من الانترنت/ حواريات

حواريات

في خضمّ التعرّف على رأي الآخر يعدّ الحوار إحدى الآليات المهمّة التي يسعى إليها الجميع، إلاّ أنّ الذي يعوزه الحوار في بعض الأحيان عقلنة الأسس التي يقوم عليها، أو لعلّ الحاجة للمعرفة الموضوعيّة تدعو الجمع الى تأسيس أدبيّاتٍ حواريّة تأخذ مجراها ضمن انسيابيةٍ رشيدة يتوق إليها الجميع.
والانترنيت من أهمّ الوسائل اليوم التي تعكس صورة هذه الحواريّات العقلانية التي تُرسي المتلمّس للفريق على شاطئ الحقيقة.
وفي هذا العدد سنقف على مناظرة حول الإمام المهدي عليه السلام تشترك بها أطراف ثقافيّة مختلفة الرؤى والمشارب.
محبّ أهل البيت
إلى العاملي ومن يلتزم بأدب الحوار من الشيعة
قبل كلّ شيء أقول: إذا كان الذي سيردّ عليَّ قليل الأدب فأنا في غِنى عن مثله ليردّ علي، وأنا اخترت العاملي كبداية لي معه، وأرحبّ بكلّ شيعي مهذّب يستطيع أن يتكلّم دون ألفاظ نابية أو سباب.
أرجو من أبي زهراء وسماحة والكويتي عدم كتابة شيء لأنّهم من الصنف الذي لا أريد النقاش معه بعد رؤية أسلوبكم في الكلام والتجريح.
الزميل العاملي ومن معه، طلبي هو:
اذكر لي قصّة صحيحة السند عن ولادة المهديّ عندكم
روايات الكافي في النصّ على الأئمة وولادتهم ضعيفة أو مجهولة كما بيّن ذلك المجلسي.
سؤالي:
١ـ كيف يولد الإمام؟
روايات الكافي تذكر ولادة إعجازية ولكنّها ليست صحيحة سنداً عندكم، فما هي الروايات الصحيحة إذاً؟
٢ـ هل ثبتت روايات عندكم في ولادة المهدي ابن الحسن العسكري، وما هي؟ وهل هي صحيحة؟ بانتظار الردّ منكم.
(بل نقذف بالحقّ على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل ممّا تصفون)
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
العاملي
بسم الله الرحمن الرحيم
الظاهر أنّ مشاركنا ـ على ما فيه من حدّة وشدّة ـ يريد أن يتفهّم ويناقش علمياً، ولذا أرى أنّي مُلزَم أدبياً بالتحمّل منه ومواصلة حواره في صفات الله تعالى، وأن أخذ الموضوع من وقتي..
وعندما يحصل لي ظنّ بوجود هذه الصفة فيك، فإنّي أرحّب بالحوار معك، وشكراً.
محبّ أهل البيت
شكراً، مقبولة منك، وبداية جيّدة.
أنا لست مشارك!!!
أنا محبّ أهل البيت
ولذا نقاشي معك شيء والمناقشة مع الأخ مشارك شيء آخر.
لم أسمع منك أيّ ردّ على كلامي
(بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل ممّا تصفون)
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
جميل
إنّ في العجلة ندامة. إصبر قليلاً.
الشطري
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ محبّ أهل البيت المحترم
بعد التحية والسلام
غاية الأدب أن يحترم الإنسان نفسه، أشكرك على هذا الأسلوب الجديد في الحوار، وأتمنّى أن نكون ممّن يجادل بالتي هي أحسن، ويستمع القول فيتّبع أحسنه، ويبتعد عن العصبيّة والعناد، أقول: ما كلّ هذا التهويل حول قضيّة جزئية لا نُنكر أهميّتها، الأولى بك أن تناقش في أصل الخلافة والنصّ على الأئمة عليهم السلام، وأرجو منك ومن كلّ الأخوة أن يفكّروا بعقولهم لا بعقول غيرهم.
وأمّا النصّ الذي طلبتَه فطلبك غير عزيز، إليك هذا النصّ الذي رواه الكليني وابن بابويه والشيخ الطوسي والسيّد المرتضى وغيرهم من المحدّثين بأسانيد معتبرة عن حكيمة (بنت الإمام الجواد عليها السلام) أنّها قالت: (( كانت لي جارية يُقال لها نرجس، فزارني ابن أخي (الإمام الحسن العسكري عليه السلام) فأقبل يحدّ النظر إليها، فقلت له: يا سيّدي لعلّك هويتَها، فأرسلها إليك؟ فقال: لا يا عمّة، لكنّي أتعجّب منها، فقلت: وما أعجبك؟ قال عليه السلام: سيخرج منها ولد كريم على الله عزّ وجل، الذي يملأ الله به الأرض عدلاً وقِسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً، فقلت: فأرسلها إليك يا سيّدي؟ فقال عليه السلام: استأذني في ذلك أبي. قالت: فلبست ثيابي وأتيت منزل أبي الحسن الهادي عليه السلام فسلّمت وجلستُ، فبدأني عليه السلام وقال: يا حكيمة ابعثي بنرجس إلى ابني أبي محمد. قالت، فقلت: يا سيّدي على هذا قصدتُك أن أستأذنك في ذلك، فقال: يا مباركة، إنّ الله تبارك وتعالى أحبّ أن يُشركك في الأجر ويجعل لك في الخير نصيباً، قالت حكيمة: فلم ألبث أن رجعت إلى منزلي وزيّنتُها ووهبتُها لأبي محمد عليه السلام، وجمعت بينه وبينها في منزلي، فأقام عندي أيّاماً ثمّ مضى إلى والده ووجّهت بها معه، قالت حكيمة: فمضى أبو الحسن عليه السلام وجلس أبو محمد عليه السلام مكان والده، وكنت أزور والده، فجائتني نرجس يوماً تخلع خُفّي، فقالت: يا مولاتي ناوليني خفّك، فقلت: بل أنت سيّدتي ومولاتي، والله لا أدفع إليك خفّي لتخلعيه ولا لتخدميني، بل أنا أخدمك على بصري، فسمع أبو محمد عليه السلام ذلك فقال: جزاكِ الله خيراً، فجلست عنده إلى وقت غروب الشمس، فصحتُ بالجارية وقلت: ناوليني ثيابي لأنصرف، فقال عليه السلام: يا عمتاه بيّتي الليلة عندنا فإنّه سيُولد المولودُ الكريم على الله عزّ وجل، الذي يحيي به الأرض بعد موتها، فقلت: ممّن يا سيّدي ولستُ أرى بنرجس شيئاً من أثر الحُبل؟ فقال: من نرجس لا من غيرها، قالت: فوثبتُ إليها فقلبتها ظهراً لبطن فلم أرَ بها أثراً من حبل، فعدت إليه عليه السلام فأخبرتُه بما فعلت، فتبسّم ثمّ قال لي: إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحبل، لأنّ مثلها مثل أم موسى، لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها، لأنّ فرعون كان يشقّ بطون الحبالى في طلب موسى. وهذا نظير موسى عليه السلام)).
واعلم أيّها الطالب للحقّ والإنصاف أنّ في خصوص تولّده عليه السلام في سامراء وأنّه ابن الحسن العسكري عليه السلام لا يوجد منكر من طرف الخاصّة، وأمّا من طرف العامّة، فإن المعترفين بولادته في سرّ من رأى من نرجس في سنة خمس وخمسين ومائتين، بل غيبته من المعروفين الموثوقين كثير بحيث لا يكاد يُحصى عددهم، ونحن نذكر بعضاً منهم:
١ـ أبو سالم كمال الدين محمّد بن طلحة ابن محمد القرشي النصيبي، في كتابه الباب الثاني عشر في أبي القاسم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
٢ـ أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي الشافعي، الذي يُعبّر عنه ابن الصبّاغ المالكي في كتابه الفصول
المهمّة بالإمام الحافظ، ووثّقه جمعٌ من العلماء، في كتابه كفاية الطالب.
٣ـ نور الدين علي بن محمد ابن الصبّاغ المالكي في كتابه الفصول المهمّة.
٤ـ شمس الدين يوسف بن قزغلي بن عبد الله البغدادي الحنفي في كتابه تذكرة خواصّ الأمّة.
٥ـ الشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي في الباب السادس والستين وثلثمائة من الفتوحات.
٦ـ الشيخ العارف عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني في كتابه المسمّى باليواقيت.
٧ـ نور الدين بن عبد الرحمن بن قوام الدين الدشتي الجامي الحنفي في شواهد النبوّة.
٨ـ الحافظ الخواجة بارسا في كتابه فصل الخطاب، وهو من أعيان علماء الحنفية.
٩ـ الحافظ أبو الفتح ابن أبي الفوارس في أربعينه المعروف.
١١ـ السيد جمال الدين عطاء الله بن غياث الدين فضل الله بن السيد عبد الرحمن المحدّث المعروف صاحب كتاب روضة الأحباب.
١٢ـ الحافظ الطوسي البلاذري في مسلسلاته.
١٣ـ شهاب الدين ابن شمس الدين المعروف بملك العلماء في كتابه الموسوم بهداية السعداء.
١٤ـ القندوزي في ينابيع المودّة.
وغيرهم كثير، وذكر بعضهم الرواية المتقدّمة عن حكيمة بنت الإمام الجواد عليه السلام بطرق أخرى.
أرجو أن تكون هذا الإجابة شافية، هدانا الله وإيّاكم إلى سُبل الرشاد.