وَليدٌ بسامراءَ أشرقَ نورُهُ*
لفضيلة شيخ الخطباء العلامة المرحوم الشيخ محمد علي اليعقوبي**
تبلّجَ أفقُ الكونِ باليُمنِ والسَعدِ
وليدٌ بسامراءَ أشرقَ نورُهُ
فعرِّج بها مستنشقاً من عِراصها
وهاتيك دارُ القدسِ فاحبسْ بربعها
يضوع شذى الهادي بزهرِ رياضها
ولم تدرِ إن شاهدتَ منها قبابَها
وإن زرتَ منها روضةً عسكريةً
ضرائحها ضمّتْ من الجودِ والندى بها الذهبُ الابريزُ متّقدُ السنا تطوفُ ملوكُ الأرضِ خاشعةً بها حوت خير أهلِ الأرض مجداً وسُؤددا بدتْ غرّةُ المهديّ منها فأصبحت وتمّتْ به النعماءُ فيها فلمْ تزلْ فهنِّ أباه العسكري وجدّه به وَعَدَ الله العباد بدولةٍ فيخفضُ راياتِ الضلالِ نواكساً ينظّمُ مثل العقدِ أحكامَ دينه وقد ختم الرحمنُ فيه أئمةً هم وارثو علمِ النبوةِ حبوةً فروعُ عُلاً من هاشمٍ طاب أصلُها قد استعبد الأحرارَ جودُ أكفّهم فيا مَن غدا مسكَ الختامِ لعترةٍ لئِنْ غبتَ عنا أو بَعُدتَ فإنما فما أنت إلاّ الغيثُ إن جاد لم يدعْ وأقتلُ ما يلقى المحبّونَ في الهوى ولا بدّ من يوم تُرى فيه ظاهراً به من سيوفِ الله بيضُ بواترٌ يؤازرُك النصرُ الإلهيُّ والقضا إلى مَ وكمْ تبقى الأمانيُّ حُوّماً لمنْ نشتكي يا صاحبَ الأمرِ ما بنا فكمْ من قلوبٍ لا يُبلُّ غليلها وإنّ جسوماً شفّها الشوقُ والهوى ألم ترَ ما قاسى الهُدى من كوارثٍ تَعرضتِ الأعداءُ بالشرِّ نحوَه وقدْ بُلي الدينُ الحنيفُ بعصبةٍ تحيط به الأخطارُ من كلِ جانبٍ أقمتم على التوحيد أُسّ بنائِه فدَيتم له بالذبِّ عنه نفوسَكم وَقد قَعدت عنه بنوهُ فما وَفتْ وَجاست أعاديه خلالَ حدودِهِ فطهِّرْ بلادَ اللهِ من كلِّ خائنٍ فيا حبّذا يومٌ به تنشرُ اللوا تصولُ بجندٍ من ملائكة السما يسدُّ الفضاءَ الرحِبَ عداً وعدةً كأن المواضي البيضَ إن مطرتْ دماً ونسمعُ روحَ القدسِ في أفقِ السما فتجمعُ شملَ المسلمينَ مؤلّفاً فلا ولدٌ يرعى أباهُ تعطّفاً بهمْ لعبتْ أيدي السياسةِ دورها إذا خمدتْ نارُ الحزازات أجّجتْ وتستلُّ في كفّيكَ سيفَ محمدٍ وتسترجعُ الأمرَ الذي استأثرَتْ به
نلاقي بلا وعدٍ محيّاك طالعاً
|
|
أبدرُ الهدى قد لاح أم طلعةُ (المهدي)
فأصبحَ في لألائه الكونُ يستهدي
عبيراً فما نفحُ الخمائل والنِد؟
ركابَكَ لا في ربعِ (ميّةَ) أو (دعد)
فتحسَبها نجداً وما هي من نجد
أتلكَ بروجُ الشهبِ أم غابة الأُسْدِ
فإنّكَ لا تعدو بها جنّةَ الخُلدِ
بحوراً وأطواداً من الحلمِ والمجد وفي نورهم قدْ زادَ وقداً على وقد وتزدحمُ الأملاكُ وفداً على وفد أُولي النسبِ الوضّاح والحسبِ العَدِ تفاخرُ منها البدر بالنور والسعد ترتّلُ آيَ الشكر لله والحمد فأسنى التهاني فيه للأب والجد يعيدُ بها الإسلام في سالفِ العهد ويرفعُ أعلامَ الهداية والرُشدِ وليس سوى القرآن واسطة العِقدِ ولاؤهُم يُنجي وبُغضُهمُ يُردي كما ارتضعوا دَرَّ الإمامةِ بالمهد ومن فاطمٍ لا عبد شمسٍ ولا هندِ فلا بدع إن سادوا على الحر والعبد سوى الوحي لم يجعلْ لها الله من ندّ تمثّلكَ الذكرى على الغيب والبعدِ بسقياه من غورٍ على الأرض أو نجد بعاداً بلا قصدٍ وبيَناً بلا عمد ظهورَ شُعاع الشمسِ للأعينِ الرُمد تُجرَّدُ في يومِ من النقعِ مسودِّ ومالقضاءِ اللهِ إنْ جاءَ من ردّ عليكَ حيامَ العاطشات على الوردِ على حينِ لا تُغني الشكاةُ ولا تُجدي أسىً وعيون لا تملُ من السَهدِ لقربك قد كادتْ تذوبُ من الوَجدِ ومن نُوَب جَلّت عن الحصر والعَد (تعرّضَ ضبع القفرِ للأسدِ الورد) إباحيّةٍ لم ترعَ للدينِ من عَهد ويعلوه تيّار الأهاويل بالمدّ فهاجمَه الإلحادُ بالهدم والهَدّ فأمسى ولا حام يذبُّ ولا يَفدي بعهدٍ له عند الخطوبِ ولا عقدِ ولم يقفِ العدوانُ منهم على حَدِّ ومستعمرٍ في القرب يعبثُ والبعد وتشهرُ ذاك المشرفيَّ من الغمد كجدّكِ لمّا صالَ في ذلكَ الجُندِ ولم يبقِ دونَ الحقِ للشركِ من سَد بُروقٌ وأصواتُ المَلائكِ كالرعدِ ينادي بأهل الأرض قدْ ظهرَ المهدي قلوباً طواها الاختلافُ على الحقد ولم نرَ في الآباءِ عَطفاً على الوِلد فنالت من استعمارهم غايةَ القصد لظاها العدى كالنارِ تقدحُ بالزند ومنه على عطفيك فضفاضِةُ السرد كما شاءَتْ الأعداءُ في الحلّ والعَقد وما أحسنَ اللقيا تجيءُ بلا وعد
|
الهوامش:
ــــــــــــــــــــــ
* نشرت القصيدة بمناسبة ذكرى ولادة الإمام الحجة عليه السلام وقد استلت من مجلة الايمان الغرّاء لصاحبها المرحوم الشيخ موسى اليعقوبي/ العددان الأول والثاني/ كانون الثاني وشباط ١٩٦٥م.
** الشيخ محمد علي بن يعقوب بن جعفر بن محمد حسين اليعقوبي الحلي خطيب شهير وأديب وشاعر، ولد في النجف ١٥/ رمضان/ ١٣١٣هـ وفي نفس السنة هاجر والده الى الحلة، قرأ المقدمات على والده، وكانت له رغبة ملحة في الأدب والخطابة، وبعد وفاة والده لازم العلامة السيد محمد القزويني وقرأ عليه الأصول والأدب وكذلك على الشيخ محمد حسن ابي المحاسن الشاعر الوطني المعروف.
شارك بشعره وخطابته في ثورة العشرين، ونشر أكثره في الصحف العراقية والعربية، وفي سنة ١٣٣٥هـ انتقل الى النجف، وكانت له أسفار كثيرة في المدن العراقية للوعظ والإرشاد، وفي سنة ١٣٥١ أسس جمعية الرابطة الأدبية وانتخب عميداً لها، كانت لها مكتبة كبيرة فيها نفائس المخطوطات، له عدة كتب ودواوين مطبوعة توفي في النجف في ٢١/ جمادي الآخرة/ ١٣٨٥ودفن فيها.
((المنتخب ـ كاظم الفتلاوي/ ص ٥٨٥))