ناعي الطف
زيارة الناحية المقدسة، بهذا عرفت تلك التراتيل العاشورائية.. أو الزيارة المفجعة .. هكذا عرفت تلك الصحيفة المهدوية التي نعى فيها الإمام الحجة جده سيد الشهداء.. وثيقة قيمة لا يستغنى عنها تلك هي (بكائيات عاشوراء) أو تراتيجيديا الأرض الحزينة، تنطلق من حنجرة حشرجت فيها غصص الناعي لأكرم منعي الذي (أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أجلك موتورا وعاد كتاب الله عز وجل مهجورا وغودر الحق اذ قهرت مقهورا وفقد بفقدك التكبير والتهليل والتحريم والتحليل والتنزيل والتأويل وظهر بعدك التغيير والتبديل والالحاد والتعطيل والأهواء والاضاليل والفتن والأباطيل..).
لم يكن نعي الإمام الحجة عليه السلام لجده الحسين عليه السلام على سبيل استرسال الحزن، أو استدرار العاطفة، واستنزال الرحمة لمشاهد الدماء المسالة، والأجساد المقطعة عرصات المواجهة والتحدي.. كان الحسين ينتصر لكرامة التاريخ المرهق بأحداث الطيش والضعة لأولئك الذين ملأوا أفواههم بضجيج (التسبيح) المنافق ليستبيحوا كل محظور، وليزاولوا كل محذور، حتى لا تكاد تميز بين الاسلام الحقيقي الأصيل، وبين الاسلام المنافق المثقل بالقتل وتفخيخ الأجساد البريئة، أو الأفكار المتهرئة المختفية تحت الثياب القصيرة، المستظلة خلف اللحى المثقلة كأهلها بآثام الفتاوى الطائشة.. انه الارهاب الذي سعى بسفك دماء العترة الطاهرة، لترثه تلك الأيادي الملطخة بدماء الحسين لتقتل الحسين في شيعته وأحبائه.. في زيارة الناحية وثيقة تملك كل دلائل الادانة لأولئك النفر من الشرذمة الضالة والقاقدة لا بسط أصول الانسانية.. وفيها كذلك نعي لأولئك النفر من آل الحسين الذين بكتهم (السماء وسكانها، والجنان وخزانها، والهضاب وأقطارها ومكة وبنيانها..) فطوبى لذلك المنعي، والخلود لذلك الناعي، فإنه ناعي الطف..
رئيس التحرير