من أجل تحفيز الذاكرة الصحفية وما كان لها من دور في ترسيخ الثقافة المهدوية، فإن <الانتظار> ـ وفاءً منها للجهود الرائعة المبذولة ـ تستذكر أحد العاملين المعروفين في الحقل الصحفي، وهو المرحوم السيد عبد الرضا الشهرستاني وما كان له من جهود واضحة في إصدار مجلة <أجوبة المسائل الدينية>، وهنا نورد أجوبة المسائل (تسلسل ٣٧٤ ـ ٣٧٥ ـ ٣٧٦) الواردة في العدد الثاني عشر من السنة الخامسة من هذه المجلة وبتصرف، عرفاناً وذكرى.
اجوبة المسائل الدينية
أعظم العلامات
المرحوم السيد عبد الرضا الشهرستاني/ كربلاء(١)
سؤال: هل تحقّقت بعض آيات الظهور كما ترون، وما هي؟
ـ أعظم العلامات هي العلائم المحتومة التي تتحقق قبل قيام القائم وهي:
خروج اليماني من اليمن، والسفياني من الشام، والصيحة من السماء، والخسف بالبيداء قرب المدينة، وقتل النفس الزكية من آل محمد بين الركن والمقام قبل قيام القائم بخمسة عشرة يوماً.
سؤال: ما هي أعظم العلامات؟
ـ الأعظم من الكل هي العلامة التي تواترت بها الأحاديث من الفريقين، وهي: سيادة الفوضى العامة على أرجاء العالم التي تكتسح من الوجود أي أثر من الانسانية، فلا عطف ولا رحمة ولا عدل ولا إنصاف ولا قانون ولا دستور؛ يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: (إذا أمات الناس الصلاة، وأضاعوا الأمانات، واستحلّوا الكذب، وأكلوا الربا، وأخذوا الرُّشا، وشيّدوا البنيان، وباعوا الدين بالدنيا، واستعملوا السفهاء، وشاوروا النساء، وقطعوا الأرحام، واتّبعوا الأهواء، واستخفّوا بالدماء، وكان الحلم ضعفاً، والظلم فخراً، وكانت الأمراء فَجَرة، والوزراء ظلمة، والعرفاء خَوَنة، والقرّاء فسقة، وظهرت شهادات الزور، واستعلن الفجور وقول البهتان والاثم والطغيان، وحليت المصاحف، وزُخرفت المساجد، وطوّلت المنائر، وأُكرم الأشرار، وازدحمت الصفوف، واختلفت الأهواء، ونُقضت العقود، واقترب الموعود، وشاركت النساءُ أزواجهنّ في التجارة حرصاً على الدنيا، وعلت أصوات الفسّاق واستمعت منهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، واتُّقي الفاجر مخافة شرّه. وصُدّق الكاذب، واوتمن الخائن، واتُّخذت القيان والمعازف..).
فالناس كافّة في انتظار نهضة مصلح كبير على أشد من الجمر متلهّفين متضرّعين راجين الله تعالى تعجيل الفرج. فيكون ظهور القائم عليه السلام عند تلك الشدّة الملحّة والضنك والضيق المحدقين بالبشرية جمعاء أرواء لغليلها، ودواء لدائها، كما كانت السنّة الإلهية في خليقته منذ أقدم الأزمنة، يقول الله تعالى: (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ).(٢)
كما أورد رحمه الله في جوابه عن موضوع السفياني ما نصّه:
يقول عبد الله بن أبي منصور: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اسم السفياني؟ فقال: وما تصنع باسمه؟! إذا ملك كنوز الشام الخمس: دمشق وحمص وفلسطين والأردن وقنسرين فتوقّعوا عند ذلك الفرج. قلت: يملك تسعة أشهر؟ قال: لا ولكن يملك ثمانية أشهر لا يزيد يوماً.
وعن الصادق عليه السلام: لو رأيت السفياني لرأيت أخبث الناس أشقر أحمر أزرق.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس، وهو رجل ربعة وحش(٣) الوجه ضخم الهامة بوجهه أثر الجدري اذا رأيته حسبته أعور، اسمه عثمان.
سؤال: من هو السفياني ومن أين يأتي؟
قال أبو جعفر الباقر عليه السلام: أربعة أحداث تكون قبل قيام القائم تدلّ على خروجه، كلها في رجب. قال الرضا عليه السلام ثلاثة منها مضت: رجب خلع فيها صاحب خراسان، ورجب فيه وثب على ابن زبيدة، ورجب خرج فيه محمد بن إبراهيم بالكوفة.(٤)
والسفياني يخرج في رجب.
الهوامش:
ـــــــــــــــــــ
(١) هو آية الله السيد عبد الرضا بن العالم الفاضل زين العابدين بن آية الله العظمى السيد محمد حسين المرعشي الحسيني الشهرستاني.
ولد في كربلاء سنة ١٣٤٠هـ ـ ١٩١٩ م ودرس في حوزتها العلمية على يد مراجع الدين واساطين الفكر.
دعا إلى احياء الثقافة العربية، والتراث الفكري الأصيل، خلف له والده مكتبة عامرة قيمة غنية بالكتب المخطوطة والمطبوعة، أسس مدرسة الإمام الصادق عليه السلام، ومستوصف كربلاء الخيري، والجمعية الخيرية الإسلامية، والمكتبة الجعفرية بمدرسة الهندية، واصدر مجلة (أجوبة المسائل الدينية).
له أكثر من عشرة مؤلفات قيمة مطبوعة.
توفي في ٢٨/ ربيع الأول/ ١٤١٨هـ ـ ١٩٩٧م ودفن في مدينة مشهد المقدس.
(٢) الأعراف: ٩٤.
(٣) أي يستوحش مَن يراه؛ وفي بعض النسخ (وخش)، والوخش: الرديء من كلّ شيء.
(٤) بحار الأنوار: ج ١٣ ص ١٥٠ ط ق.