخطط استراتيجية الانتشار.
لا يساورنا أدنى شك في أن أعداء الإسلام يقفون خلف بعض مدعي المهدوية حديثاً، تكمن خطورة إسراتيجية الأعداء في: أن انتشار ظاهرة ادعاء المهدوية الكاذبة وبكثرة في العصر الحديث وتكرار فشلها، سيؤدي الى اقتران هذا الفشل المتكرر بتكوين كره نفسي وعقلي للعقيدة المهدوية عند الشعوب الاسلامية، مما تدفعها لاتخاذ مواقف مضادة ومنفردة منها.. وليس بمستبعد أن يكون الخائفون من العقيدة المهدوية الحقة هم الذين يدفعون ويغرون بعض السذج والخبثاء الى تقمص شخصية المهدي الحقيقي واستغلالها، وهدفهم من وراء ذلك فصل الجماهير المؤمنة عن هذه العقيدة الأصيلة.. وربما يظن الأعداء أن نجاح أحد المرجفين المزورين في دعواه سيمهد لإقناع الجماهير المسلمة بأن المهدي المذكور في الأحاديث والروايات قد تحققت بشارته، وحينئذٍ فإن فكرة انتظار (المهدي الحقيقي عليه السلام لم يعد لها جدوى، فتتضاءل حالة الاستعداد ويفتر حماس المؤمنين وكأن الأمر لم يكن، وهكذا تموت العقيدة المهدوية في النفوس والعقول وتموت معها فاعلية ثقافتها.
ثالثاً: استغلال بعض جوانب الثقافة المهدوية لضرب المرجعية الدينية الشيعية، وذلك عبر دعم ومساندة مدعي السفارة والبابية:_
إن المرجعية الدينية هي المركز الحقيقي والقلعة الحصينة للشيعة، ولذا يحاول الأعداء دوماً ضرب هذا الغصن العنيد والذي عصى على الانحناء.. يستغل الأعداء القضية المهدوية وثقافتها، وبالخصوص من ناحية السفارة ومزاياها وذلك لضرب المرجعية الدينية للشيعة.. كشف الدكتور مايكل برانت مؤلف كتاب: (مؤامرة التفريق بين الأديان الإلهية) عن برنامج مدروس للاستخبارات الأمريكية وموجه ضد الطائفة الشيعية يقول: في إحدى جلسات الاستخبارات وبحضور كبار مسئوليها وحضور ممثل للاستخبارات البريطانية بسبب تجاربها الطويلة في الدول الإسلامية، توصلنا الى نتيجة: لا يمكن بأي حال من الأحوال مواجهة المذهب الشيعي ومحاربته بصورة مباشرة، وإن هزيمته أمر في غاية الصعوبة، وأنه لابد من العمل خلف الستار.. ومن أجل ذلك خططنا ووضعنا برامج دقيقة وشاملة للمدى البعيد، فتصميمنا كان على ضرب المرجعية الدينية وتضعيف عقائد الشيعة وإفسادها، وأن نحرف المفاهيم بحيث يبدو للناظر أن الشيعة ليسوا سوى طائفة جاهلة تهوى الخرافات، والأمل معقود _على سحق الشيعة بحلول عام ٢٠١٠م.
قد لا يخفى على كل ذي بصيرة ما يمكن أن تلعبه في زماننا هذا الأيدي الصهيونية وعملائها من مكر وحيل وألاعيب لتشويه العقيدة المهدوية الأصيلة الحقة، ولا يخالجنا أدنى شك في أن أعداء الإسلام (الصهيونية والغرب) يقفون وراء بعض مدعي السفارة.. تكمن الخطورة في هذا الجانب من استراتيجية الأعداء:_
أولاً: في خلقهم ودعمهم ومساندتهم لمدعي السفارة حديثاً.
وثانياً: بإشاعة وترويج صلة هؤلاء بالإمام المهدي عليه السلام في غيبته الكبرى، على نحو يدعي أنه يتلقى منه الأحكام الشرعية والمسائل الفقهية والذي توافق الحق والصدق وتطابق الواقع الذي يريده الله سبحانه وتعالى.. وعند تصديق ذلك يجب حينها الاستغناء عن الفقهاء (المرجعية الدينية)، لأن المراجع يعيشون مرحلة الحكم الظاهري (حسب قواعد الاجتهاد الفقهي)، باعتبار أن إصدار الفتوى يتم بناءً على القواعد الاجتهادية وقد تصيب الحق والصدق وتطابق الواقع، أو قد تخطى.. أي تظل الفتوى والحكم ظاهرياً ظنياً أقرب منه إلى الواقع، وهذه المرحلة قد انتهت بظهور السفير (المدعي للسفارة والنيابة الخاصة) والذي يرجع للإمام المعصوم عليه السلام مباشرة، وبالتالي ينقل الأحكام والمسائل الحقة والمطابقة للواقع.
بناءً على هذه الفكرة، يدعم الأعداء مدعي السفارة وينشؤون جماعات وحركات حديثة موالية لهم مثل: جماعة السفارة في البحرين، وجماعة اليماني في العراق، وحركة الأحمديه في باكستان، وذلك كامتداد متطور وحديث لحركة البابية والبهائية في إيران، والقاديانية في الهند.. فيتم بذلك إضعاف المرجعية الدينية بالاستغناء عنها شيئاً فشيئاً، وضرب الجانب المالي والاجتماعي والسياسي لها، ولذا أخذوا لاحقاً بنشر وترويج بعض الأفكار الهدامة مثل (بدعة التقليد_ بدعة المرجع الأعلى) وهكذا.. والمؤلم المقرف في كل هذا، أن يجد الأعداء من يقوم بتنفيذ هذا الجانب من الإستراتيجية نيابة عنهم، فيتطوع المتعصبون الجهال من المسلمين بتقديم خدماتهم كهدية مجانية للأعداء، فترى البعض من هؤلاء الجهال يغلي صدره حقداً على مراجع الدين الكبار وعلى بقية العلماء، فيصفهم بأقسى الأوصاف!!! حتى أنه يستحل دماءهم لأنهم برأيه العقبة الكأداء أمام دعوته، فلو استجابوا له لاستجاب كل الناس.. وهؤلاء هم خوارج العصر، فالواحد منهم يزايد على كل الناس، ويتحدى ويعادي كل المراجع العظام، تماماً كالخوارج والذي كان إمامهم حرقوص بن زهير يزايد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويرى أنه أفضل منه.
نحن الآن أمام أسلوب خطير للأعداء، تطبقه وتنفذه قلة مشبوهة من مدعي السفارة تستهدف النيل من المرجعية الدينية الشيعية، والمدهش في الأمر حقاً أن يكون لهؤلاء المدعين الضالين مريدون وتابعون من شرائح اجتماعية وثقافية مختلفة، يمتثلون لأوامرهم وينساقون خلف مخططاتهم وينفذون مؤامراتهم بسذاجة وجهل.
رابعاً: محاربة الأرضية الداعمة والمؤيدة والمساندة للإمام المهدي قبل خروجه، وذلك بإضعاف قاعدته الشعبية عبر سلسلة من الحروب العسكرية والاقتصادية والفكرية:
لقد استطاع اليهود أن يعرفوا عن طريق بحوثهم ودراساتهم واطلاعهم في الفلسفة والروحانيات وتراثهم الديني وكتبهم المقدسة، وخاصة كتابهم السري (الكابلا) وما كشفه المتنبئ الفرنسي اليهودي الأصل (نوستر أداموس) من أن زوالهم سيتم على يد المهدي عليه السلام، ولذا فهم يدركون المصير الأسود الذي ينتظرهم، ويخافون من المجهول ومن المصير المحتوم المتوقع لهم.. وعليه فكما كان اليهود في السابق يزيّنون لكفار قريش سوء أفعالهم في كواليس السياسة في مكة خوفاً ورعباً من ظهور أمر الدولة المحمدية، كذلك هم الآن: فنبوءة خروج القائد العظيم (المهدي المنتظر) من مكة مستقبلاً يرعبهم ويقضّ مضاجعهم.
اليهود يعرفون ومنذ أمد بعيد أن المهدي عليه السلام سيقضي عليهم عندما يظهر، وسيحاربهم في يوم من الأيام، وإن ساحة الحرب ستكون منطقة الشرق الأوسط: فمن إيران ستخرج رايات سود لنصرة المهدي، والعراق سيكون مركزاً لدولته وسيتخذ من الكوفة عاصمة له ومنها سينطلق لتحرير القدس والقضاء على اليهود، أما الجزيرة العربية (مكة) فإن أول ظهوره سيكون منها، أما بلاد الشام فإن السفياني (ألد أعداء الإمام وحليف اليهود والغرب) سيظهر منها، ومصر سيتخذها المهدي منبراً إعلامياً له.
إن أخطر ما فعله اليهود، أنهم خلقوا لدى نصارى الغرب عقائد جديدة مرتبكة ومشوهة وخاطئة فيما يتعلق بمنقذ البشرية (القضية المهدوية) وبشكل خاص بالقائد العظيم المنتظر، ودوره القادم في دمار الحضارة الغربية، مما خلق لديهم حالة من الرعب والقلق من كل ماله علاقة بالمهدي عليه السلام، ويعلم اليهود علم اليقين، أن المبعوثين عليهم في المرة الثانية (كما في القرآن الكريم) بقيادة المهدي عليه السلام سيخرجون من أرض بابل (وسط العراق)، وهذا ما يفسر مساعيهم الدائمة لتدمير العراق، وشن الحروب عليه بلا هوادة، لهذا فاليهود والغرب والصهيونية _بمقتضى الحسابات السياسية والإستراتيجية_ خططوا ومنذ أمد بعيد لتدمير كل ما يمكن أن يمثل قوة قد يستغلها القائد العظيم في حربه القادمة ضدهم. وقد قاموا بشن حرب شاملة ضد العراق وإيران، حتى عندما يظهر المهدي عليه السلام لا يجد إلا شعباً أنهكته الحروب والحصار ولا يستطيع مساعدة إمامه، ومن ثم سهولة القضاء عليه.. ومن هنا نعرف الحقيقة وتتضح لنا الإجابة على: لماذا هذا الهجوم الشرس على المنطقة وبالخصوص أتباع أهل البيت عليهم السلام؟.. ولماذا حصلت الحرب العراقية الإيرانية واستمرت ثمان سنوات وقتل فيها أعداد كبيرة من الشعبين (موالين لأهل البيت)؟. ثم بعد انتهاء الحرب بفترة قصيرة، تجددت الحرب في المنطقة وتكررت (غزو الكويت_ احتلال العراق).
والعجيب كأن هناك من لا يريد للمنطقة أن تخلو من الحروب، والأهم في نظرهم هو جعل العراق ساحة حرب لمدة طويلة وبلداً غير آمن، وإيجاد المبررات لبقاء القوات الغربية فيه، ويزول العجب فيما إذا علمنا أنهم يمهدون للمعركة الكبرى (هرمجدون) والتي يتوقعون أن تكون حرباً نووية واسعة النطاق، يتم القضاء فيها على المؤيدين للقائد العظيم (روحي فداه).
لابد أن نعرف أن الواقع الخطير الذي تعيشه أمتنا ومنطقتنا اليوم وبتخطيط صهيوني يهودي وتنفيذ أمريكي غربي، جوهر أسبابه وأهدافه هو:
* انتظار القائد العظيم (الإمام المهدي) ومحاولة القضاء عليه في بداية ظهوره، لأن المصادر التنبؤية اليهودية قد أعلنت عن قرب ظهوره خلال سنوات قادمة.
* السيطرة والاستيلاء على كنز الفرات من الذهب والذي يتزايد وجوده مع قرب ظهور المهدي _ كما في الروايات.
* وضع أيديهم على منابع النفط في المنطقة والسيطرة على اقتصادياتها وإضعافها سياسياً وعسكرياً.
وقبل ذلك نؤكد أن الذي يقوم به الغرب (الروم) حالياً في المنطقة وتحت مظلة أمريكية صهيونية إنما هو لتهيئة المناخ الملائم لخروج السفياني.
خلاصة القول:
إن أعداء الامام عليه السلام يدركون أنه قادم لا محالة ويعلمون أنه مذلهم لا محالة، ولكنهم بالمقابل أعلنوا الحرب ضده قبل ظهوره وتمهيداً لمعركتهم المصيرية ضده، ومن خلال النظر إلى قصص وتجارب التاريخ، ومجريات الأمور والأحداث الحالية، نستطيع التأكيد بأن هناك مخططاً استراتيجياً مدروساً ومعداً مسبقاً وينفذ حالياً، وله أبعاد متعددة (سياسية، عسكرية، نفسية، فكرية،.......) من أجل محاربة الإمام المهدي عليه السلام قبل وبعد ظهوره.. وحتماً لا يخلو احتلال العراق حالياً، وما وصل إليه من أوضاع ومن فوضى أمنية وفكرية، وظهور بعض الحركات المشبوهة مثل (جند السماء، جماعة اليماني الموعود، .....) بواحدة من هذه الأبعاد.
وهنا يتضح لكل ذي بصيرة وبشكل جلي، أن كل ما يجري في المنطقة من مؤامرات ودسائس تحاك من قبل الأعداء، إنما هو تنفيذ لأهداف مسبقة وبدافع الوقوف بوجه القضية المهدوية ومؤيديها، سيما القائد العظيم عليه السلام والذي يقيم دولة العدل الإلهي، وينشر القسط والعدل في المعمورة كافة _ روحي لمقدمه الفداء _.
وفي الختام نؤكد أن هذا مكرهم، ولكن مكر الله غالب ((وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ))(١).. ووعد الله حق ((وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ))(٢).