أفكار صريحة
بقلم: حسن عبد الامير الظالمي
لقد نشأت فكرة الإمام المهدي عليه السلام مع بزوغ فجر الإسلام لأنها إعتمدت على ركني الإسلام المهمّين القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وقد وردت الآيات الكريمة التي تؤكد أن الله سبحانه وعد أولياءه بأن يستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ويمكن لهم دينهم الذي ارتضاه لهم، كما وعَد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأن يظهر دينه على الدين كله ولو كره المشركون، في حين أن رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم قد توفي والنصرانية واليهودية تضرب أطنابها في ربوع المعمورة، فما هذا الوعد الإلهي إلا بقيام المهدي عليه السلام.
وشفعت هذه الآيات بأحاديث متواترة صحيحة السند والمتن عن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بان سوف يخرج في آخر الزمان مصلح عالمي ينشر العدل بين بني البشر بعد أن عمهم الظلم والحيف والطغيان، وهذا المصلح ـ وحسب ما جاءت به الاحاديث ـ من بني هاشم ومن عترة الرسول ومن أولاد علي وفاطمة وهو التاسع من ولد الحسين والثاني عشر من أئمة الهدى الذين لا يزال الدين قائماً بوجودهم. وأنه يخرج بعد غيبة طويلة ينتظره فيها أولياؤه وشيعته.
هذه الفكرة هي الاقوى والارسخ والاكثر شمولاً ودقة من كل الدعوات والاطروحات العالمية التي تؤمن بخروج المصلح العالمي والتي جاءت مبتورةً أو ناقصة ومشوشة ولعلَّ أقربها الى أطروحة الشيعة الامامية ما جاء في أحاديث إخواننا السنة بأن المهدي من عترة رسول الله ومن أولاد علي وفاطمة عليها السلام وقد ذكر بعض علمائهم أنه الولد الوحيد للحسن العسكري عليه السلام .
واذا كانت هذه الفكرة بالامام المهدي من أركان الاعتقاد عند الشيعة الإمامية وهي من صميم مذهبهم إستناداً إلى حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم (من أنكر المهدي فقد أنكرني)، فهم ينتظرون ظهور إمامهم بفارغ الصبر ويتضرعون إلى الله تعالى أن يعجل له الفرج، بقلوب خاشعة مؤمنة ونوايا خالصة وصحف خالية من الزيع والأدران والخطايا التي يعتقدون أنها تحجب الدعاء وتمنع الاستجابة.
أقول: فما بال البعض ينحرف إلى الزاوية المقابلة تماماً لهذا الإتجاه ويعتقد أن عليه الاكثار من الخطايا والمنكرات ونشر الفساد ومدّعياً بأنه يعجل بذلك ظهور الإمام الحجة عليه السلام ، مفسراً حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بأنه عليه السلام يخرج فيعيد الاسلام بعد الاندراس.هل من المعقول أن يدعو الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الى الفساد؟ هل أن من معاني الانتظار أن ننشر الفساد والرذيلة؟ أليست هذه دعوات يهودية وماسونية تنشرها اليهودية العالمية لحرف شبابنا عن عقيدتهم الحقة وشريعتهم السمحاء؟
ثم ما بال هؤلاء يُعطون الحجة على أنفسهم ويَدَعون خصومهم يهجمون عليهم ليسفّهوا عقيدتهم ودينهم بما يعملون من أعمال ليست من الدين والمذهب في شيء؟
الانتظار يعني من بين معانيه العظيمة أن نشعر بأن الإمام المهدي عليه السلام حي يعيش بين ظهرانينا تُعرض عليه أعمالنا فينظر إليها وهو ينتظر الأرض الصالحة والمنبت الطيب ليزرع فيه دعوته العالمية ويحتاج الى الأنصار الذين يلبّون دعوته عند سماعهم الصوت السماوي يدعو بأن (خرج الإمام المهدي فانصروه)...
هذه الدعوة نوجّهها الى الذين غُرّروا بمثل هذه الدعوات المنحرفة التي لا صلة لها بالاسلام.
وندعوهم إلى أن يثوبوا الى طريق أهل بيت النبوة، الذي يعني التمسّك بمبادئ الدين الحنيف، ويكفينا قول إمامنا علي عليه السلام (أعينونا بورعٍ واجتهاد). والحمد لله رب العالمين.