الاكاديميات... الحاضرة الغائبة
لم تزل الدراسات الاكاديمية بعضَ أهم الآليات المكونة للبنية الثقافية العامة، ولعلها تُعبّر عن العقل الجمعي الثقافي لمجتمع ما، والاكاديميون اليوم عليهم أن يأخذوا مواقعهم الطبيعية من البحث العلمي للوصول إلى نتائج مختبرية معترف بها علمياً، فالبحوث العلمية تنبثقُ من علاقة الباحث بآلياته العلمية وعلى أسسٍ موضوعية دون المساس بانسيابية المعادلات التي يستندُ عليها الباحث ومن هناك ستخرج هذه البحوث بنتائجها الطبيعية.
هذا هو شأن الأكاديمي، وليس هو توجهاً آخر بمعزلٍ عن الرؤية الواقعية للأحداث ليقرر على الجميع نظرته الفوقية ورؤيته المتعالية.
في مسألة الإمام المهدي عليه السلام تجد اليوم حضوراً مختبرياً لأكثر الصيغ التي تقوم عليها القضية المهدوية،وليست المسألة ركاماً من الأحاديث التقليدية فقط، انما هي مسألةٌ أُخضعت للبحوث الاكاديمية وخرجت بنتائج مرضية على الصعيد العلمي ـ المختبري.
إذن فدعوتنا للباحثين الاكاديميين أن يُدخلوا القضية المهدوية ضمن حساباتهم وفي مختبراتهم العلمية، لا أن يشكّلوا عائقاً اجتماعياً يُراد من خلاله إحباط هذه النتائج بدوافع مختلفة أهمها الفوقية التي يستشعرُ بها هؤلاء حتى أنهم (يترفعون) عن البحث في مثل هذه المسائل.
إننا ننطلقُ من مبدأ الاحترام لأية جهةٍ علمية دون اللجوء إلى مهاترات الالغاء والتقويض، وبالمقابل نأمل أن تكون تلك الجهات قد احترمت مواقعها العلمية لتحترم الآخرين، أما أن تكون الأكاديميات آليةً لإلغاء الثوابت فهذا ما نرفضه بالتأكيد، ونجلُّ أولئك الذين يتعاطون مع الأحداث على أساسٍ علمي ـ مختبري، بشرط أن يكون التسليم لإرادة الله تعالى والجانب الغيبي المهيمن على أكثر المحاولات العلمية، وأن تكون دواعي الفهم الموضوعي هي الرائدة في هذا المجال.